هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
357 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ ، قَالَ : سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ ، فَقَالَ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي ، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَا السُّرَى يَا جَابِرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ : مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ ، قُلْتُ : كَانَ ثَوْبٌ - يَعْنِي ضَاقَ - قَالَ : فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  يعني ضاق قال : فإن كان واسعا فالتحف به ، وإن كان ضيقا فاتزر به
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ ، قَالَ : سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ ، فَقَالَ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي ، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَا السُّرَى يَا جَابِرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ : مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ ، قُلْتُ : كَانَ ثَوْبٌ - يَعْنِي ضَاقَ - قَالَ : فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ.

Narrated Sa`id bin Al-Harith:

I asked Jabir bin `Abdullah about praying in a single garment. He said, I traveled with the Prophet (ﷺ) during some of his journeys, and I came to him at night for some purpose and I found him praying. At that time, I was wearing a single garment with which I covered my shoulders and prayed by his side. When he finished the prayer, he asked, 'O Jabir! What has brought you here?' I told him what I wanted. When I finished, he asked, 'O Jabir! What is this garment which I have seen and with which you covered your shoulders?' I replied, 'It is a (tight) garment.' He said, 'If the garment is large enough, wrap it round the body (covering the shoulders) and if it is tight (too short) then use it as an Izar (tie it around your waist only.)'

0361 Said ben al-Harith dit : Nous avons interrogé Jâbir ben Abd-ul-Lâh sur le fait de prier en portant un seul vêtement et il a dit : J’étais avec le Prophète durant l’une de ses expéditions. Une nuit, alors que j’étais venu pour une affaire, je le trouvai en train de prier. Et comme je n’étais vêtu que d’un seul vêtement, je m’enveloppai dedans et je fis la prière près de lui. Ayant terminé de prier, il me dit : « Quelle est la cause qui t’a poussé à venir de nuit ? o Jâbir » Sur ce, je commençai à lui exposer mon affaire et quand j’eus terminé il me dit : « Pourquoi cette manière de s’envelopper que je viens de voir de ta part ? » « Je n’avais qu’un seul vêtement (c’est-à-dire un vêtement étroit). » « Si ton vêtement est large tu peux alors t’envelopper, sinon porte-le comme un izar.«   

":"ہم سے یحییٰ بن صالح نے بیان کیا ، کہا ہم سے فلیح بن سلیمان نے ، وہ سعید بن حارث سے ، کہا ہم نے جابر بن عبداللہ سے ایک کپڑے میں نماز پڑھنے کے بارے میں پوچھا ۔ تو آپ نے فرمایا کہمیں نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ ایک سفر ( غزوہ بواط ) میں گیا ۔ ایک رات میں کسی ضرورت کی وجہ سے آپ کے پاس آیا ۔ میں نے دیکھا کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نماز میں مشغول ہیں ، اس وقت میرے بدن پر صرف ایک ہی کپڑا تھا ۔ اس لیے میں نے اسے لپیٹ لیا اور آپ کے بازو میں ہو کر میں بھی نماز میں شریک ہو گیا ۔ جب آپ نماز سے فارغ ہوئے تو دریافت فرمایا جابر اس رات کے وقت کیسے آئے ؟ میں نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے اپنی ضرورت کے متعلق کہا ۔ میں جب فارغ ہو گیا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا کہ یہ تم نے کیا لپیٹ رکھا تھا جسے میں نے دیکھا ۔ میں نے عرض کی کہ ( ایک ہی ) کپڑا تھا ( اس طرح نہ لپیٹتا تو کیا کرتا ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر وہ کشادہ ہو تو اسے اچھی طرح لپیٹ لیا کر اور اگر تنگ ہو تو اس کو تہبند کے طور پر باندھ لیا کر ۔

0361 Said ben al-Harith dit : Nous avons interrogé Jâbir ben Abd-ul-Lâh sur le fait de prier en portant un seul vêtement et il a dit : J’étais avec le Prophète durant l’une de ses expéditions. Une nuit, alors que j’étais venu pour une affaire, je le trouvai en train de prier. Et comme je n’étais vêtu que d’un seul vêtement, je m’enveloppai dedans et je fis la prière près de lui. Ayant terminé de prier, il me dit : « Quelle est la cause qui t’a poussé à venir de nuit ? o Jâbir » Sur ce, je commençai à lui exposer mon affaire et quand j’eus terminé il me dit : « Pourquoi cette manière de s’envelopper que je viens de voir de ta part ? » « Je n’avais qu’un seul vêtement (c’est-à-dire un vêtement étroit). » « Si ton vêtement est large tu peux alors t’envelopper, sinon porte-le comme un izar.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [361] فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ عَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ جَابِرٍ غَزْوَةُ بُوَاطٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ مَغَازِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  لِبَعْضِ أَمْرِي أَيْ حَاجَتِي وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَرْسَلَهُ هُوَ وَجَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ لِتَهْيِئَةِ الْمَاءِ فِي الْمَنْزِلِ .

     قَوْلُهُ  مَا السُّرَى أَيْ مَا سَبَبُ سُرَاكَ أَيْ سَيْرِكَ فِي اللَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ كَأَنَّهُ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الِاشْتِمَالُ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ أَنْ يُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى بَدَنِهِ كُلِّهِ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ.

.

قُلْتُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ لَكِنْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الْإِنْكَارَ كَانَ بِسَبَبِ أَنَّ الثَّوْبَ كَانَ ضَيِّقًا وَأَنَّهُ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَتَوَاقَصَ أَيِ انْحَنَى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ لَمْ يَصِرْ سَاتِرًا فَانْحَنَى لِيَسْتَتِرَ فَأَعْلَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَأَمَّا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِائْتِزَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّوَاقُصِ الْمُغَايِرِ لِلِاعْتِدَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ ثَوْبٌ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَلِغَيْرِهِمَا بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الْمُشْتَمِلُ بِهِ ثَوْبًا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ضَيِّقًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [361] ثنا يحيى بن صالح: ثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فَقَالَ: خرجت مَعَ رَسُول الله فِي بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري فوجدته يصلي، وعلي ثوب واحد فاشتملت بِهِ وصليت إلى جانبه فلما انصرف قَالَ: ( ( مَا السرى يَا جابر؟) ) فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: ( ( ما هذا الاشتمال الذي رايت؟) ) قلت: كان ثوب - يعني: ضاق - قال: ( ( فإن كان واسعا فالتحف به، وإن كان ضيقا فاتزر به) ) .
قوله: ( ( ما السرى يا جابر) ) يدل على أن هذا السير كان فِي آخر الليل، وهو السرى، وفهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جابر أنه جاء في ذلك الوقت لحاجة له، ولذلك قال له ذلك.
وأما إنكاره عليه الاشتمال بالثوب الواحد، فقال الخطابي: الاشتمال الذي أنكره أن يدير الثوب على بدنه كله، لا يخرج منه يده.
قلت: قد خرج هذا الحديث مسلم وأبو داود وغيرهما بسياق يدل على بطلان هذا التفسير، من رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن جابر، فذكر حديثا طويلا، وفيه: قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزاة، فقام يصلي، وكانت علي بردة ذهبت أخالف بين طرفيها، فلم يبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء جبار بن صخر فقام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعا حتى أقامنا خلفه.
قال: وجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( يا جابر) ) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ( ( إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك) ) .
فهذا السياق يدل على أن بردة جابر كانت ضيقة، لا تتسع للاتزار بها والارتداء، ولذلك تواقص عليها لئلا تسقط.
قال الخطابي في ( ( المعالم) ) : معناه: أنه ثنى عنقه ليمسك الثوب به، كأنه يحكي خلقة الأوقص من الناس - يعني: مائل العنق.
وقد استدل بهذا الحديث من قال: أن الصلاة بإزار واحد مع إعراء المنكبين صحيحة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر جابرا أن يتزر ويصلي لما عجز عن ستر عورته ومنكبيه بالبردة التي عليه لضيقها.
وممن استدل بذلك الشافعي وأصحابه ومن وافقهم.
وقد روى شرحبيل بن سعد، عَن جابر، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا ما اتسع الثوب فتعاطف به على منكبيك ثم صل وإذا ضاق عن ذلك فشد به حقويك، ثم صل على غير رداء) ) .
خرجه الإمام أحمد، وشرحبيل هذا مختلف في أمره.
وأجاب أصحابنا عن ذلك من وجهين: أحدهما: ما أجاب به أبو بكر الأثرم: أن ذلك محمول على حالة العجز عن ستر المنكبين، والنهي عن إعرائهما إنما يكون للقادر على سترهما.
وهذا - أيضا - قول إسحاق، قال: أن أعرى منكبيه في الصلاة من ضرورة فجائز -: نقله عنه حرب.
والثاني: أن حديث جابر هذا محمول على صلاة النافلة، وحديث أبي هريرة محمول على صلاة الفرض، وهذا جواب أبي بكر عبد العزيز بن جعفر.
ويشهد له: أن في رواية البخاري أن ذلك كان ليلا؛ وقوله: ( ( ما السرى يا جابر؟) ) يدل على أنه كان من أخر الليل، فيحتمل أن تكون تلك صلاة الليل، أو صلاة الوتر.
والله أعلم.
وقال حنبل: قيل لأبي عبد الله - يعني: أحمد -: الرجل يكون عليه الثوب اللطيف لا يبلغ أن يعقده، ترى أن يتزر به ويصلي؟ قال: لا أرى ذلك مجزئا عنه، وأن كان الثوب لطيفا صلى قاعدا وعقده من ورائه، على ما فعل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الثوب الواحد.
وهذه رواية مشكلة جدا، ولم يروها عن أحمد غير حنبل، وهوثقة إلا أنه يهم أحيانا، وقد اختلف متقدمو الأصحاب فيما تفرد به حنبل عن أحمد: هل تثبت به رواية عنه أم لا؟ ولكن اعتمد الأصحاب على هذه الرواية، ثم اختلفوا في معناها: فقال القاضي أبو يعلى ومن اتبعه: من وجد ما يستر به منكبيه أو عورته ولا يكفي إلا أحدهما فإنه يستر عورته، ويصلي جالسا؛ لأن الجلوس بدل عن القيام، ويحصل به ستر العورة، فيستر بالثوب اللطيف منكبيه حيث لم يكن له بدل.
وقال طائفة من أصحابنا: إذا كان الثوب يستر منكبيه وعجيزته سترهما، وصلى قاعدا لحصول ستر المنكبين وستر العورة، فإن لم يحوهما اتزر به، وصلى قائما.
وهؤلاء، منهم: من اعتبر ستر عجزه خاصة، فيكون قبله مستترا بالجلوس.
وهذا إنما يصح على قولنا: أن العورة الفرجان خاصة، فأما على المذهب المشهور: أن العورة ما بين السرة والركبة فقد حصل كشف معظم العورة، وستر ذلك آكد من ستر المنكبين.
ومنهم: من اعتبر ستر جميع عورته مع المنكبين، فأسقط القيام لذلك، وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى، وهو اقرب.
وقياس المذهب: أنه لا يلزمه ذلك في هذه الحال، بل يخير بينه وبين ستر عورته وحدها وصلاته قائما، كما يخير العاري بين أن يصلي قاعدا مراعاة لستر بعض عورته بالجلوس وبين أن يصلي قائما مراعاة لركن القيام.
ولأصحابنا وجه آخر: أنه يلزمه أن يستر عورته ويصلي قائما كقول جمهور العلماء، ورجحه صاحب ( ( المغني) ) ؛ لأن القيام وستر العورة واجبان بالإجماع، بخلاف ستر المنكبين.
وعليه يدل: حديث جابر المخرج في هذا الباب، وحديث سهل بن سعد كما سيأتي - أن شاء الله تعالى -، وإليه أشار أحمد في رواية حنبل بقوله: ( ( وعقده من ورائه على ما فعل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ) ، لكن حديث سهل ليس فيه أنهم كانوا يصلون جلوسا.
وقول الأثرم وإسحاق بن راهويه: أنه يفرق في ستر المنكبين بين القادر والعاجز، فيجب مع القدرة ويسقط عند العجز أشبه الأقاويل في المسألة، وعليه يدل تبويب البخاري.
والله أعلم.
الحديث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :357 ... غــ :361] فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ عَيَّنَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ جَابِرٍ غَزْوَةُ بُوَاطٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ مَغَازِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  لِبَعْضِ أَمْرِي أَيْ حَاجَتِي وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَرْسَلَهُ هُوَ وَجَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ لِتَهْيِئَةِ الْمَاءِ فِي الْمَنْزِلِ .

     قَوْلُهُ  مَا السُّرَى أَيْ مَا سَبَبُ سُرَاكَ أَيْ سَيْرِكَ فِي اللَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ كَأَنَّهُ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الِاشْتِمَالُ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ أَنْ يُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى بَدَنِهِ كُلِّهِ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ.

.

قُلْتُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ لَكِنْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ الْإِنْكَارَ كَانَ بِسَبَبِ أَنَّ الثَّوْبَ كَانَ ضَيِّقًا وَأَنَّهُ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَتَوَاقَصَ أَيِ انْحَنَى عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ لَمْ يَصِرْ سَاتِرًا فَانْحَنَى لِيَسْتَتِرَ فَأَعْلَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَأَمَّا إِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِائْتِزَارِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّوَاقُصِ الْمُغَايِرِ لِلِاعْتِدَالِ الْمَأْمُورِ بِهِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ ثَوْبٌ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَلِغَيْرِهِمَا بِالنَّصْبِ أَيْ كَانَ الْمُشْتَمِلُ بِهِ ثَوْبًا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ضَيِّقًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا كان الثوب ضيقاً
فيه حديثان:
أحدهما:
[ قــ :357 ... غــ :361 ]
- ثنا يحيى بن صالح: ثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فَقَالَ: خرجت مَعَ رَسُول الله فِي بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري فوجدته يصلي، وعلي ثوب واحد فاشتملت بِهِ وصليت إلى جانبه فلما انصرف قَالَ: ( ( مَا السرى يَا جابر؟) ) فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: ( ( ما هذا الاشتمال الذي رايت؟) ) قلت: كان ثوب - يعني: ضاق - قال: ( ( فإن كان واسعا فالتحف به، وإن كان ضيقا فاتزر به) ) .

قوله: ( ( ما السرى يا جابر) ) يدل على أن هذا السير كان فِي آخر الليل، وهو السرى، وفهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جابر أنه جاء في ذلك الوقت لحاجة له، ولذلك قال له ذلك.

وأما إنكاره عليه الاشتمال بالثوب الواحد، فقال الخطابي: الاشتمال الذي أنكره أن يدير الثوب على بدنه كله، لا يخرج منه يده.
قلت: قد خرج هذا الحديث مسلم وأبو داود وغيرهما بسياق يدل على بطلان هذا التفسير، من رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن جابر، فذكر حديثا طويلا، وفيه: قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزاة، فقام يصلي، وكانت علي بردة ذهبت أخالف بين طرفيها، فلم يبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء جبار بن صخر فقام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعا حتى أقامنا خلفه.
قال: وجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( يا جابر) ) قلت: لبيك
يا رسول الله، قال: ( ( إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك) ) .

فهذا السياق يدل على أن بردة جابر كانت ضيقة، لا تتسع للاتزار بها والارتداء، ولذلك تواقص عليها لئلا تسقط.

قال الخطابي في ( ( المعالم) ) : معناه: أنه ثنى عنقه ليمسك الثوب به، كأنه يحكي خلقة الأوقص من الناس - يعني: مائل العنق.

وقد استدل بهذا الحديث من قال: أن الصلاة بإزار واحد مع إعراء المنكبين صحيحة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر جابرا أن يتزر ويصلي لما عجز عن ستر عورته ومنكبيه بالبردة التي عليه لضيقها.

وممن استدل بذلك الشافعي وأصحابه ومن وافقهم.
وقد روى شرحبيل بن سعد، عَن جابر، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا ما اتسع الثوب فتعاطف به على منكبيك ثم صل وإذا ضاق عن ذلك فشد به حقويك، ثم صل على غير رداء) ) .

خرجه الإمام أحمد، وشرحبيل هذا مختلف في أمره.

وأجاب أصحابنا عن ذلك من وجهين:
أحدهما: ما أجاب به أبو بكر الأثرم: أن ذلك محمول على حالة العجز عن ستر المنكبين، والنهي عن إعرائهما إنما يكون للقادر على سترهما.

وهذا - أيضا - قول إسحاق، قال: أن أعرى منكبيه في الصلاة من ضرورة فجائز -: نقله عنه حرب.

والثاني: أن حديث جابر هذا محمول على صلاة النافلة، وحديث أبي هريرة محمول على صلاة الفرض، وهذا جواب أبي بكر عبد العزيز بن جعفر.

ويشهد له: أن في رواية البخاري أن ذلك كان ليلا؛ وقوله: ( ( ما السرى يا جابر؟) ) يدل على أنه كان من أخر الليل، فيحتمل أن تكون تلك صلاة الليل، أو صلاة الوتر.
والله أعلم.

وقال حنبل: قيل لأبي عبد الله - يعني: أحمد -: الرجل يكون عليه الثوب اللطيف لا يبلغ أن يعقده، ترى أن يتزر به ويصلي؟ قال: لا أرى ذلك مجزئا عنه، وأن كان الثوب لطيفا صلى قاعدا وعقده من ورائه، على ما فعل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الثوب الواحد.

وهذه رواية مشكلة جدا، ولم يروها عن أحمد غير حنبل، وهو ثقة إلا أنه يهم أحيانا، وقد اختلف متقدمو الأصحاب فيما تفرد به حنبل عن أحمد: هل تثبت به رواية عنه أم لا؟
ولكن اعتمد الأصحاب على هذه الرواية، ثم اختلفوا في معناها: فقال القاضي أبو يعلى ومن اتبعه: من وجد ما يستر به منكبيه أو عورته ولا يكفي إلا أحدهما فإنه يستر عورته، ويصلي جالسا؛ لأن الجلوس بدل عن القيام، ويحصل به ستر العورة، فيستر بالثوب اللطيف منكبيه حيث لم يكن له بدل.

وقال طائفة من أصحابنا: إذا كان الثوب يستر منكبيه وعجيزته سترهما، وصلى قاعدا لحصول ستر المنكبين وستر العورة، فإن لم يحوهما اتزر به، وصلى قائما.

وهؤلاء، منهم: من اعتبر ستر عجزه خاصة، فيكون قبله مستترا بالجلوس.
وهذا إنما يصح على قولنا: أن العورة الفرجان خاصة، فأما على المذهب المشهور: أن العورة ما بين السرة والركبة فقد حصل كشف معظم العورة، وستر ذلك آكد من ستر المنكبين.
ومنهم: من اعتبر ستر جميع عورته مع المنكبين، فأسقط القيام لذلك، وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى، وهو اقرب.

وقياس المذهب: أنه لا يلزمه ذلك في هذه الحال، بل يخير بينه وبين ستر عورته وحدها وصلاته قائما، كما يخير العاري بين أن يصلي قاعدا مراعاة لستر بعض عورته بالجلوس وبين أن يصلي قائما مراعاة لركن القيام.

ولأصحابنا وجه آخر: أنه يلزمه أن يستر عورته ويصلي قائما كقول جمهور العلماء، ورجحه صاحب ( ( المغني) ) ؛ لأن القيام وستر العورة واجبان بالإجماع، بخلاف ستر المنكبين.

وعليه يدل: حديث جابر المخرج في هذا الباب، وحديث سهل بن سعد كما سيأتي - أن شاء الله تعالى -، وإليه أشار أحمد في رواية حنبل بقوله: ( ( وعقده من ورائه على ما فعل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ) ، لكن حديث سهل ليس فيه أنهم كانوا يصلون
جلوسا.

وقول الأثرم وإسحاق بن راهويه: أنه يفرق في ستر المنكبين بين القادر والعاجز، فيجب مع القدرة ويسقط عند العجز أشبه الأقاويل في المسألة، وعليه يدل تبويب البخاري.
والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا كان الثوب ضيقًا) كيف يفعل المصلّي.


