هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4315 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ : اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقُلْ : لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا ، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ ، بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ } كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ : { يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا } تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ح حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا الحَجَّاجُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مَرْوَانَ : بِهَذَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4315 حدثني إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، أن ابن جريج أخبرهم ، عن ابن أبي مليكة ، أن علقمة بن وقاص أخبره ، أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس ، فقل : لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي ، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا ، لنعذبن أجمعون ، فقال ابن عباس : وما لكم ولهذه إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه ، وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه ، بما أخبروه عنه فيما سألهم ، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ، ثم قرأ ابن عباس : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب } كذلك حتى قوله : { يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } تابعه عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، ح حدثنا ابن مقاتل ، أخبرنا الحجاج ، عن ابن جريج ، أخبرني ابن أبي مليكة ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره : أن مروان : بهذا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4568] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا هِشَام هُوَ بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ قَوْله عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي رِوَايَةِعبد الرَّزَّاق عَن بن جريج أَخْبرنِي بن أبي مليكَة وَسَيَأْتِي وَكَذَا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ هُوَ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ عَنْ عمر قَوْله أَن مَرْوَان هُوَ بن الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَقُلْ رَافِعٌ هَذَا لَمْ أَرَ لَهُ ذكرا فِي كتاب الرُّوَاةِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْجَوَابِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ مَرْوَانَ مَا قَنَعَ بِرِسَالَتِهِ لَكِنْ قَدْ أَلْزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْبُخَارِيَّ أَنْ يصحح حَدِيث يسرة بْنِ صَفْوَانَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّ عُرْوَةَ وَمَرْوَانَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَبعث مَرْوَان حرسيه إِلَى يسرة فَعَادَ إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا فَصَارَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَة عُرْوَة عَن رَسُول مَرْوَان عَن يسرة وَرَسُولُ مَرْوَانَ مَجْهُولُ الْحَالِ فَتَوَقَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ شَبيهَة بِحَدِيث يسرة فَإِنْ كَانَ رَسُولُ مَرْوَانَ مُعْتَمَدًا فِي هَذِهِ فَلْيُعْتَمَدْ فِي الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَمَّى رَافِعًا وَلَمْ يُسَمِّ الْحَرَسِيَّ قَالَ وَمَعَ هَذَا فَاخْتُلِفَ على بن جُرَيْجٍ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِشَام عَنهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ.

     وَقَالَ  حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْملك بن جريج عَن أَبِيه عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَصَارَ لِهِشَامٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِحَجَّاجِ بن مُحَمَّد متابع وَهُوَ مُحَمَّد وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ لِي مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ بن عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا قصّ عَلْقَمَة سَبَب تحديث بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فَقَطْ وَكَذَا أَقُولُ فِي حُمَيْدِ بن عبد الرَّحْمَن فَكَأَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا وَحَدَّثَ بِهِ بن جريج عَن كل مِنْهُمَا فَحدث بِهِ بن جُرَيْجٍ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَقَدْ روى بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ إِرْسَالِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عِنْدَ مَرْوَانَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ إِنَّمَا ذَاكَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَصْرٌ وَفَتْحٌ حَلَفُوا لَهُمْ عَلَى سُرُورِهِمْ بِذَلِكَ لِيَحْمَدُوهُمْ عَلَى فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا يَعْلَمُ بِهَذَا فَقَالَ أَكَذَلِكَ يَا زَيْدُ قَالَ نَعَمْ صَدَقَ وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مَرْوَانَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ أَرَادَ زِيَادَة الِاسْتِظْهَار فَأرْسل بوابه رَافعا إِلَى بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثَ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ فَيُرِيدُ أَنَّهُ تَابَعَ هِشَامَ بْنَ يُوسُفَ على رِوَايَته إِيَّاه عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَصَلَهَا فِي التَّفْسِيرِ وَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ إِسْنَادَ حَجَّاجٍ عَقِبَ هَذَا وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ بَلْ قَالَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا وَسَاقَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاس فَقل لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ .

     قَوْلُهُ  لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودًا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِالْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  بِمَا أَتَوْا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْقصرِ بِمَعْنى جاؤوا أَيْ بِالَّذِي فَعَلُوهُ وَلِلْحَمَوِيِّ بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ أَيْ أُعْطُوا أَيْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَرِحُوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوَافَقَةُ الْمَشْهُور أولى مَعَ مُوَافَقَته لتفسير بن عَبَّاس قَوْله ثمَّ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن ثَوْر الْمَذْكُورَة فَقَالَ بن عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ الشَّيْءُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ فَأَخْبَرُوهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا قَالَ بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا قَالَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) سَاق إِلَى الْأَلْبَاب وَذكر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَوَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَتَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ فَقَالُوا أَيُّمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى قَالُوا الْعَصَا وَيَدُهُ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا الْحِمَّانِيَّ فَإِنَّهُ تُكُلِّمَ فِيهِ وَقَدْ خَالَفَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى فَرَوَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَهُوَ أَشْبَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَحْفُوظًا وَصْلُهُ فَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَقُرَيْشٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا سِيمَا فِي زمن الْهُدْنَة( قَولُهُ بَابُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وعَلى جنُوبهم الْآيَة) أورد فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْهُ مُطَوَّلًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُهُ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَرَأَ الْآيَاتِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَ فَلِهَذَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاسْتُفِيدَ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ أَوَّلَ الْمَقْرُوءِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى أَن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَولُهُ بَابُ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فقد أخزيته ذكر فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا تَغْيِيرُ شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَطْ وَسِيَاقُ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَتَمُّ مِنْ تِلْكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا وَأَخَذَ بِيَدِي الْيُمْنَى وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ بأذني كَمَا فِي سَائِر الرِّوَايَات( قَولُهُ بَابُ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي للايمان الْآيَةَ) ذَكَرَ فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ شَيْخٍ لَهُ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ وَسَاقَهُ أَيْضًا بِتَمَامِهِ .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ النِّسَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن عَبَّاسٍ يَسْتَنْكِفَ يَسْتَكْبِرَ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ المستملى والكشميهني حسب وَقد وَصله بن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَته قَالَ يَسْتَكْبِرْ وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ فِي الْآيَةِ عَطْفَ الِاسْتِكْبَارِ عَلَى الِاسْتِنْكَافِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّوْكِيدِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ مَعْنَى يَسْتَنْكِفُ يَأْنَفُ وَأَسْنَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ يَحْتَشِمُ.

     وَقَالَ  الزَّجَّاجُ هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ النَّكَفِ وَهُوَ الْأَنَفَةُ وَالْمُرَادُ دَفْعُ ذَلِكَ عَنْهُ وَمِنْهُ نَكَفْتُ الدَّمْعَ بِالْإِصْبَعِ إِذَا مَنَعْتَهُ مِنَ الْجَرْيِ عَلَى الْخَدِّ .

     قَوْلُهُ  قِوَامًا قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ هَكَذَا وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قيَاما يَعْنِي قِوَامَكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ يَقُولُ لَا تَعْمِدْ إِلَى مَالِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ مَعِيشَةً فَتُعْطِيَهُ امْرَأَتَكَ وَنَحْوَهَا وَقَولُهُ قِيَامًا الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ بَدَلَ الْوَاوِ لَكِنْهُمَا بِمَعْنًى قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُقَالُ قِيَامُ أَمْرِكُمْ وَقِوَامُ أَمْرِكُمْ وَالْأَصْلُ بِالْوَاوِ فَأَبْدَلُوهَا يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَصْلِ.

.

قُلْتُ وَلَا حَاجَة لذَلِك لِأَنَّهُ ناقل لَهَا عَن بن عَبَّاسٍ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ كِلَا الْأَمْرَيْنِ وَقِيلَ أَنَّهَا أَيْضا قِرَاءَة بن عُمَرَ أَعْنِي بِالْوَاوِ وَقَدْ قُرِئَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْضًا قِيَمًا بِلَا أَلِفٍ وَفِيالشَّوَاذِّ قِرَاءَاتٌ أُخْرَى.

     وَقَالَ  أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  قِوَامُكُمْ إِنَّمَا قَالَهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ قِيَامًا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى.

.

قُلْتُ وَمِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَحْصُلُ جَوَابُهُ .

     قَوْلُهُ  مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَلَا تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ عَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا كَالَّذِي قَبْلَهُ وَوَقَعَ لِغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَثْنَى إِلَخْ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ ذَلِكَ لم يرو عَن بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ لَا تَنْوِينَ فِي مَثْنَى لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ حَدِّهِ وَالْحَدُّ أَنْ يَقُولُوا اثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ ثُلَاثُ وَرُبَاعُ لِأَنَّهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعٌ ثُمَّ أَنْشَدَ شَوَاهِدَ لِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَلَا تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ غَيْرَ أَنَّ الْكُمَيْتَ قَالَ فَلَمْ يَسْتَرْيِثُوكَ حَتَّى رميت فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالًا عُشَارَا انْتَهَى وَقِيلَ بَلْ يَجُوزُ إِلَى سُدَاسَ وَقِيلَ إِلَى عُشَارَ قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ غَلِطَ الْمُتَنَبِّي فِي قَوْلِهِ أُحَادٌ أَمْ سُدَاسٌ فِي أُحَادٍ لَمْ يُسْمَعْ فِي الْفَصِيحِ إِلَّا مَثْنَى وَثُلَاثُ وَرُبَاعُ وَالْخِلَافُ فِي خُمَاسَ إِلَى عُشَارَ وَيُحْكَى عَنْ خَلَفٍ الْأَحْمَرِ أَنَّهُ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا مِنْ خُمَاسَ إِلَى عُشَارَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولَةِ هَلْ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى السَّمَاعِ أَوْ يُقَاس عَلَيْهَا قَولَانِ أشهرهما الِاقْتِصَار قَالَ بن الْحَاجِبِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ كَذَا قَالَ.

.

قُلْتُ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ بَيْتُ الْكُمَيْتِ وَكَذَا قَوْلُ الْآخَرِ ضَرَبْتُ خُمَاسَ ضَرْبَةَ عَبْشَمِيٍّ أَرَادَ سُدَاسُ أَنْ لَا تَسْتَقِيمَا وَهَذِهِ الْمَعْدُولَاتُ لَا تَقَعُ إِلَّا أَحْوَالًا كَهَذِهِ الْآيَةِ أَوْ أَوْصَافًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى أُولِي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع أَو اخبارا كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اللَّيْلِ مَثْنَى وَلَا يُقَالُ فِيهَا مَثْنَاةٌ وَثَلَاثَةٌ بَلْ تَجْرِي مَجْرًى وَاحِدًا وَهَلْ يُقَالُ مَوْحَدُ كَمَا يُقَالٌ مَثْنَى الْفَصِيحُ لَا وَقِيلَ يَجُوزُ وَكَذَا مَثْلَثُ إِلَخْ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ إِنَّ مَعْنَى مَثْنَى اثْنَتَيْنِ فِيهِ اخْتِصَارٌ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٌ ثَلَاثٌ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ أَوْ كَانَ لَا يَرَى التَّكْرَارَ فِيهِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ مَا يُنْكَحُ مِنَ النِّسَاءِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  لَهُنَّ سَبِيلًا يَعْنِي الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ وَالْجَلْدَ لِلْبِكْرِ ثَبَتَ هَذَا أَيْضًا فِي رِوَايَةِ المستملى والكشميهني حسب وَهُوَ من تَفْسِير بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَالْمُرَادُ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا وَقد روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ لِلثَّيِّبِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَىعبد الرَّزَّاق عَن بن جريج أَخْبرنِي بن أبي مليكَة وَسَيَأْتِي وَكَذَا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ هُوَ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ عَنْ عمر قَوْله أَن مَرْوَان هُوَ بن الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَقُلْ رَافِعٌ هَذَا لَمْ أَرَ لَهُ ذكرا فِي كتاب الرُّوَاةِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْجَوَابِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ مَرْوَانَ مَا قَنَعَ بِرِسَالَتِهِ لَكِنْ قَدْ أَلْزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْبُخَارِيَّ أَنْ يصحح حَدِيث يسرة بْنِ صَفْوَانَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّ عُرْوَةَ وَمَرْوَانَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَبعث مَرْوَان حرسيه إِلَى يسرة فَعَادَ إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا فَصَارَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَة عُرْوَة عَن رَسُول مَرْوَان عَن يسرة وَرَسُولُ مَرْوَانَ مَجْهُولُ الْحَالِ فَتَوَقَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ شَبيهَة بِحَدِيث يسرة فَإِنْ كَانَ رَسُولُ مَرْوَانَ مُعْتَمَدًا فِي هَذِهِ فَلْيُعْتَمَدْ فِي الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَمَّى رَافِعًا وَلَمْ يُسَمِّ الْحَرَسِيَّ قَالَ وَمَعَ هَذَا فَاخْتُلِفَ على بن جُرَيْجٍ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِشَام عَنهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ.

     وَقَالَ  حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْملك بن جريج عَن أَبِيه عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَصَارَ لِهِشَامٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِحَجَّاجِ بن مُحَمَّد متابع وَهُوَ مُحَمَّد وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ لِي مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ بن عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا قصّ عَلْقَمَة سَبَب تحديث بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فَقَطْ وَكَذَا أَقُولُ فِي حُمَيْدِ بن عبد الرَّحْمَن فَكَأَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا وَحَدَّثَ بِهِ بن جريج عَن كل مِنْهُمَا فَحدث بِهِ بن جُرَيْجٍ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَقَدْ روى بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ إِرْسَالِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عِنْدَ مَرْوَانَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ إِنَّمَا ذَاكَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَصْرٌ وَفَتْحٌ حَلَفُوا لَهُمْ عَلَى سُرُورِهِمْ بِذَلِكَ لِيَحْمَدُوهُمْ عَلَى فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا يَعْلَمُ بِهَذَا فَقَالَ أَكَذَلِكَ يَا زَيْدُ قَالَ نَعَمْ صَدَقَ وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مَرْوَانَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ أَرَادَ زِيَادَة الِاسْتِظْهَار فَأرْسل بوابه رَافعا إِلَى بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثَ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ فَيُرِيدُ أَنَّهُ تَابَعَ هِشَامَ بْنَ يُوسُفَ على رِوَايَته إِيَّاه عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَصَلَهَا فِي التَّفْسِيرِ وَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ إِسْنَادَ حَجَّاجٍ عَقِبَ هَذَا وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ بَلْ قَالَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا وَسَاقَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاس فَقل لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ .

     قَوْلُهُ  لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودًا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِالْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  بِمَا أَتَوْا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْقصرِ بِمَعْنى جاؤوا أَيْ بِالَّذِي فَعَلُوهُ وَلِلْحَمَوِيِّ بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ أَيْ أُعْطُوا أَيْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَرِحُوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوَافَقَةُ الْمَشْهُور أولى مَعَ مُوَافَقَته لتفسير بن عَبَّاس قَوْله ثمَّ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن ثَوْر الْمَذْكُورَة فَقَالَ بن عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ الشَّيْءُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ فَأَخْبَرُوهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا قَالَ بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا قَالَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض) سَاق إِلَى الْأَلْبَاب وَذكر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَوَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَتَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ فَقَالُوا أَيُّمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى قَالُوا الْعَصَا وَيَدُهُ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا الْحِمَّانِيَّ فَإِنَّهُ تُكُلِّمَ فِيهِ وَقَدْ خَالَفَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى فَرَوَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَهُوَ أَشْبَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَحْفُوظًا وَصْلُهُ فَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَقُرَيْشٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمْ لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا سِيمَا فِي زمن الْهُدْنَة( قَولُهُ بَابُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وعَلى جنُوبهم الْآيَة) أورد فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْهُ مُطَوَّلًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُهُ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَرَأَ الْآيَاتِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَ فَلِهَذَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاسْتُفِيدَ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ أَوَّلَ الْمَقْرُوءِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى أَن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَولُهُ بَابُ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فقد أخزيته ذكر فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا تَغْيِيرُ شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَطْ وَسِيَاقُ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَتَمُّ مِنْ تِلْكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا وَأَخَذَ بِيَدِي الْيُمْنَى وَهُوَ وَهَمٌ وَالصَّوَابُ بأذني كَمَا فِي سَائِر الرِّوَايَات( قَولُهُ بَابُ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي للايمان الْآيَةَ) ذَكَرَ فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ شَيْخٍ لَهُ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ وَسَاقَهُ أَيْضًا بِتَمَامِهِ .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ النِّسَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن عَبَّاسٍ يَسْتَنْكِفَ يَسْتَكْبِرَ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ المستملى والكشميهني حسب وَقد وَصله بن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَته قَالَ يَسْتَكْبِرْ وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ فِي الْآيَةِ عَطْفَ الِاسْتِكْبَارِ عَلَى الِاسْتِنْكَافِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّوْكِيدِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ مَعْنَى يَسْتَنْكِفُ يَأْنَفُ وَأَسْنَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ يَحْتَشِمُ.

     وَقَالَ  الزَّجَّاجُ هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ النَّكَفِ وَهُوَ الْأَنَفَةُ وَالْمُرَادُ دَفْعُ ذَلِكَ عَنْهُ وَمِنْهُ نَكَفْتُ الدَّمْعَ بِالْإِصْبَعِ إِذَا مَنَعْتَهُ مِنَ الْجَرْيِ عَلَى الْخَدِّ .

     قَوْلُهُ  قِوَامًا قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ هَكَذَا وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قيَاما يَعْنِي قِوَامَكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ يَقُولُ لَا تَعْمِدْ إِلَى مَالِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ مَعِيشَةً فَتُعْطِيَهُ امْرَأَتَكَ وَنَحْوَهَا وَقَولُهُ قِيَامًا الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ بَدَلَ الْوَاوِ لَكِنْهُمَا بِمَعْنًى قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُقَالُ قِيَامُ أَمْرِكُمْ وَقِوَامُ أَمْرِكُمْ وَالْأَصْلُ بِالْوَاوِ فَأَبْدَلُوهَا يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَصْلِ.

.

قُلْتُ وَلَا حَاجَة لذَلِك لِأَنَّهُ ناقل لَهَا عَن بن عَبَّاسٍ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ كِلَا الْأَمْرَيْنِ وَقِيلَ أَنَّهَا أَيْضا قِرَاءَة بن عُمَرَ أَعْنِي بِالْوَاوِ وَقَدْ قُرِئَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْضًا قِيَمًا بِلَا أَلِفٍ وَفِيالشَّوَاذِّ قِرَاءَاتٌ أُخْرَى.

     وَقَالَ  أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  قِوَامُكُمْ إِنَّمَا قَالَهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ قِيَامًا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى.

.

قُلْتُ وَمِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَحْصُلُ جَوَابُهُ .

     قَوْلُهُ  مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَلَا تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ عَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا كَالَّذِي قَبْلَهُ وَوَقَعَ لِغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مَثْنَى إِلَخْ وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ ذَلِكَ لم يرو عَن بن عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ لَا تَنْوِينَ فِي مَثْنَى لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ حَدِّهِ وَالْحَدُّ أَنْ يَقُولُوا اثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ ثُلَاثُ وَرُبَاعُ لِأَنَّهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعٌ ثُمَّ أَنْشَدَ شَوَاهِدَ لِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَلَا تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ غَيْرَ أَنَّ الْكُمَيْتَ قَالَ فَلَمْ يَسْتَرْيِثُوكَ حَتَّى رميت فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالًا عُشَارَا انْتَهَى وَقِيلَ بَلْ يَجُوزُ إِلَى سُدَاسَ وَقِيلَ إِلَى عُشَارَ قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ غَلِطَ الْمُتَنَبِّي فِي قَوْلِهِ أُحَادٌ أَمْ سُدَاسٌ فِي أُحَادٍ لَمْ يُسْمَعْ فِي الْفَصِيحِ إِلَّا مَثْنَى وَثُلَاثُ وَرُبَاعُ وَالْخِلَافُ فِي خُمَاسَ إِلَى عُشَارَ وَيُحْكَى عَنْ خَلَفٍ الْأَحْمَرِ أَنَّهُ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا مِنْ خُمَاسَ إِلَى عُشَارَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولَةِ هَلْ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى السَّمَاعِ أَوْ يُقَاس عَلَيْهَا قَولَانِ أشهرهما الِاقْتِصَار قَالَ بن الْحَاجِبِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ كَذَا قَالَ.

.

قُلْتُ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ بَيْتُ الْكُمَيْتِ وَكَذَا قَوْلُ الْآخَرِ ضَرَبْتُ خُمَاسَ ضَرْبَةَ عَبْشَمِيٍّ أَرَادَ سُدَاسُ أَنْ لَا تَسْتَقِيمَا وَهَذِهِ الْمَعْدُولَاتُ لَا تَقَعُ إِلَّا أَحْوَالًا كَهَذِهِ الْآيَةِ أَوْ أَوْصَافًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى أُولِي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع أَو اخبارا كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اللَّيْلِ مَثْنَى وَلَا يُقَالُ فِيهَا مَثْنَاةٌ وَثَلَاثَةٌ بَلْ تَجْرِي مَجْرًى وَاحِدًا وَهَلْ يُقَالُ مَوْحَدُ كَمَا يُقَالٌ مَثْنَى الْفَصِيحُ لَا وَقِيلَ يَجُوزُ وَكَذَا مَثْلَثُ إِلَخْ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ إِنَّ مَعْنَى مَثْنَى اثْنَتَيْنِ فِيهِ اخْتِصَارٌ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٌ ثَلَاثٌ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ أَوْ كَانَ لَا يَرَى التَّكْرَارَ فِيهِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ مَا يُنْكَحُ مِنَ النِّسَاءِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  لَهُنَّ سَبِيلًا يَعْنِي الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ وَالْجَلْدَ لِلْبِكْرِ ثَبَتَ هَذَا أَيْضًا فِي رِوَايَةِ المستملى والكشميهني حسب وَهُوَ من تَفْسِير بن عَبَّاسٍ أَيْضًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَالْمُرَادُ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا وَقد روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ لِلثَّيِّبِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَىبِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَصَفْحُهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ مَشْهُورٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَالسِّيَرِ .

     قَوْلُهُ  صَنَادِيدَ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ نُونٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ صِنْدِيدٍ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ فِي قَوْمِهِ .

     قَوْلُهُ  هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ أَيْ ظَهَرَ وَجْهُهُ .

     قَوْلُهُ  فَبَايَعُوا بِلَفْظِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ أعلم ( قَولُهُ بَابُ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا) سَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :4315 ... غــ :4568] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا هِشَام هُوَ بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ قَوْله عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي رِوَايَةِ عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج أَخْبرنِي بن أبي مليكَة وَسَيَأْتِي وَكَذَا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ هُوَ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ عَنْ عمر قَوْله أَن مَرْوَان هُوَ بن الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَقُلْ رَافِعٌ هَذَا لَمْ أَرَ لَهُ ذكرا فِي كتاب الرُّوَاةِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْجَوَابِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ مَرْوَانَ مَا قَنَعَ بِرِسَالَتِهِ لَكِنْ قَدْ أَلْزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْبُخَارِيَّ أَنْ يصحح حَدِيث يسرة بْنِ صَفْوَانَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّ عُرْوَةَ وَمَرْوَانَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَبعث مَرْوَان حرسيه إِلَى يسرة فَعَادَ إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا فَصَارَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَة عُرْوَة عَن رَسُول مَرْوَان عَن يسرة وَرَسُولُ مَرْوَانَ مَجْهُولُ الْحَالِ فَتَوَقَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ شَبيهَة بِحَدِيث يسرة فَإِنْ كَانَ رَسُولُ مَرْوَانَ مُعْتَمَدًا فِي هَذِهِ فَلْيُعْتَمَدْ فِي الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَمَّى رَافِعًا وَلَمْ يُسَمِّ الْحَرَسِيَّ قَالَ وَمَعَ هَذَا فَاخْتُلِفَ على بن جُرَيْجٍ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِشَام عَنهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ.

     وَقَالَ  حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْملك بن جريج عَن أَبِيه عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَصَارَ لِهِشَامٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِحَجَّاجِ بن مُحَمَّد متابع وَهُوَ مُحَمَّد وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ لِي مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ بن عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا قصّ عَلْقَمَة سَبَب تحديث بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فَقَطْ وَكَذَا أَقُولُ فِي حُمَيْدِ بن عبد الرَّحْمَن فَكَأَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا وَحَدَّثَ بِهِ بن جريج عَن كل مِنْهُمَا فَحدث بِهِ بن جُرَيْجٍ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَقَدْ روى بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ إِرْسَالِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عِنْدَ مَرْوَانَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ إِنَّمَا ذَاكَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَصْرٌ وَفَتْحٌ حَلَفُوا لَهُمْ عَلَى سُرُورِهِمْ بِذَلِكَ لِيَحْمَدُوهُمْ عَلَى فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا يَعْلَمُ بِهَذَا فَقَالَ أَكَذَلِكَ يَا زَيْدُ قَالَ نَعَمْ صَدَقَ وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مَرْوَانَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ أَرَادَ زِيَادَة الِاسْتِظْهَار فَأرْسل بوابه رَافعا إِلَى بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثَ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ فَيُرِيدُ أَنَّهُ تَابَعَ هِشَامَ بْنَ يُوسُفَ على رِوَايَته إِيَّاه عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَصَلَهَا فِي التَّفْسِيرِ وَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ إِسْنَادَ حَجَّاجٍ عَقِبَ هَذَا وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ بَلْ قَالَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا وَسَاقَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاس فَقل لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ .

     قَوْلُهُ  لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودًا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  بِمَا أَتَوْا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْقصرِ بِمَعْنى جاؤوا أَيْ بِالَّذِي فَعَلُوهُ وَلِلْحَمَوِيِّ بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ أَيْ أُعْطُوا أَيْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَرِحُوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوَافَقَةُ الْمَشْهُور أولى مَعَ مُوَافَقَته لتفسير بن عَبَّاس قَوْله ثمَّ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن ثَوْر الْمَذْكُورَة فَقَالَ بن عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ الشَّيْءُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ فَأَخْبَرُوهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا قَالَ بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا قَالَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4315 ... غــ : 4568 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: { يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} .
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) أبو إسحاق الرازي الفراء قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أخبرهم عن ابن أبي مليكة) عبد الله وفي الفرع قال أخبرني بالإفراد ابن أبي مليكة ( إن علقمة بن وقاص) الليثي من أجل التابعين بل قيل إن له صحبة ( أخبره أن مروان) بن الحكم بن أبي العاص وكان يومئذٍ أميرًا على المدينة من قبل معاوية ثم ولي الخلافة ( قال لبوّابه) لما كان عنده أبو سعيد وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وقال: يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى: { لا تحسبن الذين يفرحون} الآية.

فقال إن هذا ليس من ذلك إنما ذاك أن ناسًا من المنافقين وفيه فإن كان لهم نصر وفتح حلفوا لهم على سرورهم بذلك ليحمدوهم على فرحهم وسرورهم رواه ابن مردويه فكأن مروان توقف في ذلك وأراد زيادة الاستظهار فقال لبوّابه ( اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل) له ( لئن كان كل امرئ بما أوتي) بضم الهمزة وكسر الفوقية أي أعطى ( وأحب أن يحمد) بضم أوّله مبنيًا للمفعول ( بما لم يفعل معذبًا) نصب خبر كان ( لنعذبن) بفتح الذال المعجمة المشدّدة ( أجمعون) بالواو لأن كلنا يفرح بما أوتي ويحب أن يحمد بما لم يفعل، وفي رواية حجاج بن محمد: أجمعين على الأصل.

( فقال ابن عباس) منكرًا عليهم السؤال عن ذلك ( وما لكم) ولأبي ذر: ما لكم بإسقاط الواو، ولأبي الوقت: ما لهم بالهاء بدل الكاف ( ولهذه) أي وللسؤال عن هذه المسألة ( إنما دعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يهود) ولأبي ذر يهود بالتنوين ( فسألهم عن شيء) قيل عن صفته عندهم بإيضاح ( فكتموه إياه وأخبروه) وفي الفرع فأخبروه ( بغيره) أي بصفته عليه الصلاة والسلام في الجملة ( فأروه) بفتح الهمزة والراء ( أن قد استحمدوا إليه) بفتح الفوقية مبنيًا للفاعل أي طلبوا أن يحمدهم قال في الأساس استحمد الله إلى خلقه بإحسانه إليهم وإنعامه عليهم ( بما أخبروه عنه) على الإجمال ( فبما سألهم وفرحوا بما أوتوا) بضم الهمزة وسكون الواو وضم التاء الفوقية أي أعطوا، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: بما أتوا بفتح الهمزة والفوقية من غير واو أي بما جاؤوا به ( من كتمانهم) بكسر الكاف للعلم ( ثم قرأ ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} ) أي العلماء ( كذلك حتى قوله { يفرحون بما أوتوا} ) بضم الهمزة ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني بما أتوا بلفظ القرآن أي جاؤوا ( { ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} ) من الوفاء بالميثاق وإظهار الحق والإخبار بالصدق.

( تابعه) أي تابع هشام بن يوسف ( عبد الرزاق) على روايته إياه ( عن ابن جريج) عبد الملك فيما وصله الإسماعيلي قال: ( حدّثنا ابن مقاتل) محمد المروزي قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( الحجاج) بن محمد المصيصي الأعور ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن أبي مليكة) عبد الله ( عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن مروان) بن الحكم ( بهذا) الحديث ولم يورد متنه ولفظ مسلم أن مروان قال لبوّابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له، فذكر نحو حديث هشام عن ابن جريج السابق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4315 ... غــ :4568 ]
- حدَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبَرنا هِشامٌ أنَّ ابنُ جُرَيْجٍ أخبَرهُمْ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ أنَّ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ أخْبَرَهُ أنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كلُّ امْرِىءٍ فَرِحَ بِمَا أُوْتِيَ وَأَحَبَّ أنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذّبا لَنُعَذِّبَنَّ أجْمَعُونَ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ وَمَا لَكُمْ وَلِهاذِهِ إنِما دَعا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إياهُ وَأخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأرَوُهُ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إلَيْهِ بِمَا أخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيما سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِما أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ { وَإذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ} ( آل عمرَان: 187) كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: { يفرحون بِمَا أُوْتُوا وَيُحِبُّونَ أنْ يَحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} ( آل عمرَان: 188) .


أَشَارَ بِهَذَا إِلَى وَجه آخر فِي سَبَب نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أبي إِسْحَاق الْفراء الرَّازِيّ عَن هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن عبد الله بن أبي مليكَة عَن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ من كبار التَّابِعين، وَقيل: لَهُ صُحْبَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث حجاج عَن ابْن جريج بِهِ.

قَوْله: ( أَن مَرْوَان) هُوَ ابْن الحكم بن أبي الْعَاصِ، ولي الْخلَافَة وَكَانَ يَوْمئِذٍ أَمِير الْمَدِينَة من جِهَة مُعَاوِيَة.
قَوْله: ( يَا رَافع) هُوَ بواب مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ مَجْهُول فَلذَلِك توقف جمَاعَة عَن القَوْل بِصِحَّة الحَدِيث حَتَّى إِن الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ: يرحم الله البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث فِي ( الصَّحِيح) مَعَ الِاخْتِلَاف على ابْن جريج ومرجع الحَدِيث إِلَى بواب مَرْوَان عَن ابْن عَبَّاس ومروان وبوابه بِمَنْزِلَة وَاحِدَة وَلم يذكر حَدِيث عُرْوَة عَن مَرْوَان وَحرب عَن يسرة فِي مس الذّكر وَذكر هَذَا وَلَا فرق بَينهمَا إلاَّ أَن البواب مسمّى ثمَّ لَا يعرف إلاَّ هَكَذَا والحرسي غير مُسَمّى وَالله يغْفر لنا وَله.
قلت: إِنْكَار الْإِسْمَاعِيلِيّ على البُخَارِيّ فِي هَذَا من وُجُوه: الأول: الِاخْتِلَاف على ابْن جريج فَإِنَّهُ أخرجه من حَدِيث حجاج عَن ابْن أبي مليكَة عَن حميد، وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث هِشَام عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَلْقَمَة الحَدِيث بِعَيْنِه.
وَقد اخْتلفَا ( وَالثَّانِي) : أَن بواب مَرْوَان الَّذِي اسْمه رَافع مَجْهُول الْحَال وَلم يذكر إلاَّ فِي هَذَا الحَدِيث ( فَإِن قلت) : إِن مَرْوَان لَو لم يعْتَمد عَلَيْهِ لم يقنع برسالته.
قلت: قد سَمِعت أَن الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ: مَرْوَان وبوابه بِمَنْزِلَة وَاحِدَة، وَقد انْفَرد بروايته البُخَارِيّ دون مُسلم.
( وَالثَّالِث) : أَن البُخَارِيّ لم يُورد فِي ( صَحِيحه) حَدِيث يسرة بنت صَفْوَان الصحابية فِي مس الذّكر وَلَا فرق بَينه وَبَين حَدِيث الْبابُُ لما ذكرنَا.
وَقد ساعد بَعضهم البُخَارِيّ فِيهِ بقوله: وَيحْتَمل أَن يكون عَلْقَمَة بن وَقاص كَانَ حَاضرا عِنْد ابْن عَبَّاس لما أجَاب.
( قلت) : لَو كَانَ حَاضرا عِنْد ابْن عَبَّاس عِنْد جَوَابه لَكَانَ أخبر ابْن أبي مليكَة أَنه سمع ابْن عَبَّاس أَنه أجَاب لرافع بواب مَرْوَان بِالَّذِي سَمعه، ومقام عَلْقَمَة أجل من أَن يخبر عَن رجل مَجْهُول الْحَال بِخَبَر قد سَمعه عَن ابْن عَبَّاس وَترك ابْن عَبَّاس وَأخْبرهُ عَن غَيره بذلك.
قَوْله: ( فَقل) أَمر لرافع الْمَذْكُور.
قَوْله: ( بِمَا أُوتِيَ) يروي: ( فَقل لَئِن كَانَ كل امرىء منا فَرح بدنيا وَأحب أَن يحمد) بِضَم الْبَاء على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( معذبا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ.
قَوْله: ( لَنُعَذَّبَنَّ) جَوَاب قَوْله: ( لَئِن) وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( أَجْمَعُونَ) وَفِي رِوَايَة حجاج بن مُحَمَّد ( أَجْمَعِينَ) على الأَصْل.
قَوْله: ( وَمَا لكم ولهذه) إِنْكَار من ابْن عَبَّاس على السُّؤَال بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة على الْوَجْه الْمَذْكُور وَأَن أصل هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا يهود إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة حجاج بن مُحَمَّد انما نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْكتاب.
قَوْله: ( فَسَأَلَهُمْ عَن شَيْء) ، قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: هَذَا الشَّيْء هُوَ نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فَكَتَمُوهُ إِيَّاه) ، أَي: كُنْتُم يهود الشَّيْء الَّذِي سَأَلَهُمْ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَأَخْبرُوهُ بِغَيْر ذَلِك.
قَوْله: ( فأروه) أَي: فأرو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُم قد استحمدوا إِلَيْهِ، وَاسْتحْمدُوا على صِيغَة الْمَجْهُول من استحمد فلَان عِنْد فلَان أَي: صَار مَحْمُودًا عِنْده، وَالسِّين فِيهِ للصيرورة.
قَوْله: ( بِمَا أُوتُوا) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: بِضَم الْهمزَة بعْدهَا وَاو أَي: أعْطوا من الْعلم الَّذِي كتموه، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين ( بِمَا أُوتُوا) بِدُونِ الْوَاو بعد الْهمزَة أَي: بِمَا جاؤوا قَوْله: ( أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه) يَعْنِي: اذكر وَقت أَخذ الله مِيثَاق الْكتاب.
قَوْله: ( كَذَلِك) إِشَارَة إِلَى أَن الَّذين أخبر الله عَنْهُم فِي الْآيَة المسؤول عَنْهَا وهم المذكورون فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أُوتُوا وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} كَمَا فِي الْآيَة الَّتِي قبلهَا أَي: قبل هَذِه الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: ( وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب) الْآيَة.

تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَاقِ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ أَي: تَابع هِشَام بن يُوسُف عبد الرَّزَّاق على رِوَايَته عَن ابْن جريج، وَوصل الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة فَقَالَ: حَدثنَا ابْن زَنْجوَيْه وَأَبُو سُفْيَان قَالَا: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق أَنبأَنَا ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَلْقَمَة، فَذكره.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4315 ... غــ :4568 ]
- ح دَّثنا ابنُ مُقَاتِلِ أخْبَرَنَا الحَجاجُ عنِ ابنِ جُرَيْجٌ أخْبَرَنِي بنُ أبِي مُلَيْكَةَ عنْ حُمَيْدٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا.

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور.
أخرجه عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي عَن حجاج الْأَعْوَر المصِّيصِي عَن ابْن جريج إِلَى آخِره، وَفِي الطَّرِيق الآخر السَّابِق أخرجه عَن هِشَام عَن ابْن جريج،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( كتاب التتبع) أخرج مُحَمَّد.
يَعْنِي: البُخَارِيّ حَدِيث ابْن جريج يَعْنِي هَذَا من حَدِيث حجاج عَنهُ عَن أبي مليكَة عَن حميد، وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث هِشَام عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَلْقَمَة الحَدِيث بِعَيْنِه، وَقد اخْتلفَا فَينْظر من يُتَابع أَحدهمَا.
انْتهى ( قلت) : أخرج مُسلم حَدِيث حجاج دون حَدِيث هِشَام، وَأخرج البُخَارِيّ مُتَابعَة هِشَام عبد الرَّزَّاق كَمَا ذكر الْآن، وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن ثَوْر عَن ابْن جريج كَمَا قَالَ عبد الرَّزَّاق.

قَوْله: ( أَن مَرْوَان بِهَذَا) ، أَي: حَدثنَا بِهَذَا، وَلم يسق البُخَارِيّ الْمَتْن لهَذَا، وَسَاقه مُسلم والإسماعيلي من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ أَن مَرْوَان قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ فَذكر نَحْو حَدِيث هِشَام عَن ابْن حريج الْمَذْكُور أَولا.