هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2276 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنَ البَحْرَيْنِ ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ : حَتَّى تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا ، قَالَ : سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2276 حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت أنسا رضي الله عنه ، قال : أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع من البحرين ، فقالت الأنصار : حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا ، قال : سترون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas:

The Prophet (ﷺ) decided to grant a portion of (the uncultivated land of) Bahrain to the Ansar. The Ansar said, (We will not accept it) till you give a similar portion to our emigrant brothers (from Quraish). He said, (O Ansar!) You will soon see people giving preference to others, so remain patient till you meet me (on the Day of Resurrection).

Yahya ibn Sa'îd rapporte: J'ai entendu 'Anas (radiallahanho) dire: «Comme le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) voulait donner une partie du Bahrayn [aux Ansâr], ceuxci dirent: [Nous n'accepterons] que si tu donnes à nos frères Muhajir comme tu veux nous donner. — Après ma mort, répondit le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) , vous allez voir un certain égoïsme(1); eh bien! soyez patients jusqu'à ce que vous me rencontriez [au Jour de la Résurrection]! »

":"ہم سے سلیمان بن حرب نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے حماد نے بیان کیا ، ان سے یحییٰ بن سعید نے بیان کیا ، کہا کہ میں نے انس رضی اللہ عنہ سے سنا ، انہوں نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے بحرین میں کچھ قطعات اراضی بطور جاگیر ( انصار کو ) دینے کا ارادہ کیا تو انصار نے عرض کیا کہ ہم جب لیں گے کہ آپ ہمارے مہاجر بھائیوں کو بھی اسی طرح کے قطعات عنایت فرمائیں ۔ اس پر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میرے بعد ( دوسرے لوگوں کو ) تم پر ترجیح دی جایا کرے گی تو اس وقت تم صبر کرنا ، یہاں تک کہ ہم سے ( آخرت میں آ کر ) ملاقات کرو ۔

Yahya ibn Sa'îd rapporte: J'ai entendu 'Anas (radiallahanho) dire: «Comme le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) voulait donner une partie du Bahrayn [aux Ansâr], ceuxci dirent: [Nous n'accepterons] que si tu donnes à nos frères Muhajir comme tu veux nous donner. — Après ma mort, répondit le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) , vous allez voir un certain égoïsme(1); eh bien! soyez patients jusqu'à ce que vous me rencontriez [au Jour de la Résurrection]! »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2376] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَوَقَعَ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ لِحَمَّادٍ مِنْ يَحْيَى .

     قَوْلُهُ  أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ يَعْنِي لِلْأَنْصَارِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ دَعَا الْأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ لِيُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنَ أَوْ طَائِفَةً مِنْهَا وَكَأَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ حَمَّادٍ فَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْجِزْيَةِ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ دَعَا الْأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنَ وَلَهُمْ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُمْ إِقْطَاعًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَوَاتَ مِنْهَا لِيَتَمَلَّكُوهُ بِالْإِحْيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْعَامِرَ مِنْهَا لَكِنْ فِي حَقِّهِ مِنَ الْخُمُسِ لِأَنَّهُ كَانَ تَرَكَ أَرْضَهَا فَلَمْ يَقْسِمْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّهُمْ بِتَنَاوُلِ جِزْيَتِهَا وَبِهِ جَزَمَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وبن قرقول وَوَجهه بن بَطَّالٍ بِأَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ لَا تُقْسَمُ فَلَا تملك.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِنَّمَا يُسَمَّى إِقْطَاعًا إِذَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا يُقْطَعُ مِنْ حَقِّ مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهَدٍ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْطَاعُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إِقْطَاعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ الدُّورَ يَعْنِي أَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ فِي دُورِ الْأَنْصَارِ بِرِضَاهُمُ انْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْخُمُسِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ أَجْلَاهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إِيَّاهَا وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا إِقْطَاعًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ الْأَنْصَارَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْبَحْرَيْنِ أَمَّا النَّاجِزُ يَوْمَ عَرْضِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا صَالَحُوا عَلَيْهَا.

.
وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَتِ الْفُتُوحُ فَخَرَاجُ الْأَرْضِ أَيْضًا وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَرَاضٍ بَعْدَ فَتْحِهَا وَقَبْلَ فَتْحِهَا مِنْهَا إِقْطَاعُهُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ بَيْتَ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا فُتِحَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ نَجَزَ ذَلِكَ لِتَمِيمٍ وَاسْتَمَرَّ فِي أَيْدِي ذُرِّيَّتِهِ مِنَ ابْنَتِهِ رُقَيَّةَ وَبِيَدِهِمْ كِتَابٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ ذكرهَا بن سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ يَعْنِي بِسَبَب قِلَّةِ الْفُتُوحِ يَوْمَئِذٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا وَأَغْرَبَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِعْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَقْطَعَ الْمُهَاجِرِينَ أَرْضَ بَنِي النَّضِيرِ .

     قَوْلُهُ  سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ مِنِ اسْتِئْثَارِ الْمُلُوكِ مِنْ قُرَيْشٍ عَنِ الْأَنْصَارِ بِالْأَمْوَالِ وَالتَّفْضِيلِ فِي الْعَطَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ) أَيْ لِتَكُونَ تَوْثِقَةً بِيَدِ الْمُقْطَعِ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ عَنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْقَطَائِعِ)
جَمْعُ قَطِيعَةٍ تَقُولُ قَطَعْتُهُ أَرْضًا جَعَلْتُهَا لَهُ قَطِيعَةً وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَخُصُّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الرَّعِيَّةِ مِنَ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَيَصِيرُ أَوْلَى بِإِحْيَائِهِ مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْ إِلَى إِحْيَائِهِ وَاخْتِصَاصُ الْإِقْطَاعِ بِالْمَوَاتِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْإِقْطَاعَ تَسْوِيغُ الْإِمَامِ مِنْ مَالِ اللَّهِ شَيْئًا لِمَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِذَلِكَ قَالَ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا لِمَنْ يَرَاهُ مَا يَحُوزُهُ إِمَّا بِأَنْ يُمَلِّكَهُ إِيَّاهُ فَيُعَمِّرَهُ وَإِمَّا بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ غَلَّتَهُ مُدَّةً انْتَهَى قَالَ السُّبْكِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا هَذَا إِقْطَاعًا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقٍ فِقْهِيٍّ مُشْكِلٍ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمُقْطَعِ بِذَلِكَ اخْتِصَاصٌ كَاخْتِصَاصِ الْمُتَحَجِّرِ لَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ بِذَلِكَ انْتَهَى وَبِهَذَا جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ تَخْصِيصِ الْإِمَامِ بَعْضَ الْجُنْدِ بِغَلَّةِ أَرْضٍ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :2276 ... غــ :2376] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَوَقَعَ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ لِحَمَّادٍ مِنْ يَحْيَى .

     قَوْلُهُ  أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ يَعْنِي لِلْأَنْصَارِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ دَعَا الْأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنَ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ لِيُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنَ أَوْ طَائِفَةً مِنْهَا وَكَأَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ حَمَّادٍ فَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْجِزْيَةِ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ دَعَا الْأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنَ وَلَهُمْ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُمْ إِقْطَاعًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَوَاتَ مِنْهَا لِيَتَمَلَّكُوهُ بِالْإِحْيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْعَامِرَ مِنْهَا لَكِنْ فِي حَقِّهِ مِنَ الْخُمُسِ لِأَنَّهُ كَانَ تَرَكَ أَرْضَهَا فَلَمْ يَقْسِمْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّهُمْ بِتَنَاوُلِ جِزْيَتِهَا وَبِهِ جَزَمَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وبن قرقول وَوَجهه بن بَطَّالٍ بِأَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ لَا تُقْسَمُ فَلَا تملك.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِنَّمَا يُسَمَّى إِقْطَاعًا إِذَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا يُقْطَعُ مِنْ حَقِّ مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهَدٍ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْطَاعُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إِقْطَاعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ الدُّورَ يَعْنِي أَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ فِي دُورِ الْأَنْصَارِ بِرِضَاهُمُ انْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْخُمُسِ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ أَجْلَاهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَلَّكَهُ إِيَّاهَا وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا إِقْطَاعًا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَخُصَّ الْأَنْصَارَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْبَحْرَيْنِ أَمَّا النَّاجِزُ يَوْمَ عَرْضِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا صَالَحُوا عَلَيْهَا.

