هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
313 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الحِجَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ ، فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : دَعِي عُمْرَتَكِ ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ ، وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ ، فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ ، أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قَالَ هِشَامٌ : وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ ، وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
313 حدثنا عبيد بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا موافين لهلال ذي الحجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يهل بعمرة فليهلل ، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة فأهل بعضهم بعمرة ، وأهل بعضهم بحج ، وكنت أنا ممن أهل بعمرة ، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض ، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : دعي عمرتك ، وانقضي رأسك ، وامتشطي وأهلي بحج ، ففعلت حتى إذا كان ليلة الحصبة ، أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فخرجت إلى التنعيم ، فأهللت بعمرة مكان عمرتي قال هشام : ولم يكن في شيء من ذلك هدي ، ولا صوم ولا صدقة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الحِجَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ ، فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : دَعِي عُمْرَتَكِ ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ ، وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ ، فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ ، أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قَالَ هِشَامٌ : وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ ، وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ .

Narrated `Aisha:

On the 1st of Dhul-Hijja we set out with the intention of performing Hajj. Allah's Messenger (ﷺ) said, Any one who likes to assume the Ihram for `Umra he can do so. Had I not brought the Hadi with me, I would have assumed the Ihram for `Umra. Some of us assumed the Ihram for `Umra while the others assumed the Ihram for Hajj. I was one of those who assumed the Ihram for `Umra. I got menses and kept on menstruating until the day of `Arafat and complained of that to the Prophet (ﷺ) . He told me to postpone my `Umra, undo and comb my hair, and to assure the Ihram of Hajj and I did so. On the right of Hasba, he sent my brother `Abdur-Rahman bin Abi Bakr with me to at-Tan`im, where I assumed the Ihram for `Umra in lieu of the previous one. Hisham said, For that (`Umra) no Hadi, fasting or alms were required.

0317 Aicha dit : A notre sortie pour le pèlerinage, la nouvelle lune du mois de dhu-l-hidja était à son début. Le Messager de Dieu nous dit : « Que celui qui veut se sacraliser pour la umra, le fasse ! car je l’aurais fais moi aussi si je n’avais pas eu l’intention de faire le sacrifice. » Sur ce, quelques-uns observèrent la sacralisation pour la umra mais d’autres l’observèrent pour le hajj. Quand à moi, j’étais de ceux qui observèrent la sacralisation pour la umra, mais je fus surprise par mes menstrues le jour de Arafa. Je me plaignis alors auprès du Prophète qui me dit : « Renonce à ta umra, dénoue tes cheveux, peigne-toi et commence une sacralisation pour un hajj ! » C’est ce que je fis, et ce jusqu’à l’arrivée de la nuit d’al-Hasba où le Prophète envoya avec moi mon frère Abd-ar-Rahman ben Abu Bakr. Je sortis à at-Tanim et là je commençai une sacralisation pour une umra, à la place de ma première umra. Hicham dit : En tout cela il n’y avait ni sacrifice d’une bête, ni jeûne, ni aumône.  

":"ہم سے عبید بن اسماعیل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے ابواسامہ حماد نے ہشام بن عروہ کے واسطے سے بیان کیا ، انھوں نے اپنے والد سے ، انھوں نے عائشہ رضی اللہ عنہا سے کہ انھوں نے فرمایاہم ذی الحجہ کا چاند دیکھتے ہی نکلے ۔ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جس کا دل چاہے تو اسے عمرہ کا احرام باندھ لینا چاہیے ۔ کیونکہ اگر میں ہدی ساتھ نہ لاتا تو میں بھی عمرہ کا احرام باندھتا ۔ اس پر بعض صحابہ نے عمرہ کا احرام باندھا اور بعض نے حج کا ۔ میں بھی ان لوگوں میں سے تھی جنہوں نے عمرہ کا احرام باندھا تھا ۔ مگر عرفہ کا دن آ گیا اور میں حیض کی حالت میں تھی ۔ میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے اس کے متعلق شکایت کی تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ عمرہ چھوڑ اور اپنا سر کھول اور کنگھا کر اور حج کا احرام باندھ لے ۔ میں نے ایسا ہی کیا ۔ یہاں تک کہ جب حصبہ کی رات آئی تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے میرے ساتھ میرے بھائی عبدالرحمٰن بن ابی بکر کو بھیجا ۔ میں تنعیم میں گئی اور وہاں سے اپنے عمرہ کے بدلے دوسرے عمرہ کا احرام باندھا ۔ ہشام نے کہا کہ ان میں سے کسی بات کی وجہ سے بھی نہ ہدی واجب ہوئی اور نہ روزہ اور نہ صدقہ ۔ ( تنعیم حد حرم سے قریب تین میل دور ایک مقام کا نام ہے ) ۔

0317 Aicha dit : A notre sortie pour le pèlerinage, la nouvelle lune du mois de dhu-l-hidja était à son début. Le Messager de Dieu nous dit : « Que celui qui veut se sacraliser pour la umra, le fasse ! car je l’aurais fais moi aussi si je n’avais pas eu l’intention de faire le sacrifice. » Sur ce, quelques-uns observèrent la sacralisation pour la umra mais d’autres l’observèrent pour le hajj. Quand à moi, j’étais de ceux qui observèrent la sacralisation pour la umra, mais je fus surprise par mes menstrues le jour de Arafa. Je me plaignis alors auprès du Prophète qui me dit : « Renonce à ta umra, dénoue tes cheveux, peigne-toi et commence une sacralisation pour un hajj ! » C’est ce que je fis, et ce jusqu’à l’arrivée de la nuit d’al-Hasba où le Prophète envoya avec moi mon frère Abd-ar-Rahman ben Abu Bakr. Je sortis à at-Tanim et là je commençai une sacralisation pour une umra, à la place de ma première umra. Hicham dit : En tout cela il n’y avait ni sacrifice d’une bête, ni jeûne, ni aumône.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [317] .

     قَوْلُهُ  فَلْيُهْلِلْ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَلْيُهِلَّ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ .

     قَوْلُهُ  لَأَحْلَلْتُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْحَمَوِيِّ لَأَهْلَلْتُ بِالْهَاءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) رَوَيْنَاهُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ بَابُ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ وَبِالتَّنْوِينِ وَتَوْجِيهُهُ ظَاهِرٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [317] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ».
فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ».
فَفَعَلْتُ.
حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي.
قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ.
وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري بفتح الهاء وتشديد الموحدة الكوفي، المتوفى سنة خمسين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي ( عن هشام) أي ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) : ( خرجنا) من المدينة مكملين ذا القعدة ( موافين) وفي رواية موافقين ( لهلال ذي الحجة) كذا شرحه بعضهم والأولى أن يكون معنى موافين مشرفين.
يقال: أوفى على كذا إذا أشرف عليه ولا يلزم منه الدخول فيه.
وقال النووي: أي مقاربين لاستهلاله لأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان لخمس ليال بقين من ذي القعدة يوم السبت.
( فقال) ولأبوي ذر والوقت قال ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحب أن يهلل) بلامين وللأصيلي وابن عساكر يهل بلام مشددة أي يحرم ( بعمرة فليهلل) بعمرة ( فإني لولا أني أهديت) أي سقت الهدي ( لأهللت) كذا في رواية الحموي وكريمة ولأبوي الوقت وذر والأصيلي لأحللت ( بعمرة) ليس فيه دلالة على أن التمتع أفضل من الإفراد لأنه عليه الصلاة والسلام، إنما قال ذلك لأجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاص بهم في تلك السنة المخالفة تحريم الجاهلية العمرة في أشهر الحج لا التمتع الذي فيه الخلاف وقاله ليطيب قلوبأصحابه إذ كانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحج إليها لإرادتهم موافقة عليه الصلاة والسلام أي ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتكم به إلا سوقي الهدي، ولولاه لوافقتكم، وإنما كان الهدي علة لانتفاء الإحرام بالعمرة لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى ينحره ولا ينحره إلا يوم النحر، والمتمتع يتحلل من عمرته قبله فيتنافيان.
( فأهلَّ بعضهم بعمرة وأهلَّ بعضهم بحج) قالت عائشة: ( وكنت أنا ممن أهل بعمرة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت) ذلك ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: دعي عمرتك) أي أفعالها وارفضيها ( وانقضي رأسك) أي شعرها ( وامتشطي وأهلّي بحج) أي مع عمرتك أو مكانها ( ففعلت) ذلك كله ( حتى إذا كان ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد وليلة بالرفع على أن كان تامة أي وجدت وبالنصب على أنها ناقصة واسمها الوقت ( أرسل) عليه الصلاة والسلام ( معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق رضي الله عنهم ( فخرجت) معه ( إلى التنعيم فأهللت بعمرة) منه ( مكان عمرتي) التي تركتها.
لا يقال ليس في الحديث دلالة على الترجمة لأن أمرها بنقض الشعر كان للإهلال وهي حائض لا عند غسلها لأنا نقول: إن نقض شعرها إن كان لغسل الإحرام وهو سُنّة فلغسل الحيض أولى لأنه فرض، وقد كان ابن عمر يقول بوجوبه، وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد لكن رجح جماعة من أصحابه الاستحباب فيهما، واستدل الجمهور على عدم وجوب النقض بحديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: "لا".
رواه مسلم، وقد حملوا حديث عائشة على الاستحباب جمعًا بين الروايتين.
نعم إن لم يصل الماء إلا بالنقض وجب.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة.
( قال هشام) أي ابن عروة ( ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة) .
استشكل النووي نفي الثلاثة بأن القارن والمتمتع عليه الدم، وأجابب القاضي عياض بأنها لم تكن قارنة ولا متمتعة لأنها أحرمت بالحج ثم نوت فسخه في عمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت إلى حجها لتعذّر أفعال العمرة وكانت ترفضها بالوقوف فأمرها بتعجيل الرفض، فلما أكملت الحج اعتمرت عمرة مبتدأة وعورض بقولها: وكنت أنا ممن أهل بعمرة، وقولها ولم أهلَّ إلا بعمرة.
وأجيب: بأن هشامًا لما لم يبلغه ذلك أخبر بنفيه ولا يلزم منه نفيه فى نفس الأمر، بل روى جابر أنه عليه الصلاة والسلام أهدى عن عائشة بقرة فافهم.
17 - باب مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ( باب مخلقة وغير مخلقة) أي مسوّاة لا نقص فيها ولا عيب وغير مسوّاة أو تامّة أو ساقطة أو مصوّرة وغير مصوّرة، وللأصيلي قول الله عز وجل: { مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] قال ابن المنير: أدخل المؤلف هذه الترجمة في أبواب الحيض لينبّه بها على أن دم الحامل ليس بحيض، لأن الحمل إن تم فإن الرحم مشغول به، وما ينفصل عنه من دم إنما هو رشح غذائه أو فضلته أو نحو ذلك فليس بحيض، وإن لم يتم وكانت المضغة غير مخلقة مجها الرحم مضعة مائعة حكمها حكم الولد، فكيف يكون حكم الولد حيضًا؟ انتهى.
وهذا مذهب الكوفيين وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل والأوزاعي والثوري، وذهب الإمام الشافعي في الجديد إلى أنها تحيض، وعن مالك روايتان، وما ادّعاه ابن المنير كغيره من أنه رشح غذاء الولد الخ يحتاج إلى دليل، وأما ما ورد في ذلك من خبر أو أثر نحو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الله رفع الحيض وجعل الدم رزقًا للولد مما تغيض الأرحام.
رواه ابن شاهين، وقول ابن عباس مما رواه ابن شاهين أيضًا فقال الحافظ ابن حجر: لا يثبت لأن هذا دم بصفات الحيض في زمن إمكانه فله حكم دم الحيض، وأقوى حججهم أن استبراء الأمة اعتبر بالحيض لتحقيق براءة الرحم من الحمل، فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءة بالحيض.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [317] حدّثنا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا أبُو أسامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ خَرَجْنَا مُوافينَ لِهلالِ ذِي الحِجَّةِ فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أحَبَّ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلُ فإنِّى لَوْلاَ أنِّي أهْدَيْتُ لاَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بُعُمْرَةٍ وَأَهْلُ بَعْضُهُمْ بِخحَجٍ وَكُنْتُ أَنَّا مِمَّنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ فأَدْرَكَنِي يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنا حائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ دَعِي عُمْرَتَكِ وانْقُضَي رَأْسَكِ وامْتَشِطِي وَأْهِلِّى بِحَجٍ فَفَعَلْتُ حَتَّى كانَ لَيْلَةُ الخَصْبَةِ أرْسَلَ مَعِي أخِي عَبُدَ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي بَكْرً فَخَرَجَتْ إلىَ التَنْعِيمِ فَأَهَلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قالَ هِشامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ وَلا صَوْمٌ وَلا صَدَقَةٌ.
مُطَابقَة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: عبيد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْهَبَّاري، بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء الْمُهْملَة.
الْكُوفِي، وَيُقَال اسْمه عبيد الله مَاتَ سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْهَاشِمِي الْكُوفِي، مر فِي بَاب فضل من علم.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومدني.
ذكر بَقِيَّة الْكَلَام قَوْلهَا: ( موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة) أَي: مكملين ذِي الْقعدَة مُسْتَقْبلين لهلاله،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أَي مقارنين لاستهلاله، وَكَانَ خُرُوجهمْ قبله لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة، وَيُقَال موافين أَي: مشرفين يُقَال: أوفى على كَذَا أَي:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [317] حديث: هشام، عَن أبيه، عَن عائشة، قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة - فذكرت الحديث.
وفيه: وكنت أنا ممن أهل بعمرة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالَ: ( ( دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهل بحج) ) ففعلت - وذكرت بقية الحديث.
[هَذا الحديث] قَد استنبط البخاري - رحمه الله - منهُ حكمين، عقد لهما بابين: أحدهما: امتشاط المرأة عند غسلها مِن المحيض.
والثاني: نقضها شعرها عند غسلها مِن المحيض.
وهذا الحديث لا دلالة فيهِ على واحد مِن الأمرين؛ فإن غسل عائشة الذِي أمرها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهِ لَم يكن مِن الحيض، بل كانت مِن حائضاً، وحيضها حينئذ موجود، فإنه لو كانَ قَد انقطع حيضها لطافت للعمرة، ولم تحتج إلى هَذا السؤال، ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها وتهل بالحج، فَهوَ غسل للإحرام في حال الحيض، كَما أمر أسماء بت عميس لما نفست بذي الحليفة أن تغتسل وتهل.
وقد ذكر ابن ماجه في ( ( كتابه) ) : ( ( باب: الحائض كيف تغتسل) ) ، ثُمَّ قالَ: حدثنا أبو بكر بنِ أبي شيبة وعلي بنِ محمد، قالا: ثنا وكيع، عَن هشام ابن عروة، عَن أبيه، عَن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لها - وكانت حائضاً -: ( ( انقضي شعرك واغتسلي) ) .
قالَ علي في حديثه: ( ( انقضي رأسك) ) .
وهذا - أيضاً - يوهم أنَّهُ قالَ لها ذَلِكَ في غسلها مِن الحيض، وهذا مختصر مِن حديث عائشة الذِي خرجه البخاري.
وقد ذكر هَذا الحديث المختصر للإمام أحمد، عن وكيع، فأنكره.
قيل لَهُ: كأنه اختصره مِن حديث الحج؟ قالَ: ويحل لَهُ أن يختصر؟ ! -: نقلهعَنهُ المروذي.
ونقل عَنهُ إسحاق بن هانئ، أنَّهُ قالَ: هَذا باطل.
قَالَ أبو بكر الخلال: إ نما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار الذي يخل بالمعنى، لا أصل اختصار الحديث 0قَالَ: وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى -: هذا معنى ما قاله الخلال.
وقد تبين برواية ابن ماجه أن الطنافسي رواه عن وكيع، كما رواه ابن أبي شيبة عنه، ورواه –أيضا - إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في ( ( كتاب الطهور) ) له عن وكيع –أيضا -، فلعل وكيعا اختصره.
والله أعلم.
وقد يحمل مراد البخاري – رحمه الله – على وجه صحيح، وهو أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أمر عائشة بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسل للاحرام: لأن غَسَلَ الإحرام لايتكرر، فلا يشق نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفا س يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يؤمر فيه بنقض الشعر.
وقد تكلم بعض العلماء في لفظة: ( ( أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة بنقص رأسها وامتشاطها) ) ، وقالوا: هي وهم من هشام، وكذلك قالوا في روايته: أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لها: ( ( دعي العمرة) ) .
ولكن؛ قد: رواهما – أيضا -، الزهري، عن عروة.
ولهشام في هذا الحديث وهم آخر، وهو أنه قَالَ: ( ( ولم يكن هدي ولاصيام ولا صدقة) ) ، وقد ثبت عن عائشة أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذبح عن نسائه البقر، فإنها إن كانت قد صارت قارنة فالقارن عليهِ هدي، وإن كانت قد رفضت عمرتها لزمها دم لذلك، عندَ من يقول به.
وفي ( ( صحيح مسلم) ) عن جابر، أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عائشة أن تغتسل وتهل بالحج.
ولم يذكر نقض الشعر ولا تسريحه، فإن عائشة كانت محرمة بعمرة كما رواه عروة عنها، وإن كانَ القاسم قد روى عنها أنها كانت محرمة بحجة، إلا أن رواية عروة أصح، كذا قاله الإمام أحمد وغيره.
وقد قيل: إنها أحرمت من الميقات بحجة، ثُمَّ فسخت ذَلكَ إلى عمرة لما أمروا بالفسخ، ثُمَّ حاضت بعد ذَلكَ قبل دخول مكة.
وفي هذا نظر؛ فإنه روي مايدل على أنها كانت أحرمت بعمرة من الميقات، والحائض إذا كانت محرمة بعمرة، ولم تقدر على طواف العمرة قبل يوم عرفة، وخشيت فوات إداك الحج فإنها تحرم بالحج مع العمرة، وتبقى قارنة عندَ أكثر العلماء، كمالك والشافعي، وأحمد، ويكفيها عندهم طوا ف واحد وسعي واحد لما بعد التعريف للحج والعمرة.
وقد روى ذَلكَ جابر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في قصة عائشة صريحا.
خرجه مسلم 0 وتأولوا قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة: ( ( دعي عمرتك) ) على أنه أراد: اتركيهابحالها، وأدخلي عليها إحرام الحج.
وقال أحمد: من رواه ( ( انقضي عمرتك) ) فقد أخطأ، ورواه بالمعنى الذي فهمه.
وقال أبو حنيفة والكوفيون: ترفض العمرة، ثُمَّ تحرم بالحج، ثُمَّ تقضي العمرة بعد الحج، وتأولوا حديث عائشة على ذَلكَ.
وقالت طائفة: إنما أمرها أن تنقض رأسها وتمتشط؛ لأن المعتمر إذا دخل الحرم حل لهُ كل شيء إلا النساء، كالحاج إذا رمى الجمرة.
وقد روي هذا عن عائشة، ولعلها أخذته من روايتها هذه، وهو قول عائشة بنت طلحة، وعطاء.
وقد أخذ الإمام أحمد بذلك في رواية الميموني عنه، وهي رواية غريبة عنه.
ووهم الخطابي في هذا الحديث حيث قَالَ: أشبه الأمور: ماذهب إليه أحمد بن حنبل: وهو أنه فسخ عليها عمرتها؛ لأن مذهبه أن فسخ الحج عام غير خاص.
وهذا وهم على أحمد؛ فإن أحمد يرى جواز فسخ الحج إلى العمرة قبل أن يقف بعرفة، وأما فسخ العمرة إلى الحج فلا يقول به أحمد، وإنما يقوله الكوفيون في الحائض إذا كانت معتمرة وخافت فوات الحج، وتأولوا حديث عائشة عليهِ.
والعجب ممن جوز فسخ العمرة إلى الحج بتأويل محتمل، ومنع من فسخ الحج إلى العمرة، مع تواتر النصوص الصريحة الصحيحة بذلك التي لا تقبل التأويل؛ بمجرد دعوى النسخ أو الاختصاص، ولم يثبت حديثواحد يدل على شيء من ذَلكَ، وسيأتي القول في هذا مستوفى في موضعه من ( ( الحج) ) - إن شاء الله تعالى.
فإن المقصود هنا: هو نقض الشعر وتسريحه عند الغسل من الحيض، وممن أمر به في الحيض دون الجنابة: طاوس والحسن، وهو قول وكيع وأحمد.
واختلف أصحابنا: هل ذَلكَ واجب، أو مستحب؟ على وجهين، وظاهر كلام الخرقي وجوبه.
وقد ورد حديث صريح بالنقض في غَسَلَ الحيض دون الجنابة من رواية سلمة بن صبيح، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها، وغسلته بخطمي وأشنان، وإذا اغتسلت من جنابة صبت رأسها الماء وعصرته) ) .
خرجه الطبراني، وأبو عبد الله مجمد بن عبد الواحد المقدسي في ( ( صحيحه) ) المسمى ( ( بالمختارة) ) .
وخرجه الدارقطني في ( ( الأفراد) ) وعنده: ( ( مسلم بن صبيح) ) ، وقال: تفرد به عن حماد.
وكذا ذكره أبو بكر الخطيب، وقال: هو مسلم بن صبيح، بصري يكنى أبا عثمان، وكذا ذكره ابن ماكولا وغيره، ومع هذا فليس بالمشهور.
وأما مانقله مهنا عن أحمد، أن المرأة لاتنقض شعرها من الجنابة، بل تفيض عليه الماء؛ لحديث أم سلمة، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والحائض تنقضه.
قَالَ مهنا: قلت لهُ: كيف تنقضه من الحيضة ولا تنقضه من الجنابة؟ فقال: حديث أسماء، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( تنقضه) ) .
قلت: من أسماء؟ قَالَ: أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -.
فهذا لعله وهم من مهنا، أو ممن روى عنه، ولا يعرف لأسماء بنت أبي بكر في هذا الباب حديث بالكلية، إنما حديثها في غَسَلَ دم الحيض من الثوب، وقد تقدم.
ولكن في حديث عائشة أن أسماء سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن غَسَلَ الحيض، وليس فيه أنه أمرها بالنقص، بل أمرها بدلكه دلكا شديدا حتى يبلغ شئون رأسها، ولم يأمرها بنقضه.
وفي الحديث: أنها سألته عن غَسَلَ الجنابة، فأمرها بمثل ذَلكَ، غير أنه لم يقل: ( ( دلكا شديدا) ) .
وقد خرجه مسلم، كما تقدم.
وأسماء هذه، وقع في ( ( صحيحمسلم) ) أنها: ( ( بنت شكل) ) ، وذكر أبو بكر الخطيب أنها أسماء بنت يزيد بن السكن، وخرج الحديث من رواية يوسف القاضي، من طريق شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر بالإسناد الذي خرجه مسلم، وفيه: أن أسماء بنت يزيد سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن غَسَلَ الحيض – فذكره.
وأكثر العلماء على التسوية بين غَسَلَ الجنابة والحيض، وأنه لا ينقض الشعر في واحد منهما.
وفي ( ( صحيح مسلم) ) من حديث أم سلمة، قالت: قلت: يارسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ قَالَ: ( ( لا) ) .
وهذه اللفظة - أعني: لفظة ( ( الحيضة) ) - تفرد بها عبد الرزاق، عن الثوري، وكأنها غير محفوظة، فقد رواه غير واحد، عن الثوري، فلم يذكروها.
وقد رويت – أيضا – هذه اللفظة من حديث سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة.
وسالم ضعيف، والحسن لم يسمع من أم سلمة.
وروى أبو بكر الحنفي، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر - مرفوعا: ( ( لايضر المرأة الحائض والجنب أن لا تنقض شعرها إذا أصاب الماء شئون رأسها) ) .
تفرد به: الحنفي، ورفعه منكر.
وقد روي عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا، وهو أصح.
وروى عبيد الله بن عمر، عن نافع، قَالَ: كن نساء ابن عمر يغتسلن من الحيض والجنابة، فما ينقضن شعورهن، ولكن يبلغن بالماء أصول الشعر.
هذا كله إذا وصل الماء إلى غضون الشعر المضفور، فإن لم يصل بدونه وجب نقضه عند الأكثرين، وهو قول مالك والشافعي، والمشهور عندَ أصحابنا ورواية عن أبي حنيفة، وهو قول أبي خيثمة، وأبي بكر بن أبي شيبة، وسليمان بن داود الهاشمي، ويحيى بن يحيى، والجوزجاني وغيرهم من فقهاء الحديث، واستدلوا بالأحاديث الواردة في الأمر بحل الشعر، وقد تكلم في أسانيدها.
وقالت طائفة: لا يجب ذَلكَ، وحكي عن مالك، وهو قول طائفة من أصحابنا، منهم: صاحب ( ( المغني) ) ، وذكر أنه ظاهر كلام الخرقي، وأن الشعر حكمه حكم المنفصل عن الجسد، لا حكم المتصل به.
ولأصحابنا وجه: أنه يفرق بين غَسَلَ الحيض والجنابة، فيجب غَسَلَ الشعر في غَسَلَ الحيض خاصة.
والصحيح من مذهب الحنفية: أن الشعر إذا كان مضفورا لا يلزم المرأة نقضه في جنابة ولاحيض؛ لمشقة نقضه، بخلاف الرجل؛ فإنه يلزمه نقضه، وإن كان محلولا وجب غسله وإيصال الماء إلى بواطنه، كشعر اللحية.
وخرج الطبراني من رواية عمر بن هارون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سالم خادم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إن أزواج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كن يجعلن رءوسهن أربع قرون، فإن اغتسلن جمعنهن على أوساط رءوسهن) ) .
عمر بن هارون، ضعيف.
وفي أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة بالغسل للإحرام وهي حائض دليل على أن الاغسال المستحبة تفعل مع الحيض؛ كأغسال الحج المستحبة، ويدخل ذَلكَ في قوله لها: ( ( اصنعي ما يصنع الحاج) ) .
ولو كان على الحائض غَسَلَ جنابة، إما قبل الحيض أو في حال الحيض، فهل يستحب لها الاغتسال في حال حيضها للجنابة؟ فيهِ روايتان عن أحمد.
واختلف السلف في ذَلكَ: فقال النخعي وغيره: تغتسل.
وقال عطاء: لاتغتسل؛ الحيض أكبر.
قَالَ أحمد: ثُمَّ رجع عن ذَلكَ، وقال: تغتسل.
وأما الوضوء فلا يشرع للحائض في حال حيضها ما لم ينقطع دمها، فتصير كالجنب، ونص أحمد على أنها لو توضأت وهي حائض يجز لها الجلوس في المسجد؛ بخلاف الجنب، وفيه وجه: يجوز إذا أمنت تلويثه.
ونص الشافعي علىأنه لايشرع لها الوضوء عند النوم والأكل، وهو قول أصحابنا، واختلف أصحاب مالك في ذَلكَ.
وأما وضوؤها عند كل صلاة، وجلوسها قدر الصَّلاة للذكر، ففيه خلاف، نذكره في موضع آخر – إن شاء الله تعالى.
17 - باب مخلقة وغير مخلقة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ)
أَيْ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ فِي الْحَائِضِ دُونَ الْجُنُبِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ فيهمَا قَالَ بن قُدَامَةَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِهِ فِيهِمَا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

.

قُلْتُ وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ وَفِيهِ إِنْكَارُ عَائِشَةَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ يُوجِبُهُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنِ النَّخَعِيِّ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ قَالَ لَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ وَحَمَلُوا الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ يُجْمَعُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَنْ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَيْهَا إِلَّا بِالنَّقْضِ فَيَلْزَمُ وَإِلَّا فَلَا

[ قــ :313 ... غــ :317] .

     قَوْلُهُ  فَلْيُهْلِلْ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَلْيُهِلَّ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ .

     قَوْلُهُ  لَأَحْلَلْتُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْحَمَوِيِّ لَأَهْلَلْتُ بِالْهَاءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض
خرج فيهِ:
[ قــ :313 ... غــ :317 ]
- حديث: هشام، عَن أبيه، عَن عائشة، قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة - فذكرت الحديث.

وفيه:
وكنت أنا ممن أهل بعمرة، فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالَ: ( ( دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهل بحج) ) ففعلت - وذكرت بقية الحديث.

[هَذا الحديث] قَد استنبط البخاري - رحمه الله - منهُ حكمين، عقد لهما بابين:
أحدهما: امتشاط المرأة عند غسلها مِن المحيض.

والثاني: نقضها شعرها عند غسلها مِن المحيض.
وهذا الحديث لا دلالة فيهِ على واحد مِن الأمرين؛ فإن غسل عائشة الذِي أمرها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهِ لَم يكن مِن الحيض، بل كانت مِن حائضاً، وحيضها حينئذ موجود، فإنه لو كانَ قَد انقطع حيضها لطافت للعمرة، ولم تحتج إلى هَذا السؤال، ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها وتهل بالحج، فَهوَ غسل للإحرام في حال الحيض، كَما أمر أسماء بت عميس لما نفست بذي الحليفة أن تغتسل وتهل.

وقد ذكر ابن ماجه في ( ( كتابه) ) : ( ( باب: الحائض كيف تغتسل) ) ، ثُمَّ قالَ: حدثنا أبو بكر بنِ أبي شيبة وعلي بنِ محمد، قالا: ثنا وكيع، عَن هشام ابن عروة، عَن أبيه، عَن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لها - وكانت حائضاً -: ( ( انقضي شعرك
واغتسلي)
)
.

قالَ علي في حديثه: ( ( انقضي رأسك) ) .

وهذا - أيضاً - يوهم أنَّهُ قالَ لها ذَلِكَ في غسلها مِن الحيض، وهذا مختصر مِن حديث عائشة الذِي خرجه البخاري.

وقد ذكر هَذا الحديث المختصر للإمام أحمد، عن وكيع، فأنكره.
قيل لَهُ: كأنه اختصره مِن حديث الحج؟ قالَ: ويحل لَهُ أن يختصر؟ ! -: نقله عَنهُ المروذي.

ونقل عَنهُ إسحاق بن هانئ، أنَّهُ قالَ: هَذا باطل.

قَالَ أبو بكر الخلال: إ نما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار الذي يخل بالمعنى، لا أصل اختصار الحديث 0قَالَ: وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى -: هذا معنى ما قاله الخلال.

وقد تبين برواية ابن ماجه أن الطنافسي رواه عن وكيع، كما رواه ابن أبي شيبة عنه، ورواه –أيضا - إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في ( ( كتاب الطهور) ) له عن وكيع –أيضا -، فلعل وكيعا اختصره.
والله أعلم.

وقد يحمل مراد البخاري – رحمه الله – على وجه صحيح، وهو أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أمر عائشة بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسل للاحرام: لأن غَسَلَ الإحرام لايتكرر، فلا يشق نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفا س يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يؤمر فيه بنقض الشعر.

وقد تكلم بعض العلماء في لفظة: ( ( أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة بنقص رأسها وامتشاطها) ) ، وقالوا: هي وهم من هشام، وكذلك قالوا في روايته: أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لها: ( ( دعي العمرة) ) .

ولكن؛ قد: رواهما – أيضا -، الزهري، عن عروة.

ولهشام في هذا الحديث وهم آخر، وهو أنه قَالَ: ( ( ولم يكن هدي ولا صيام ولا صدقة) ) ، وقد ثبت عن عائشة أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذبح عن نسائه البقر، فإنها إن كانت قد صارت قارنة فالقارن عليهِ هدي، وإن كانت قد رفضت عمرتها لزمها دم لذلك، عندَ من يقول به.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) عن جابر، أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عائشة أن تغتسل وتهل
بالحج.

ولم يذكر نقض الشعر ولا تسريحه، فإن عائشة كانت محرمة بعمرة كما رواه عروة عنها، وإن كانَ القاسم قد روى عنها أنها كانت محرمة بحجة، إلا أن رواية عروة أصح، كذا قاله الإمام أحمد وغيره.

وقد قيل: إنها أحرمت من الميقات بحجة، ثُمَّ فسخت ذَلكَ إلى عمرة لما أمروا بالفسخ، ثُمَّ حاضت بعد ذَلكَ قبل دخول مكة.

وفي هذا نظر؛ فإنه روي مايدل على أنها كانت أحرمت بعمرة من الميقات، والحائض إذا كانت محرمة بعمرة، ولم تقدر على طواف العمرة قبل يوم عرفة، وخشيت فوات إداك الحج فإنها تحرم بالحج مع العمرة، وتبقى قارنة عندَ أكثر العلماء، كمالك والشافعي، وأحمد، ويكفيها عندهم طوا ف واحد وسعي واحد لما بعد التعريف للحج والعمرة.

وقد روى ذَلكَ جابر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في قصة عائشة صريحا.

خرجه مسلم 0 وتأولوا قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة: ( ( دعي عمرتك) ) على أنه أراد: اتركيها بحالها، وأدخلي عليها إحرام الحج.

وقال أحمد: من رواه ( ( انقضي عمرتك) ) فقد أخطأ، ورواه بالمعنى الذي
فهمه.

