هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4452 حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَالكَهْفِ ، وَمَرْيَمَ : إِنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي ، { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَهُزُّونَ وَقَالَ غَيْرُهُ : نَغَضَتْ سِنُّكَ : أَيْ تَحَرَّكَتْ { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ } : أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ ، وَالقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ ، { وَقَضَى رَبُّكَ } : أَمَرَ رَبُّكَ ، وَمِنْهُ الحُكْمُ . { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ } ، وَمِنْهُ : الخَلْقُ . { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ } : خَلَقَهُنَّ ، { نَفِيرًا } : مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ ، { وَلِيُتَبِّرُوا } : يُدَمِّرُوا ، { مَا عَلَوْا } ، { حَصِيرًا } : مَحْبِسًا : مَحْصَرًا ، حَقَّ : وَجَبَ ، { مَيْسُورًا } : لَيِّنًا ، { خِطْئًا } : إِثْمًا ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ ، وَالخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثْمِ ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ تَخْرِقَ تَقْطَعَ ، { وَإِذْ هُمْ نَجْوَى } : مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا ، وَالمَعْنَى : يَتَنَاجَوْنَ ، { رُفَاتًا } : حُطَامًا ، { وَاسْتَفْزِزْ } : اسْتَخِفَّ ، { بِخَيْلِكَ } : الفُرْسَانِ ، وَالرَّجْلُ : وَالرِّجَالُ ، الرَّجَّالَةُ ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ ، { حَاصِبًا } : الرِّيحُ العَاصِفُ ، وَالحَاصِبُ أَيْضًا : مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ ، وَمِنْهُ : { حَصَبُ جَهَنَّمَ } : يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ ، وَهُوَ حَصَبُهَا ، وَيُقَالُ : حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ ، وَالحَصَبُ : مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصْبَاءِ وَالحِجَارَةِ ، { تَارَةً } : مَرَّةً ، وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ ، { لَأَحْتَنِكَنَّ } : لَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ ، يُقَالُ : احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ ، { طَائِرَهُ } : حَظَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُلُّ سُلْطَانٍ فِي القُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ ، { وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ } : لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4452 حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت عبد الرحمن بن يزيد ، قال : سمعت ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : في بني إسرائيل ، والكهف ، ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ، { فسينغضون إليك رءوسهم } قال ابن عباس : يهزون وقال غيره : نغضت سنك : أي تحركت { وقضينا إلى بني إسرائيل } : أخبرناهم أنهم سيفسدون ، والقضاء على وجوه ، { وقضى ربك } : أمر ربك ، ومنه الحكم . { إن ربك يقضي بينهم } ، ومنه : الخلق . { فقضاهن سبع سموات } : خلقهن ، { نفيرا } : من ينفر معه ، { وليتبروا } : يدمروا ، { ما علوا } ، { حصيرا } : محبسا : محصرا ، حق : وجب ، { ميسورا } : لينا ، { خطئا } : إثما ، وهو اسم من خطئت ، والخطأ مفتوح مصدره من الإثم ، خطئت بمعنى أخطأت تخرق تقطع ، { وإذ هم نجوى } : مصدر من ناجيت ، فوصفهم بها ، والمعنى : يتناجون ، { رفاتا } : حطاما ، { واستفزز } : استخف ، { بخيلك } : الفرسان ، والرجل : والرجال ، الرجالة ، واحدها راجل ، مثل صاحب وصحب ، وتاجر وتجر ، { حاصبا } : الريح العاصف ، والحاصب أيضا : ما ترمي به الريح ، ومنه : { حصب جهنم } : يرمى به في جهنم ، وهو حصبها ، ويقال : حصب في الأرض ذهب ، والحصب : مشتق من الحصباء والحجارة ، { تارة } : مرة ، وجماعته تيرة وتارات ، { لأحتنكن } : لأستأصلنهم ، يقال : احتنك فلان ما عند فلان من علم استقصاه ، { طائره } : حظه قال ابن عباس : كل سلطان في القرآن فهو حجة ، { ولي من الذل } : لم يحالف أحدا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4708] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ بن مَسْعُودٍ قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ عَتِيقٍ وَهُوَ الْقَدِيمُ أَوْ هُوَ كُلُّ مَا بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْجَوْدَةِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ جَمَاعَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبِالْأُوَلِ جَزَمَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ وَقَولُهُ الْأَوَّلُ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَقَولُهُ هُنَّ مِنْ تِلَادِي بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ مِمَّا حُفِظَ قَدِيمًا وَالتِّلَادُ قَدِيمُ الْملك وَهُوَ بِخِلَاف الطارف وَمُرَاد بن مَسْعُودٍ أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّلِ مَا تُعُلِّمَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنَ الْقَصَصِ وَأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قَوْله فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم قَالَ بن عَبَّاسٍ يَهُزُّونَ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس وَمن طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاس قَالَ يحركونها استهزاء وَمن طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنَّكَ أَيْ تَحَرَّكَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْك رؤوسهم أَيْ يُحَرِّكُونَهَا اسْتِهْزَاءً يُقَالُ نَغَضَتْ سِنُّهُ أَيْ تحركت وَارْتَفَعت من أَصْلهَا.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَة المُرَاد أَنهم يحركون رؤوسهم اسْتِبْعَادًا وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْب فِي قَوْله فسينغضون قَالَ يحركون( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أرذل الْعُمر) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الدُّعَاءِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الدَّعَوَاتِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (.

