هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2617 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا ، قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ قَالَ : لاَ ، قُلْتُ : فَالشَّطْرُ ، قَالَ : لاَ ، قُلْتُ : الثُّلُثُ ، قَالَ : فَالثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2617 حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عامر بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة ، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها ، قال : يرحم الله ابن عفراء ، قلت : يا رسول الله ، أوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت : فالشطر ، قال : لا ، قلت : الثلث ، قال : فالثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم ، وإنك مهما أنفقت من نفقة ، فإنها صدقة ، حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ، وعسى الله أن يرفعك ، فينتفع بك ناس ويضر بك آخرون ، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Sa`d bin Abu Waqqas:

The Prophet (ﷺ) came visiting me while I was (sick) in Mecca, ('Amir the sub-narrator said, and he disliked to die in the land, whence he had already migrated). He (i.e. the Prophet) said, May Allah bestow His Mercy on Ibn Afra (Sa`d bin Khaula). I said, O Allah's Messenger (ﷺ)! May I will all my property (in charity)? He said, No. I said, Then may I will half of it? He said, No. I said, One third? He said: Yes, one third, yet even one third is too much. It is better for you to leave your inheritors wealthy than to leave them poor begging others, and whatever you spend for Allah's sake will be considered as a charitable deed even the handful of food you put in your wife's mouth. Allah may lengthen your age so that some people may benefit by you, and some others be harmed by you. At that time Sa`d had only one daughter.

Sa'd ibn Abu Waqqâs (radiallahanho) dit: «Le Prophète  , qui détestait mourir à la terre de laquelle il avait émigré(1) vint me visiter alors que j'étais malade à La Mecque. Il dit: Que Allah accorde sa miséricorde à ibn 'Afrâ'! — 0 Messager d'Allah  ! lui disje, doisje faire un testament à propos de tous mes biens? — Non. — De la moitié? — Non. — Le tiers? — Le tiers...! soit, et le tiers en est beaucoup. Que tu laisses tes héritiers riches vaut mieux de les laisser pauvres et réduits à tendre les mains aux gens. [Et sache] que toute dépense faite par toi est une aumône, même la bouchée que tu portes à la bouche de ton épouse... Et puisse Allah t'accorder une longue vie! alors des gens tireront bénéfice de ton existence et d'autres subiront dommage. «A cette époque, Sa'd n'avait qu'une fille.» AlHasan: Le citoyen non musulman ne lui sera permis de tester que du tiers.

":"ہم سے ابونعیم نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے سفیان بن عیینہ نے بیان کیا سعد بن ابراہیم سے ‘ ان سے عامر بن سعد نے اور ان سے سعد بن ابی وقاص نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ( حجۃ الوداع میں ) میری عیادت کو تشریف لائے ‘ میں اس وقت مکہ میں تھا ۔ حضور اکرم صلی اللہ علیہ وسلم اس سرزمین پر موت کو پسند نہیں فرماتے تھے جہاں سے کوئی ہجرت کر چکا ہو ۔ آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ ابن عفراء ( سعد بن خولہ رضی اللہ عنہ ) پر رحم فرمائے ۔ میں عرض کیا یا رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ! میں اپنے سارے مال و دولت کی وصیت کر دوں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ نہیں میں نے پوچھا پھر آدھے کی کر دوں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر بھی یہی فرمایا کہ نہیں ۔ میں نے پوچھا پھر تہائی کی کر دوں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا تہائی کی کر سکتے ہو اور یہ بھی بہت ہے ‘ اگر تم اپنے وارثوں کو اپنے پیچھے مالدار چھوڑو تو یہ اس سے بہتر ہے کہ انہیں محتاج چھوڑو کہ لوگوں کے سامنے ہاتھ پھیلاتے پھریں ‘ اس میں کوئی شبہ نہیں کہ جب تم اپنی کوئی چیز ( اللہ کے لئے خرچ کرو گے ) تو وہ خیرات ہے ‘ یہاں تک کہ وہ لقمہ بھی جو تم اپنی بیوی کے منہ میں ڈالو گے ( وہ بھی خیرات ہے ) اور ( ابھی وصیت کرنے کی کوئی ضرورت بھی نہیں ) ممکن ہے کہ اللہ تعالیٰ تمہیں شفاء دے اور اس کے بعد تم سے بہت سے لوگوں کو فائدہ ہو اور دوسرے بہت سے لوگ ( اسلام کے مخالف ) نقصان اٹھائیں ۔ اس وقت حضرت سعد رضی اللہ عنہ کی صرف ایک بیٹی تھیں ۔

Sa'd ibn Abu Waqqâs (radiallahanho) dit: «Le Prophète  , qui détestait mourir à la terre de laquelle il avait émigré(1) vint me visiter alors que j'étais malade à La Mecque. Il dit: Que Allah accorde sa miséricorde à ibn 'Afrâ'! — 0 Messager d'Allah  ! lui disje, doisje faire un testament à propos de tous mes biens? — Non. — De la moitié? — Non. — Le tiers? — Le tiers...! soit, et le tiers en est beaucoup. Que tu laisses tes héritiers riches vaut mieux de les laisser pauvres et réduits à tendre les mains aux gens. [Et sache] que toute dépense faite par toi est une aumône, même la bouchée que tu portes à la bouche de ton épouse... Et puisse Allah t'accorder une longue vie! alors des gens tireront bénéfice de ton existence et d'autres subiront dommage. «A cette époque, Sa'd n'avait qu'une fille.» AlHasan: Le citoyen non musulman ne lui sera permis de tester que du tiers.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ)
هَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ فَتَرْجَمَ بِهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْمَالِ إِلَّا الْقَلِيلُ لَمْ تُنْدَبْ لَهُ الْوَصِيَّةُ كَمَا مَضَى

[ قــ :2617 ... غــ :2742] قَوْله عَن سعد بن إِبْرَاهِيم أَي بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ شَيْخُهُ هُوَ خَالُهُ لِأَنَّ أُمَّ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعْدٌ وَعَامِرٌ زُهْرِيَّانِ مَدَنِيَّانِ تَابِعِيَّانِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ سَعْدٍ قَالَ مَرِضَ سَعْدٌ وَقَدْ حَفِظَ سُفْيَانُ اسْمَهُ وَوَصَلَهُ فَرِوَايَتُهُ مُقَدَّمَةٌ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَامِرٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَتَقَدَّمَ سِيَاقُ حَدِيثِهِ فِي الْجَنَائِزِ وَيَأْتِي فِي الْهِجْرَةِ وَغَيْرِهَا وَرَوَاهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ جَمَاعَةٌ غَيْرُ ابْنِهِ عَامِرٍ كَمَا سَأُشِيرُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ زَادَ الزُّهْرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي وَلَهُ فِي الْهِجْرَةِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع الا بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهُ وَهَمَ فِيهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ طَرِيقِهِ فَقَالَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْفَتْحَ وَقَدْ وَجَدْتُ لِابْنِ عُيَيْنَةَ مُسْتَنَدًا فِيهِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخ وبن سعد من حَدِيث عَمْرو بن الْقَارئ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حَيْثُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَغْلُوبٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَن لي مَا لَا وَإِنِّي أُورَثُ كَلَالَةً أَفَأُوصِي بِمَالِي الْحَدِيثَ وَفِيهِ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَيِّتٌ أَنَا بِالدَّارِ الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهَا مُهَاجِرًا قَالَ لَا إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَكَ اللَّهُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقوام الحَدِيث فَلَعَلَّ بن عُيَيْنَةَ انْتَقَلَ ذِهْنُهُ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى حَدِيثٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَامَ الْفَتْحِ وَمَرَّةً عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَفِي الْأُولَى لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنَ الْأَوْلَادِ أَصْلًا وَفِي الثَّانِيَةِ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَقَطْ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ أَوْ مِنَ الْمَفْعُولِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ سَعْدٍ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ لَكِنْ إِنْ كَانَ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ وَهُوَ سَعْدٌ فَفِيهِ الْتِفَاتٌ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ وَأَنَا أَكْرَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ بِلَفْظِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ مَاتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمُوتُ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا قَالَ لَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْهِجْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَرْحَمُ الله بن عَفْرَاءَ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ سُفْيَانَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ سعد بن عفراء ثَلَاث مَرَّات قَالَ الدَّاودِيّ قَوْله بن عَفْرَاءَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.

