هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2184 وحَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يُمَسَّ طِيبًا وَلَا يُخَمَّرَ رَأْسُهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2184 وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رجلا وقصه بعيره وهو محرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر ولا يمس طيبا ولا يخمر رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً وقصه بعيره، وهو محرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر، ولا يمس طيباً، ولا يخمر رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبداً.


المعنى العام

لمن مات محرماً فضل وأجر كبير، يصوره هذا الحديث وتلك القصة، رجل من الصحابة حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووقف معه في عرفة، يركب ناقته كما كان الكثيرون يركبون فسقط من فوق ناقته حين نفرت به، فانكسرت رقبته، ومات وكان أول من يموت محرماً ليبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما يفعل بالمحرم إذا مات.

كان الحكم الشرعي أن يغسل كما يغسل من يموت دون إحرام، بماء وسدر، وأن يكفن في إزاره وردائه اللذين كان محرماً فيهما، وأن يظل بهيئة الإحرام، فلا يحنط ولا يمس بالطيب، ولا يغطى رأسه، فإن الله تعالى سيبعثه على الهيئة التي مات عليها، وستشهد له ثيابه أمام الخلائق بأنه مات محرماً أثناء عبادته ربه، شهادة تشريف وتكريم.

المباحث العربية

( خر رجل من بعيره) في الرواية الثانية وقع من راحلته وفي الرواية الثامنة فوقع من ناقته والمعنى واحد، وأن الرجل كان راكباً ناقة أو بعيراً، لم يتبين ابن عباس الذكورة أو الأنوثة، ولم يعبأ بها، لأنها لا تأثير لها في الحادثة.

( فوقص) بالبناء للمجهول، وفي الرواية الثانية فأوقصته أو فأقعصته أو فوقصته وفي الرواية الثالثة فوقص وقصاً وفي الرواية السابعة وقصه بعيره.

قال الحافظ ابن حجر: المعروف عند أهل اللغة وقصته والذي بالهمز شاذ والوقص كسر العنق، وقال: ويحتمل أن يكون فاعل وقصته الوقعة أو الراحلة، بأن تكون أصابته بعد أن وقع.
والأول أظهر.
اهـ

والأظهر عندي خلاف الأظهر عنده، ففي الرواية الخامسة أوقصته راحلته وفي السادسة والعاشرة فوقصته ناقته وفي السابعة وقصه بعيره وفي التاسعة وقصت رجلاً راحلته وكلها تصرح بفاعل الوقص وأنه الناقة، فإن كان الكسر حصل بسبب الوقوع فعلاً فإسناد الوقص إلى الراحلة مجاز في هذه النصوص.

وأما معنى فأقعصته أي قتلته في الحال، ومنه قعاص الغنم، وهو موتها بداء يأخذها، تموت فجأة، وفي رواية للبخاري فأقصعته بتقديم الصاد على العين أي هشمته يقال: أقصع القملة إذا هشمها.

( اغسلوه بماء وسدر) السدر: شجر النبق، وأوراقه تقوم مقام الصابون برائحة طيبة، ويوضع في ماء الغسل.

( وكفنوه في ثوبيه) وكذا في الرواية الخامسة والسادسة، وفي الرواية الثالثة وألبسوه ثوبيه وأما في الرواية الثانية وكفنوه في ثوبين وفي الثامنة وأن يكفن في ثوبين بدون إضافة، وفي ذلك بحث فقهي يأتي.

( ولا تخمروا رأسه) أي لا تغطوا رأسه بالخمار، وفي الرواية الخامسة ولا تخمروا رأسه ولا وجهه وفي ملحق الرواية الثامنة خارج رأسه ووجهه وفي الرواية التاسعة وأن يكشفوا وجهه ورأسه وفي الرواية العاشرة ولا تغطوا وجهه وسيأتي الكلام على كشف الوجه في فقه الحديث.

( فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً) أي على الحالة التي مات عليها، وفي ملحق الرواية الثانية، وفي الرواية الثالثة، والعاشرة يبعث يلبي وفي التاسعة يبعث يوم القيامة وهو يهل لكن في الرواية السادسة والسابعة والثامنة ملبداً بالدال بدل الياء، والتلبيد: جمع الشعر بصمغ أو غيره ليخف شعثه، وكانت عاداتهم في الإحرام أن يفعلوا ذلك، قاله الحافظ ابن حجر، وقال: ليس قوله ملبداً فاسد المعنى، بل توجيهه ظاهر، وأنكر القاضي عياض هذه الرواية وقال ليس للتلبيد معنى.

( بينا رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقع) في رواية البخاري بينما رجل واقف وهي بين الظرفية، أطلقت بعدها الألف، أو زيدت عليها ما والعامل فيها معنى المفاجأة، والتقدير: فاجأ الوقوع رجلاً وقت وقوفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: واستدل بلفظ واقف على إطلاق لفظ الواقف على الراكب.

( فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم) يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يره عند سقوطه فأخبر به، إذ لا يشترط في المعية القرب، فكل أهل الموقف حينئذ كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه رآه يقع، وذكر له أنه وقص ومات.

( ولا تحنطوه) الحناط بكسر الحاء، والحنوط بفتحها: كل ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة من مسك وذريرة وصندل وعنبر وكافور وغير ذلك.
وفي الرواية السادسة ولا تمسوه بطيب بضم التاء وكسر الميم وضم السين المشددة من أمس وفي الرواية السابعة والثامنة ولا يمس طيباً بضم الياء وفتح الميم، وفي الرواية العاشرة ولا تقربوه طيباً بضم التاء وفتح القاف وكسر الراء المشددة.

