هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2223 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا ، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ : حَدَّثَنَا أَبَانُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2223 حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا أبو عوانة ، ح وحدثني عبد الرحمن بن المبارك ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يغرس غرسا ، أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة ، إلا كان له به صدقة وقال لنا مسلم : حدثنا أبان ، حدثنا قتادة ، حدثنا أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas bin Malik:

Allah's Messenger (ﷺ) said, There is none amongst the Muslims who plants a tree or sows seeds, and then a bird, or a person or an animal eats from it, but is regarded as a charitable gift for him.

D'après Qatâda, 'Anas (radiallahanho) dit: «Le Messager d'Allah () dit: II n'y a pas de musulman qui plante un arbre ou sème une graine, et que vient ensuite en manger un oiseau, un homme ou une bête, sans que cela ne lui soit considéré comme étant une aumône. » Muslim nous dit: Directement de 'Abân, directement de Qatâda, directement de 'Anas, du Prophète () ...

":"ہم سے قتیبہ بن سعید نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابوعوانہ نے بیان کیا ، ( دوسری سند ) اور مجھ سے عبدالرحمٰن بن مبارک نے بیان کیا ان سے ابوعوانہ نے بیان کیا ، ان سے قتادہ نے اور ان سے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، کوئی بھی مسلمان جو ایک درخت کا پودا لگائے یا کھیتی میں بیج بوئے ، پھر اس میں سے پرند یا انسان یا جانور جو بھی کھاتے ہیں وہ اس کی طرف سے صدقہ ہے مسلم نے بیان کیا کہ ہم سے ابان نے بیان کیا ، ان سے قتادہ نے بیان کیا ، اور ان سے انس رضی اللہ عنہ نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے حوالہ سے ۔

D'après Qatâda, 'Anas (radiallahanho) dit: «Le Messager d'Allah () dit: II n'y a pas de musulman qui plante un arbre ou sème une graine, et que vient ensuite en manger un oiseau, un homme ou une bête, sans que cela ne lui soit considéré comme étant une aumône. » Muslim nous dit: Directement de 'Abân, directement de Qatâda, directement de 'Anas, du Prophète () ...

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2320] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ إِلَخْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَهُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَلَمْ أَرَ فِي سِيَاقِهِمَا اخْتِلَافًا وَكَأَنَّهُ قَصَدَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْمَعْهُمَا قَوْله مَا مِنْ مُسْلِمٍ أَخْرَجَ الْكَافِرَ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ كَوْنَ مَا أُكِلَ مِنْهُ يَكُونُ لَهُ صَدَقَةً وَالْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ الثَّوَابُ فِي الْآخِرَةِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ نَعَمْ مَا أُكِلَ مِنْ زَرْعِ الْكَافِرِ يُثَابُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ بِذَلِكَ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يُرْزَقْ فِي الدُّنْيَا وَفَقَدَ الْعَافِيَةَ .

     قَوْلُهُ  أَوْ يَزْرَعُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الزَّرْعَ غَيْرُ الْغَرْسِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُسْلِمٌ كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَلِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ.

     وَقَالَ  لنا مُسلم وَهُوَ بن إِبْرَاهِيم وَأَبَان هُوَ بن يَزِيدَ الْعَطَّارُ وَالْبُخَارِيُّ لَا يُخَرِّجُ لَهُ إِلَّا اسْتِشْهَادًا وَلَمْ أَرَ لَهُ فِي كِتَابِهِ شَيْئًا مَوْصُولًا إِلَّا هَذَا وَنَظِيرُهُ عِنْدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ لَا يُخَرِّجُ لَهُ إِلَّا اسْتِشْهَادًا وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي الرِّقَاقِ قَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ وَهِيَ قَالَ لَنَا يَسْتَعْمِلُهَا الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا اسْتُقْرِئَ مِنْ كِتَابِهِ فِي الِاسْتِشْهَادَاتِ غَالِبًا وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلَهَا فِي الْمَوْقُوفَاتِ ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هُنَا إِسْنَادَ أَبَانَ وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نَخْلًا لِأُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ فَقَالُوا مُسْلِمٌ قَالَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ كَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَبَاقِيهِ فَقَالَ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ طَيْرٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا بِلَفْظِ سَبُعٌ بَدَلَ بَهِيمَةٍ وَفِيهَا إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً فِيهَا أَجْرٌ وَمِنْهَا أُمِّ مُبَشِّرٍ أَوْ أُمِّ مَعْبَدٍ عَلَى الشَّكِّ وَفِي أُخْرَى أُمِّ مَعْبَدٍ بِغَيْرِ شَكٍّ وَفِي أُخْرَى امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَهِيَ وَاحِدَةٌ لَهَا كُنْيَتَانِ وَقِيلَ اسْمُهَا خُلَيْدَةُ وَفِي أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِهَا وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ وَالْحَضُّ عَلَى عِمَارَةِ الْأَرْضِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ اتِّخَاذُ الضَّيْعَةِ وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا وَفِيهِ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَزَهِّدَةِ وَحُمِلَ مَا وَرَدَ مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا شَغَلَ عَنْ أَمْرِ الدِّينِ فَمِنْهُ حَدِيثُ بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا الْحَدِيثَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ عَنْ أَمْرِ الدِّينِ وَحَمْلَ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى اتِّخَاذِهَا لِلْكَفَافِ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَتَحْصِيلِ ثَوَابِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَا دَامَ الْغَرْسُ أَوِ الزَّرْعُ مَأْكُولًا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ زَارِعُهُ أَوْ غَارِسُهُ وَلَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمُتَعَاطِي الزَّرْعِ أَوِ الْغَرْسِ وَلَوْ كَانَ مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ ثُمَّ سَأَلَهَا عَمَّنْ غَرْسَهُ قَالَ الطِّيبِيُّ نَكَّرَ مُسْلِمًا وَأَوْقَعَهُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَزَادَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِيَّةَ وَعَمَّ الْحَيَوَانَ لِيَدُلَّ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ عَلَى أَنَّ أَيَّ مُسْلِمٍ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُطِيعًا أَوْ عَاصِيًا يَعْمَلُ أَيَّ عَمَلٍ مِنَ الْمُبَاحِ يَنْتَفِعُ بِمَا عَمِلَهُ أَيُّ حَيَوَانٍ كَانَ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إِلَيْهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ نِسْبَةِ الزَّرْعِ إِلَى الْآدَمِيِّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ حَدِيثٌ غَيْرُ قوي أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ زَرَعْتُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ حَرَثْتُ أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أم نَحن الزارعون وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ أَبِي مُسلم الْجرْمِي قَالَ فِيهِ بن حِبَّانَ رُبَّمَا أَخْطَأَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ بِمِثْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرِ مَرْفُوعٍ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُهَلَّبُ أَنَّ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ كَانَ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَفِي أَخْذِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بُعْدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ فِي كتاب الْبيُوع وَالله الْمُوفق ق ( وَله بَاب مَا يحذر من عواقب الِاشْتِغَال بِآلَة الزَّرْعِ أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ) هَكَذَا لِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَلِابْنِ شَبَّوَيْهِ أَوْ تَجَاوَزَ وَلِلنَّسَفِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ جَاوَزَ وَالْمُرَادُ بِالْحَدِّ مَا شُرِعَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَاب فضل الزَّرْع وَالْغَرْس إِذا أكل مِنْهُ)
وَقَول الله تَعَالَى أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ الْآيَةَ كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا أَنَّهُمَا أَخَّرَا الْبَسْمَلَةَ وَزَادَ النَّسَفِيُّ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْثِ وَالْمُزَارَعَةِ وَفَضْلِ الزَّرْعِ إِلَخْ وَعَلَيْهِ شَرْحُ بن بَطَّالٍ وَمِثْلُهُ لِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ إِلَّا أَنَّهُمَا حَذَفَا لَفْظَ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَلِلْمُسْتَمْلِي كِتَابُ الْحَرْثِ وَقَدَّمَ الْحَمَوِيُّ الْبَسْمَلَةَ.

     وَقَالَ  فِي الْحَرْثِ بَدَلَ كِتَابِ الْحَرْثِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الزَّرْعِ مِنْ جِهَةِ الِامْتِنَانِ بِهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى إِبَاحَةِ الزَّرْعِ وَأَنَّ مَنْ نَهَى عَنْهُ كَمَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ فَمَحَلُّهُ مَا إِذَا شَغَلَ الْحَرْثُ عَنِ الْحَرْبِ وَنَحْوُهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَالْمُزَارَعَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الزَّرْعِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهَا بَعْدَ أَبْوَابٍ

[ قــ :2223 ... غــ :2320] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ إِلَخْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَهُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَلَمْ أَرَ فِي سِيَاقِهِمَا اخْتِلَافًا وَكَأَنَّهُ قَصَدَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْمَعْهُمَا قَوْله مَا مِنْ مُسْلِمٍ أَخْرَجَ الْكَافِرَ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ كَوْنَ مَا أُكِلَ مِنْهُ يَكُونُ لَهُ صَدَقَةً وَالْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ الثَّوَابُ فِي الْآخِرَةِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ نَعَمْ مَا أُكِلَ مِنْ زَرْعِ الْكَافِرِ يُثَابُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ بِذَلِكَ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يُرْزَقْ فِي الدُّنْيَا وَفَقَدَ الْعَافِيَةَ .

     قَوْلُهُ  أَوْ يَزْرَعُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الزَّرْعَ غَيْرُ الْغَرْسِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُسْلِمٌ كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَلِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ.

     وَقَالَ  لنا مُسلم وَهُوَ بن إِبْرَاهِيم وَأَبَان هُوَ بن يَزِيدَ الْعَطَّارُ وَالْبُخَارِيُّ لَا يُخَرِّجُ لَهُ إِلَّا اسْتِشْهَادًا وَلَمْ أَرَ لَهُ فِي كِتَابِهِ شَيْئًا مَوْصُولًا إِلَّا هَذَا وَنَظِيرُهُ عِنْدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ لَا يُخَرِّجُ لَهُ إِلَّا اسْتِشْهَادًا وَوَقَعَ عِنْدَهُ فِي الرِّقَاقِ قَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ وَهِيَ قَالَ لَنَا يَسْتَعْمِلُهَا الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا اسْتُقْرِئَ مِنْ كِتَابِهِ فِي الِاسْتِشْهَادَاتِ غَالِبًا وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلَهَا فِي الْمَوْقُوفَاتِ ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هُنَا إِسْنَادَ أَبَانَ وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نَخْلًا لِأُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ فَقَالُوا مُسْلِمٌ قَالَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ كَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَبَاقِيهِ فَقَالَ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ طَيْرٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا بِلَفْظِ سَبُعٌ بَدَلَ بَهِيمَةٍ وَفِيهَا إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً فِيهَا أَجْرٌ وَمِنْهَا أُمِّ مُبَشِّرٍ أَوْ أُمِّ مَعْبَدٍ عَلَى الشَّكِّ وَفِي أُخْرَى أُمِّ مَعْبَدٍ بِغَيْرِ شَكٍّ وَفِي أُخْرَى امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَهِيَ وَاحِدَةٌ لَهَا كُنْيَتَانِ وَقِيلَ اسْمُهَا خُلَيْدَةُ وَفِي أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِهَا وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ وَالْحَضُّ عَلَى عِمَارَةِ الْأَرْضِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ اتِّخَاذُ الضَّيْعَةِ وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا وَفِيهِ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَزَهِّدَةِ وَحُمِلَ مَا وَرَدَ مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا إِذَا شَغَلَ عَنْ أَمْرِ الدِّينِ فَمِنْهُ حَدِيثُ بن مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا الْحَدِيثَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ عَنْ أَمْرِ الدِّينِ وَحَمْلَ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى اتِّخَاذِهَا لِلْكَفَافِ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَتَحْصِيلِ ثَوَابِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَا دَامَ الْغَرْسُ أَوِ الزَّرْعُ مَأْكُولًا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ زَارِعُهُ أَوْ غَارِسُهُ وَلَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمُتَعَاطِي الزَّرْعِ أَوِ الْغَرْسِ وَلَوْ كَانَ مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ ثُمَّ سَأَلَهَا عَمَّنْ غَرْسَهُ قَالَ الطِّيبِيُّ نَكَّرَ مُسْلِمًا وَأَوْقَعَهُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَزَادَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِيَّةَ وَعَمَّ الْحَيَوَانَ لِيَدُلَّ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ عَلَى أَنَّ أَيَّ مُسْلِمٍ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُطِيعًا أَوْ عَاصِيًا يَعْمَلُ أَيَّ عَمَلٍ مِنَ الْمُبَاحِ يَنْتَفِعُ بِمَا عَمِلَهُ أَيُّ حَيَوَانٍ كَانَ يَرْجِعُ نَفْعُهُ إِلَيْهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ نِسْبَةِ الزَّرْعِ إِلَى الْآدَمِيِّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ حَدِيثٌ غَيْرُ قوي أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ زَرَعْتُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ حَرَثْتُ أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أم نَحن الزارعون وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ أَبِي مُسلم الْجرْمِي قَالَ فِيهِ بن حِبَّانَ رُبَّمَا أَخْطَأَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ بِمِثْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرِ مَرْفُوعٍ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُهَلَّبُ أَنَّ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ كَانَ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَفِي أَخْذِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بُعْدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ فِي كتاب الْبيُوع وَالله الْمُوفق

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  كتاب الحرث والمزارعة
( بسم الله الرحمن الرحيم) .
( كتاب الحرث) أي الزرع ( والمزارعة) وهي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها فإن كان من العامل فهي مخابرة وهما إن أفردتا عن المساقاة باطلتان للنهي عن المزارعة في مسلم وعن المخابرة في الصحيحين، ولأن تحصيل منفعة الأرض ممكنة بالإجارة فلم يجز العمل عليها ببعض ما يخرج منها كالمواشي بخلاف الشجر فإنه لا يمكن عقد الإجارة عليها فجوّزت المساقاة، واختار في الروضة تبعًا لابن المنذر وابن خزيمة والخطابي صحتهما وحمل أخبار النهي على ما إذا شرط لأحدهما زرع قطعة معينة وللآخر أخرى وعلى الأوّل فيشترط تقديم المساقاة على المزارعة بأن يقول: ساقيتك وزارعتك، فلو قال: زارعتك وساقيتك أو فصل بينهما لم يصح لانتفاء التبعية فإن خابره تبعًا لم يصح كما لو أفردها وفارقت المزارعة بأن المزارعة أشبه بالمساقاة وورد الخبر بصحتها بخلاف المخابرة.

باب فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ.
وَقَوْلِهِ الله: { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 63 - 65]
( باب فضل الزرع والغرس) قال في القاموس: زرع كمنع طرح البذر كازدرع وأصله ازترع أبدلوها دالاً لتوافق الزاي والله أنبت وغرس الشجر أثبته في الأرض كأغرسه والغرس المغروس ( إذا كل منه) قيد في فضيلة كل منهما ولأبي ذر كتاب الحرث بفح الحاء وسكون الراء المهملتين آخره مثلثة وله عن الحموي في الحرث وإسقاط كتاب، وله أيضًا عن الكشميهني كتاب المزارعة مع تأخير البسملة فيها وسقط له قوله ما جاء في الحرث والمزارعة، وقوله باب وما بعده ثابت عنده وحينئذٍ

فيكون قوله فضل الزرع مرفوعًا على ما لا يخفى، وهذا ما في الفرع وأصله وفي فتح الباري، عن النسفيّ كالكشميهني باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه بسم الله الرحمن الرحيم.
وزاد النسفيّ فقال: باب ما جاء في الحرث والمزارعة وفضل الزرع، ومثله للأصيلي وكريمة إلا أنهما حذفا لفظ كتاب المزارعة، وللمستملي: كتاب الحرث، وقدم الحموي البسملة وقال في الحرث بدل كتاب الحرث.

( وقوله تعالى) بالجرّ عطفًا على السابق، ولأبي ذر وقول الله تعالى بالرفع على الاستئناف: ( { أفرأيتم ما تحرثون} ) تبذرون حبه ( { أأنتم تزرعونه} ) تنبتونه ( { أم نحن الزارعون} ) المنبتون ( { لو نشاء لجعلناه حطامًا} ) [الواقعة: 16] هشيمًا وإنما نسب سبحانه وتعالى الحرث إلينا والزرع إليه جلّ جلاله، وإن كانت الأفعال كلها له سبحانه حرثًا وبذرًا وغير ذلك لأن المراد بالزرع هنا الإنبات لا البذر وذلك خصائص القدرة القديمة، ووجه الاستدلال بهذه الآية على إباحة الحرث أن الله تعالى امتنّ علينا بإنبات ما نحرثه فدلّ على أن الحرث جائز إذ لا يمتنّ بممنوع.


[ قــ :2223 ... غــ : 2320 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ح.

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».
وقال لنا مسلمٌ حدثنا أبانُ حدثنا قتادة حدثنا أنسٌ عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 2320 - طرفه في: 6012] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( ح) مهملة وينطق بها كذلك علامة لتحويل السند قال المؤلّف بالسند:
( وحدّثني عبد الرحمن بن المبارك) بن عبد الله العيشي بعين مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فشين معجمة منسوب إلى بني عائش قال: ( حدّثنا أبو عوانة عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس) ولأبي ذر: أنس بن مالك ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله) ولأبي ذر: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما من مسلم يغرس غرسًا) بمعنى المغروس أي شجرًا ( أو يزرع زرعًا) مزروعًا وأو للتنويع لأن الزرع غير الغرس ( فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) بالرفع اسم كان والتعبير بالمسلم يخرج الكافر فيختص الثواب في الآخرة بالمسلم دون الكافر لأن القرب إنما تصح من المسلم فإن تصدق الكافر أو فعل شيئًا من وجوه البر لم يكن له أجر في الآخرة.
نعم ما أكل من زرع الكافر يثاب عليه في الدنيا كما ثبت دليله، وأما من قال يخفف عنه بذلك من عذاب الآخرة فيحتاج إلى دليل.


وفي حديث عائشة عند مسلم قلت: يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال: "لا ينفعه إن لم يقل يومًا ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين" يعني لم يكن مصدقًا بالبعث ومن لم يصدق به كافر ولا ينفعه عمل.
ونقل عياض الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشد عذابًا من بعضهم بحسب جرائمهم.

وأما حديث أبي أيوب الأنصاري عند أحمد مرفوعًا: ما من رجل يغرس غرسًا وحديث ما من عبد فظاهرهما يتناول المسلم والكافر لكن يحمل المطلق على المقيد والمراد بالمسلم الجنس فتدخل المرأة المسلمة.

( وقال لنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال العيني كابن حجر: كذا بإثبات لنا للأصيلي وكريمة وأبي ذر وفي رواية النسفيّ وآخرين وقال مسلم بدون لفظة لنا ( حدّثنا أبان) ابن يزيد العطار قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: ( حدّثنا أنس) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يسق متن هذا السند لأن غرضه منه التصريح بالتحديث من قتادة عن أنس، وقد أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن مسلم بن إبراهيم المذكور بلفظ: أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى نخلاً لأم مبشر امرأة من الأنصار فقال: "من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر"؟ قالوا: مسلم بنحو حديثهم كذا عند مسلم فأحال به على ما قبله، وقد بيّنه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم، وباقيه: لا يغرس مسلم غرسًا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابّة إلا كان له صدقة، وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طرق عن جابر قال في بعضها فيأكل منه سبع أو طائر أو شيء إلا كان له فيه أجر، وفي أخرى: فيأكل منه إنسان ولا دابّة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة.
ومقتضاه أن ثواب ذلك مستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولاً منه ولو مات غارسه أو زارعه ولو انتقل ملكه إلى غيره.

قال ابن العربي: في سعة كرم الله أن يثيب على ما بعد الحياة كما كان يثيب ذلك في الحياة وذلك في ستة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو غرس، أو زرع، أو رباط فللمرابط ثواب عمله إلى يوم القيامة انتهى.

ونقل الطيبي عن محيي السُّنّة أنه روى أن رجلاً مرّ بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عامًا.
قال: ما عليّ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري.
قال: وذكر أبو الوفاء البغدادي أنه مرّ أنو شروان على رجل يغرس شجر الزيتون فقال له: ليس هذا أوان غرسك الزيتون وهو شجر بطيء الأثمار، فأجابه غرس من قبلنا فأكلنا ونغرس ليأكل من بعدنا.
فقال أنو شروان: زه أي أحسنت، وكان إذا قال زه يعطي من قيلت له أربعة آلاف درهم فقال: أيها الملك كيف تعجب من شجري وإبطاء ثمره فما أسرع ما أثمر.
فقال: زه فزيد أربعة آلاف درهم أخرى.
فقال: كل شجر يثمر في العام مرة وقد أثمرت شجرتي في ساعة

مرتين.
فقال: زه فزيد مثلها فمضى أنو شروان فقال: إن وقفنا عليه لم يكفه ما في خزائننا.

ثم إن حصول هذه الصدقة المذكورة يتناول حتى من غرسه لعياله أو لنفقته لأن الإنسان يُثاب على ما سرق له وإن لم ينوِ ثوابه ولا يختصّ حصول ذلك بمن يباشر الغراس أو الزراعة بل يتناول من استأجر لعمل ذلك والصدقة حاصلة حتى فيما عجز عن جمعه كالسنبل المعجوز عنه بالحصيدة فيأكل منه حيوان فإنه مندرج تحت مدلول الحديث.

واستدلّ به على أن الزراعة أفضل المكاسب وقال به كثيرون، وقيل الكسب باليد، وقيل التجارة، وقد يقال كسب اليد أفضل من حيث الحلّ والزرع من حيث عموم الانتفاع، وحينئذٍ فينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الحال فحيث احتيج إلى الأقوات أكثر تكون الزراعة أفضل للتوسعة على الناس، وحيث احتيج إلى المتجر لانقطاع الطرق تكون التجارة أفضل، وحيث احتيج إلى الصنائع تكون أفضل والله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه المصنف أيضًا في الأدب والترمذي في الأحكام.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (كتاب المُزَارَعَةِ) أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْمُزَارعَة، وَهِي مفاعلة من الزَّرْع، والزراعة هِيَ الْحَرْث والفلاحة، وَتسَمى: مخابرة ومحاقلة، ويسميها أهل الْعرَاق: القراح، وَفِي الْمغرب: القراح من الأَرْض كل قِطْعَة على حيالها لَيْسَ فِيهَا شجر وَلَا شائب سبخ، وَتجمع على: أقرحة، كمكان وأمكنة.
وَفِي الشَّرْع: الْمُزَارعَة عقد على زرع بِبَعْض الْخَارِج، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: كتاب الْحَرْث، وَفِي بعض النّسخ: كتاب الْحَرْث والزراعة.
(بابُُ فَضْلِ الزَّرْعِ والْغِرْسِ إذَا اكِلَ مِنه)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الزِّرَاعَة وغرس الْأَشْجَار إِذا أكل مِنْهُ، أَي: من كل وَاحِد من الزَّرْع وَالْغَرْس، وَهَذَا الْقَيْد لَا بُد مِنْهُ لحُصُول الْأجر، وَهَذِه التَّرْجَمَة كَذَا هِيَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ والكشميهني بعد قَوْله: كتاب الْمُزَارعَة، إلاَّ أَنَّهُمَا أخرا الْبَسْمَلَة عَن كتاب الْمُزَارعَة، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْث والمزارعة، وَفضل الزَّرْع، وَلم يذكر فِيهِ كتاب الْمُزَارعَة، قيل: هُوَ للأصيلي وكريمة.

وقَوْلِهِ تعالَى: { أفَرَأيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاما} (الْوَاقِعَة: 36، 56) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: فضل الزَّرْع، وَذكر هَذِه الْآيَة لاشتمالها على الْحَرْث وَالزَّرْع، وَأَيْضًا تدل على إِبَاحَة الزَّرْع من جِهَة الامتنان بِهِ، وفيهَا وَفِي الْآيَات الَّتِي قبلهَا رد وتبكيت على الْمُشْركين الَّذين قَالُوا: نَحن موجودون من نُطْفَة حدثت بحرارة كائنة، وأنكروا الْبَعْث والنشور بِأُمُور ذكرت فِيهَا، من جُمْلَتهَا قَوْله: أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ؟ أَي تثيرون فِي الأَرْض وتعملون فِيهَا وتطرحون البذار، أأنتم تزرعونه أَي تنبتونه وتردونه نباتاً ينمي إِلَى أَن يبلغ الْغَايَة.
قَوْله تَعَالَى: { لَو نشَاء لجعلناه حطاماً} (الْوَاقِعَة: 36، 56) .
أَي: هشيماً لَا ينْتَفع بِهِ وَلَا تقدرون على مَنعه، وَقيل: نبتاً لَا قَمح فِيهِ، فظللتم تفكهون أَي: تفجعون، وَقيل: تَحْزَنُونَ، وَهُوَ من الأضداد، تَقول الْعَرَب: تفكهت أَي تنعمت وتفكهت، أَي: حزنت، وَقيل: التفكه التَّكَلُّم فِيمَا لَا يَعْنِيك، وَمِنْه قيل للمزاح: فكاهة، وَأخذُوا من قَوْله: أم نَحن الزارعون؟ أَن لَا يَقُول أحد: زرعت، وَلَكِن يَقُول: حرثت، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يَقُولَن أحدكُم: زرعت، وَليقل: حرثت) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: (ألم تسمعوا قَول الله تَعَالَى: { أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ أأنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون} (الْوَاقِعَة: 36، 56) .
قلت: هَذَا الحَدِيث أخرجه ابْن أبي حَاتِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَفِي تَفْسِير عبد ابْن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن، يَعْنِي السّلمِيّ، أَنه كره أَن يُقَال: زرعت، وَيَقُول حرثت.