[ قــ :357 ... غــ : 361 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَىَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي.
فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟ قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ -يَعْنِي ضَاقَ- قَالَ: «فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ».

وبالسند قال: ( حدّثنا يحيى بن صالح) الوحاظيّ بضم الواو وتخفيف الحاء المهملة وبالظاء المعجمة الحمصي الحافظ الفقيه، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا فليح بن سليمان) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة في الأوّل وضمّ السين وفتح اللام في الثاني ( عن سعيد بن الحارث) بالثاء المثلثة الأنصاريّ قاضي المدينة ( قال) :

( سألنا جابر بن عبد الله) الأنصاري ( عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: خرجت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره) في غزوة بواط كما في مسلم ( فجئت ليلة) إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لبعض أمري) أي لأجل بعض حوائجي ( فوجدته) -صى الله عليه وسلم- ( يصلّي وعليّ ثوب واحدة فاشتملت به وصلّيت) منتهيًا ( إلى جانبه) أو منضمًا إلى جانبه ( فلما انصرف) عليه السلام من الصلاة ( قال: ما السرى يا جابر) بضم السين والقصر أي ما سبب سيرك في الليل وإنما سأله لعلمه بأن الحامل له على الجيء في الليل أمر أكيد ( فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال) عليه الصلاة والسلام: ( ما هذا الاشتمال الذي رأيت) هو استفهام إنكاري، وقد وقع في مسلم التصريح بسبب الإنكار وهو أن الثوب كان ضيقًا وأنه خالف بين طرفيه وتواقص أي انحنى عليه كأنه عند المخالفة بين طرفي الثوب لم يصر ساترًا فانحنى ليستتر فأعلمه عليه السلام بأن محل ذلك ما إذا كان الثوب واسعًا، فأما إذا كان ضيقًا فإنه يجزئه أن يتّزر به لأن القصد الأصلي ستر العورة وهو يحصل بالاتّزار ولا يحتاج إلى التواقص المغاير للاعتدال المأمور به، أو الذي أنكره عليه السلام هو اشتمال الصماء وهو أن يخلّل نفسه بثوب ولا يرفع شيئًا من جوانبه ولا يمكنه إخراج يديه إلاّ من أسفله خوفًا من أن تبدو عورته.

قال جابر: ( قلت كان) الذي اشتملت به ( ثوبًا) واحدًا، ولكريمة وأبي ذر ثوب بالرفع.
قال ابن حجر والبرماوي والعيني والزركشي: على أن كان تامّة فلا تحتاج إلى خبر، واعترضه البدر الدماميني فقال الاقتصار على ذلك لا يظهر وأيّ معنى لإخباره بوجود ثوب في الجملة فينبغي أن يقدّر ما يناسب المقام.
زاد في فرع اليونينية يعني ضاق ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فإن كان) الثوب ( واسعًا فالتحف) أي ارتدّ ( به) أي بأن يأتزر بأحد طرفيه ويرتدي بالطرف الآخر منه، ( وإن كان) الثوب ( ضيقًا فاتزر به) بإدغام الهمزة المقلوبة تاء في التاء وهو يردّ على التصريفيين حيث جعلوه خطأ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إذَا كانَ الثَّوْبُ ضَيِّقاً)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ كَيفَ يفعل الْمُصَلِّي إِذا كَانَ الثَّوْب ضيقا، والضيق، بِفَتْح الضَّاد وَتَشْديد الْيَاء، وَجَاز فِيهِ تَخْفيف الْيَاء: وَهُوَ صفة مشبهة، وَاسم الْفَاعِل من هَذِه الْمَادَّة: ضائق، على وزن: فَاعل، وَالْفرق بَينهمَا: أَن الصّفة المشبهة تدل على الثُّبُوت، وَاسم الْفَاعِل يدل على الْحُدُوث.


[ قــ :357 ... غــ :361]
- ( حَدثنَا يحيى بن صَالح قَالَ حَدثنَا فليح بن سُلَيْمَان عَن سعيد بن الْحَارِث قَالَ سَأَلنَا جَابر بن عبد الله عَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد فَقَالَ خرجت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض أَسْفَاره فَجئْت لَيْلَة لبَعض أَمْرِي فَوَجَدته يُصَلِّي وَعلي ثوب وَاحِد فاشتملت بِهِ وَصليت إِلَى جَانِبه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ مَا السّري يَا جَابر فَأَخْبَرته بحاجتي فَلَمَّا فرغت قَالَ مَا هَذَا الاشتمال الَّذِي رَأَيْت قلت كَانَ ثوبا يَعْنِي ضَاقَ قَالَ فَإِن كَانَ وَاسِعًا فالتحف بِهِ وَإِن كَانَ ضيقا فاتزر بِهِ) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله " فَإِن كَانَ وَاسِعًا " إِلَى آخِره.
( ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة.
الأول يحيى بن صَالح أَبُو زَكَرِيَّا الوحاظي بِضَم الْوَاو وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وبالظاء الْمُعْجَمَة الْحِمصِي الْحَافِظ الْفَقِيه مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي فليح بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة تقدم فِي أول كتاب الْعلم.
الثَّالِث سعيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْمَدِينَة.
الرَّابِع جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه السُّؤَال وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين حمصي ومدني.
( ذكر من أخرجه غَيره) هَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ من طَرِيق سعيد بن الْحَارِث وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبَادَة عَن جَابر مطولا وَفِيه " إِذا كَانَ وَاسِعًا فَخَالف بَين طَرفَيْهِ وَإِن كَانَ ضيقا فاشدده على حقوك " وَأخرجه أَبُو دَاوُد كَذَلِك قَوْله " على حقوك " بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسرهَا الْإِزَار وَالْأَصْل فِيهِ معقد الْإِزَار ثمَّ سمى بِهِ الْإِزَار للمجاورة وَجمعه أَحَق وأحقاء ( ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه) قَوْله " فِي بعض أَسْفَاره " عينه مُسلم فِي رِوَايَته " غَزْوَة بواط " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف طاء مُهْملَة قَالَ الصغاني بواط جبال جُهَيْنَة من نَاحيَة ذِي خشب وَبَين بواط وَالْمَدينَة ثَلَاثَة برد أَو أَكثر.

     وَقَالَ  ابْن اسحق جَمِيع مَا غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَفسِهِ الْكَرِيمَة سبع وَعِشْرُونَ غَزْوَة.
ودان وَهِي غَزْوَة الْأَبْوَاء وغزوة بواط من نَاحيَة رضوى ثمَّ عد الْجَمِيع قَوْله " فَجئْت " أَي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " لبَعض أَمْرِي " أَي لأجل بعض حوائجي وَالْأَمر هُوَ وَاحِد الْأُمُور لَا وَاحِد الْأَوَامِر قَوْله " يُصَلِّي " فِي مَحل النصب على أَنه مفعول ثَان لوجدت قَوْله " وعَلى ثوب وَاحِد " جملَة إسمية فِي مَحل النصب على الْحَال قَوْله " وَصليت إِلَى جَانِبه " كلمة إِلَى فِي الأَصْل للانتهاء فَالْمَعْنى صليت منتهيا إِلَى جَانِبه وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى فِي لِأَن حُرُوف الْجَرّ يقوم بَعْضهَا مقَام بعض وَيجوز أَن يُقَال فِيهِ تضمين معنى الانضمام أَي صليت مُنْضَمًّا إِلَى جَانِبه قَوْله " فَلَمَّا انْصَرف " أَي من الصَّلَاة واستقبال الْقبْلَة قَوْله " فَقَالَ مَا السرى " بِضَم السِّين مَقْصُورا وَهُوَ السّير بِاللَّيْلِ وَهُوَ اسْتِفْهَام عَن سَبَب سراه بِاللَّيْلِ وَالسُّؤَال لَيْسَ عَن نفس السرى بل عَن سَببه قَوْله " مَا هَذَا الاشتمال " كَأَنَّهُ اسْتِفْهَام إِنْكَار وَسبب الْإِنْكَار أَن الثَّوْب كَانَ ضيقا وَأَنه خَالف بَين طَرفَيْهِ وتواقص أَي انحنى عَلَيْهِ حَتَّى لَا يسْقط فَكَأَنَّهُ عِنْد الْمُخَالفَة بَين طرفِي الثَّوْب لم يصر ساترا إِذا انحنى ليستتر فَأعلمهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِأَن مَحل ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ الثَّوْب وَاسِعًا وَأما إِذا كَانَ ضيقا فَإِنَّهُ يجْزِيه أَن يتزر بِهِ لِأَن الْمَقْصُود هُوَ ستر الْعَوْرَة وَهُوَ يحصل بالاتزار وَلَا يحْتَاج إِلَى الانحناء المغاير للاعتدال الْمَأْمُور بِهِ قَوْله " كَانَ ثوبا " أَي كَانَ الْمُشْتَمل بِهِ ثوبا فَيكون انتصاب ثوبا على أَنه خبر كَانَ وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وكريمة " كَانَ ثوب " بِالرَّفْع وَوَجهه أَن تكون كَانَ تَامَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى الْخَبَر وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " كَانَ ثوبا ضيقا " قَوْله " فاتزر بِهِ " أَمر.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي بإدغام الْهمزَة المقلوبة تَاء فِي التَّاء وَقَول التصريفيين اتزر خطأ هُوَ الْخَطَأ ( قلت) تَحْقِيق هَذِه الْمَادَّة أَن أصل الْفِعْل أزر على ثَلَاثَة أحرف فَلَمَّا نقل إِلَى بابُُ الافتعال صَار امتزر على وزن افتعل بهمزتين أولاهما مَكْسُورَة وَهِي همزَة الافتعال وَالْأُخْرَى سَاكِنة وَهِي همزَة الْفِعْل ثمَّ يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا أَن تقلب الْهمزَة يَاء آخر الْحُرُوف فَيُقَال أيتزر وَالْآخر أَن تقلب تَاء مثناة من فَوق وتدغم التَّاء فِي التَّاء وَهُوَ معنى قَول الْكرْمَانِي بإدغام الْهمزَة المقلوبة تَاء فِي التَّاء وَلَفظ الحَدِيث على الْوَجْه الأول.
( ذكر استنباط الحكم مِنْهُ) قَالَ الْخطابِيّ الاشتمال الَّذِي أنكرهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ اشْتِمَال الصماء وَهُوَ أَن يُجَلل نَفسه بِثَوْبِهِ وَلَا يرفع شَيْئا من جوانبه وَلَا يُمكنهُ إِخْرَاج يَدَيْهِ إِلَّا من أَسْفَله فيخاف أَن تبدو عَوْرَته عِنْد ذَلِك.

     وَقَالَ  ابْن بطال حَدِيث جَابر هَذَا تَفْسِير حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي فِي الْبابُُ الْمُتَقَدّم وَهُوَ " لَا يصلين أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء " فِي أَنه أَرَادَ الثَّوْب الْوَاسِع الَّذِي يُمكن أَن يشتمله وَأما إِذا كَانَ ضيقا فَلم يُمكنهُ أَن يشْتَمل بِهِ فليتز بِهِ.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فَإِن قيل الحَدِيث السَّابِق فِيهِ نهي عَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد متزرا بِهِ وَظَاهره يُعَارض " وَإِن كَانَ ضيقا فاتزر بِهِ " وَأجَاب الطَّحَاوِيّ بِأَن النَّهْي عَنهُ للواجد لغيره وَأما من لم يجد غَيره فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِيهِ كَمَا لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوْب الضّيق متزرا.
وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ جَوَاز طلب الْحَوَائِج بِاللَّيْلِ من السُّلْطَان لخلأ مَوْضِعه وَجَوَاز مَجِيء الرجل إِلَى غَيره بِاللَّيْلِ لِحَاجَتِهِ.
وَمن ذَلِك أَن الثَّوْب إِذا كَانَ وَاسِعًا يُخَالف بَين طَرفَيْهِ وَإِن كَانَ ضيقا يتزر بِهِ.