     قَوْلُهُ  سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
ثَبَتَتِ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ

[ قــ :4452 ... غــ :4708] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ بن مَسْعُودٍ قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ عَتِيقٍ وَهُوَ الْقَدِيمُ أَوْ هُوَ كُلُّ مَا بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْجَوْدَةِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ جَمَاعَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبِالْأُوَلِ جَزَمَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ وَقَولُهُ الْأَوَّلُ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَقَولُهُ هُنَّ مِنْ تِلَادِي بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ مِمَّا حُفِظَ قَدِيمًا وَالتِّلَادُ قَدِيمُ الْملك وَهُوَ بِخِلَاف الطارف وَمُرَاد بن مَسْعُودٍ أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّلِ مَا تُعُلِّمَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنَ الْقَصَصِ وَأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قَوْله فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم قَالَ بن عَبَّاسٍ يَهُزُّونَ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس وَمن طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاس قَالَ يحركونها استهزاء وَمن طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنَّكَ أَيْ تَحَرَّكَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْك رؤوسهم أَيْ يُحَرِّكُونَهَا اسْتِهْزَاءً يُقَالُ نَغَضَتْ سِنُّهُ أَيْ تحركت وَارْتَفَعت من أَصْلهَا.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَة المُرَاد أَنهم يحركون رؤوسهم اسْتِبْعَادًا وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْب فِي قَوْله فسينغضون قَالَ يحركون (

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب

[ قــ :4452 ... غــ : 4708 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ، وَمَرْيَمَ إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَهُزُّونَ..
     وَقَالَ  غَيْرُهُ نَغَضَتْ سِنُّكَ: أَيْ تَحَرَّكَتْ.
[الحديث 4708 - أطرافه في: 4739، 4994] .

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه ( قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد) النخعي الكوفي ( قال: سمعت ابن مسعود) عبد الله ( -رضي الله عنه- قال) : سورة ( بني إسرائيل و) سورة ( الكهف و) سورة ( مريم) وزاد في سورة الأنبياء وفضائل القرآن وطه والأنبياء ( إنهن من العتاق الأول) بكسر العين المهملة وتخفيف الفوقية جمع عتيق والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقًا، والأول بضم الهمزة وفتح الواو المخففة والأولية باعتبار حفظها أو باعتبار نزولها لأنها مكيات ومراده تفضيل هذه السور لما يتضمن مفتتح كل منها بأمر غريب وقع في العالم خارق للعادة وهو الإسراء وقصة أصحاب الكهف وقصة مريم قاله الكرماني ( وهن من تلادي) بكسر الفوقية وتخفيف اللام وبعد الألف دال مهملة فتحتية مما حفظته قديمًا ضد الطارف ومراده أنهن من أول ما تعلم من القرآن وأن لهن فضلًا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم كما مرّ، وفي حديث عائشة عند الإمام أحمد كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر.

( { فسينغضون إليك رؤوسهم} ) [الإسراء: 51] .
( قال ابن عباس) : فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه معناه ( يهزون) رؤوسهم ومن طريق العوفي عنه يحركونها استهزاء، ولغير أبي ذر قال ابن عباس فسينغضون يهزون.

( وقال غيره) : أي غير ابن عباس ( نغضت سنك) بفتح الغين المعجمة ولأبي ذر: نغضت بكسرها ( أي تحركت) قاله أبو عبيدة وزاد وارتفعت من أصلها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4452 ... غــ :4708 ]
- حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ قَالَ سَمِعْتُ عبْدَ الرَّحْمانِ بنَ يزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي بَني إسْرَائِيلَ والكَهْفِ ومَرْيَمَ إنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأوَّلِ وهُنَّ مِنْ تِلاَدِي.

(أَي هَذَا بابُُ وَلَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بابُُ.
وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن آدم، وَأخرجه فِي التَّفْسِير أَيْضا عَن بنْدَار عَن غنْدر.

قَوْله: (من الْعتاق) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: جمع عتق، وَالْعرب تجْعَل كل شَيْء بلغ الْغَايَة فِي الْجَوْدَة عتيقاً، يُرِيد تَفْضِيل هَذِه السُّورَة لما يتَضَمَّن مفتتح كل مِنْهَا بِأَمْر غَرِيب وَقع فِي الْعَالم خارقاً للْعَادَة، وَهُوَ الْإِسْرَاء وقصة أَصْحَاب الْكَهْف وقصة مَرْيَم وَنَحْوهَا.
قَوْله: الأول: بِضَم الْهمزَة وَفتح الْوَاو المخففة، والأولية إِمَّا بِاعْتِبَار حفظهَا أَو بِاعْتِبَار نُزُولهَا لِأَنَّهَا مَكِّيَّة.
قَوْله: (من تلادي) بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَخْفِيف اللَّام، وَهُوَ مَا كَانَ قَدِيما، يُقَال: مَاله طارف وَلَا تالد، أَي: لَا حَدِيث وَلَا قديم، وَأَرَادَ بقوله: (من تلادي) أَي: من محفوظاتي الْقَدِيمَة.

قَالَ ابْنُ عَبّاس فَسَيُنْغِضُونَ يَهُزُّونَ:.

     وَقَالَ  غيْرُهُ تَغَضَتْ سِنُّكَ أيْ تَحَرَّكَتْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { قل الَّذِي فطركم أول مرّة فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم} (الْإِسْرَاء: 15)
الْآيَة، قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله: (فسينغضون) أَي: (يهزون) ، أَي: يحركون، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، وروى من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنهُ قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء، قَوْله: (وَقَالَ غَيره) أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس مِنْهُم أَبُو عُبَيْدَة فَإِنَّهُ قَالَ: يُقَال: قد نغضت سنة، أَي: تحركت وَارْتَفَعت من أَصْلهَا، وَمعنى الْآيَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن يَقُول للْمُشْرِكين الَّذين يَقُولُونَ: من بعيدنا؟ { قل الَّذِي فطركم} أَي: خَلقكُم { أول مرّة} قَادر على أَن يعيدكم، فَإِذا سمعُوا ينغضون إِلَيْهِ رؤوسهم متعجبين مستهزئين.

{ وقَضَيْنا إِلَى بَني إسْرَائِيل} (الْإِسْرَاء: 4) أخبرنَاهُمْ أنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ والقَضاءُ عَلَى وُجُوهٍ { وقَضَى رَبُّكَ} أمَرَ رَبُّكَ ومِنْهُ الحُكْمُ { إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} ومِنْهُ الخَلْقُ { فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماوَاتٍ}

