هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
221 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَمَاشَى ، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ ، فَبَالَ ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ ، فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُهُ ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
221 حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشى ، فأتى سباطة قوم خلف حائط ، فقام كما يقوم أحدكم ، فبال ، فانتبذت منه ، فأشار إلي فجئته ، فقمت عند عقبه حتى فرغ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن حُذَيْفَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَمَاشَى ، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ ، فَبَالَ ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ ، فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُهُ ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ .

Narrated Hudhaifa':

The Prophet (ﷺ) and I walked till we reached the dumps of some people. He stood, as any one of you stands, behind a wall and urinated. I went away, but he beckoned me to come. So I approached him and stood near his back till he finished.

0225 Hudhayfa dit : « J’étais en train de marcher avec le Prophète lorsqu’il se mit près d’immondices de quelques gens, derrière un mur, se tint debout comme le fait chacun de vous et commença à uriner. Je m’écartai de lui mais il me fit signe de revenir. Je m’approchai de lui et me mis debout, en se donnant les talons ( c’est-à-dire en se donnant le dos), jusqu’à ce qu’il ait terminé. »  

":"ہم سے عثمان ابن ابی شیبہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے جریر نے منصور کے واسطے سے بیان کیا ، وہ ابووائل سے ، وہ حذیفہ سے روایت کرتے ہیں ۔ وہ کہتے ہیں کہ( ایک مرتبہ ) میں اور رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم جا رہے تھے کہ ایک قوم کی کوڑی پر ( جو ) ایک دیوار کے پیچھے ( تھی ) پہنچے ۔ تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم اس طرح کھڑے ہو گئے جس طرح ہم تم میں سے کوئی ( شخص ) کھڑا ہوتا ہے ۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پیشاب کیا اور میں ایک طرف ہٹ گیا ۔ تب آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے مجھے اشارہ کیا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس ( پردہ کی غرض سے ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی ایڑیوں کے قریب کھڑا ہو گیا ۔ یہاں تک کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم پیشاب سے فارغ ہو گئے ۔ ( بوقت ضرورت ایسا بھی کیا جا سکتا ہے ۔ )

0225 Hudhayfa dit : « J’étais en train de marcher avec le Prophète lorsqu’il se mit près d’immondices de quelques gens, derrière un mur, se tint debout comme le fait chacun de vous et commença à uriner. Je m’écartai de lui mais il me fit signe de revenir. Je m’approchai de lui et me mis debout, en se donnant les talons ( c’est-à-dire en se donnant le dos), jusqu’à ce qu’il ait terminé. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [225] قَوْله جرير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور وَهُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُنِي بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ .

     قَوْلُهُ  فَانْتَبَذْتُ بِالنُّونِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَنَحَّيْتُ يُقَالُ جَلَسَ فُلَانٌ نُبْذَةً بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا أَيْ نَاحِيَةً .

     قَوْلُهُ  فَأَشَارَ إِلَيَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَدَمِ مُشَاهَدَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَسَمَاعِ نِدَائِهِ لَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ رُؤْيَةِ إِشَارَتِهِ إِذَا أَشَارَ لَهُ وَهُوَ مُسْتَدْبِرُهُ وَلَيْسَتْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي حَالِ الْبَوْلِ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ادْنُهْ كَانَ بِالْإِشَارَةِ لَا بِاللَّفْظِ.

.
وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ مِنَ الْإِبْعَادِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَنِ الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ وَعَنْ أَعْيُنِ النَّظَّارَةِ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ الْمجْلس حَتَّى أحتاج إِلَى الْبَوْلِ فَلَوْ أَبْعَدَ لَتَضَرَّرَ وَاسْتَدْنَى حُذَيْفَةُ لِيَسْتُرَهُ مِنْ خَلْفِهِ مِنْ رُؤْيَةِ مَنْ لَعَلَّهُ يَمُرُّ بِهِ وَكَانَ قُدَّامُهُ مَسْتُورًا بِالْحَائِطِ أَوْ لَعَلَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ثُمَّ هُوَ فِي الْبَوْلِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الْغَائِطِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى زِيَادَةِ تَكَشُّفٍ وَلِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنَ الرَّائِحَةِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْإِبْعَادِ التَّسَتُّرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِإِرْخَاءِ الذَّيْلِ وَالدُّنُوِّ مِنَ السَّاتِرِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَقَالَ يَا حُذَيْفَةُ اسْتُرْنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَظَهَرَ مِنْهُ الْحِكْمَةَ فِي إِدْنَائِهِ حُذَيْفَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَانَ حُذَيْفَةُ لَمَّا وَقَفَ خَلْفَهُ عَنْدَ عَقِبِهِ اسْتَدْبَرَهُ وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الحَدِيث دفع أَشد المفسدتين بأخفيهما وَالْإِتْيَانُ بِأَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ إِذَا لَمْ يُمْكِنَا مَعًا وَبَيَانُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ الْجُلُوسَ لِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ وَيُكْثِرُ مِنْ زِيَارَةِ أَصْحَابِهِ وَعِيَادَتِهِمْ فَلَّمَا حَضَرَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْحَالَاتِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ حَتَّى يَبْعُدَ كَعَادَتِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَأْخِيرِهِ مِنَ الضَّرَرِ فَرَاعَى أَهَمَّ الْأَمْرَيْنِ وَقَدَّمَ الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْرِيبِ حُذَيْفَةِ مِنْهُ لِيَسْتُرَهُ مِنَ الْمَارَّةِ عَلَى مَصْلَحَةِ تَأْخِيره عَنهُ إِذْ لم يُمكن جَمعهمَا( قَولُهُ بَابُ الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ) كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ بَيَّنَ بن الْمُنْذِرِ وَجْهَ هَذَا التَّشْدِيدِ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى وَرَأَى رَجُلًا يَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ وَيْحَكَ أَفَلَا قَاعِدًا ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مُطَابَقَةُ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى أَبِي مُوسَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [225] حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغ.
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) نسبه لجده الأعلى لشهرته به وإلاّ فاسم أبيه محمد بن إبراهيم الكوفي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق الكوفي ( عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه ( قال) : ( رأيتني) بضم المثناة الفوقية فعل وفاعل ومفعول وجاز كون الفاعل والمفعول واحدًا لأن أفعال القلوب يجوز فيها ذلك ( أنا والنبي) بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب على المفعولية أي رأيت نفسي، ورأيت النبي وأنا للتأكيد ولصحة عطف لفظ النبي على الضمير المذكور ويجوز رفع النبي عطفًا على أنا وكلاهما بفرع اليونينية ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كوننا ( نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط) أي جدار ( فقام) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت) بنون فمثناة فوقية فموحدة فمعجمة أي ذهبت ناحية ( منه فاشار إليّ) عليه الصلاة والسلام بيده أو برأسه ( فجئته) فقال: يا حذيفة استرني كما عند الطبراني من حديث عصمة بن مالك ( فقمت عند عقبه) بالإفراد وللأصيلي عقبيه ( حتى فرغ) وفي إشارته عليه الصلاة والسلام لحذيفة دليل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه، والمعنى في إدنائه إياه مع استحباب الإبعاد في الحاجة أن يكون سترًا بينه وبين الناس إذ السباطة إنما تكون في الأفنية المسكونة أو قريبًا منها ولا تكاد تخلو عن مارّ وإنما انتبذ حذيفة لئلا يسمع شيئًا مما يقع في الحدث، فلما بال عليه الصلاة والسلام قائمًا وأمن منه ذلك أمره بالقرب منه.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ورازي.
62 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ ( باب) حكم ( البول عند سباطة قوم) .
226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا.
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين وراءين مهملات ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق ( قال) : ( كان أبو موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري) رضي الله عنه ( يشدد في) الاحتراز من ( البول) حتى كان يبول في قارورة خوفًا من أن يصيبه شيء من رشاشه ( ويقول إن بني إسرائيل) بني يعقوب، وإسرائيل لقبه لأنه لما فاز بدعوة أبيه إسحاق دون أخيه عيصو توعده بالقتل فلحق بخاله ببابل أو بحران فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار فسمي لذلك إسرائيل ( كان) شأنهم ( إذا أصاب) البول ( ثوب أحدهم قرضه) أي قطعه، وللإسماعيلي قرضه بالمقراض، ولمسلم إذا أصاب جلد أحدهم أي الذي يلبسه أو جلد نفسه على ظاهره، ويؤيده رواية أبي داود إذا أصاب جسد أحدهم لكن رواية المؤلف صريحة في الثياب، فيحتمل أن بعضهم رواه بالمعنى ( فقال حذيفة) بن اليمان ( ليته) أي أبا موسى الأشعري ( أمسك) نفسه عن هذا التشديد فإنه خلاف السُّنّة، فقد ( أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سباطة قوم فبال قائمًا) فلم يتكلف البول في القارورة، واستدل به مالك على الرخصة في مثل رؤوس الإبر من البول.
نعم يقول بغسلها استحبابًا، وأبو حنيفة يسهل فيها كيسير كل النجاسات، وعند الشافعي يغسلها وجوبًا، وفي الاستدلال على الرخصة المذكورة ببوله عليه السلام قائمًا نظر لأنه عليه الصلاة والسلام في تلك الحالة لم يصل إليه منه شيء.
قال ابن حبان: إنما بال قائمًا لأنه لم يجد مكانًا يصلح للقعود فقام لكون الطرف الذي يليه من السباطة عاليًا فأمن من أن يرتد عليه شيء من بوله أو كانتالسباطة رخوة لا يرتد إلى البائل شيء من بوله.
ورواة هذا الحديث الستة ما بين شامي ومصري وكوفي وفيه التحديث والعنعنة.
63 - باب غَسْلِ الدَّمِ ( باب) حكم ( غسل الدم) بفتح الغين أي دم الحيض.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [225] حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ قَالَ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عَن أبي وَائِلٍ عَنْ حذَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُنِي أنَا والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتَمَاشَى فَاتَى سبُاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حائِطٍ فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ فَاشَارَ إليَّ فَجِئْتُهُ فَقمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة، وَقد تقدمُوا بِهَذَا التَّرْتِيب فِي بَاب: من جعل لأهل الْعلم أَيَّامًا، وَجَرِير: هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور: هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل: شَقِيق، وَحُذَيْفَة: ابْن الْيَمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي الْمَوْضِعَيْنِ، والعنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَرُوَاته مَا بَين كُوفِي ورازي.
وتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره قد مر بَيَانهَا فِي الْبَاب السَّابِق.
بَيَان لغته قَوْله: ( حَائِط) أَي: جِدَار، ويجيىء بِمَعْنى: الْبُسْتَان فِي غير هَذَا الْموضع، وَأَصله واوي، من: الحوط.
قَوْله: ( فانتبذت) ، أَي: تنحيت، ومادته: نون وباء مُوَحدَة وذال مُعْجمَة..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: جلس فلَان نبذة، بِفَتْح النُّون وَضمّهَا، أَي: نَاحيَة، وانتبذ فلَان أَي: ذهب ناحيته،.

     وَقَالَ  الخاطبي: فانتبذت مِنْهُ، اي تنحيت عَنهُ حَتَّى كنت مِنْهُ على نبذه.
قَوْله: ( عقبه) ، بِفَتْح الْعين وَكسر الْقَاف: وَهُوَ مُؤخر الْقدَم، وَهِي مُؤَنّثَة، وعقب الرجل أَيْضا وَلَده وَولد وَلَده، وفيهَا لُغَتَانِ: كسر الْقَاف وسكونها، وَهِي أَيْضا مُؤَنّثَة.
بَيَان إعرابه قَوْله: ( رَأَيْتنِي) ، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَمَعْنَاهُ: رَأَيْت نَفسِي، وَبِهَذَا التَّقْدِير ينْدَفع سُؤال من يَقُول: كَيفَ جَازَ أَن يكون الْفَاعِل وَالْمَفْعُول عبارَة عَن شَيْء وَاحِد، وَهَذَا التَّرْكِيب جَائِز فِي أَفعَال الْقُلُوب، لِأَنَّهُ من خصائصها، وَلَا يجوز فِي غَيرهَا.
قَوْله: ( أَنا) للتَّأْكِيد لصِحَّة عطف لفظ النَّبِي على الضَّمِير الْمَنْصُوب على المفعولية، وَالتَّقْدِير: رَأَيْت نَفسِي وَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي بِنصب: النَّبِي، لِأَنَّهُ عطف على الْمَفْعُول لَا على الْفَاعِل، وَعَلِيهِ الرِّوَايَة.
قلت: وَيجوز رفع: النَّبِي، أَيْضا لصِحَّة الْمَعْنى عَلَيْهِ، وَلَكِن إِن صحت رِوَايَة النصب يقْتَصر عَلَيْهَا.
قَوْله: ( نتماشى) جملَة فِي مَحل لنصب على الْحَال، تَقْدِيره: وَرَأَيْت نَفسِي وَالنَّبِيّ حَال كوننا متماشين.
قَوْله: ( فَأَشَارَ) أَي: أَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إليّ بعد أَن بَعدت مِنْهُ، وَلَكِن لم أبعد مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يرَاهُ.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ادنه،.

     وَقَالَ  بَعضهم: رِوَايَة البُخَارِيّ هَذِه بيّنت أَن رِوَايَة مُسلم: أدنه، كَانَ بِالْإِشَارَةِ لَا بِاللَّفْظِ.
قلت: يرد عَلَيْهِ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عصمَة بن مَالك، قَالَ: ( خرج علينا رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وسلمفي بعض سِكَك الْمَدِينَة، فَانْتهى إِلَى سباطة قوم فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة استرني) الحَدِيث، فَهَذَا صَرِيح بِأَن إِعْلَامه كَانَ بِاللَّفْظِ، وَيُمكن أَن يجمع بَين الروايتني بِأَن يكون، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَشَارَ أَولا بِيَدِهِ أَو بِرَأْسِهِ، ثمَّ قَالَ: استرني..
     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَلَيْسَت فِيهِ دلَالَة على جَوَاز الْكَلَام فِي حَال الْبَوْل.
قلت: هَذَا الْكَلَام من غير رِوَايَة إِذْ إِشَارَته، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى حُذَيْفَة أَو قَوْله: ( استرني) ، لم يكن إلاَّ قبل شُرُوعه فِي الْبَوْل، فَكيف يظنّ من ذَلِك مَا قَالَه حَتَّى يَنْفِي ذَلِك؟ .
ويستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام مَا استنبط من الحَدِيث السَّابِق.
وَفِيه أَيْضا: جَوَاز طلب البائل من صَاحبه الْقرب مِنْهُ ليستره.
وَفِيه: أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ إِذا أَرَادَ قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان توارى عَن أعين النَّاس بِمَا يستره من حَائِط أَو نَحوه،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: من السّنة أَن يقرب من البائل إِذا كَانَ قَائِما، هَذَا إِذا أَمن أَن يرى مِنْهُ عَورَة، وَأما إِذا كَانَ قَاعِدا فَالسنة الْبعد مِنْهُ، وَإِنَّمَا انتبذ حُذَيْفَة مِنْهُ لِئَلَّا يسمع شَيْئا مِمَّا جرى فِي الحَدِيث، فَلَمَّا بَال، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَائِما، وَأمن، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَا خشيه حُذَيْفَة أمره بِالْقربِ مِنْهُ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَإِنَّمَا بعد مِنْهُ وعينه ترَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْرُسهُ، اي: يحرس النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى قبل نزُول قَوْله تَعَالَى: { وَالله يَعْصِمك من النَّاس} ( الْمَائِدَة: 67) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَحْرُسهُ جمَاعَة من الصَّحَابَة قبل نزُول هَذِه الْآيَة، فَلَمَّا نزلت ترك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحرس.
62 - ( بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْبَوْل عِنْد جمَاعَة من النَّاس، وَهَذَا الْبَاب، والبابان اللَّذَان قبله، حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ، غير أَن كلاًّ مِنْهَا عَن شيخ، وَترْجم لكل وَاحِد مِنْهَا تَرْجَمَة تناسب معنى من مَعَاني الحَدِيث الْمَذْكُور.
والمناسبة بَينهَا ظَاهِرَة لَا تطلب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْبَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ)
أَيْ صَاحِبِ البائل

[ قــ :221 ... غــ :225] قَوْله جرير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور وَهُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُنِي بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ .

     قَوْلُهُ  فَانْتَبَذْتُ بِالنُّونِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَنَحَّيْتُ يُقَالُ جَلَسَ فُلَانٌ نُبْذَةً بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا أَيْ نَاحِيَةً .

     قَوْلُهُ  فَأَشَارَ إِلَيَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ عَدَمِ مُشَاهَدَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَسَمَاعِ نِدَائِهِ لَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ رُؤْيَةِ إِشَارَتِهِ إِذَا أَشَارَ لَهُ وَهُوَ مُسْتَدْبِرُهُ وَلَيْسَتْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي حَالِ الْبَوْلِ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ادْنُهْ كَانَ بِالْإِشَارَةِ لَا بِاللَّفْظِ.

.
وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ مِنَ الْإِبْعَادِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَنِ الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ وَعَنْ أَعْيُنِ النَّظَّارَةِ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ الْمجْلس حَتَّى أحتاج إِلَى الْبَوْلِ فَلَوْ أَبْعَدَ لَتَضَرَّرَ وَاسْتَدْنَى حُذَيْفَةُ لِيَسْتُرَهُ مِنْ خَلْفِهِ مِنْ رُؤْيَةِ مَنْ لَعَلَّهُ يَمُرُّ بِهِ وَكَانَ قُدَّامُهُ مَسْتُورًا بِالْحَائِطِ أَوْ لَعَلَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ثُمَّ هُوَ فِي الْبَوْلِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الْغَائِطِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى زِيَادَةِ تَكَشُّفٍ وَلِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنَ الرَّائِحَةِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْإِبْعَادِ التَّسَتُّرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِإِرْخَاءِ الذَّيْلِ وَالدُّنُوِّ مِنَ السَّاتِرِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَقَالَ يَا حُذَيْفَةُ اسْتُرْنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَظَهَرَ مِنْهُ الْحِكْمَةَ فِي إِدْنَائِهِ حُذَيْفَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَانَ حُذَيْفَةُ لَمَّا وَقَفَ خَلْفَهُ عَنْدَ عَقِبِهِ اسْتَدْبَرَهُ وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحَضَرِ لَا فِي السَّفَرِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الحَدِيث دفع أَشد المفسدتين بأخفيهما وَالْإِتْيَانُ بِأَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ إِذَا لَمْ يُمْكِنَا مَعًا وَبَيَانُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ الْجُلُوسَ لِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ وَيُكْثِرُ مِنْ زِيَارَةِ أَصْحَابِهِ وَعِيَادَتِهِمْ فَلَّمَا حَضَرَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْحَالَاتِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ حَتَّى يَبْعُدَ كَعَادَتِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَأْخِيرِهِ مِنَ الضَّرَرِ فَرَاعَى أَهَمَّ الْأَمْرَيْنِ وَقَدَّمَ الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْرِيبِ حُذَيْفَةِ مِنْهُ لِيَسْتُرَهُ مِنَ الْمَارَّةِ عَلَى مَصْلَحَةِ تَأْخِيره عَنهُ إِذْ لم يُمكن جَمعهمَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْبَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالْحَائِطِ
( باب البول) أي حكم بول الرجل ( عند صاحبه والتستر) أي وبيان حكم تستره ( بالحائط) فأل في البول بدل من المضاف إليه وهو كما قدرنا والضمير في صاحبه يرجع إلى المضاف إليه المقدّر وهو الرجل البائل.


[ قــ :221 ... غــ : 225 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغ.

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) نسبه لجده الأعلى لشهرته به وإلاّ فاسم أبيه محمد بن إبراهيم الكوفي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق الكوفي ( عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه ( قال) :
( رأيتني) بضم المثناة الفوقية فعل وفاعل ومفعول وجاز كون الفاعل والمفعول واحدًا لأن أفعال القلوب يجوز فيها ذلك ( أنا والنبي) بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب على المفعولية أي رأيت نفسي، ورأيت النبي وأنا للتأكيد ولصحة عطف لفظ النبي على الضمير المذكور ويجوز رفع النبي عطفًا على أنا وكلاهما بفرع اليونينية ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كوننا ( نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط) أي جدار ( فقام) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت) بنون فمثناة فوقية فموحدة فمعجمة أي ذهبت ناحية ( منه فاشار إليّ) عليه الصلاة والسلام بيده أو برأسه ( فجئته) فقال: يا حذيفة استرني كما عند الطبراني من حديث عصمة بن مالك ( فقمت عند عقبه) بالإفراد وللأصيلي عقبيه ( حتى فرغ) وفي

إشارته عليه الصلاة والسلام لحذيفة دليل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه، والمعنى في إدنائه إياه مع استحباب الإبعاد في الحاجة أن يكون سترًا بينه وبين الناس إذ السباطة إنما تكون في الأفنية المسكونة أو قريبًا منها ولا تكاد تخلو عن مارّ وإنما انتبذ حذيفة لئلا يسمع شيئًا مما يقع في الحدث، فلما بال عليه الصلاة والسلام قائمًا وأمن منه ذلك أمره بالقرب منه.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ورازي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم بَوْل الرجل عِنْد صَاحبه، وَبَيَان حكم تستره بِالْحَائِطِ، فالألف وَاللَّام فِي: الْبَوْل، بدل من الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَهُوَ كَمَا قَدرنَا، فَالضَّمِير فِي صَاحبه يرجع إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ الْمُقدر، وَهُوَ: الرجل البائل.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة.



[ قــ :221 ... غــ :225 ]
- حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ قَالَ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عَن أبي وَائِلٍ عَنْ حذَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُنِي أنَا والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتَمَاشَى فَاتَى سبُاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حائِطٍ فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ فَاشَارَ إليَّ فَجِئْتُهُ فَقمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة، وَقد تقدمُوا بِهَذَا التَّرْتِيب فِي بابُُ: من جعل لأهل الْعلم أَيَّامًا، وَجَرِير: هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور: هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل: شَقِيق، وَحُذَيْفَة: ابْن الْيَمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي الْمَوْضِعَيْنِ، والعنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَرُوَاته مَا بَين كُوفِي ورازي.
وتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره قد مر بَيَانهَا فِي الْبابُُ السَّابِق.

بَيَان لغته قَوْله: ( حَائِط) أَي: جِدَار، ويجيىء بِمَعْنى: الْبُسْتَان فِي غير هَذَا الْموضع، وَأَصله واوي، من: الحوط.
قَوْله: ( فانتبذت) ، أَي: تنحيت، ومادته: نون وباء مُوَحدَة وذال مُعْجمَة..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: جلس فلَان نبذة، بِفَتْح النُّون وَضمّهَا، أَي: نَاحيَة، وانتبذ فلَان أَي: ذهب ناحيته،.

     وَقَالَ  الخاطبي: فانتبذت مِنْهُ، اي تنحيت عَنهُ حَتَّى كنت مِنْهُ على نبذه.
قَوْله: ( عقبه) ، بِفَتْح الْعين وَكسر الْقَاف: وَهُوَ مُؤخر الْقدَم، وَهِي مُؤَنّثَة، وعقب الرجل أَيْضا وَلَده وَولد وَلَده، وفيهَا لُغَتَانِ: كسر الْقَاف وسكونها، وَهِي أَيْضا مُؤَنّثَة.

بَيَان إعرابه قَوْله: ( رَأَيْتنِي) ، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَمَعْنَاهُ: رَأَيْت نَفسِي، وَبِهَذَا التَّقْدِير ينْدَفع سُؤال من يَقُول: كَيفَ جَازَ أَن يكون الْفَاعِل وَالْمَفْعُول عبارَة عَن شَيْء وَاحِد، وَهَذَا التَّرْكِيب جَائِز فِي أَفعَال الْقُلُوب، لِأَنَّهُ من خصائصها، وَلَا يجوز فِي غَيرهَا.
قَوْله: ( أَنا) للتَّأْكِيد لصِحَّة عطف لفظ النَّبِي على الضَّمِير الْمَنْصُوب على المفعولية، وَالتَّقْدِير: رَأَيْت نَفسِي وَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي بِنصب: النَّبِي، لِأَنَّهُ عطف على الْمَفْعُول لَا على الْفَاعِل، وَعَلِيهِ الرِّوَايَة.
قلت: وَيجوز رفع: النَّبِي، أَيْضا لصِحَّة الْمَعْنى عَلَيْهِ، وَلَكِن إِن صحت رِوَايَة النصب يقْتَصر عَلَيْهَا.
قَوْله: ( نتماشى) جملَة فِي مَحل لنصب على الْحَال، تَقْدِيره: وَرَأَيْت نَفسِي وَالنَّبِيّ حَال كوننا متماشين.
قَوْله: ( فَأَشَارَ) أَي: أَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إليّ بعد أَن بَعدت مِنْهُ، وَلَكِن لم أبعد مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يرَاهُ.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ادنه،.

     وَقَالَ  بَعضهم: رِوَايَة البُخَارِيّ هَذِه بيّنت أَن رِوَايَة مُسلم: أدنه، كَانَ بِالْإِشَارَةِ لَا بِاللَّفْظِ.
قلت: يرد عَلَيْهِ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عصمَة بن مَالك، قَالَ: ( خرج علينا رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وسلمفي بعض سِكَك الْمَدِينَة، فَانْتهى إِلَى سباطة قوم فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة استرني) الحَدِيث، فَهَذَا صَرِيح بِأَن إِعْلَامه كَانَ بِاللَّفْظِ، وَيُمكن أَن يجمع بَين الروايتني بِأَن يكون، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَشَارَ أَولا بِيَدِهِ أَو بِرَأْسِهِ، ثمَّ قَالَ: استرني..
     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَلَيْسَت فِيهِ دلَالَة على جَوَاز الْكَلَام فِي حَال الْبَوْل.
قلت: هَذَا الْكَلَام من غير رِوَايَة إِذْ إِشَارَته، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى حُذَيْفَة أَو قَوْله: ( استرني) ، لم يكن إلاَّ قبل شُرُوعه فِي الْبَوْل، فَكيف يظنّ من ذَلِك مَا قَالَه حَتَّى يَنْفِي ذَلِك؟ .

ويستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام مَا استنبط من الحَدِيث السَّابِق.
وَفِيه أَيْضا: جَوَاز طلب البائل من صَاحبه الْقرب مِنْهُ ليستره.
وَفِيه: أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ إِذا أَرَادَ قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان توارى عَن أعين النَّاس بِمَا يستره من حَائِط أَو نَحوه،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: من السّنة أَن يقرب من البائل إِذا كَانَ قَائِما، هَذَا إِذا أَمن أَن يرى مِنْهُ عَورَة، وَأما إِذا كَانَ قَاعِدا فَالسنة الْبعد مِنْهُ، وَإِنَّمَا انتبذ حُذَيْفَة مِنْهُ لِئَلَّا يسمع شَيْئا مِمَّا جرى فِي الحَدِيث، فَلَمَّا بَال، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَائِما، وَأمن، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَا خشيه حُذَيْفَة أمره بِالْقربِ مِنْهُ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَإِنَّمَا بعد مِنْهُ وعينه ترَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْرُسهُ، اي: يحرس النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى قبل نزُول قَوْله تَعَالَى: { وَالله يَعْصِمك من النَّاس} ( الْمَائِدَة: 67) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَحْرُسهُ جمَاعَة من الصَّحَابَة قبل نزُول هَذِه الْآيَة، فَلَمَّا نزلت ترك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحرس.