هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3205 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلاَثًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَّا ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَوْلُهُ { إِنِّي سَقِيمٌ } . وَقَوْلُهُ : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } . وَقَالَ : بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : أُخْتِي ، فَأَتَى سَارَةَ قَالَ : يَا سَارَةُ : لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي ، فَلاَ تُكَذِّبِينِي ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ ، فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ ، فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي وَلاَ أَضُرُّكِ ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ : مَهْيَا ، قَالَتْ : رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ ، أَوِ الفَاجِرِ ، فِي نَحْرِهِ ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3205 حدثنا سعيد بن تليد الرعيني ، أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاثا حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات ، ثنتين منهن في ذات الله عز وجل ، قوله { إني سقيم } . وقوله : { بل فعله كبيرهم هذا } . وقال : بينا هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن ها هنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله عنها ، فقال : من هذه ؟ قال : أختي ، فأتى سارة قال : يا سارة : ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني ، فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق ، فدعا بعض حجبته ، فقال : إنكم لم تأتوني بإنسان ، إنما أتيتموني بشيطان ، فأخدمها هاجر ، فأتته وهو قائم يصلي ، فأومأ بيده : مهيا ، قالت : رد الله كيد الكافر ، أو الفاجر ، في نحره ، وأخدم هاجر قال أبو هريرة تلك أمكم يا بني ماء السماء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, Abraham did not tell a lie except on three occasions.

D'après Abu Hurayra (), le Messager d'Allah () dit: «Abraham (Salut sur lui) n'a menti que par trois fois.»

":"ہم سے سعید بن تلید رعینی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم کو عبداللہ بن وہب نے خبر دی ، کہا کہ مجھے جریر بن حازم نے خبر دی ، انہیں ایوب سختیانی نے ، انہیں محمد بن سیرین نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، ابراہیم علیہ السلام نے توریہ تین مرتبہ کے سوا اور کبھی نہیں کیا ۔

D'après Abu Hurayra (), le Messager d'Allah () dit: «Abraham (Salut sur lui) n'a menti que par trois fois.»

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :3205 ... غــ :3357 ]
- حدَّثنا سَعيدُ بنُ تَليدٍ الرُّعَيْنِيُّ أخْبرَنا ابنُ وهْبٍ قَالَ أخْبرَنِي جَرِيرُ بنُ حازِمٍ عنْ أيّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ عليهِ السَّلاَمُ إلاَّ ثَلاثاً.



[ قــ :3205 ... غــ :3358 ]
- وحدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ علَيْهِ السَّلاَمُ إلاَّ ثَلاثَ كذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ الله عزَّ وجَلَّ .

     قَوْلُهُ  إنِّي سَقِيمٌ و.

     قَوْلُهُ  بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا.

     وَقَالَ  بَيْنا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وسارَةُ إذْ أتَى علَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبابُُِرَةِ فَقِيلَ لَهُ إنَّ هاهُنَا رَجُلاً مَعَهُ امْرَأةٌ منْ أحْسَنِ النَّاسِ فأرْسَلَ إلَيْهِ فسَألَهُ عَنْهَا فقَالَ مَنْ هاذِهِ قَالَ أُخْتِي فأتَى سارَةَ قَالَ يَا سارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ مُؤمِنٌ غَيْرِي وغيرُكِ وإنَّ هَذَا سألَنِي فأخْبَرْتُهُ أنَّكِ أُخْتِي فَلاَ تُكَذِّبِينِي فأرْسَلَ إلَيْهَا فلَمَّا دَخَلَتْ علَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فأُخِذَ فقَالَ ادْعِي الله لِي ولاَ أضُرُّكِ فَدَعَتْ الله فأُطْلِقَ ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فأُخِذَ مِثْلَهَا أوْ أشَدَّ فَقالَ ادْعِي الله لِي ولاَ أُضُرَّكِ فدَعَتْ فأُطْلِقَ فَدَعا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إنَّكُمْ لَمْ تأتُونِي بإنْسَانٍ إنَّمَا أتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ فأخْدَمَهَا هاجَرَ فَأَتَتْهُ وهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فأوْمَأ بِيَدِهِ مَهْيا قالَتْ رَدَّ الله كَيْدَ الْكَافِرِ أوِ الفَاجِرِ فِي نَحْرِهِ وأخْدَمَ هاجَرَ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَني ماءِ السَّماءِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( لم يكذب إِبْرَاهِيم) وَمَا الْمَقْصُود إلاَّ ذكر إِبْرَاهِيم فَقَط.

وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن سعيد بن تليد، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: وَهُوَ سعيد بن عِيسَى بن تليد أَبُو عُثْمَان الرعيني الْمصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن جرير بن حَازِم عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة.
وَالثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب ضد مبغوض أبي عبد الله الْبَصْرِيّ إِلَى آخِره.
.
وَهَذَا الطَّرِيق غير مَرْفُوع.
والْحَدِيث فِي الأَصْل مَرْفُوع كَمَا فِي رِوَايَة جرير بن حَازِم، وَكَذَا عِنْد النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان مَرْفُوع من حَدِيث هِشَام بن حسان عَن ابْن سِيرِين، وَابْن سِيرِين كَانَ غَالِبا لَا يُصَرح بِرَفْع كثير من حَدِيثه.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن سعيد الْمَذْكُور مَرْفُوعا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح.
وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ شِرَاء الْمَمْلُوك من الْحَرْبِيّ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِيهِ قَضِيَّة الْكَذِب، وَبَاقِي الْقَضِيَّة فِيهِ على اخْتِلَاف فِي الْمَتْن بِزِيَادَة ونقصان.

قَوْله: ( إلاَّ ثَلَاثًا) أَي: إلاَّ ثَلَاث كذبات، كَمَا فِي الطَّرِيق الثَّانِي، وَقيل: الْجيد أَن يُقَال: بِفَتْح الذَّال فِي الْجمع لِأَنَّهُ جمع كذبة بِسُكُون الذَّال وَهُوَ اسْم لَا صفة لِأَنَّك تَقول: كذب كذبة كَمَا تَقول ركب ركبة، وَلَو كَانَ صفة لسكن فِي الْجمع، وَقد اسْتشْكل بَعضهم هَذَا الْحصْر فِي ثَلَاث لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث أبي حَيَّان عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: أُتِي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِلَحْم فَرفع إِلَيْهِ الذِّرَاع ... الحَدِيث، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل فِي الشَّفَاعَة، وَفِيه: إذهبوا إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ... الحَدِيث، وَفِيه: وَذكر كذباته ... الحَدِيث، وَفِيه: وَزَاد فِي قصَّة إِبْرَاهِيم قَالَ: وَذكر قَوْله فِي الْكَوْكَب: هَذَا رَبِّي، وَقَوله لآلهتهم: ( بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا) ، وَقَوله: { إِنِّي سقيم} ( الصافات: 98) .
وَجه الاستشكال أَن ذكر الْكَوْكَب يَقْتَضِي أَن كذباته أَربع، وَهُوَ يُعَارض الْحصْر فِي حَدِيث الْبابُُ.
.

     وَقَالَ  بَعضهم فِي معرض الْجَواب: الَّذِي يظْهر أَنه وهم من بعض الروَاة، فَإِنَّهُ ذكر قَوْله فِي الْكَوْكَب بدل قَوْله فِي سارة، وَالَّذِي اتّفقت عَلَيْهِ الطّرق فِي ذكر سارة دون الْكَوْكَب.
انْتهى.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى نِسْبَة إحد إِلَى الْوَهم، لِأَن قَوْله فِي الْكَوْكَب لَا يَخْلُو إِمَّا أَنه كَانَ وَهُوَ طِفْل كَمَا قَالَه ابْن إِسْحَاق، وَإِمَّا أَنه كَانَ بعد الْبلُوغ، فَإِن كَانَ الأول فَلَا يعد هَذَا شَيْئا.
لِأَن الطفولية لَيست بِمحل للتكليف، وَإِن كَانَ الثَّانِي فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِك على طَرِيق الِاحْتِجَاج على قومه تَنْبِيها على أَن الَّذِي يتَغَيَّر لَا يصلح للربوبية، أَو قَالَه توبيخاً أَو تهكماً بهم، وكل ذَلِك لَا يُطلق عَلَيْهِ الْكَذِب، وَأما وَجه إِطْلَاق الْكَذِب على الْأُمُور الثَّلَاثَة فَهُوَ مَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ: أما الْكَذِب فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ عَن الله عز وَجل فالأنبياء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، معصومون عَنهُ، وَأما فِي غَيره فَالصَّحِيح امْتِنَاعه.
فيؤول ذَلِك بِأَنَّهُ كذب بِالنِّسْبَةِ إِلَى فهم السامعين، أما فِي نفس الْأَمر فَلَا، إِذْ معنى سقيم إِنِّي سأسقم لِأَن الْإِنْسَان عرضة للأسقام أَو سقيم بِمَا قدر عَلَيْهِ من الْمَوْت أَو كَانَت تَأْخُذهُ الْحمى فِي ذَلِك الْوَقْت.
وَأما: فعله كَبِيرهمْ، فيؤول بِأَنَّهُ أسْند إِلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَب لذَلِك أَو هُوَ مَشْرُوط بقوله: إِن كَانُوا ينطقون أَو يُوقف عِنْد لفظ: فعله، أَي: فعله فَاعله، وَكَبِيرهمْ هُوَ ابْتِدَاء الْكَلَام، وَأما سارة فَهِيَ أُخْته بِالْإِسْلَامِ، وَاتفقَ الْفُقَهَاء على أَن الْكَذِب جَائِز بل وَاجِب فِي بعض المقامات، كَمَا أَنه لَو طلب ظَالِم وَدِيعَة ليأخذها غصبا وَجب على الْمُودع عِنْده أَن يكذب بِمثل: أَنه لَا يعلم موضعهَا، بل يحلف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ) ، أَي: كذبتين من هَذِه الكذبات الثَّلَاث كَانَتَا فِي ذَات الله تَعَالَى، أَي: لأَجله، وَإِنَّمَا خص هَاتين الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهُمَا فِي ذَات الله لِأَن قصَّة سارة وَإِن كَانَت أَيْضا فِي ذَات الله، لِأَنَّهَا سَبَب لدفع كَافِر ظَالِم عَن مواقعة فَاحِشَة عَظِيمَة، لَكِنَّهَا تَضَمَّنت حظاً لنَفسِهِ ونفعاً لَهُ بِخِلَاف الثِّنْتَيْنِ المذكورتين، لِأَنَّهُمَا كَانَتَا فِي ذَات الله مَحْضا، وَقد وَقع فِي رِوَايَة هِشَام بن حسان: أَن إِبْرَاهِيم لم يكذب قطّ إِلَّا ثَلَاث كذبات، كل ذَلِك فِي ذَات الله تَعَالَى، وَعند أَحْمد من حَدِيث ابْن عَبَّاس: وَالله إِن جادل بِهن إلاَّ عَن الله.
قَوْله: ( بَينا هُوَ) ، أَي: إِبْرَاهِيم وَسَارة مَعَه.
قَوْله: إِذْ أَتَى، جَوَاب: بَينا إِذْ أَتَى إِبْرَاهِيم.
قَوْله: على جَبَّار، يَعْنِي: مر على جَبَّار من الْجَبابُُِرَة، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَوَاحِدَة فِي شَأْن سارة، أَي: خصْلَة وَاحِدَة من الثَّلَاث الْمَذْكُورَة، فَإِنَّهُ قدم أَرض جَبَّار وَمَعَهُ ارة، وَكَانَت أحسن النَّاس، وَاسم هَذَا الْجَبَّار: عَمْرو بن امرىء الْقَيْس بن سبأ، وَكَانَ على مصر، ذكره السُّهيْلي، وَهُوَ قَول ابْن هِشَام فِي ( التيجان) وَقيل: اسْمه صادوف، بِالْفَاءِ حَكَاهُ ابْن قُتَيْبَة، وَأَنه كَانَ على الْأُرْدُن، وَقيل: سُفْيَان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاوذ بن سَام بن نوح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَكَاهُ الطَّبَرِيّ وَيُقَال: إِنَّه أَخُو الضَّحَّاك الَّذِي ملك الأقاليم، وَقيل: إِنَّه ملك حران.
.

     وَقَالَ  عُلَمَاء السّير: أَقَامَ إِبْرَاهِيم بِالشَّام مُدَّة فقحط الشَّام، فَسَار إِلَى مصر وَمَعَهُ سارة.
وَكَانَ بهَا فِرْعَوْن، وَهُوَ أول الفراعنة، عَاشَ دهراً طَويلا، فَأتى إِلَيْهِ رجل،.

     وَقَالَ : إِنَّه قدم رجل وَمَعَهُ امْرَأَة من أحسن النَّاس، وَجرى لَهُ مَعَه مَا ذكره فِي الحَدِيث.
قَوْله: ( فَأرْسل إِلَيْهِ) ، أَي: أرسل هَذَا الْجَبَّار إِلَى إِبْرَاهِيم.
قَوْله: ( فَقَالَ من هَذِه؟) أَي: فَقَالَ الْجَبَّار: من هَذِه الْمَرْأَة؟ قَالَ: أُخْتِي، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَأرْسل إِلَيْهَا فَأتى بهَا، فَهَذَا يدل على أَنه أَتَى بهَا حِين أرسل إِلَيْهِ الْجَبَّار، وَرِوَايَة البُخَارِيّ تدل على أَنه أرسل إِلَيْهِ أَولا وَسَأَلَ عَنْهَا، ثمَّ أَتَى إِبْرَاهِيم إِلَيْهَا،.

     وَقَالَ  لَهَا مَا ذكره فِي الحَدِيث، ثمَّ أرسلها إِلَيْهِ.
قَوْله: ( فَقَالَ: يَا سارة لَيْسَ على وَجه الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك) ، قيل: يشكل عَلَيْهِ كَون لَو مَعَه وَأجَاب بَعضهم بِأَن مُرَاده بِالْأَرْضِ: الأَرْض الَّتِي وَقع لَهُ بهَا مَا وَقع، وَلم يكن لوط مَعَه، إِذْ ذَاك.
فَإِن قلت: ذكر أهل السّير أَن إِبْرَاهِيم سَار إِلَى مصر وَمَعَهُ سارة وَلُوط.
قلت: يُمكن أَنه سَار مَعَه إِلَى مصر وَلم يدخلهَا مَعَه، فَأتى الْجَواب الْمَذْكُور كَمَا ذكره، وَالله أعلم.
قَوْله: ( فَأَخْبَرته أَنَّك أُخْتِي فَلَا تكذبِينِي) ، وَكَانَت عَادَة هَذَا الْجَبَّار أَن لَا يتَعَرَّض إلاَّ إِلَى ذَوَات الْأزْوَاج، فَلذَلِك قَالَ لَهَا: إِنِّي أخْبرته أَنَّك أُخْتِي.
وَقيل: لَو قَالَ: إِنَّهَا امْرَأَتي لألزمه بِالطَّلَاق.
قَوْله: ( فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ) أَي: فَلَمَّا دخلت سارة على الْجَبَّار.
قَوْله: ( فَأخذ) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: اختنق حَتَّى ركض بِرجلِهِ كَأَنَّهُ مصروع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَأرْسل إِلَيْهَا فَأتي بهَا قَامَ إِبْرَاهِيم يُصَلِّي فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ لم يَتَمَالَك أَن بسط يَدَيْهِ إِلَيْهَا فقبضت يَده قَبْضَة شَدِيدَة، وَعند أهل السّير: فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وَرَآهَا أَهْوى إِلَيْهَا فَتَنَاولهَا بِيَدِهِ فيبست إِلَى صَدره.
قَوْله: ( الثَّانِيَة) ، ويروى: ثَانِيَة، بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَعند أهل السّير: فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.
قَوْله: ( فدعَتْ) ، وَكَانَ دعاؤها: أللهم إِن كنت تعلم أَنِّي آمَنت بك وبرسولك واحصنت فَرجي إلاَّ على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ الْكَافِر.
قَوْله: ( فَدَعَا بعض حَجَبته) ، بِفَتْح الْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة جمع حَاجِب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( ودعا الَّذِي جَاءَ بهَا) .
قَوْله: ( إِنَّكُم لم تَأْتُونِي بِإِنْسَان إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَان) ، وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( مَا أرسلتم إليَّ إلاَّ شَيْطَانا، أرجعوها إِلَى إِبْرَاهِيم) .
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( فَقَالَ: إِنَّمَا جئتني بِشَيْطَان وَلم تأتني بِإِنْسَان، فأخرجها من أرضي وأعطها هَاجر) .
وَالْمرَاد من الشَّيْطَان: المتمرد من الْجِنّ، وَكَانُوا قبل الْإِسْلَام يعظمون أَمر الْجِنّ جدا، ويرون كل مَا يَقع من الخوارق من فعلهم وتصرفهم.
قَوْله: ( فَأَخْدَمَهَا هَاجر) أَي: وهب لَهَا خَادِمًا اسْمهَا هَاجر، وَيُقَال: آجر، بِالْهَمْز بدل الْهَاء، وَهِي أم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ اسْم سرياني، وَيُقَال: إِن أَبَاهَا كَانَ من مُلُوك القبط، وَأَصلهَا من قَرْيَة بِأَرْض مصر تدعى: حفن، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء.
قَوْله: ( فَأَتَتْهُ) ، أَي: فَأَتَت هَاجر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالْحَال أَنه يُصَلِّي.
قَوْله: ( فَأَوْمأ بِيَدِهِ) ، أَي: أَشَارَ بِيَدِهِ.
قَوْله: ( مهيا) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْهَاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف مَقْصُورا، وَهَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن: ( مهين) ، بالنُّون فِي آخِره، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: ( مَهيم) ، بِالْمِيم فِي آخِره، وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ أَنَّهَا كلمة يستفهم بهَا مَعْنَاهَا: مَا حالك؟ وَمَا شَأْنك؟ وَيُقَال: إِن إِبْرَاهِيم أول من قَالَ هَذِه الْكَلِمَة.
قَوْله: ( رد الله كيد الْكَافِر فِي نَحره) ، هَذَا مثل تَقوله الْعَرَب لمن أَرَادَ أمرا بَاطِلا فَلم يصل إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( كف الله يَد الْفَاجِر وَأَخْدَم خَادِمًا) .
وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج: ( أشعرت أَن الله كبت الْكَافِر وَأَخْدَم وليدة) أَي: جَارِيَة للْخدمَة، وَمعنى: كبت: رده الله خاسئاً.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَتلك أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء) أَرَادَ بهم الْعَرَب، لأَنهم يعيشون بالمطر ويتبعون مواقع الْقطر فِي الْبَوَادِي لأجل الْمَوَاشِي.

