هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2733 وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الحُمُرِ ، فَقَالَ : مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2733 وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر ، فقال : ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْخَيْلِ لِثَلَاثَةٍ)
هَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَى صَدْرِ الْحَدِيثِ وَأَحَالَ بِتَفْسِيرِهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْهُ الْحَصْرَ فَقَالَ اتِّخَاذُ الْخَيْلِ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَمْنُوعًا فَيَدْخُلُ فِي الْمَطْلُوبِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَيَدْخُلُ فِي الْمَمْنُوعِ الْمَكْرُوهُ وَالْحَرَامُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُبَاحَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ الَّذِي يُتَخَيَّلُ فِيهِ ذَلِكَ جَاءَ مُقَيَّدًا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِيهَا فَيَلْتَحِقُ بِالْمَنْدُوبِ قَالَ وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبًا إِنَّمَا يَعْتَنِي بِذِكْرِ مَا فِيهِ حَضٌّ أَوْ مَنْعٌ.

.
وَأَمَّا الْمُبَاحُ الصِّرْفُ فَيَسْكُتُ عَنْهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ عَفْوٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ فِي الْأَصْلِ الْمُبَاحُ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا ارْتَقَى إِلَى النَّدْبِ بِالْقَصْدِ بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مِنَ ابْتِدَائِهِ مَطْلُوبٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ الْآيَةَ أَيْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فَمَنِ اسْتَعْمَلَهَا فِي ذَلِكَ فَعَلَ مَا أُبِيحَ لَهُ فَإِنِ اقْتَرَنَ بِفِعْلِهِ قَصْدُ طَاعَةٍ ارْتَقَى إِلَى النَّدْبِ أَوْ قَصْدُ مَعْصِيَةٍ حَصَلَ لَهُ الْإِثْمُ وَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثَةِ أَنَّ الَّذِي يَقْتَنِي الْخَيْلَ إِمَّا أَنْ يَقْتَنِيَهَا لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ فِعْلُ طَاعَةِ اللَّهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ أوَ مَعْصِيَتُهُ وَهُوَ الْأَخِيرُ أَوْ يَتَجَرَّدَ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الثَّانِي

[ قــ :2733 ... غــ :2860] .

     قَوْلُهُ  فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمَرْجُ مَوْضِعُ الْكَلَإِ وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُطْمَئِنِّ وَالرَّوْضَةُ أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا قَبْلَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ وَيُطَوَّلُ لَهَا لِتَرْعَى وَيُقَالُ لَهُ طِوَلٌ بِالْوَاو الْمَفْتُوحَةِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الِاسْتِنَانِ هُنَاكَ وَقَولُهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ عَلَى التَّفَاصِيلِ الَّتِي تَقَعُ فِي فِعْلِ الطَّاعَةِ إِذَا قَصَدَ أَصْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلْكَ التَّفَاصِيلَ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاح فَقَالَ بن الْمُنِيرِ قِيلَ إِنَّمَا أُجِرَ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ لَا يَنْتَفِعُ بِشُرْبِهَا فِيهِ فَيَغْتَمُّ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ فَيُؤْجَرُ وَقِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ حَيْثُ تَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَغْتَمُّ صَاحِبُهَا لِذَلِكَ فَيُؤْجَرُ وَكُلُّ ذَلِكَ عُدُولٌ عَنِ الْقَصْدِ .

     قَوْلُهُ  رَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا هَكَذَا وَقَعَ بِحَذْفِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مَنْ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِعَيْنِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَقَدَّمَ تَامًّا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ فِي أَوَاخِرَ كِتَابٍ الشُّرْبِ وَقَولُهُ تَغَنِّيًا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ نَونٍ ثَقِيلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ أَيِ اسْتِغْنَاءً عَنِ النَّاسِ تَقُولُ تَغَنَّيْتُ بِمَا رَزَقَنِي اللَّهُ تَغَنِّيًا وَتَغَانَيْتُ تَغَانِيًا وَاسْتَغْنَيْتُ اسْتِغْنَاءً كُلُّهَا بِمَعْنًى وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَقَولُهُ تَعَفُّفًا أَيْ عَنِ السُّؤَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْلُبُ بِنِتَاجِهَا أَوْ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ أُجْرَتِهَا مِمَّنْ يَرْكَبُهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ الْغِنَى عَنِ النَّاسِ وَالتَّعَفُّفَ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

.
وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَالرَّجُلُ يَتَّخِذُهَا تَعَفُّفًا وَتَكَرُّمًا وَتَجَمُّلًا وَقَولُهُ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا قِيلَ الْمُرَادُ حُسْنُ مِلْكِهَا وَتَعَهُّدُ شِبَعِهَا وَرِيِّهَا وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي الرُّكُوبِ وَإِنَّمَا خَصَّ رِقَابَهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا تُسْتَعَارُ كَثِيرًا فِي الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى فَتَحْرِير رَقَبَة وَهَذَا جَوَابُ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَالْحَمْلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الزَّكَاةُ وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَخْرًا أَيْ تَعَاظُمًا وَقَولُهُ وَرِيَاءً أَيْ إِظْهَارًا لِلطَّاعَةِ وَالْبَاطِنُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ الْمَذْكُورَةِ.

