2784 وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي الدَّسْتَوَائِيَّ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَرَامِ : يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } |
2784 وحدثنا زهير بن حرب ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن هشام يعني الدستوائي ، قال : كتب إلي يحيى بن أبي كثير ، يحدث عن يعلى بن حكيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه كان يقول في الحرام : يمين يكفرها ، وقال ابن عباس : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ
[ سـ :2784 ... بـ :1473]
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي الدَّسْتَوَائِيَّ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَرَامِ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
قَوْلُهُ : ( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَرَامِ : يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا ) وَذَكَرَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى : لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ .
فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا كَانَ طَلَاقًا ، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا ظِهَارٍ لَزِمَهُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ : أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ; وَالثَّانِي أَنَّهُ لَغْوٌ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَحْكَامِ ، هَذَا مَذْهَبُنَا .
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا :
أَحَدُهَا : الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا ، لَكِنْ لَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنَ الثَّلَاثِ قُبِلَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا خَاصَّةً ، قَالَ : وَبِهَذَا الْمَذْهَبِ قَالَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدٌ وَالْحَسَنُ وَالْحَكَمُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا غَيْرِهَا ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثٌ وَعَلَى غَيْرِهَا وَاحِدَةٌ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَالِكِيَّانِ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ .
وَالْخَامِسُ : أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ .
وَالسَّادِسُ : أَنَّهُ يَقَعُ مَا نَوَى وَلَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ .
وَالسَّابِعُ : أَنَّهُ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا أَوْ يَمِينًا فَهُوَ مَا نَوَى وَإِلَّا فَلَغْوٌ قَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ .
وَالثَّامِنُ مِثْلُ السَّابِعِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ .
وَالتَّاسِعُ : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَالْعَاشِرُ : إِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَمِينٌ وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَلَغْوٌ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ .
وَالْحَادِي عَشَرَ مِثْلُ الْعَاشِرِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا نَوَى اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ قَالَهُ زُفَرُ .
وَالثَّانِي عَشَرَ : أَنَّهُ تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ .
وَالثَّالِثَ عَشَرَ : هِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ .
الرَّابِعَ عَشَرَ : أَنَّهُ كَتَحْرِيمِ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ بَلْ هُوَ لَغْوٌ قَالَهُ مَسْرُوقٌ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَصْبَغُ الْمَالِكِيُّ .
هَذَا كُلُّهُ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ، أَمَّا إِذَا قَالَهُ لِأَمَةٍ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إِنْ نَوَى عِتْقَهَا عُتِقَتْ ، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَكُونُ يَمِينًا ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَجَبَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : هَذَا فِي الْأَمَةِ لَغْوٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ .
قَالَ الْقَاضِي : وَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ : عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِنَفْسِ التَّحْرِيمِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا حَرَّمَهُ مِنْ أَمَةٍ وَطَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ إِنْ قَالَ : هَذَا الطَّعَامُ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ هَذَا الْمَاءُ وَهَذَا الثَّوْبُ أَوْ دُخُولُ الْبَيْتِ أَوْ كَلَامُ زَيْدٍ وَسَائِرُ مَا يُحَرِّمهُ غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ يَكُونُ هَذَا لَغْوًا لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَإِذَا تَنَاوَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .