هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2173 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ ، حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا ، فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَدَعَا الْحَلَّاقَ ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ ؟ قَالَ : مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، لِكُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَاصَّةً : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ } ثُمَّ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2173 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير ، عن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني ، حدثني عبد الله بن معقل ، حدثني كعب بن عجرة رضي الله عنه ، أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرما ، فقمل رأسه ولحيته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه فدعا الحلاق ، فحلق رأسه ، ثم قال له : هل عندك نسك ؟ قال : ما أقدر عليه ، فأمره أن يصوم ثلاثة أيام ، أو يطعم ستة مساكين ، لكل مسكينين صاع ، فأنزل الله عز وجل فيه خاصة : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه } ثم كانت للمسلمين عامة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم محرماً فقمل رأسه ولحيته.
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
فأرسل إليه.
فدعا الحلاق فحلق رأسه.
ثم قال له هل عندك نسك؟ قال: ما أقدر عليه.
فأمره أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكينين صاع.
فأنزل الله عز وجل فيه خاصة: { { فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه } } .
ثم كانت للمسلمين عامة.



المعنى العام

إذا كان الإسلام قد شرع للحاج أن يعيش مدة إحرامه دون أن يقص أو يحلق شعره، ليكون أشعث أغبر، قليل العناية بزينة الدنيا فليس معنى ذلك أن يكلفه شططاً، أو ما لا يحتمل من أذى، وكما حرم عليه في الحج محرمات فإنه جعل له منها مندوحات، من عبادة بديلة كصيام، أو نفع للفقراء والمساكين بالفدية والكفارات.

وقد يبتلي الله الحاج ببعض الأمراض أو الحملات في رأسه وشعره، ويكون علاجه في حلقه، كما حدث للصحابي الجليل كعب بن عجرة، إذ خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة محرمين، يقصدون بيت الله الحرام لأداء النسك في شهر ذي القعدة سنة ست من الهجرة، فمنعهم مشركوا مكة عند الحديبية، وبدأت بين المسلمين وبينهم المفاوضات والرسل، وبينما المسلمون على أمل وطمع في أن يمكنوا من أداء النسك ابتلى الله كعب بن عجرة بالقمل في رأسه، توالد وتكاثر حتى ملأ رأسه، وجرى على شعره، حتى حاجبه وشاربه، وحتى سبح على وجهه وتساقط منه، ومر به النبي صلى الله عليه وسلم فواساه وطيب خاطره وسأله: هل يملك شاة فيذبحها كفارة وفداء ليحلق؟ فقال: لا.
فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى رحله ينتظر حكم ربه، فنزل عليه قوله تعالى: { { وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } } [البقرة: 196] .
وشرح الله لنبيه مقدار الصوم الواجب والصدقة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة، وقرأ عليه الآية، وقال له: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، كل مسكين نصف صاع، ودعا الحلاق فحلق شعره، فصام كعب ثلاثة أيام، حيث لم يكن معه ما يطعمه المساكين، وصدق الله العظيم في نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال: { { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } } [التوبة: 128] .

المباحث العربية

( أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية الثالثة وقف عليه وفي الرواية الرابعة والخامسة مر به وفي الرواية السابعة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه وفي الرواية الثانية فأتيته وفي الرواية السادسة فحملت إليه وعند الطبراني أنه لقيه وهو عند الشجرة قال الحافظ ابن حجر: ولا تعارض، والجمع أن يقال: مر به أولاً، فرآه على تلك الصورة فاستدعاه إليه، فخاطبه، وحلق رأسه بحضرته، فنقل كل واحد منهما ما لم ينقله الآخر.

( زمن الحديبية) في الرواية الرابعة وهو بالحديبية، قبل أن يدخل مكة وهو محرم وفي رواية البخاري وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة وهذه الزيادة تبين أن الحلق كان لاستباحة محظور بسبب الأذى، لا لقصد التحلل بالإحصار.

( وأنا أوقد تحت قدر لي) في ملحق الرواية تحت برمة لي وفي رواية وأنا أطبخ قدراً لأصحابي.

( والقمل يتناثر على وجهي) في الرواية الرابعة والقمل يتهافت على وجهه أي يتساقط شيئاً فشيئاً، وهو مأخوذ من الهفت بسكون الفاء، وفي المحكم: الهفت تساقط الشيء قطعة قطعة، كالثلج والرذاذ ونحوهما، وتهافت الفراش في النار: تساقطه، وتهافت القوم تساقطوا موتاً، وتهافتوا عليه تتابعوا وفي الرواية الثالثة ورأسه يتهافت قملاً قملاً منصوب على التمييز، وفي الرواية السابعة فقمل رأسه ولحيته وعند أحمد وقع القمل في رأسي ولحيتي حتى حاجبي وشاربي وفي رواية لأحمد قملت حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها زاد في رواية وكنت حسن الشعر وفي رواية أبي داود أصابتني هوام، حتى تخوفت على بصري وفي رواية وكانت لي وفرة أي شعر وفير على الرأس يبلغ شحمة الأذنين.

( أيؤذيك هوام رأسك؟) في الرواية الثانية والثالثة والرابعة أيؤذيك هوامك؟ وفي رواية البخاري لعلك آذاك هوامك؟ قال: نعم زاد في الرواية السادسة ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى قال الحافظ ابن حجر: أرى الأولى بضم الهمزة، أي أظن، وأرى الثانية بفتح الهمزة من الرؤية والجهد بفتح الجيم: المشقة، وقال النووي: والضم لغة في المشقة أيضاً.
وقيل: بالضم الطاقة، وبالفتح المشقةأيبيب.

والهوام بتشديد الميم جمع هامة، وهي ما يدب من الأخشاش، والمراد بها، ما يلازم جسد الإنسان غالباً، إذا طال عهده بالتنظيف، وقد عين في كثير من الروايات أنها القمل.

( قال: فاحلق وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة) أي شاة، كما جاء في الرواية الخامسة، وهي المرادة بقوله ما تيسر في الرواية الثانية والثالثة، وشرطها: أن تجزئ في الأضحية.
قال الراوي: فلا أدري بأي ذلك بدأ.

في الرواية الرابعة قدم الإطعام على الصيام، وفي الرواية الخامسة قدم النسك على الصيام والإطعام، وفي رواية لأبي داود أتجد شاة؟ قال: لا.
قال فصم أو أطعم فظاهرها أن التخيير إنما هو بين الصيام والإطعام لمن لم يجد النسك.
قال الحافظ ابن حجر: لكن لا أعرف من قال بذلك من العلماء إلا ما روي عن سعيد بن جبير، وقد جمع بينهما بأوجه، منها: أن فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب، لا لإيجابه، ومنها: أنه لا يلزم من سؤاله عن وجدان الذبح تعينه، لاحتمال أنه لو أعلمه أنه يجده لأخبره بالتخيير بينه وبين الإطعام والصوم، ومنها: أنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن له في حلق رأسه بسبب الأذى أفتاه بأن يكفر بالذبح، على سبيل الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم، أو بوحي غير متلو، فلما أعلمه أنه لا يجد، نزلت الآية بالتخيير بين الذبح والإطعام والصيام، فخيره حينئذ بين الصيام والإطعام، لعلمه بأنه لا ذبح معه، فصام لكونه لم يكن معه ما يطعمه، ويوضح ذلك رواية مسلم [روايتنا السادسة] حيث قال: أتجد شاة؟ فقلت: لا.
فنزلت هذه الآية إلخ.

{ { فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية } } هذه قطعة من آية، أولها قوله تعالى: { { وأتموا الحج والعمرة لله } } والمعنى: فمن كان منكم به مرض يحوجه إلى حلق شعره، أو به أذى من رأسه بجراحة أو قمل أو حك فعليه إذا حلق فدية.

( فأتيته، فقال: ادنه، فدنوت) الفعل ادن دخلت عليه هاء السكت قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن هذا الاستدناء كان عقب رؤيته إياه إذ مر به وهو يوقد تحت القدر.
اهـ

وأقول: الظاهر أنه بعد أن أرسل إليه وأتاه، فظل بعيداً خوفاً عليه صلى الله عليه وسلم من أن يصله منه شيء، يدل على ذلك قوله فأتيته.

( أو تصدق بفرق بين ستة مساكين) الفرق بفتح الفاء والراء وقد تسكن قال الأزهري: كلام العرب بالفتح، والمحدثون قد يسكنونه، وهو مكيال معروف بالمدينة ويقدر بثلاثة أصع، كما قدره الراوي في الرواية الرابعة وصرحت به الرواية الخامسة ولفظها أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين والسادسة، ولفظها أو إطعام ستة مساكين، نصف صاع طعاماً لكل مسكين والسابعة، ولفظها أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكينين صاع.
وهذا التحديد من السنة للإطعام المطلق الوارد في الآية.

والآصع جمع صاع، وهو من باب المقلوب، لأن فاء الكلمة في آصع صاد وعينها واو، فقلبت الواو همزة، ونقلت إلى موضع الفاء، ثم قلبت الهمزة ألفاً حين اجتمعت هي وهمزة الجمع، فصار آصعاً، ووزنه عندهم أعفل.
قال النووي: وأما ما ذكره ابن مكي في كتابه [تثقيف اللسان] أن قولهم في جمع الصاع: آصع، لحن من خطأ العوام، وصوابه: أصوع فغلط منه وذهول وعجب قوله هذا مع اشتهار اللفظة في كتب الحديث واللغة العربية، وأجمعوا على صحتها.
اهـ

( قعدت إلى كعب بن عجرة وهو في المسجد) في رواية أحمد قال عبد الله بن معقل: قعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد زاد في رواية يعني مسجد الكوفة.

فقه الحديث

قال النووي: هذه روايات الباب، وكلها متفقة في المعنى، ومقصودها: أن من احتاج إلى حلق الرأس لضرر من قمل أو مرض أو نحوهما فله حلقه في الإحرام، وعليه الفدية، قال تعالى: { { فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } } وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام ثلاثة أيام والصدقة بثلاثة آصع لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة تجزئ في الأضحية، ثم إن الآية الكريمة والأحاديث متفقة على أنه مخير بين هذه الأنواع الثلاثة، وهكذا الحكم عند العلماء.

واتفقوا على القول بظاهر هذا الحديث إلا ما حكي عن أبي حنيفة والثوري: أن نصف الصاع لكل مسكين إنما هو في الحنطة، فأما التمر والشعير وغيرهما فيجب صاع لكل مسكين.
وهذا خلاف نصه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة آصع من تمر وعن أحمد بن حنبل رواية أنه لكل مسكين مد من حنطة أو نصف صاع من غيره، وعن بعض السلف أنه يجب إطعام عشرة مساكين، أو صوم عشرة أيام، وهذا ضعيف منابذ للسنة مردود.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم:

1- أن السنة مبينة لمجمل القرآن، لإطلاق الفدية في القرآن، وتقييدها بالسنة.

2- وتحريم حلق الرأس على المحرم.

3- والرخصة له في حلقها إذا أذاه القمل أو غيره من الأوجاع.

4- وفيه تلطف الكبير بأصحابه، وعنايته بأحوالهم، وتفقده لهم.

5- وإذا رأى في بعض أتباعه ضرراً سأل عنه، وأرشده إلى المخرج منه.

6- واستنبط منه بعض المالكية إيجاب الفدية على من تعمد حلق رأسه بغير عذر فإن إيجابها على المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره، ومن هنا قال الشافعي والجمهور: لا يتخير العامد، بل يلزمه الدم، وخالف في ذلك أكثر المالكية.

7- واستدل به على أن الفدية لا يتعين لها مكان، وبه قال أكثر التابعين وقال الحسن: تتعين مكة، وقال مجاهد: النسك بمكة ومنى، والإطعام بمكة والصيام حيث شاء وقريب منه قول الشافعي وأبي حنيفة: الدم والإطعام لأهل الحرم، والصيام حيث شاء، إذ لا منفعة فيه لأهل الحرم.

8- واستدل به على أن الحج على التراخي، لأن جدل كعب دل على أن نزول قوله تعالى: { { وأتموا الحج والعمرة لله } } كان بالحديبية، وهي في سنة ست، وفيه بحث.
كذا في فتح الباري.

9- استدل به على أن القياس لا يدخل الحدود، لأنه هنا جعل صوم يوم معادلاً بصاع، وفي الفطر من رمضان جعل صوم اليوم معادلاً بمد.

10- ومن الرواية السادسة: الجلوس في المسجد.

11- ومذاكرة العلم.

12- والاعتناء بسبب النزول، لما يترتب عليه من معرفة الحكم وتفسير القرآن.

13- استدل به ابن التين على أن إزالة القمل عن الرأس ممنوعة على المحرم ويجب بإزالته عن الرأس الفدية، وكذلك إزالته عن الجسد عند مالك، وقال الشافعي: إزالة القملة عن الجسد مباح، وفي إزالتها عن الرأس الفدية، لأجل ترفهه، لا لأجل القملة، وروي عن الشافعي أنه قال: من قتل قملة تصدق بلقمة، وهو على وجه الاستحباب.

والله أعلم