هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3433 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَقَالَ : إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا ، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا ، قَالَ : فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا ، وَوَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ ، وَفِيهِمْ غُلَامٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ ، فَأَخَذُوهُ ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأَصْحَابِهِ ، فَيَقُولُ : مَا لِي عِلْمٌ بِأَبِي سُفْيَانَ ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ ، وَعُتْبَةُ ، وَشَيْبَةُ ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، أَنَا أُخْبِرُكُمْ ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ ، فَإِذَا تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ ، فَقَالَ مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ عِلْمٌ ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ ، وَعُتْبَةُ ، وَشَيْبَةُ ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، فِي النَّاسِ ، فَإِذَا قَالَ هَذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ انْصَرَفَ ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتَضْرِبُوهُ إِذَا صَدَقَكُمْ ، وَتَتْرُكُوهُ إِذَا كَذَبَكُمْ ، قَالَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ ، قَالَ : وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ هَاهُنَا ، هَاهُنَا ، قَالَ : فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3433 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان ، قال : فتكلم أبو بكر ، فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر ، فأعرض عنه ، فقام سعد بن عبادة ، فقال : إيانا تريد يا رسول الله ؟ والذي نفسي بيده ، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا ، قال : فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ، ووردت عليهم روايا قريش ، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج ، فأخذوه ، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان ، وأصحابه ، فيقول : ما لي علم بأبي سفيان ، ولكن هذا أبو جهل ، وعتبة ، وشيبة ، وأمية بن خلف ، فإذا قال ذلك ضربوه ، فقال : نعم ، أنا أخبركم ، هذا أبو سفيان ، فإذا تركوه فسألوه ، فقال ما لي بأبي سفيان علم ، ولكن هذا أبو جهل ، وعتبة ، وشيبة ، وأمية بن خلف ، في الناس ، فإذا قال هذا أيضا ضربوه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي ، فلما رأى ذلك انصرف ، قال : والذي نفسي بيده ، لتضربوه إذا صدقكم ، وتتركوه إذا كذبكم ، قال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا مصرع فلان ، قال : ويضع يده على الأرض هاهنا ، هاهنا ، قال : فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It has been narrated on the authority of Anas that when (the news of) the advance of Abu Sufyan (at the head of a force) reached him. the Messenger of Allah (ﷺ) held consultations with his Companions. The narrator said:

Abu Bakr spoke (expressing his own views), but he (the Holy Prophet) did not pay heed to him. Then spoke 'Umar (expressing his views), but he (the Holy Prophet) did not pay heed to him (too). Then Sa'd b. 'Ubada stood up and said: Messenger of Allah, you want us (to speak). By God in Whose control is my life, if you order us to plunge our horses into the sea, we would do so. If you order us to goad our horses to the most distant place like Bark al-Ghimad, we would do so. The narrator said: Now the Messenger of Allah (ﷺ) called upon the people (for the encounter). So they set out and encamped at Badr. (Soon) the water-carriers of the Quraish arrived. Among them was a black slave belonging to Banu al-Hajjaj. The Companions of the Messenger of Allah (ﷺ) caught him and interrogated him about Abu Sufyan and his companions. He said: I know nothing about Abu Sufyan, but Abu Jahl, Utba, Shaiba and Umayya b. Khalaf are there. When he said this, they beat him. Then he said: All right, I will tell you about Abu Sufyan. They would stop beating him and then ask him (again) about Abu Sufyan. He would again say', I know nothing about Abu Sufyan, but Abu Jahl. 'Utba, Shaiba and Umayya b. Khalaf are there. When he said this, they beat him likewise. The Messenger of Allah (ﷺ) was standing in prayer. When he saw this he finished his prayer and said: By Allah in Whose control is my life, you beat him when he is telling you the truth, and you let him go when he tells you a lie. The narrator said: Then the Messenger of Allah (ﷺ) said: This is the place where so and so would be killed. He placed his hand on the earth (saying) here and here; (and) none of them fell away from the place which the Messenger of Allah (ﷺ) had indicated by placing his hand on the earth.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا.
قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول ما لي علم بأبي سفيان ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف فإذا قال ذلك ضربوه فقال: نعم أنا أخبركم هذا أبو سفيان فإذا تركوه فسألوه فقال ما لي بأبي سفيان علم ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس.
فإذا قال هذا أيضا ضربوه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فلما رأى ذلك انصرف قال والذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مصرع فلان قال: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.