     وَقَالَ  الدِّمْيَاطِيُّ هُوَ وَهَمٌ وَالْمَعْرُوف بن خَوْلَةَ قَالَ وَلَعَلَّ الْوَهَمُ مِنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَحْفَظُ مِنْهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.

قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ آنِفًا مَنْ وَافَقَ الزُّهْرِيَّ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمَغَازِي وَذَكَرُوا أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَمَاتَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ فِي اسْمِهِ خَوْلِيٌّ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَاتَّفَقُوا على سُكُون الْوَاو وَأغْرب بن التِّينِ فَحَكَى عَنِ الْقَابِسِيِّ فَتْحَهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ فِي الْفَرَائِضِ قَالَ سُفْيَانُ وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ اه وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ حَلِيفًا لَهُمْ ثُمَّ لِأَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْهُمْ وَقِيلَ كَانَ مِنَ الْفُرْسِ الَّذِينَ نَزَلُوا الْيَمَنَ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ خَبَرِهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَيَأْتِي شَرْحُ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ فِي كِتَابِ الْعَدَدِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَجَزَمَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي تَارِيخِهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِأَنَّ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ مَاتَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ مَاتَ فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ مَعَ قُرَيْشٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَجَوَّزَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْخِصَالِ الْكَاتِبُ الْمَشْهُورُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِابْنِ عَفْرَاءَ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مُعَاذٍ وَمُعَوِّذٍ أَوْلَادِ عَفْرَاءَ وَهِيَ أُمُّهُمْ وَالْحِكْمَةُ فِي ذكره مَا ذكره بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ مَا يُضْحِكُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ قَالَ أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي الْعَدُوِّ حَاسِرًا فَأَلْقَى الدِّرْعَ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ قَالَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا رَأَى اشْتِيَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِلْمَوْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَلِيَ الولايات ذكر بن عَفْرَاءَ وَحُبَّهُ لِلْمَوْتِ وَرَغْبَتَهُ فِي الشَّهَادَةِ كَمَا يُذْكَرُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ فَذَكَرَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ لِكَوْنِهِ مَاتَ بِمَكَّةَ وَهِيَ دَارُ هِجْرَتِهِ وَذَكَرَ بن عَفْرَاءَ مُسْتَحْسِنًا لِمِيتَتِهِ اه مُلَخَّصًا وَهُوَ مَرْدُودٌ بالتنصيص على قَوْله سعد بن عفراء فَانْتفى أَن يكون المُرَاد عَوْف وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي الْمَوْتِ بَلْ فِي بَعْضِهَا عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ بَكَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَيْضًا فَمَخْرَجُ الْحَدِيثِ مُتَّحِدٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ فَالِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ لَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ عَوْفُ بن عَفْرَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  التَّيْمِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِأُمِّهِ اسْمَانِ خَوْلَةُ وَعَفْرَاءُ اه وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا اسْمًا وَالْآخَرُ لَقَبًا أَوْ أَحَدُهُمَا اسْمَ أُمِّهِ وَالْآخَرُ اسْمَ أَبِيهِ أَوْ وَالْآخَرُ اسْمَ جَدَّةٍ لَهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ عَفْرَاءَ اسْمُ أُمِّهِ وَالْآخَرَ اسْمُ أَبِيهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَنَّهُ خَوْلَةُ أَوْ خَوْلَى وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَتِهِ يَرْثِي لَهُ إِلَخْ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ زَعَمَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ يرثي الخ من كَلَام الزُّهْرِيّ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ هُوَ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.

قُلْتُ وَكَأَنَّهُمُ اسْتَنَدُوا إِلَى مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ فَصَّلَ ذَلِكَ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي آخِرِهِ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ قَالَ سَعْدٌ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي وَصْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِإِدْرَاجِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا فِي الطِّبِّ مِنَ الزِّيَادَةِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي ثُمَّ مَسَحَ وَجْهِي وَبَطْنِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ قَالَ فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورَةِ.

قُلْتُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَنِي فَقَالَ اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا فِي الطِّبِّ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ أَفَأَتَصَدَّقُ فَيَحْتَمِلُ التَّنْجِيزَ وَالتَّعْلِيقَ بِخِلَافِ أَفَأُوصِي لَكِنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعْلِيقِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ أَتَصَدَّقُ مَنْ جَعَلَ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ مِنَ الثُّلُثِ وَحَمَلُوهُ عَلَى الْمُنَجَّزَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا بَيَّنْتُهُ.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي السُّؤَالِ فَكَأَنَّهُ سَأَلَ أَوَّلًا عَنِ الْكُلِّ ثُمَّ سَأَلَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ سَأَلَ عَنِ النِّصْفِ ثُمَّ سَأَلَ عَنِ الثُّلُثِ وَقَدْ وَقَعَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِي رِوَايَةِ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَكَذَا لَهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

قُلْتُ فَالشَّطْرُ هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِمَالِي كُلِّهِ أَيْ فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَهَذَا رَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيُّ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ أَيْ أُسَمِّي الشَّطْرَ أَوْ أُعَيِّنُ الشَّطْرَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ أَيَجُوزُ الشَّطْرُ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ الثُّلُثَ قَالَ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي الْهِجْرَةِ قَالَ الثُّلُثُ يَا سَعْدُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَفِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ نَعَمْ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ وَكَذَا لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ سَعْدٍ وَفِيهِ فَقَالَ أَوْصَيْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِكَمْ.

قُلْتُ بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ فَمَا تَرَكْتَ لِوَلَدِكَ وَفِيهِ أَوْصِ بِالْعُشْرِ قَالَ فَمَا زَالَ يَقُولُ وَأَقُولُ حَتَّى قَالَ أَوْصِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ يَعْنِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمَحْفُوظُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَمَعْنَاهُ كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا دُونَهُ وَسَأَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَقَولُهُ قَالَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ بِنَصْبِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ نَحْوِ عَيِّنِ الثُّلُثَ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوِ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ يَكْفِيكَ الثُّلُثُ أَوِ الثُّلُثُ كَافٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ مَسُوقًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ بِالثُّلُثِ وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يَبْتَدِرُهُ الْفَهْمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالثُّلُثِ هُوَ الْأَكْمَلُ أَيْ كَثِيرٌ أَجْرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ كَثِيرٌ غَيْرُ قَلِيلٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا أَوْلَى مَعَانِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْكَثْرَةَ أَمر نسبي وعَلى الأول عول بن عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ بِفَتْحِ أَنْ عَلَى التَّعْلِيلِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هما صَحِيحَانِ صُورِيَّانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ لَا مَعْنَى لِلشَّرْطِ هُنَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَا جَوَابَ لَهُ وَيَبْقَى خير لَا رَافع لَهُ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ سَمِعْنَاهُ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ بِالْكَسْرِ وَأَنْكَرَهُ شَيخنَا عبد الله بن أَحْمد يَعْنِي بن الْخَشَّابِ.

     وَقَالَ  لَا يَجُوزُ الْكَسْرُ لِأَنَّهُ لَا جَوَابَ لَهُ لِخُلُوِّ لَفْظِ خَيْرٍ مِنَ الْفَاءِ وَغَيْرِهَا مِمَّا اشْتُرِطَ فِي الْجَوَابِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا مَانع من تَقْدِيره.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ جَزَاءُ الشَّرْطِ .

     قَوْلُهُ  خَيْرٌ أَيْ فَهُوَ خير وَحذف الْفَاء جَائِز وَهُوَ كَقِرَاءَة طَاوس ويسئلونك عَنِ الْيَتَامَى قُلْ أَصْلِحْ لَهُمْ خَيْرٌ قَالَ وَمَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالشِّعْرِ بَعُدَ عَنِ التَّحْقِيقِ وضيق حَيْثُ لَا تضيق لِأَنَّهُ كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ قَلِيلٌ فِي غَيْرِهِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي الشِّعْرِ فِيمَا أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا أَيْ فَاللَّهُ يَشْكُرُهَا وَإِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالشِّعْرِ قَالَ وَنَظِيرُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا بِحَذْفِ الْفَاءِ وَقَولُهُ فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ .

     قَوْلُهُ  وَرَثَتَكَ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا عَبَّرَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَنْ تَدَعَ بِنْتَكَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ لِكَوْنِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ لِأَنَّ سَعْدًا إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَوْتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ وَبَقَائِهَا بَعْدَهُ حَتَّى تَرِثَهُ وَكَانَ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ تَمُوتَ هِيَ قَبْلَهُ فَأَجَابَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ كلي مُطَابق لكل حَالَة وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  وَرَثَتَكَ وَلَمْ يَخُصَّ بِنْتًا مِنْ غَيْرِهَا.

     وَقَالَ  الْفَاكِهِيُّ شَارِحُ الْعُمْدَةِ إِنَّمَا عَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ سَعْدًا سَيَعِيشُ وَيَأْتِيهِ أَوْلَادٌ غَيْرُ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ فَكَانَ كَذَلِكَ وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَلَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ وَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  أَنْ تَدَعَ بِنْتَكَ مُتَعَيِّنًا لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْحَصِرًا فِيهَا فَقَدْ كَانَ لِأَخِيهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَوْلَادٌ إِذْ ذَاكَ مِنْهُمْ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ الصَّحَابِيُّ الَّذِي قُتِلَ بِصِفِّينَ وَسَأَذْكُرُ بَسْطَ ذَلِكَ فَجَازَ التَّعْبِيرُ بِالْوَرَثَةِ لِتَدْخُلَ الْبِنْتُ وَغَيْرُهَا مِمَّنْ يَرِثُ لَوْ وَقَعَ مَوْتُهُ إِذْ ذَاك أَو بعد ذَلِك وَأما قَوْلُ الْفَاكِهِيِّ إِنَّهُ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ فَفِيهِ قُصُورٌ شَدِيدٌ فَإِنَّ أَسْمَاءَهُمْ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَامِرٍ وَمُصْعَبٍ وَمُحَمَّدٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ سَعْدٍ وَوَقَعَ ذِكْرُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَمَّا وَقَعَ ذِكْرُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ شُيُوخِنَا تَعَقُّبٌ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةً مِنَ الذُّكُورِ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عُمَرُ وَإِبْرَاهِيمُ وَيَحْيَى وَإِسْحَاقُ وَعَزَا ذِكْرَهُمْ لِابْنِ الْمَدِينِيّ وَغَيره وَفَاته أَن بن سَعْدٍ ذَكَرَ لَهُ مِنَ الذُّكُورِ غَيْرَ السَّبْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَمْرٌو وَعِمْرَانُ وَصَالِحٌ وَعُثْمَانُ وَإِسْحَاقُ الْأَصْغَرُ وَعُمَرُ الْأَصْغَرُ وَعُمَيْرٌ مُصَغَّرًا وَغَيْرُهُمْ وَذَكَرَ لَهُ من الْبَنَات ثِنْتَيْ عشرَة بِنْتا وَكَأن بن الْمَدِينِيِّ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ مِنْهُم وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عَالَةً أَيْ فُقَرَاءَ وَهُوَ جَمْعُ عَالٍ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَالْفِعْلُ مِنْهُ عَالَ يَعِيلُ إِذَا افْتَقَرَ .

     قَوْلُهُ  يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ أَيْ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِأَكُفِّهِمْ يُقَالُ تَكَفَّفَ النَّاسَ وَاسْتَكَفَّ إِذَا بَسَطَ كَفَّهُ لِلسُّؤَالِ أَوْ سَأَلَ مَا يَكُفُّ عَنْهُ الْجُوعَ أَوْ سَأَلَ كَفًّا كَفًّا مِنْ طَعَامٍ وَقَولُهُ فِي أَيْدِيهِمْ أَيْ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ سَأَلُوا بِأَكُفِّهِمْ وَضْعَ الْمَسْئُولِ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعْدًا قَالَ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ فِي الطِّبِّ وَهَذَا اللَّفْظُ يُؤْذِنُ بِمَالٍ كَثِيرٍ وَذُو الْمَالِ إِذَا تَصَدَّقَ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَطْرِهِ وَأَبْقَى ثُلُثَهُ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَغَيْرِهَا لَا يَصِيرُونَ عَالَةً لَكِنَّ الْجَوَابَ أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ عَلَى التَّقْدِيرِ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمَالِ الْكَثِيرِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْدِيرِ وَإِلَّا فَلَوْ تَصَدَّقَ الْمَرِيضُ بِثُلُثَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ طَالَتْ حَيَاتُهُ وَنَقَصَ وَفَنِيَ الْمَالُ فَقَدْ تُجْحِفُ الْوَصِيَّةُ بِالْوَرَثَةِ فَرَدَّ الشَّارِعُ الْأَمْرَ إِلَى شَيْءٍ مُعْتَدِلٍ وَهُوَ الثُّلُثُ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَهُوَ عِلَّةٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا تَفْعَلْ لِأَنَّكَ إِنْ مُتَّ تَرَكْتَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ وَإِنْ عِشْتَ تَصَدَّقْتَ وَأَنْفَقْتَ فَالْأَجْرُ حَاصِلٌ لَكَ فِي الْحَالَيْنِ وَقَولُهُ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ كَذَا أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا مُقَيَّدَةً بِابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ وَعَلَّقَ حُصُولَ الْأَجْرِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أَجْرَ الْوَاجِبِ يَزْدَادُ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَاجِبٌ وَفِي فِعْلِهِ الْأَجْرَ فَإِذَا نَوَى بِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ازْدَادَ أَجْرُهُ بذلك قَالَه بن أَبِي جَمْرَةَ قَالَ وَنَبَّهَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى اللُّقْمَةَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى نَفَقَةٍ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنه مُبْتَدأ وتجعلها الْخَبَرُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَجْهُ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَخْ بِقِصَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ سُؤَالَ سَعْدٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَغِبَ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْرِ فَلَمَّا مَنَعَهُ الشَّارِعُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّسْلِيَةِ إِنَّ جَمِيعَ مَا تَفْعَلُهُ فِي مَالِكَ مِنْ صَدَقَةٍ نَاجِزَةٍ وَمِنْ نَفَقَةٍ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً تُؤْجَرُ بِهَا إِذَا ابْتَغَيْتَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَعَلَّهُ خَصَّ الْمَرْأَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُسْتَمِرَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ أَنَّ الثَّوَابَ فِي الْإِنْفَاقِ مَشْرُوطٌ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ وَهَذَا عُسْرٌ إِذَا عَارَضَهُ مُقْتَضَى الشَّهْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى يَبْتَغِيَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَسَبَقَ تَخْلِيصُ هَذَا الْمَقْصُودِ مِمَّا يَشُوبُهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَاتِ إِذَا أُدِّيَتْ عَلَى قَصْدِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ أُثِيبَ عَلَيْهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ لَا تَخْصِيصَ لَهُ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ وَلَفْظَةُ حَتَّى هُنَا تَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْأَجْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنَى كَمَا يُقَالُ جَاءَ الْحَاجُّ حَتَّى الْمُشَاةُ .

     قَوْلُهُ  وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ أَيْ يُطِيلَ عُمْرَكَ وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ فَإِنَّهُ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ أَزِيدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَلْ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيَكُونُ عَاشَ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ .

     قَوْلُهُ  فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ أَيْ يَنْتَفِعَ بِكَ الْمُسْلِمُونَ بِالْغَنَائِمِ مِمَّا سَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْكَ مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ وَيُضَرَّ بِكَ الْمُشْركُونَ الَّذين يهْلكُونَ على يَديك وَزعم بن التِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْعِ بِهِ مَا وَقَعَ مِنَ الْفُتُوحِ عَلَى يَدَيْهِ كَالْقَادِسِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبِالضَّرَرِ مَا وَقَعَ مِنْ تَأْمِيرِ وَلَدِهِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ وَهُوَ كَلَامٌ مَرْدُودٌ لِتَكَلُّفِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ تَحْمِلُ عَلَى إِرَادَةِ الضَّرَرِ الصَّادِرِ مِنْ وَلَدِهِ وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ هُوَ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُفَّارِ وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فَقَالَ لَمَّا أُمِّرَ سَعْدٌ عَلَى الْعِرَاقِ أُتِيَ بِقَوْمٍ ارْتَدُّوا فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابَ بَعْضُهُمْ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ فَقَتَلَهُمْ فَانْتَفَعَ بِهِ مَنْ تَابَ وَحَصَلَ الضَّرَرُ لِلْآخَرِينَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَعَلَّ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّرَجِّي لَكِنَّهَا مِنَ اللَّهِ لِلْأَمْرِ الْوَاقِعِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَرَدَتْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَنَحْوِهِ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا قَالَ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ لَا يَرِثُنِي مِنَ الْوَلَدِ أَوْ مِنْ خَوَاصِّ الْوَرَثَةِ أَوْ مِنَ النِّسَاءِ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ لِسَعْدٍ عَصَبَاتٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانُوا كَثِيرًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَرِثُنِي مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ أَوْ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ عَلَى تَقْدِيرِ لَا يَرِثُنِي مِمَّنْ أَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ وَالْعَجْزَ إِلَّا هِيَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوِ اسْتَكْثَرَ لَهَا نِصْفَ التَّرِكَةِ وَهَذِهِ الْبِنْتُ زَعَمَ بَعْضُ مِنْ أَدْرَكْنَاهُ أَنَّ اسْمَهَا عَائِشَةُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهِيَ غَيْرُ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ الَّتِي رَوَتْ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَفِي الطِّبِّ وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ عَمَّرَتْ حَتَّى أدْركهَا مَالك وروى عَنْهَا وَمَاتَتْ سنة سبع عشرَة لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنَ النَّسَّابِينَ لِسَعْدٍ بِنْتًا تُسَمَّى عَائِشَةَ غَيْرَ هَذِهِ وَذَكَرُوا أَنَّ أَكْبَرَ بَنَاتِهِ أُمُّ الْحَكَمِ الْكُبْرَى وَأُمُّهَا بِنْتُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ وَذَكَرُوا لَهُ بَنَاتٍ أُخْرَى أُمَّهَاتُهُنَّ مُتَأَخِّرَاتُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبِنْتَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا هِيَ أُمُّ الْحَكَمِ الْمَذْكُورَةُ لِتَقَدُّمِ تَزْوِيجِ سَعْدٍ بِأُمِّهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ حَرَّرَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مَشْرُوعِيَّةُ زِيَارَةِ الْمَرِيضِ لِلْإِمَامِ فَمَنْ دُونَهُ وَتَتَأَكَّدُ بِاشْتِدَادِ الْمَرَضِ وَفِيهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى جَبْهَةِ الْمَرِيضِ وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَمَسْحُ الْعُضْوِ الَّذِي يُؤْلِمُهُ وَالْفَسْحُ لَهُ فِي طُولِ الْعُمْرِ وَجَوَازُ إِخْبَارِ الْمَرِيضِ بِشِدَّةِ مَرَضِهِ وَقُوَّةِ أَلَمِهِ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يُمْنَعُ أَوْ يُكْرَهُ مِنَ التَّبَرُّمِ وَعَدَمِ الرِّضَا بَلْ حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ لِطَلَبِ دُعَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ وَرُبَّمَا اسْتُحِبَّ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الِاتِّصَافَ بِالصَّبْرِ الْمَحْمُودِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْمَرَضِ كَانَ الْإِخْبَارُ بِهِ بَعْدَ الْبُرْءِ أَجْوَزُ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ وَالطَّاعَةِ إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ قَامَ غَيْرُهُ فِي الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ مَقَامَهُ وَرُبَّمَا زَادَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا خَافَ أَنْ يَمُوتَ بِالدَّارِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا فَيَفُوتُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَجْرِ هِجْرَتِهِ فَأَخْبَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ إِنْ تَخَلَّفَ عَنْ دَارِ هِجْرَتِهِ فَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا مِنْ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ بِهِ أَجْرٌ يُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَفِيهِ إِبَاحَةُ جَمْعِ الْمَالِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّ التَّنْوِينَ فِي قَوْلِهِ وَأَنَا ذُو مَالٍ لِلْكَثْرَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ صَرِيحًا وَأَنَا ذُو مَالٍ كَثِيرٍ وَالْحَثُّ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْأَقَارِبِ وَأَنَّ صِلَةَ الْأَقْرَبِ أَفْضَلُ مِنْ صِلَةِ الْأَبْعَدِ وَالْإِنْفَاقُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لِأَنَّ الْمُبَاحَ إِذَا قُصِدَ بِهِ وَجه الله صَار طَاعَة وقدنبه عَلَى ذَلِكَ بِأَقَلِّ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْعَادِيَّةِ وَهُوَ وَضْعُ اللُّقْمَةِ فِي فَمِ الزَّوْجَةِ إِذْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ غَالِبًا إِلَّا عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ وَالْمُمَازَحَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَيُؤْجَرُ فَاعِلُهُ إِذَا قَصَدَ بِهِ قَصْدًا صَحِيحًا فَكَيْفَ بِمَا هُوَ فَوْقَ ذَلِكَ وَفِيهِ مَنْعُ نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا لَأَمَرَ بِنَقْلِ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَبِأَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لَا يُبَالِي بِالْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ لِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ وَرَثَةً يَخْشَى عَلَيْهِمُ الْفَقْرَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْلِيلًا مَحْضًا وَإِنَّمَا فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَحَظِّ الْأَنْفَعِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيلًا مَحْضًا لَاقْتَضَى جَوَازَ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِمَنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ وَلَنَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ إِجَازَتِهِمْ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا مَحْضًا فَهُوَ لِلنَّقْصِ عَنِ الثُّلُثِ لَا لِلزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا شُرِعَ الْإِيصَاءُ بِالثُّلُثِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمُوصِي إِلَّا أَنَّ الِانْحِطَاطَ عَنْهُ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا لِمَنْ يَتْرُكُ وَرَثَةً غَيْرَ أَغْنِيَاءَ فَنَبَّهَ سَعْدًا عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لِئَلَّا يَتَذَرَّعَ بِالْمَرَضِ أَحَدٌ لأجل حب الوطن قَالَه بن عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ تَقْيِيدُ مُطْلَقِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهُ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يوصى بهَا أَو دين فَأَطْلَقَ وَقَيَّدَتِ السُّنَّةُ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ مُخْتَارًا وَفِيهِ التَّأَسُّفُ عَلَى فَوْتِ مَا يُحَصِّلُ الثَّوَابَ وَفِيهِ حَدِيثُ مَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَةٌ وَأَنَّ مَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ بَادَرَ إِلَى جَبْرِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ تَسْلِيَةُ مَنْ فَاتَهُ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ بِتَحْصِيلِ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ لِمَا أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ لِمَنْ عُرِفَ بِالصَّبْرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِيهِ الِاسْتِفْسَارُ عَنِ الْمُحْتَمَلِ إِذَا احْتَمَلَ وُجُوهًا لِأَنَّ سَعْدًا لَمَّا مُنِعَ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ احْتَمَلَ عِنْدَهُ الْمَنْعَ فِيمَا دُونَهُ وَالْجَوَازَ فَاسْتَفْسَرَ عَمَّا دُونَ ذَلِكَ وَفِيهِ النَّظَرُ فِي مَصَالِحِ الْوَرَثَةِ وَأَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ لِلْوَاحِدِ يَعُمُّ مَنْ كَانَ بِصِفَتِهِ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ لِإِطْبَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ إِنَّمَا وَقَعَ لَهُ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَلَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِسَعْدٍ وَمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِمَّنْ يَخْلُفُ وَارِثًا ضَعِيفًا أَوْ كَانَ مَا يَخْلُفُهُ قَلِيلًا لِأَنَّ الْبِنْتَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يُطْمَعَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مَالٍ لَمْ يُرْغَبْ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ مَالًا قَلِيلًا فَالِاخْتِيَارُ لَهُ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ وَإِبْقَاءُ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ الْقَلِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَصَايَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ التَّيْمِيُّ لِفَضْلِ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِيهِ مُرَاعَاةُ الْعَدْلِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَمُرَاعَاةُ الْعَدْلِ فِي الْوَصِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ وَقَدِ اعْتَبَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ وَيَحْتَاجُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إِلَى ثُبُوتِ طَلَبِ الْكَثْرَةِ فِي الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي مَنْ قَالَ بِالرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ لِلْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ لَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ قَالَ بِالرَّدِّ لَا يَقُولُ بِظَاهِرِهِ لِأَنَّهُمْ يُعْطُونَهَا فَرْضَهَا ثُمَّ يَرُدُّونَ عَلَيْهَا الْبَاقِيَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَرِثُ الْجَمِيعَ ابْتِدَاءً