هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3663 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3663 حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا هشيم ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق ، حتى تقوم الساعة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It has been narrated by Sa'd b. Abu Waqqas that the Messenger of Allah (ﷺ) said:

The people of the West will continue to triumphantly follow the truth until the Hour is established.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة.



المعنى العام

الإسلام خاتم الأديان، وشريعته مفروضة إلى يوم القيامة، ومن مشيئة الله وحكمته أن الإيمان في الأمم يضعف بتطاول الزمان، ويبعده عن الرسول المبعوث، فنور الرسول ينتشر بين قومه، وتسري حرارة دعوته في دمائهم، ويمضي الرسول ويمضي عصره فيضعف النور، وتهدأ الحرارة، وتتزعزع التعاليم في النفوس، وكلما مضى عصر زاد الضعف، وكثر التهاون، فخير القرون قرن النبي، ثم الذين يلونهم، تلك سنة الله في خلقه، كلما بعد المؤثر قل الأثر، حتى يكاد ينمحي، ما لم يتعهد بالتغذية والتقوية، تماما كتيار مندفع من قوة، يقل اندفاعه كلما بعد عن مصدر الدفع، ما لم يساعد بين الحين والحين بقوة دافعة أخرى، وتلك القوة في الديانات السابقة كانت تتمثل في الأنبياء والحواريين، وفي ديننا الإسلامي تتمثل في العلماء والصالحين.

لكن العلماء الصالحين أنفسهم يصيبهم أو يصيب أكثرهم بمرور الزمان الوهن، تارة بانشغالهم بالدنيا، وتارة بخوفهم من بطش الحكام، وتارة بالإحباط، وضعف الجدوى والتأثير من جهادهم لكثرة الخبث، حين يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر.

تلك الحقيقة للنهاية المظلمة أخبر بها صلى الله عليه وسلم أصحابه، فكان أن انزعجوا، قال لهم يوما: كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف؟ ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم.
وأشد منه سيكون.
كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا؟ والمنكر معروفا؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم.
وأشد منه سيكون، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر؟ ونهيتم عن المعروف؟ لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله.
الله.

إن هذا الانزعاج من آخر الزمان استلزم التخفيف والتهوين، وغرس الأمل في الخير، فقال لهم: اطمئنوا فلن يزال هذا الدين قائما، يدافع عنه جماعة من المسلمين حتى تقوم الساعة، أو حتى تقرب الساعة، ولن تزال طائفة من المسلمين إلى آخر الزمان متمسكين بدينهم، قائمين بشريعتهم، مدافعين عنها، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله.

يبعث الله في آخر الزمان بعد الدجال، وبعد نزول عيسى وقتله الدجال، وموت عيسى -عليه السلام- يبعث ريحا، وتهب ريح أطيب رائحة من المسك، وأرق لمسا من الحرير، فتقبض أرواح المؤمنين المخلصين، فلا يبقى على وجه الأرض إلا الحثالة وشرار الناس، ولا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال حبة من الإيمان، وعليهم تقوم الساعة.

المباحث العربية

( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) الطائفة الجماعة والفرقة، يجمعهم مذهب أو رأي يمتازون به، وفي الرواية الثانية لن يزال قوم من أمتي والقوم الجماعة من الناس، تجمعهم جامعة يقومون لها، وفي الرواية الثالثة والسادسة والسابعة عصابة والعصابة الجماعة، وعند البخاري لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله والأمة الجماعة من الناس، تجمعهم مصالح وأماني واحدة، أو يجمعهم أمر واحد، من دين أو مكان أو زمان، والمراد من أمته صلى الله عليه وسلم أمة الإجابة، والمراد من ظهورهم على الحق علوهم عليه، وتمكنهم منه، يقال: ظهر على الشيء إذا علاه، وظهر على الأرض إذا اطلع عليها، وفي الرواية الرابعة يقاتلون على الحق ظاهرين أي يجادلون ويدافعون عن الحق متمكنين منه، واثقين به، فالمقاتلة المدافعة أعم من أن تكون بالسيف أو باللسان أو بالقلب، يقال: قاتل الشيطان، أي حاربه ودافعه، ففي الرواية الخامسة لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ومن القيام بأمر الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجاته الثلاث.

وقيل: المراد من الظهور الغلبة، أي غالبين أعداءهم، وهم متمكنون من الحق، والمراد من غلبتهم أعداءهم عدم انصياعهم لهم، وعدم استجابتهم لضلالهم، فكل هم أعدائهم جرهم إلى ضلالاتهم، فتمسكهم بأمر ربهم غلبة لأعدائهم، وإن نال منهم الأعداء في أجسامهم وأموالهم وأولادهم، وهذا معنى قوله في الرواية الخامسة لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم وقوله في الرواية السادسة ظاهرين على من ناوأهم وقوله في الرواية السابعة قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم قال النووي: ناوأهم بهمزة بعد الواو، أي عاداهم، وهو مأخوذ من: نأى إليهم، ونأوا إليه أي نهضوا للقتال.

وقيل: المراد من الظهور البيان والبروز وعدم الاستتار، فهم ظاهرون في الناس، وعلى الناس، منكشفون في مواقفهم ومواقعهم، مجاهدون بإيمانهم ومبادئهم.

ويمكن أن تتصف الطائفة الواحدة بهذه المعاني الثلاثة، بأن تكون متمكنة من الحق، متمسكة به، مدافعة عنه، غالبة أعداءهم، منكشفين للناس في مواقعهم ومواقفهم.

وفي الرواية الثامنة لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق قال علي بن المديني: المراد بأهل الغرب العرب، والمراد بالغرب الدلو الكبير، لاختصاصهم بها غالبا، وقال آخرون: المراد به الغرب من الأرض، أي المغرب بالنسبة للحجاز، وهو إقليم الشام، كما جاء في حديث معاذ، وعند أحمد أنهم ببيت المقدس وعند الطبراني يقاتلون على أبواب دمشق، وما حولها وقيل: المراد بالغرب القوة في الجهاد، ويمكن الجمع بأن المراد قوم شاميون أهل قوة يسقون بالدلو.

( حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) في الرواية الثانية حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون وفي الرواية الخامسة وهم ظاهرون على الناس والمراد بأمر الله هبوب الريح الواردة في الرواية السابعة، وهي من مقدمات يوم القيامة، فقوله في الرواية الرابعة والسادسة إلى يوم القيامة فيه مجاز المشارفة، أي إلى قرب يوم القيامة، وقوله في الرواية الثالثة حتى تقوم الساعة وفي السابعة حتى تأتيهم الساعة فيه مجاز المشارفة أيضا، أو المراد بالساعة ساعتهم.

( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) أي يفهمه في الدين، يقال: فقه بفتح الفاء وضم القاف إذا صار الفقه له سجية، وفقه بفتح الفاء والقاف إذا سبق غيره إلى الفهم، وفقه بفتح الفاء وكسر القاف إذا فهم، والتنكير في خيرا للتعظيم، لأن المقام يقتضيه.

( مسلمة بن مخلد) مسلمة بفتح الميم واللام، بينهما سين ساكنة، ومخلد بضم الميم وفتح الخاء واللام المشددة.

( كريح المسك) خبر لمبتدأ محذوف، أي ريحها كريح المسك.

فقه الحديث

أشار البخاري إلى هذه الطائفة بقوله: وهم أهل العلم.

وعزا إلى علي بن المديني قوله: إنهم أصحاب الحديث.

وأخرج الحاكم في علوم الحديث بسند صحيح عن أحمد قوله: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟

قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث.

وقال النووي: يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وخبير بالحرب، وفقيه، ومحدث، ومفسر، وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزاهد، وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد، وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد، وأن يكونوا في بعض منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم، أولا فأولا، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة في بلد واحد، فإذا انقرضوا جاء أمر الله.

قال الحافظ ابن حجر: ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة، وهو متجه، فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن تجتمع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعي ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى، باتصافه بجميع صفات الخير، وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفا بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل، فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد، سواء تعدد أم لا.
اهـ.

قال النووي: وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة، فإن هذا الوصف مازال -بحمد الله تعالى- من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن، ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث.

قال: وفيه دليل لكون الإجماع حجة، وهو أصح ما استدل به له من الحديث، وأما حديث لا تجتمع أمتي على ضلالة فضعيف.
اهـ.

وفي الرواية السادسة فضل التفقه في الدين، ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين -أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع- فقد حرم الخير، وفي ذلك بيان لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم.

والله أعلم.