.
وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَتِ الْفُتُوحُ فَخَرَاجُ الْأَرْضِ أَيْضًا وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَرَاضٍ بَعْدَ فَتْحِهَا وَقَبْلَ فَتْحِهَا مِنْهَا إِقْطَاعُهُ تَمِيمًا الدَّارِيَّ بَيْتَ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا فُتِحَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ نَجَزَ ذَلِكَ لِتَمِيمٍ وَاسْتَمَرَّ فِي أَيْدِي ذُرِّيَّتِهِ مِنَ ابْنَتِهِ رُقَيَّةَ وَبِيَدِهِمْ كِتَابٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ ذكرهَا بن سَعْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا زَادَ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ يَعْنِي بِسَبَب قِلَّةِ الْفُتُوحِ يَوْمَئِذٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا وَأَغْرَبَ بن بَطَّالٍ فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِعْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَقْطَعَ الْمُهَاجِرِينَ أَرْضَ بَنِي النَّضِيرِ .

     قَوْلُهُ  سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ مِنِ اسْتِئْثَارِ الْمُلُوكِ مِنْ قُرَيْشٍ عَنِ الْأَنْصَارِ بِالْأَمْوَالِ وَالتَّفْضِيلِ فِي الْعَطَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْقَطَائِعِ
( باب القطائع) جمع قطيعة وهي ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض فإن أقطعه لا للتمليك بل لتكون غلته له فهو كالمتحجر فلا يقطعه ما يعجز عنه ويكون المقطع أحق بما أقطعه يتصرف في غلته بالإجارة ونحوها.

قال السبكي: وهو الذي يسمى في زماننا هذا إقطاعًا.
قال: ولم أرَ أحدًا من أصحابنا ذكره وتخريجه على طريق فقهي مشكل، والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه لا يملك الرقبة بذلك لتظهر فائدة الإقطاع.

قال الزركشي: وينبغي أن يستثنى هنا ما أقطعه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا يملكه الغير بإحيائه قياسًا على أنه لا ينقض ما حماه أما إذا أقطعه لتمليك رقبته فيملكه ويتصرف فيه تصرف الملاك ذكره النووي في شرح المهذّب في باب الركاز.

وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند المؤلّف في أواخر الخمس أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير، وفي الترمذي وصححه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقطع وائل بن حجر أرضًا بحضرموت.



[ قــ :2276 ... غــ : 2376 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- قَالَ: "أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا.
قَالَ: سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي".
[الحديث 2376 - أطرافه في: 2377، 3163، 3794] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي الأزدي البصري قاضي مكة قال: ( حدّثنا حماد) ولأبي ذر حماد بن زيد واسم جدّه درهم الجهضمي ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري أنه ( قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- قال: أراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقطع) الأنصار ( من البحرين) بلفظ التثنية ناحية معروفة ( فقالت الأنصار) لا تقطع لنا ( حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا) زاد البيهقي في روايته فلم يكن ذلك عنده أي ليس عنده ما يقطع منه ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( سترون بعدي أثرة) بفتح الهمزة والمثلثة وبضم الأولى وسكون الأخرى في الفرع وبهما قيد الجياني فيما حكاه ابن قرقول.
قال الزركشي: ويقال بكسر الهمزة وسكون المثلثة وهو الاستئثار أي يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل غيركم نفسه عليكم ولا يجعل لكم في الأمر نصيبًا ( فاصبروا حتى تلقوني) زاد في غزوة الطائف فإني على الحوض.

وفي الحديث أن للإمام أن يقطع من الأراضي التي تحت يده لمن يراه أهلاً لذلك.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الجزية وفضل الأنصار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ القطائع)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم القطائع، وَهُوَ جمع قطيعة من: أقطعه الإِمَام أَرضًا يَتَمَلَّكهُ ويستبد بِهِ وينفرد، والإقطاع يكون تَمْلِيكًا وَغير تمْلِيك، وإقطاع الإِمَام تسويفه من مَال الله تَعَالَى لمن يرَاهُ أَهلا لذَلِك، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي إقطاع الأَرْض، وَهُوَ أَن يخرج مِنْهَا شَيْئا يحوزه إِمَّا أَن يملكهُ إِيَّاه فيعمره، أَو يجل لَهُ غَلَّته مُدَّة.
قلت: فِي صُورَة التَّمْلِيك يملك الَّذِي أقطع لَهُ، وَهُوَ الَّذِي يُسمى المقطع لَهُ رَقَبَة الأَرْض فَيصير ملكا لَهُ يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم، وَفِي صُورَة جعل الْغلَّة لَهُ لَا يملك إلاَّ مَنْفَعَة الأَرْض دون رقبَتهَا، فعلى هَذَا يجوز للجندي الَّذِي يقطع لَهُ أَن يُؤجر مَا أقطع لَهُ لِأَنَّهُ يملك مَنَافِعهَا، وَأَن لم يملك رقبته، وَله نَظَائِر فِي الْفِقْه.
مِنْهَا: أَنه إِذا وَقعت الْمُصَالحَة على خدمَة عبد سنة كَانَ للْمصَالح أَن يؤجره، وَمَعْلُوم أَنه لَا يملك رقبته، وَإِنَّمَا يملك منفعَته.
وَمِنْهَا: أَن المستؤجر يملك إِجَارَة مَا اسْتَأْجرهُ، وَإِن كَانَ لَا يملك مِنْهُ إلاَّ الْمَنْفَعَة.
وَمِنْهَا: أَن الْوَقْف بِأَن غَلَّته لفُلَان صَحِيح، وَله أَن يؤجره فِي الصَّحِيح ذكره فِي ( الْمُحِيط) .
وَمِنْهَا: أَن أم الْوَلِيد يجوز لسَيِّدهَا أَن يؤجرها، مَعَ أَنه لَا يملك مِنْهَا سوى مَنْفَعَتهَا، فَإِذا جَازَت لَهُ الْإِجَارَة تجوز لَهَا الْمُزَارعَة أَيْضا، لِأَن الْقرى والأراضي فِي الممالك الإسلامية لَا يُمكن أَن ينْتَفع بهَا إلاَّ بالكراء والزراعة ومباشرة أَعمال الفلاحة من السَّقْي والحصاد والدياس والتذرية وَغير ذَلِك من الْأُمُور الَّتِي يتَوَقَّف عَلَيْهَا الاستغلال، وَذَلِكَ لَا يحصل إلاَّ بالمزارعة عَلَيْهَا، أَو بإيجارها لمن يقوم بِهَذِهِ الْأَعْمَال، فَإِن الْجند لَا يقدرُونَ على الْقيام بذلك بِأَنْفسِهِم، إِذْ لَو أمروا بذلك لصاروا أكرة وتعطل الْمَعْنى الْمَطْلُوب مِنْهُم، وَهُوَ الْقيام بِمَا أعدُّوا لَهُ من مصَالح الْمُسلمين، وَهِي: قتال أَعدَاء الْإِسْلَام، وردع المفسدين، وقمع الخارجين، وصون الْأَمْوَال والأنفس من السراق واللصوص وقطاع الطَّرِيق، وَحفظ مراصد الطرقات ومواطن المرابطات، فَمَتَى اشْتغل الْجند بذلك تفوت تِلْكَ الْمصَالح، كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي رزق القَاضِي: إَنه إِذا كَانَ فَقِيرا فَالْأَفْضَل لَهُ، بل الْوَاجِب عَلَيْهِ، الْأَخْذ لِأَنَّهُ مَتى اشْتغل بِالْكَسْبِ أقعد عَن إِقَامَته فرض الْقَضَاء، فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك يجوز لَهُم الِانْتِفَاع بِالَّذِي يقطع لَهُم بِالْإِجَارَة أَو الْمُزَارعَة، فبأيهما تمكن الجندي فعل، أما الْمُزَارعَة فعلى قَول الصاحبين، فَإِنَّهَا فِي معنى الْإِجَارَة، فليزارع الْجند على قَوْلهمَا بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكرنَاهَا، كَمَا هِيَ محررة فِي كتب الْفِقْه، وَالله أعلم.



[ قــ :2276 ... غــ :2376 ]
- حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أنسا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أرادَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يُقْطِعَ مِنَ البَحْرَيْنَ فقالَتْ الأنصَارُ حتَّى تُقْطِعَ لإخْوَانِنا مِن المهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً فاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، يعلم ذَلِك من قَوْله: ( أَن يقطع من الْبَحْرين) وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَفِي بعض النّسخ ذكر مَنْسُوبا، وَيحيى ابْن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِزْيَة عَن أَحْمد بن يُونُس، وَفِي فضل الْأَنْصَار عَن عبد الله بن مُحَمَّد.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أَن يقطع من الْبَحْرين) يَعْنِي: أَرَادَ أَن يقطع من الْبَحْرين للْأَنْصَار، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: دَعَا الْأَنْصَار ليقطع لَهُم الْبَحْرين، وَفِي حَدِيث الْإِسْمَاعِيلِيّ: ليقطع لَهُم الْبَحْرين أَو طَائِفَة مِنْهَا، وَكَانَ الشَّك فِيهِ من حَمَّاد.
قلت: الظَّاهِر أَنه أَرَادَ أَن يقطع لَهُم قِطْعَة مِنْهَا، لِأَن كلمة: من، فِي قَوْله: من الْبَحْرين، تَقْتَضِي التَّبْعِيض، وَلَا يُنَافِي أَن تكون للْبَيَان أَيْضا، وَلكُل من الصُّورَتَيْنِ وَجه، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَة من طَرِيق زُهَيْر عَن يحيى بِلَفْظ: دعى الْأَنْصَار ليكتب لَهُم بِالْبَحْرَيْنِ، لِأَن الظَّاهِر أَن مَعْنَاهُ ليكتب لَهُم طَائِفَة بِالْبَحْرَيْنِ، وَيحْتَمل أَن يكْتب لَهُم الْبَحْرين كلهَا، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ فِي مَنَاقِب الْأَنْصَار من رِوَايَة سُفْيَان عَن يحيى: إِلَى أَن يقطع لَهُم الْبَحْرين..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: يحْتَمل أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ العامر من الْبَحْرين، لَكِن فِي حَقه من الْخمس، لِأَنَّهُ كَانَ ترك أرْضهَا فَلم يقسمها..
     وَقَالَ  ابْن قرقول: وَالَّذِي فِي هَذَا الحَدِيث لَيْسَ مِنْهَا، فَإِن الْبَحْرين كَانَت صلحا فَلم يكن لَهُم فِي أرْضهَا شَيْء، وَإِنَّمَا هم أهل جِزْيَة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عِنْد عُلَمَائِنَا: إقطاع مَال من جزيتهم يأخذونه، يُقَال مِنْهُ: أقطع، بِالْألف وَأَصله من الْقطع، كَأَنَّهُ قطعه لَهُ من جملَة المَال، وَقد جَاءَ فِي حَدِيث بِلَال بن الْحَارِث، أخرجه أَحْمد من رِوَايَة كثير بن عبد الله عَن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده، وَمن حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أقطعه معادن الْقبلية، والقبلية: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى: قبل، بِفَتْح الْقَاف وَالْبَاء، وَهِي نَاحيَة من سواحل الْبَحْر بَينهمَا وَبَين الْمَدِينَة خَمْسَة أَيَّام، وَقيل: هِيَ من نَاحيَة الْفَرْع، وَهُوَ مَوضِع بَين نَخْلَة وَالْمَدينَة، هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ.
