هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3926 قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ القَطَّانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ ، غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ : حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ : صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ ، وَثَعْلَبَةَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ ، سَمِعْتُ جَابِرًا ، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ ، فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيِ الخَوْفِ وَقَالَ يَزِيدُ : عَنْ سَلَمَةَ ، غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ القَرَدِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3926 قال أبو عبد الله : وقال لي عبد الله بن رجاء ، أخبرنا عمران القطان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة ، غزوة ذات الرقاع قال ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم الخوف بذي قرد وقال بكر بن سوادة : حدثني زياد بن نافع ، عن أبي موسى ، أن جابرا حدثهم : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم يوم محارب ، وثعلبة وقال ابن إسحاق : سمعت وهب بن كيسان ، سمعت جابرا ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نخل ، فلقي جمعا من غطفان ، فلم يكن قتال ، وأخاف الناس بعضهم بعضا ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف وقال يزيد : عن سلمة ، غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القرد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Jabir bin Abdullah (ra): The Prophet (ﷺ) (ﷺ) led his Companions in the Fear Prayer in the seventh Ghazwa i.e. the Ghazwa of Dhat-ur-Riqa. Ibn Abbas said, The Prophet (ﷺ) (ﷺ) offered the Fear Prayer at a place called Dhi-Qarad.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)
هَذِهِ الْغَزْوَةُ اخْتُلِفَ فِيهَا مَتَى كَانَتْ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ جَنَحَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأُمُورٍ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُفَصَّلًا وَمَعَ ذَلِكَ فَذَكَرَهَا قَبْلَ خَيْبَرَ فَلَا أَدْرِي هَلْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِأَصْحَابِ الْمَغَازِي أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ اسْمًا لِغَزْوَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْمَغَازِي مَعَ جَزْمِهِمْ بِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ خَيْبَرَ مُخْتَلِفُونَ فِي زمانها فَعِنْدَ بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا بَعْدَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَبْلَ الْخَنْدَقِ سنة أَربع قَالَ بن إِسْحَاقَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ شَهْرَ رَبِيعٍ وَبَعْضَ جُمَادَى يَعْنِي مِنْ سَنَتِهِ وَغَزَا نَجْدًا يُرِيد بني محَارب وَبني ثَعْلَبَة من غطفان حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَعند بن سعد وبن حِبَّانَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ.
وَأَمَّا أَبُو مَعْشَرٍ فَجَزَمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالْخَنْدَقِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِصَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَزْوَةَ قُرَيْظَةَ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ فَتَكُونُ ذَاتُ الرِّقَاعِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَأَوَّلِ الَّتِي تَلِيهَا.
وَأَمَّا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَجَزَمَ بِتَقْدِيمِ وُقُوعِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَكِنْ تَرَدَّدَ فِي وَقْتِهَا فَقَالَ لَا نَدْرِي كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَ أُحُدٍ أَوْ بَعْدَهَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ لَا حَاصِلَ لَهُ بَلِ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنَّهَا بَعْدَ غَزَوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ وَقَدْ ثَبَتَ وُقُوعُ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَدَلَّ عَلَى تَأَخُّرِهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي الْكَلَامِ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ كَذَا فِيهِ وَهُوَ مُتَابِعٌ فِي ذَلِكَ لرِوَايَة مَذْكُورَة فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ وَخَصَفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الْفَاء هُوَ بن قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ ومحارب هُوَ بن خَصَفَةِ وَالْمُحَارِبِيُّونَ مِنْ قَيْسٍ يُنْسَبُونَ إِلَى مُحَارِبِ بْنِ خَصَفَةَ هَذَا وَفِي مُضَرَ مُحَارِبِيُّونَ أَيْضًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إِلَى مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَلَمْ يحرر الْكرْمَانِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  مُحَارِبٌ هِيَ قَبيلَة من فهر وخصفة هُوَ بن قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ وَفِي شَرْحِ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ مُحَارِبُ خَصَفَةَ بِهَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ بَنِي فِهْرٍ لَا يُنْسَبُونَ إِلَى قَيْسٍ بِوَجْهٍ نَعَمْ وَفِي الْعُرَنِيِّينَ مُحَارِبُ بْنُ صَبَّاحٍ وَفِي عَبْدِ الْقَيْسِ مُحَارِبُ بْنُ عَمْرٍو ذَكَرَ ذَلِكَ الدِّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ فَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ أُضِيفَتْ مُحَارِبٌ إِلَى خَصَفَةَ لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحَارِبِيِّينَ كَأَنَّهُ قَالَ مُحَارِبُ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى خَصَفَةَ لَا الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى فِهْرٍ وَلَا غَيْرَهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ غَطَفَانَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ ثَعْلَبَةَ جَدٌّ لِمُحَارِبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ خَصَفَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَهُوَ أَشَدُّ فِي الْوَهَمِ وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَإِنَّ غطفان هُوَ بن سعد بن قيس بن عيلان فَمُحَارِبٌ وَغَطَفَانُ ابْنَا عَمٍّ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَعْلَى مَنْسُوبًا إِلَى الْأَدْنَى وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ عَلَى الصَّوَابِ وَفِي قَوْلِهِ ثَعْلَبَةُ بْنُ غَطَفَانَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَنُونٍ نَظَرٌ أَيْضًا وَالْأَوْلَى مَا وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ بِمِيمٍ وَنُونٍ فَإِنَّهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ دِينَارِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ عَلَى أَنَّ لقَوْله بن غَطَفَانَ وَجْهًا بِأَنْ يَكُونَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ يَوْمُ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ الْعَرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ إِلَّا هَؤُلَاءِ وَفِي بَنِي أَسَدٍ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَهُمْ قَلِيلٌ وَالثَّعْلَبِيُّونَ يَشْتَبِهُونَ بِالتَّغْلِبِيِّينَ بِالْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ فَأُولَئِكَ قَبَائِلُ أُخْرَى يُنْسَبُونَ إِلَى تَغْلِبَ بْنِ وَائِلٍ أَخِي بَكْرِ بْنِ وَائِلِ وَهُمْ مِنْ رَبِيعَةَ إِخْوَةِ مُضَرَ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  نَخْلًا هُوَ مَكَانٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى يَوْمَيْنِ وَهُوَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ شَرْخٌ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبِذَلِكَ الْوَادِي طَوَائِفُ مِنْ قَيْسٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَأَنْمَارٍ وَأَشْجَعَ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ تَنْبِيهٌ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ هِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبٍ كَمَا جزم بِهِ بن إِسْحَاق وَعند الْوَاقِدِيّ أَنَّهُمَا اثْنَتَانِ وَتَبِعَهُ الْقُطْبُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ أَيْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ هَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَقَدْ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى بَعْدَ قَلِيلٍ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَسَيَأْتِي الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَبَا مُوسَى إِنَّمَا قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ فِي بَابِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَفِيهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ أَبُو مُوسَى فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا مُوسَى شَهِدَ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلَزِمَ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَعَجِبت من بن سَيِّدِ النَّاسِ كَيْفَ قَالَ جَعَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى هَذَا حُجَّةً فِي أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ خَيْبَرَ قَالَ وَلَيْسَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى وَهَذَا النَّفْيُ مَرْدُودٌ وَالدَّلَالَةُ مِنْ ذَلِكَ وَاضِحَةٌ كَمَا قَرَّرْتُهُ.
وَأَمَّا شَيْخُهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَادَّعَى غَلَطَ الِحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي زَمَانِهَا فَالْأَوْلَى الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدِ ازْدَادَ قُوَّة بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَبِحَدِيث بن عُمَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْغَزْوَةَ الَّتِي شَهِدَهَا أَبُو مُوسَى وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ غَيْرُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ فِي رِوَايَتِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا سِتَّةَ أَنْفُسٍ وَالْغَزْوَةُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا أَضْعَافَ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ مِنَ الرَّامَّةِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ مَنْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَيْضًا بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى إِنَّهَا سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِمَا لَفُّوا فِي أَرْجُلِهِمْ مِنَ الْخِرَقِ وَأَهْلُ الْمَغَازِي ذَكَرُوا فِي تَسْمِيَتِهَا بذلك أمورا غير هَذَا قَالَ بن هِشَامٍ وَغَيْرُهُ سُمِّيتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَقَّعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ وَقِيلَ بِشَجَرٍ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُقَالُ لَهُ ذَاتُ الرِّقَاعِ وَقِيلَ بَلِ الْأَرْضُ الَّتِي كَانُوا نَزَلُوا بِهَا كَانَتْ ذَاتَ أَلْوَانٍ تُشْبِهُ الرِّقَاعَ وَقِيلَ لِأَنَّ خَيْلَهُمْ كَانَ بِهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ قَالَه بن حِبَّانَ.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيُّ سُمِّيَتْ بِجَبَلٍ هُنَاكَ فِيهِ بقع وَهَذَا لَعَلَّه مُسْتَند بن حِبَّانَ وَيَكُونُ قَدْ تَصَحَّفَ جَبَلٌ بِخَيْلٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنِ اتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ وَلَازِمًا لِلتَّعَدُّدِ وَقَدْ رَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ السَّبَبَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِالْمَجْمُوعِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِوُقُوعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِيهَا فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَرْقِيعِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَبُو مُوسَى فِي حَدِيثِهِ إِلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا أَنَّهُمْ لَقَوْا عَدُوًّا وَلَكِنَّ عَدَمَ الذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ نَظِيرُ أَبِي مُوسَى لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَاضِحًا وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِنَجْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ فَتَكُونُ ذَاتُ الرِّقَاعِ بَعْدَ الْخَنْدَقِ

[ قــ :3926 ... غــ :4125] .

     قَوْلُهُ  وقَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ لَيْسَ فِيهِ لِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ هَذَا هُوَ الْغُدَانِيُّ الْبِصْرَيُّ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ فَلَمْ يُدْرِكْهُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ فِي مُسْنَدِهِ الْمُبَوَّبِ فَقَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ هُوَ بَصْرِيٌّ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا اسْتِشْهَادًا .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ زَادَ السَّرَّاجُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَهَبُوا ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ وَهَذَا بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلِجَابِرٍ حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ ذِكْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى رَأْيٍ أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ غَزْوَةُ السَّفْرَةِ السَّابِعَةِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ وَغَيْرُهُ غَزْوَةُ السَّنَةِ السَّابِعَةِ أَيْ مِنَ الْهِجْرَةِ.

قُلْتُ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ نَظَرٌ إِذْ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَكَانَ هَذَا نَصًّا فِي أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ تَأَخَّرَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَحْتَجِ الْمُصَنِّفُ إِلَى تَكَلُّفِ الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ بِقِصَّةِ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ نَعَمْ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهَا سَابِعُ غَزْوَةٍ مِنْ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْيِيدٌ لِمَا ذهب إِلَيْهِ البُخَارِيّ من أَنَّهَا كَانَت بَعْدَ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْغَزَوَاتُ الَّتِي خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَإِنَّ السَّابِعَةَ مِنْهَا تَقَعُ قَبْلَ أُحُدٍ وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى أَنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ قَبْلَ أُحُدٍ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرَدُّدِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْغَزَوَاتُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقِتَالُ وَالْأُولَى مِنْهَا بَدْرٌ وَالثَّانِيَةُ أُحُدٌ وَالثَّالِثَةُ الْخَنْدَقُ وَالرَّابِعَةُ قُرَيْظَةُ وَالْخَامِسَةُ الْمُرَيْسِيعُ وَالسَّادِسَةُ خَيْبَرُ فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ بعد خَيْبَرَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهَا السَّابِعَةُ فَالْمُرَادُ تَارِيخُ الْوَقْعَةِ لَا عَدَدَ الْمَغَازِي وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَقْرَبُ إِلَى إِرَادَةِ السَّنَةِ مِنَ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي السَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ كَمَا يَصِحُّ فِي غَزْوَةِ السَّنَةِ السَّابِعَة قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى نَحْوِ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي بِلَاد غطفان وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ صَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ وَصَفٌّ خَلْفَهُ فَصَلَّى بِالَّذِي يَلِيهِ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى مَصَافِّ الْآخَرِينَ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى انْتَهَى وَقَدْ تقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهِ نَحْوَ هَذَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ بِذِي قَرَدٍ وَزَادَ فِيهِ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلَاةٍ وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ كَانُوا فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ وَهَذِهِ الصِّفَةُ تُخَالِفُ الصِّفَةَ الَّتِي وَصَفَهَا جَابِرٌ فَيَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ مِنْ إِيرَاد حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي تَسْمِيَتِهِ الْغَزْوَةَ الْإِشَارَةَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرُ كَانَتْ قُرْبَ الْحُدَيْبِيَةِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ السَّبَبِ وَالْقَصْدِ فَإِنَّ سَبَبَ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَا قِيلَ لَهُمْ إِنَّ مُحَارِبَ يَجْمَعُونَ لَهُمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ وَسَبَبُ غَزْوَةِ الْقَرَدِ إِغَارَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى لِقَاحِ الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ وَدَلَّ حَدِيثُ سَلَمَةَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ هَزَمَهُمْ وَحْدَهُ وَاسْتَنْقَذَ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِلُوا فِي تِلْكَ الْخَرْجَةِ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ فَافْتَرَقَا.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَقَعَتْ فِي الْغَزْوَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى كَيْفِيَّتَيْنِ فِي صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ بَلْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  وقَال بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ أَمَّا بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ فَهُوَ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ يُكَنَّى أَبَا ثُمَامَةَ وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ بِمِصْرَ وَأَرْسَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ لِيُفَقِّهَهُمْ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُعَلَّقِ وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَأَمَّا زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ فَهُوَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَيُقَالُ إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ مَعْرُوفٌ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَيُقَالُ هُوَ الْغَافِقِيُّ وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ أَيْضًا وَيُقَالُ إِنَّهُ مِصْرِيٌّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَقَولُهُ يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ يُؤَيِّدُ مَا وَقَعَ مِنَ الْوَهم فِي أول التَّرْجَمَة قَوْله.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ إِلَخْ لَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي سَاقه عَن بن إِسْحَاقَ هَكَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي وَلَا غَيرهَا وَالَّذِي فِي السِّيرَة تَهْذِيب بن هِشَام قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ عَلَى جَمَلٍ لِي صَعْبٍ فَسَاقَ قِصَّةَ الْجَمَلِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن إِسْحَاق.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَغَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي محَارب وَبني ثَعْلَبَة من غطفان حَتَّى نزل نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَقَارَبَ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ وَقَدْ أَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مُدْرَجًا بِطَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْد بن إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخر لم نقف عَلَيْهِ أَو وَقع فِي النُّسْخَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ فَظَنَّهُ مَوْصُولًا بِالْخَبَرِ الْمُسْنَدِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَنَخْلٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مَوْضِعٌ مِنْ نَجْدٍ مِنْ أَرَاضِي غطفان قَالَ أَبُو عبيد الْبَكْرِيُّ لَا يُصْرَفُ وَغَفَلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ نَخْلٌ بِالْمَدِينَةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ قَالَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ إِذَا حَصَلَ الْخَوْفُ وَعَنْ مَالِكٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقْمَتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقَرَدِ أَمَّا يزِيد فَهُوَ بن أبي عبيد وَأما سَلمَة فَهُوَ بن الْأَكْوَعِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ هَذَا مَوْصُولًا قَبْلَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَتَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا فِيهَا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَهُ مُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِيهِ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا ذكره هُنَا من أجل حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ قَبْلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ ذِي قَرَدٍ فِي الْحَدِيثَيْنِ أَنْ تَتَّحِدَ الْقِصَّةُ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْخَوْفَ فِي مَكَانٍ أَنْ لَا يَكُونَ صَلَّاهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الَّذِي لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَظَهَرَ تَغَايُرُ الْقِصَّتَيْنِ كَمَا حَرَّرْتُهُ وَاضِحًا