هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3100 وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : لَمَّا أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَعْيَا بَعِيرِي ، قَالَ : فَنَخَسَهُ ، فَوَثَبَ ، فَكُنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْبِسُ خِطَامَهُ لِأَسْمَعَ حَدِيثَهُ ، فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : بِعْنِيهِ ، فَبِعْتُهُ مِنْهُ بِخَمْسِ أَوَاقٍ ، قَالَ : قُلْتُ : عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ : وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُهُ بِهِ ، فَزَادَنِي وُقِيَّةً ، ثُمَّ وَهَبَهُ لِي ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ - أَظُنُّهُ قَالَ : غَازِيًا - ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ ، وَزَادَ فِيهِ قَالَ : يَا جَابِرُ ، أَتَوَفَّيْتَ الثَّمَنَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : لَكَ الثَّمَنُ ، وَلَكَ الْجَمَلُ ، لَكَ الثَّمَنُ ، وَلَكَ الْجَمَلُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أظنه قال : غازيا ، واقتص الحديث ، وزاد فيه قال : يا جابر ، أتوفيت الثمن ؟ قلت : نعم ، قال : لك الثمن ، ولك الجمل ، لك الثمن ، ولك الجمل
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر.
فتخلف ناضحي.
وساق الحديث وقال فيه: فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لي اركب باسم الله وزاد أيضًا: قال: فما زال يزيدني ويقول والله يغفر لك.


المعنى العام

صورة إسلامية مشرقة، صورة الإمام القائد الأعظم مع جنده، أو صغار جنده، وكيف يتتبع أحوالهم، ويساعدهم، ويتفقد أمورهم الخاصة، ويسامرهم، ويرشدهم إلى مصالحهم، صورة القائد الذي يتصدر الجند في المعارك، ولا يتصدرهم في طريق العودة، بل يسير أمامهم أحيانًا، وفي وسطهم أحيانًا، وفي مؤخرتهم أحيانًا، يعين الضعيف، وينجد ذا الحاجة، صورة الإمام الأعظم الذي يعطي دون أن يمن، ودون أن يجرح المعطى.

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود من غزوة ذات الرقاع، في السنة الخامسة للهجرة، يعود بجيشه بعد نصر الله، وفي الجند جابر بن عبد الله، الصحابي المشهور، يركب جملاً له عليلاً، اشتد به الإعياء حتى لا يكاد يسير، فتخلف جابر عن آخر القوم، وكاد يترك الجمل في الصحراء، ويسير على أقدامه، وبينما هو يتدبر أمره فوجئ بمن يناديه من خلفه: جابر؟ فالتفت، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: لبيك يا رسول الله.
قال: مالك تأخرت؟ ما لبعيرك؟ قال: بعيري عليل، لا يكاد يسير، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ناقته، ونزل جابر عن جمله، أدبًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلف بعير جابر، فنخسه في عجزه بعصاة كانت معه، فقفز البعير من النخسة، وسمع جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعو للبعير بالبركة، ثم قال: يا جابر: اركب بعيرك باسم الله.
فركب جابر بعيره، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته، وتجول بين الجند، ركب جابر بعيره، فإذا هو غير البعير، بعير يسير سيرًا لم يسر مثله قبل، بل لا يسير مثله بعير، إنه يسابق إبل القوم، إنه يسبقهم، ويسير قدامهم ومرة أخرى يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بجواره، يقول له: يا جابر.
قال: لبيك يا رسول الله.
قال: كيف ترى بعيرك؟ ماذا فعل؟ قال: حصلت له بركتك يا رسول الله، ها هو كأحسن بعير، بفضل دعائك، ها هو ذا يحاول سبق ناقتك، أشده من خطامه لأمنعه من الإسراع، لتتقدم علي يا رسول الله، قال: يا جابر.
أتزوجت بعد وفاة أبيك؟ قال: نعم، وأن عروس، لهذا أستأذنك في أن أسبق الجيش إلى المدينة.
قال: لا بأس.
فماذا تزوجت؟ بكرًا؟ أم ثيبًا؟ قال: ثيبًا.
قال: فلم لم تتزوج بكرًا وأنت شاب في مقتبل الشباب؟ لم لم تتزوج بكرًا تلاعبها وتلاعبك؟ لم لم تتزوج عذراء تضاحكها وتضاحكك؟ قال: لقد مات أبي شهيدًا في أحد، وترك تسعًا من البنات، منهن الصغيرة، فكرهت أن أتزوج بكرًا في سن بعضهن، فلا تستطيع خدمتهن، وتمشيطهن، وجمعهن، والقيام عليهن، فتزوجت امرأة تقوم مقام أمهن، وتدبر شئونهن.
قال: أصبت.
فبارك الله لك، يا جابر العقل العقل، والحكمة الحكمة في معالجتك لأمور زوجك مع أخواتك، فما أصعب هذه العلاقة.
ثم قال: يا جابر أتبيعني جملك هذا؟ واستحيا جابر.
بماذا يجيب؟ وليس لهم جمل يستقون عليه إلا هذا؟ قال: هو لك يا رسول الله هدية لا بيعًا.
قال: لا بعنيه.
قال: هو لك هدية لا بيعًا يا رسول الله قال: لا بعنيه بأوقية من الذهب.
قال: لا أبيعه.
قال: بعنيه بأوقية من ذهب، والله يغفر لك.
قال: بعتكه.
وقد كان لرجل علي أوقية من الذهب، فهي تسد الدين، لكن أتبلغ عليه حتى المدينة.
قال: تبلغ عليه إلى المدينة.

وسبق جابر الجيش، وضرب الرسول صلى الله عليه وسلم خيام الجيش قرب المدينة، على ثلاثة أميال منها، حتى يصل خبر الجيش وتستعد النساء للقاء الأزواج، وأصبح جابر بجمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده على باب المسجد، فسلمه الجمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال، خازن بيت المال: زن له أوقية من ذهب، وزده، فوزن له أوقية وقيراطًا، ونقده، فرجع جابر إلى بيته وقبل أن يجلس جاءه من يقول له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوك إليه.
قال: سمعًا وطاعة، وأخذ يقلب الأمور.
لماذا يطلبني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد كنت معه منذ قليل؟ أخشى أن يكون قد غضب لترددي في الموافقة على البيع، أو أن يكون سيرد علي الجمل، ويسترد الثمن وهو غير راض عني.

ووصل جابر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتظن أنني ساومتك على ثمن الجمل وبيعه لآخذه منك؟ الثمن لك، والجمل مني هدية لك.
وقف جابر مشدوهًا، للمفاجأة، وأعاد صلى الله عليه وسلم: لك الثمن، ولك الجمل، ومرة أخرى وقف جابر مشدوهًا لا يصدق نفسه.
ومرة أخرى يقول صلى الله عليه وسلم.
لك الثمن ولك الجمل، فصدق الله العظيم { { رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } } [التوبة: 128] .

المباحث العربية

( أنه كان يسير على جمل له) في الرواية الثانية غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي - أي جمل يستقى عليه - وفي الرواية السادسة سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وفي روايتين لمسلم، سبقتا في كتاب النكاح - باب استحباب نكاح ذات الدين ونكاح البكر كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة.
خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ومن مجموع الروايات يتبين أن اللقاء في العودة من غزوة، قيل: هي غزوة ذات الرقاع، في السنة الخامسة.

( قد أعيا) يقال: أعيا البعير في سيره، إذا تعب تعبًا شديدًا، وفي الرواية الثانية ولا يكاد يسير وفي الرواية الثالثة فاعتل جملي أي مرض، وفي الرواية الرابعة فتخلف ناضحي أي تخلف عن القوم بسبب الإعياء، وفي رواية لمسلم في كتاب النكاح فأبطأ بي جملي وفي أخرى هناك وأنا على ناضح، إنما هو في أخريات الناس.

( فأراد أن يسيبه) بضم الياء الأولى وفتح السين وكسر الياء المشددة، أي يتركه ويخليه يسيب ويذهب حيث يشاء، والسائبة المهملة.

( فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لي، وضربه) في الرواية الثانية فتلاحق بي، فقال لي: ما لبعيرك؟ قلت: عليل.
قال: فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزجره، ودعا له وفي الرواية الرابعة فنخسه أي رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلف بعد أن كان في محاذاة جابر، فزجر الجمل بنخسه، وفي رواية لمسلم سبقت نخسه بشيء كان معه وفي أخرى هناك نخس بعيري بعنزة كانت معه والعنزة بفتح العين والنون عصا في نحو نصف الرمح في أسفلها حديدة، وفي أخرى هناك أيضًا فنزل فحجنه بمحجنة، ثم قال: اركب.
فركبت والمحجن بكسر الميم عصا في رأسها اعوجاج.

والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا يسير في مقدمة أصحابه، وأحيانًا يتوسطهم، وأحيانًا يتأخر إلى المؤخرة، ليساعد ضعيفهم، كما في هذه القضية، فلما تأخر عن القوم جاء جابرًا من خلفه، حتى حاذاه، فسأله عن سر تأخره، فشكا إليه جمله، فنزل صلى الله عليه وسلم عن جمله، ونزل جابر، فتأخر صلى الله عليه وسلم إلى الجمل من الخلف، وضربه ضربة خفيفة، كالنخس، فوثب الجمل، فدعا للجمل، ثم قال لجابر: اركب فركب وركب صلى الله عليه وسلم، وأخذ يؤنس جابرًا ويسأله عن حاله.

( فسار سيرًا لم يسر مثله) من الحسن والسرعة والنشاط.
في الرواية الثانية فما زال - أي البعير - بين يدي الإبل - أي أمامها - قدامها يسير وفي الرواية الخامسة فكنت بعد ذلك أحبس خطاه - أي أشد الحبل المربوط في رأسه وأنفه، وهو الزمام - لأسمع حديثه صلى الله عليه وسلم، فما أقدر عليه - فأسرع مرة وسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عند مسلم سبقت فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل وفي أخرى هناك فلقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أخرى هناك أيضًا فجعل - الجمل - بعد ذلك يتقدم الناس، ينازعني، حتى إني لأكفه.

( قال: بعنيه بوقية.
قلت: لا ثم قال: بعنيه.
فبعته بوقية)
وفي الرواية الثانية قال: أفتبيعنيه؟ فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره وفي الرواية الثالثة بعني جملك هذا.
قال: قلت: بل هو لك.
قال: لا.
بل بعنيه.
قال: قلت: لا.
بل هو لك يا رسول الله.
قال: لا.
بل بعنيه.
قال: قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها وفي الرواية الخامسة فقال: بعنيه.
فبعته منه بخمس أواق وفي الرواية السابعة اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بوقيتين ودرهم أو درهمين وفي الرواية التاسعة أخذت جملك بأربعة دنانير وفي رواية أحسبه بأربع أواق زادها البخاري وزاد بثمانمائة درهم وفي رواية بعشرين دينارًا والظاهر أن جابرًا رفض البيع أولاً، لأنه لم يكن لهم ناضح سواه، ولذلك لامه خاله عندما قابله في المدينة، كما في الرواية الثانية، ثم لما أعاد صلى الله عليه وسلم الطلب قال: هو لك بدون ثمن، فلما أصر صلى الله عليه وسلم قال له جابر: إنه مدين بأوقية من الذهب لرجل، وأنه يبيع بهذه الأوقية، فالرسول صلى الله عليه وسلم عرض الثمن أولاً، وقبل جابر وأعلنه أخيرًا.