المعنى العام

أوذي المسلمون بمكة على أيدي جبابرة قريش إيذاء لا يحتمله بشر فهاجر بعضهم إلى الحبشة مرتين ثم هاجروا إلى المدينة فرارا بدينهم وكان من يخرج منهم يترك وطنه وبيته وأملاكه وأمواله ويخرج سرا أو بحجة التجارة أو الزيارة بل كان صناديد قريش يشترطون على من يأذنوا له بالهجرة أن يتنازل عن ممتلكاته وما معه من مال فيخرج بالثياب التي على جسده حتى وصفهم الله في مهجرهم بالفقراء وجعلهم من مستحقي الصدقة وإن كانوا قبل ذلك بمكة من الأغنياء فقال تعالى { { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب* للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون } } [الحشر: 7 وما بعدها] .

ماذا يحق شرعا وقانونا وعقلا لهؤلاء الذين اغتصبت أموالهم إذا قويت شوكتهم؟ واستطاعوا أن يستردوا شيئا من أموالهم المنهوبة من أيدي من نهبوهم؟ هذا ما كان منهم كانت قريش تجارا يرتحلون في تجارتهم إلى الشام فيمرون بقرب المدينة فعلم المسلمون بالمدينة أن أبا سفيان في ثلاثين رجلا من قريش يقودون قافلة تجارية من مكة إلى الشام فخرجوا ليتعرضوا لها في غزوة عرفت بغزوة العشيرة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم معهم ففاتتهم فترقبوا رجوعها وأوحى الله إلى نبيه أن يخرج إلى هذه القافلة ووعده أن يغنم إحدى الطائفتين إما عير هذه القافلة وأموالها وإما غنيمة أموال قريش الذين يخرجون لحربه فاستنفر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فخرجوا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا نيفا على الستين رجلا من المهاجرين ونيفا وأربعين ومائتين من الأنصار حتى وصلوا ماء يعرف ببدر قريب من طريق القافلة وترصدوها كان أبو سفيان قائد القافلة يتجسس الأخبار ويتوقع من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين أن يتعرضوا له وبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم استنفر أصحابه يقصد القافلة فأرسل رجلا من قافلته يدعى ضمضما إلى قريش بمكة يحرضهم على المجيء لحفظ أموالهم ويحذرهم المسلمين فاستنفرهم ضمضم فخرجوا في ألف راكب مسلح ومعهم مائة فرس واشتد حذر أبي سفيان فغير الطريق المعتاد المرتقب وأخذ طريق الساحل وأسرع في السير حتى فات موقع المسلمين فلما أمن أرسل من يلقى قريشا يأمرهم بالرجوع لكن أبا جهل زعيم المستنفرين أقسم أن لا يرجع مكة حتى يلقن المسلمين درسا ويحتل الماء الذي ينزلون عنده ويشرب بنفسه من ماء بدر.

ووصلت عيون المسلمين بأخبار المشركين وبعددهم وعددهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أشيروا علي أيها الناس إن الله وعدني إحدى الطائفتين غنيمة العير أو غنيمة الحرب وقد أفلتت العير واستعدت قريش للحرب وهاهم على مرمى جيشنا فهل ننسحب ونرجع؟ أو نثبت ونقاتل؟ وأجابه أبو بكر فأحسن الجواب.
امض يا رسول الله إلى ما أمرك الله فنحن معك عن يمينك وشمالك وبين يديك ومن خلفك أرواحنا ملك لله ورسوله فلم يعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلام أبي يكر فهو لم يكن يقصده بالسؤال وصرف بصره عنه إلى جهة أخرى وتكلم عمر فأحسن بمثل كلام أبي بكر فلم يعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلامه فهو لم يكن يقصد المهاجرين أصلا وصرف بصره ناحية زعماء الأنصار إنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده فما موقفهم من طلبه العدو؟ وقتالهم له؟ وفهم الأنصار قصده فقال زعيمهم سعد بن معاذ: كأنك تريدنا يا رسول الله؟ امض يا رسول الله لما أمرت به فنحن معك فوالله لئن أمرتنا أن نخوض بخيلنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا أحد ولو أمرتنا أن نضرب أكباد خيولنا إلى أبعد مكان تقصده لفعلنا ما تخلف منا أحد ولا نكون كالذين قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ولعلك -يا رسول الله- خرجت لأمر فأحدث الله غيره فامض لما شئت وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت فسر النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم المقداد بن الأسود بمثل ذلك فأشرق وجهه صلى الله عليه وسلم وقرر القتال وصف الصفوف إنه يعلم أن أصحابه كانوا يتمنون العير غير ذي الشوكة ولكن يريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ولقد صف المشركون صفوفهم وخيلهم في مواجهة المسلمين وأخذ أبو جهل يصول ويجول ويتبختر بين صفوفهم وطلب المشركون المبارزة وخرج من بين صفوفهم عتبة ابن ربيعة ينادي من يبارزني من المسلمين؟ وتبعه ابنه الوليد ينادي نفس النداء وتبعه أخوه شيبة بن ربيعة ينادي كذلك فبرزلهم ثلاثة من شباب الأنصار فقال لهم عتبة: لا حاجة لنا فيكم إنما أردنا بني عمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة فأقبل حمزة إلى عتبة فقتله وأقبل علي إلى شيبة فقتله وتبادل عبيدة والوليد الضربات فأثخن كل منهما الآخر فمال حمزة وعلى على الوليد فقتلاه واحتملا عبيدة وتلاحمت الصفوف وحمى الوطيس والقوتان غير متكافئتين ولكن نصر الله نزل من السماء فأنزل الله ماء قليلا على المسلمين لينشطهم ويثبت به أقدامهم على الرمال وأنزل ملائكة مددا إجابة لاستغاثة رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه إذ رفع يديه إلى السماء ينادي: اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم إني أنشدك ما وعدتني اللهم إن شئت لم تعبد في الأرض حتى وقع رداؤه صلى الله عليه وسلم عن كتفيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ولم يكن أبو بكر بذلك أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم بل الحامل على هذه المناشدة الحامية شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه فاستقرت نفسه صلى الله عليه وسلم لما رأى من نزول الملائكة وقال: سيهزم الجمع ويولون الدبر وانهزم المشركون وفروا تاركين وراءهم سبعين من القتلى وسبعين من الرجال الأسرى وغنم المسلمون الإبل والشاة والأموال وكان على رأس القتلى أبو جهل زعيم العصابة المشركة.

وأنزل الله تعالى { { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون* إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين* بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين* وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحيكم* ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين } } [آل عمران: 123 - 127] وأنزل { { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين* ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون* إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم* إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام* إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان* ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب* ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار* يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار* ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير* فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم } } [الأنفال: 7 - 17] .

المباحث العربية

( بدر) قرية مشهورة بقرب ينبع والصفراء والجار والجحفة وهو موسم من مواسم العرب ومجمع من مجامعهم في الجاهلية وبها آبار ومياه على نحو خمسمائة ميل من المدينة قيل: سميت باسم بدر بن الحارث وقيل: باسم بئر بها لصفائه واستدارته.

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور) مفعوله محذوف أي شاور أصحابه أبا بكر وعمر وغيرهما أو نزل منزلة اللازم فلم يقصد له مفعول أي حدثت منه المشاورة كأن قال: ماذا نفعل أيها الناس؟ وهذا هو الظاهر.

( فتكلم أبو بكر) وأبدى رأيه في الموقف يقاتلون؟ أو يرجعون؟ وعند ابن إسحق أن هذه المشاورة كانت بعد أن وصل النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء وبلغه أن قريشا قصدت بدرا وأن أبا سفيان نجا بمن معه فاستشار الناس فقام أبو بكر فقال فأحسن ثم قام عمر كذلك.

( فأعرض عنه) أي لم يعلق على كلامه لأنه لم يكن يقصده بل كان يقصد الأنصار.

( فقام سعد بن عبادة) كذا في مسلم سعد بن عبادة وكذا عند ابن أبي شيبة قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر لأن سعد بن عبادة لم يشهد بدرا وإن كان يعد فيهم لكونه ممن ضرب له بسهمه والمحفوظ أن هذا الكلام لسعد بن معاذ كذا ذكره موسى بن عقبة وغيره من كتاب السير وزادوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي فعرفوا أنه يريد الأنصار لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده فكان يتخوف أن لا يوافقوه على القتال فقال له سعد بن معاذ: امض يا رسول الله لما أمرت به فنحن معك لئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك ولا نكون كالذين قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ولعلك -يا رسول الله- خرجت لأمر فأحدث الله غيره فامض لما شئت وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت والمحفوظ أيضا أن المقداد بن الأسود قال هذا القول فقد روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا -لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين الأولى وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان وذلك بين في رواية مسلم ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان والثانية كانت بعد أن خرج ووقع عند الطبراني أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية وهذا أولى بالصواب.
اهـ.

( فقال: إيانا [معشر الأنصار] تريد يا رسول الله؟) وعلم من أسارير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعم فقال:

( والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها) نخيضها بضم النون وكسر الخاء يعني الخيل يعني نجعلها تخوض البحر وتخترقه لجعلناها كذلك.

( ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا) قال النووي: أما برك فهو بفتح الباء وسكون الراء هذا هو المعروف المشهور في كتب الحديث وروايات المحدثين قال القاضي عياض: قال بعض أهل اللغة: صوابه كسر الراء قال النووي: وذكره جماعة من أهل اللغة بالكسر لا غير واتفق الجميع على أن الراء ساكنة إلا ما حكى القاضي عن الأصيلي أنه ضبطه بإسكانها وفتحها وهذا غريب ضعيف.

وأما الغماد فبكسر الغين وضمها لغتان مشهورتان لكن الكسر أفصح وهو المشهور في روايات المحدثين والضم هو المشهور في كتب اللغة وهو موضع من وراء مكة بخمس ليال بناحية الساحل وقيل: بلدتان وقيل: موضع بأقاصي هجر وقيل: برك الغماد وسعفات هجر كناية تقال فيما تباعد أي من غير قصد حقيقة الأمكنة.

( فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا) أي دعاهم إلى الخروج للقاء العير وهذا ظاهر في أن المشاورة كانت بالمدينة.

( ووردت عليهم روايا قريش) الروايا من الإبل الحوامل للماء واحدتها راوية فالمراد مرت بهم إبل قريش التي يستقون عليها وتروي القوم والمراد الروايا ورعاتها.

( وفيهم غلام أسود) أي وفي رعاتها ومرافقيها غلام أسود.

( ما لي علم بأبي سفيان) هذه حقيقة الغلام فهو لا يعلم عن أبي سفيان وقافلته شيئا وإنما هو مع قريش الذين خرجوا من مكة ونزلوا بدرا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس) أي هؤلاء الذين أعرفهم وهم الذين أستقي لهم في طائفة كبيرة من قريش إن أبا سفيان أرسل إلى قريش: أن أدركوا أموالكم مع أبي سفيان فقد عرض لها محمد فاستنفر أبو جهل الناس وغير أبو سفيان الطريق فنجا بالعير لكن أبا جهل وعصابته أبوا إلا أن يواجهوا محمدا في بدر.

( فلما رأى ذلك انصرف) عن الصلاة بالتسليم بعد أن أكملها مخففة.

( لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم) قال النووي: هكذا وقع في النسخ تضربوه وتتركوه بغير نون [وكان الأصل أن يقول: تضربونه وتتركونه] وهي لغة تحذف النون بغير نصب ولا جزم.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا مصرع فلان قال: ويضع يده على الأرض ههنا) أي فكان صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى أماكن مصارع زعماء قريش فيما صار ميدان المعركة وممن ذكرهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وأبو جهل بن هشام وكان يدعو عليهم بمكة.

( فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي فما بعد مصرع أحدهم عن موضع إشارة يده صلى الله عليه وسلم يقال: ماط عني ميطا وميطانا وأماط أي تنحى وبعد وذهب ومنه إماطة الأذى عن الطريق أي تنحيته.

فقه الحديث

ذكر البخاري تحت غزوة بدر مجموعة من الأحاديث منها:

تحت باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر عن سعد بن معاذ أنه قال: كان صديقا لأمية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف البيت فخرج به قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال: هذا سعد.
فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد آويتم الصباة [جمع صابي وهو الذي ينتقل من دين إلى دين] وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم؟ أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما فقال له سعد -ورفع صوته عليه- أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة [أي ما يقاربها ويحاذيها في طريق الشام] فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي فقال سعد: دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنهم قاتلوك قال: بمكة؟ قال: لا أدري ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان ألم ترى ما قال لي سعد؟ قالت: وماذا قال لك؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري فقال أمية: والله لا أخرج من مكة فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال: أدركوا عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني فقالت له: يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا فلم يزل حتى قتله الله عز وجل ببدر.

قيل: قتله ابن إساف وقيل: قتله رجل من بني مازن من الأنصار وقال ابن هشام: اشترك في قتله معاذ ابن عفراء وخارجة بن زيد وخبيب وذكر الحاكم أن رفاعة بن رافع طعنه بالسيف ويقال: قتله بلال وأما ابنه علي بن أمية فقتله عمار.

وذكر البخاري هنا أيضا حديث قتل أبي جهل وسيذكره مسلم بعد ستة أبواب وسبق حديث ابني عفراء بخصوصه في باب استحقاق القاتل سلب القتيل قبل خمسة عشر بابا.

وذكر حديث شهود الملائكة بدرا وقد ذكره مسلم قبل عشرة أبواب.

وذكر حديث أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر [أي في بئر مهمل] خبيث مخبث وبعد ثلاث قام يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا؟ فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.

وذكر أحاديث في فضل من شهد بدرا وأحاديث للبدريين وأخيرا ذكر أسماء البدريين مرتبة على حروف المعجم فمن أراد البسط فليراجع.

ويؤخذ من الحديث

1- استشارة الأصحاب وأهل الرأي والخبرة.

2- ومن انصرافه من الصلاة قال النووي: فيه استحباب تخفيف الصلاة إذا عرض أمر في أثنائها.

3- ومن ضرب الغلام جواز ضرب الكافر الذي لا عهد له وإن كان أسيرا قاله النووي: والأظهر أن فيه جواز الضرب لإظهار الحقيقة إذا ظن إخفاؤها هذا على أساس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك.

4- وفي الحديث معجزتان من أعلام النبوة إحداهما إخباره صلى الله عليه وسلم بمصرع جبابرتهم فلم يتعد أحد مصرعه الثانية إخباره صلى الله عليه وسلم بأن الغلام الذي كانوا يضربونه يصدق إذا تركوه ويكذب إذا ضربوه وكان كذلك في نفس الأمر.

5- فيه منقبة عظيمة لسعد بن عبادة وجهاده لرفعة راية الإسلام.

6- ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من شغل أوقاته بالصلاة النافلة حتى في وقت الشدة.

والله أعلم.