4432 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ : { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } قَالَ الرَّجُلُ : أَلِيَ هَذِهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي |
4432 حدثنا مسدد ، حدثنا يزيد هو ابن زريع ، حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود رضي الله عنه : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فأنزلت عليه : { وأقم الصلاة طرفي النهار ، وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ، ذلك ذكرى للذاكرين } قال الرجل : ألي هذه ؟ قال : لمن عمل بها من أمتي |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات الْآيَةَ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَأَكْمَلَ غَيْرُهُ الْآيَةَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِطَرَفَيِ النَّهَارِ فَقِيلَ الصُّبْحُ وَالْمغْرب وَقيل الصُّبْح وَالْعصر وَعَن مَالك وبن حَبِيبٍ الصُّبْحُ طَرَفٌ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ طَرَفٌ .
قَوْلُهُ وَزُلَفًا سَاعَاتٌ بَعْدَ سَاعَاتٍ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَةُ الزُّلَفُ مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ.
وَأَمَّا زُلْفَى فَمَصْدَرٌ مِنَ الْقُرْبَى ازْدَلَفُوا اجْتَمَعُوا أَزْلَفْنَا جَمَعْنَا انْتَهَى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله زلفا من اللَّيْل سَاعَاتٌ وَاحِدَتُهَا زُلْفَةٌ أَيْ سَاعَةٌ وَمَنْزِلَةٌ وَقُرْبَةٌ وَمِنْهَا سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَةُ قَالَ الْعَجَّاجُ نَاجٍ طَوَاهُ الْأَيْنُ مِمَّا وَجَفَا طَيُّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أَيْ قُرِّبَتْ وَأُدْنِيَتْ وَلَهُ عِنْدِي زُلْفَى أَيْ قربى وَفِي قَوْله وأزلفنا ثمَّ الآخرين أَيْ جَمَعْنَا وَمِنْهُ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالزُّلَفِ فَعَنْ مَالِكٍ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبَ الْوِتْرِ لِأَنَّ زُلَفًا جَمْعٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَيُضَافُ إِلَى الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْوِتْرُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهَا قَالَ قَتَادَةُ طَرَفَيِ النَّهَارِ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ
[ قــ :4432 ... غــ :4687] .
قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَكَانَ لِمُسَدَّدٍ فِيهِ شَيْخَانِ .
قَوْلُهُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ فِي رِوَايَةٍ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ .
قَوْلُهُ إِنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فِي رِوَايَةِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً أَوْ مَسًّا بِيَدٍ أَوْ شَيْئًا كَأَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ كَفَّارَةِ ذَلِكَ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سُلَيْمَانِ التَّيْمِيِّ بِإِسْنَادِهِ ضَرَبَ رَجُلٌ عَلَى كَفَلِ امْرَأَةٍ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة وَالْأسود عَن بن مَسْعُودٍ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً فِي بُسْتَانٍ فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَبَّلْتُهَا وَلَزِمْتُهَا فَافْعَلْ بِي مَا شِئْتُ الْحَدِيثَ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ جَاءَ فُلَانٌ بْنُ مُعْتَبٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله دخلت على امْرَأَة فَفعلت مِنْهَا مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ إِلَّا أَنِّي لم أجامعها الحَدِيث وَأخرجه بن أَبِي خَيْثَمَةَ لَكِنْ قَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ مُعْتَبٌ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ اسْمَهُ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ أَبُو الْيَسَرِ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ الْأَنْصَارِيُّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا قَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ فَقَالَتْ لَهُ بِعْنِي تَمْرًا بِدِرْهَمٍ قَالَ فَقُلْتُ لَهَا وَأَعْجَبَتْنِي إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبَ مِنْ هَذَا فَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ فَغَمَزَهَا وَقَبَّلَهَا ثُمَّ فَرَغَ فَخَرَجَ فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ تُبْ وَلَا تَعُدْ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَنَزَلَتْ وَفِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَجُلٍ يَبِيعُ التَّمْرَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ حَسْنَاءَ جَمِيلَةً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أَعْجَبَتْهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ وَلَا الْمَرْأَةَ وَلَا زَوْجَهَا وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ نَبْهَانُ التَّمَّارِ وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ غُزِّيَّةَ وَقِيلَ أَبُو عَمْرٍو زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ غُزِّيَّةَ وَقِيلَ عَامِرُ بْنُ قَيْسٍ وَقِيلَ عَبَّادُ.
قُلْتُ وَقِصَّةُ نَبْهَانُ التَّمَّارِ ذَكَرَهَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدِ الثَّقَفِيُّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ فِي تَفْسِيره عَن بن عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلٍ عَن الضَّحَّاك عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَبْهَانًا التَّمَّارَ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءَ جَمِيلَةً تَبْتَاعُ مِنْهُ تَمْرًا فَضَرَبَ عَلَى عَجِيزَتِهَا ثُمَّ نَدِمَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةَ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَذَهَبَ يَبْكِي وَيَصُومُ وَيَقُومُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذكرُوا الله الْآيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ.
وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ تَوْبَتِي قُبِلَتْ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ يُتَقَبَّلَ شُكْرِي فَنَزَلَتْ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ الْآيَةَ.
قُلْتُ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى وَاقِعَةٍ أُخْرَى لِمَا بَيْنَ السِّيَاقَيْنِ مِنَ الْمُغَايَرَةِ وَأما قصَّة بن غزيَّة فأخرجها بن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَمْرِو بْنِ غُزِّيَّةَ وَكَانَ يَبِيعُ التَّمْرَ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَبْتَاعُ تَمْرًا فَأَعْجَبَتْهُ الْحَدِيثَ وَالْكَلْبِيُّ ضَعِيفٌ فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ أَيْضًا علىالتعدد وَظَنَّ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ غُزِّيَّةَ اسْمُ أَبِي الْيَسَرِ فَجَزَمَ بِهِ فَوَهِمَ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَسَكَتَ عَنْهُ ثَلَاثًا فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَدَعَا الرَّجُلَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكِ أَلَسْتَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ قَالَ بَلَى قَالَ ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى ظَاهِرُ سِيَاقِهَا أَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ وَلَعَلَّ الرَّجُلَ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ خَطِيئَةٍ فِيهَا حَدٌّ فَأَطْلَقَ عَلَى مَا فَعَلَ حَدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا قِصَّةُ عَامِرِ بْنِ قَيْسٍ فَذَكَرَهَا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَأَمَّا قِصَّةُ عَبَّادِ فَحَكَاهَا الْقُرْطُبِيُّ وَلَمْ يَعْزُهَا وَعَبَّادُ اسْمُ جَدِّ أَبِي الْيَسَرِ فَلَعَلَّهُ نَسَبَ ثُمَّ سَقَطَ شَيْءٌ وَأَقْوَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ أَبُو الْيَسَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ أَتَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَيْضًا.
وَقَالَ فِيهَا فَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ ذَلِكَ قَالَ أَمُعْزِبَةٌ هِيَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أَنْزَلَ فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بِمَعْنَاهُ دُونَ قَوْلِهِ لَا أَدْرِي .
قَوْلُهُ قَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذِهِ أَيِ الْآيَةُ يَعْنِي خَاصَّةً بِي بِأَنَّ صَلَاتِي مُذْهِبَةٌ لِمَعْصِيَتِي وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ هُوَ السَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِيَ خَاصَّةٌ أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةٌ فَضَرَبَ عُمَرُ صَدْرَهُ.
وَقَالَ لَا وَلَا نِعْمَةُ عَيْنٍ بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ عُمَرُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ فَقَالَ إِنْسَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ خَاصَّةٌ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةٌ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ نَفْسِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى تَعَدُّدِ السَّائِلِينَ عَنْ ذَلِكَ وَقَولُهُ أَلِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ اسْتِفْهَامًا وَقَولُهُ هَذَا مُبْتَدَأٌ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ التَّخْصِيصُ .
قَوْلُهُ قَالَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ قَالَ لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الْحَسَنَاتِ يذْهبن السَّيِّئَات الْمُرْجِئَةُ وَقَالُوا إِنَّ الْحَسَنَاتَ تُكَفِّرُ كُلِّ سَيِّئَةٍ كَبِيرَةٍ كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةٍ وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إِنَّ الصَّلَاةَ إِلَى الصَّلَاةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فَقَالَ طَائِفَةٌ إِنِ اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ كَانَتِ الْحَسَنَاتُ كَفَّارَةً لِمَا عَدَا الْكَبَائِرِ مِنَ الذُّنُوبِ وَإِنْ لَمْ تُجْتَنَبُ الْكَبَائِرُ لَمْ تَحُطَّ الْحَسَنَاتُ شَيْئًا.
وَقَالَ آخَرُونَ إِنْ لَمْ تُجْتَنَبِ الْكَبَائِرُ لَمْ تَحُطَّ الْحَسَنَاتُ شَيْئًا مِنْهَا وَتَحُطُّ الصَّغَائِرُ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَسَنَاتَ تَكُونُ سَبَبًا فِي تَرْكِ السَّيِّئَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الصَّلَاةَ تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر لَا أَنَّهَا تُكَفِّرُ شَيْئًا حَقِيقَةً وَهَذَا قَوْلُ بعض الْمُعْتَزلَة.
وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ إِلَى أَنَّ الْحَسَنَاتَ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَرِدُ الْحَثُّ عَلَى التَّوْبَةِ فِي أَيِّ كَبِيرَةٍ فَلَوْ كَانَتِ الْحَسَنَاتُ تُكَفِّرُ جَمِيعَ السَّيِّئَاتِ لَمَا احْتَاجَ إِلَى التَّوْبَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوهمَا وعَلى سُقُوط التعزيز عَمَّنْ أَتَى شَيْئًا مِنْهَا وَجَاءَ تَائِبًا نَادِمًا واستنبط مِنْهُ بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وُجِدَ مَعَ امْرَأَة أَجْنَبِيَّة فِي ثوب وَاحِد