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض} الْآيَة، وَفسّر قَوْله: (وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل) بقوله: (أخبرناهم) ، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أعلمناهم إعلاماً قَاطعا.
قَوْله: (وَالْقَضَاء على وُجُوه) ، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لفظ الْقَضَاء يَأْتِي لمعان كَثِيرَة، وَذكر مِنْهَا ثَلَاثَة: الأول: أَن الْقَضَاء بِمَعْنى الْأَمر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَقضى رَبك} (الْإِسْرَاء: 32) أَي أَمر.
الثَّانِي: أَنه بِمَعْنى الحكم فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن رَبك يقْضِي بَينهم} (النَّمْل: 97، يُونُس: 39) أَي يحكم.
الثَّالِث: أَنه بِمَعْنى الْخلق، كَمَا فِي قَوْله: { فقضاهن سبع سموات} (فصلت: 21) أَي: خَلقهنَّ، وَفِي بعض النّسخ بعد سبع سموات خَلقهنَّ.

وَذكر بَعضهم فِيهِ مَعَاني جُمْلَتهَا ثَمَانِيَة عشر وَجها، مِنْهَا الثَّلَاثَة الَّتِي ذكرت، وَالرَّابِع: الْفَرَاغ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} (الْبَقَرَة: 002) أَي: إِذا فَرَغْتُمْ مِنْهَا.
وَالْخَامِس: الْكِتَابَة كَمَا فِي قَوْله: { فَإِذا قضى أمرا} (غَافِر: 86) أَي: كتب.
وَالسَّادِس: الْأَجَل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَمنهمْ من قضى نحبه} (الْأَحْزَاب: 32) ، وَالسَّابِع: الْفَصْل، كَمَا فِي قَوْله: { لقضي الْأَمر بيني وَبَيْنكُم} (الْأَنْعَام: 85) .
وَالثَّامِن: الْمُضِيّ، كَمَا فِي قَوْله: { ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا} (الْأَنْفَال: 24 و 44) .
وَالتَّاسِع: الْهَلَاك، كَمَا فِي قَوْله: { لقضي إِلَيْهِم أَجلهم} (يُونُس: 11) .
والعاشر: الْوُجُوب، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { لما قضي الْأَمر} (إِبْرَاهِيم: 22) .
وَالْحَادِي عشر: الإبرام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إلاَّ حَاجَة فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا} (يُوسُف: 86) .
وَالثَّانِي عشر: الْوَصِيَّة كَمَا فِي قَوْله: { وَقضى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} (الْإِسْرَاء: 32) .
وَالثَّالِث عشر: الْمَوْت كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ} (الْقَصَص: 51) .
وَالرَّابِع عشر: النُّزُول، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَلَمَّا قضينا عَلَيْهِ الْمَوْت} (سبإ: 41) .
وَالْخَامِس عشر: الْفِعْل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { كلا لما يقْض مَا أمره} (عبس: 32) يَعْنِي: حَقًا لم يفعل مَا أمره.
وَالسَّادِس عشر: الْعَهْد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر} (الْقَصَص: 44) .
وَالسَّابِع عشر: الدّفع كَمَا فِي قَوْلهم.
قضى دينه، أَي: دفع مَا لغريمه عَلَيْهِ بِالْأَدَاءِ.
وَالثَّامِن عشر: الْخَتْم والإتمام، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ثمَّ قضى أَََجَلًا} (الْأَنْعَام: 2) ..
     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: قضى فِي اللُّغَة على وُجُوه مرجعها إِلَى انْقِطَاع الشَّيْء وَتَمَامه.

نَفِيراً مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وجعلناكم أَكثر نفيراً}
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وجعلناكم أَكثر نفيراً} (الْإِسْرَاء: 6) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ الَّذين ينفرون مَعَه، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: { وجعلناكم أَكثر نفيراً} أَي: عددا،.

     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: أَصله من ينفر مَعَ الرجل من عشيرته وَأهل بَيته، وَدَلِيله قَول مُجَاهِد: أَكثر رجلا، والنفير والنافر وَاحِد، كالقدير والقادر.

مَيْسُوراً لَيِّناً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَقل لَهُم قولا ميسوراً} (الْإِسْرَاء: 82) وَفَسرهُ بقوله: لينًا، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أَي لينًا تعدهم وَمن طَرِيق عِكْرِمَة.
عدهم عدَّة حَسَنَة، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ قَالَ: يَقُول: نعم وكرامة وَلَيْسَ عندنَا الْيَوْم، وَمن طَرِيق الْحسن، يَقُول: سَيكون إِن شَاءَ الله.

ولِيُتَبِّرُوا يُدَمِّرُوا مَا عَلَوْا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وليتبروا مَا علوا تتبيراً} (الْإِسْرَاء: 7) وَفسّر قَوْله: (وليتبروا) بقوله: (يدمروا) من التدمير، وَهُوَ الإهلاك من الدمار وَهُوَ الْهَلَاك.
قَوْله: (مَا علوا) أَي: مَا غلبوا عَلَيْهِ من بِلَادكُمْ، وَالْجُمْلَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا مفعول: ليتبروا،.

     وَقَالَ  الزّجاج: كل شَيْء كَسرته وفتنته فقد دمرته، وَالْمعْنَى: وليخربوا مَا غلبوا عَلَيْهِ.

حَصِيراً مَحْبِساً مَحْصَراً

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَجَعَلنَا جَهَنَّم للْكَافِرِينَ حَصِيرا} (الْإِسْرَاء: 8) وَفسّر حَصِيرا بقوله: (محبساً) ، وَكَذَا روى ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله: (محصراً) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْحَاء وَكسر الصَّاد، وَهُوَ إسم مَوضِع الْحصْر، وَكَذَا فسر أَبُو عُبَيْدَة قَوْله: (حَصِيرا) ،.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) : محصراً بِفَتْح الصَّاد لِأَنَّهُ من حصر يحصر.
قلت: هَذَا إِذا كَانَ مَفْتُوح الْمِيم لِأَنَّهُ يكون إسم مَوضِع من حصر يحصر من بابُُ نصر ينصر، وَأما مضموم الْمِيم ومفتوح الصَّاد فَهُوَ من: أحْصر، بِالْألف فِي أَوله.

حَقَّ وَجَبَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { فَحق عَلَيْهَا القَوْل فدمرناها تدميراً} (الْإِسْرَاء: 61) وَفسّر قَوْله: فَحق، بقوله: (وَجب) ، وَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس، وَفِي التَّفْسِير: أَي وَجب عَلَيْهَا الْعَذَاب، وَالضَّمِير يرجع إِلَى الْقرْيَة الْمَذْكُورَة قبله.

خِطْئاً إثْماً وهْوَ إسْمٌ مِنْ خَطِئْتُ والخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإثمِ خَطِئْتُ بِمَعْنَى أخْطأتُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِن قَتلهمْ كَانَ خطأ كَبِيرا} (الْإِسْرَاء: 13) وَفسّر (خطأ) بقوله: (إِثْمًا) وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.
قَوْله: (وَهُوَ) أَي: الْخَطَأ (إسم من خطيت) وَالَّذِي قَالَه أهل اللُّغَة أَن (خطأ) بِالْكَسْرِ مصدر، فَقَالَ الْجَوْهَرِي: نقُول من خطأ يخطأ خطأ وخطأة على فعلة.
قَوْله: (وَالْخَطَأ مَفْتُوح) مصدر هَذَا أَيْضا عكس مَا قَالَه أهل اللُّغَة، فَإِن الْخَطَأ بِالْفَتْح إسم هُوَ نقيض الصَّوَاب،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: قرىء خطىء خطأ كمأثم إِثْمًا وَخطأ وَهُوَ ضد الصَّوَاب إسم من أخطاء وخطاء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ وخطاء بِالْمدِّ وَالْفَتْح وَخطأ بِالْفَتْح والسكون، وَعَن الْحسن بِالْفَتْح وَحذف الْهمزَة، وروى عَن أبي رَجَاء بِكَسْر الْخَاء غير مَهْمُوز.
انْتهى.
وَهَذَا أَيْضا يُنَادي بِأَن الْخَطَأ بِالْكَسْرِ والسكون مصدر، وَالْخَطَأ بِفتْحَتَيْنِ إسم.
قَوْله: (من الْإِثْم حطئت) فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير أَي: خطئت الَّذِي أَخذ مَعْنَاهُ من الْإِثْم بِمَعْنى أَخْطَأت، وَهَذَا أَيْضا خلاف مَا قَالَه أهل اللُّغَة، لِأَن معنى: خطىء: أَثم وتعمد الذَّنب، وَأَخْطَأ إِذا لم يتعمده، وَلَكِن قَالَ الْجَوْهَرِي: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: خطىء وَأَخْطَأ لُغَتَانِ بِمَعْنى وَاحِد، وَأنْشد لامرىء الْقَيْس.

(يَا لهف هِنْد إِذْ خطئن كاهلاً)

أَي: أخطأن، وَالَّذِي قَالَه يساعد البُخَارِيّ فِيمَا قَالَه.

تَخْرِقَ تَقْطَعَ وَفِي بعض النّسخ: لن تخرق، لن تقطع، وَهُوَ الصَّوَاب أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تمش فِي الأَرْض مرحاً إِنَّك لن تخرق الأَرْض وَلنْ تبلغ الْجبَال طولا} (الْإِسْرَاء: 73) وَفسّر قَوْله: لن تخرق، بقوله: لن تقطع.
قَوْله: (مرحاً) أَي: بطراً وكبراً وفخراً وخيلاء.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ: هُوَ تَفْسِير الْمَشْي لَا نَعته فَلذَلِك أخرجه عَن الْمصدر،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: مرحاً حَال أَي: ذَا مرح، وقرىء: مرحاً، بِكَسْر الرَّاء، وَفضل الْأَخْفَش الْمصدر على إسم الْفَاعِل لما فِيهِ من التَّأْكِيد.
قَوْله: (إِنَّك لن تخرق الأَرْض) ، قَالَ الثَّعْلَبِيّ: أَي: تقطعها بكبرك حَتَّى تبلغ آخرهَا، يُقَال: فلَان أخرق للْأَرْض من فلَان إِذا كَانَ أَكثر أسفاراً.
قَوْله: (وَلنْ تبلغ الْجبَال طولا) .
أَي: لن تساويها وتحاذيها بكبرك.

وإذْ هُمْ نَجْوَى مَصْدَرٌ مِنْ ناجَيْتُ فَوَصَفَهُمْ بِها والمَعنْى يَتَناجَوْنَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك وَإِذ هم نجوى} (الْإِسْرَاء: 74)
الْآيَة.
قَوْله: (إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك) ، نصب بقوله: أعلم، أَي: إعلم وَقت استماعهم بِمَا بِهِ يَسْتَمِعُون.
قَوْله: (وَإِذ هم نجوى) ، أَي: وَبِمَا يتناجون بِهِ إِذْ هم ذُو نجوى، يَعْنِي: يتناجون فِي أَمرك، بَعضهم يَقُول: هُوَ مَجْنُون، وَبَعْضهمْ يَقُول: كَاهِن، وَبَعْضهمْ يَقُول: سَاحر، وَبَعْضهمْ يَقُول: شَاعِر.
قَوْله: (مصدر من نَاجَيْت) الْأَظْهر أَنه إسم غير مصدر،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ هم نجوى} فجعلهم هم النَّجْوَى، وَإِنَّمَا النَّجْوَى فعلهم، كَمَا تَقول: قوم رضَا، وَإِنَّمَا الرِّضَا فعلهم.
انْتهى.
وَقيل: يجوز أَن يكون نجوى جمع نجي: كقتلى جمع قَتِيل.

رُفاتاً حُطاماً

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَقَالُوا أئِذا كُنَّا عظاماً ورفاتاً} (الْإِسْرَاء: 94) بقوله: (حطاماً) وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، هَكَذَا قَوْله: (حطاماً) أَي: عظاماً محطمة.

{ واسْتَفْزِزْ اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الفُرْسانِ والرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ واحِدُها رَاجِلٌ مِثْلُ صاحِبٍ وصَحْب وتاجِرٍ وتَجْرٍ} .