وقال أبو حنيفة والكوفيون: ترفض العمرة، ثُمَّ تحرم بالحج، ثُمَّ تقضي العمرة بعد الحج، وتأولوا حديث عائشة على ذَلكَ.

وقالت طائفة: إنما أمرها أن تنقض رأسها وتمتشط؛ لأن المعتمر إذا دخل الحرم حل لهُ كل شيء إلا النساء، كالحاج إذا رمى الجمرة.

وقد روي هذا عن عائشة، ولعلها أخذته من روايتها هذه، وهو قول عائشة بنت طلحة، وعطاء.

وقد أخذ الإمام أحمد بذلك في رواية الميموني عنه، وهي رواية غريبة عنه.

ووهم الخطابي في هذا الحديث حيث قَالَ: أشبه الأمور: ماذهب إليه أحمد بن حنبل: وهو أنه فسخ عليها عمرتها؛ لأن مذهبه أن فسخ الحج عام غير خاص.

وهذا وهم على أحمد؛ فإن أحمد يرى جواز فسخ الحج إلى العمرة قبل أن يقف بعرفة، وأما فسخ العمرة إلى الحج فلا يقول به أحمد، وإنما يقوله الكوفيون في الحائض إذا كانت معتمرة وخافت فوات الحج، وتأولوا حديث عائشة عليهِ.

والعجب ممن جوز فسخ العمرة إلى الحج بتأويل محتمل، ومنع من فسخ الحج إلى العمرة، مع تواتر النصوص الصريحة الصحيحة بذلك التي لا تقبل التأويل؛ بمجرد دعوى النسخ أو الاختصاص، ولم يثبت حديث واحد يدل على شيء من ذَلكَ، وسيأتي القول في هذا مستوفى في موضعه من ( ( الحج) ) - إن شاء الله تعالى.

فإن المقصود هنا: هو نقض الشعر وتسريحه عند الغسل من الحيض، وممن أمر به في الحيض دون الجنابة: طاوس والحسن، وهو قول وكيع وأحمد.

واختلف أصحابنا: هل ذَلكَ واجب، أو مستحب؟ على وجهين، وظاهر كلام الخرقي وجوبه.

وقد ورد حديث صريح بالنقض في غَسَلَ الحيض دون الجنابة من رواية سلمة بن صبيح، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قَالَ: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها، وغسلته بخطمي وأشنان، وإذا اغتسلت من جنابة صبت رأسها الماء وعصرته) ) .

خرجه الطبراني، وأبو عبد الله مجمد بن عبد الواحد المقدسي في ( ( صحيحه) ) المسمى ( ( بالمختارة) ) .

وخرجه الدارقطني في ( ( الأفراد) ) وعنده: ( ( مسلم بن صبيح) ) ، وقال: تفرد به عن حماد.

وكذا ذكره أبو بكر الخطيب، وقال: هو مسلم بن صبيح، بصري يكنى أبا عثمان، وكذا ذكره ابن ماكولا وغيره، ومع هذا فليس بالمشهور.

وأما مانقله مهنا عن أحمد، أن المرأة لاتنقض شعرها من الجنابة، بل تفيض عليه الماء؛ لحديث أم سلمة، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والحائض تنقضه.

قَالَ مهنا: قلت لهُ: كيف تنقضه من الحيضة ولا تنقضه من الجنابة؟ فقال: حديث أسماء، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( تنقضه) ) .

قلت: من أسماء؟ قَالَ: أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -.

فهذا لعله وهم من مهنا، أو ممن روى عنه، ولا يعرف لأسماء بنت أبي بكر في هذا الباب حديث بالكلية، إنما حديثها في غَسَلَ دم الحيض من الثوب، وقد تقدم.

ولكن في حديث عائشة أن أسماء سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن غَسَلَ الحيض، وليس فيه أنه أمرها بالنقص، بل أمرها بدلكه دلكا شديدا حتى يبلغ شئون رأسها، ولم يأمرها بنقضه.

وفي الحديث: أنها سألته عن غَسَلَ الجنابة، فأمرها بمثل ذَلكَ، غير أنه لم يقل: ( ( دلكا شديدا) ) .

وقد خرجه مسلم، كما تقدم.

وأسماء هذه، وقع في ( ( صحيح مسلم) ) أنها: ( ( بنت شكل) ) ، وذكر أبو بكر الخطيب أنها أسماء بنت يزيد بن السكن، وخرج الحديث من رواية يوسف القاضي، من طريق شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر بالإسناد الذي خرجه مسلم، وفيه: أن أسماء بنت يزيد سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن غَسَلَ الحيض – فذكره.

وأكثر العلماء على التسوية بين غَسَلَ الجنابة والحيض، وأنه لا ينقض الشعر في واحد منهما.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) من حديث أم سلمة، قالت: قلت: يارسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ قَالَ: ( ( لا) ) .

وهذه اللفظة - أعني: لفظة ( ( الحيضة) ) - تفرد بها عبد الرزاق، عن الثوري، وكأنها غير محفوظة، فقد رواه غير واحد، عن الثوري، فلم يذكروها.

وقد رويت – أيضا – هذه اللفظة من حديث سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة.

وسالم ضعيف، والحسن لم يسمع من أم سلمة.

وروى أبو بكر الحنفي، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر - مرفوعا:
( ( لايضر المرأة الحائض والجنب أن لا تنقض شعرها إذا أصاب الماء شئون رأسها) ) .

تفرد به: الحنفي، ورفعه منكر.

وقد روي عن أبي الزبير، عن جابر موقوفا، وهو أصح.
وروى عبيد الله بن عمر، عن نافع، قَالَ: كن نساء ابن عمر يغتسلن من الحيض والجنابة، فما ينقضن شعورهن، ولكن يبلغن بالماء أصول الشعر.

هذا كله إذا وصل الماء إلى غضون الشعر المضفور، فإن لم يصل بدونه وجب نقضه عند الأكثرين، وهو قول مالك والشافعي، والمشهور عندَ أصحابنا ورواية عن أبي حنيفة، وهو قول أبي خيثمة، وأبي بكر بن أبي شيبة، وسليمان بن داود الهاشمي، ويحيى بن يحيى، والجوزجاني وغيرهم من فقهاء الحديث، واستدلوا بالأحاديث الواردة في الأمر بحل الشعر، وقد تكلم في أسانيدها.

وقالت طائفة: لا يجب ذَلكَ، وحكي عن مالك، وهو قول طائفة من
أصحابنا، منهم: صاحب ( ( المغني) ) ، وذكر أنه ظاهر كلام الخرقي، وأن الشعر حكمه حكم المنفصل عن الجسد، لا حكم المتصل به.

ولأصحابنا وجه: أنه يفرق بين غَسَلَ الحيض والجنابة، فيجب غَسَلَ الشعر في غَسَلَ الحيض خاصة.

والصحيح من مذهب الحنفية: أن الشعر إذا كان مضفورا لا يلزم المرأة نقضه في جنابة ولاحيض؛ لمشقة نقضه، بخلاف الرجل؛ فإنه يلزمه نقضه، وإن كان محلولا وجب غسله وإيصال الماء إلى بواطنه، كشعر اللحية.
وخرج الطبراني من رواية عمر بن هارون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سالم خادم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إن أزواج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كن يجعلن رءوسهن أربع قرون، فإن اغتسلن جمعنهن على أوساط رءوسهن) ) .

عمر بن هارون، ضعيف.

وفي أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة بالغسل للإحرام وهي حائض دليل على أن الاغسال المستحبة تفعل مع الحيض؛ كأغسال الحج المستحبة، ويدخل ذَلكَ في قوله لها:
( ( اصنعي ما يصنع الحاج) ) .

ولو كان على الحائض غَسَلَ جنابة، إما قبل الحيض أو في حال الحيض، فهل يستحب لها الاغتسال في حال حيضها للجنابة؟ فيهِ روايتان عن أحمد.

واختلف السلف في ذَلكَ:
فقال النخعي وغيره: تغتسل.

وقال عطاء: لاتغتسل؛ الحيض أكبر.

قَالَ أحمد: ثُمَّ رجع عن ذَلكَ، وقال: تغتسل.

وأما الوضوء فلا يشرع للحائض في حال حيضها ما لم ينقطع دمها، فتصير كالجنب، ونص أحمد على أنها لو توضأت وهي حائض يجز لها الجلوس في المسجد؛ بخلاف الجنب، وفيه وجه: يجوز إذا أمنت تلويثه.

ونص الشافعي على أنه لايشرع لها الوضوء عند النوم والأكل، وهو قول أصحابنا، واختلف أصحاب مالك في ذَلكَ.

وأما وضوؤها عند كل صلاة، وجلوسها قدر الصَّلاة للذكر، ففيه خلاف، نذكره في موضع آخر – إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ
( باب) حكم ( نقض المرأة شعرها) أي شعر رأسها ( عند غسل المحيض) هل هو واجب أم لا ولابن عساكر باب من رأى نقض المرأة الخ.


[ قــ :313 ... غــ : 317 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ».
فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ».
فَفَعَلْتُ.
حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي.
قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ.

وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري بفتح الهاء وتشديد الموحدة الكوفي، المتوفى سنة خمسين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي ( عن هشام) أي ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :
( خرجنا) من المدينة مكملين ذا القعدة ( موافين) وفي رواية موافقين ( لهلال ذي الحجة) كذا شرحه بعضهم والأولى أن يكون معنى موافين مشرفين.
يقال: أوفى على كذا إذا أشرف عليه ولا يلزم منه الدخول فيه.
وقال النووي: أي مقاربين لاستهلاله لأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان لخمس ليال بقين من ذي القعدة يوم السبت.
( فقال) ولأبوي ذر والوقت قال ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحب أن يهلل) بلامين وللأصيلي وابن عساكر يهل بلام مشددة أي يحرم ( بعمرة فليهلل) بعمرة ( فإني لولا أني أهديت) أي سقت الهدي ( لأهللت) كذا في رواية الحموي وكريمة ولأبوي الوقت وذر والأصيلي لأحللت ( بعمرة) ليس فيه دلالة على أن التمتع أفضل من الإفراد لأنه عليه الصلاة والسلام، إنما قال ذلك لأجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاص بهم في تلك السنة المخالفة تحريم الجاهلية العمرة في أشهر الحج لا التمتع الذي فيه الخلاف وقاله ليطيب قلوب أصحابه إذ كانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحج إليها لإرادتهم موافقة عليه الصلاة والسلام أي ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتكم به إلا سوقي الهدي، ولولاه لوافقتكم، وإنما كان الهدي علة لانتفاء الإحرام بالعمرة لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى ينحره ولا ينحره إلا يوم النحر، والمتمتع يتحلل من عمرته قبله فيتنافيان.
( فأهلَّ بعضهم بعمرة وأهلَّ بعضهم بحج) قالت عائشة: ( وكنت أنا ممن
أهل بعمرة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت)
ذلك ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: دعي عمرتك) أي أفعالها وارفضيها ( وانقضي رأسك) أي شعرها ( وامتشطي وأهلّي بحج) أي مع عمرتك أو مكانها ( ففعلت) ذلك كله ( حتى إذا كان ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد وليلة بالرفع على أن كان تامة أي وجدت وبالنصب على أنها ناقصة واسمها الوقت ( أرسل) عليه الصلاة والسلام ( معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق رضي الله عنهم ( فخرجت) معه ( إلى التنعيم فأهللت بعمرة) منه ( مكان عمرتي) التي تركتها.
لا يقال ليس في الحديث دلالة على الترجمة لأن أمرها بنقض الشعر كان للإهلال وهي حائض لا عند غسلها لأنا نقول: إن نقض شعرها إن كان لغسل الإحرام وهو سُنّة فلغسل الحيض أولى لأنه فرض، وقد كان ابن عمر يقول بوجوبه، وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد لكن رجح جماعة من أصحابه الاستحباب فيهما، واستدل الجمهور على عدم وجوب النقض بحديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: "لا".
رواه مسلم، وقد حملوا حديث عائشة على الاستحباب جمعًا بين الروايتين.
نعم إن لم يصل الماء إلا بالنقض وجب.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة.

( قال هشام) أي ابن عروة ( ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة) .
استشكل النووي نفي الثلاثة بأن القارن والمتمتع عليه الدم، وأجابب القاضي عياض بأنها لم تكن قارنة ولا متمتعة لأنها أحرمت بالحج ثم نوت فسخه في عمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت إلى حجها لتعذّر أفعال العمرة وكانت ترفضها بالوقوف فأمرها بتعجيل الرفض، فلما أكملت الحج اعتمرت عمرة مبتدأة وعورض بقولها: وكنت أنا ممن أهل بعمرة، وقولها ولم أهلَّ إلا بعمرة.
وأجيب: بأن هشامًا لما لم يبلغه ذلك أخبر بنفيه ولا يلزم منه نفيه فى نفس الأمر، بل روى جابر أنه عليه الصلاة والسلام أهدى عن عائشة بقرة فافهم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان نقض الْمَرْأَة شعر رَأسهَا، عِنْد غسل الْمَحِيض أَي: الْحيض، وَجَوَابه مُقَدّر أَي: هَل يجب أم لَا؟ وَظَاهر الحَدِيث الْوُجُوب، وَقد ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِي الْبابُُ السَّابِق.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة لِأَن النَّقْض والامتشاط من جنس وَاحِد وَحكم وَاحِد.



[ قــ :313 ... غــ :317 ]
- حدّثنا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا أبُو أسامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ خَرَجْنَا مُوافينَ لِهلالِ ذِي الحِجَّةِ فقالَ رسولُ اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أحَبَّ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلُ فإنِّى لَوْلاَ أنِّي أهْدَيْتُ لاَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بُعُمْرَةٍ وَأَهْلُ بَعْضُهُمْ بِخحَجٍ وَكُنْتُ أَنَّا مِمَّنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ فأَدْرَكَنِي يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنا حائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ دَعِي عُمْرَتَكِ وانْقُضَي رَأْسَكِ وامْتَشِطِي وَأْهِلِّى بِحَجٍ فَفَعَلْتُ حَتَّى كانَ لَيْلَةُ الخَصْبَةِ أرْسَلَ مَعِي أخِي عَبُدَ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي بَكْرً فَخَرَجَتْ إلىَ التَنْعِيمِ فَأَهَلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي قالَ هِشامٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْىٌ وَلا صَوْمٌ وَلا صَدَقَةٌ.


مُطَابقَة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: عبيد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْهَبَّاري، بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء الْمُهْملَة.
الْكُوفِي، وَيُقَال اسْمه عبيد الله مَاتَ سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْهَاشِمِي الْكُوفِي، مر فِي بابُُ فضل من علم.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومدني.

ذكر بَقِيَّة الْكَلَام قَوْلهَا: ( موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة) أَي: مكملين ذِي الْقعدَة مُسْتَقْبلين لهلاله،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أَي مقارنين لاستهلاله، وَكَانَ خُرُوجهمْ قبله لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة، وَيُقَال موافين أَي: مشرفين يُقَال: أوفى على كَذَا أَي: أشرف، وَلَا يلْزم الدُّخُول فِيهِ، وَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة لأَرْبَع أَو خمس من ذِي الْحجَّة، أَقَامَ فِي طَرِيقه إِلَى مَكَّة تِسْعَة أَيَّام أَو عشرَة أَيَّام قَوْله: ( فليهل) ، بتَشْديد اللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، ( فليهلل) ، يفك الْإِدْغَام أَي: فليحرم بهَا.
قَوْله: ( أهديت) أَي: سقت الْهَدْي، وَإِنَّمَا كَانَ وجود الْهَدْي عِلّة لانْتِفَاء الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ، لِأَن صَاحب الْهَدْي لَا يجوز لَهُ التَّحَلُّل حَتَّى ينحره، وَلَا ينحره إلاَّ يَوْم النَّحْر، والمتمتع يتَحَلَّل قبل يَوْم النَّحْر، فهما متنافيان.
قَوْله: ( فَأهل بَعضهم بِعُمْرَة) أَي: صَارُوا متمتعين، وَبَعْضهمْ محج أَي: صَارُوا مفردين.
قَوْله: ( دعِي عمرتك) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: أفعالها لأنفسها، قلت: قد ذكرنَا فِي الْبابُُ السَّابِق أَنه أمرهَا بِالتّرْكِ حَقِيقَة، وَذكرنَا وجهة.
قَوْله: ( لَيْلَة الحصبة) كَلَام إضافي مَرْفُوع وَكَانَ تَامَّة أَن التَّمَتُّع أفضل من الْإِفْرَاد فَمَاذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي دلعه؟ قلت: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا قَالَه من أجل من فسخ الْحجر إِلَى الْعمرَة وَالَّذِي هُوَ خَاص بهم فِي تِلْكَ السّنة خَاصَّة لمُخَالفَة الْجَاهِلِيَّة من حَيْثُ حرمُوا الْعمرَة فِي أشهر الْحجر، وَلم يرد بذلك، التَّمَتُّع الَّذِي فِيهِ الْخلاف.

     وَقَالَ  هَذَا تطيباً لقلوب أَصْحَابه، وَكَانَت نُفُوسهم لَا تسمح بِفَسْخ الْحَج إِلَيْهَا لإرادتهم مُوَافَقَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَعْنَاهُ، مَا يَمْنعنِي من موافقتكم مِمَّا أَمرتكُم بِهِ إلاَّ سوقي الْهَدْي، ولولاه لوافقتكم قلت: الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة أَن الْإِفْرَاد أفضل من التَّمَتُّع كمذهب الشَّافِعِي، وَلَكِن الْمَذْهَب التَّمَتُّع أفضل من الْإِفْرَاد لِأَن فِيهِ جمعا بَين عبادتي الْعمرَة وَالْحج فِي سفر وَاحِد، فَأشبه القِرَان.
قَوْله: ( قَالَ هِشَام) أَي: ابْن عُرْوَة، هَذَا يحْتَمل التَّعْلِيق، وَيحْتَمل أَن يكون عطفا من جِهَة الْمَعْنى على لفظ هِشَام، ثمَّ قَول هِشَام: يحْتَمل أَن يكون مُعَلّقا، وَيحْتَمل أَن يكون مُتَّصِلا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَالظَّاهِر الأول.

ثمَّ اعْلَم أَن ظَاهر قَول هِشَام مُشكل، فَإِنَّهَا إِن كَانَت قارنة فعلَيْهَا هدي الْقُرْآن عِنْد كَافَّة الْعلمَاء، إلاَّ دَاوُد وَإِن كَانَت متمتعة فَكَذَلِك، لَكِنَّهَا كَانَت فاسخة كَمَا سلف، وَلم تكن قارنة وَلَا متمتعة، وَإِنَّمَا أَحرمت بِالْحَجِّ ثمَّ نَوَت فَسخه فِي عمْرَة، فَلَمَّا حَاضَت وَلم يتم لَهَا ذَلِك رجعت إِلَى حَجهَا فَلَمَّا أكملته اعْتَمَرت عمْرَة مستبدأة، نبه عَلَيْهِ القَاضِي، لَكِن يُعَكر عَلَيْهِ قَوْلهَا: وَكنت مِمَّن أهل بِعُمْرَة، وَقَوْلها: وَلم أهل إلاَّ بِعُمْرَة، وَيُجَاب بِأَن هُنَا مآلما لم يبلغهُ ذَلِك أخبر بنفيه، وَلَا يلْزم من ذَلِك نَفْيه من نفس الْأَمر، وَيحْتَمل أَن يكون لم يَأْمر بِهِ، بل نوى أَنه يقولم بِهِ عَنْهَا، بل روى جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أهْدى عَن عَائِشَة بقرة.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض فِيهِ دَلِيل على أَنَّهَا كَانَت فِي حجر مُفْرد لَا تمتّع وَلَا قرَان، لِأَن الْعلمَاء مجمعون على وجوب الدَّم فيهمَا.

سميرة كتاب الْحيض من صفحة 291
الفايل الثَّالِث