هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2552 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِلْمَدِينَةِ لَيَتْرُكَنَّهَا أَهْلُهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً لِلْعَوَافِي يَعْنِي السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ ، قَالَ مُسْلِمٌ : أَبُو صَفْوَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، يَتِيمُ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَشْرَ سِنِينَ كَانَ فِي حَجْرِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2552 حدثني زهير بن حرب ، حدثنا أبو صفوان ، عن يونس بن يزيد ، ح وحدثني حرملة بن يحيى ، واللفظ له ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للمدينة ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي يعني السباع والطير ، قال مسلم : أبو صفوان هذا هو عبد الله بن عبد الملك ، يتيم ابن جريج ، عشر سنين كان في حجره
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة ليتركنها أهلها على خير ما كانت مذللة للعوافي يعني السباع والطير.

المعنى العام

فضل الله تعالى بعض الأماكن على بعض، { { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً } } [آل عمران: 96، 97] .
كان البيت في مكة قبل إبراهيم عليه السلام، فاندثر وضاعت معالمه وآثاره، وبوأ الله لإبراهيم مكان البيت، فأعاد بناءه، وطلب من ربه تجديد قدسيته وميزاته، { { رب اجعل هذا البلد آمناً } } [إبراهيم: 35] .
آمناً لنبي آدم، وآمناً لكل ذي روح، واستجاب الله دعاء إبراهيم، فحرم جل شأنه صيد الحرم، وسفك الدم فيه، وحرم قطع شجره.

ولئن كانت مكة أحب البلاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبارها مولده ونشأته ووطنه الأول إلا أن المدينة آوته ونصرته ونشرت دينه، وكان فيها ومنها ربيع الإسلام، رجع إليها صلى الله عليه وسلم بحنان ورغبة صادقة وحب أكيد بعد فتح مكة، وكانت مكافأته لهذه البلدة الكريمة أن دعا ربه لها أن يجعلها حراماً كمكة، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة، ومثله معه.
اللهم بارك لأهل المدينة في مدينتهم ومكيالهم وموازينهم ومقاييسهم وجميع مقاديرهم، بركة مع بركة.
فأجاب الله دعاءه، فأخبر أمته فقال صلى الله عليه وسلم: إني حرمت المدينة بأمر الله كما حرم إبراهيم مكة، حرمتها بحدودها المعروفة، ما بين جبليها، حرمتها وما يقرب من اثنى عشر ميلاً حولها، لا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يسفك فيها دم من أحدث فيها حدثاً، أو أتى فيها بظلم، أو آوى ظالماً فهو مطرود من رحمة الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه عملاً صالحاً، وذمة المسلمين واحدة، يجير أدناهم كما يجير أعلاهم، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
وقال.

لقد دعوت الله أن يحبب إلينا المدينة، وأن يصحح أهلها من الأوبئة وعلى سكانها الصبر على شدتها لأكون شفيعاً وشهيداً لهم يوم القيامة.

لقد دعوت الله تعالى أن يحرسها، فلن يدخلها الطاعون ولا الدجال وستنفي خبثها، وتخرج الفجرة من سكانها، فحافظوا على البقاء فيها، فمن خرج منها غير راغب فيها عوضها الله بخير منه إنها طيبة، من أرادها بسوء قصمه الله وأهلكه وأذابه كما يذوب الملح في الماء.

ستجدون رخاء في مدن كثيرة غيرها، فلا يغرنكم هذا الرخاء لتهاجروا إليه منها، فالمدينة خير لكم إن كنتم تعلمون.

المباحث العربية

( إن إبراهيم حرم مكة) سبق أن تحريم مكة كان من الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فالمراد من تحريم إبراهيم عليه السلام لها تجديد التحريم بعد اندراسه من الخلق بسبب طول العهد، وحتى تجديد التحريم هو من الله، فإبراهيم رسول لا يحلل ولا يحرم، وإنما يبلغ تحريم الله، ولهذا يقول النووي: إنه حرمها بأمر الله تعالى له بذلك، لا باجتهاده [أي بلغ تحريمها للناس] فلهذا أضاف التحريم إليه تارة، وإلى الله تعالى تارة أخرى، وقيل: إنه عليه السلام دعا لها، فحرمها الله تعالى بدعوته [أي فهو سبب تجديد التحريم] فنسب التحريم إليه.

( وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة) تحريم المدينة مبتدأ، ليس كتحريم مكة على لسان إبراهيم، والمحرم أيضاً للمدينة الله تعالى، كما سبق، وإضافته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إما لأنه مبلغ، ويؤيده ما جاء عند أحمد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل حرم على لساني ما بين لابتي المدينة وإما لأنه السبب، دعا ربه فأجابه، وهذا هو وجه الشبه، والمحرم في المدينة قطع الشجر، وتنفير الصيد، واللقطة، وتغليظ عقوبة المسيء فيها.
كما سيأتي.

وفي الرواية الثانية وإني أحرم ما بين لابتيها تثنية لابة بتخفيف الباء وهي الأرض الملبسة حجارة سوداء، يقال: لابة، ولوبة، ونوبة بالنون، ثلاث لغات مشهورات، وجمع اللابة في القلة لابات، وفي الكثرة لاب ولوبة.
وللمدينة لابتان لابة في الجنوب.
ولابة في الشمال، وهي بينهما وقيل: لابة في المشرق، ولابة في المغرب.
قال النووي: معناه تحريم اللابتين وما بينهما.
اهـ فاللابتان داخلتان في التحريم.

وفي الرواية الثالثة عشرة ما بين عير إلى ثور قال النووي: أما عير بفتح العين وإسكان الياء، وهو جبل معروف، قال الزبير عير جبل بناحية المدينة، وقال القاضي: أكثر الرواة في كتاب البخاري ذكروا عيراً وأما ثور فمنهم من كنى عنه بـكذا ومنهم من ترك مكانه بياضاً، لأنهم اعتقدوا ذكر ثور هنا خطأ.
قال المازري: قال بعض العلماء: ذكر ثور هنا وهم من الراوي، وإنما ثور جبل بمكة، قال: والصحيح إلى أحد قال القاضي: وكذا قال أبو عبيد أصل الحديث من عير إلى أحد قال النووي: هذا ما حكاه القاضي، وكذا قال أبو بكر الحازمي الحافظ وغيره من الأئمة، أن أصله من عير إلى أحد قال النووي: قلت: ويحتمل أن ثوراً كان اسماً لجبل هناك، إما أحد، وإما غيره، فخفي اسمه.
اهـ وقد أطال الحافظ ابن حجر في تتبع هذا الخلاف، ومال في النهاية إلى ما مال إليه النووي.

وفي الرواية التاسعة عشرة ما بين مأزميها تثنية مأزم بكسر الزاي، وهو الجبل، وقيل: المضيق بين الجبلين ونحوه، قال النووي: والأول هو الصواب هنا، والمعنى: ما بين جبليها.
اهـ وهو لفظ الرواية الثامنة، وفي الرواية السادسة عشرة تحديد المسافة بالأميال، وفيها وجعل اثنى عشر ميلاً حول المدينة حمى وعند أحمد عن جابر وأنا أحرم المدينة ما بين حريتها والحرة بفتح الحاء وتشديد الراء، أرض ذات حجارة سود، كأنها أحرقت، وتطلق على موضع بظاهر المدينة تحت جبل واقم، وبها كانت وقعة الحرة، أيام يزيد بن معاوية.

قال الحافظ ابن حجر: وادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب، لأنه وقع في رواية ما بين جبليها وفي رواية ما بين لابتيها وفي رواية ما بين مأزميها وتعقب بأن الجمع واضح، وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة، فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح، ولا شك أن رواية ما بين لابتيها أرجح، لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها لا تنافيها، فيكون عند كل لابة جبل، أو لابتيها من جهة الجنوب والشمال، وجبليها من جهة الشرق والغرب، وتسمية الجبلين في بعض الروايات لا تضر، والمأزم الجبل.

( وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلى ما دعا به إبراهيم لأهل مكة) أي دعوت الله بالبركة في مكيالها، بركة ضعف البركة التي دعا بها إبراهيم لأهل مكة، وفي الرواية الثامنة اللهم بارك لهم في مدهم، وصاعهم وفي الرواية الحادية عشرة اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مدهم فعطف الصاع والمد على المكيال من عطف الخاص على العام، والمراد البركة فيما يكال.

وفي الرواية الثانية عشرة اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة وهذه الرواية أعم من الروايات السابقة، فهي لا تقتصر على المكاييل، بل تعم الموازيين والمقاييس والمعدودات وغيرها، والمراد من الضعفين المثلان، فإن الضعف قد يطلق على المثل.

وفي الرواية السابعة عشرة اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا...
وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة، ومثله معه.

وفي الرواية الثامنة عشرة اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارنا، وفي مدنا، وفي صاعنا، بركة مع بركة.
وفي الرواية المتممة للعشرين واجعل مع البركة بركتين أي اجعل معها بركة أخرى لتصير بركتين، أو اجعل مع البركة في هذا الشيء بركتين في ذاك الشيء.

وفي ملحق الرواية الأولى مثل ما دعا به إبراهيم أي وزيادة.
فإن الدعاء بالمثل لا يمنع بمثلين، فقد يكون دعا بمثل أولاً، ثم دعا بالمثلين.

( وذلك عندنا في أديم خولاني) أي وذلك التحريم مكتوب عندنا في صحيفة من أديم، والأديم هنا الجلد.

( لا يقطع عضاها، ولا يصاد صيدها) وفي الرواية الخامسة....أن يقطع عضاها، أو يقتل صيدها.. في الرواية التاسعة عشرة أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف قال النووي: العضا بالقصر وكسر العين وتخفيف الضاد كل شجر فيه شوك، واحدتها عضاهة، وعضيهة.

( وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يعلمون أن المدينة خير لهم ما تركوها، قال صلى الله عليه وسلم هذا عن قوم سيتركون المدينة إلى غيرها، رغبة في الرخاء، ففي الرواية الواحدة والثلاثين يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه -أي من يهمه أمره- هلم إلى الرخاء.
هلم إلى الرخاء.
والمدينة خير لهم لو كانوا يعملون وفي الرواية التاسعة والثلاثين يفتح الشام، فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون.
بفتح الياء، وضم الباء، وكسرها، أي يسوقون دوابهم، والبس سوق الإبل.
قال الداودي: معناه يزجرون دوابهم، فيبسون ما يطؤونه من الأرض من شدة السير، فيصير غباراً، قال تعالى { { وبست الجبال بساً } } [الواقعة: 5] .
أي سالت سيلاً، وقيل: سارت سيراً، وقال ابن عبد البر: وروي يبسون بضم أوله وكسر ثانيه، من الرباعي، من أبس إبساساً، ومعناه يزينون لأهليهم البلد التي يقصدونها، وإلى هذا ذهب ابن وهب، وكذا رواه ابن حبيب، وفسره بنحوه، وأنكر الأول غاية الإنكار.
قال النووي: والصواب أن معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله، باساً في سيره، مسرعاً إلى الرخاء والأمصار المفتتحة والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وفي الرواية المتممة للأربعين يفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم قال الحافظ ابن حجر: وعلى هذا فالذين يتحملون غير الذين يبسون، كأن الذي حضر الفتح أعجبه حسن البلد المفتوحة ورخاؤها، فدعا قريبه إلى المجيء إليها، فيتحمل المدعو بأهله وأتباعه، أي يحملهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون أي لو كانوا يعلمون فضل الصلاة والعبادة فيها، وثواب الإقامة بها، أو المعنى لو كانوا من أهل العلم، ففيه تجهيل لمن يفارقها، ويؤثر غيرها عليها، والمراد بهم الخارجون من المدينة رغبة عنها، كارهين لها، أما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد أو نحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث، يؤكد هذا المعنى ما جاء في الرواية الواحدة والثلاثين بلفظ لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه.

( لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه) هذه بشرى للمدينة، ومن فيها، وليس في هذه العبارة ذم الخارجين منها رغبة عنها، إنما الذم ما جاء في الرواية الواحدة والثلاثين، بقوله ألا إن المدينة كالكير، تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد وفي الرواية الثانية والثلاثين تنفي الناس، [أي شرارهم] كما ينفي الكير خبث الحديد وفي ملحقها كما ينفي الكير الخبث وفي الرواية الثالثة والثلاثين إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها، وينصع طيبها وفي الرواية الرابعة والثلاثين وإنما تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة فهذه الروايات تدمغ الخارجين منها رغبة عنها بأنهم خبث، وفي ذلك من التنفير ما فيه.

( ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها) اللأواء بالمد الشدة والجوع، والجهد بفتح الجيم هو المشقة.
قال النووي: وفي لغة قليلة بضم الجيم، وأما الجهد بمعنى الطاقة فبضمها على المشهور، وحكي فتحها.
وفي الرواية الواحدة والعشرين لا يصبر أحد على لأوائها فيموت وفي الرواية السادسة والعشرين لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد وفي الرواية السابعة والعشرين من صبر على لأوائها وشدتها وفي الرواية الثامنة والعشرين لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي.

( إلا كنت له شفيعاً -أو شهيداً- يوم القيامة) قال النووي: قال القاضي عياض: قال بعض شيوخنا: أو هنا للشك، والأظهر عندنا أنها ليست للشك، لأن هذا الحديث رواه جابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك، وتطابقهم فيه على صيغة واحدة، بل الأظهر أنه صلى الله عليه وسلم قال هكذا، فإما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا، وإما أن يكون أو للتقسيم، ويكون شهيداً لبعض أهل المدينة، وشفيعاً لبقيتهم، إما شفيعاً للعاصين، وشهيداً للمطيعين، وإما شهيداً لمن مات في حياته، وشفيعاً لمن مات بعده، أو غير ذلك.
قال القاضي: وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعالمين في القيمة، وعن شهادته على جميع الأمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد: أنا شهيد على هؤلاء.
فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيد أو زيادة منزلة وحظوة.
قال: وقد يكون أو بمعنى الواو، فيكون لأهل المدينة شفيعاً وشهيداً، قال: وقد روي إلا كنت له شهيداً أو له شفيعاً قال: وإذا جعلنا أو للشك -كما قال المشايخ- فإن كانت اللفظة الصحيحة شهيداً اندفع الاعتراض، لأنها زائدة على الشفاعة المدخرة المجردة، وإن كانت اللفظة الصحيحة شفيعاً فاختصاص أهل المدينة بهذا مع ما جاء من عمومها وادخارها لجميع الأمة أن هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي لإخراج أمته من النار، ومعافاة بعضهم منها بشفاعته صلى الله عليه وسلم في القيامة، وتكون هذه الشفاعة لأهل المدينة بزيادة الدرجات، أو تخفيف الحساب، أو بما شاء الله من ذلك، أو بإكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة، كإيوائهم إلى ظل العرش، أو كونهم في ردح وعلى منابر، أو الإسراع بهم إلى الجنة، أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون بعض.
والله أعلم.

( ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء) وفي الرواية السادسة والثلاثين من أراد أهل هذه البلدة بسوء -يعني المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء قال القاضي: قد يكون المراد من أرادها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كفى المسلمون أمره، واضمحل كيده، كما يضمحل الرصاص في النار، وقد يكون في اللفظ تأخير وتقديم، أي أذابه الله ذوب الرصاص في النار، ويكون ذلك لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله، ولا يمكن له سلطان، بل يذهبه عن قرب، كما انقضى شأن من حاربها أيام بني أمية، مثل مسلم بن عقبة، فإنه هلك في منصرفه عنها، ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله، على إثر ذلك، وغيرهما ممن صنع صنيعهما، وقيل: قد يكون المراد من كادها اغتيالاً وطلباً لغرتها في غفلة فلا يتم له أمره، بخلاف من أتى ذلك جهاراً.

( فوجد عبداً يقطع شجراً أو يخبطه فسلبه) معنى سلب الصائد وقاطع الشجر والكلأ في المدينة، أي تؤخذ ثيابه، وجميع ما عليه إلا ما يستر العورة، وقطع الجمهور أنه يسلب كسلب القتيل من الكفار، فيؤخذ فرسه وسلاحه، ونفقته وغير ذلك مما يدخل في سلب القتيل، ولصالح من يؤخذ هذا السلب؟ ثلاثة أقوال عند الشافعية، أصحها للسالب، وهو الموافق للحديث، والثاني لمساكين المدينة، والثالث لبيت المال.

( نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح النون وتشديد الفاء المفتوحة، كذا ضبطه الأصل، وفي تاج العروس بتخفيف الفاء، يقال: نفل الإمام الجند جعل لهم ما غنموا، والنافلة الغنيمة.

( وقال في الحديث...
)
الحديث في البخاري في كتاب الجهاد -باب من غزا بصبي للخدمة، وكان أنس رضي الله عنه يحكي قصة رجوعهم من خيبر.

( هذا جبل يحبنا ونحبه) قال النووي: الصحيح المختار أن معناه أن أحداً يحبنا حقيقة، أي جعل الله تعالى فيه تمييزاًَ يحب به، كما قال سبحانه وتعالى { { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله } } [البقرة: 74] .
وكما حن الجذع اليابس، وكما سبح الحصى، وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي، وكما قال سبحانه وتعالى { { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } } [الإسراء: 44] .
قال النووي: وهذا ما أشبهه ما اخترناه واختاره المحققون في معنى الحديث، وأن أحداً يحبنا حقيقة، وقيل: المراد يحبنا أهله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وسيأتي قريباً بقية مباحثه في باب فضل جبل أحد.

( فمن أحدث فيها حدثاًَ -ثم قال لي: هذه شديدة) قال القاضي: معناه من أتى فيها إثماً وظلماً.
اهـ ومعنى هذه شديدة أي هذه الجريمة شديدة وعقوبتها شديدة.

( من أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) في الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة أو آوى محدثاً قال القاضي: معناه من أتى فيها إثماً، أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه، يقال: أوى وآوى بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعاً، لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح، والمد في المتعدي أشهر وأفصح.
قال: ولم يرو لفظ محدثاً إلا بكسر الدال، وقال المازري: روي بوجهين، كسر الدال وفتحها، قال: فمن فتح أراد الإحداث نفسه، ومن كسر أراد فاعل الحدث.

ومعنى فعليه لعنة الله...
إلخ أن الله تعالى يلعنه [فالجملة خبرية لفظاً ومعنى] وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون، فاللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد.
قالوا: والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة أول الأمر مع السابقين، وليس كلعن الكفار الذي يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد.
والقصد من لعن الملائكة والناس المبالغة في هذا الإبعاد، والتنفير من الفعل بالوعيد الشديد.

( لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) في ملحق الرواية الثالثة عشرة لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل قيل: الصرف الفريضة، والعدل النافلة، وقيل: الصرف النافلة، والعدل الفريضة، وقيل: الصرف التوبة، والعدل الفدية، وقيل: الصرف الاكتساب، والعدل الفدية، وقيل: العدل الحيلة، وقيل: العدل المثل، وقيل: الصرف الدية، والعدل الزيادة، ذكر ذلك النووي.
والظاهر أن المراد لا يقبل منه عمل صالح حالة الإحداث أو إيواء المحدث، بمعنى لا تقبل صالحاته قبول غيره مضعفة الأجر بالغة الثواب، مكفرة الذنوب، كبقية المذنبين، حين يعملون الصالحات في الحرم، وإن كانت تقبل قبول إسقاط الفريضة، أو قبول مجازاة عادية.

( فقال ابن أنس) قال النووي: كذا وقع في أكثر النسخ، ووقع في بعضها فقال أنس بحذف لفظة ابن قال القاضي: ووقع عند عامة شيوخنا فقال ابن أنس بإثبات ابن قال: وهو الصحيح، وكأن ابن أنس ذكر أباه بهذه الزيادة، لأن سياق هذا الحديث من أوله إلى آخره من كلام أنس، فلا وجه لاستدراك أنس بنفسه.

( اللهم بارك لهم في مكيالهم....) قال النووي: قال القاضي: البركة هنا بمعنى النمو والزيادة، وتكون بمعنى الثبات واللزوم.
قال: فقيل: يحتمل أن تكون هذه البركة دينية، وهي ما تتعلق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزكاة والكفارات، فتكون بمعنى الثبات والبقاء لها، كبقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها، ويحتمل أن تكون دنيوية، من تكثير الكيل والقدر بهذه الأكيال، حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة، أو ترجع البركة إلى التصرف بها في التجارة وأرباحها، وإلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها، أو تكون الزيادة فيما يكال بها، لاتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه، لما فتح الله عليهم، ووسع من فضله لهم وملكهم من بلاد الخصب والريف بالشام والعراق ومصر وغيرها، حتى كثر الحمل إلى المدينة، واتسع عيشهم، حتى صارت هذه البركة في الكيل، فزاد مدهم، وصار هاشمياً، مثل مد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، أو مرة ونصفاً، وفي هذا كله ظهور إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقبولها.
قال النووي: هذا آخر كلام القاضي.
والظاهر من هذا كله أن البركة في نفس المكيل في المدينة، بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها.
والله أعلم.

( فيها أسنان الإبل) أي مقادير زكاة الإبل حسب أسنانها.

( وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم) المراد بالذمة هنا الأمان، ومعناه أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمنه أحد المسلمين حرم على غيره التعرض له، مادام في أمان المسلم، عظم هذا المسلم أو لا، حتى العبد والمرأة، وقال البيضاوي: الذمة العهد، سمي بها لأنه يذم متعاطيها.
ومعنى يسعى بها أدناهم أي يتولاها الشريف والوضيع.

( ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه) أي من انتسب إلى غير أبيه تشرفاً، أو انتمى العتيق إلى غير معتقيه فعليه لعنة الله، لما في ذلك من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من قطيعة الرحم والحقوق.

( فمن أخفر مسلماً) معناه من نقض أمان مسلم وعهده، فتعرض لكافر أمنه مسلم فعليه.... يقال: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرت الرجل -بدون الهمزة- إذا أمنته.

وقد جاءت روايات بأمور أخرى في الصحيفة غير ما ذكر، منها: لعن من ذبح لغير الله، وبدل أسنان الإبل فيها فرائض الصدقة المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ولعن الله من سرق منار الأرض ولعن الله من لعن والده وفكاك الأسير قال الحافظ ابن حجر: والجمع بين هذه الأخبار أن الصحيفة المذكورة كانت مشتملة على جميع ما ذكر، فنقل كل راو بعضها.

( لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها) معنى ترتع ترعى، وقيل تسعى، ما ذعرتها أي ما أفزعتها ولا نفرتها، وما حاولت أخذها فنفرتها، وكني بذلك عن عدم صيدها.

( ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر) في الرواية الثامنة عشرة ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان وخص الصغير بهذا لكونه أرغب فيه، وأكثر تطلعاً إليه، وحرصاً عليه، كذا قال النووي.

ويحتمل أنه خص الصغير لأنه لم يذنب بعد، فإذا أعطي أول الثمر النازل من عند الله رجونا نزول البركة في هذا الثمر.

( أن أنقل عيالي إلى بعض الريف) قال أهل اللغة: الريف بكسر الراء هو الأرض التي فيها زرع وخصب، وجمعه أرياف، ويقال: أريفنا أي صرنا إلى الريف.

( عسفان) على وزن عثمان، قرية جامعة على مرحلتين من مكة لمن قصد المدينة، ولعلهم كانوا عائدين من غزوة.

( والله ما نحن ههنا في شيء) كأنهم أحسوا بطول المقام من غير فائدة.

( وأن عيالنا لخلوف) أي خلفناهم وراء ظهورنا، ليس عندهم من يحميهم، وخلوف بضم الخاء.

( إن شئتم لآمرن بناقتي ترحل) بضم التاء وإسكان الراء وفتح الحاء مخففة، أي يشد عليها رحلها.
يعلن صلى الله عليه وسلم استجابته لرغبتهم، ليقع المقدور، ويعلموا أن الحارس هو الله تعالى.

( ثم لا أحل لها عقدة حتى أقدم المدينة) لا أحل بفتح الهمزة وضم الحاء، وأقدم بفتح الهمزة والدال بينها قاف ساكنة.
والمعنى ثم أواصل السير، ولا أحل عن ناقتي عقدة من عقد حملها ورحلها حتى أصل المدينة.
يقصد المبالغة في الإسراع إلى المدينة.

( ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف) بإسكان اللام، مصدر علفت الدابة علفاً، أما العلف بفتح اللام فاسم للحشيش والتبن والشعير وما يعلف به.

( ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها) الشعب بكسر الشين هو الفرجة النافرة بين الجبلين، أو هو الطريق في الجبل، والنقب بسكون القاف، وفتح النون وحكي ضمها الطريق، وقيل: الطريق في الجبل، قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها.
يريد صلى الله عليه وسلم أن يطمئنهم على أهليهم بالمدينة، وأنها محروسة بحراس كثيرين، يقفون على مداخلها.

( وما يهيجهم قبل ذلك شيء) يقال: هاج الشر، وهاجت الحرب، وهاجها الناس، أي تحركت، وحركوها، وهجت زيداً: حركته للأمر، كله ثلاثي، والمعنى أن المدينة في حال غيبتهم كانت محمية محروسة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن بني عبد الله بن غطفان أغاروا عليها حين قدم رجالها، ولم يكن يمنعهم من الإغارة في غيبة رجالها مانع ظاهر.

( ليالي الحرة) قال النووي: يعني ليالي الفتنة المشهورة التي نهبت فيها المدينة، سنة ثلاث وستين.

( فاستشاره في الجلاء) بفتح الجيم، وهو الفرار من بلد إلى غيره.

( قدمنا المدينة وهي وبيئة) أي ذات وباء، وهو المرض المنتشر المؤدي إلى الموت.

( وصححها) أي صحح أهلها، وعافهم من الأمراض، وكشف الضر عنهم.

( وحول حماها إلى الجحفة) حول بفتح الحاء وتشديد الواو المكسورة، دعاء بالتحويل، وحماها بضم الحاء وتشديد الميم، المرض المعروف، والجحفة بضم الجيم وسكون الحاء، وكانت قرية خربة، بين المدينة ومكة، بينها وبين مكة مائة وعشرة أميال.
قيل: سميت بذلك لأن السيل أجحفها، أي جرفها وذهب بها.

( اقعدي لكاع) أي يالكاع.
بفتح اللام، وبناء العين على الكسر.
قال أهل اللغة: يقال: امرأة لكاع، ورجل لكع بضم اللام وفتح الكاف، ويطلق ذلك على اللئيم، وعلى العبد، وعلى الغبي الذي لا يهتدي لكلام غيره، وعلى الصغير.

