هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2260 حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ : سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَيَحِلُّ أَمْ لَا ؟ فَإِنْ قَالَ لَكَ : لَا يَحِلُّ ، فَقُلْ لَهُ : إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ ، قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : لَا يَحِلُّ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ ، قُلْتُ : فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ ، قَالَ : بِئْسَ مَا قَالَ ، فَتَصَدَّانِي الرَّجُلُ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ ، فَقَالَ : فَقُلْ لَهُ : فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ ، قَالَ : فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : لَا أَدْرِي ، قَالَ : فَمَا بَالُهُ لَا يَأْتِينِي بِنَفْسِهِ يَسْأَلُنِي ؟ أَظُنُّهُ عِرَاقِيًّا ، قُلْتُ : لَا أَدْرِي ، قَالَ : فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ ، قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ ، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ ؟ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2260 حدثني هارون بن سعيد الأيلي ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو وهو ابن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن ، أن رجلا من أهل العراق قال له : سل لي عروة بن الزبير عن رجل يهل بالحج ، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا ؟ فإن قال لك : لا يحل ، فقل له : إن رجلا يقول ذلك ، قال فسألته فقال : لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج ، قلت : فإن رجلا كان يقول ذلك ، قال : بئس ما قال ، فتصداني الرجل فسألني فحدثته ، فقال : فقل له : فإن رجلا كان يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك ، وما شأن أسماء والزبير قد فعلا ذلك ، قال : فجئته فذكرت له ذلك ، فقال : من هذا ؟ فقلت : لا أدري ، قال : فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني ؟ أظنه عراقيا ، قلت : لا أدري ، قال : فإنه قد كذب ، قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة رضي الله عنها : أن أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ، ثم طاف بالبيت ، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم يكن غيره ، ثم عمر مثل ذلك ، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم يكن غيره ، ثم معاوية وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام ، فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم يكن غيره ، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ، ثم لم يكن غيره ، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر ، ثم لم ينقضها بعمرة ، وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه ؟ ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت ، ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبدآن بشيء أول من البيت تطوفان به ، ثم لا تحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط ، فلما مسحوا الركن حلوا وقد كذب فيما ذكر من ذلك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Muhammad b. 'Abd al-Rahman reported:

A person from Iraq said to him to inquire from 'Urwa b. Zubair for him whether a person who puts on Ihram for Hajj is allowed to put it off or not as he circumambulates the House. And if he says: No, it can't be put off, then tell him that there is a person who makes such an assertion. He (Muhammad b. 'Abd al-Rahman) then said: I asked him ( Urwa b. Zubair), where- upon he said: The person who has entered into the state of Ihram for Hajj cannot get out of it unless he has, completed the Hajj I (further) said (to him): (What) if a person makes that assertion? Thereupon he said: It is indeed unfortunate that he makes such an assertion. That person ('Iraqi) then met me and he asked me and I narrated to him (the reply of 'Urwa), whereupon he (the Iraqi) said: Tell him ('Urwa) that a person had informed him that Allah's Messenger (ﷺ) had done that; and why is it that Asma' and Zubair have done like this? He (Muhammad b. 'Abd al-Rahman) said: I went to him and made a mention of that to him, whereupon he ('Urwa) said: Who is he (the 'Iraqi)? I said: I do not know, whereupon he said: What is the matter that he does not come to me himself and ask me? I suppose he is an 'Iraqi. I said: I do not know, whereupon he said: He has told a lie. Allah's Messenger (ﷺ) performed Hajj, and 'A'isha (Allah be pleased with her) has told me that the first thing with which he commenced (the rituals) when he arrived at Mecca was that he performed ablution and then circumambulated the Ka'ba. Then Abu Bakr performed Hajj and the first thing with which he commenced (the Hajj) as the circumambulation of the Ka'ba and nothing besides it. So did 'Umar. Then 'Uthman performed Hajj and I saw that the first thing with which he commenced the Hajj was the circumambulation of the Ka'ba and nothing besides it. Then Mu'awiya and Abdullah b. 'Umar did that. Then I performed Hajj with my father Zubair b. al-'Awwam, and the first thing with which he commenced (Hajj) was the circumambulation of the House. He then did nothing besides it. I then saw the emigrants (Muhajirin) and the helpers (Ansar) doing like this and nothing besides it. And the last one whom I saw doing like this was Ibn 'Umar. And he did not break it (the Hajj) after performing 'Umra. And Ibn 'Umar is with them. Why don't they ask him (to testify it)? And none amongst those who had passed away commenced (the rituals of Hajj) but by circumambulating the Ka'ba on their (first arrival) and they did not put off Ihram (without completing the Hajj), and I saw my mother and my aunt commencing (their Hajj) with the circumambulation of the House, and they did not put off Ihram. My mother informed me that she came and her sister, and Zubair and so and so for 'Umra, and when they had kissed the corner (the Black Stone, after Sa'i and circumambulation), they put off Ihram. And he (the 'Iraqi) has told a lie in this matter.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    باب مَا يَلْزَمُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَتَرْكِ التَّحَلُّلِ
[ سـ :2260 ... بـ :1235]
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَيَحِلُّ أَمْ لَا فَإِنْ قَالَ لَكَ لَا يَحِلُّ فَقُلْ لَهُ إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ قُلْتُ فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ بِئْسَ مَا قَالَ فَتَصَدَّانِي الرَّجُلُ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ فَقُلْ لَهُ فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ قَالَ فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ فَمَا بَالُهُ لَا يَأْتِينِي بِنَفْسِهِ يَسْأَلُنِي أَظُنُّهُ عِرَاقِيًّا قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ

قَوْلُهُ : ( فَتَصَدَّانِيَ الرَّجُلُ ) أَيْ تَعَرَّضَ لِي هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( تَصَدَّانِي ) بِالنُّونِ ، وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ ( تَصَدَّى لِي ) .


