هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4368 حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَارُودِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ ، قَالَ : لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ، قَالَ : فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : فُلاَنٌ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : { لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } رَوَاهُ النَّضْرُ ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4368 حدثنا منذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن موسى بن أنس ، عن أنس رضي الله عنه ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط ، قال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، قال : فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين ، فقال رجل : من أبي ؟ قال : فلان ، فنزلت هذه الآية : { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } رواه النضر ، وروح بن عبادة ، عن شعبة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4621] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن أَي بن حَبِيبِ بْنِ عَلْيَاءَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الْجَارُودِيُّ نِسْبَةً إِلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَآخَرُ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَأَبُوهُ مَاله فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا رَأَيْتُ عَنْهُ رَاوِيًا إِلَّا وَلَدَهُ وَحَدِيثُهُ هَذَا فِي الْمُتَابَعَاتِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَهُ فِي الِاعْتِصَامِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي كَلَامِ أَبِي عَلِيِّ الْغَسَّانِيِّ فِيمَا حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ مُنْذِرٍ هَذَا وَأَن مُحَمَّدًا الْمَذْكُور هُوَ بن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي عِنْدَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ وَأَظُنُّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَنْسُوبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ وَالْقَائِلُ ذَلِكَ الرَّاوِي عَنْهُ وَظَنُّوهُ شَيْخًا لِلْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ فِي الِاعْتِصَامِ أَخْبَرَنِي مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ .

     قَوْلُهُ  خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ فِي أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ يَظْهَرُ مِنْهَا سَبَبُ الْخُطْبَةِ وَلَفْظُهُ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قَالَ فَغَطَّى فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ قَالَ فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ من ذَلِك غطوا رؤوسهم .

     قَوْلُهُ  لَهُمْ حَنِينٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأَوَّلُ الصَّوْتُ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِالْبُكَاءِ مِنَ الصَّدْرِ وَالثَّانِي مِنَ الْأَنْفِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْحَنِينُ بُكَاءٌ دُونَ الِانْتِحَابِ وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْحَنِينَ وَالْخَنِينَ وَاحِدًا إِلَّا أَنَّ الْحَنِينَ مِنَ الصَّدْرِ أَي بِالْمُهْمَلَةِ والخنين من الْأنف بِالْمُعْجَمَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاض .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ فُلَانٌ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْعَسْكَرِيِّ نَزَلَتْ فِي قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ خَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَكُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَتَقَدَّمَ فِيهِ أَيْضًا زِيَادَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَأَحَلْتُ بِشَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى بَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ هَكَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مَعَ أَنَّهُ أَشْبَعُ سِيَاقًا مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْمَوَاقِيتِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَوَقَعَ فِي الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ مُطَوَّلًا قَالَ فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَأَلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ ثَوْبَهُ بِرَأْسِهِ يَبْكِي الْحَدِيثَ وَفِيهِ قِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَقَوْلُ عُمَرَ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضْبَانَ مُحْمَارٌّ وَجْهُهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ أَنَا قَالَ فِي النَّارِ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ حُذَافَةُ فَقَامَ عُمَرُ فَذَكَرَ كَلَامَهُ وَزَادَ فِيهِ وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا قَالَ فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَهَذَا شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِحَدِيثِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍالْمَذْكُورِ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حج الْبَيْت قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ لَا وَلَوْ.

.

قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تسألوا فَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ وَلَعَلَّ مُرَاجَعَتَهُمْ لَهُ فِي ذَلِكَ هِيَ سَبَبُ غَضَبِهِ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ حَدِيثِ عَلَيٍّ هَذَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَمِنْ آخر مُنْقَطع عَن بن عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ عَقِبَ هَذَا وَهُوَ أَصَحُّ إِسْنَادًا لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ سَبَبَ نُزُولِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَشْيَاءِ الْبَحِيرَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْحَامُ قَالَ فَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْآيَاتِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ نَحْوُ سُؤَالِ قُرَيْشٍ أَنْ يَجْعَلَ الصَّفَا لَهُمْ ذَهَبًا وَسُؤَالِ الْيَهُودِ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء وَنَحْو ذَلِك وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ نَزَلَتْ فِي الَّذِي سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الَّذِينَ سَأَلُوا عَنِ الْبَحِيرَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْ مِقْسَمٍ فِيمَا سَأَلَ الْأُمَمُ أَنْبِيَاءَهَا عَنِ الْآيَاتِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَه مُحْتَمل وَكَذَا مَا أخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ قَالَ نُهُوا أَنْ يَسْأَلُوا مِثْلَ مَا سَأَلَ النَّصَارَى مِنَ الْمَائِدَةِ فَأَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ وَقَدْ رَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِوُقُوعِ قِصَّةِ الْمَائِدَةِ فِي السُّورَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ نُزُولَهَا فِي قِصَّةِ مَنْ سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنِ الْحَجِّ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ إِغْفَالٌ مِنْهُ لِمَا فِي الصَّحِيح وَرجح بن الْمُنِيرِ نُزُولَهَا فِي النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ وَاسْتَنَدَ إِلَى كَثِيرٍ مِمَّا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ تَتَعَدَّدَ الْأَسْبَابُ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ وَفِي الْحَدِيثِ إِيثَارُ السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَرَاهَةُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ وكراهية التَّنْقِيبِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَتَكَلُّفُ الْأَجْوِبَةِ لِمَنْ يَقْصِدُ بِذَلِكَ التَّمَرُّنَ عَلَى التَّفَقُّهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ النَّضْرُ هُوَ بن شُمَيْلٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ أَيْ بِإِسْنَادِهِ وَرِوَايَةُ النَّضْرِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَرِوَايَةُ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)
سَقَطَ بَابُ قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا النَّهْيِ مَنْ كَرِهَ السُّؤَالَ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَقَدْ أَسْنَدَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ كِتَابِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ حَتَّى تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسَاءَةُ فِي جَوَابِهِ وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ أَسَاءَ فِي قَوْلِهِ الْغَافِلِينَ عَلَى عَادَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ من أجل مسئلته وَهَذَا يبين المُرَاد من الْآيَة وَلَيْسَ مِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ بن الْعَرَبِيِّ فِي شَيْءٍ

[ قــ :4368 ... غــ :4621] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن أَي بن حَبِيبِ بْنِ عَلْيَاءَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الْجَارُودِيُّ نِسْبَةً إِلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى وَهُوَ ثِقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَآخَرُ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَأَبُوهُ مَاله فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا رَأَيْتُ عَنْهُ رَاوِيًا إِلَّا وَلَدَهُ وَحَدِيثُهُ هَذَا فِي الْمُتَابَعَاتِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَهُ فِي الِاعْتِصَامِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي كَلَامِ أَبِي عَلِيِّ الْغَسَّانِيِّ فِيمَا حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ مُنْذِرٍ هَذَا وَأَن مُحَمَّدًا الْمَذْكُور هُوَ بن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي عِنْدَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ وَأَظُنُّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَنْسُوبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ وَالْقَائِلُ ذَلِكَ الرَّاوِي عَنْهُ وَظَنُّوهُ شَيْخًا لِلْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ فِي الِاعْتِصَامِ أَخْبَرَنِي مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ .

     قَوْلُهُ  خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ فِي أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ يَظْهَرُ مِنْهَا سَبَبُ الْخُطْبَةِ وَلَفْظُهُ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قَالَ فَغَطَّى فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ قَالَ فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ من ذَلِك غطوا رؤوسهم .

     قَوْلُهُ  لَهُمْ حَنِينٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأَوَّلُ الصَّوْتُ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِالْبُكَاءِ مِنَ الصَّدْرِ وَالثَّانِي مِنَ الْأَنْفِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْحَنِينُ بُكَاءٌ دُونَ الِانْتِحَابِ وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْحَنِينَ وَالْخَنِينَ وَاحِدًا إِلَّا أَنَّ الْحَنِينَ مِنَ الصَّدْرِ أَي بِالْمُهْمَلَةِ والخنين من الْأنف بِالْمُعْجَمَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاض .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ فُلَانٌ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْعَسْكَرِيِّ نَزَلَتْ فِي قَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ خَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَكُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَتَقَدَّمَ فِيهِ أَيْضًا زِيَادَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَأَحَلْتُ بِشَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى بَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ هَكَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مَعَ أَنَّهُ أَشْبَعُ سِيَاقًا مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْمَوَاقِيتِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَوَقَعَ فِي الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ مُطَوَّلًا قَالَ فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَأَلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ ثَوْبَهُ بِرَأْسِهِ يَبْكِي الْحَدِيثَ وَفِيهِ قِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَقَوْلُ عُمَرَ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضْبَانَ مُحْمَارٌّ وَجْهُهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَيْنَ أَنَا قَالَ فِي النَّارِ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ حُذَافَةُ فَقَامَ عُمَرُ فَذَكَرَ كَلَامَهُ وَزَادَ فِيهِ وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا قَالَ فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَهَذَا شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِحَدِيثِ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حج الْبَيْت قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ لَا وَلَوْ.

.

قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تسألوا فَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ وَلَعَلَّ مُرَاجَعَتَهُمْ لَهُ فِي ذَلِكَ هِيَ سَبَبُ غَضَبِهِ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ حَدِيثِ عَلَيٍّ هَذَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَمِنْ آخر مُنْقَطع عَن بن عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ عَقِبَ هَذَا وَهُوَ أَصَحُّ إِسْنَادًا لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ سَبَبَ نُزُولِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَشْيَاءِ الْبَحِيرَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْحَامُ قَالَ فَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْآيَاتِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ نَحْوُ سُؤَالِ قُرَيْشٍ أَنْ يَجْعَلَ الصَّفَا لَهُمْ ذَهَبًا وَسُؤَالِ الْيَهُودِ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء وَنَحْو ذَلِك وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ نَزَلَتْ فِي الَّذِي سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الَّذِينَ سَأَلُوا عَنِ الْبَحِيرَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْ مِقْسَمٍ فِيمَا سَأَلَ الْأُمَمُ أَنْبِيَاءَهَا عَنِ الْآيَاتِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَه مُحْتَمل وَكَذَا مَا أخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ قَالَ نُهُوا أَنْ يَسْأَلُوا مِثْلَ مَا سَأَلَ النَّصَارَى مِنَ الْمَائِدَةِ فَأَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ وَقَدْ رَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِوُقُوعِ قِصَّةِ الْمَائِدَةِ فِي السُّورَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ نُزُولَهَا فِي قِصَّةِ مَنْ سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنِ الْحَجِّ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ إِغْفَالٌ مِنْهُ لِمَا فِي الصَّحِيح وَرجح بن الْمُنِيرِ نُزُولَهَا فِي النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ وَاسْتَنَدَ إِلَى كَثِيرٍ مِمَّا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ تَتَعَدَّدَ الْأَسْبَابُ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ وَفِي الْحَدِيثِ إِيثَارُ السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَرَاهَةُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ وكراهية التَّنْقِيبِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَتَكَلُّفُ الْأَجْوِبَةِ لِمَنْ يَقْصِدُ بِذَلِكَ التَّمَرُّنَ عَلَى التَّفَقُّهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ النَّضْرُ هُوَ بن شُمَيْلٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ أَيْ بِإِسْنَادِهِ وَرِوَايَةُ النَّضْرِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَرِوَايَةُ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِهِ: { لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]
( باب قوله) عز وجل ( { لا تسألوا} ) الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( { عن أشياء أن تبد لكم} ) أي تظهر
لكم ( { تسؤكم} ) [المائدة: 101] والجملة الشرطية وما عطف عليها وهو أن تسألوا عنها صفة لأشياء، ومعنى حين ينزل القرآن أي ما دام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحياة فإنه قد يؤمر بسبب سؤالكم بتكاليف تسوءكم وتتعرضون لشدائد العقاب بالتقصير في أدائها وسقط لفظ باب قوله لغير أبي ذر.


[ قــ :4368 ... غــ : 4621 ]
- حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: فُلاَنٌ.
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: { لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .
رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني ( منذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي) بالجيم العبدي البصري قال: ( حدّثنا أبي) الوليد قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن موسى بن أنس عن) أبيه ( أنس) هو ابن مالك ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خطب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطبة ما سمعت مثلها قط) وكان فيما رواه النضر بن شميل عن شعبة عند مسلم قد بلغه عن أصحابه شيء فخطب بسبب ذلك ( قال) :
( لو تعلمون) من عظمة الله وشدّة عقابه بأهل الجرائم وأهوال القيامة ( ما أعلم لضحكتم كثيرًا) ( قال) أنس ( فغطى أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجوههم لهم خنين) بالخاء المعجمة للكشميهني أي صوت مرتفع من الأنف بالبكاء مع غنة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: حنين بالحاء المهملة أي صوت مرتفع بالبكاء من الصدر وهو دون الانتحاب ( فقال رجل) هو عبد الله بن حذافة أو قيس بن حذافة أو خارجة بن حذافة وكان يطعن فيه ( من أبي؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبوك ( فلان) أي حذافة ( فنزلت هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الرقاق والاعتصام ومسلم في فضائل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والترمذي في التفسير والنسائي في الرقائق.

( رواه) أي حديث الباب ( النضر) بن شميل فيما وصله مسلم ( وروح بن عبادة) مما وصله البخاري في الاعتصام كلاهما ( عن شعبة) بن الحجاج بإسناده وعند ابن جرير عن قتادة عن أنس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سألوه حتى أحفوه بالمسألة فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلاّ بينته لكم فأشفق الصحابة أن يكون بين يدي أمر قد حضر قال: فجعلت لا ألتفت يمينًا وشمالًا إلاّ وجدت كلاًّ لافًّا رأسه في ثوبه يبكي فأنشأ رجل كان يلاحي فيدعى لغير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: "أبوك حذافة" ثم قام عمر فقال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا عائذًا بالله من شر الفتن الحديث.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِهِ: { لَا تَسْأَلُوا عَنْ أشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ} (الْمَائِدَة: 101)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره لفظ: بابُُ قَوْله: وَإِنَّمَا هُوَ (لَا تسألوا) إِلَى آخِره.
قَوْله: (لَا تسألوا) الْآيَة تَأْدِيب من الله تَعَالَى عباده الْمُؤمنِينَ، وَنهي لَهُم عَن أَن يسْأَلُوا عَن أَشْيَاء مِمَّا لَا فَائِدَة لَهُم فِي السُّؤَال والنقيب عَنْهَا لِأَنَّهَا إِن ظَهرت تِلْكَ الْأُمُور رُبمَا ساءتهم وشق عَلَيْهِم سماعهَا، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يبلغنِي أحد عَن أحد شَيْئا آني أحب أَن أخرج إِلَيْكُم وَأَنا سليم الصَّدْر) .



[ قــ :4368 ... غــ :4621 ]
- ح دَّثنا مُنْذِرُ بنُ الوَلِيدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ الجَارُودِيُّ حدَّثنا أبي حَدِيثا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بنِ أنَسٍ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطَّ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرا قَالَ فَغَطَى أصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أبَى قَالَ فُلانٌ فَنَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤَكُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُنْذِر، على وزن اسْم الْفَاعِل من الْإِنْذَار ابْن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حبيب ابْن علْبَاء بن حبيب بن الْجَارُود الْعَبْدي الْبَصْرِيّ الجارودي، نِسْبَة إِلَى جده الْأَعْلَى، وَهُوَ ثِقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي كفارت الْأَيْمَان، وَأَبوهُ مَاله ذكر إلاَّ فِي هَذَا الْموضع، ومُوسَى بن أنس هُوَ ابْن أنس بن مَالك يروي عَن أَبِيه هَذَا الحَدِيث.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق وَفِي الِاعْتِصَام عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم.
وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مُحَمَّد بن معمر وَغَيره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن معمر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرقَاق عَن مَحْمُود بن غيلَان مُخْتَصرا.

قَوْله: (لَهُم حنين) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، قَالَ النَّوَوِيّ: فِي مُعظم النّسخ، ولمعظم الروَاة يَعْنِي بِالْمُعْجَمَةِ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهُوَ الْمَشْهُور، وَهُوَ خُرُوج الصَّوْت من الْأنف بغنة وَفِي (التَّوْضِيح) وَعند العذري بحاء مُهْملَة، وَمِمَّنْ ذكرهَا القَاضِي وَصَاحب (التَّحْرِير) ، وَذكر الْقَزاز أَنه قد يكون الحنين والخنين وَاحِدًا إِلَّا أَن الَّذِي بِالْمُهْمَلَةِ من الصَّدْر وبالمعجمة من الْأنف،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده الحنين من بكاء النِّسَاء دون الانتحاب، وَقيل: هُوَ تردد الْبكاء حَتَّى يصير فِي الصَّوْت غنة، وَقيل: هُوَ رفع الصَّوْت بالبكاء، وَقيل: هُوَ صَوت يخرج من الْأنف حَتَّى يخن، والخنين أَيْضا الضحك إِذا أظهره الْإِنْسَان فَخرج خافيا..
     وَقَالَ  فِي الْحَاء الْمُهْملَة، الحنين الشَّديد من الْبكاء والطرب، وَقيل: هُوَ صَوت الطَّرب كَانَ ذَلِك عَن حزن أَو فَرح،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الحنين بكاء دون الانتحاب.
قلت: وَأَصله من حنين الْمَرْأَة وَهُوَ نزاعها إِلَى وَلَدهَا وَإِن لم يكن لَهَا صَوت عِنْد ذَلِك،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس، وَقد يكون حنينها صَوتهَا، وَيدل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي الحَدِيث من حنين الْجذع قَوْله: (فَقَالَ رجل: من أبي) قَالَ بَعضهم: تقدم فِي الْعلم أَنه عبد الله بن حذافة.
قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى لِأَن الَّذِي فِي الْعلم من رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس وَهَذَا من رِوَايَة شُعْبَة عَن مُوسَى بن أنس عَن أنس فَمن أَيْن التَّعْيِين؟ على أَن فِي رِوَايَة العسكري نزلت فِي قيس بن حذافة وَفِي رِوَايَة: خَارِجَة بن حذافة، وكل هَؤُلَاءِ صحابة.

رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ
أَي: روى هَذَا الحَدِيث النَّضر بن شُمَيْل، وروح بن عبَادَة عَن شُعْبَة بِإِسْنَادِهِ: أما رِوَايَة النَّضر فوصلها مُسلم، قَالَ: حَدثنَا مَحْمُود ابْن غيلَان وَمُحَمّد بن قدامَة السّلمِيّ وَيحيى بن مُحَمَّد اللؤْلُؤِي، وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة.
قَالَ مَحْمُود: حَدثنَا النَّضر بن شُمَيْل،.

     وَقَالَ  الْآخرَانِ أخبرنَا النَّضر أخبرنَا شُعْبَة حَدثنَا مُوسَى بن أنس عَن أنس بن مَالك.
قَالَ: بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أَصْحَابه شَيْء، فَخَطب فَقَالَ: عرضت عَليّ الْجنَّة وَالنَّار الحَدِيث، وَفِي آخِره.
فَنزلت هَذِه الْآيَة: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبدُ لكم تَسُؤْكُمْ} (الْمَائِدَة: 101) وَأما رِوَايَة روح بن عبَادَة فوصلها البُخَارِيّ فِي كتاب الِاعْتِصَام، وَرَوَاهَا مُسلم أَيْضا..
     وَقَالَ : حَدثنَا مُحَمَّد ابْن معمر بن ربعي الْقَيْسِي حَدثنَا روح بن عبَادَة حَدثنَا شُعْبَة.
قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، من أبي؟ قَالَ: أَبوك فلَان، فَنزلت: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة بِتَمَامِهَا.
<"