( لا يدخلها الطاعون ولا الدجال) الطاعون قيل الوباء مطلقاً، فاعول من الطعن، وقيل: مرض معين يعم، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعوناً.
وقد نقل النووي في الأذكار أن الطاعون لم يدخل المدينة أصلاً، ولا مكة أيضاً.

( كما ينفي الكير خبث الحديد) الكير بكسر الكاف وسكون الياء الزق الذي ينفخ فيه الحداد، وأكثر أهل اللغة على أنه حانوت الحداد والصائغ.
والخبث بفتح الخاء والباء الوسخ الذي تخرجه النار.
قال النووي: وهذا والله أعلم زمن الدجال، وقال عياض: كأن هذا مختص بزمنه صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها إلا من ثبت إيمانه.
وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد الزمنين، وكان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم كذلك للسبب المذكور، ويؤيده قصة الأعرابي [روايتنا الثالثة والثلاثون] فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث معللاً به خروج الأعرابي، وسؤاله الإقالة عن البيعة، ثم يكون ذلك أيضاً في آخر الزمان، عندما ينزل بها الدجال، فترجف بأهلها، فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه، وأما ما بين ذلك فلا.

( أمرت بقرية تأكل القرى) قال النووي: معناه أمرني ربي بالهجرة إليها، واستيطانها، وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين: أحدهما: أنها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر، فمنها فتحت القرى، وغنمت أموالهم وسباياها، والثاني: معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة، وإليها تساق غنائمها.
وقال الحافظ ابن حجر: تأكل القرى أي تغلبهم، وكنى بالأكل عن الغلبة لأن الأكل غالب على المأكول.
وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها.

( يقولون: يثرب.
وهي المدينة)
أي إن بعض المنافقين يسميها يثرب واسمها الذي يليق بها المدينة.
ويثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب، وهو الفساد، وكلاهما مستقبح، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ويكره الاسم القبيح.

قال النووي: قال العلماء: ولمدينة النبي صلى الله عليه وسلم أسماء - المدينة - طابة - طيبة - الدار [لأمنها واستقرارها] اهـ وفي أخبار المدينة أن لها عشرة أسماء.
ما سبق، والمطيبة، والمسكينة، والجابرة، والمجبورة، والمحببة، والمحبوبة والقاصمة.

ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم سكنها العماليق قديماً، ثم نزلها طائفة من بني إسرائيل، ثم نزلها الأوس والخزرج، لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم.

( فأصاب الأعرابي وعك) بفتح العين، وهو ألم الحمى، ووعك كل شيء معظمه وشدته.

( أقلني بيعتي) بفتح الهمزة وكسر القاف وسكون اللام أي اصفح عني، وافسخ بيعتي لك، وأعد لي ما كان لي قبل البيعة، والظاهر أنه سأل الإقالة من الإسلام، كذا قال القاضي عياض وقال غيره: إنما استقاله من الهجرة، وإلا لقتله على الردة.

( وينصع طيبها) ينصع بفتح الياء والصاد بينهما نون ساكنة، أي يصفو ويخلص ويتميز، والناصع الصافي الخالص، ومنه قولهم: ناصع البياض، أي صافيه وخالصه، والمعنى أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه، ويبقى فيها من خلص إيمانه.
وطيبها بفتح الطاء وتشديد الياء المكسورة.

( بدهم أو بسوء) يقال: فعل به ما أدهمه، أي ساءه، ودهمك كسمع ومنع، أي غشيك، والدهم الغائلة والأمر العظيم.

( ليتركنها أهلها على خير ما كانت) في الرواية الثانية والأربعين يتركون المدينة على خير ما كانت أي على أحسن حال كانت عليه من قبل.

( مذللة للعوافي) أي مسخرة خاضعة لعوافي الطير والسباع، والعوافي جمع عافية وهي التي تطلب أقواتها.
قال النووي: الظاهر المختار أن هذا الترك للمدينة يكون في آخر الزمان، عند قيام الساعة، وتوضحه قصة الراعيين من مزينة [روايتنا الثانية والأربعون] فإنهما يخران على وجوههما حين تدركهما الساعة، وهما آخر من يحشر، كما ثبت في صحيح البخاري، فهذا هو الظاهر المختار، وقال القاضي عياض: هذا ما جرى في العصر الأول وانقضى، قال: وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت، حين انتقلت الخلافة عنها إلى الشام والعراق، وذلك الوقت أحسن ما كانت للدين والدنيا، أما الدين فلكثرة العلماء وكمالهم، وأما الدنيا فلعمارتها وغرسها واتساع حال أهلها.
قال: وذكر الأخباريون عن بعض الفتن التي جرت بالمدينة أنه قد خاف أهلها، حتى رحل عنها أكثر الناس، وبقيت ثمارها أو أكثرها للعوافي، وخلت مدة، ثم تراجع الناس إليها.
قال: وحالها اليوم قريب من هذا، وقد خربت أطرافها.
هذا كلام القاضي.
والله أعلم.

( ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحشاً) النعيق زجر الغنم، يقال: نعق ينعق بكسر العين وفتحها نعيقاً ونعاقاً ونعقانا إذا صاح بالغنم، ومعنى فيجدانها وحشاً أي يجدان المدينة ذات وحش، أو يجدان أهلها قد صاروا وحوشاً، أي يجدان المدينة خالية، وهذا معنى وحشاً أي ليس بها أحد، والوحش من الأرض الخلاء.
قال النووي: الصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش، قال: وقد يكون وحشاً بمعنى وحوش، وأصل الوحش كل شيء توحش من الحيوان.
وقال النووي: وحكى القاضي عن ابن المرابط أن معناه أن غنمهما تصير وحوشاً، إما تنقلب ذاتها فتصير وحوشاً، وإما أن تتوحش وتنفر من أصواتها.
وأنكر القاضي هذا، واختار أن الضمير في يجدانها عائد إلى المدينة، لا إلى الغنم.
وهذا هو الصواب وقول ابن المرابط غلط.
اهـ

فقه الحديث

يؤخذ من الأحاديث

1- استدل بعضهم بهذه الأحاديث عامة، وبالرواية الثانية والثلاثين خاصة على أن المدينة أفضل البلاد.
قال المهلب: لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام، فصار الجميع في صحائف أهلها، ولأنها تنفي الخبث.
وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة، فالفضل ثابت للفريقين، ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين، قال ابن حزم: لو فتحت بلد، فثبت بذلك الفضل للأول للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرها مما فتح من جهة البصرة، وليس كذلك.
وعن الثاني بأن ذلك إنما هو خاص ببعض الناس، وخاص ببعض الزمان، بدليل قوله تعالى { { ومن أهل المدينة مردوا على النفاق } } [التوبة: 101] .
والمنافق خبيث ولا شك، ولم تنفه المدينة، وخرج منها كثير من أفاضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم خرج منها علي وطلحة وأبو عبيدة وابن مسعود والزبير وعمار.
فدل ذلك على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس، ووقت دون وقت.

2- وفي هذه الأحاديث عامة، ومن الروايات الخاصة بمن يصبر على لأوائها، والروايتين التاسعة والثلاثين والمتممة للأربعين خاصة دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة، قال النووي: وأن هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة، وقد اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة، فقال أبو حنيفة وطائفة: تكره المجاورة بمكة، وقال أحمد وطائفة: لا تكره المجاورة بمكة، بل تستحب، وإنما كرهها من كرهها لأمور.
منها: خوف الملل، وقلة الحرمة للأنس، وخوف ملابسة الذنوب، فإن الذنب فيها أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها، واحتج من استحبها بما يحصل فيها من الطاعات التي لا تحصل في غيرها، وتضعيف الصلوات والحسنات وغير ذلك.
قال: والمختار أن المجاورة بهما جميعاً مستحبة، إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في المحذورات المذكورة وغيرها، وقد جاورتهما خلائق لا يحصون من سلف الأمة وخلفها، ممن يقتدى بهم، وينبغي للمجاور الاحتراز من المحذورات وأسبابها.
اهـ

3- وفي هذه الأحاديث حجة ظاهرة للشافعي ومالك وموافقيهما في تحريم صيد المدينة وشجرها، وأباح ذلك أبو حنيفة، واحتج له بحديث يا أبا عمير.
ما فعل النغير؟ قال النووي: وأجاب أصحابنا بجوابين.
أحدهما: أنه يحتمل أن حديث النغير كان قبل تحريم المدينة.
والثاني: يحتمل أنه صاده من الحل، لا من حرم المدينة.
وهذا الجواب لا يلزمهم على أصولهم، لأن مذهب الحنيفية أن صيد الحل إذا أدخله الحلال إلى الحرم ثبت له حكم الحرم، ولكن أصلهم هذا ضعيف، فيرد عليهم بدليله، والمشهور من مذهب مالك والشافعي والجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وشجرها، بل هو حرام بلا ضمان، وقال ابن أبي ذئب وابن أبي ليلى: يجب فيه الجزاء، كحرم مكة، وبه قال بعض المالكية، وللشافعي قول قديم أنه يسلب القاتل، لحديث سعد بن أبي وقاص [روايتنا السابعة] قال القاضي عياض: لم يقل بهذا القول أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في القديم، وخالفه أئمة الأمصار.

قال النووي: ولا تضر مخالفتهم إذا كانت السنة معه، وهذا القول القديم هو المختار، لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وفقه.

4- ومن الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة، من قوله من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً يستفاد الوعيد الشديد لمن فعل ذلك، قال القاضي: واستدلوا بهذا على أن الحدث في المدينة من الكبائر، لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة.

5- وفيها أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء.

6- وجواز لعن أهل المعاصي والفساد، لكن لا دلالة فيه على لعن الفاسق المعين.

7- ومن الرواية الثالثة عشرة من تصريح علي رضي الله عنه إبطال ما زعمه الرافضة والشيعة ويخترعونه من قولهم: إن علياً رضي الله عنه أوصى إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأمور كثيرة من أسرار العلم، وقواعد الدين، وكنوز الشريعة، وأنه صلى الله عليه وسلم خص أهل البيت بما لم يطلع عليه غيرهم.
قال النووي: وهذه دعاوى باطلة، واختراعات فاسدة، لا أصل لها، ويكفي في إبطالها قول علي رضي الله عنه هذا.
اهـ وقد بينت بعض الروايات سبب هذا الزعم، فقالت: كان علي رضي الله عنه يأمر بالأمر، فيقال: قد فعلناه، فيقول: صدق الله ورسوله، فقال له بعضهم: هذا الذي تقول.
أهو شيء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون الناس؟ فذكر الحديث.

8- وفيه الحرص على كتابة العلم.
قال الحافظ ابن حجر: استقر الأمر وانعقد الإجماع على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان، ممن يتعين عليه تبليغ العلم.

9- وتغليظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه، أو انتماء العتيق إلى غير مواليه.

