هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3491 حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي عَامِرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ ، قَالَ : فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا ، فَنَقِبَتْ قَدَمَايَ ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي ، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الْخِرَقِ ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ ، ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ ، قَالَ : كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ ، قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَزَادَنِي غَيْرُ بُرَيْدٍ وَاللَّهُ يُجْزِي بِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3491 حدثنا أبو عامر عبد الله بن براد الأشعري ، ومحمد بن العلاء الهمداني ، واللفظ لأبي عامر ، قالا : حدثنا أبو أسامة ، عن بريد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه ، قال : فنقبت أقدامنا ، فنقبت قدماي ، وسقطت أظفاري ، فكنا نلف على أرجلنا الخرق ، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق ، قال أبو بردة فحدث أبو موسى بهذا الحديث ، ثم كره ذلك ، قال : كأنه كره أن يكون شيئا من عمله أفشاه ، قال أبو أسامة وزادني غير بريد والله يجزي به
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It has been narrated on the authority of Abu Musa (Ash'ari) who said:

We set out on an expedition with the Messenger of Allah (ﷺ). We were six in number and had (with us) only one camel which we rode turn by turn Our feet were injured. My feet were so badly injured that my nails dropped off. We covered our feet with rags. so this expedition was called Dhat-ur-Riqa' (i. e. the expedition of rags) because we bandaged our feet with rags (on that day). Abu Burda said: Abu Musa narrated this tradition, and then disliked repeating it as he did not want to give any publicity to what he did in a noble cause Abu Usama said: Narrators other than Abu Buraida have added to the version of the words: God will reward it.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه.
قال: فنقبت أقدامنا.
فنقبت قدماي.
وسقطت أظفاري.
فكنا نلف على أرجلنا الخرق.
فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق.
قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذلك.
قال: كأنه كره أن يكون شيئا من عمله أفشاه.
قال أبو أسامة: وزادني غير بريد والله يجزي به.



المعنى العام

وقعت الغزوات النبوية على مسافات بعيدة من المدينة، في الكثير منها، مع قلة في الظهر والركاب، ووعورة في الطريق، وتنكب الجبال والوديان، وضعف الحماية والوقاية من مشاق السفر.

وهذا الحديث يصور لنا صورة من هول ما لاقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فهذا أبو موسى الأشعري اليمني المولد والموطن، جاء مع وفد من أهله من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بالأشعريين، وكان في غزوة خيبر، فأعلنوا إسلامهم، وانضمامهم إلى جيوش المسلمين، ويحدثنا عن غزوة اشترك فيها، تعرف بغزوة ذات الرقاع، فيقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو سبعمائة من أصحابه، قاصدين غطفان في نجد، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم جمعوا جموعا لحربه، فقرر مبادرتهم قبل أن يبادروه، خرج أبو موسى يرافقه خمسة من الأشعريين الفقراء، لا يملكون إلا بعيرا واحدا، لا يعنيهم من يملكه منهم، فقد مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعاون والتضامن والتكافل، فقال: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعامهم، جمعوا ما عندهم في إناء واحد، واقتسموه بالسوية، فهم مني، وأنا منهم.

وظهرت هذه الصورة التضامنية في سفرهم هذه الغزوة، فهم يتعاقبون على جمل واحد، يركب هذا قليلا ثم ينزل، ليركب الآخر مثله، حتى يركب آخرهم، فينزل ليركب أولهم، لم يكن الجمل لهزاله يتحمل اثنين، لهذا لم يردف أحدهما صاحبه، وهم الذين رقت قلوبهم، ولانت أحساسيسهم، ونتيجة هذا التصرف أن يمشي الواحد منهم خمسة أسداس الطريق، ويركب سدسه، والرمال محماة من حرارة الشمس، والحجارة متشعبة، تغوص شعبها في الأقدام، ولا نعل يملكون ولا حذاء، ساروا في البداية حفاة ساروا يوما، فانتفخت أقدامهم بفقاقيع مائية، انتهت بانفجارها، وفي اليوم الثاني تقيحت، وفي اليوم الثالث أكلت ما حول أظافر القدمين من لحم، فسقطت الأظافر، فكانوا من هذا يسيرون لا يتوقفون، ويحاولون التخفيف عن مضاعفات جروح أرجلهم بخرق يلفون بها أقدامهم، ويعصبونها على جروحهم، وكانت حالهم هذه حال كثير من الصحابة، فأطلقوا على غزوتهم هذه اسم غزوة ذات الرقاع، للرقع التي كانوا يلفون أقدامهم بها، فرضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