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك واجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك} الْآيَة، وتفسيرها هَذَا بِعَين تَفْسِير أبي عُبَيْدَة هُنَا، وَفِي التَّفْسِير: هَذَا أَمر تهديد.
قَوْله: (مِنْهُم) ، أَي: من ذُرِّيَّة آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (بصوتك) ، أَي: بدعائك إِلَى مَعْصِيّة الله تَعَالَى، قَالَه ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة، وكل داعٍ إِلَى مَعْصِيّة الله تَعَالَى فَهُوَ من جند إِبْلِيس، وَعَن مُجَاهِد: بصوتك، بِالْغنَاءِ والمزامير، قَوْله: (واجلب) ، أَي: إجمع وصحِّ،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: إستعن عَلَيْهِم بخيلك أَي: ركبان جندك.
قَوْله: (ورجلك) أَي: مشاتهم، وَعَن جمَاعَة من الْمُفَسّرين: كل رَاكب وماشٍ فِي معاصي الله تَعَالَى.

{ حاصِباً الرِّيحُ العاصِفُ والحاصِبُ أيْضاً مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ ومِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ وهْوَ حَصَبُهَا ويُقال حَصَبَ فِي الأرْضِ ذِهَبَ والحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِن الحصْباءِ والحجارَةِ} .

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أويرسل عَلَيْكُم حاصباً ثمَّ لَا تَجدوا لكم وَكيلا} (الْإِسْرَاء: 86) وَفسّر الحاصب بِالرِّيحِ العاصف، وَفِي التَّفْسِير: حاصباً حِجَارَة تمطر من السَّمَاء عَلَيْكُم كَمَا أمطر على قوم لوط،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة والقتبي: الحاصبا الرّيح الَّتِي ترمي بالحصباء، وَهِي الْحَصَى الصغار، وَهُوَ معنى قَوْله: (والحاصب أَيْضا مَا ترمي بِهِ الرّيح) ..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الحاصب الرّيح الشَّدِيدَة الَّتِي تثير الْحَصْبَاء.
قَوْله: (وَمِنْه) ، أَي: وَمن معنى لفظ الحاصب: حصب جَهَنَّم، وكل شَيْء أَلقيته فِي النَّار فقد حصبتها بِهِ.
قَوْله: (وَهُوَ حصبها) أَي: الشَّيْء الَّذِي يَرْمِي فِيهَا هُوَ حصبها، ويروى: وهم حصبها أَي الْقَوْم الَّذين يرْمونَ فِيهَا حصبها.
قَوْله: (وَيُقَال: حصب فِي الأَرْض ذهب) ، كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي أَيْضا.
قَوْله: (والحصب مُشْتَقّ من الْحَصْبَاء) لم يرد بالاشتقاق الِاشْتِقَاق المصطلح بِهِ، أَعنِي: الِاشْتِقَاق الصَّغِير لعدم صدقه عَلَيْهِ على مَا لَا يخفى، وَفسّر الْحَصْبَاء بِالْحِجَارَةِ، وَهُوَ من تَفْسِير الْخَاص بِالْعَام،.

     وَقَالَ  أهل اللُّغَة: الْحَصْبَاء الْحَصَى.

تارَةً مَرَّةً وجَماعَتُهُ تِيَرَةٌ وتارَاتٌ أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { أم أمنتم أَن يعيدكم فِيهِ تَارَة أُخْرَى} (الْإِسْرَاء: 96) وَفسّر: تَارَة، بقوله: مرّة، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَيجمع على تيرة بِكَسْر التَّاء وَفتح اليا آخر الْحُرُوف وعَلى تارات،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: الْأَحْسَن سُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الرَّاء كَمَا يُقَال فِي جمع قاعة: قيعة.

{ لأحْتَنِكَنَّ لأسْتَأصِلَنَّهُمْ يُقالُ احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقصاهُ} (الْإِسْرَاء: 26)
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { لَئِن أخرتني إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لأحتنكن ذُريَّته إلاَّ قَلِيلا} وَفسّر الاحتناك بالاستئصال، وَقيل: مَعْنَاهُ لأستولين عَلَيْهِم بالإغواء والإضلال، وَأَصله من احتنك الْجَرَاد الزَّرْع وَهُوَ أَن تَأْكُله وتستأصله باحتناكها وتفسده، هَذَا هُوَ الأَصْل، ثمَّ يُسمى الِاسْتِيلَاء على الشَّيْء وَأخذ كُله احتناكاً، وَعَن مُجَاهِد: معنى لأحتنكن لأحتوين.

طائِرَهُ حَظَّهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} (الْإِسْرَاء: 31) الْآيَة وَفسّر (طَائِره) بقوله: (حَظه) ، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة والقتبي، وَقَالا: أَرَادَ بالطائر حَظه من الْخَيْر وَالشَّر، من قَوْلهم: طَار بهم فلَان بِكَذَا، وَإِنَّمَا خص عُنُقه دون سَائِر أَعْضَائِهِ لِأَن الْعُنُق مَوضِع السمات وَمَوْضِع القلادة وَغير ذَلِك مِمَّا يزين أَو يشين، فَجرى كَلَام الْعَرَب بِنِسْبَة الْأَشْيَاء الْأَشْيَاء اللَّازِمَة إِلَى الْأَعْنَاق، فَيَقُولُونَ: هَذَا الشَّيْء لَك فِي عنقِي حَتَّى أخرج مِنْهُ، وَعَن ابْن عَبَّاس: طَائِره عمله، وَعَن الْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل: خَيره وشره مَعَه لَا يُفَارِقهُ حَتَّى يُحَاسب عَلَيْهِ، وَعَن الْحسن: يمنه وشومه، وَعَن مُجَاهِد: رزقه.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ كُلُّ سُلْطانٍ فِي القُرْآنِ فَهْوَ حُجةٌ

هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم البستي عَن ابْن أبي عمر: حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَأما لفظ السُّلْطَان فِي هَذِه السُّورَة فِي موضِعين: أَحدهمَا قَوْله: { فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} (الْإِسْرَاء: 33) وَالْآخر قَوْله: { وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} (الْإِسْرَاء: 08) .

ولِيٌّ مِنَ الذَّلِّ لَمْ يُحالِفْ أحدا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا} .
قَوْله: (لم يحالف) بِالْحَاء الْمُهْملَة، أَي: لم يوال أحدا لأجل مذلة بِهِ ليدفعها بموالاته، وَعَن مُجَاهِد: لم يحْتَج فِي الِانْتِصَار إِلَى أحد، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِهِ: { سُبْحانَ الَّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ} (الْإِسْرَاء: 1)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} الْآيَة، وَسُبْحَان علم للتسبيح، وَالْمعْنَى: سبح الله تَعَالَى وَأسرى وسرى لُغَتَانِ، وليلاً، نصب على الظّرْف وَإِنَّمَا ذكر: لَيْلًا، بالتنكير وَإِن كَانَ الْإِسْرَاء لَا يكون إلاَّ بِاللَّيْلِ إِشَارَة إِلَى تقليل مُدَّة الْإِسْرَاء.



[ قــ :4452 ... غــ :9074 ]
- (حَدثنَا عَبْدَانِ حَدثنَا عبد الله أخبرنَا يُونُس ح وَحدثنَا أَحْمد بن صَالح حَدثنَا عَنْبَسَة حَدثنَا يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ ابْن الْمسيب قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أسرِي بِهِ بإيلياء بقدحين من خمر وَلبن فَنظر إِلَيْهِمَا فَأخذ اللَّبن قَالَ جِبْرِيل الْحَمد لله الَّذِي هداك للفطرة لَو أخذت الْخمر غوت أمتك) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأخرجه من طَرِيقين أَحدهمَا عَن عَبْدَانِ هُوَ عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَالْآخر عَن أَحْمد بن صَالح أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ عَن عَنْبَسَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالسين الْمُهْملَة ابْن خَالِد عَن يُونُس إِلَى آخِره والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن عَبْدَانِ وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن زُهَيْر بن حَرْب وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر قَوْله " بإيلياء " بِكَسْر الْهمزَة وَاللَّام وَإِسْكَان التَّحْتَانِيَّة الأولى ممدودا هُوَ بَيت الْمُقَدّس على الْأَشْهر قَوْله " للفطرة " أَي لِلْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضى الطبيعة السليمة الَّتِي فطر الله النَّاس عَلَيْهَا فَإِن قلت قد مر فِي حَدِيث الْمِعْرَاج أَنه ثَلَاثَة أقداح وَالثَّالِث فِيهِ عسل قلت لَا مُنَافَاة بَينهمَا -