وَفِيه: حجَّة لمن يَدعِي أَن الْعَرَب كلهم من ولد إِسْمَاعِيل، وَيُقَال: أَرَادَ بِهِ: مَاء زَمْزَم، إِذْ أنبطها الله تَعَالَى لهاجر فعاشوا بهَا فصاروا كَأَنَّهُمْ أَوْلَادهَا،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : كل من كَانَ لَهُ من ولد إِسْمَاعِيل يُقَال لَهُ: ابْن مَاء السَّمَاء، لِأَن إِسْمَاعِيل ولد هَاجر وَقد رَبِّي بِمَاء زَمْزَم وَهِي من مَاء السَّمَاء، وَقيل: سموا بذلك لخلوص نسبه وصفائه، فَأشبه مَاء السَّمَاء،.

     وَقَالَ  عِيَاض: وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَنه أَرَادَ بذلك الْأَنْصَار، نسبهم إِلَى جدهم عَامر مَاء السَّمَاء بن حَارِثَة القطريف بن امريء الْقَيْس البطريق بن ثَعْلَبَة بن مَازِن من الأزد بن الْغَوْث بن نبت بن مَالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وعامر هَذَا هُوَ جد الْأَوْس والخزرج ابْنا حَارِثَة بن ثَعْلَبَة العنقاء بن عَمْرو بن مزيقيا بن عَامر مَاء السَّمَاء.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَمَا ذكره إِنَّمَا يَأْتِي على الشاذ أَن الْعَرَب جَمِيعهَا من ولد إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إلاَّ قبائل استثنيت، أما الْأَنْصَار فليسوا من ولد إِسْمَاعِيل بن هَاجر، وَلَا يعلم لَهَا ولد غَيره.
قلت: قَالَ الرشاطي: إِن الْأَنْصَار جزآن: الْأَوْس والخزرج أَخَوان رفعنَا نسبهما فِي: بابُُ الْأَنْصَار، فذكرناها كَمَا ذكرهمَا الْآن، وأمهما: قيلة بنت الأرقم بن عَمْرو بن جَفْنَة، وَقيل: قيلة بنت كَاهِل بن عذرة بن سعد بن قضاعة، حكى ذَلِك ابْن الْكَلْبِيّ والهمداني، وسنستقصي الْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، عِنْد انتهائنا إِلَى بابُُ ذكره البُخَارِيّ بقوله: بابُُ نِسْبَة الْيمن إِلَى إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالله أعلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور: فِيهِ: مَشْرُوعِيَّة أَن يُقَال: أخي فِي غير النّسَب، وَيُرَاد بِهِ الْأُخوة فِي الْإِسْلَام.
وَفِيه: قبُول صلَة الْملك الظَّالِم وَقبُول هَدِيَّة الْمُشرك.
وَفِيه: إِجَابَة الدُّعَاء بإخلاص النِّيَّة وكفاية الرب لمن أخْلص فِي الدُّعَاء بِالْعَمَلِ الصَّالح.
وَفِيه: أَن من نابه أَمر مُهِمّ من الكرب يَنْبَغِي لَهُ أَن يفزع إِلَى الصَّلَاة.
وَفِيه: أَن الْوضُوء كَانَ مَشْرُوعا للأمم قبلنَا وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهَذِهِ الْأمة وَلَا بالأنبياء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، لثُبُوت ذَلِك عَن سارة، وَذهب بَعضهم إِلَى نبوة سارة، وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا لَيست بنبية.