المباحث العربية

( غزوة ذات الرقاع) يقال: رقع الثوب بفتح القاف مخففة، يرقع بفتحها أيضا رقعا بسكونها، ورقعة بفتح الراء وسكون القاف، أصلحه بالرقعة بضم الراء وسكون القاف، وأرقع بالهمز، ورقع بالتضعيف بمعنى رقع بالتخفيف، والرقاع جمع رقعة.

وفي سبب تسمية هذه الغزوة بهذا الاسم قال أبو موسى رضي الله عنه في الحديث: فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق قال النووي: هذا هو الصحيح في سبب تسميتها، وقيل: سميت بذلك بجبل هناك، فيه بياض وسواد وحمرة، وقيل: سميت باسم شجرة هناك، وقيل: لأنه كان في ألويتهم رقاع، ويحتمل أنها سميت بالمجموع.
اهـ.
وقيل: بشجر هناك يقال له: ذات الرقاع، وهذا هو مراد النووي بكلمة شجرة أي جنس شجرة، وقيل: بل الأرض التي نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع، وقيل: لأن خيلهم كان بها سواد وبياض، قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون لفظ خيل قد تصحف من لفظ جبل.

( ونحن ستة نفر) النفر من الثلاث إلى التسع، فالإضافة بيانية، والمعنى ستة أي نفر.
وفي رواية البخاري ونحن في ستة نفر أي كان أبو موسى ضمن ستة من الأشعريين في جيش هذه الغزوة.

( بيننا بعير نعتقبه) أي يركبه الواحد منا عقب الآخر، لكل واحد منهم نوبة، يركب هذا قليلا، ثم ينزل، فيركب الآخر، بالنوبة حتى يأتي سائرهم، والمقصود إظهار الشدة والمشقة الحاصلة لهم من طول المسافة، وشدة حرارة رمل الصحراء.

( فنقبت أقدامنا، فنقبت قدماي) بفتح النون وكسر القاف، أي رق جلدها، وقرحت من الحفاء وطول السير عليها.
يقال: نقب بكسر القاف ينقب بفتحها، أي تخرق، ونقب خف البعير أي رق، وقوله فنقبت قدماي بعد قوله فنقبت أقدامنا من ذكر الخاص بعد العام لمزيد عناية بهذا الخاص، ولرفع توهم أن النقب أصاب البعض، أو أصاب إحدى قدميه.

( وسقطت أظفاري) أي أظفار أصابع قدمي.

( فكنا نلف على أرجلنا الخرق) بكسر الخاء وفتح الراء، جمع خرقة، وهي القطعة من الثوب الممزق وذلك لاتقاء حرارة الرمال، ولوقاية جروح الأقدام من الاحتكاك بالحجارة.

( لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق) نعصب بضم النون وفتح العين وتشديد الصاد المكسورة، وبفتح النون وكسر الصاد، يقال: عصب الشيء وعصب على الشيء، عصبا بسكون الصاد، أي قبض وطوي ولوي وشد، واللام المكسورة في لما كنا للتعليل أي سميت ذات الرقاع من أجل عصبنا الرقع والخرق على أرجلنا.

( قال أبو بردة) بن أبي موسى الراوي عن أبي موسى الأشعري.

( فحدث أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذلك) التحديث، وندم أن حدث، وتمنى أن لو لم يكن تحدث به، لما خاف من تزكية نفسه.

( كأنه كره أن يكون شيئا من عمله أفشاه) في رواية مسلم شيئا بالنصب خبر يكون أي كره أن يكون الحديث شيئا أفشاه من عمله، لا ينبغي إفشاؤه، وفي رواية البخاري كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه برفع شيء اسم يكون والخبر أفشاه زاد البخاري قال: ما كنت أصنع بأن أذكره أي ماذا استفدت بذكره؟

( والله يجزي به) أي قال أبو موسى: لماذا أفشيته والله هو الذي يجزي على المشقة في سبيله، لا الإنسان.

فقه الحديث

روى البخاري تحت باب غزوة ذات الرقاع مجموعة من الأحاديث والتعليقات، فقال: وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان، وهي بعد خيبر، لأن أبا موسى جاء بعد خيبر.

وأخرج من الأحاديث غير حديثنا:

1- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع.

2- عن جابر رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نخل، فلقي جمعا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف.

3- عمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.

4- عن ابن عمر رضي الله عنهم قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم.

5- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، وفي رواية له كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة -أي أدركهم وسط النهار في واد كثير شجر الشوك- فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاة، يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمرة بفتح السين وضم الميم، أي شجرة كثيرة الورق، يستظل بها وفي رواية له فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم -فعلق بها سيفه، قال جابر: فنمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت، وهو في يده صلتا بفتح الصاد وسكون اللام، أي مجردا عن غمده فقال وفي رواية فقال تخافني؟ فقال له: لا فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله.
فها هو ذا جالس وفي رواية ابن إسحق فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك أنت مني؟ قال: لا أحد.
أنت خير مني، ثم أسلم بعد.

تاريخها: قال الحافظ ابن حجر: اختلف في هذه الغزوة.
متى كانت؟ وقد جنح البخاري إلى أنها كانت بعد خيبر، ومع ذلك ذكرها قبل خيبر، وربما تعمد ذلك تسليما لأهل المغازي، أو أن ذلك من الرواة، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسما لغزوتين مختلفتين، كما أشار إلى ذلك البيهقي.

وأصحاب المغازي يجزمون بأنها قبل خيبر، ويختلفون في تاريخها، فعند ابن إسحاق أنها بعد بني النضير، وقبل الخندق، في جمادى الأولى سنة أربع.

وعند ابن سعد وابن حبان أنها كانت في المحرم سنة خمس.

وجزم أبو معشر بأنها كانت بعد بني قريظة والخندق، وقريظة كانت في ذي القعدة سنة خمس، فتكون ذات الرقاع في آخر السنة، وأول التي تليها.

وأما موسى بن عقبة فجزم بتقديم وقوع غزوة ذات الرقاع، لكن تردد في وقتها، فقال: لا ندري كانت قبل بدر؟ أو بعدها أو قبل أحد أو بعدها قال الحافظ: وهذا التردد لا حاصل له، بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة، لأن صلاة الخوف لم تكن شرعت في غزوة الخندق، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع.

سببها وأحداثها: ذكر الواقدي أن سبب غزوة ذات الرقاع أن أعرابيا قدم بإبل ومتاع للتجارة على المدينة، فقال: إني رأيت ناسا من بني ثعلبة ومن بني أنمار قد جمعوا لكم جموعا، وأنتم في غفلة عنهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في أربعمائة -ويقال سبعمائة- حتى وصل أرض غطفان، فلقي جمعا منهم، فاصطف الفريقان للقتال، وأخاف بعضهم بعضا، وكان المشركون بين المسلمين وبين القبلة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بأصحابه، فانصرف المشركون دون قتال، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه.

ويؤخذ من الحديث

1- جواز التناوب في ركوب الدابة، إذا لم يضر بها.

2- قال النووي: فيه استحباب إخفاء الأعمال الصالحة، وما يكابده العبد من المشاق في طاعة الله تعالى، ولا يظهر شيئا من ذلك إلا لمصلحة، مثل بيان حكم ذلك الشيء، والتنبيه على الاقتداء به فيه، ونحو ذلك، وعلى هذا يحمل ما وجد للسلف من الأخبار بذلك.

3- وفيه مدى ما لحق الصحابة من المشقة في سبيل الجهاد، ونشر راية الإسلام.

والله أعلم.