وَفِي كتاب ( الْأَمْكِنَة) : معادن القلبية، بِكَسْر الْقَاف وَبعدهَا لَام مَفْتُوحَة ثمَّ بَاء، و: الْبَحْرين، على صِيغَة التَّثْنِيَة للبحر، وَهِي من نَاحيَة نجد على شطر بَحر فَارس، وَهِي ديار القرامطة، وَلها قرى كَثِيرَة وَهِي كَثِيرَة التمور.
قَوْله: ( حَتَّى تقطع) ، غَايَة لفعل مُقَدّر أَي: لَا تقطع لنا حَتَّى تقطع لإِخْوَانِنَا الْمُهَاجِرين.
قَوْله: ( مثل الَّذِي تقطع لنا) ، وَزَاد فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: فَلم يكن ذَلِك عِنْده، يَعْنِي: بِسَبَب قلَّة الْفتُوح يَوْمئِذٍ،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: مَعْنَاهُ أَنه لم يرد فعل ذَلِك، لِأَنَّهُ كَانَ أقطع الْمُهَاجِرين أَرض بني النَّضِير.
قَوْله: ( أَثَرَة) ، بِفَتْح الْهمزَة والثاء الْمُثَلَّثَة، ويروى بِضَم الْهمزَة وَإِسْكَان الثَّاء،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: وبالوجهين قَيده الجياني، والوجهان صَحِيحَانِ، قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: أَثَرَة، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء، قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ الاستيثار أَي: يستأثر عَلَيْكُم بِأُمُور الدُّنْيَا ويفضل عَلَيْكُم غَيْركُمْ، وَعَن أبي عَليّ القالي: الأثرة: الشدَّة.
وَفِي الْكتاب ( الواعي) عَن ثَعْلَب: الأثرة، بِالضَّمِّ خَاصَّة: الحدب وَالْحَال غير المرضية، وَعَن غَيره: التَّفْضِيل فِي الْعَطاء، وَجمع الأثرة: أثر.
وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ: سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة للْأَنْصَار، وَرَوَاهَا البُخَارِيّ عَن أسيد بن حضير فِي مَنَاقِب الْأَنْصَار، وَعَن عبد الله بن زيد بن عَاصِم فِي غَزْوَة الطَّائِف، وَعَن أنس بن مَالك بِزِيَادَة: أَثَرَة شَدِيدَة.
فَاصْبِرُوا حَتَّى تلقوا الله وَرَسُوله فَإِنِّي على الْحَوْض.
وَقَالُوا: هَذَا يدل على أَن الْخلَافَة لَا تكون فيهم، أَلا تَرى أَنه جعلهم تَحت الصَّبْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة؟ وَالصَّبْر لَا يكون إلاَّ من مغلوب مَحْكُوم عَلَيْهِ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز إقطاع الإِمَام من الْأَرَاضِي الَّتِي تَحت يَده لمن شَاءَ من النَّاس مِمَّن يرَاهُ أَهلا لذَلِك، قَالَ الْخطابِيّ: وَذهب أهل الْعلم إِلَى أَن أهل العامر من الأَرْض للحاضر النَّفْع وَالْأُصُول من الشّجر كالنخل وَغَيرهَا، وَأما الْمِيَاه الَّتِي فِي الْعُيُون والمعادن الظَّاهِرَة: كالملح والقير والنفط وَنَحْوهَا، لَا يجوز إقطاعها، وَذَلِكَ أَن النَّاس كلهم شُرَكَاء فِي الْملح وَالْمَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا يسْتَحقّهُ الْأَخْذ لَهُ بِالسَّبقِ إِلَيْهِ، فَلَيْسَ لأحد أَن يحتجرها لنَفسِهِ أَو يحتظر مَنَافِعهَا على أحذ من شركائه الْمُسلمين، وَأما الْمَعَادِن الَّتِي لَا يتَوَصَّل إِلَى نيلها ونفعها إلاَّ بكدوح واعتمال واستخراج لما فِي بطونها، فَإِن ذَلِك لَا يُوجب الْملك البات، وَمن اقتطع شَيْئا مِنْهَا كَانَ لَهُ مَا دَامَ يعْمل فِيهِ، فَإِذا قطع الْعَمَل عَاد إِلَى أَصله، فَكَانَ للْإِمَام إقطاعه غَيره.
وَفِيه: من أَعْلَام نبوته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَيْثُ مَا أخبرهُ بقوله: ( سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة) .