قَوْلُهُ : ( أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ) فِيهِ دَلِيلٌ لِإِثْبَاتِ الْوُضُوءِ لِلطَّوَافِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ ) وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّتِهِ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ : هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ حَدِيثِ " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " يَقْتَضِيَانِ أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ ، لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَنَاسِكِ ، فَقَدْ أَمَرَنَا بِأَخْذِ الْمَنَاسِكِ .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ وَلَكِنَّ رَفْعَهُ ضَعِيفٌ .


وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَحْصُلُ بِهِ الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِصَحَابِيٍّ انْتَشَرَ ، وَإِذَا انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِلَا مُخَالَفَةٍ كَانَ حُجَّةً عَلَى الصَّحِيحِ .


قَوْلُهُ : ( ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ) وَكَذَا قَالَ فِيمَا بَعْدَهُ : ( وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( غَيْرُهُ ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ .
قَالَ : وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَصَوَابُهُ : ( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمِيمِ .
وَكَانَ السَّائِلُ لِعُرْوَةَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ نَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ ، وَاحْتَجَّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَأَعْلَمَهُ عُرْوَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ، وَلَا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ .
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
قُلْتُ : هَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ ( غَيْرُهُ ) تَصْحِيفٌ لَيْسَ كَمَا قَالَ ، بَلْ هُوَ صَحِيحٌ فِي الرِّوَايَةِ ، وَصَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ( غَيْرُهُ ) يَتَنَاوَلُ الْعُمْرَةَ وَغَيْرَهَا ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ أَيْ لَمْ يُغَيِّرِ الْحَجَّ وَلَمْ يَنْقُلْهُ وَيَنْسَخْهُ إِلَى غَيْرِهِ لَا عَمْرَةَ وَلَا قِرَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ) أَيْ مَعَ وَالِدِهِ الزُّبَيْرِ قَوْلُهُ : ( الزُّبَيْرِ ) بَدَلٌ مِنْ أَبِي .


قَوْلُهُ : ( وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ مَضَى مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ شَيْئًا حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ ) فِيهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ ، وَلَا يَفْعَلَ شَيْئًا قَبْلَهُ ، وَلَا يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ ، بَلْ أَوَّلُ شَيْءٍ يَصْنَعُهُ الطَّوَافُ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا .
وَقَوْلُهُ : ( يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ ) يَعْنِي يَصِلُونَ مَكَّةَ .
وَقَوْلُهُ : ( ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ ) فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ بِمُجَرَّدِ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا سَبَقَ .


قَوْلُهُ : ( وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا ) فَقَوْلُهَا : ( مَسَحُوا ) الْمُرَادُ بِالْمَاسِحِينَ مَنْ سِوَى عَائِشَةَ ، وَإِلَّا فَعَائِشَةُ لَمْ تَمْسَحِ الرُّكْنَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَلْ كَانَتْ قَارِنَةً ، وَمَنَعَهَا الْحَيْضُ مِنَ الطَّوَافِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَهَكَذَا قَوْلُ أَسْمَاءَ بَعْدَ هَذَا ( اعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ ) ، الْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا مَنْ سِوَى عَائِشَةَ ، وَهَكَذَا تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ ، وَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ حَجَّتِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ ، وَكَانَ الْمَذْكُورُونَ سِوَى عَائِشَةَ مُحْرِمِينَ بِالْعُمْرَةِ ، وَهِيَ عُمْرَةُ الْفَسْخِ الَّتِي فَسَخُوا الْحَجَّ إِلَيْهَا ، وَإِنَّمَا لَمْ تُسْتَثْنَ عَائِشَةُ لِشُهْرَةِ قِصَّتِهَا .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنَّ أَسْمَاءَ أَشَارَتْ إِلَى عُمْرَةِ عَائِشَةَ الَّتِي فَعَلَتْهَا بَعْدَ الْحَجِّ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ التَّنْعِيمِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَخَطَأٌ ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَفِيهَا أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ : ( خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ ) .
فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الزُّبَيْرَ لَمْ يَتَحَلَّلْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، فَيَجِبُ اسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ عَائِشَةَ ، أَوْ يَكُونُ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ وَتَحَلُّلُهُ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَقَوْلُهَا : ( فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا ) هَذَا مُتَأَوَّلٌ عَنْ ظَاهِرِهِ ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ هُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ، وَمَسْحُهُ يَكُونُ فِي أَوَّلِ الطَّوَافِ ، وَلَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِمُجَرَّدِ مَسْحِهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَقْدِيرُهُ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ وَأَتَمُّوا طَوَافَهُمْ وَسَعْيَهُمْ وَحَلَقُوا أَوْ قَصَّرُوا أَحَلُّوا .
وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ هَذَا الْمَحْذُوفِ ، وَإِنَّمَا حَذَفْتُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ قَبْلَ إِتْمَامِ الطَّوَافِ .
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنَ السَّعْيِ بَعْدَهُ ، ثُمَّ الْحَلْقِ أَوَ التَّقْصِيرِ ، وَشَذَّ بَعْضُ السَّلَفِ فَقَالَ : السَّعْيُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ .
وَلَا حُجَّةَ لِهَذَا الْقَائِلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ كَمَا ذَكَرْنَا لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِبَاقِي الْأَحَادِيثِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .