2496 قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ |
2496 قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه |
شرح الحديث من تحفة الاحوذي
[2460] .
قَوْلُهُ ( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَلَّاهُ) وَفِي الْمِشْكَاةِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةٍ قَالَ القارىء وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ مُقْتَضَى الْمَقَامِ أَنَّهَا صَلَاةُ جِنَازَةٍ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا رأى جنازة رؤيت عَلَيْهِ كَآبَةٌ أَيْ حُزْنٌ شَدِيدٌ وَأَقَلَّ الْكَلَامَ ( فَرَأَى نَاسًا كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ) أَيْ يَضْحَكُونَ مِنَ الْكَشْرِ وَهُوَ ظُهُورُ الْأَسْنَانِ لِلضَّحِكِ فَفِي الْقَامُوسِ كَشَرَ عَنْ أَسْنَانِهِ أَبْدَى يَكُونُ فِي الضَّحِكِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى ( قَالَ أَمَا) بِالتَّخَفِيفِ لِيُنَبِّهَ عَلَى نَوْمِ الْغَفْلَةِ الْبَاعِثِ عَلَى الضَّحِكِ وَالْمُكَالَمَةِ ( إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ هَذَمَ بِالْمُعْجَمَةِ قَطَعَ وَأَكَلَ بِسُرْعَةٍ وَبِالْمُهْمَلَةِ نَقَضَ الْبِنَاءَ انْتَهَى وَالْمَعْنَى لَوْ أَكْثَرْتُمْ مِنْ ذِكْرِ قَاطِعِ اللَّذَّاتِ ( لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى) أَيْ مِنَ الضَّحِكِ وَكَلَامِ أَهْلِ الْغَفْلَةِ ( فَأَكْثِرُوا مِنْ ذكر هاذم اللذات الموت) بالجر تفسير لهاذم اللَّذَّاتِ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ وَبِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَعْنِي وَبِالرَّفْعِ بِتَقْدِيرِ هُوَ الْمَوْتُ ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ لِلصَّحَابَةِ وَجْهَ حِكْمَةِ الْأَمْرِ بِإِكْثَارِ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَأَسْبَابِهِ بِقَوْلِهِ ( فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ ( لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ) أَيْ وَقْتٌ وَزَمَانٌ ( فَيَقُولُ أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ) فَاَلَّذِي يَسْكُنُنِي غَرِيبٌ ( وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ) فَمَنْ حَلَّ بِي وَحِيدٌ ( وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ) فَمَنْ ضَمَمْتُهُ أَكَلَهُ التُّرَابُ وَالدُّودُ إِلَّا مَنِ اسْتُثْنِيَ مِمَّنْ نُصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْلَى وَلَا يُدَوِّدُ فِي قَبْرِهِ فَالْمُرَادُ بَيْتٌ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ ( فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ) أَيِ الْمُطِيعُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْفَاجِرِ وَالْكَافِرِ فِي مُقَابِلِهِ ( قَالَ لَهُ الْقَبْرُ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ ( مَرْحَبًا وَأَهْلًا) أَيْوَجَدْتَ مَكَانًا رَحْبًا وَوَجَدْتَ أَهْلًا مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ ( أَمَا) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ لِلتَّنْبِيهِ ( إِنْ كُنْتَ) أَيْ إِنَّهُ كُنْتَ فَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثْقَلَةِ وَاللَّامُ فَارِقَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إِنْ النَّافِيَةِ فِي قَوْلِهِ ( لَأَحَبَّ) وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَأَفْضَلَ ( مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ) مُتَعَلِّقٌ بِأَحَبَّ ( فَإِذَا) بِسُكُونِ الذَّالِ أَيْ فَحِينَ ( وُلِّيتُكَ) مِنَ التَّوْلِيَةِ مجهولا أو من الولاية مظلوما أي صرت قادر حَاكِمًا عَلَيْكَ ( الْيَوْمَ) أَيْ هَذَا الْوَقْتَ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالدَّفْنِ ( وَصِرْتَ إِلَيَّ) أَيْ صِرْتَ إِلَيَّ وَوُلِّيتُكَ وَالْوَاوُ لَا تُرَتِّبُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي ( فَسَتَرَى) أَيْ سَتُبْصِرُ أَوْ تَعْلَمُ ( صَنِيعِي بِكَ) مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَيْكَ بِالتَّوْسِيعِ عَلَيْكَ ( فَيَتَّسِعُ) أَيْ فَيَصِيرُ الْقَبْرُ وَسِيعًا ( لَهُ) أَيْ لِلْمُؤْمِنِ ( مَدَّ بَصَرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَمْتَدُّ إِلَيْهِ بَصَرُهُ وَلَا يُنَافِي رِوَايَةَ سَبْعِينَ ذراعا لأن المراد بها التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ ( وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ) أَيْ لِيَأْتِيَهُ مِنْ رَوْحِهَا وَنَسِيمِهَا وَيَشَمَّ مِنْ طِيبِهَا وَتَقَرَّ عَيْنُهُ بِمَا يَرَى فِيهَا مِنْ حُورِهَا وَقُصُورِهَا وَأَنْهَارِهَا وَأَشْجَارِهَا وَأَثْمَارِهَا ( وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ) أَيِ الْفَاسِقُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرْدُ الْأَكْمَلُ وَهُوَ الْفَاسِقُ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ لِقَوْلِهِ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ سَابِقًا وَلِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْقَبْرِ لَهُ بِكَوْنِهِ أَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِهِ وَمِنْهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كمن كان فاسقا الْآيَةَ ( أَوِ الْكَافِرُ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي لَا لِلتَّنْوِيعِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى بَيَانِ حُكْمِ الْفَرِيقَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ وَالسُّكُوتِ عَنْ حَالِ الْمُؤْمِنِ الْفَاسِقِ سَتْرًا عَلَيْهِ أَوْ لِيَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لَا لِإِثْبَاتِ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ المنزلتين كما توهمت المعتزلة كذا قال القارىء وَجَعَلَ الْمُنَاوِيُّ كَلِمَةَ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أَيِ الْمُؤْمِنُ الْفَاسِقُ أَوِ الْكَافِرُ أَيْ بِأَيِّ كُفْرٍ كَانَ انْتَهَى ( قَالَ فَيَلْتَئِمُ) أَيْ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْضَمُّ الْقَبْرُ ( وَتَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ) أَيْ يَدْخُلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ ( قَالَ) أَيِ الرَّاوِي ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ أَشَارَ ( بِأَصَابِعِهِ) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ ( فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا) وَهُوَ أَصَابِعُ الْيَدِ الْيُمْنَى ( فِي جَوْفِ بَعْضٍ) وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ تَضْيِيقَ الْقَبْرِ وَاخْتِلَافَ الْأَضْلَاعِ حَقِيقِيٌّ لَا أَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ ضِيقِ الْحَالِ وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ مبالغةفِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَرْبَابِ النُّقْصَانِ حَتَّى جَعَلُوا عَذَابَ الْقَبْرِ رُوحَانِيَّا لَا جُسْمَانِيًّا وَالصَّوَابُ أَنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ وَنَعِيمَهَا مُتَعَلِّقَانِ بِهِمَا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَيُقَيِّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ يُسَلِّطُ اللَّهُ وَيُوَكِّلُ ( لَهُ) أَيْ بِخُصُوصِهِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَيْهِ ( سَبْعِينَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَبْعُونَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ يُقَيِّضُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ ( تِنِّينًا) بِكَسْرِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى مَكْسُورَةً أَيْ حَيَّةً عَظِيمَةً ( لَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَنَفَّسَ ( مَا أَنْبَتَتْ) أَيِ الْأَرْضُ ( شَيْئًا) أَيْ مِنَ الْإِنْبَاتِ أَوِ النَّبَاتَاتِ ( مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا) أَيْ مُدَّةَ بَقَائِهَا ( فَيَنْهَشْنَهُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَلْدَغْنَهُ وَفِي القاموس نهسة كَمَنَعَهُ نَهَسَهُ وَلَسَعَهُ وَعَضَّهُ أَوْ أَخَذَهُ بِأَضْرَاسِهِ وَبِالسِّينِ أَخَذَهُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ ( وَيَخْدِشْنَهُ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَجْرَحْنَهُ ( حَتَّى يُفْضَى) بِضَمٍّ فَسُكُونِ فَاءٍ فَفَتْحِ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ يُوصَلُ ( بِهِ) أَيْ بِالْكَافِرِ إِلَى الْحِسَابِ أَيْ وَثُمَّ إِلَى الْعِقَابِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ يُحَاسَبُ ( قَالَ) أَيِ الرَّاوِي ( إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ) أَيْ بُسْتَانٌ ( مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) جَمْعُ رَوْضَةٍ ( أَوْ حُفْرَةٌ) فِي الْقَامُوسِ الْحُفْرَةُ بِالضَّمِّ وَالْحَفِيرَةُ الْمُحْتَفَرُ وَالْحَفَرُ مُحَرَّكَةً الْبِئْرُ الْمُوَسَّعَةُ .
قَوْلُهُ ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ وَهُوَ وَاهٍ 2 - .
قَوْلُهُ ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بْنُ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ الْحِمْيَرِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصَّنْعَانِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مُصَنِّفٌ شَهِيرٌ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَتَغَيَّرَ وَكَانَ يَتَشَيَّعُ مِنَ التَّاسِعَةِ ( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ) الْمَدَنِيِّ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ ثِقَةٌ مِنَ الثالثة