.
وَأَمَّا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ فَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا وَرِيَاءً لِلنَّاسِ .

     قَوْلُهُ  وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ بِكَسْرِ النُّونِ وَالْمَدِّ هُوَ مَصْدَرٌ تَقُولُ نَاوَأْتُ الْعَدُوَّ مُنَاوَأَةً وَنِوَاءً وَأَصْلُهُ مِنْ نَاءَ إِذَا نَهَضَ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمُعَادَاةِ قَالَ الْخَلِيلُ نَاوَأْتُ الرَّجُلَ نَاهَضْتُهُ بِالْعَدَاوَةِ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنِ الدَّاوُدِيِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ وَنَوَى بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَصْرِ قَالَ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ.

.

قُلْتُ حَكَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ فَإِنْ ثَبَتَ فَمَعْنَاهُ وَبُعْدًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيْ مِنْهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَرِيَاءً وَنِوَاءً بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قَدْ تَفْتَرِقُ فِي الْأَشْخَاصِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَذْمُومٌ عَلَى حِدَّتِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْخَيْلَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ إِذَا كَانَ اتِّخَاذُهَا فِي الطَّاعَةِ أَوْ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ وَإِلَّا فَهِيَ مَذْمُومَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ السَّائِلِ صَرِيحًا وَسَيَأْتِي مَا قِيلَ فِيهِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ بِالْفَاء وَتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ سَمَّاهَا جَامِعَةً لِشُمُولِهَا لِجَمِيعِ الْأَنْوَاعِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَسَمَّاهَا فَاذَّةً لِانْفِرَادِهَا فِي مَعْنَاهَا قَالَ بن التِّينِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ فِي اقْتِنَاءِ الْحَمِيرِ طَاعَةً رَأَى ثَوَابَ ذَلِكَ وَإِنْ عَمِلَ مَعْصِيَةً رَأَى عِقَابَ ذَلِك قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ تَعْلِيمُ الِاسْتِنْبَاطِ وَالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ مَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ حُكْمَهُ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ الْحُمُرُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَمَلِ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِذْ كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا قَالَ وَهَذَا نَفْسُ الْقِيَاسِ الَّذِي يُنكره من لَا فهم عِنْده وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْقِيَاسِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْلَالٌ بِالْعُمُومِ وَإِثْبَاتٌ لِصِيغَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ أَوْ وَقَفَ وَفِيهِ تَحْقِيقٌ لِإِثْبَاتِ الْعَمَلِ بِظَوَاهِرَ الْعُمُومِ وَأَنَّهَا مُلْزِمَةٌ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ الْخَاصِّ الْمَنْصُوصِ وَالْعَامِّ الظَّاهِرِ وَأَنَّ الظَّاهِر دون الْمَنْصُوص فِي الدّلَالَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ، وَقَولُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (الخيل لثلاثة.
وقوله تعالى) ولأبي ذر: وقول الله عز وجل ({ والخيل} ) أي وخلق الخيل ({ والبغال والحمير لتركبوها وزينة} ) مفعول له عطف على محل لتركبوها واستدلّ به على حرمة لحومها ولا دليل فيه إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالبًا أن لا يقصد منه غيره أصلاً، ويدل له أن الآية مكية وعامة المفسرين والمحدثين على أن الحمر الأهلية حرمت عام خيبر وزاد أبو ذر ({ ويخلق ما لا تعلمون} ) [النحل: 8] .


[ قــ :2733 ... غــ : 2860 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ.
فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ.
فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْر فَهُو رَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهْيَ
وِزْرٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) هو إمام دار الهجرة ابن أنس (عن زيد بن أسلم) العدوي المدني (عن أبي صالح) ذكوان (السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(الخيل لثلاثة) جار ومجرور، ولأبي ذر عن الكشميهني: ثلاثة بإسقاط حرف الجر والرفع الرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وِزر فأما) الرجل (الذي) هي (له أجر فرجل ربطها) للجهاد (في سبيل الله) عز وجل (فأطال) في الحبل الذي ربطها به حتى تسرح للرعي (في مرج) بفتح الميم وبعد الراء الساكنة جيم موضع كلأ (أو روضة) بالشك من الراوي كالآتي (فما أصابت) أي ما أكلت وشربت ومشت (في طيلها ذلك) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية حبلها المربوطة فيه (من المرج أو الروضة كانت له) أي لصاحبها (حسنات) يوم القيامة يجدها موفورة (ولو أنها قطعت طيلها) حبلها المذكور (فاستنت) بفتح الفوقية وتشديد النون عدت بمرح ونشاط (شرفًا أو شرفين) بفتح الشين المعجمة والراء والفاء فيهما شوطًا أو شوطين فبعدت عن الموضع الذي ربطها صاحبها فيه ترعى ورعت في غيره (كانت أرواثها) بالمثلثة (وآثارها) بالمثلثة في الأرض بحوافرها عند خطواتها (حسنات له) أي لصاحبها يوم القيامة (ولو أنها مرّت بنهر) بفتح الهاء وسكونها (فشربت منه) بغير قصد صاحبها (ولم يرد أن يسقيها كان ذلك) أي شربها وعدم إرادته أن يسقيها (حسنات له).
(و) أما الرجل الذي هي عليه وزر فهو (رجل ربطها فخرًا) بالنصب للتعليل أي لأجل الفخر أي تعاظمًا (ورياءً) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلافه (ونواء) بكسر النون وفتح الواو والمد عداوة (لأهل الإسلام فهي وزر) أي إثم (على ذلك) الرجل، وقيل: الواو في رياء ونواء بمعنى (أو) لأن هذه الثلاثة قد تفترق في الأشخاص وكل واحد منها مذموم على حدته وحذف من هذه الرواية أحد هذه الثلاثة اختصارًا وهو كما ثبت في آخر كتاب الشرب رجل ربطها تغنيًا وتعففًا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر وسيأتي في علامات النبوّة.

(وسُئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) السائل صعصعة بن ناجية جد الفرزدق (عن الحمر) أي عن صدقتها (فقال) عليه الصلاة والسلام (ما أنزل عليّ فيها) شيء مخصوص (إلا هذه الآية الجامعة) العامة الشاملة (الفاذة) بالفاء والذال المعجمة المشددة القليلة مثل المنفردة في معناها ({ فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره} ) [الزلزلة: 7، 8] .
وفي هذه الآية كما قال ابن بطال: تعليم الاستنباط والقياس لأنه شبّه ما لم يذكر الله حكمه في كتابه وهي الحمر بما ذكره.
وتعقبه ابن المنير بأن هذا ليس من القياس في شيء وإنما هو استدلال بالعموم وإثبات لصيغته خلافًا لمن أنكر أو وقف وسيكون لنا عودة إلى الكلام على هذا الحديث في علامات النبوّة إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ الخَيْلِ لِثَلاثَةٍ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْخَيل لثَلَاثَة، أَي: الْخَيل تَنْقَسِم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام عِنْد اقتنائها لثَلَاثَة أنفس على مَا يَجِيء فِي الحَدِيث، وَهَذِه التَّرْجَمَة صدر حَدِيث الْبابُُ، وَذكر هَذَا الْمِقْدَار اكْتِفَاء بِمَا ذكر فِي حَدِيث الْبابُُ، وَالْخَيْل جمع لَا وَاحِد لَهُ وَجمعه: خُيُول، كَذَا فِي ( الْمُخَصّص) وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول: وَاحِدهَا: خائل، لاختيالها، فَهُوَ على هَذَا اسْم للْجمع عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَجمع عِنْد أبي الْحسن.
وَفِي ( الْمُحكم) لَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوف، يَعْنِي: قَول أبي عُبَيْدَة.
قَالَ: وَقَول ابْن أبي ذُؤَيْب.

( فتنازلا واتفقت خيلاهما ... وَكِلَاهُمَا بَطل اللِّقَاء مخدع)

ثناه على قَوْلهم: لقاحان أسودان وحمالان، وَالْجمع أخيال عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَالْأول أشهر، وَفِي الاحتفال لأبي عبد الله بن رضوَان، وَقد جَاءَ فِيهِ الْجمع أَيْضا على أخيل، وَإِذا صغرت الْخَيل أدخلت الْهَاء، فَقلت: خييلة، وَلَو طرحت الْهَاء لَكَانَ وَجها، والخولة بِالْفَتْح جمَاعَة الْخَيل.

وقَوْلهُ تَعالى { والخَيْلَ والبِغَالَ والحمِيرَ لتَرْكَبُوها وزِينَةً} ( النَّحْل: 8) .

وَقَوله: ( مَرْفُوع) ، عطفا على قَوْله: الْخَيل، وَفِي بعض النّسخ، وَقَول الله تَعَالَى قَوْله: ( وَالْخَيْل) ، عطف على قَوْله: { والأنعام خلقهَا لكم} ( النَّحْل: 8) .
أَي: وَخلق الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير، أَي: وَخلق هَؤُلَاءِ للرُّكُوب والزينة، وَاللَّام فِي: لتركبوها، للتَّعْلِيل.
قَوْله: ( وزينة) ، مفعول لَهُ عطف على مَحل: لتركبوها، وَلم يرد الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ على سنَن وَاحِد، لِأَن الرّكُوب فعل المخاطبين، وَأما الزِّينَة فَفعل الزائن، وَهُوَ الْخَالِق وقرىء { زِينَة} ( النَّحْل: 8) .
بِلَا: وَاو، أَي: وخلقها زِينَة لتركبوها، وَاحْتج بِهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك على حُرْمَة أكل الْخَيل لِأَنَّهُ علل خلقهَا بالركوب، والزينة وَلم يذكر الْأكل كَمَا ذكره فِي الْأَنْعَام.



[ قــ :2733 ... غــ :2860 ]
- حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبي صالِحٍ السَّمَّانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ لِرَجُلٍ أجْر ولِرَجُلٍ سِتْرٌ وعَلى رَجُلٍ وزْرٌ فأمَّا الَّذي لَهُ أجْرٌ فَرَجُلٌ ربَطَهَا فِي سَبِيلِ الله فأطالَ فِي مَرْجٍ أوْ رَوْضَةٍ فَمَا أصابَتْ فِي طِيَلِها ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أَو الرَّوْضَةِ كانَتْ لَهُ حَسَناتٍ ولَوْ أنَّها قَطَعَتْ طِيَلَها فاسْتَنَّت شَرَفَاً أوْ شَرَفَيْنِ كانَتْ أرْوَاثُهَا وآثَارُهَا حَسَناتٍ لَهُ ولَوْ أنَّها مَرَّتْ بِنَهْرٍ فشَرَبَتْ مِنْهُ ولمْ يُردْ أنْ يَسْقِيَهَا كانَ ذَلَكَ حَسناتٍ لَهُ ورَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرَاً ورِياءً ونِواءً لأهْلِ الإسْلامِ فَهْيَ وِزْرٌ على ذَلِكَ وسُئِلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ الحُمُرِ فَقَالَ مَا أُنْزِلَ علَيَّ فِيها إلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ ومَنْ يَعْمَلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهُ} ( الزلزلة: 7 8) ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( الْخَيل لثَلَاثَة) ، وَقد ذكرنَا أَنَّهَا صدر حَدِيث الْبابُُ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الشّرْب فِي: بابُُ شرب النَّاس وَالدَّوَاب من الْأَنْهَار، غير أَنه لم يذكر فِيهِ هُنَا الْقسم الثَّالِث اختصاراً.
وَهُوَ قَوْله: ( وَرجل ربطها تغَنِّيا) إِلَى آخر مَا ذكره هُنَاكَ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، ولنذكر بعض شَيْء لزِيَادَة الْفَائِدَة.

قَوْله: ( الْخَيل لثَلَاثَة) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني ( الْخَيل ثَلَاثَة) ، قَوْله: ( فِي مرج أَو رَوْضَة) ، شكّ من الرَّاوِي، والمرج مَوضِع الْكلأ، وَأكْثر مَا يُطلق على الْموضع المطمئن وَالرَّوْضَة أَكثر مَا يُطلق على الْموضع الْمُرْتَفع..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: المرج: الأَرْض الواسعة ذَات نَبَات كثير تمرج فِيهَا الدَّوَابّ أَي: تخلى تسرح مختلطة كَيفَ شَاءَت، وَالرَّوْضَة: الْموضع الَّذِي يستنقع فِيهِ المَاء.
قَوْله: ( طيلها) ، بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا لَام: وَهُوَ الْحَبل الَّذِي ترتبط بِهِ، وَيطول لَهَا الترعي، وَيُقَال لَهُ: طول أَيْضا.
قَوْله: ( فاستنت) ، من الاستنان، وَهُوَ الْعَدو، والشرف: الشوط.
قَوْله: ( ونواء) ، بِكَسْر النُّون المناوأة وَهِي المعاداة، وَحكى عِيَاض عَن الدَّاودِيّ أَنه وَقع عِنْده.
وَنوى، بِفَتْح النُّون وَالْقصر، قَالَ: وَلَا يَصح ذَلِك، وَقيل: حَكَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أبي أويس فَإِن ثَبت فَمَعْنَاه: وبعداً لأهل الْإِسْلَام، وَقيل: الظَّاهِر أَن الْوَاو فِي قَوْله: ( ورياء ونواء) ، بِمَعْنى: أَو، لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء قد تفترق فِي الْأَشْخَاص، وكل وَاحِد مِنْهَا مَذْمُوم على حِدة.
قَوْله: ( الفاذة) ، بِالْفَاءِ وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة: أَي المنفردة فِي مَعْنَاهَا، يَعْنِي: مُنْفَرِدَة فِي عُمُوم الْخَيْر وَالشَّر.