[ قــ :2223 ... غــ :2320 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدثنَا أَبُو عَوَانَةَ ح وحدَّثني عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ المُبَارَكِ قَالَ حدَّثنا أَبُو عَوانَةَ عنْ قَتَادَةَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مِنْ مُسلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً أوْ يَزْرَعُ زَرْعاً فَيأكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أوْ إنْسانٌ أوْ بَهِيمَةٌ إلاَّ كانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ.
(الحَدِيث 0232 طرفه فِي: 2106) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرجه بطريقين عَن شيخين: أَحدهمَا: عَن قُتَيْبَة عَن أبي عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي عَن قَتَادَة.
وَالْآخر: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك بن عبد الله الْعَبْسِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، ويروي عَن قَتَادَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي الْوَلِيد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَحْكَام عَن قُتَيْبَة.

وَقَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن أبي أَيُّوب، وَأم مُبشر، وَجَابِر، وَزيد بن خَالِد.
قلت: أما حَدِيث: أبي أَيُّوب فَأخْرجهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا من رجل يغْرس غرساً إلاَّ كتب الله لَهُ من الْأجر قدر مَا يخرج من ثَمَر ذَلِك الْغَرْس) .
وَأما حَدِيث أم مُبشر فَأخْرجهُ مُسلم فِي أَفْرَاده من رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن أم مُبشر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث عَطاء، وَأبي الزبير وَعَمْرو بن دِينَار عَن جَابر، وَلم يسق لَفظه.
وَأما حَدِيث جَابر فَأخْرجهُ مُسلم أَيْضا فِي أَفْرَاده من رِوَايَة عبد الْملك بن سُلَيْمَان الْعَزْرَمِي عَن عَطاء عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول للهلله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا من مُسلم يغْرس غرسا إلاَّ كَانَ مَا أكل مِنْهُ لَهُ صَدَقَة، وَمَا سرق مِنْهُ لَهُ صَدَقَة، وَمَا أكل السَّبع فَهُوَ لَهُ صَدَقَة، وَمَا أكلت الطير فَهُوَ لَهُ صَدَقَة، وَلَا يزراه أحدا إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَة) .
وَأخرجه أَيْضا من رِوَايَة اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أم معبد أَو أم مُبشر الْأَنْصَارِيَّة فِي نخل لَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من غرس هَذَا النّخل أمسلم أم كَافِر؟ فَقَالَت: بل مُسلم، فَقَالَ: (لَا يغْرس مُسلم غرساً، وَلَا يزرع زرعا فيأكل مِنْهُ إنس ان وَلَا دَابَّة وَلَا شَيْء إلاَّ كَانَت لَهُ صَدَقَة) .
وَأخرجه أَيْضا من رِوَايَة زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار أَنه سمع جَابر بن عبد الله، يَقُول: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم معبد وَلم يشك، فَذكر نَحوه، قلت: أم مُبشر هَذِه هِيَ امْرَأَة زيد بن حَارِثَة، كَمَا ورد فِي (الصَّحِيح) فِي بعض طرق الحَدِيث،.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو: يُقَال: إِنَّهَا أم بشر بنت البرار بن معْرور،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَيُقَال: إِن فِيهَا أَيْضا أم بشير، قَالَ: فَحصل أَنه يُقَال لَهَا أم مُبشر وَأم معبد وَأم بشير، قيل: اسْمهَا خليدة، بِضَم الْخَاء وَلم يَصح.
وَأما حَدِيث زيد بن خَالِد ... .
.