( أقبل رجل حراماً) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها حرام [كما في روايتنا الرابعة] وهذا هو الوجه، وللأول وجه، وهو أن يكون حالاً، وقد جاءت الحال من النكرة على قلة.

( فوقص وقصاً) أي فكسر عنقه كسراً شديداً.

( خارج رأسه) من الكفن.

فقه الحديث

في أحكام هذا الحديث خلاف بين الفقهاء.

قال النووي: في هذه الروايات دلالة بينة لمذهب الشافعي وأحمد وإسحق وموافقيهم في أن المحرم إذا مات لا يجوز أن يلبس المخيط، ولا تخمر رأسه، ولا يمس طيباً وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة وغيرهم: يفعل به ما يفعل بالحي وهذا الحديث راد عليهم.
اهـ

أما وجهة نظر كل من الفريقين فيقول المالكية ومن معهم: إن الإحرام ينقطع بالموت، فيصنع بالميت ما يصنع بالحي، قال ابن دقيق العيد الشافعي: وهو مقتضى القياس لكن الحديث بعد أن ثبت يقدم على القياس، ويرد بعض المالكية على الحديث: بأنه واقعة حال، يتطرق الاحتمال إلى منطوقها.

ويقول بعض الحنفية: إن الحديث ليس عاماً بلفظه، لأنه في شخص معين وليس عاماً بمعناه، لأنه لم يقل: يبعث ملبياً لأنه محرم، فلا يتعدى حكمه إلى غيره إلا بدليل منفصل، ويقول بعض هذا الفريق عن الحديث بأنه مخصوص بذلك الرجل، لأن إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه يبعث ملبياً شهادة بأن حجه قد قبل، وذلك غير محقق لغيره.

ويرد ابن دقيق العيد على هذا: بأن هذه الصفة إنما ثبتت لأجل الإحرام فتعم كل محرم، وأما القبول وعدمه فأمر مغيب، وأيده ابن المنير، فقال: قال صلى الله عليه وسلم في الشهداء زملوهم بدمائهم مع قوله: والله أعلم بمن يكلم في سبيله فعمم الحكم في الظاهر بناء على ظاهر السبب، فينبغي أن يعمم الحكم في كل محرم، وبين المجاهد والمحرم جامع، لأن كلاً منهما في سبيل الله.

ويتعلل بعض المالكية بقوله تعالى: { { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } } [النجم: 39] .
وبقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وليس هذا منها، فينبغي أن ينقطع عمله بالموت.
وأجيب: بأن تكفينه في ثوبي إحرامه وتبقيته على هيئة إحرامه من عمل الحي بعده، كغسله والصلاة عليه، فلا معنى لما ذكروه.

وأورد بعضهم: أنه لو كان إحرامه باقياً لوجب أن يكمل به المناسك [بأن يحمل ويطاف به ويسعى به إلخ] ولا قائل به، وأجيب: بأن ذلك ورد على خلاف الأصل، فيقتصر به على مورد النص، ولا سيما وقد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهيد.

ويؤخذ من الحديث بعد ما تقدم:

1- جواز الكفن في ثوبين، وأما الثلاثة أثواب الواردة في حديث عائشة فهي للاستحباب، وهو قول الجمهور، وأما الواحد الساتر لجميع البدن فلا بد منه بالاتفاق.

2- استدل بقوله في الرواية الثانية والثامنة ثوبين على استبدال ثياب المحرم، وليس بشيء، فإن الرواية الأولى والثالثة والخامسة والسادسة لفظها في ثوبيه أي إزاره وردائه.

3- استدل بقوله بماء وسدر على استحباب السدر في غسل الميت، وأن المحرم في ذلك كغيره، قال النووي: وهذا مذهبنا، ومنعه مالك وأبو حنيفة وآخرون.

4- وأن التكفين في الثياب الملبوسة جائز، قال النووي: وهو مجمع عليه.

5- وأن الكفن مقدم على الدين وغيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل: هل عليه دين مستغرق أم لا؟.

6- وأن التكفين واجب، وهو إجماع في حق المسلم، وكذلك غسله والصلاة عليه ودفنه.

7- استدل بالنهي عن تخمير الوجه الوارد في روايتنا الخامسة وملحق الثامنة والتاسعة والعاشرة على كشف وجه المحرم مع رأسه، لألــلوالشافعية والمالكية والحنفية على خلافه، لأن المالكية والحنفية لا يقولون بكشف الرأس كما سبق والشافعية الذين يقولون بكشف رأس المحرم لا يقولون بحرمة تغطية وجهه ويتأول هذه الروايات بأن النهي فيها عن تغطية الوجه ليس لكونه وجهاً، وإنما هو صيانة للرأس، لأنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه.
قال النووي: وفيه نظر.

8- واستدل به على استحباب الحنوط للميت غير المحرم، لأنه نهي عن الحنوط للمحرم، ثم علل ذلك بأنه يبعث ملبياً، فدل على أن سبب النهي أنه كان محرماً، فإذا انتفت العلة انتفى النهي.
قال البيهقي: فيه دليل على أن غير المحرم يحنط كما يخمر رأسه.

9- قال ابن المنذر: وفيه إباحة أن يغتسل المحرم الحي بالسدر، خلافاً لمن كرهه له.

10- استدل به على ترك النيابة في الحج، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً أن يكمل عن هذا المحرم أفعال الحج.
قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لا يخفى.
اهـ

11- قال ابن بطال: فيه أن من شرع في عمل طاعة، ثم حال بينه وبين إتمامه الموت رجى له أن يكتبه الله له في الآخرة من أهل ذلك العمل.

12- قال النووي: وفيه دليل على استحباب دوام التلبية في الإحرام.

13- وعلى استحباب التلبيد فيه.

والله أعلم