10- ومن الرواية السابعة عشرة والثامنة عشرة حرص الصحابة على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للثمر الجديد.

11- وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق، وكمال الشفقة والرحمة وملاطفة الكبار والصغار.

12- ومن قوله إلا لعلف في الرواية التاسعة عشرة جواز أخذ أوراق الشجر للعلف.
قال النووي: وهو المراد هنا، بخلاف خبط الأغصان، فإنه حرام.

13- ومن حراسة المدينة زيادة في الكرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

14- استدل بعضهم بقول عائشة في الرواية الرابعة والعشرين قدمنا المدينة وهي وبيئة على جواز دخول البلد الموبوءة.
قال النووي: فإن قيل: كيف قدموا على الوباء؟ وفي الحديث الآخر الصحيح النهي عن القدوم عليه؟ فالجواب من وجهين، ذكرهما القاضي.
أحدهما: أن هذا القدوم كان قبل النهي، لأن النهي كان في المدينة بعد استيطانها.
والثاني: أن المنهي عنه هو القدوم على الوباء الذريع والطاعون، وأما هذا الذي كان في المدينة فإنما كان وخماً يمرض بسببه كثير من الغرباء.

15- وفيه من دعائه صلى الله عليه وسلم لتحويل الحمى إلى الجحفة دليل للدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك.

16- وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم، والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم قال النووي: وهذا مذهب العلماء كافة.
قال القاضي: وهذا خلاف قول بعض المتصوفة: إن الدعاء قدح في التوكل والرضا، وأنه ينبغي تركه، وخلاف قول المعتزلة إنه لا فائدة في الدعاء مع سبق القدر، ومذهب العلماء كافة أن الدعاء عبادة مستقلة، ولا يستجاب منه إلا ما سبق به القدر.

17- قال النووي: وفيه علم من أعلام النبوة، فإن الجحفة من يومئذ مجتنبة، ولا يشرب أحد من مائها إلا حم.
اهـ

18- ومن الرواية التاسعة والعشرين حماية المدينة من الطاعون والدجال.

19- ومن الرواية الثانية والثلاثين كراهة تسمية المدينة يثرب.
قال النووي: وقد جاء في مسند أحمد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهة تسميتها يثرب وحكي عن عيسى بن دينار أنه قال: من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة.
اهـ وأما تسميتها يثرب في القرآن فإنما هو حكاية عن قول المنافقين والذين في قلوبهم مرض.

20- ومن الرواية الثالثة والثلاثين أنه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم للمقام عنده أن يترك الهجرة ويذهب إلى وطنه أو غيره.

21- ومن الروايتين التاسعة والثلاثين والمتممة للأربعين معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم وأن يتحملوا بأهليهم إليها.
وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب.
قال النووي: ووجد جميع ذلك بحمد الله وفضله.

22- ومن قوله والمدينة خير لهم فضل المدينة على البلاد المذكورة، وهو أمر مجمع عليه، ولم يختلف العلماء في ذلك وإنما اختلفوا في الأفضلية بينها وبين مكة.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فِي الْمَدِينَةِ حِينَ يَتْرُكُهَا أَهْلُهَا
[ سـ :2552 ... بـ :1389]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَدِينَةِ لَيَتْرُكَنَّهَا أَهْلُهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً لِلْعَوَافِي يَعْنِي السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ قَالَ مُسْلِم أَبُو صَفْوَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَتِيمُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَشْرَ سِنِينَ كَانَ فِي حَجْرِهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَدِينَةِ : ( لَيَتْرُكَنَّهَا أَهْلُهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً لِلْعَوَافِي ) يَعْنِي السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا ) .
أَمَّا ( الْعَوَافِي ) : فَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ بِالسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ ، مَأْخُوذٌ مِنْ عَفَوْتِهِ إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ .

وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَالظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ : أَنَّ هَذَا التَّرْكَ لِلْمَدِينَةِ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَتُوَضِّحُهُ قِصَّةُ الرَّاعِيَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ فَإِنَّهُمَا يَخِرَّانِ عَلَى وُجُوهِهِمَا حِينَ تُدْرِكُهُمَا السَّاعَةُ ، وَهُمَا آخِرُ مَنْ يُحْشَرُ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، فَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ ،.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ : هَذَا مَا جَرَى فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَانْقَضَى ، قَالَ : وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَدْ تُرِكَتِ الْمَدِينَةُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَتْ حِينَ انْتَقَلَتِ الْخِلَافَةُ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ ، وَذَلِكَ الْوَقْتُ أَحْسَنُ مَا كَانَتِ الدِّينَ وَالدُّنْيَا ، أَمَّا الدِّينُ فَلِكَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَكَمَالِهِمْ ،.

وَأَمَّا الدُّنْيَا فَلِعِمَارَتِهَا وَغَرْسِهَا وَاتِّسَاعِ حَالِ أَهْلِهَا ، قَالَ : وَذَكَرَ الْأَخْبَارِيُّونَ فِي بَعْضِ الْفِتَنِ الَّتِي جَرَتْ بِالْمَدِينَةِ ، وَخَافَ أَهْلُهَا أَنَّهُ رَحَلَ عَنْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَبَقِيَتْ ثِمَارُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا لِلْعَوَافِي ، وَخَلَتْ مُدَّةً ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَيْهَا قَالَ : وَحَالُهَا الْيَوْمَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا ، وَقَدْ خَرِبَتْ أَطْرَافُهَا ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .