هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3858 وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى أَبِي عُمَرَ النَّخَعِيِّ ، قَالَ : سَأَلَ قَوْمٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَشِرَائِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا ، فَقَالَ : أَمُسْلِمُونَ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا ، وَلَا شِرَاؤُهَا ، وَلَا التِّجَارَةُ فِيهَا ، قَالَ : فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيذِ ، فَقَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ نَبَذَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي حَنَاتِمَ (ينقع) فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا وشرابا مسكرا> وَنَقِيرٍ وَدُبَّاءٍ ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُهْرِيقَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِسِقَاءٍ فَجُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَمَاءٌ ، فَجُعِلَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ ، فَشَرِبَ مِنْهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَيْلَتَهُ الْمُسْتَقْبَلَةَ ، وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى أَمْسَى ، فَشَرِبَ وَسَقَى ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ فَأُهْرِيقَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3858 وحدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف ، حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله ، عن زيد ، عن يحيى أبي عمر النخعي ، قال : سأل قوم ابن عباس عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها ، فقال : أمسلمون أنتم ؟ قالوا : نعم ، قال : فإنه لا يصلح بيعها ، ولا شراؤها ، ولا التجارة فيها ، قال : فسألوه عن النبيذ ، فقال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، ثم رجع وقد نبذ ناس من أصحابه في حناتم (ينقع) فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا وشرابا مسكرا> ونقير ودباء ، فأمر به فأهريق ، ثم أمر بسقاء فجعل فيه زبيب وماء ، فجعل من الليل فأصبح ، فشرب منه يومه ذلك وليلته المستقبلة ، ومن الغد حتى أمسى ، فشرب وسقى ، فلما أصبح أمر بما بقي منه فأهريق
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن يحيى أبي عمر النخعي قال: سأل قوم ابن عباس عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها.
فقال: أمسلمون أنتم؟ قالوا: نعم.
قال: فإنه لا يصلح بيعها ولا شراؤها ولا التجارة فيها.
قال: فسألوه عن النبيذ.
فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر.
ثم رجع وقد نبذ ناس من أصحابه في حناتم ونقير ودباء، فأمر به فأهريق.
ثم أمر بسقاء فجعل فيه زبيب وماء.
فجعل من الليل، فأصبح فشرب منه يومه ذلك وليلته المستقبلة، ومن الغد حتى أمسى فشرب، وسقى.
فلما أصبح أمر بما بقي منه فأهريق.

المعنى العام

مراحل التخمر تبدأ بالنقيع، يوضع التمر أو الزبيب أو الذرة أو الشعير أو الحنطة في الماء، مع شيء من السكر أو بدونه، فيلين الجاف الجامد، فيؤكل ويشرب بعد ساعات من النقع.

المرحلة الثانية مرحلة النبيذ، وهي أن يبقى هذا النقيع حتى يتغير طعمه من حلاوة إلى حموضة ولذع، تختلف درجاتها من ضعف إلى قوة، ونهاية هذه المرحلة أن يشتد هذا اللذع، وأن يرغي هذا النبيذ، ويقذف بالزبد، ويغلي وتتحرك فقاقيعه، وحتى يصل هذه الحالة لا يسكر قطعاً، ولا يحرم أكله ولا شربه، باتفاق العلماء، وقد يستغرق النقيع حتى يصل إلى هذه الحالة ثلاثة أيام، وقد يصل إليها بعد يومين، وقد يصل إليها بعد يوم، لأن هذه الحالة ترتبط بوسيلة التخمر، من نوع النقيع، ودرجة الحرارة، ومواد النقع، ونحو ذلك، لا بالزمن، ولهذا وجدنا في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له النقيع من الليل، فيشربه إذا أصبح، وينبذ له أول النهار، فيشربه عشاء، وأقصى مدة ينبذ له النبيذ فيها ثلاثة أيام بثلاث ليال، فإن بقي في السقاء شيء بعد ذلك، ولم تظهر عليه أعراض التخمر، سقاه للخادم، ولم يشربه ورعاً وحيطة، وإن ظهرت عليه بعض أعراض التخمر طرحه وألقاه وصبه، لأنه لم يعد مالاً محترماً.

واستقرت هذه القواعد عند الصحابة -رضي الله عنهم- وكان النبيذ عند العرب تحفة الضيف العزيز، كان نبيذ التمر أعز من الطعام والشراب، وأعز ما يقدم في الولائم، فهذا أبو أسيد الساعدي، يقيم وليمة عرسه، ويدعو إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار صحابته، فيقدم لهم الطعام، وتقوم امرأته العروس بنفسها، تحمل سقاء صغيراًً، قد نبذت فيه تمرات من الليل، فتسقي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، تتحفه وتخصه بأعز ما لديها، وهو النبيذ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضايقه موقف امرأة عربية، عرض عليه الزواج منها، فجاءت إليه، فلم يسعدها قدرها بشرف الانتساب إليه، فاستعاذت، فأعاذها، وأعادها لأهلها، ضايقه هذا الظرف، فخرج من عندها إلى سقيفة بني ساعدة، فوجد بعض أصحابه يجلسون، ويشربون النبيذ، يقوم على سقايتهم صبي من بني سعد يسمى سهل بن سعد، فجلس معهم صلى الله عليه وسلم، وقال للصبي.
اسقنا يا سهل، فسقاه من قدح، اعتز به بعد ذلك سهل، لأن القدح شرف بلقاء فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الصحابة يتبركون بالشرب من هذا القدح، حتى كان عمر بن عبد العزيز أميراً على المدينة، وشاع في المدينة التبرك بالشرب من هذا القدح، فطلب عمر بن عبد العزيز من سهل بن سعد أن يهبه هذا القدح، فوهبه له، فاحتفظ به عمر بن عبد العزيز خيراً وبركة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المباحث العربية

( كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى، والغد، إلى العصر) ظاهر هذه الرواية أن النبيذ شرب ثلاث ليال، ويومين كاملين، واليوم الثالث إلى العصر، وكذا الرواية الثالثة والرابعة، أما الرواية الثانية فتنقص يوماً وليلة عن السابقات، وأما حديث عائشة، وهو الرواية السادسة والسابعة فمدة النبيذ فيها يوم واحد، أو ليلة واحدة، وجمع بعضهم بأن شرب النقيع في يومه لا يمنع شرب النقيع في أكثر من يوم، أي إن حديث عائشة ليس فيه قصر الشرب على يوم واحد، فقول الحبشية في الرواية السادسة فإذا أصبح شرب منه لا يمنع أن يضاف إليه وإذا أمسى شرب منه، وإذا أصبح في الغد شرب منه.
إلخ وقول عائشة ننبذه غدوة فيشربه عشاء لا يمنع أن يضاف إليه وغدوة وعشاء إلخ، لكن رواية أبي داود لهذا الحديث تمنع هذا الجمع، فلفظها أنها كانت تنبذ للنبي صلى الله عليه وسلم غدوة، فإذا كان من العشي تعشى، فشرب على عشائه، فإن فضل شيء صبه، ثم تنبذ له بالليل، فإذا أصبح وتغدى شرب على غدائه.
قالت: نغسل السقاء غدوة وعشية كما أن حديث عبد الله بن الديلمي عن أبيه يمنع هذا الجمع، وقد رواه أبو داود والنسائي بلفظ قلنا: يا رسول الله، ما نصنع بالزبيب؟ قال: انبذوه على عشائكم، واشربوه على غدائكم فهذه الأحاديث تفيد التقييد باليوم والليلة، وجمع بعضهم بقوله: لعل حديث عائشة كان زمن الحر، وحيث يخشى فساده في الزيادة على يوم، وحديث ابن عباس في زمن يؤمن فيه التغير قبل الثلاث، وجمع بعضهم بحمل حديث عائشة على نبيذ قليل، يفرغ منه في يومه، وحديث ابن عباس في كثير لا يفرغ منه، فالاختلاف باختلاف الأحوال والأزمنة، ولا تعارض.

( فإن بقي شيء سقاه الخادم، أو أمر به فصب) في الرواية الثانية فإن فضل منه شيء سقاه الخادم، أو صبه وفي الرواية الثالثة ثم يأمر به فيسقى، أو يهراق وفي الرواية الرابعة فإن فضل شيء أهراقه قال النووي: يقال: فضل بفتح الضاد وكسرها، وقال: معناه: تارة يسقيه الخادم، وتارة يصبه، وذلك لاختلاف حال النبيذ، فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه، من مبادئ الإسكار سقاه الخادم، ولا يريقه، لأنه مال تحرم إضاعته، ويترك شربه تنزهاً، وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار والتغير أراقه، لأنه إذا أسكر صار حراماً ونجساً، فيراق، ولا يسقيه الخادم، لأن المسكر لا يجوز سقيه الخادم، كما لا يجوز شربه، وأما شربه صلى الله عليه وسلم قبل الثلاث فكان حيث لا تغير، ولا مبادئ تغير، ولا شك أصلاً.
اهـ

( ينقع له الزبيب) يقال: نقع الزبيب، بفتح النون والقاف، ينقع بفتح القاف، إذا تركه في الماء حتى انتقع وانحل من طول مكثه في الماء، ويقال: أنقع الزبيب في الماء، بمعنى نقعه، وفي الرواية الرابعة كان ينبذ له الزبيب فالنبيذ يسمى نقيعاً، والنقيع يسمى نبيذا، فيحمل ما ورد في الأحاديث بلفظ النبيذ على النقيع، وعكسه.

( عن بيع الخمر، وشرائها، والتجارة فيها) التجارة ممارسة البيع والشراء، فهو من عطف العام على الخاص، أو المجمل على المفصل.

( فسألوه عن النبيذ) أي عما يحل منه وما يحرم، بسبب وعاء الانتباذ، أو بسبب مدة الانتباذ.

( فسألتها عن النبيذ) أي عن وعائه ومدته.

( كنت أنبذ له في سقاء من الليل، وأوكيه) أي أشده بالوكاء، وهو الخيط الذي يشد به رأس القربة.

( في سقاء يوكى أعلاه) قال النووي: يوكى غير مهموز الآخر، قال: ورأيته يكتب وضبط يوكأ بالهمز، وهو فاسد.

( وله عزلاء) بفتح العين وإسكان الزاي وبالمد، وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة والقربة.

( دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه) أي في عرس أبي أسيد، وأبو أسيد اسمه مالك بن ربيعة، مات سنة ستين، وهو ابن خمس وسبعين، وحاصله أنه ولد قبل الهجرة بخمس عشرة سنة، شهد بدراً وأحداً وما بعدها، وهو آخر البدريين موتاًً، زاد في رواية وأصحابه، والعرس بضم العين وسكون الراء الزفاف والتزويج ووليمتهما، والدعوة هنا كانت للوليمة.

( فكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهي العروس) العروس يطلق على الرجل والمرأة ماداما في عرسهما، والعروسة الزوجة مادامت في عرسها، وهم عرس بضم العين والراء، وهن عرائس، والعريس محدثة والجمع عرسان وامرأة أبي أسيد اسمها سلامة بنت وهب، وهي ممن وافقت كنيتها كنية زوجها.

وفي رواية البخاري فما صنع لهم طعاماً ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد.

( هل تدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) ما سقت بفتح السين والقاف وسكون التاء، والضمير لامرأة أبي أسيد، وفي رواية قالت: وسقيت بسكون الياء، والصحيح الأول.
لأن الحديث من رواية سهل، وليس لأم أسيد فيه رواية.

( أنقعت له تمرات من الليل في تور) في رواية نقعت وفي رواية بلت بتشديد اللام، والتور بفتح التاء، وهو إناء من نحاس أو حجارة، وقد صرح في الرواية العاشرة بأنه هنا كان من الحجارة.

( فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته) قال النووي: هكذا ضبطناه، وكذا هو في الأصول ببلادنا أماثته بثاء ثم تاء، يقال: ماثه، وأماثه، لغتان مشهورتان، وقد غلط من أنكر أماثه ومعناه عركته، واستخرجت قوته، وأذابته، ومنهم من يقول: لينته وهو محمول على معنى الأول، وحكى القاضي عياض أن بعضهم رواه أماتته بتكرير التاء، وهو بمعنى الأول.

( فسقته، تخصه بذلك) في الرواية التاسعة فلما أكل سقته إياه قال النووي: وقوله تخصه كذا هو في صحيح مسلم، من التخصيص، وكذا روي في صحيح البخاري، ورواه بعض رواة البخاري تتحفه من الإتحاف، وهو بمعناه، يقال: أتحفته به، إذا خصصته وأطرفته.

( ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب) في رواية لابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، فقال: ألا أزوجك أجمل أيم في العرب، كانت تحت ابن عم لها، فتوفي، وقد رغبت فيك؟ قال: نعم.
قال: فابعث معي من يحملها إليك وكان أمراء العرب وساداتهم يحرصون على شرف النسب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستجيب لرغباتهم تأليفاً لهم، وتوطيداً لعلاقتهم به وبالإسلام، ودفعاً لهم للتمسك بالإسلام والدفاع عنه، وكان ذلك في ربيع الأول سنة تسع من الهجرة.

وفي اسم المستعيذة خلاف كثير، فعن عائشة عند البخاري أنها عمرة بنت الجون وفي نسخة الكلبية قال الحافظ ابن حجر: وهو بعيد، وقوله الكلبية غلط وإنما هي الكندية فالكلمة تصحفت قال: والصحيح أن اسمها أمية بنت النعمان بن شراحيل، كما في حديث أبي أسيد، وقيل: أمية بنت شراحيل، فنسبت لجدها، وقيل: اسمها أسماء، وقيل: اسمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، وقيل: اسمها العالية بنت ظبيان بن عمرو، وحكى ابن سعد أن اسمها عمرة بنت يزيد بن عبيد، وقيل: بنت يزيد بن الجون، وقيل: سناً بنت سفيان بن عوف وأشار ابن سعد إلى أنها واحدة، فاختلف في اسمها، قال الحافظ: والصحيح أن التي استعاذت منه هي الجونية، وروى ابن سعد من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، قال: لم تستعذ منه امرأة غيرها.
قال الحافظ: وهو الذي يغلب على الظن، لأن ذلك إنما وقع للمستعيذة بالخديعة المذكورة [قيل: كانت جميلة، فخاف نساؤه أن تغلبهن عليه، فقلن لها: إنه يعجبه أن يقال له: نعوذ بالله منك، ففعلت] فيبعد أن تخدع امرأة أخرى بعدها، بمثل ما خدعت به، بعد شيوع الخبر بذلك.

قال ابن عبد البر، أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج الجونية، واختلفوا في سبب فراقه لها.

( فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت) في رواية لابن سعد، قال أبو أسيد: فأمرني أن آتيه بها، فأتيته بها وفي رواية أخرى لابن سعد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا أسيد الساعدي، يخطب عليه امرأة من بني عامر، يقال لها عمرة بنت يزيد بن عبيد بن رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر وفي رواية فبعث معه أبا أسيد الساعدي، قال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام، ثم تحملت معي في محفة بكسر الميم وهي هودج لاقبة له، تركب فيه المرأة فأقبلت بها، حتى قدمت المدينة فقوله في روايتنا فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها بكسر السين، لعله كان أمراً خير بينه وبين أن يذهب بنفسه، فأخذ معه من يأتي بها، فأبو أسيد مرسل ومرسل، بكسر السين وفتحها.

( فنزلت في أجم بني ساعدة) أجم بضم الهمزة والجيم، كعنق، أي في حصن بني ساعدة والجمع آجام، كأعناق، وفي رواية لابن سعد فأتيته بها، فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم وذباب بضم الذال جبل معروف بالمدينة، وأطم مثل أجم، لفظاً ومعنى، وفي رواية لابن سعد أيضاً فأنزلتها في بني ساعدة وفي رواية للبخاري فأنزلت في بيت في نخل، في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل، معها دايتها، حاضنة لها الداية المرضع الأجنبية، والحاضنة، والقابلة.

( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاءها، فدخل عليها) في رواية للبخاري عن أبي أسيد رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى انطلقنا إلى حائط أي بستان يقال له: الشوط حتى انتهينا إلى حائطين، جلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا ههنا، ودخل، وقد أتى بالجونية، فأنزلت في بيت، في نخل، في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل وفي رواية للبخاري عن عائشة أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت...
ولا تعارض، فقد تكون قد أدخلت حجرة يدخل عليها فيها، فهي أدخلت عليه، أي على حجرته، فدخل عليها.

( فإذا امرأة منكسة رأسها) حياء وخجلاً، وإن كانت أيماً مطلقة، يقال: نكس رأسه بالتخفيف والتشديد، فهو ناكس ومنكس، أي مطأطئ الرأس.

( فلما كلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك) في رواية للبخاري فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: هبي نفسك لي.
قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك والسوقة بضم السين يقال للواحد من الرعية والجمع، قيل لهم ذلك لأن الملك يسوقهم، فيساقون إليه، ويصرفهم على مراده، وأما أهل السوق فالواحد منهم سوقي.
قال ابن المنير: هذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية، والسوقة عندهم من ليس بملك، كائناً من كان، فكأنها استبعدت أن تهب الملكة نفسها لمن ليس بملك، ولم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلم بكلامها، معذرة لها، لقرب عهدها بجاهليتها، وقال غيره: يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم، فخاطبته بذلك، وروايتنا تؤكد هذا، ففيها فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ فقالت: لا.
فقالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءك ليخطبك.
قالت: أنا كنت أشقى من ذلك وأفعل التفضيل في أشقى ليس على ظاهره، حتى يكون زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم شقاء وفواته أكثر شقاء، بل مرادها إثبات الشقاء لها، لما فاتها من التزوج برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يضعف ما جاء عند ابن سعد من أن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها، وخضبتاها، وقالت لها إحداهما.
إنك من الملوك، فإن كنت تريدين أن تحظي عند النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه وفي رواية له قالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول: أعوذ بالله منك وعند ابن سعد أيضاً وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكيدة عائشة وحفصة للمستعيذة، فقال: إنهن صواحب يوسف.
نعم يبعد من أمهات المؤمنين مثل هذا الخداع والتغرير، كما يبعد أن يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخديعة، ويعاقب المخدوع، ولا يلوم من خدعه.

( قال: قد أعذتك مني) في رواية للبخاري لقد عذت بعظيم.
الحقي بأهلك وفي رواية أخرى للبخاري قد عذت بمعاذ والمعاذ بفتح الميم الملجأ أي من يستعاذ به، يقال: عاذ به يعوذ عوذاً وعياذاً، إذا التجأ إليه، واعتصم به، وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي أعتصم بالله منه، فمعنى قد أعذتك مني حصنتك بالله مني، قال النووي: معناه: تركتك، وتركه صلى الله عليه وسلم تزوجها لأنها لم تعجبه، إما لصورتها، وإما لخلقها، وإما لغير ذلك زاد في رواية للبخاري ثم خرج علينا، فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيين، وألحقها بأهلها والرازقية ثياب من كتان بيض طوال، وقيل: في داخل بياضها زرقة، والرازقي الصفيق، قال ابن التين: متعها صلى الله عليه وسلم، إما وجوباً، وإما تفضلاً.

وفي رواية لابن سعد، قال أبو أسيد فأمرني، فرددتها إلى قومها وفي أخرى له فلما وصلت بها تصايحوا، وقالوا: إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت: خدعت وروي أنها كانت تلتقط البعر، وتقول: أنا الشقية، وروي أنها تزوجت المهاجر بن أبي أمية، فأراد عمر معاقبتها، فقالت: ما ضرب على الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين، فكف عنها وتوفيت في خلافة عثمان.

( فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه) سقيفة بني ساعدة هي المكان الذي وقعت فيه البيعة لأبي بكر الصديق بالخلافة، والسقيفة العريش الذي يستظل به.

( ثم قال: أسقنا.
لسهل)
في ملحق الرواية قال: أسقنا يا سهل اسقنا ضبط في نسخ البخاري بهمزة وصل، وفي نسخ مسلم بهمزة قطع، وفي كتب اللغة :سقى بفتح القاف، يسقى بكسرها يتعدى لمفعولين، يقال: سقاه عسلاً، ويقال: أسقاه عسلاً، رباعي، وفي التنزيل { { وأسقيناكم ماء فراتاً } } [المرسلات: 27] .

وسهل بن سعد من بني عمومة أبي أسيد الساعدي، وكان إذ ذاك صبياً فقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وتوفي سهل سنة ثمان وثمانين، ويقال: إنه آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال الحافظ ابن حجر: ووقع عند أبي نعيم فقال: اسقنا يا أبا سعد قال: والذي أعرفه في كنية سهل بن سعد أبو العباس، فلعل له كنيتين، أو كان الأصل: يا ابن سعد، فتحرفت.
اهـ

( ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز، فوهبه له) كان عمر بن عبد العزيز حينئذ قد ولي إمرة المدينة.

فقه الحديث

يؤخذ من أحاديث الباب

1- جواز الانتباذ ونقع الزبيب أو التمر ونحوهما.

2- وجواز شرب النبيذ مادام حلواً، ومادام لم يتغير، ولم يغل.
قال النووي: وهذا جائز بإجماع الأمة.
اهـ فالعبرة بعدم التغير، وليس بالثلاث وما فوقها.

3- يؤخذ من سقيه الخادم أو صبه بعد الثلاث التنزه عن الشبهات، لأن من حام حول الحمى يوشك أن يواقعه، والنبيذ بعد الثلاث لا يؤمن تغيره.

4- ومن الرواية الخامسة حرمة بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها.

5- ومن الرواية الثامنة من كون العروس خادمة القوم جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، قال العلماء: ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة، ومراعاة ما يجب عليها من الستر وغيره.
وقال النووي: هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب، ويبعد حمله على أنها كانت مستورة البشرة.

6- وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك.

7- ومن قوله تخصه بذلك جواز تخصيص صاحب الطعام بعض الحاضرين بفاخر من الطعام والشراب، إذا لم يتأذ الباقون، لإيثارهم المخصص، لعلمه أو صلاحه أو شرفه أو غير ذلك، فقد كان الحاضرون هناك يؤثرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسرون بإكرامه، ويفرحون بمثل ما جرى.

8- إكرام الضيف لصاحب الدار بشرب ما يقدم إليه من شراب أو طعام، وإن كان إتحافاً، حيث لا مفسدة في ذلك، ففي ذلك جبر لخاطره، وفي الامتناع كسر قلبه.

9- وفي الحديث حق إجابة الدعوة إلى الوليمة، قال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرور حادث، من نكاح أو ختان أو غيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح، وتقيد في غيره، فيقال: وليمة الختان ونحو ذلك.

وقد نقل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة لوليمة العرس، قال الحافظ ابن حجر: نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب، وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين، ونص عليه مالك، وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة، وعن بعض الشافعية والحنابلة هي فرض كفاية، وحكى ابن دقيق العيد أن محل ذلك إذا عمت الدعوة، أما لو خص كل واحد بالدعوة فإن الإجابة تتعين.

وشرط وجوبها أن يكون الداعي مكلفاً حراً رشيداً، وأن لا يخص الأغنياء دون الفقراء، وأن لا يظهر قصد التودد لشخص بعينه لرغبة فيه، أو رهبة منه، وأن لا يكون هناك ما يتأذى بحضوره، من منكر وغيره، وأن لا يكون له عذر يرخص له في ترك الجماعة.

10- وعن حديث المستعيذة -روايتنا الحادية عشرة- قال النووي: فيه دليل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد نكاحها.
اهـ وهذا المأخذ غير واضح من الرواية، فقد كانت منكسة رأسها.

11- وبوب البخاري للحديث بباب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟ قال ابن بطال: ليس في هذا الحديث أنه واجهها بالطلاق، وتعقبه ابن المنير بأن ذلك ثبت في حديث عائشة في البخاري وفيه لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ولعل ابن بطال أراد أنه لم يواجهها بلفظ الطلاق، قال الحافظ: واعترض بعضهم بأنه لم يتزوجها، إذ لم يجر ذكر صورة العقد، وامتنعت أن تهب نفسها له، فكيف يطلقها؟ قال: والجواب أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يزوج نفسه بغير إذن المرأة، وبغير إذن وليها، فكان مجرد إرساله إليها وإحضارها، ورغبته فيها كافياً في ذلك، ويكون قوله هبي لي نفسك تطييباً لخاطرها، واستمالة لقلبها، ويؤيده قوله في رواية ابن سعد إنه اتفق مع أبيها على مقدار صداقها، وأن أباها قال له: إنها رغبت فيك، وخطبت إليك.

12- وفيه أثر الكلمة التي ترفع صاحبها وتسعده، والكلمة التي تتعس صاحبها وتشقيه.

13- ومن الرواية الثالثة عشرة، من قوله أسقنا يا سهل مباسطة الأصدقاء والأحبة وملاطفتهم.

14- واستدعاء ما عنده من مأكول ومشروب.

15- ومن شربهم في القدح جواز الشرب في الأقداح -والقدح هو الكأس ذو القاعدة العريضة- قال الحافظ ابن حجر: والشرب في القدح من شعار الفسقة، لكن ذلك بالنظر إلى المشروب، وإلى الهيئة الخاصة بهم- أي كانوا يشربون فيه الخمر، ويجتمعون على الشرب بالفجور والصياح والعصيان- فيكره التشبه بهم، ولا يلزم من ذلك كراهة الشرب في القدح، إذا سلم من ذلك.

16- ومن الحرص على الشرب من قدح شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بآثار الصالحين.
قاله الحافظ ابن حجر، وقال النووي: فيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وما مسه أو لبسه، أو كان منه فيه سبب، وهذا نحو ما أجمعوا عليه، وأطبق السلف والخلف عليه من التبرك بالصلاة في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروضة الكريمة، ودخول الغار الذي دخله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، ومن هذا إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا طلحة شعره، ليقسمه بين الناس، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم حقوه، لتكفن فيه بنته رضي الله عنها، وجعله الجريدتين على القبرين، وجمعت بنت ملحان عرقه صلى الله عليه وسلم، وتمسحوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم، وأشباه هذه كثيرة مشهورة في الصحيح، وكل ذلك واضح لا شك فيه.

17- ومن استيهاب عمر بن عبد العزيز للقدح استيهاب الصديق ما لا يشق على صديقه هبته، قال الحافظ: ولعل سهلاً سمح بذلك لبدل كان عنده من ذلك الجنس، أو لأنه كان محتاجاً، فعوضه المستوهب ما يسد به حاجته.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :3858 ... بـ :2004]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى أَبِي عُمَرَ النَّخَعِيِّ قَالَ سَأَلَ قَوْمٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَشِرَائِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا فَقَالَ أَمُسْلِمُونَ أَنْتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا وَلَا التِّجَارَةُ فِيهَا قَالَ فَسَأَلُوهُ عَنْ النَّبِيذِ فَقَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ نَبَذَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي حَنَاتِمَ وَنَقِيرٍ وَدُبَّاءٍ فَأَمَرَ بِهِ فَأُهْرِيقَ ثُمَّ أَمَرَ بِسِقَاءٍ فَجُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَمَاءٌ فَجُعِلَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَيْلَتَهُ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَمِنْ الْغَدِ حَتَّى أَمْسَى فَشَرِبَ وَسَقَى فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ فَأُهْرِيقَ
قَوْلُهُ : ( عَنْ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى النَّخَعِيِّ ) زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ ، وَيَحْيَى النَّخَعِيُّ هُوَ يَحْيَى الْبَهْرَانِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ ، يُقَالُ لَهُ الْبَهْرَانِيُّ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ .