هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4166 وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ ، قَالَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً ، قَالَ : إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَاهُنَا لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ قَالَتْ : فَحَجَبُوهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4166 وحدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة ، قال فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه ، وهو ينعت امرأة ، قال : إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا لا يدخلن عليكن قالت : فحجبوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha reported that a eunuch used to come to the wives of Allah's Apostle (ﷺ) and they did not And anything objectionable in his visit considering him to be a male without any sexual desire. Allah's Apostle (ﷺ) one day came as he was sitting with some of his wives and he was busy in describing the bodily characteristics of a lady and saying:

As the comes in front tour folds appear on her front side and as she turns her back eight folds appear on the back side. Thereupon Allah's Apostle (ﷺ) said: I me that he knows these things; do not, therefore. allow him to cater. She ( A'isha) said: Then they began to observe veil from him.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة.
قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أرى هذا يعرف ما ها هنا لا يدخلن عليكن قالت: فحجبوه.



المعنى العام

يقول الله تعالى: { { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ أَوْ ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء } } [النور: 31] .

فألحق الله تعالى العبيد، والتابعين الذين لا رغبة لهم في النساء، بالمحارم، الذين يجوز لهم الخلوة بمحارمهم، والنظر إليهن فيما عدا ما بين السرة والركبة.

وتساهلت نساء في هذا الزمان في تعاملهن مع الخدم الأحرار، فانكشفن أمامهم، واختلون بهم، فلا يتحشمن منهم، لأنهم -كما يقولون- خدم، وهذا خطأ شرعي كبير، ترتب عليه في بعض البلاد الإسلامية خطر وفساد عظيم، تماماً كما حصل من تساهل الرجال، في تعاملهم مع الخادمات الحرائر.

إن خطر هذا الصنف لا ينحصر في احتمال الفاحشة، بل وفي نشر أسرار البيوت، وفي وصف نسائها لرجال أجانب آخرين.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي توجيهه وتشريعه أسوة حسنة، فقد كان في عهده صلى الله عليه وسلم مخنث شبه معتوه، يدخل البيوت، يستطعم منها الطعام، ويتكفف قوته بالطواف عليها، لا يتحشم منه نساء، ولا يغار منه رجال، فهو في نظرهم من غير أولي الإربة من الرجال.

فدخل هذا المخنث بيت أم المؤمنين أم سلمة، وعندها أخوها عبد الله بن أبي أمية، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم عليهم، ثم انتحى ناحية بعيدة عنهم، كان ذلك في زمن حصار المسلمين لأهل الطائف، وقد طال الحصار، اختلى المخنث بأخي أم سلمة، ثم قال له إسراراً، يا عبد الله، يا ابن أبي أمية: إذا فتحتم الطائف غداً، فعليك بابنة غيلان.
اسأل عنها، فإذا وقعت في السبي فلا تفلت منك، احرص على أن تكون من نصيبك، فإنها من أجمل نساء الطائف، لقد رأيتها، وجلست معها في طوافي بالبيوت، إنها جميلة الوجه، فمها وثغرها الأحمر كالفراولة، وجسمها المملوء لحماً يجذب الرجال، وبطنها يتثنى وينطوي على أربع طيات، تبهر الرجل إذا نظر إليها من الأمام، فإذا نظر إليها من الخلف رأى طرف الطيات الأربع من جهة، وطرفها الآخر من الجهة الأخرى فرآها تقبل بأربع، وتدبر بثمان إن قعدت تثنت، وظهر كل فخذ على حدة، وإن تكلمت تغنت بأحلى غناء، وأرق صوت، وبين رجليها جزء مثل الإناء المقلوب، وسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم يصف ابنة غيلان وصفاً لا يصفه إلا دهاة الرجال وأهل الغزل منهم، فقال في نفسه: سبحان الله! كنا نظنه لا يدرك مفاتن النساء، وليس له فيهن رغبة، ولا يفطن لمحاسنهن، ثم قال له: يا عدو الله، غلغلت النظر إليها؟ قاتلك الله.
كنت أحسبك لا تدرك شيئاً من ذلك.
لا تدخل من اليوم على النساء، واخرج من المدينة إلى الحمى والصحراء، وقال لأمهات المؤمنين: لا تدخلن مثل هذا عليكن أبداً.

المباحث العربية

( عن أم سلمة أن مخنثاً كان عندها) قال أهل اللغة: المخنث بكسر النون وفتحها، وهو الذي يشبه النساء في أخلاقه وكلامه وحركاته، وقال ابن حبيب: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإن لم تعرف منه الفاحشة، مأخوذ من التكسر في المشي وغيره.
اهـ يقال: خنث الرجل، بكسر النون، يخنث بفتحها، خنثاً بفتحها، إذا فعل فعل المخنث وتثنى وتكسر، والخنثى في الحيوان فرد تتكون فيه أمشاج الذكر وأمشاج الأنثى، قال العلماء: المخنث ضربان: أحدهما من خلق كذلك، ولم يتكلف التخلق بأخلاق النساء وزيهن وكلامهن وحركاتهن، بل هو خلقة، خلقه الله عليها، الضرب الثاني من المخنث هو من لم يكن له ذلك خلقة، بل يتكلف أخلاق النساء وحركاتهن وهيئاتهن وكلامهن، ويتزيا بزيهن، وسيأتي حكم كل منهما في فقه الحديث.

قال النووي: واختلف في اسم هذا المخنث، قال القاضي: الأشهر أن اسمه هيت بكسر الهاء بعدها ياء ثم تاء، وقيل: هنب بالنون والباء، قاله ابن درستويه، وقال: إنما سواه تصحيف، قال: والهنب الأحمق، وقيل: ماتع بالتاء، مولى فاختة المخزومية، وجاء هذا في حديث آخر، ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم غرب -ونفى- ماتعاً هذا، وهيتا إلى الحمى، ذكره الواقدي، وذكر أبو منصور الباوردي نحو الحكاية عن مخنث، كان بالمدينة، يقال له إنه وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاه إلى حمراء الأسد، والمحفوظ أنه هيت قال الحافظ ابن حجر: والراجح أن اسم المذكور في حديث الباب هيت ولا مانع أن يتواردوا في الوصف المذكور مخنث.

( ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت) أي في بيت أم سلمة، وفي الرواية الثانية فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة أي والمخنث عند أم سلمة.

( فقال لأخي أم سلمة: يا عبد الله بن أبي أمية) عبد الله بن أبي أمية هو أخو أم سلمة، وكان إسلامه مع أبي سفيان بن الحارث في غزوة الفتح، واستشهد عبد الله في الطائف، أصابه سهم فقتله، ووقع في مرسل ابن المنكدر أنه قال ذلك لعبد الرحمن بن أبي بكر، فيحتمل على تعدد القول منه لكل منهما، لأخي عائشة، ولأخي أم سلمة، قال الحافظ ابن حجر: والعجب أنه لم يقدر أن المرأة الموصوفة حصلت لواحد منهما، لأن الطائف لم يفتح حينئذ، وقتل عبد الله بن أبي أمية في حال الحصار، ولما أسلم غيلان بن سلمة وأسلمت بنته بادية تزوجها عبد الرحمن بن عوف، ووقع حديث في سعد بن أبي وقاص أنه خطب امرأة بمكة، فقال: من يخبرني عنها؟ فقال مخنث، يقال له هيت: أنا أصفها لك.
فهذه قصص وقعت لهيت.

( إن فتح الله عليكم الطائف غداً) كان هذا القول أثناء حصار المسلمين للطائف الذي استمر عشرين يوماً في شوال سنة ثمان من الهجرة، واستعصى على المسلمين فتحه، لأنهم كانوا قد أعدوا لأنفسهم في الداخل قوت سنة، وكانوا رماة، أخذوا يرمون المسلمين بالنبل وقطع الحديد المحماة من فوق سور حصنهم، فنالوا منهم، وأصابوا كثيرين، ولم تصل نبال المسلمين إليهم، فرحل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، ودعا الله لهم بالهداية، فهداهم الله تعالى، فأسلموا.

( فإني أدلك على بنت غيلان) بفتح الغين، وهو ابن سلمة بن معتب بن مالك الثقفي، أسلم وتحته عشر نسوة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعاً، وكان من رؤساء ثقيف، وعاش إلى أوائل خلافة عمر رضي الله عنه.

( فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان) قال النووي: قالوا: معناه أن لها أربع عكن تقبل بهن، من كل ناحية ثنتان [والعنكة بضم العين وسكون الكاف ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمناً، يقال: عكنت الجارية، بتشديد الكاف، أي صارت ذات عكن، بضم العين وفتح الكاف] قال الخطابي: يريد أن لها في بطنها أربع عكن -أربع طيات- فإذا أقبلت رؤيت مواضعها بارزة، متكسراً بعضها على بعض، وإذا أدبرت كانت أطراف هذه العكن الأربع عند منقطع جنبيها ثمانية -أربعاً في كل جانب، قال: وحاصله أنه وصفها بأنها مملوءة البدن، بحيث يكون لبطنها عكن، وذلك لا يكون إلا للسمينة من النساء، وجرت عادة الرجال غالباً في الرغبة فيمن تكون بتلك الصفة، وفي حديث سعد إن أقبلت قلت: تمشي بست، وإن أدبرت قلت: تمشي بأربع كأنه يعني يديها ورجليها وثدييها، وإذا أدبرت ينقص الثديان، فهما يحتجبان، زاد في رواية بثغر كالأقحوان أي كالفراولة إن قعدت تثنت، وإن تكلمت تغنت أي صوتها كالموسيقى وبين رجليها مثل الإناء المكفوء وفي رواية أسفلها كثيب الكثيب كومة الرمل المستطيل المحدوب وأعلاها عسيب يقال: رأس عسيب، أي بعد عهده بالترجيل والتسريح، وهو أحياناً من أوصاف المدح، فيقال: شعر غجري منفوش.

( فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة) بكسر الهمزة البغية، والأرب بفتح الهمزة والراء الحاجة.

( لا يدخل هؤلاء عليكم) كذا الرواية عليكم بصيغة جمع المذكر، ويوجه بأنه جمع مع النساء المخاطبات من يلوذ بهن، من صبي ووصيف من الذكور، فجاء التغليب، أما عن الإشارة فقد قال النووي: الإشارة إلى جميع المخنثين، المتكلم وأمثاله، وفي الرواية الثانية: ألا أرى هذا يعرف ما ههنا، لا يدخلن عليكن وصورة النهي هنا للغائب، والمقصود المخاطبات، أي لا تدخلنه عليكن.
أي أرى هذا يعرف ما خفي من مفاتن النساء، ويدركها، ويتلذذ بها، زاد ابن الكلبي في حديثه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: غلغلت النظر إليها يا عدو الله وفي رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قاتلك الله، إن كنت لأحسبك من غير أولي الإربة من الرجال وعند البخاري لا يدخلن هؤلاء عليكن ولفظ لا يدخلن روي بضم الياء وفتح الخاء واللام وتشديد النون، وبفتح الياء وضم الخاء واللام.

( قالت فحجبوه) عن النساء، ومنعوه من الدخول على النساء، أي فصدر الحكم الشرعي بهذا المنع، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاه ومخنثاً آخر إلى الحمى.

فقه الحديث

ترجم البخاري لهذا الحديث بباب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة، أي بغير إذن زوجها، وحين تكون مسافرة مثلاً.

قال النووي: المخنث بالخلقة لا ذم عليه ولا عتب، ولا إثم ولا عقوبة، لأنه معذور، لا صنع له في ذلك، ولهذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم أولاًَ دخوله على النساء، ولم ينكر خلقه الذي هو عليه، حين كان من أصل خلقته، وإنما أنكر عليه بعد ذلك معرفته لأوصاف النساء، ولم ينكر صفته وكونه مخنثاً.
اهـ

وهذا مسلم إذا فسرنا المخنث بالأبله والمعتوه، كما جاء في تفسير ابن جبير لغير ذي الإربة من الرجال، أما على تفسير النووي بأنه المتخلق بأخلاق النساء وكلامهن وحركاتهن، فإنه وإن لم ينكر عليه صفاته، ينكر عليه دخوله على النساء، ويطلب منه أن يحاول تغيير ما هو عليه، لأن النعومة والتكسر والتثني أمور يمكن تقويمها، كما أنه كعاقل مكلف يحرم عليه الاختلاط بالنساء، واكتشافه لمفاتنهن، ولقد فسر المفسرون { { التابعين غير أولي الإربة من الرجال } } [النور: 31] بأنهم الذين يتبعون، ليصيبوا من فضل الطعام، غير أصحاب الحاجة إلى النساء، وهم الشيوخ الطاعنون في السن، الذين فنيت شهواتهم واختلفوا في الممسوح والمعتوهين الذين لا شهوة عندهم والمجبوب، مقطوع الذكر والخصية، والاختيار أنهما في حرمة النظر كغيرهما من الأجانب.

إن منع هذا المخنث في الحديث لم يكن سببه أنه تبين أنه غير مجبوب أو غير ممسوح، وإنما لأنه تبين أنه له إربة ورغبة في النساء، وأنه يدرك مفاتن المرأة، ويملأ عينه منها، ويمكنه وصفها، فكيف لا يعاب على تصرفاته؟ ولا يحاسب عليها؟ لقد حاسبه صلى الله عليه وسلم بالنفي والإبعاد إلى البيداء، فكان يدخل المدينة كل جمعة يستطعم، إذن لم تكن العلة في إباحة دخوله التخنث، بل كانت الظن بأنه من غير أولي الإربة، ومن غير الذين يدركون مفاتن المرأة، خطران محتملان في دخوله، خطر الرغبة في النساء مع التثني والتكسر، وخطر إدراك المفاتن ونعتها ووصفها للرجال الأجانب، كما فعل هذا المخنث، يؤكد الخطر الثاني قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية أرى هذا يعرف ما ههنا وكل من الخطرين يمنع دخوله على النساء.
ولهذا يقول النووي في مكان آخر: وأما دخول هذا المخنث أولاً على أمهات المؤمنين فقد بين سببه في هذا الحديث بأنهم كانوا يعتقدونه من غير أولي الإربة، وأنه مباح دخوله عليهن، فلما سمع منه هذا الكلام علم أنه من أولي الإربة، فمنعه صلى الله عليه وسلم الدخول، ففيه منع المخنث من الدخول على النساء، ومنعهن من الظهور عليه، وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين في النساء، في هذا المعنى، وكذا حكم الخصي والمجبوب.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- منع الرجال من التشبه بالنساء، ومنع النساء من التشبه بالرجال، قال الحافظ ابن حجر: وهو حرام اتفاقاً، وفي البخاري لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال قال الطبري: والمعنى: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة، التي تختص بالنساء ولا العكس.
قال الحافظ ابن حجر: وكذا في الكلام والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد، فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس، لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار، أما ذم التشبه بالكلام والمشي فيختص بمن تعمد ذلك، وأما من كان ذلك من أصل خلقته، فإنما يؤمر بتكلف تركه، والإدمان على ذلك بالتدريج، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم، ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به.

قال: وأما إطلاق من أطلق -كالنووي- وأن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم، فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام، بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك، وإلا متى كان ترك ذلك ممكناً -ولو بالتدريج- فتركه بغير عذر لحقه اللوم.

وقال ابن أبي جمرة: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شيء، لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها، لا التشبه في أمور الخير.
اهـ

واستدل به على أنه يحرم على الرجل لبس الثوب المطلل باللؤلؤ، قال الحافظ ابن حجر: وأما قول الشافعي: ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ، إلا لأنه من زي النساء، فليس مخالفاً لذلك، لأن مراده أنه لم يرد في النهي عنه بخصوصه شيء.

وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم قال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلانة.
ففيه مشروعية إخراج كل من يحصل به التأذي للناس عن مكانه، إلى أن يرجع عن ذلك ويتوب.

2- وفيه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن.

3- قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث أصل في إبعاد من يستراب به، في أمر من الأمور.
اهـ فيبعد عن المجلس مثلاً الجاسوس والنمام ونحوهما.

4- قال المهلب: وفيه حجة لمن أجاز بيع العين الموصوفة، بدون الرؤية، لقيام الصفة مقام الرؤية، في هذا الحديث، وتعقبه ابن المنير بأن من اقتصر في بيع الجارية على ما وقع في الحديث من الصفة لم يكف اتفاقاً في صحة البيع، فلا دلالة فيه، قال الحافظ ابن حجر: إنما أراد المهلب أنه يستفاد منه أن الوصف يقوم مقام الرؤية، فإذا استوعب الوصف، حتى قام مقام الرؤية المعتبرة أجزأ، هذا مراده، وانتزاعه من الحديث ظاهر.

5- قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث أيضاً تعزير من تشبه بالنساء، بالإخراج والنفي، إذا تعين ذلك طريقاً لردعه.

والله أعلم