أما اختلاف الروايات في الثمن، فعنه يقول النووي: وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى، وهو جائز، فالمراد وقية ذهب، كما فسر في الرواية الثالثة، ويحمل عليه رواية من روى أوقية مطلقًا، وأما من روى خمس أواق فالمراد خمس أواق من الفضة، وهي بقدر قيمة أوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواق الفضة عما حصل به الإيفاء [وهذا غير مسلم، فالإيفاء تم بأوقية ذهب، كما هو صريح الرواية الثالثة] ويحتمل أن يكون هذا كله زيادة على الأوقية، كما قال: فما زال يزيدني في الرواية الرابعة [وهذا أيضًا غير مسلم، إذ لو زاده في العقد لزاده في الوفاء، ولعل معنى فما زال يزيدني طلبًا للبيع ويكرره] وأما رواية أربعة دنانير فموافقة أيضًا، لأنه يحتمل أن أوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانير، وأما رواية أوقيتين فيحتمل أن إحداهما وقع بها البيع، والأخرى زيادة، كما قال: فزادني وقية في الرواية الخامسة [وهذا غير مسلم، لما هو ثابت عند الوفاء] وقوله ودرهم أو درهمين في الرواية السابعة موافق لقوله: وزادني قيراطًا وأما رواية عشرين دينارًا فمحمولة على دنانير صغار، كانت لهم [وهذا غير مسلم، فلم يثبت أنه كان لهم دنانير كبار، ودنانير صغار، العشرون من الصغار تعادل أربعًا] ورواية أربع أواق شك فيها الراوي، فلا اعتبار بها.
اهـ.

وهذه التوجيهات بعضها غير مقبول، وبعضها ظاهر التعسف، والأولى أن يحكم لبعضها بالمحفوظ، وعلى بعضها بالشذوذ، وخاصة أن تحديد ثمن البعير لا يتعلق به حكم شرعي.
والله أعلم.

( واستثنيت حملانه إلى أهلي) حملانه بضم الحاء الحمل بفتحها، يقال: حمل الحمل على ظهر الدابة حملاً وحملانًا، والمعنى: واستثنيت حمله لي إلى أهلي بالمدينة.
وقد وضح هذا الاستثناء في الرواية الخامسة، ولفظها قلت على أن لي ظهره إلى المدينة ووضح إجابته إلى طلبه في الرواية الخامسة والتاسعة قال: ولك ظهره إلى المدينة وفي الرواية الثالثة فتبلغ عليه إلى المدينة وفي الرواية الثانية فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة وفقار ظهره بفاء مفتوحة، ثم قاف، وهي خرزاته ومفاصل عظامه، واحدتها فقرة.

( فلما بلغت أتيته بالجمل) أي فلما بلغت المدينة، وبلغت أهلي، ووضعت عندهم رحلي ومتاعي أتيته عن المسجد بالجمل، وطوت هذه الرواية بعض الأحداث التي ذكرتها الروايات الأخرى، وهي:

( فقلت له: يا رسول اللَّه، إني عروس) جاء هذا في الرواية الثانية، أي إني عجل إلى أهلي، فأستأذنك في الإسراع.
ولفظ عروس يقال للرجل كما يقال للمرأة بلفظ واحد، لكن يختلفان في الجمع، فيقال: رجل عروس، ورجال عرس، بضم العين والراء، وامرأة عروس ونسوة عرائس.

( قال: ما تزوجت؟) لم يكن السؤال عن ذات الزوجة حتى يسأل بـمن تزوجت ولكن كان السؤال عن صفتها أبكرًا؟ أم ثيبًا؟ وهما منصوبان مفعول به لفعل محذوف، ومعطوف، أي أتزوجت بكرًا؟ أم ثيبًا؟ قال: ثيبًا.

( قال: أفلا تزوجت بكرًا تلاعبك وتلاعبها؟) في روايات لمسلم سبقت فهلا بكرًا تلاعبها؟ فأين أنت من العذارى؟ ( بفتح الراء جمع عذراء) ولعابها ( بكسر اللام، أي ملاعبتها؟) فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟.

أو قال: تضاحكها وتضاحكك؟ أتزوجت بعد أبيك؟.

( توفي والدي - أو استشهد) والدي.
فقد استشهد أبوه في أحد رضي الله عنه.

( ولي أخوات صغار) في رواية لمسلم سبقت في كتاب النكاح وترك تسع بنات - أو سبع - وفي رواية ست قال الحافظ ابن حجر: فكأن ثنتين منهن أو ثلاثة كن متزوجات من تسع، فقصد الكل تارة، وقصد غير المتزوجات تارة أخرى.

( فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن) في الصغر، وعدم الدراية، وعدم القدرة على رعاية الشئون، والمعنى فكرهت أن أتزوج مثلهن مضمومة إليهن.

( فلا تؤدبهن، ولا تقوم عليهن) وفي رواية فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن.

( فتزوجت ثيبًا لتقوم عليهن، وتؤدبهن) في رواية فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن وفي رواية تقوم عليهن وتمشطهن وفي رواية تجمعهن، وتمشطهن، وتقوم عليهن ذكر ابن سعد أن هذه المرأة كان اسمها سهلة بنت مسعود بن أوس بن مالك الأنصارية الأوسية.

وفي رواية سبقت قال: أصبت وفي أخرى قال: فبارك الله لك.
أو قال لي خيرًا وفي ثالثة أما إنك قادم، فإذا قدمت فالكيس الكيس أي الزم العقل والذكاء والظرف في معالجتك أمور زوجك وأخواتك.
وظاهر إحدى روايات مسلم أن البيع كان بعد حديث الزواج، ولفظها بعد أن ذكر محادثة الزواج ثم قال: أتبيع جملك... إلخ.

( فاستأذنته، فأذن لي) أي أستأذنته في أن أسبقه وأسبق القوم إلى المدينة، فأذن لي، فتقدمت الناس إلى المدينة.

( حتى انتهيت.
فلقيني خالي، فسألني عن البعير)
أي حتى انتهيت إلى المدينة وإلى بيتي، ولعل سر سؤال خاله عن البعير أنه رآه يسير كأحسن بعير بعد أن كان ضعيفًا.

( فلامني فيه) اللوم سببه أن البعير كان على هذا مرغوبًا فيه عندهم، ولم يكن لهم ناضح سواه، كما سبق، وليس لأنه باعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبثمن أقل مما يستحق.

( فلما قدم صرارًا أمر ببقرة فذبحت) صرار بفتح الصاد وكسرها، والكسر أشهر وأفصح، وتخفيف الراء، وهو موضع قريب من المدينة، وقال الخطابي: هي بئر قديمة، على ثلاثة أميال من المدينة، وضبطه بعض الرواة في مسلم والبخاري ضرار بالضاد، وهو خطأ، وصرار غير مصروف، والمشهور صرفه.

وفي الرواية الثامنة فنحرت والنحر الذبح هنا، جمعًا بين الروايات، والمشهور أن النحر في الإبل خاصة، أي الطعن في المنحر، وهو أعلى الصدر، حتى يبدو الحلقوم من أعلى الصدر، أما الذبح فهو في الرقبة بقطع الودجين ويكون فيما عدا الإبل.

وكان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل المدينة فجأة، فنزل بأصحابه قبلها بثلاثة أميال، وذبح لهم، ليأكلوا، ويستريحوا، حتى يستعد النساء للقاء الأزواج.

( فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه) في الرواية الثانية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوت إليه بالبعير أي ذهبت إليه بالبعير صباحًا، وفي الرواية الخامسة فلما قدمت المدينة أتيته به أي فلما قدمت المدينة، واسترحت عند أهلي، وأصبحت أتيته به، وفي الرواية الثالثة فلما قدمت المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: أعطه... إلخ وفي الرواية السابعة فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد، فأصلي ركعتين، ووزن لي ثمن البعير وعند مسلم في رواية سبقت في كتاب النكاح وقدمت بالغداة، فجئت المسجد، فوجدته على باب المسجد، فقال: الآن حين قدمت؟ قلت: نعم.
قال: فدع جملك، وادخل، فصل ركعتين، قال: فدخلت فصليت، ثم رجعت، فأمر بلالاً أن يزن لي أوقية فوزن لي بلال، فأرجح في الميزان أي بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبأمره، ففي الرواية الثالثة قال لبلال: أعطه أوقية من ذهب، وزده، قال: فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطًا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي سأحتفظ بها في كيس كبركة، لا أنفقه أبدًا) فكان القيراط في كيس لي، فأخذه أهل الشام يوم الحرة بفتح الحاء، والحرة الحجارة السوداء، والمراد حرة المدينة، ويوم الحرة كان سنة ثلاث وستين، وكان قتال ونهب من أهل الشام لأهل المدينة.

