4429 وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، وَابْنُ بِشْرٍ جَمِيعًا ، عَنْ هِشَامٍ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ : أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُهُ ، وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ ، فَأَعِي مَا يَقُولُ |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :4429 ... بـ :2333]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ بِشْرٍ جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُهُ وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ فَأَعِي مَا يَقُولُ
قَوْلُهُ : ( كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ : أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، وَهُوَ أَشَدُّ عَلَيَّ ، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُهُ ، وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ ، فَأَعِي مَا يَقُولُ ) أَمَّا ( الْأَحْيَانُ ) فَأَزْمَانٌ ، وَيَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ .
وَ ( مِثْلَ صَلْصَلَةِ ) هُوَ بِنَصْبِ ( مِثْلَ ) ، وَأَمَّا الصَّلْصَلَةُ فَبِفَتْحِ الصَّادَيْنِ ، وَهِيَ الصَّوْتُ الْمُتَدَارَكُ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ ، يَسْمَعُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَوْ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَرَّغَ سَمْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَبْقَى فِيهِ وَلَا فِي قَلْبِهِ مَكَانٌ لِغَيْرِ صَوْتِ الْمَلَكِ .
وَمَعْنَى ( وَعَيْتُ ) جَمَعْتُ وَفَهِمْتُ وَحَفِظْتُ .
وَأَمَّا ( يَفْصِمُ ) فَبِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُقْلِعُ ، وَيَنْجَلِي مَا يَتَغَشَّانِي مِنْهُ .
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْفَصْمُ هُوَ الْقَطْعُ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةٍ ، وَأَمَّا ( الْقَصْمُ ) بِالْقَافِ فَقَطْعٌ مَعَ الْإِبَانَةِ وَالِانْفِصَالِ .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَلَكَ يُفَارِقُ عَلَى أَنْ يَعُودَ ، وَلَا يُفَارِقُهُ مُفَارَقَةَ قَاطِعٍ لَا يَعُودُ .
وَرُوِيَ هَذَا الْحَرْفُ أَيْضًا ( يُفْصَمُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ .
وَرُوِيَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ عَلَى أَنَّهُ أَفْصَمَ يُفْصِمُ رُبَاعِيٌّ ، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ ، وَهِيَ مِنْ أَفْصَمَ الْمَطَرُ إِذَا أَقْلَعَ وَكَفَّ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَالَيْنِ مِنْ أَحْوَالِ الْوَحْيِ ، وَهُمَا مِثْلُ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، وَتَمَثُّلُ الْمَلَكِ رَجُلًا ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرُّؤْيَا فِي النَّوْمِ ، وَهِيَ مِنَ الْوَحْيِ ، لِأَنَّ مَقْصُودَ السَّائِلِ بَيَانُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَخْفَى فَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ .
وَأَمَّا الرُّؤْيَا فَمُشْتَرَكَةٌ مَعْرُوفَةٌ .