4313 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، قَالَ : حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ : أَيُّهَا المَرْءُ إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا ، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالعِصَابَةِ ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ ، وَأَهْلِ الكِتَابِ ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا } الآيَةَ ، وَقَالَ اللَّهُ : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ العَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا ، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ : هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا)
ذَكَرَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فِيمَا كَانَ يَهْجُو بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الشِّعْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي خَبَرُهُ وَفِيهِ شَرْحُ حَدِيثِ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَوَى بن أبي حَاتِم وبن الْمُنْذر بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَا كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ فِنْحَاصَ الْيَهُودِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَلَتْ
[ قــ :4313 ... غــ :4566] .
قَوْلُهُ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ أَيْ كِسَاءٍ غَلِيظٍ مَنْسُوبٍ إِلَى فَدَكَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ وَهِيَ بَلَدٌ مَشْهُورٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ .
قَوْلُهُ يَعُودُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِيهِ عِيَادَةُ الْكَبِيرِ بَعْضَ أَتْبَاعِهِ فِي دَارِهِ وَقَولُهُ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَيْ فِي مَنَازِلِ بَنِي الْحَارِثِ وَهُمْ قَوْمُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ .
قَوْلُهُ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَقِيعَةِ .
قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي أَي قبل أَن يظْهر الْإِسْلَامِ .
قَوْلُهُ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ كَذَا فِيهِ تَكْرَارُ لَفْظِ الْمُسْلِمِينَ آخِرًا بَعْدَ الْبُدَاءَةِ بِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَسَقَطَتِ الثَّانِيَةُ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَولُهُ الْيَهُودِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْبَدَلِ أَوْ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْيَهُودَ مُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ نَعَمْ مِنْ لَازِمِ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُم عَزِيز بن اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِشْرَاكُ وَعَطْفُهُمْ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ تَنْوِيهًا بِهِمْ فِي الشَّرِّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي رُجْحَانُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِعبدةِ الْأَوْثَانِ وَبِالْيَهُودِ وَمِنْهُ يَظْهَرُ تَوْجِيهُ إِعَادَةِ لَفْظِ الْمُسلمين كَأَنَّهُ فَسَّرَ الْأَخْلَاطَ بِشَيْئَيْنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمَّا فَسَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِشَيْئَيْنِ رَأَى إِعَادَةَ ذِكْرِ الْمُسلمين تَأْكِيدًا وَلَو كَانَ قَالَ أولَاهُنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ مَا احْتَاجَ إِلَى إِعَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْيَهُودِ لِكَوْنِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلَهُمْ وَيُرَجِّحُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُوَافِقُونَهُمْ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ومعاداته وقتاله بعد مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فعطف عَبدة الْأَوْثَان علىالمشركين وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
قَوْلُهُ عَجَاجَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَجِيمَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ أَيْ غُبَارُهَا وَقَولُهُ خَمَّرَ أَيْ غَطَّى وَقَولُهُ أَنْفَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَجْهَهُ .
قَوْلُهُ فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ كُفَّارٌ وَيَنْوِي حِينَئِذٍ بِالسَّلَامِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ صِيغَةُ عُمُومٍ فِيهَا تَخْصِيصٌ كَقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .
قَوْلُهُ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ عَبَّرَ عَنِ انْتِهَاءِ مَسِيرِهِ بِالْوُقُوفِ .
قَوْلُهُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ بِنَصْبِ أَحْسَنَ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَيَجُوزُ فِي أَحْسَنَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَا وَالِاسْمُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَأَحْسَنُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ لَكِنْ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا لَامُ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِكِ حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عَلِيِّ وَاسْتَحْسنهُ وَحكى بن الْجَوْزِيِّ تَشْدِيدَ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ نُونٍ مِنَ الْحِسِّ أَيْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ شَيْئًا .
قَوْلُهُ يَتَثَاوَرُونَ بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ يَتَوَاثَبُونَ أَيْ قَارَبُوا أَنْ يَثِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَقْتَتِلُوا يُقَالُ ثَارَ إِذَا قَامَ بِسُرْعَةٍ وَانْزِعَاجٍ .
قَوْلُهُ حَتَّى سَكَنُوا بِالنُّونِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُثَنَّاةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي ذَلِكَ وَأَن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ وَجَوَابَهُ عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ .
قَوْلُهُ أَيَا سَعْدُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَيْ سَعْدُ .
قَوْلُهُ أَبُو حُبَابٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ وَهِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَشْهُورًا بِهَا أَوْ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ .
قَوْلُهُ وَلَقَدِ اصْطَلَحَ بِثُبُوتِ الْوَاوِ لِلْأَكْثَرِ وَبِحَذْفِهَا لِبَعْضِهِمْ .
قَوْلُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ الْبُحَيْرَةِ بِالتَّصْغِيرِ وَهَذَا اللَّفْظُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَرْيَةِ وَعَلَى الْبَلَدِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ وَنَقَلَ يَاقُوتٌ أَنَّ الْبَحْرَةَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ .
قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ يَعْنِي يُرَئِّسُوهُ عَلَيْهِمْ وَيُسَوِّدُوهُ وَسُمِّيَ الرَّئِيسُ مُعَصَّبًا لِمَا يَعْصِبُ بِرَأْسِهِ من الْأُمُور أَو لأَنهم يعصبون رؤوسهم بِعِصَابَةٍ لَا تَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ يَمْتَازُونَ بِهَا وَوَقَعَ فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ فَيُعَصِّبُونَهُ وَالتَّقْدِيرُ فَهُمْ يُعَصِّبُونَهُ أَو فَإِذا هم يعصبونه وَعند بن إِسْحَاقَ لَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنَنْظِمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَهَذَا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ .
قَوْلُهُ شَرِقَ بِذَلِكَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ غُصَّ بِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَسَدِ يُقَالُ غُصَّ بِالطَّعَامِ وَشَجِيَ بِالْعَظْمِ وَشَرِقَ بِالْمَاءِ إِذَا اعْتَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَلْقِ فَمَنَعَهُ الْإِسَاغَةَ .
قَوْلُهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ أفرده بن أبي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَادُ مُتَّحِدًا وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّجْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ .
قَوْلُهُ وقَال اللَّهُ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أنفسهم إِلَى آخِرِ الْآيَةِ سَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ الْآيَةَ وَبِمَا بَعْدَ مَا سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا تَتَبَيَّنُ الْمُنَاسَبَةُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فاعفوا واصفحوا .
قَوْلُهُ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ أَيْ فِي قِتَالِهِمْ أَيْ فَتَرَكَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَكَهُ أَصْلًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْكِ الْقِتَالِ أَوَّلًا وَوُقُوعِهِ آخِرًا وَإِلَّا فَعَفْوُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُود بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَصَفْحُهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ مَشْهُورٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَالسِّيَرِ .
قَوْلُهُ صَنَادِيدَ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ صِنْدِيدٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ فِي قَوْمِهِ .
قَوْلُهُ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ أَيْ ظَهَرَ وَجْهُهُ .
قَوْلُهُ فَبَايَعُوا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ أعلم