هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
25 حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ ، أَسْرَى ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ : اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، وَكَلَأَ بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ ، حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ . فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ بِلَالٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْتَادُوا ، . فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ، ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلَاةَ : مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
25 حدثني يحيى ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر ، أسرى ، حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال : اكلأ لنا الصبح ، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكلأ بلال ما قدر له ، ثم استند إلى راحلته ، وهو مقابل الفجر ، فغلبته عيناه ، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ، ولا أحد من الركب ، حتى ضربتهم الشمس . ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بلال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقتادوا ، . فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الصلاة ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، ثم قال حين قضى الصلاة : من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه { أقم الصلاة لذكري }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح الزرقاني

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ، أَسْرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ: اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَلَأَ بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ، حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ.
فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَادُوا.
فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلَاةَ: مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ { { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } }

( مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزهري ( عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ) بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار التابعين وأبوه وجده صحابيان واتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل.
وقال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه مات سنة أربع، وقيل ثلاث وتسعين وقد ناهز الثمانين وهذا مرسل عند جميع رواة الموطأ.
وقد تبين وصله فأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ورواية الإرسال لا تضر في رواية من وصله لأن يونس من الثقات الحفاظ احتج به الأئمة الستة وتابعه الأوزاعي وابن إسحاق في رواية ابن عبد البر، وتابع مالكًا على إرساله معمر في رواية عبد الرزاق عنه وسفيان بن عيينة، ووصله في رواية أبان العطار عن معمر، لكن عبد الرزاق أثبت في معمر من أبان ومحمد بن إسحاق في السيرة عن ابن شهاب عن سعيد مرسلاً فيحمل على أن الزهري حدث به على الوجهين مرسلاً وموصولاً.

( حِينَ قَفَلَ) أي رجع والقفول الرجوع من السفر ولا يقال لمن سافر مبتدئًا قفل إلا القافلة تفاؤلاً ( مِنْ) غزوة ( خَيْبَرَ) بخاء معجمة وراء آخره كما رواه يحيى وابن القاسم وابن بكير والقعنبي وغيرهم.
قال الباجي وابن عبد البر وغيرهما: وهو الصواب.
وقال الأصيلي: إنما هو من حنين بمهملة ونون يعني حتى لا يخالف قوله في حديث زيد بن أسلم بطريق مكة لأن طريقها غير طريق خيبر ورده أبو عمر وغيره بأن طريقهما من المدينة واحد فلا خلف فلا يحتاج لدعوى التصحيف وقد قال النووي: ما قاله الأصيلي غريب ضعيف انتهى.
والمراد من خيبر وما اتصل بها من فتح وادي القرى لأن النوم كان حين قرب من المدينة.

وفي الصحيحين عن عمران وأبي قتادة كنا في سفر بالإبهام، وفي مسلم وأبي داود عن ابن مسعود أقبل صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلاً، ويأتي من مرسل زيد بن أسلم بطريق مكة، ولعبد الرزاق من مرسل عطاء بن يسار، والبيهقي عن عقبة بن عامر والطبراني عن ابن عمرو بطريق تبوك.

قال الحافظ: فاختلاف المواطن يدل على تعدد القصة واختلف هل كان نومهم عن الصبح مرة أو أكثر؟ فجزم الأصيلي بأن القصة واحدة ورده عياض بمغايرة قصة أبي قتادة لقصة عمران وهو كما قال، وحاول ابن عبد البر الجمع بأن زمان رجوعهم من خيبر قريب من زمان رجوعهم من الحديبية وطريق مكة تصدق بها ولا يخفى تكلفه ورواية غزوة تبوك ترد عليه انتهى.
لكن ابن عبد البر ذكرها وقال: إنها مرسلة من عطاء لا تصح لأن الآثار الصحاح المسندة على خلاف قوله انتهى ولعله لم يقف على حديثي عقبة وابن عمرو أو لم يصحا عنده، وقال النووي: اختلف هل كان النوم مرة أو مرتين؟ ورجحه القاضي عياض.

( أَسْرَى) سار ليلاً يقال سرى وأسرى لغتان.
وفي رواية أبي مصعب أسرع وفي مسلم سار ليلة، ولأحمد من حديث ذي مخبر وكان يفعل ذلك لقلة الزاد فقال له قائل: يا نبي الله انقطع الناس وراءك فحبس وحبس الناس معه حتى تكاملوا إليه فقال: هل لكم أن نهجع هجعة فنزل ونزلوا ( حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) وفي مسلم حتى أدركه الكرى وهو بزنة عصا النعاس، وقيل أن يكون الإنسان بين النوم واليقظة، وللطبراني عن ابن عمرو حتى إذا كان مع السحر ( عَرَّسَ) بتشديد الراء.
قال الخليل والجمهور: التعريس نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة ولا يسمى نزول أول الليل تعريسًا ويقال لا يختص بزمن بل مطلق نزول المسافر للراحة ثم يرتحل ليلاً كان أو نهارًا.

وفي حديث عمران حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها.
وفي حديث أبي قتادة سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقال بعض القوم: يا رسول الله لو عرست بنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أخاف أن تناموا عن الصلاة فقال بلال: أنا أوقظكم.

( وَقَالَ) صلى الله عليه وسلم ( لِبِلَالٍ) بن رباح المؤذن وهو ابن حمامة وهي أمه مولى أبي بكر من السابقين الأولين وشهد بدرًا والمشاهد مات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقيل سنة عشرين وله بضع وستون سنة ( اكْلَأْ) بالهمز قال تعالى: { { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم } } أي يحفظكم أي احفظ وارقب ( لَنَا الصُّبْحَ) بحيث إذا طلع توقظنا.
وفي مسلم الليل أي بحيث إذا تم بطلوع الفجر توقظنا.

( وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَكَلَأَ بِلَالٌ) وفي مسلم فصلى بلال ( مَا قُدِّرَ) بالبناء للمفعول أي ما يسره الله له.

( ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ) أي مواجه الجهة التي يطلع منها ( فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ) زاد في مسلم وهو مستند إلى راحلته ( فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ) وفي مسلم ولا أحد من أصحابه ( حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ) قال عياض أي أصابهم شعاعها وحرها.
زاد في مسلم.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظًا ( فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال النووي: أي انتبه وقام، وقال الأصيلي: فزع لأجل عدوهم خوف أن يكون اتبعهم فيجدهم بتلك الحال من النوم.
وقال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون تأسفًا على ما فاتهم من وقت الصلاة قال وفيه دلالة على أن ذلك لم يكن من عادته منذ بعث.
قال: ولا معنى لقول الأصيلي لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتبعه عدو في انصرافه من خيبر ولا من حنين ولا ذكر ذلك أحد من أهل المغازي بل انصرف من كلا الغزوتين ظافرًا غانمًا.

وفي حديث أبي قتادة فقال صلى الله عليه وسلم: يا بلال أين ما قلت؟ قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط وإنما قال له ذلك تنبيهًا له على اجتناب الدعوى والثقة بالنفس وحسن الظن بها ولا سيما في مظان الغلبة وسلب الاختيار، وفي مسلم فقال صلى الله عليه وسلم: أي بلال وفي رواية ابن إسحاق: ماذا صنعت بنا يا بلال؟

( فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ) قال ابن رشيق: أي أن الله استولى بقدرته علي كما استولى عليك مع منزلتك قال ويحتمل أن المراد النوم غلبني كما غلبك.
وقال ابن عبد البر: أي إذا كنت أنت في منزلتك من الله قد غلبتك عينك وقبضت نفسك فأنا أحرى بذلك ومعناه قبض نفسي الذي قبض نفسك فالباء زائدة قال وهذا قول من جعل النفس والروح شيئًا واحدًا لأنه قال في الحديث الآخر: أن الله قبض أرواحنا فنص على أن المقبوض هو الروح وفي القرآن { { اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } } الآية.
ومن قال النفس غير الروح تأول أخذ بنفسي من النوم الذي أخذ بنفسك منه.
زاد في رواية ابن إسحاق قال صلى الله عليه وسلم: صدقت.
ففي هذا الحديث أن أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وأن الذي كلأ الفجر بلال.

ومثله في حديث أبي قتادة في الصحيحين وفيهما من حديث عمران أن أول من استيقظ أبو بكر ثم فلان ثم فلان ثم عمر الرابع فكبر حتى استيقظ صلى الله عليه وسلم.

وفي حديث أبي قتادة أن العمرين لم يكونا معه لما نام وفي قصة عمران أنهما كانا معه، وروى الطبراني شبيها بقصة عمران وفيه أن الذي كلأ الفجر ذو مخبر وهو بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة.

وفي صحيح ابن حبان عن أبي مسعود أنه كلأ لهم الفجر قال الحافظ: فهذا كله يدل على تعدد القصة ومع ذلك فالجمع ممكن ولا سيما مع ما في مسلم وغيره أن عبد الله بن رباح راوي الحديث عن أبي قتادة ذكر أن عمران سمعه وهو يحدث الحديث بطوله فقال انظر كيف تحدث فإني كنت شاهد القصة فما أنكر عليه من الحديث شيئًا؟ فهذا يدل على اتحادها لكن لمدعي التعدد أن يقول: يحتمل أن عمران حضر القصتين فحدث بإحداهما وصدق ابن رباح لما حدث بالأخرى انتهى.

فليتأمل الجمع بماذا مع هذا التغاير في الذي كلأ وأول من استيقظ وأن العمرين معه في قصة عمران دون قصة أبي قتادة وسبق اختلاف آخر في محل النوم فالمتجه ما رجحه عياض أن النوم عن صلاة الصبح وقع مرتين وإليه أومأ الحافظ قبل ذلك كما مر ولذا قال السيوطي: لا يجمع إلا بتعدد القصة.

( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتَادُوا) بالقاف والفوقية أي ارتحلوا وبه عبر في حديث عمران زاد مسلم من رواية أبي حازم عن أبي هريرة فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ويأتي في رواية زيد بن أسلم وقال: إن هذا وادٍ به شيطان فعلله صلى الله عليه وسلم بهذا ولا يعلمه إلا هو قال عياض: وهذا أظهر الأقوال في تعليله ويأتي له مزيد في التالي.

( فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ) أثاروها لتقوم ( وَاقْتَادُوا شَيْئًا) قليلًا وفي حديث عمران فسار غير بعيد ثم نزل وهذا يدل على أن هذا الارتحال وقع على خلاف سيرهم المعتاد، وفي مسلم ثم توضأ صلى الله عليه وسلم زاد ابن إسحاق وتوضأ الناس.

( ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ) قال عياض أكثر رواة الموطأ عَلَى فأقام وبعضهم قال فأذن أو أقام بالشك، ولأحمد من حديث ذي مخبر فأمر بلالاً فأذن ثم قام صلى الله عليه وسلم فصلى الركعتين قبل الصبح وهو غير عجل ثم أمره فأقام الصلاة.

( فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ) زاد الطبراني من حديث عمران فقلنا: يا رسول الله أنعيدها من الغد لوقتها؟ قال: نهانا الله عن الربا ويقبله منا.
وعند ابن عبد البر لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم.
( ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلَاةَ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) زاد في رواية القعنبي أو نام عنها وبه يطابق الترجمة ( فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا) ولأبي يعلى والطبراني وابن عبد البر عن أبي جحيفة ثم قال صلى الله عليه وسلم: إنكم كنتم أمواتًا فرد الله إليكم أرواحكم فمن نام عن الصلاة فليصلها إذا استيقظ ومن نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وفي الصحيحين عن أنس مرفوعًا: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك.
وبهذا كله علم أن في حديث الباب اختصارًا من بعض رواته فزعم أنه أراد بالنسيان مطلق الغفلة عن الصلاة لنوم أو غيره وأنه لم يذكر النوم أصلاً لأنه أظهر في العموم الذي أراده فاسد نشأ من عدم الوقوف على الروايات.

( فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ { { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } } ) قال عياض قال بعضهم فيه تنبيه على ثبوت هذا الحكم وأخذه من الآية التي تضمنت الأمر لموسى عليه السلام وأنه مما يلزمنا اتباعه، وقال غيره استشكل وجه أخذ الحكم من الآية فإن معنى لذكري إما لذكري فيها وإما لأذكرك عليها على اختلاف القولين في تأويلها وعلى كل فلا يعطى ذلك.

قال ابن جرير: ولو كان المراد حين تذكرها لكان التنزيل لذكرها، وأصح ما أجيب به أن الحديث فيه تغيير من الراوي وإنما هو للذكرى بلام التعريف وألف القصر كما في سنن أبي داود وفيه وفي مسلم زيادة، وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى فبان بهذا أن استدلاله صلى الله عليه وسلم إنما كان بهذه القراءة فإن معناها للتذكر أي لوقت التذكر.

قال عياض: وذلك هو المناسب لسياق الحديث وعرف أن التغيير صدر من الرواة عن مالك أو ممن دونهم لا من مالك ولا ممن فوقه.
قال في الصحاح: الذكرى نقيض النسيان انتهى.
وقد جمع العلماء بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي بأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما ولا يدرك ما يتعلق بالعين لأنها نائمة والقلب يقظان.

قال النووي: هذا هو الصحيح المعتمد.
قال الحافظ: ولا يقال القلب وإن لم يدرك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلاً لكنه يدرك إذا كان يقظانًا مرور الوقت الطويل فإن من ابتداء الفجر إلى أن حميت الشمس مدة لا تخفى على من لم يستغرق لأنا نقول يحتمل أن قلبه كان مستغرقًا بالوحي ولا يلزم وصفه بالنوم كما كان يستغرق حالة إلقاء الوحي يقظة وحكمة ذلك بيان التشريع بالفعل لأنه أوقع في النفس كما في سهوه في الصلاة.
قال: وقريب من هذا جواب ابن المنير بأن السهو قد يحصل له في اليقظة لمصلحة التشريع ففي النوم أولى أو على السواء وجمع أيضًا بأنه كان له حالان: أحدهما ينام فيه القلب فصادف هذا الموضع، والثاني لا ينام وهو الغالب من أحواله وهذا ضعيف.
وقيل غير ذلك كما بسطه في فتح الباري.

( مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ) مرسلاً باتفاق رواة الموطأ وجاء معناه متصلاً من وجوه صحاح قاله أبو عمر ( عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ) قال ابن عبد البر: لا يخالف ما في الحديث قبله لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة واحد.

( وَوَكَّلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ) أي صلاة الصبح بتخفيف الكاف يقال وكله من باب وعد بكذا إذا استكفاه إياه وصرف أمره إليه وبتشديدها كقوله تعالى: { { الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } } ( فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا) نام وناموا قبله واستمروا راقدين ( حَتَّى اسْتَيْقَظُوا) انتبهوا من نومهم ( وَ) الحال أنه ( قَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا) أسفًا على فوات وقت الصلاة لا خوفًا من عدو كما زعم.

( فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَبُوا) فقال ارتحلوا وفي رواية اقتادوا ( حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَقَالَ: إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ) ولمسلم عن أبي هريرة فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان.
قال ابن رشيق: قد علله صلى الله عليه وسلم بذلك ولا يعلمه إلا هو.
قال عياض: هذا أظهر الأقوال في تعليله، وقيل لاشتغالهم بأحوال الصلاة، وقيل تحرزًا من العدو، وقيل ليستيقظ النائم وينشط الكسلان، وقيل لكون الوقت وقت كراهة.
ورد بقوله في الحديث السابق حتى ضربتهم الشمس.
وفي حديث عمران: حتى وجدوا حر الشمس.
وللطبراني: حتى كانت الشمس في كبد السماء وذلك لا يكون حتى يذهب وقت الكراهة.

وقال ابن عبد البر وتبعه القرطبي أخذ بهذا بعض العلماء فقال: من انتبه من نوم عن صلاة فاتته في حضر فليتحول عن موضعه وإن كان واديًا فليخرج عنه، وقيل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعلم من حال ذلك الوادي ولا غيره ذلك إلا هو.

وقال غيرهما يؤخذ منه أن من حصلت له غفلة في مكان عن عبادة استحب له التحول منه ومنه أمر الناعس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحول من مكان إلى مكان آخر.

وروي عن ابن وهب وغيره أن تأخير قضاء الفائتة منسوخ بقوله تعالى { { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } } وفيه نظر لأن الآية مكية والحديث مدني فكيف ينسخ المتقدم المتأخر.

( فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي) فساروا غير بعيد ( ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِلُوا وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا) وفي مسلم وابن إسحاق ثم توضأ صلى الله عليه وسلم وتوضأ الناس ( وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ) يؤذن ( بِالصَّلَاةِ أَوْ يُقِيمَ) بالشك ( فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ) الصبح ( ثُمَّ انْصَرَفَ) التفت ( إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ) أي بعض ( فَزَعِهِمْ) أسفًا على خروج الوقت ( فَقَالَ:) مؤنسًا لهم بأنه لا حرج عليهم في ذلك لأنهم لم يتعمدوه كما آنسهم قبل الارتحال لما شكوا إليه الذي أصابهم فقال: لا ضيرًا ولا يضير.
وفي مستخرج أبي نعيم لا يسوء ولا يضير.
وفي حديث أبي قتادة عند مسلم وركب صلى الله عليه وسلم وركبنا معه فجعل بعضنا يهمس إلى بعض ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا فقال أما لكم في أسوة إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى.

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا) زاد أبو داود من حديث ذي مخبر: ثم ردها إلينا فصلينا، وله من حديث أنس: إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد يقبضها ويرسلها إذا شاء ( وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ) وقت ( غَيْرِ هَذَا) قال العز بن عبد السلام في كل جسد روحان روح اليقظة التي أجرى الله العادة أنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان مستيقظًا فإذا نام خرجت منه ورأت الروح المنامات، وروح الحياة التي أجرى الله العادة أنها إذا كانت في الجسد فهو حي فإذا فارقته مات فإذا رجعت إليه حيى.
وهاتان الروحان في باطن الجسد لا يعلم مقرهما إلا من أطلعه الله على ذلك فهما كجنينين في بطن امرأة واحدة.
قال: ولا يبعد عندي أن تكون الروح في القلب ويدل على وجود روحي الحياة واليقظة قوله تعالى: { { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ } } تقديره: ويتوفى الأنفس التي لم تمت أجسادها في منامها فيمسك الأنفس التي قضى عليها الموت عنده ولا يرسلها إلى أجسادها ويرسل الأنفس الأخرى وهي أنفس اليقظة إلى أجسادها إلى انقضاء أجل مسمى وهو أجل الموت فحينئذٍ يقبض أرواح الحياة وأرواح اليقظة جميعًا من الأجساد.

( فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ فَزِعَ) قام ( إِلَيْهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا) وقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الله أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكون لمن بعدكم فهكذا لمن نام أو نسي.
رواه أحمد عن ابن مسعود، وله عن ابن عباس موقوفًا ما يسرني بها الدنيا وما فيها يعني الرخصة، ولابن أبي شيبة عن مسروق: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس.

( ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ) الصديق عبد الله بن عثمان خير الناس بعد الأنبياء بإجماع والمقدم على جميع الصحابة بلا دفاع مناقبه جمة ( فَقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي) نفلاً بالسحر ( فَأَضْجَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ) قال ابن عبد البر: أهل الحديث يروون هذه اللفظة بلا همز وأصلها عند أهل اللغة الهمز، وقال في المطالع: هو بالهمز أي يسكنه وينومه من هدأت الصبي إذا وضعت يدك عليه لينام، ورواه المهلب بلا همز على التسهيل، ويقال أيضًا يهدنه بالنون، وروي يهدهده من هدهدت الأم ولدها لينام أي حركته ( كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ) بلال.

( ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ) وفيه تأنيس لبلال واعتذار عنه وأنه ليس باختياره ( فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ) لما شاهد من المعجزة الباهرة وهي إخباره بما صنع الشيطان ببلال.