....
     وَقَالَ  شَيخنَا فِي شرح هَذَا الحَدِيث: وَفِي الْبابُُ مِمَّا لم يذكرهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء والسائب بن خَلاد ومعاذ بن أنس وصحابي لم يسم.
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) عَنهُ: أَن رجلا مر بِهِ وَهُوَ يغْرس غرسا بِدِمَشْق، فَقَالَ: أتفعل هَذَا وَأَنت صَاحب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: لَا تعجل عَليّ، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من غرس غرساً لم يَأْكُل مِنْهُ آدَمِيّ وَلَا خلق من خلق الله إلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَة) .
وَأما حَدِيث السَّائِب بن خَلاد فَأخْرجهُ أَحْمد أَيْضا من رِوَايَة خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من زرع زرعا فَأكل مِنْهُ الطير أَو الْعَافِيَة كَانَ لَهُ صَدَقَة) .
وَأما حَدِيث معَاذ بن أنس، فَأخْرجهُ أَحْمد أَيْضا عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من بنى بَيْتا فِي غير ظلم وَلَا اعتداء، أَو غرس غرساً فِي غير ظلم وَلَا اعتداء، كَانَ لَهُ أجرا جَارِيا مَا انْتفع من خلق الرَّحْمَن تبَارك وَتَعَالَى أحد) ، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوَكُّل.
وَأما حَدِيث الصَّحَابِيّ الَّذِي لم يسم، فَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا من رِوَايَة: فنج، بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد النُّون وبالجيم، قَالَ: كنت أعمل فِي الدينباد وأعالج فِيهِ، فَقدم يعلى بن أُميَّة أَمِيرا على الْيمن، وَجَاء مَعَه رجال من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجَاءَنِي رجل مِمَّن قدم مَعَه، وَأَنا فِي الزَّرْع، وَفِي كمه جوز، فَذكر الحَدِيث، وَفِيه فَقَالَ رجل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذني هَاتين يَقُول: (من نصب شَجَرَة فَصَبر على حفظهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا حَتَّى تثمر كَانَ لَهُ فِي كل شَيْء يصاب من ثَمَرهَا صَدَقَة، عِنْد الله، عز وَجل) .
قلت: وَعند يحيى بن آدم: حَدثنَا عبد السَّلَام بن حَرْب حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي فَرْوَة عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن أبي أسيد، يرفعهُ: (من زرع زرعا أَو غرس غرساً فَلهُ أجر مَا أَصَابَت مِنْهُ العوافي) وَذكر عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي (الْمُنْتَخب) بِإِسْنَاد حسن عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن قَامَت السَّاعَة وبيد أحدكُم فسيلة، فاستطاع أَن لَا تقوم حَتَّى يغرسها فليغرسها) .

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: فضل الْغَرْس وَالزَّرْع، وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَن الزِّرَاعَة أفضل المكاسب، وَاخْتلف فِي أفضل المكاسب، فَقَالَ النَّوَوِيّ: أفضلهَا الزِّرَاعَة، وَقيل: أفضلهَا الْكسْب بِالْيَدِ، وَهِي الصَّنْعَة، وَقيل: أفضلهَا التِّجَارَة، وَأكْثر الْأَحَادِيث تدل على أَفضَلِيَّة الْكسْب بِالْيَدِ.
وروى الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) من حَدِيث أبي بردة، قَالَ: (سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْكسْب أطيب؟ قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور) ..
     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَقد يُقَال: هَذَا أطيب من حَيْثُ الْحل، وَذَاكَ أفضل من حَيْثُ الِانْتِفَاع الْعَام، فَهُوَ نفع مُتَعَدٍّ إِلَى غَيره، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيَنْبَغِي أَن يخْتَلف الْحَال فِي ذَلِك باخْتلَاف حَاجَة النَّاس، فَحَيْثُ كَانَ النَّاس مُحْتَاجين إِلَى الأقوات أَكثر، كَانَت الزِّرَاعَة أفضل، للتوسعة على النَّاس، وَحَيْثُ كَانُوا مُحْتَاجين إِلَى المتجر لانْقِطَاع الطّرق كَانَت التِّجَارَة أفضل، وَحَيْثُ كَانُوا مُحْتَاجين إِلَى الصَّنَائِع أَشد، كَانَت الصَّنْعَة أفضل، وَهَذَا حسن.
وَفِيه: أَن الثَّوَاب الْمُتَرَتب على أَفعَال الْبر فِي الْآخِرَة يخْتَص بِالْمُسلمِ دون الْكَافِر، لِأَن الْقرب إِنَّمَا تصح من الْمُسلم، فَإِن تصدق الْكَافِر أَو بنى قنطرة للمارة أَو شَيْئا من وُجُوه الْبر لم يكن لَهُ أجر فِي الْآخِرَة، وَورد فِي حَدِيث آخر: أَنه يطعم فِي الدنيابذلك، ويجازى بِهِ من دفع مَكْرُوه عَنهُ، وَلَا يدّخر لَهُ شَيْء مِنْهُ فِي الْآخِرَة.
فَإِن قلت: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: مَا من عبد وَهُوَ يتَنَاوَل الْمُسلم وَالْكَافِر.
قلت: يحمل الْمُطلق على الْمُقَيد.
وَفِيه: أَن الْمَرْأَة تدخل فِي قَوْله: مَا من مُسلم، لِأَن هَذَا اللَّفْظ من الْجِنْس الَّذِي إِذا كَانَ الْخطاب بِهِ يدْخل فِيهِ الْمَرْأَة، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يرد بِهَذَا اللَّفْظ أَن الْمسلمَة إِذا فعلت هَذَا الْفِعْل لم يكن لَهَا هَذَا الثَّوَاب، بل الْمسلمَة فِي هَذَا الْفِعْل فِي اسْتِحْقَاق الثَّوَاب مثل الْمُسلم سَوَاء.
وَفِيه: حُصُول الْأجر للغارس والزارع، وَإِن لم يقصدا ذَلِك، حَتَّى لَو غرس وَبَاعه أَو زرع وَبَاعه كَانَ لَهُ بذلك صَدَقَة لتوسعته على النَّاس فِي أقواتهم، كَمَا ورد الْأجر للجالب، وَإِن كَانَ يَفْعَله للتِّجَارَة والاكتساب.
فَإِن قلت: فِي بعض طرق حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم: إلاَّ كَانَت لَهُ صَدَقَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَقَوله: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، هَل يُرِيد بِهِ أَن أجره لَا يَنْقَطِع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَإِن فني الزَّرْع وَالْغِرَاس؟ أَو يُرِيد مَا بَقِي من ذَلِك الزَّرْع وَالْغِرَاس مُنْتَفعا بِهِ، وَإِن بَقِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة؟ قلت: الظَّاهِر أَن المُرَاد الثَّانِي.
وَزَاد النَّوَوِيّ: أَن مَا يُولد من الْغِرَاس وَالزَّرْع كَذَلِك، فَقَالَ فِيهِ: إِن أجر فَاعل ذَلِك مُسْتَمر مَا دَامَ الْغِرَاس وَالزَّرْع وَمَا يُولد مِنْهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِيه: أَن الْغَرْس وَالزَّرْع واتخاذ الصَّنَائِع مُبَاح وَغير قَادِح فِي الزّهْد، وَقد فعله كثير من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد ذهلب قوم من المتزهدة إِلَى أَن ذَلِك مَكْرُوه وقادح فِي الزّهْد، ولعلهم تمسكوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: (لَا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَة فتركنوا إِلَى الدُّنْيَا) ،.

     وَقَالَ : حَدِيث حسن، وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) .
وَأجِيب بِأَن هَذَا النَّهْي مَحْمُول على الاستكثار من الضّيَاع والانصراف إِلَيْهَا بِالْقَلْبِ الَّذِي يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الركون إِلَى الدُّنْيَا.
وَأما إِذا اتخذها غير مستكثر وقلل مِنْهَا، وَكَانَت لَهُ كفافاً وعفافاً، فَهِيَ مُبَاحَة غير قادحة فِي الزّهْد، وسبيلها كسبيل المَال الَّذِي اسْتَثْنَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (إلاَّ من أَخذه بِحقِّهِ وَوَضعه فِي حَقه) .
وَفِيه: الحض على عمَارَة الأَرْض لنَفسِهِ وَلمن يَأْتِي بعده.
.
وَفِيه: جَوَاز نِسْبَة الزَّرْع إِلَى الْآدَمِيّ، والْحَدِيث الَّذِي ورد فِيهِ الْمَنْع غير قوي، وَفِيه: قَالَ الطَّيِّبِيّ: نكر مُسلما فاوقعه فِي سِيَاق النَّفْي، وَزَاد: من، الاستغراقية، وَعم الْحَيَوَان ليدل على سَبِيل الْكِنَايَة، على أَن أَي مُسلم كَانَ حرا أَو عبدا مُطيعًا أَو عَاصِيا يعْمل أَي عمل من الْمُبَاح ينْتَفع بِمَا عمله أَي حَيَوَان كَانَ، يرجع نَفعه إِلَيْهِ ويثاب عَلَيْهِ.

وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حدَّثنا أبانُ قَالَ حدَّثنا أنَسٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كَذَا وَقع: قَالَ لنا مُسلم، فِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي وكريمة، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَآخَرين:.

     وَقَالَ  وَلمُسلم، بِدُونِ لفظ: لنا، وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ الفراهيدي مَوْلَاهُم القصاب الْبَصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبَان بن يزِيد الْعَطَّار،.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره عَن شَيْخه مُسلم بِغَيْر لفظ التحديث حَتَّى قَالَ بعض الْعلمَاء: إِنَّه مُعَلّق، وأبى ذَلِك الْحَافِظ أَبُو نعيم، فَزعم أَن البُخَارِيّ روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث.
وأتى بِهِ لتصريح قَتَادَة فِيهِ بِسَمَاعِهِ من أنس ليسلم من تَدْلِيس قَتَادَة.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن عبد بن حميد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أبان بن يزِيد الْعَطَّار حَدثنَا قَتَادَة (حَدثنَا أنس بن مَالك: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل نخلا لأم مُبشر امْرَأَة من الْأَنْصَار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من غرس هَذَا النّخل؟ مُسلم أَو كَافِر؟ قَالُوا: مُسلم) .
بنحوهم، يَعْنِي: بِنَحْوِ حَدِيث جَابر وَأنس وَأم معبد، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَقيل: إِن البُخَارِيّ لَا يخرج لأَبَان إلاَّ اسْتِشْهَادًا.
وَأجِيب: بِأَنَّهُ ذكر هُنَا إِسْنَاده وَلم يسق مَتنه، لِأَن غَرَضه بَيَان أَنه صرح بِالتَّحْدِيثِ عَن قَتَادَة عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.