هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4169 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ ، فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، ح و حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، كُلُّهُمْ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، وَابْنُ رُمْحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ، وَأَبُو كَامِلٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ بْنَ مُوسَى ، كُلُّ هَؤُلَاءِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4169 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ثلاثة ، فلا يتناجى اثنان دون واحد وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر ، وابن نمير ، ح و حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي ، ح وحدثنا محمد بن المثنى ، وعبيد الله بن سعيد ، قالا : حدثنا يحيى وهو ابن سعيد ، كلهم ، عن عبيد الله ، ح وحدثنا قتيبة ، وابن رمح ، عن الليث بن سعد ، ح وحدثنا أبو الربيع ، وأبو كامل ، قالا : حدثنا حماد ، عن أيوب ، ح وحدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أيوب بن موسى ، كل هؤلاء ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث مالك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn Umar reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

When there are three (persons), two should not converse secretly between themselves to the exclusion of the (third) one.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد.


المعنى العام

إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وهو حريص على أن يوقع العداوة والبغضاء في نفوس الناس، ليفرقهم ويشغلهم بالشحناء والتدابر والتقاطع، ويلهيهم عن العبادة وعن ذكر الله، لا يجد لذلك وسيلة إلا اتبعها، وأهم وسائله ظن السوء، فكان على المؤمنين أن يغلقوا في وجهه الأبواب التي يتسرب منها إلى غرس ظن السوء في القلوب، وكان الحديث الشريف إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان، دون الثالث فإن ذلك يوقع في نفسه الوحشة والخوف والحقد والحزن.

وقال القرآن الكريم { { إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين ءامنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } } [المجادلة: 10] نزلت هذه الآية في المنافقين واليهود، كانوا إذا خرج المسلمون للغزو، أو سافروا لمهام أمورهم، جلس كل اثنين منهم بجوار مسلمين، وأسر أحدهما للآخر، وتكلفا المناجاة، ينظران إلى من بجوارهما من المؤمنين، ويتغامزون بأعينهم، عليهم، يوهمونهم عن أقاربهم المسافرين، أنهم أصابهم شر، فيخاف المؤمنون ويحزنوا، ويعيشون في نكد حتى يقدم أقاربهم سالمين.
تكرر منهم ذلك وكثر، فشكا المؤمنون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية لئلا يكترث المؤمنون بتناجي المنافقين وأعدائهم، ولا يحزنوا، ونصح صلى الله عليه وسلم المؤمنين بذلك، ونصح المنافقين واليهود بعدم استخدام هذا الأسلوب الحقير، فلم يستجيبوا، وعادوا، وكرروا، وأكثروا، فنزل قوله تعالى: { { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } } [المجادلة: 8] .

إن القرآن الكريم في هذه الآيات، وإن عني بموضوع النجوى، لكنه يهتم أولاً وبالذات بالأثر المترتب عليها، وهو حزن الذي يراها، وخوفه منها، وتوقعه شرها، هذا ما يقع في نفسه، وإن كان موضوعها لا يتعلق به، ولا يتصل به من قريب أو بعيد، وأقل أثر يقع في نفسه أن المتناجيين بينهما من الود ما ليس عنده، وبينهما من السر ما لا يصح له أن يعلمه، وأنهما أقرب لبعضهما منه، فيقع في نفسه من البغض والحقد عن كليهما ما لم يكن، وإن كثيراً من الناس يتعمدون صورة المناجاة بدون مطلب لها، وبدون حاجة إليها، ليغيظوا بهذا المظهر بعض الجالسين، فكان التوجيه القرآني عاماً، للمنافقين والكافرين والمؤمنين { { إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين ءامنوا } } وكان نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنها بصفة عامة إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، من أجل أن ذلك يحزنه.

المباحث العربية

( إذا كان ثلاثة) بالرفع فاعل كان التامة، أي إذا اجتمع ثلاثة، وفي الرواية الثانية والثالثة إذا كنتم ثلاثة وفي رواية للبخاري إذا كانوا ثلاثة وكلها بنصب ثلاثة خبر كان.

( فلا يتناجى اثنان دون واحد) وفي الرواية الثانية فلا يتناجى اثنان دون الآخر وفي الرواية الثالثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما وفي رواية للبخاري فلا يتناجى اثنان دون الثالث وفي رواية أخرى له لا يتناجى رجلان دون الآخر وكلها بألف مقصورة لا يتناجى ثابتة في الخط ياء صورة، وتسقط في اللفظ، لالتقاء الساكنين، وهو بلفظ الخبر، ومعناه النهي، وفي بعض نسخ البخاري فلا يتناج بجيم فقط، فتكون طلبية لفظاً ومعنى، والمناجاة قيل: المسارة، يقال: انتجى القوم، وتناجوا، أي سار بعضهم بعضاً، وقيل: إن المسارة يعتبر فيها من يلقي السر ومن يلقى إليه، والمناجاة وقوع الكلام سراً من الجانبين.

( من أجل أن يحزنه) بضم الياء من أحزن قال النووي: قال أهل اللغة: يقال: حزنه وأحزنه وقرئ بهما في السبع، أي لا يتناجى اثنان دون الثالث من أجل أن ذلك التناجي يحزن الثالث، لأنه قد يتوهم أن نجواهما إنما هي لسوء رأيهما فيه، أو لدسيسة غائلة له، وفي الرواية الثالثة فإن ذلك يحزنه وفي رواية للبخاري أجل أن ذلك يحزنه بإسقاط من.

فقه الحديث

قال النووي: النهي نهي تحريم، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم، إلا أن يأذن، ومذهب ابن عمر رضي الله عنهما ومالك وأصحابنا وجماهير العلماء أن النهي عام في كل الأزمان، وفي الحضر والسفر، وقال بعض العلماء: إنما المنهي عنه المناجاة في السفر، دون الحضر، لأن السفر مظنة الخوف حكاه القاضي عياض بلفظ: قيل: إن المراد بهذا الحديث السر والمواضع التي لا يأمن فيها الرجل رفيقه، أو لا يعرفه، أو لا يثق به، ويخشى منه، قال: وقد روي في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولا يحل لثلاثة نفر، يكونون بأرض فلان أن يتناجى اثنان، دون صاحبهما قال ابن العربي: الخبر عام، اللفظ والمعنى، والعلة الحزن، وهي موجودة في السفر والحضر، فوجب أن يعمهما النهي جميعاً، وادعى بعضهم أن هذا الحديث منسوخ، وأن هذا كان في أول الإسلام، فلما فشا الإسلام، وأمن الناس، سقط النهي، وكان المنافقون يفعلون ذلك بحضرة المؤمنين ليحزنوهم، وتعقبه القرطبي بأن هذا تحكم وتخصيص، لا دليل عليه.

ثم قال: أما إذا كانوا أربعة، فتناجى اثنان، دون اثنين فلا بأس، بالإجماع.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: إذا كانوا أربعة لم يمتنع تناجي اثنين، لإمكان أن يتناجى الاثنان الآخران، وقد ورد ذلك صريحاً فيما أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وصححه ابن حبان عن ابن عمر، رفعه قلت: فإن كانوا أربعة؟ قال: لا يضره وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار كان ابن عمر إذا أراد أن يسارر رجلاً، وكانوا ثلاثة، دعا رابعاً، ثم قال للاثنين: استريحا شيئاً، فإني سمعت... فذكر الحديث، وفي رواية أخرى فكان ابن عمر إذا أراد أن يناجي رجلاً دعا آخر، ثم ناجى الذي أراد.

قال الحافظ ابن حجر: وقوله حتى تختلطوا بالناس يؤخذ منه أن الزائد على الثلاثة يستوي أن يكون قد جاء اتفاقاً، أو جاء عن طلب، كما كان يفعل ابن عمر.

ثم قال: ويؤخذ من التعليل أجل أن ذلك يحزنه استثناء صورة مما تقدم عن ابن عمر، من إطلاق الجواز إذا كانوا أربعة، وهي ما لو كان بين الواحد وبين الاثنين مقاطعة، بسبب يعذران به، أو أحدهما، فإنه يصير في معنى المنفرد، وأرشد هذا التعليل إلى أن المناجي إذا كان ممن إذا خص أحداً بمناجاته أحزن الباقين امتنع ذلك، إلا أن يكون في أمر مهم لا يقدح في الدين.

وقد نقل ابن بطال عن أشهب عن مالك قال: لا يتناجى ثلاثة دون واحد، ولا عشرة دون واحد، لأنه قد نهي أن يترك واحداً، قال: وهذا من حسن الأدب، لئلا يتباغضوا ويتقاطعوا، وقال المازري ومن تبعه: لا فرق في المعنى بين الاثنين والجماعة، لوجود المعنى في حق الواحد، زاد القرطبي، بل وجوده في العدد الكثير أمكن وأشد، فليكن المنع أولى؟.

واختلف فيما إذا انفرد جماعة بالتناجي، دون جماعة.
قال ابن التين: وحديث عائشة في قصة فاطمة دال على الجواز -وحديث عائشة الذي أشار إليه ابن التين رواه البخاري، ولفظه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعاً، لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، ولا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رحب.
قال: مرحباً يا بنتي، ثم أجلسها عن يمينه -أو عن شماله- ثم سارها، فبكت بكاء شديداً، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي تضحك.
فقلت لها: أنا من بين نسائه -خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي قلت لها: عزمت عليك -بما لي عليك من الحق- لما أخبرتني.
قالت: أما الآن فنعم.
فأخبرتني، قالت: أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة، وإنه قد عارضه به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين؟ أو سيدة نساء هذه الأمة؟.

وكذلك يدل على الجواز حديث ابن مسعود أخرجه البخاري، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قسمة، فقال رجل من الأنصار: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، قلت: أما والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته، وهو في ملأ، فساررته، فغضب حتى احمر وجهه، ثم قال: رحمة الله على موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر.

قال ابن التين: فإن في ذلك دلالة على أن المنع يرتفع إذا بقي جماعة لا يتأذون بالسرار، ويستثنى من أصل الحكم ما إذا أذن من يبقى -سواء كان واحداً أم أكثر- للاثنين في التناجي دونه أو دونهم، فإن المنع يرتفع، لكونه حق من يبقى.

وأما إذا انتجى اثنان ابتداء، وثم ثالث، كان بحيث لا يسمع كلامهما، لو تكلما جهرا، فأتى ليستمع عليهما، فلا يجوز، كما لو لم يكن حاضراً أصلاً معهما، وقد أخرج البخاري في كتاب الأدب المفرد، عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمت إليهما، فلطم صدري، وقال: إذا وجدت اثنين يتحدثان، فلا تقم معهما، حتى تستأذنها زاد أحمد في رواية وقال: أما سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تناجى اثنان فلا يدخل معهما غيرهما، حتى يستأذنهما؟.

قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجيين في حال تناجيهما، قال الحافظ ابن حجر: ولا ينبغي لداخل القعود عندهما، ولو تباعد عنهما، إلا بإذنهما، فقد افتتحا حديثهما سراً، وليس عندهم أحد، فدل على أن مرادهما ألا يطلع أحد على كلامهما، ويتأكد ذلك إذا كان صوت أحدهما جهورياً، لا يتأتى له إخفاء كلامه ممن حضره، وقد يكون لبعض الناس قوة فهم، بحيث إذا سمع بعض الكلام استدل به على باقيه، فالمحافظة على ترك ما يؤذي المؤمن مطلوبة، وإن تفاوتت المراتب.

والله أعلم