( ثم رجعت، فأرسل في أثري) أي بعد أن نقدني ثمن البعير وسلمته إياه، رجعت إلى أهلي، فأرسل عقب عودتي سريعًا يطلبني، فجئته، في رواية لمسلم سبقت قال: فانطلقت فلما وليت قال: ادع لي جابرًا، فدعيت، فقلت - أي في نفسي، في طريقي إليه - الآن يرد علي الجمل - أي ويسترد ثمنه، ولم يكن شيء أبغض إلي منه أي من رده، لسعادتي بمعاملة النبي صلى الله عليه وسلم.

( أتراني ماكستك لآخذ جملك؟) تراني بضم التاء، أي أتظني، والمماكسة في البيع والشراء هي المساومة، والمراد هنا المكالمة في النقص من الثمن، وأصلها النقص مطلقًا.

( خذ جملك ودراهمك، فهو لك) في الرواية الثانية فأعطاني ثمنه، ورده علي وفي الرواية الخامسة فزادني وقية، ثم وهبه لي والمقصود بالأوقية الأوقية الأولى.
وفي الرواية السادسة لك الثمن ولك الجمل.
لك الثمن ولك الجمل كررها مرتين.
لأنه أمر مستغرب.

فقه الحديث

ما يتعلق بهذا الحديث من أحكام النكاح سبق في كتاب النكاح، باب نكاح ذات الدين ونكاح البكر، [باب رقم 393] كما سبق هناك كثير مما يؤخذ من الحديث من الأحكام.

ونضيف هنا:

قال النووي: حديث جابر حديث مشهور، واحتج به أحمد ومن وافقه على جواز بيع الدابة، مع اشتراط البائع لنفسه ركوبها، وقال مالك: يجوز إذا كانت مسافة الركوب قريبة، وحمل هذا الحديث على هذا.
وقال الشافعي وأبو حنيفة وآخرون: لا يجوز ذلك، سواء قلت المسافة أو كثرت، ولا ينعقد البيع، واحتجوا بالحديث السابق في النهي عن بيع الثنيا - أي الاستثناء في البيع، وقد سبق قريبًا أن النهي عنه لأن المستثنى غالبًا مجهول - وبالحديث الآخر في النهي عن بيع وشرط، وأجابوا عن حديث جابر بأنها قضية عين، تتطرق إليها احتمالات، قالوا: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن، ولم يرد حقيقة البيع، قالوا: ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد، وإنما يضر الشرط إذا كان في نفس العقد، ولعل الشرط كان سابقًا، فلم يؤثر، ثم تبرع صلى الله عليه وسلم بإركابه.
اهـ.

وقال ابن سيرين وعبد الله بن شبرمة التابعيان، وحماد بن أبي سليمان: البيع صحيح والشرط صحيح.

وقال الحسن البصري والنخعي وابن أبي ليلى وأبو ثور وابن المنذر: البيع صحيح، والشرط باطل لاغ.

وقال أحمد وإسحق: إن شرطًا شرطًا واحدًا صح البيع، ولزم الشرط، وإن شرطا شرطين فأكثر بطل البيع.

ويؤخذ من الحديث بالإضافة إلى المآخذ المذكورة في كتاب النكاح

1- جواز طلب البيع ممن لم يعرض سلعته للبيع.

2- وجواز المماكسة في البيع.

3- واستحباب الابتداء بالمسجد، وصلاة ركعتين فيه عند القدوم من السفر.

4- وأن نافلة النهار يستحب كونها ركعتين ركعتين، كصلاة الليل.
وهو مذهب الشافعية ومذهب الجمهور.

5- استحباب الدلالة على الخير.

6- قال النووي: فيه التبرك بآثار الصالحين، لقوله لا تفارقه زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

7- وجواز تقدم بعض الجيش الراجع، بإذن الأمير.

واللَّه أعلم