هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4413 حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ ، قَالَ : لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ ، فَقَالَ المُنَافِقُونَ : إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا ، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلَّا رِئَاءً ، فَنَزَلَتْ : { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ، وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ } الآيَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4413 حدثني بشر بن خالد أبو محمد ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن أبي مسعود ، قال : لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل ، فجاء أبو عقيل بنصف صاع ، وجاء إنسان بأكثر منه ، فقال المنافقون : إن الله لغني عن صدقة هذا ، وما فعل هذا الآخر إلا رئاء ، فنزلت : { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم } الآية
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات)
يَلْمِزُونَ يَعِيبُونَ سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ .

     قَوْلُهُ  جُهْدُهُمْ وَجَهْدُهُمْ طَاقَتُهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَالَّذِينَ لَا يَجدونَ الا جهدهمْ مَضْمُومٌ وَمَفْتُوحٌ سَوَاءٌ وَمَعْنَاهُ طَاقَتُهُمْ يُقَالُ جُهْدُ الْمُقِلِّ.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ الْجُهْدُ بِالضَّمِّ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمُ الْفَتْحُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ قِيلَ بِالْفَتْحِ الْمَشَقَّةُ وَبِالضَّمِّ الطَّاقَةُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ

[ قــ :4413 ... غــ :4668] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ وَأَبُو مَسْعُودٍ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْبَدْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ هُنَاكَ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نَتَحَامَلُ أَيْ يَحْمِلُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِالْأُجْرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن شُعْبَة بِلَفْظ تحامل أَيْ نُؤَاجِرُ أَنْفُسَنَا فِي الْحَمْلِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ضَبْطِهِ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمُحْكَمِ تَحَامَلَ فِي الْأَمْرِ أَيْ تَكَلَّفَهُ عَلَى مَشَقَّةٍ وَمِنْهُ تَحَامَلَ عَلَى فُلَانٍ أَيْ كَلَّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ اسْمُ أَبِي عَقِيلٍ هَذَا وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ حَبْحَابٌ بِمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ مِثْلُهَا ذكره عبد بن حميد والطبري وبن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ الْحَبْحَابُ أَبُو عَقِيلٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِتُّ أَجُرُّ الْجَرِيرَ عَلَى صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ فَأَمَّا صَاعٌ فَأَمْسَكْتُهُ لِأَهْلِي.
وَأَمَّا صَاعٌ فَهَا هُوَ ذَا فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ إِنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَغَنِيَّيْنِ عَنْ صَاعِ أَبِي عَقِيلٍ فَنَزَلَتْ وَهَذَا مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَارُودِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَسَارٍ عَن بن أَبِي عَقِيلٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا وَلَكِنْ لَمْ يُسَمُّوهُ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ بَعْضِ الْحُفَّاظِ مَضْبُوطًا بِجِيمَيْنِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وبن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَلَوِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ بِنْتِ عَدِيٍّ أَنَّ أُمَّهَا عُمَيْرَةَ بِنْتَ سَهْلِ بْنِ رَافِعٍ صَاحِبِ الصَّاعِ الَّذِي لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ خَرَجَ بِزَكَاتِهِ صَاعِ تَمْرٍ وَبِابْنَتِهِ عُمَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا لَهما بِالْبركَةِ وَكَذَا ذكر بن الْكَلْبِيِّ أَنَّ سَهْلَ بْنَ رَافِعٍ هُوَ صَاحِبُ الصَّاعِ الَّذِي لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ هُوَ رِفَاعَة بن سهل وَوَقع عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ رِفَاعَةُ بْنُ سَعْدٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَصْحِيفًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ أَبِي عقيل سهل وَلَقَبُهُ حَبْحَابٌ أَوْ هُمَا اثْنَانِ وَفِي الصَّحَابَةِ أَبُو عَقِيلِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيِّ بَدْرِيٌّ لَمْ يُسَمِّهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَلَا بن إِسْحَاقَ وَسَمَّاهُ الْوَاقِدِيُّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ وَاسْتُشْهِدَ بِالْيَمَامَةِ وَكَلَامُ الطَّبَرِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ صَاحِبُ الصَّاعِ عِنْدَهُ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقِيلَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمْحَانَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ قَالَ وَجَاءَ رَجُلٌ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ وَهُوَ صَاحِبُ الصَّاعِ الَّذِي لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ وَاسْمُ أَبِي خَيْثَمَةَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْثَمَةَ مِنْ بَنِي سَالِمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدُ مَنْ جَاءَ بِالصَّاعِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ فِيهَا أَنَّهُ جَاءَ بِصَاعٍ وَكَذَا وَقَعَ فِي الزَّكَاةِ فَجَاءَ رَجُلُ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ فَجَاءَ أَبُو عقيل بِنِصْفِ صَاعٍ وَجَزَمَ الْوَاقِدِيُّ بِأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ هُوَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَجْلَانِيُّ وَالَّذِي جَاءَ بِالصَّاعِ هُوَ عُلَيَّةُ بْنُ زَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ وَسُمِّيَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ هَذَا مِرَاءٌ وَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ وَأَوْرَدَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَبْتَلٍ وَهُوَ بِنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ ثُمَّ لَامٍ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ وَسَيَأْتِي أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ مَنْ جَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ وَجَاءَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقُوا فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْثًا قَالَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَلْفَيْنِ أُقْرِضُهُمَا رَبِّي وَأَلْفَيْنِ أُمْسِكُهُمَا لِعِيَالِي فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَفِيمَا أَمْسَكْتَ قَالَ وَبَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَصَابَ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ الْحَدِيثَ قَالَ الْبَزَّارُ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كَامِلٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَن أبي عوَانَة وَأخرجه بن أبي حَاتِم والطبري وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عَوَانَةَ مُرْسلا وَذكره بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِغَيْرِ إِسْنَادٍ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمِنْ طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَ وَحَثَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ يَعْنِي فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي ثَمَانِيَةُ آلَافٍ جِئْتُكُ بِنِصْفِهَا وَأَمْسَكْتُ نِصْفُهَا فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَفِيمَا أَعْطَيْتَ وَتَصَدَّقَ يَوْمَئِذٍ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ وَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ الْحَدِيثَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ بِمَعْنَاهُ وَعِنْدَ عَبْدِ بن حميد وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ إِنَّ لِي ثَمَانَمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ وَحَكَى عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ أَنَّهُ جَاءَ يَوْمئِذٍ بتسعمائة بَعِيرٍ وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فِي الْقَدرِ الَّذِي أَحْضَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَصَحُّ الطُّرُقِ فِيهِ ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم وَكَذَلِكَ أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَقَعَ فِي مَعَانِي الْفَرَّاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَ عُمَرُ بِصَدَقَةٍ وَعُثْمَانُ بِصَدَقَةٍ عَظِيمَةٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثُمَّ جَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ مَا أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ صَدَقَاتِهِمْ إِلَّا رِيَاءً.
وَأَمَّا أَبُو عَقِيلٍ فَإِنَّمَا جَاءَ بِصَاعِهِ لِيَذْكُرَ بِنَفْسِهِ فَنَزَلَتْ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِصَدَقَتِهِ وَجَاءَ الْمُطَّوِّعُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَتْ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ وَأَصْلُهُ الْمُتَطَوِّعِينَ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ وَهُمُ الَّذِينَ يَغْزُونَ بِغَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِرِزْقٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَيْ غَيْرِهِ وَقَوله وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُطَّوِّعِينَ وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَعْطُوف على الَّذين يَلْمِزُونَ لِاسْتِلْزَامِهِ فَسَادُ الْمَعْنَى وَكَذَا مَنْ قَالَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مُطَّوِّعُونَ مُؤْمِنُونَ وَالثَّانِي مُطَّوِّعُونَ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَالْحَقُّ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُطَّوِّعِينَ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ التَّنْوِيهُ بِالْخَاصِّ لِأَنَّ السُّخْرِيَةَ مِنَ الْمُقِلِّ أَشَدُّ مِنَ المكثر غَالِبا وَالله أعلم قَوْله فِي الحَدِيث الثَّانِي فيحتال أَحَدنَا حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ يَعْنِي فَيَتَصَدَّقَ بِهِ فِي رِوَايَة الزَّكَاة فَينْطَلق أَحَدنَا إلىالسوق فَيُحَامِلُ فَأَفَادَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيَحْتَالُ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّ لِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ فِي رِوَايَةِ الزَّكَاةِ وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ وَمِائَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا اسْمُ إِنَّ وَالْخَبَرُ لِأَحَدِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ وَالْيَوْمُ ظَرْفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مُمَيَّزُ الْمِائَةِ أَلْفٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الدَّرَاهِمَ أَوِ الدَّنَانِيرَ أَوِ الْأَمْدَادَ .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ هُوَ كَلَامُ شَقِيقِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ بَيَّنَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْحَاقَ فَقَالَ فِي آخِرِهِ وَإِنَّ لِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ قَالَ شَقِيقٌ كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ الْأَعْمَشُ وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ قَدْ كثر مَاله قَالَ بن بَطَّالٍ يُرِيدُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ الرَّسُولِ يَتَصَدَّقُونَ بِمَا يَجِدُونَ وَهَؤُلَاءِ مُكْثِرُونَ وَلَا يَتَصَدَّقُونَ كَذَا قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ مَعَ قِلَّةِ الشَّيْءِ وَيَتَكَلَّفُونَ ذَلِكَ ثُمَّ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَصَارُوا يَتَصَدَّقُونَ مِنْ يُسْرٍ وَمَعَ عَدَمِ خَشْيَةِ عُسْرٍ.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ الْحِرْصَ عَلَى الصَّدَقَةِ الْآنَ لِسُهُولَةِ مَأْخَذِهَا بِالتَّوَسُّعِ الَّذِي وُسِّعَ عَلَيْهِمْ أَوْلَى مِنَ الْحِرْصِ عَلَيْهَا مَعَ تَكَلُّفِهِمْ أَوْ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى ضِيقِ الْعَيْشِ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ مَا وَقَعَ مِنَ الْفُتُوحِ وَالْغَنَائِمِ فِي زَمَانِهِ وَإِلَى سَعَة عيشهم بعده لِكَثْرَة الْفتُوح والغنائم