هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4470 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ ، إِذْ قَالَ : سَلُونِي ، قُلْتُ : أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ ، بِالكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ : نَوْفٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ لِي : قَالَ : قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، وَأَمَّا يَعْلَى فَقَالَ لِي : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، قَالَ : ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ العُيُونُ ، وَرَقَّتِ القُلُوبُ ، وَلَّى فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ ؟ قَالَ : لاَ ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ ، قِيلَ : بَلَى ، قَالَ : أَيْ رَبِّ ، فَأَيْنَ ؟ قَالَ : بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ ، قَالَ : أَيْ رَبِّ ، اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ - فَقَالَ لِي عَمْرٌو - قَالَ : حَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ - وَقَالَ لِي يَعْلَى - قَالَ : خُذْ نُونًا مَيِّتًا ، حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ، فَقَالَ لِفَتَاهُ : لاَ أُكَلِّفُكَ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ ، قَالَ : مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ } يُوشَعَ بْنِ نُونٍ - لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ - قَالَ : فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ ، إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ ، فَقَالَ فَتَاهُ : لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ ، وَتَضَرَّبَ الحُوتُ حَتَّى دَخَلَ البَحْرَ ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ البَحْرِ ، حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ - قَالَ لِي عَمْرٌو : هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا - { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } ، قَالَ : قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ - لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ - فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا - قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ - عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ ، عَلَى كَبِدِ البَحْرِ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ، وَقَالَ : هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا مُوسَى ، قَالَ : مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا ، قَالَ : أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ ، وَأَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيكَ يَا مُوسَى ، إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ ، حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا ، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ ، عَرَفُوهُ فَقَالُوا : عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ - قَالَ : قُلْنَا لِسَعِيدٍ : خَضِرٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ - لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا ، قَالَ مُوسَى : { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا } - قَالَ مُجَاهِدٌ : مُنْكَرًا - ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا ) ، كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا وَالوُسْطَى شَرْطًا ، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا ، { قَالَ : لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا } ، لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ - قَالَ يَعْلَى : قَالَ سَعِيدٌ : وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ - { قَالَ : أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ } لَمْ تَعْمَلْ بِالحِنْثِ - وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً ( زَاكِيَةً ) : مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلاَمًا زَكِيًّا - فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ، فَأَقَامَهُ - قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا ، وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ ، قَالَ يَعْلَى : حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ : فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ - { لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا } - قَالَ سَعِيدٌ : أَجْرًا نَأْكُلُهُ - { وَكَانَ وَرَاءَهُمْ } وَكَانَ أَمَامَهُمْ - قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَامَهُمْ مَلِكٌ ، يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدَ ، وَالغُلاَمُ المَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ - { مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } ، فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالقَارِ - { كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } وَكَانَ كَافِرًا { فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا ، وَكُفْرًا } أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ ، ( فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً ) لِقَوْلِهِ : { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً } { وَأَقْرَبَ رُحْمًا } هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ ، الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ - وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ : أَنَّهُمَا أُبْدِلاَ جَارِيَةً ، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَالَ : عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ : إِنَّهَا جَارِيَةٌ -
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  فقال لي عمرو قال : حيث يفارقك الحوت وقال لي يعلى قال : خذ نونا ميتا ، حيث ينفخ فيه الروح ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيرا فذلك قوله جل ذكره : { وإذ قال موسى لفتاه } يوشع بن نون ليست عن سعيد قال : فبينما هو في ظل صخرة في مكان ثريان ، إذ تضرب الحوت وموسى نائم ، فقال فتاه : لا أوقظه حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره ، وتضرب الحوت حتى دخل البحر ، فأمسك الله عنه جرية البحر ، حتى كأن أثره في حجر قال لي عمرو : هكذا كأن أثره في حجر ، وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4726] .

     قَوْلُهُ  يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ يُسْتَفَادُ بَيَانُ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنَ الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَطْ وَهُوَ أَحَدُ شَيْخي بن جُرَيْجٍ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ أَيْ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَعَدَّاهُ بِغَيْرِ الْبَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يُحَدِّثُ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَقد عين بن جُرَيْجٍ بَعْضَ مَنْ أَبْهَمَهُ كَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرَوَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ سعيد بن جُبَير من مَشَايِخ بن جُرَيْجٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُرْمُزَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَرِوَايَتُهُ فِي السِّيرَةِ الْكُبْرَى لِابْنِ إِسْحَاقَ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  إِذْ قَالَ سَلُونِي فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْعَالِمِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ إِذَا أُمِنَ الْعُجْبُ أَوْ دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ كَخَشْيَةِ نِسْيَانِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ هِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقَولُهُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ بِالْكُوفَةِ رَجُلًا قَاصًّا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ بِحَذْفِ إِنَّ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْقَاصُّ بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ الْأَخْبَارَ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَهُ نَوْفٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِبَعْدَهَا فَاءٌ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا وَبَعْدَ الْأَلِفِ لَامٌ وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَاسْمُ أَبِيهِ فَضَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي بِكَالِ بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ وَيُقَالُ إِنَّهُ بن امْرَأَة كَعْب الْأَحْبَار وَقيل بن أَخِيهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَدُوقٌ وَفِي التَّابِعِينَ جَبْرٌ بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة بن نَوْفِ الْبَكِيلِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُخَفَّفًا بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بَعْدَهَا لَامٌ مَنْسُوبٌ إِلَى بَكِيلِ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ وَيُكَنَّى أَبَا الْوَدَّاكِ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَلَدُ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ فَقَدْ وَهِمَ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ قَالَ كنت عِنْد بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ مُوسَى الَّذِي طَلَبَ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْنُ مِيشَا أَيِ بن أفرائيم بن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ بن عَبَّاسٍ أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْهُ يَا سَعِيدُ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَذَبَ نَوْفٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَعَارُضٌ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ سَعِيدًا أَبْهَمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لَا أَهْلُ الْكِتَابِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاس يدل قَوْلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أبي إِسْحَاق وَكَانَ بن عَبَّاسٍ مُتَّكِئًا فَاسْتَوَى جَالِسًا.

     وَقَالَ  أَكَذَاكَ يَا سعيد قلت نعم أَنا سمعته.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ كَانَ مُوسَى بْنُ مِيشَا قَبْلَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ نَبِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ الَّذِي صَحِبَ الْخضر قَوْله أما عَمْرو بن دِينَارٍ قَالَ لِي كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ أَرَادَ بن جُرَيْجٍ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ دُونَ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ سُفْيَانَ رَوَاهَا أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا مَضَى وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ وَقَولُهُ كَذَبَ وَقَولُهُ عَدُوُّ اللَّهِ مَحْمُولَانِ عَلَى إِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ عَنْ تَصْدِيقِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَارَتْ أَولا بَين بن عَبَّاسٍ وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ الْفَزَارِيِّ وَسَأَلَا عَنْ ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ لَكِنْ لَمْ يُفْصِحْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِبَيَانِ مَا تَنَازَعَا فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ ذَكَّرَ هُوَ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ وَعَظَهُمْ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَذَكَّرَهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ وَآلَاءُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلَاؤُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْقَدرَ مِنْ زِيَادَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاعِظَ إِذَا أَثَّرَ وَعْظُهُ فِي السَّامِعِينَ فَخَشَعُوا وَبَكَوْا يَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ لِئَلَّا يَمَلُّوا .

     قَوْلُهُ  فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ وَتَوَجَّهَ وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ تُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْخُطْبَةِ لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ لَفْظَةَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّ فِيهِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ قَامَ خَطِيبًا فَخَطَبَ فَفَرَغَ فَتَوَجَّهَ فَسُئِلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ وَمُوسَى بَعْدُ لَمْ يُفَارِقِ الْمَجْلِسَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي مُنَازَعَةِ بن عَبَّاسٍ وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  هَلْ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ لَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌلِأَنَّ رِوَايَةَ سُفْيَانَ تَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْأَعْلَمِيَّةِ لَهُ وَرِوَايَةَ الْبَابِ تَنْفِي الْأَعْلَمِيَّةَ عَنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَيَبْقَى احْتِمَالُ الْمُسَاوَاةِ وَيُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْبَابِ أَنَّ فِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا خَيْرًا وَأَعْلَمَ مِنِّي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ عِنْدَ مَنْ هُوَ وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْبَحْثُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهَذَا اللَّفْظُ فِي الْعِلْمِ وَوَقَعَ هُنَا فَعُتِبَ بِحَذْفِ الْفَاعِلِ وَقَولُهُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ قِيلَ بَلَى وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ عنترة عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُوسَى قَالَ أَيْ رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَعْلَمُ قَالَ الَّذِي يَبْتَغِي عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ قَالَ مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ الْخَضِرُ تَلْقَاهُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَذَكَرَ لَهُ حِلْيَتَهُ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَكَانَ مُوسَى حَدَّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ فَضْلِ عِلْمِهِ أَوْ ذَكَرَهُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ شَرْحُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَبَيَانُ مَا فِيهَا مِنْ إِشْكَالٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مُسْتَوْفًى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ آتَيْتُهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ أُوتِكَ وَهُوَ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ أَيْضًا وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ وَقَعَ فِي نَفْسِ مُوسَى قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ وَلَفْظُهُ لَمَّا أُوتِيَ مُوسَى التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ اللَّهُ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ أَنْ قَالَ مَنْ أَعْلَمُ مِنِّي وَنَحْوَهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَلَفْظُهُ قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَبْلَغَ فِي الْخُطْبَةِ فَعَرَضَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ مَا أُوتِيَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَيْ رَبِّ فَأَيْنَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ يَا رَبُّ فَكَيْفَ لِي بِهِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فَادْلُلْنِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أَتَعَلَّمَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  اجْعَلْ لِي عَلَمًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ أَيْ عَلَامَةً وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَكَيْفَ لِي بِهِ وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ .

     قَوْلُهُ  أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي أَطْلُبُ فِيهِ قَوْله فَقَالَ لي عَمْرو هُوَ بن دِينَار وَالْقَائِل هُوَ بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ يَعْنِي فَهُوَ ثَمَّ وَقَعَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُ مَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ وَنَحْوَهُ فِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَلَفْظُهُ وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لِي يَعْلَى هُوَ بن مُسلم وَالْقَائِل أَيْضا هُوَ بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ خُذْ حُوتًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نُونًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقِيلَ لَهُ تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُوتَ كَانَ مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّحُ وَهُوَ حَيٌّ وَمِنْهُ تُعْلَمُ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْحُوتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُؤْكَلُ مَيِّتًا وَلَا يَرِدُ الْجَرَادُ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْقَدُ وُجُودُهُ لَا سِيَّمَا بِمِصْرَ .

     قَوْلُهُ  حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى حَيْثُ تَفْقِدُهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بن أنس عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُمَا اصْطَادَاهُ يَعْنِي مُوسَى وَفَتَاهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لِفَتَاهُ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ .

     قَوْلُهُ  مَا كُلِّفْتُ كثيرا للْأَكْثَر بِالْمُثَلثَةِ وللكشميهني بِالْمُوَحَّدَةِ قَوْله فَذَلِك قَوْله وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه يُوشَعَ بْنِ نُونٍ لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ الْقَائِلُ لَيست عَن سعيد هُوَ بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْفَتَى لَيْسَتْ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي نَفَاهُ صُورَةَ السِّيَاقِ لَا التَّسْمِيَةَ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَفْظُهُ ثمَّ انْطلقوَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَسَبِ يُوشَعَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُ الَّذِي قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ موت مُوسَى وَنقل بن الْعَرَبِيّ أَنه كَانَ بن أُخْتِ مُوسَى وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَقَلَهُ نَوْفُ بْنُ فَضَالَةَ مِنْ أَنَّ مُوسَى صَاحِبُ هَذِهِ الْقِصَّة لَيْسَ هُوَ بن عِمْرَانَ فَلَا يَكُونُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ نَسْمَعْ لِفَتَى مُوسَى بِذكر من حِين لَقِي الْخضر فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّ الْفَتَى شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ الْحُوتُ فَخُلِّدَ فَأَخَذَهُ الْعَالِمُ فَطَابَقَ بِهِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهَا لَتَمُوجُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ إِنْ ثَبَتَ هَذَا فَلَيْسَ هُوَ يُوشَعُ.

.

قُلْتُ لَمْ يَثْبُتْ فَإِن إِسْنَاده ضَعِيف وَزعم بن الْعَرَبِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتَى لَيْسَ هُوَ يُوشَع وَكَأَنَّهُ أَخذه مِنْ لَفْظِ الْفَتَى أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْفَتَى مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَتِيِّ وَهُوَ الشَّبَابُ وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَخْدُمُ الْمَرْءَ سَوَاءٌ كَانَ شَابًّا أَوْ شَيْخًا لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ الْخَدَمَ تَكُونُ شُبَّانًا .

     قَوْلُهُ  فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا .

     قَوْلُهُ  فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ أَيْ مَبْلُولٍ .

     قَوْلُهُ  إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدٍ وَهُوَ تَفَعَّلَ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ السَّيْرُ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ اضْطَرَبَ أَوَّلًا فِي الْمِكْتَلِ فَلَمَّا سَقَطَ فِي الْمَاءِ اضْطَرَبَ أَيْضًا فَاضْطِرَابُهُ الْأَوَّلُ فِيمَا فِي مَبْدَأِ مَا حَيِيَ وَالثَّانِي فِي سَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ اتَّخَذَ فِيهِ مَسْلَكًا وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ سُفْيَانُ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ عَمْرٍو وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ لَا يُصِيبُ من مَائِهَا شَيْء إِلَّا حَيّ فَأَصَابَ الْحُوتُ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ فَتَحَرَّكَ وانسل من المكتل فَدخل الْبَحْر وَحكى بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ فِي الْبُخَارِيِّ الْحَيَا بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ وَهُوَ مَا يَحْيَى بِهِ النَّاسُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهَا فِي حَدِيث غير عَمْرو قد أخرجهَا بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُفْيَانَ مُدْرَجَةً فِي حَدِيثِ عَمْرٍو وَلَفْظُهُ حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَةِ فَقَالَ مُوسَى عِنْدَهَا أَيْ نَامَ قَالَ وَكَانَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ عَيْنُ مَاءٍ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ لَا يُصِيبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ مَيِّتٌ إِلَّا عَاشَ فَقُطِرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى الْحُوتِ قَطْرَةٌ فَعَاشَ وَخَرَجَ مِنَ المكتل فَسقط فِي الْبَحْر وأظن أَن بن عُيَيْنَةَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ قَتَادَةَ فَقَدْ أَخْرَجَ بن أبي حَاتِم من طَرِيقه قَالَ فَأَنِّي عَلَى عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ فَلَمَّا أَصَابَ تِلْكَ الْعَيْنَ رَدَّ اللَّهُ رُوحَ الْحُوتِ إِلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا حَكَاهُ بن التِّينِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَقَالَ لَا أَرَى هَذَا يَثْبُتُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ قَالَ لَكِنْ فِي دُخُولِ الْحُوتِ الْعين دلَالَة على أَنه كَانَ حَيّ قَبْلَ دُخُولِهِ فَلَوْ كَانَ كَمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْعَيْنِ قَالَ وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَهُ بِغَيْرِ الْعَيْنِ انْتَهَى قَالَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ كَلَامِهِ دَعْوَى وَاسْتِدْلَالًا وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْحُوتُ هُوَ مَاءُ الْعَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْأَخْبَارُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْعَيْنَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَهِيَ غَيْرُ الْبَحْرِ وَكَأَنَّ الَّذِي أَصَابَ الْحُوتَ مِنَ الْمَاءِ كَانَ شَيْئًا مِنْ رَشَاشٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْعَيْنَ إِنْ ثَبَتَ النَّقْلُ فِيهَا مُسْتَنَدُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَخُلِّدَ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ يَنْقُلُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُنَادِي فِي ذَلِكَ كِتَابًا وَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِالنَّقْلِ فِيمَا يُوجَدُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ .

     قَوْلُهُ  وَمُوسَى نَائِمٌ فَقَالَ فَتَاهُ لَا أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ فَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ سَارَ فَنَسِيَ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى نسيا حوتهما فَقيل نسبالنِّسْيَانُ إِلَيْهِمَا تَغْلِيبًا وَالنَّاسِي هُوَ الْفَتَى نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْفَتَى نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى بِقِصَّةِ الْحُوتِ وَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَسْتَخْبِرَهُ عَنْ شَأْنِ الْحُوتِ بَعْدَ أَنِ اسْتَيْقَظَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَكَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَسْأَلَهُ أَيْنَ هُوَ فَنَسِيَ ذَلِكَ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَسِيَا أَخَّرَا مَأْخُوذٌ مِنَ النِّسْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا أَخَّرَا افْتِقَادَهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ فَلَمَّا احْتَاجَا إِلَيْهِ ذَكَرَاهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ صَرِيحُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَرِيحِ الْخَبَرِ وَأَنَّ الْفَتَى اطَّلَعَ عَلَى مَا جَرَى لِلْحُوتِ وَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى بِذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ مُوسَى تَقَدَّمَ فَتَاهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ فَسَارَ فَقَالَ فَتَاهُ أَلَا أَلْحَقُ نَبِيَّ اللَّهِ فَأُخْبِرُهُ قَالَ فَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ وَذكر بن عَطِيَّةَ أَنَّهُ رَأَى سَمَكَةً أَحَدُ جَانِبَيْهَا شَوْكٌ وَعَظْمٌ وَجِلْدٌ رَقِيقٌ عَلَى أَحْشَائِهَا وَنِصْفُهَا الثَّانِي صَحِيحٌ وَيَذْكُرُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَنَّهَا مِنْ نَسْلِ حُوتِ مُوسَى إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَمَّا حَيِيَ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ مِنْهُ اسْتَمَرَّتْ فِيهِ تِلْكَ الصِّفَةُ ثُمَّ فِي نَسْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَانَ أَثَرُهُ فِي حَجَرٍ كَذَا فِيهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَفِي رِوَايَةٍ جُحْرٍ بِضَمِّ الْجِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَهُوَ وضح قَوْله قَالَ لي عَمْرو الْقَائِل هُوَ بن جُرَيْجٍ كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَالَّتِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا يَعْنِي السَّبَّابَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ وَهُوَ يُفَسِّرُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الصِّفَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ صَارَ مِثْلَ الْكُوَّةِ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا كَذَا وَقَعَ هُنَا مُخْتَصَرًا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نصبا قَالَ الدَّاوُدِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَهَمٌ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْفَتَى لَمْ يُخْبِرْ مُوسَى إِلَّا بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ يَوْمِ خَرَجَا لِطَلَبِهِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمَّا تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا قَالَ وَلَمْ يُصِبْهُ نَصَبٌ حَتَّى تَجَاوَزَا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ لَيست هَذِه عَن سعيد هُوَ قَول بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي سَاقَهُ .

     قَوْلُهُ  أَخَّرَهُ كَذَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ بِهَمْزَةٍ وَمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَهَاءٍ ثُمَّ فِي نُسْخَةٍ مِنْهُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا هَاءُ ضَمِيرٍ أَيْ إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ وَأَحَالَ ذَلِكَ عَلَى سِيَاقِ الْآيَةِ وَفِي أُخْرَى بِفَتَحَاتٍ وَتَاءِ تَأْنِيثٍ مُنَوَّنَةٍ مَنْصُوبَةٍ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ أَخْبَرَهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مِنَ الْإِخْبَارِ أَيْ أَخْبَرَ الْفَتَى مُوسَى بِالْقِصَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فساق الْآيَة إِلَى عجبا قَالَ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى عَجَبًا وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ عَجَبُ مُوسَى أَنْ تَسَرَّبَ حُوتٌ مُمَلَّحٌ فِي مِكْتَلٍ .

     قَوْلُهُ  فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَقَالَ مُوسَى ذَلِك مَا كُنَّا نبغ أَيْ نَطْلُبُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ هَذِهِ حَاجَتُنَا وَذَكَرَ مُوسَى مَا كَانَ اللَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ يَعْنِي فِي أَمْرِ الْحُوتِ .

     قَوْلُهُ  فَارْتَدَّا عَلَى آثارهما قصصا قَالَ رجعا يقصان آثارهما أَيْ آثَارَ سَيْرِهِمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ الَّتِي فَعَلَ فِيهَا الْحُوتُ مَا فَعَلَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتَى لَمْ يُخْبِرْ مُوسَى حَتَّى سَارَا زَمَانًا إِذْ لَوْ أَخْبَرَهُ أَوَّلَ مَا اسْتَيْقَظَ مَا احْتَاجَا إِلَى اقْتِصَاصِ آثَارِهِمَا .

     قَوْلُهُ فَوَجَدَا خَضِرًا تَقَدَّمَ ذِكْرُ نَسَبِهِ وَشَرْحُ حَالِهِ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِذَا رَجُلٌ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَهَمٌ وَأَنَّهُمَا إِنَّمَا وَجَدَاهُ فِي جَزِيرَةِ الْبَحْرِ.

.

قُلْتُ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا لَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ تَتَبَّعَاهُ إِلَى أَنْ وَجَدَاهُ فِي الْجَزِيرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأرَاهُ مَكَان الْحُوت فَقَالَ هَا هُنَا وُصِفَ لِي فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ إِنْجَابُ الْمَاءُ عَنْ مَسْلَكِ الْحُوتِ فَصَارَ كُوَّةً فَدَخَلَهَا مُوسَى عَلَى أَثَرِ الْحُوتِ فَإِذَا هُوَ بالخضر وروى بن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ فَرَجَعَ مُوسَى حَتَّى أَتَى الصَّخْرَةَ فَوَجَدَ الْحُوتَ فَجَعَلَ مُوسَى يُقَدِّمُ عَصَاهُ يُفَرِّجُ بِهَا عَنْهُ الْمَاءَ وَيَتْبَعُ الْحُوتَ وَجَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ حَتَّى يَصِيرَ صَخْرَةً فَجَعَلَ مُوسَى يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَلَقِيَ الْخَضِرَ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ بلغنَا عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُوسَى دَعَا رَبَّهُ وَمَعَهُ مَاءٌ فِي سِقَاءٍ يَصُبُّ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ فَيَصِيرُ حجرا فَيَأْخُذ فِيهِ حَتَّى انْتهى إِلَى صَخْر فَصَعِدَهَا وَهُوَ يَتَشَوَّفُ هَلْ يَرَى الرَّجُلَ ثُمَّ رَآهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَان على طنفسة خضراء الْقَائِل هُوَ بن جريج وَعُثْمَان هُوَ بن أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ بن الْمُبَارك عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ رَأَى مُوسَى الْخَضِرَ عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ انْتَهَى وَالطِّنْفِسَةُ فُرُشٌ صَغِيرٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَبِضَمِّ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ لُغَاتٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مُسَجًّى ثَوْبًا مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مُلْتَفًّا بِكِسَاءٍ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ السُّدِّيِّ فَرَأَى الْخَضِرَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ وَكِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ وَمَعَهُ عَصًا قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَا طَعَامَهُ قَالَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقَامَ فِي مَكَانٍ نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ تَحْتَهُ خَضْرَاءَ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْوَةِ وَجْهُ الْأَرْضِ .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ.

     وَقَالَ  وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلَامٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِأَرْضٍ بِالتَّنْوِينِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ وَهِيَ بِمَعْنَى أَيْنَ أَوْ كَيْفَ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِبْعَادٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ لَمْ يَكُونُوا إِذْ ذَاكَ مُسْلِمِينَ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ اسْتَفْهَمَهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَنْتَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ مُوسَى قَالَ مَنْ مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْخَضِرَ أَعَادَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ مُوسَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَضِرُ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا مُوسَى قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنِّي مُوسَى قَالَ أَدْرَانِي بِكَ الَّذِي أَدْرَاكَ بِي وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ نَبِيٌّ لَكِنْ يُبْعِدُ ثُبُوتَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الصَّحِيحِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَمَا شَأْنُكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ .

     قَوْلُهُ  جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِفَتْحَتَيْنِ وَالْبَاقُونَ كُلُّهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُمَابِمَعْنًى كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلُ وَقِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ الدِّينُ وَبِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ صَلَاحُ النَّظَرِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتُعَلِّمَنِي وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لِقَوْلِهِ عُلِّمْتَ .

     قَوْلُهُ  أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيكَ سَقَطَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  يَا مُوسَى إِنَّ لِي عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ أَيْ جَمِيعَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ أَيْ جَمِيعَهُ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْخَضِرَ كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الظَّاهِرِ مَا لَا غِنَى بِالْمُكَلَّفِ عَنْهُ وَمُوسَى كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الْبَاطِنِ مَا يَأْتِيهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَهُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا كَذَا أُطْلِقَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِمْرَارِ النَّفْيِ لِمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مُوسَى لَا يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِ الْإِنْكَارِ إِذَا رَأَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ عِصْمَتِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ مُوسَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ بَلْ مَشَى مَعَهُ لِيُشَاهِدَ مِنْهُ مَا اطَّلَعَ بِهِ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِي الْعِلْمِ الَّذِي اخْتصَّ بِهِ وَقَوله وَكَيف تصبر اسْتِفْهَامٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ لِمَ قُلْتَ إِنِّي لَا أَصْبِرُ وَأَنَا سَأَصْبِرُ قَالَ كَيْفَ تَصْبِرُ وَقَولُهُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أعصى لَك قِيلَ اسْتَثْنَى فِي الصَّبْرِ فَصَبَرَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي الْعِصْيَانِ فَعَصَاهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ أَنَّهُ صَبْرٌ عَنِ اتِّبَاعِهِ وَالْمَشْيِ مَعَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِيمَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ وَقَولُهُ فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذكرا فِي رِوَايَة الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ حَتَّى أُبَيِّنَ لَكَ شَأْنَهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الطَّائِرَ نَقَرَ فِي الْبَحْرِ عَقِبَ قَوْلِ الْخَضِرِ لِمُوسَى مَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِهِمَا وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ تَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ مَا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَلَفْظُهُ كَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا قَالَ وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ إِلَخْ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مُعَقَّبٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ رُكُوبُهُمَا السَّفِينَةَ لِتَصْرِيحِ سُفْيَانَ بِذِكْرِ السَّفِينَةِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى أَتَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الطَّائِرُ قَالَ لَا قَالَ يَقُولُ مَا عِلْمُكُمَا الَّذِي تَعْلَمَانِ فِي عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا أَنْقُصُ بِمِنْقَارِي مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْبَحْرِ وَفِي رِوَايَةِ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ أَرْسَلَ رَبُّكَ الْخَطَّافَ فَجَعَلَ يَأْخُذُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْمَاءِ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ الْخَطَّافُ وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ رَأَى هَذَا الطَّائِرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ النّمْرُ وَنَقَلَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ الصُّرَدُ .

     قَوْلُهُ  وَجَدَا مَعَابِرَ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ لَا أَنَّ قَوْلَهُ وَجَدَا جَوَابُ إِذَا لِأَنَّ وُجُودَهُمَا الْمَعَابِرَ كَانَ قَبْلَ رُكُوبِهِمَا السَّفِينَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّا فِي سَفِينَةٍ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ وَالْمَعَابِرُ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ جَمْعُ مَعْبَرٍ وَهِيَ السُّفُنُ الصِّغَارُ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ مَرَّتْ بِهِمْ سَفِينَةُ ذَاهِبٍ فَنَادَاهُمْ خَضِرٌ .

     قَوْلُهُ  عَرَفُوهُ فَقَالُوا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ قَالَ قُلْنَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ خَضِرٌ قَالَ نَعَمْ الْقَائِلُ فِيمَا أَظُنُّ يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوا .

     قَوْلُهُ  بِأَجْرٍ أَيْ أُجْرَةٍ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَحَمَلُوا بِغَيْرِ نَوْلٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فَنَادَاهُمْ خَضِرٌ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ ضِعْفَ مَا حَمَلُوا بِهِ غَيْرَهُمْ فَقَالُوا لِصَاحِبِهِمْ إِنَّا نَرَى رِجَالًا فِي مَكَانٍ مَخُوفٍ نَخْشَى أَنْ يَكُونُوا لُصُوصًا فَقَالَ لَأَحْمِلَنَّهُمْ فَإِنِّي أَرَى عَلَى وُجُوهِهِمُ النُّورَ فَحَمَلَهُمْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَذَكَرَ النَّقَّاشُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ أَصْحَابَ السَّفِينَةِكَانُوا سَبْعَةً بِكُلِّ وَاحِدٍ زَمَانَةٌ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَقَهَا وَوَتَّدَ فِيهَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ جَعَلَ فِيهَا وَتَدًا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَلَمَّا رَكِبُوا فِي السَّفِينَةِ لَمْ يُفْجَأْ إِلَّا وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقُدُومِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ قَلَعَ اللَّوْحَ وَجَعَلَ مَكَانَهُ وَتَدًا وَعِنْدَ عَبْدِ بن حميد من رِوَايَة بن الْمُبَارك عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ جَاءَ بِوَدٍّ حِينَ خَرَقَهَا وَالْوَدُّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ لُغَةٌ فِي الْوَتَدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ إِلَّا مُوسَى وَلَوْ رَآهُ الْقَوْمُ لَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ قَوْله لقد جِئْت شَيْئا أمرا قَالَ مُجَاهِد مُنْكرا هُوَ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقِيلَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد مثله وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ إِمْرًا قَالَ عَجَبًا وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي صَخْرٍ فِي قَوْلِهِ إِمْرًا قَالَ عَظِيمًا وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ مُوسَى لَمَّا رَأَى ذَلِكَ امْتَلَأَ غَضَبًا وَشَدَّ ثِيَابَهُ.

     وَقَالَ  أَرَدْتَ إِهْلَاكَهُمْ سَتَعْلَمُ أَنَّكَ أَوَّلُ هَالِكٍ فَقَالَ لَهُ يُوشَعُ أَلَا تَذْكُرُ الْعَهْدَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَضِرُ فَقَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ فَأَدْرَكَ مُوسَى الْحِلْمُ فَقَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي وَإِنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَلَصُوا قَالَ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ إِنَّمَا أَرَدْتُ الْخَيْرَ فَحَمِدُوا رَأْيَهُ وَأَصْلَحَهَا اللَّهُ عَلَى يَدِهِ .

     قَوْلُهُ  كَانَتِ الْأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ.

     وَقَالَ  رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا وَلم يذكر الْبَاقِي وروى بن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ الْأُولَى نِسْيَانٌ وَالثَّانِيَةُ عُذْرٌ وَالثَّالِثَة فِرَاق وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى إِنْ عَجِلْتَ عَلَيَّ فِي ثَلَاثٍ فَذَلِكَ حِينَ أُفَارِقُكَ وَرَوَى الْفَرَّاءُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَمْ يَنْسَ مُوسَى وَلَكِنَّهُ مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا لَاعْتَذَرَ مُوسَى عَنِ الثَّانِيَةِ وَعَنِ الثَّالِثَةِ بِنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَقِيَا غُلَامًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى الساحلي إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَامًا .

     قَوْلُهُ  فَقَتَلَهُ الْفَاءُ عَاطِفَةٌ عَلَى لَقِيَا وَجَزَاءُ الشَّرْطِ قَالَ أَقَتَلْتَ وَالْقَتْلُ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ قَتْلَ الْغُلَامِ يَعْقُبُ لِقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ وَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَة خرقها فَإِنَّ الْخَرْقَ وَقَعَ جَوَابَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ تَرَاخَى عَن الرّكُوب قَوْله قَالَ يعلى هُوَ بن مُسْلِمٍ وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَالَ سَعِيدٌ هُوَ بن جُبَيْرٍ وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلَامًا كَافِرًا ظريفا فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن بن جُرَيْجٍ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ غُلَامًا وَضِيءَ الْوَجْهِ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَطَعَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ ذَبَحَهُ ثُمَّ اقْتَلَعَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَأَخَذَ صَخْرَةً فثلغ رَأسه وَهِي بمثلثة ثمَّ مُعْجَمَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَ رَأْسَهُ بِالصَّخْرَةِ ثُمَّ ذَبَحَهُ وَقَطَعَ رَأْسَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لَمْ تَعْمَلِ الْحِنْثَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ وَلِأَبِي ذَرٍّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَقَولُهُ لَمْ تَعْمَلْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ زَكِيَّةً وَالتَّقْدِيرُ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً لَمْ تَعْمَلِ الْحِنْثَ بِغَيْرِ نفس قَوْله وبن عَبَّاسٍ قَرَأَهَا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَكَانَ بن عَبَّاس يقْرؤهَا زكية وَهِي قِرَاءَة الْأَكْثَر وَقَرَأَ نَافِع وبن كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو زَاكِيَةً وَالْأُولَى أَبْلَغُ لِأَنَّ فَعِيلَةً مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ .

     قَوْلُهُ  زَاكِيَةً مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلَامًا زَاكِيًا هُوَ تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي وَيُشِير إِلَى الْقِرَاءَتَيْن أَي أَن قِرَاءَة بن عَبَّاسٍ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ بِمَعْنى مسلمة وَإِنَّمَا أطلق ذَلِك مُوسَى عَلَى حَسَبِ ظَاهِرِ حَالِ الْغُلَامِ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ مُسْلِمَةً فَالْأَكْثَرُ بِسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَلِبَعْضِهِمْ بِفَتْحِ السِّينِوَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَزَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ هُنَا أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صبرا قَالَ وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلَا أَنَّهُ عَجِلَ لَرَأَى الْعَجَبَ وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ ذَمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَاسْتَحْيَا عِنْدَ ذَلِكَ مُوسَى.

     وَقَالَ  إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ أَكْثَرَ مِمَّا قَصَّ .

     قَوْلُهُ  فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أهل قَرْيَة وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا قِيلَ هِيَ الْأُبُلَّةُ وَقِيلَ إِنْطَاكِيَةُ وَقِيلَ أَذْرَبِيجَانُ وَقِيلَ بُرْقَةُ وَقِيلَ نَاصِرَةُ وَقِيلَ جَزِيرَةُ الْأَنْدَلُسِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ قَرِيبٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشِدَّةُ الْمُبَايَنَةِ فِي ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يُوثَقَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ هُوَ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدٍ وَلِهَذَا قَالَ بعده قَالَ يعلى هُوَ بن مُسْلِمٍ حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ قَالَ مَائِلٌ فَقَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ عُرْضَ ذَلِكَ الْجِدَارِ كَانَ خَمْسِينَ ذِرَاعًا فِي مِائَةِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِهِمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ زَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بيني وَبَيْنك فَأَخَذَ مُوسَى بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَقَالَ حَدِّثْنِي وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى أَتَلُومُنِي عَلَى خَرْقِ السَّفِينَةِ وَقَتْلِ الْغُلَامِ وَإِقَامَةِ الْجِدَارِ وَنَسِيتَ نَفْسَكَ حِينَ أُلْقِيتَ فِي الْبَحْرِ وَحِينَ قَتَلْتَ الْقِبْطِيَّ وَحِينَ سَقَيْتَ أَغْنَامَ ابْنَتَيْ شُعَيْبٍ احْتِسَابًا قَوْله وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك وَكَانَ أمامهم قَرَأَهَا بن عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي وَرَاءَ فِي تَفْسِيرِ إِبْرَاهِيمَ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بَدَدٍ الْقَائِلُ ذَلِك هُوَ بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ السُّفُنَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ قلت وَقد عزاهُ بن خَالَوَيْهِ فِي كِتَابٍ لَيْسَ لِمُجَاهِدٍ قَالَ وَزَعَمَ بن دُرَيْدٍ أَنَّ هُدَدَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ زَوَّجَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بِلْقِيسَ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ مُدَّةِ مُوسَى وَسُلَيْمَانَ وَهُدَدُ فِي الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَحَكَى بن الْأَثِيرِ فَتْحَهَا وَالدَّالُ مَفْتُوحَةٍ اتِّفَاقًا وَوَقَعَ عِنْدَ بن مَرْدَوَيْهِ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْهَاءِ وَأَبُوهُ بَدَدٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ أَنَّ اسْمَهُ مَنُولَةُ بْنُ الْجَلَنْدِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ وَقِيلَ هُوَ الْجَلَنْدِيُّ وَكَانَ بِجَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ .

     قَوْلُهُ  الْغُلَامُ الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ حيسور الْقَائِل ذَلِك هُوَ بن جُرَيْجٍ وَحَيْسُورُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلِهِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثمَّ مُهْملَة مَضْمُومَة وَكَذَا فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِجِيمٍ أَوَّلِهِ وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ بِنُونٍ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ وَعِنْدَ عَبْدُوسٍ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَآهُ فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ بَيْنَهُمَا الْوَاوُ السَّاكِنَةُ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ كَالْقَابِسِيِّ وَفِي تَفْسِيرِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ اسْمُهُ حَشْرَدُ وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ اسْمُ الْغُلَامِ شَمْعُونُ .

     قَوْلُهُ  مَلِكٌ يَأْخُذُ كل سفينة غصبا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَكَانَأُبَيٌّ يَقْرَأُ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ بن مَسْعُودٍ يَقْرَأُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ غَصْبًا .

     قَوْلُهُ  فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَإِذَا جَاوَزُوهُ رَقَّعُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا وَبَقِيَتْ لَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ أَمَّا الْقَارُ فَهُوَ بِالْقَافِ وَهُوَ الزِّفْتُ.

.
وَأَمَّا قَارُورَةٌ فَضُبِطَتْ فِي الرِّوَايَاتِ بِالْقَافِ لَكِنْ فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ ثَارُورَةٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ تَقَعُ فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَلَا تَقَعُ بَدَلَ الْقَافِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ فَارَ فَوْرَةً مِثْلَ ثَارَ ثَوْرَةً فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ فَاعُولَةٌ مِنْ ثَوَرَانِ الْقِدْرِ الَّذِي يَغْلِي فِيهَا الْقَارُ أَوْ غَيْرُهُ وَقَدْ وُجِّهَتْ رِوَايَةُ الْقَارُورَةِ بِالْقَافِ بِأَنَّهَا فَاعُولَةٌ مِنَ الْقَارِ.

.
وَأَمَّا الَّتِي مِنَ الزُّجَاجِ فَلَا يُمْكِنُ السَّدُّ بِهَا وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ احْتِمَالَ أَنْ يُسْحَقَ الزُّجَاجُ وَيُلَتَّ بِشَيْءٍ وَيُلْصَقَ بِهِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ وَلَا إِشْكَالَ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَكَانَ كَافِرًا يَعْنِي الْغُلَامَ الْمَقْتُولَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ.

.
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ وَفِي الْمُبْتَدَأِ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ كَانَ اسْمُ أَبِيهِ مَلَّاسَ وَاسْمُ أُمِّهِ رَحْمَا وَقِيلَ اسْمُ أَبِيهِ كَارِدِي وَاسْمُ أُمِّهِ سَهْوَى .

     قَوْلُهُ  فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكفرا أَن يحملهَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ هَذَا من تَفْسِير بن جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير وَأخرج بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ يُرْهِقَهُمَا أَيْ يَغْشَاهُمَا .

     قَوْلُهُ  خَيْرًا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما لقَوْله أقتلت نفسا زكية يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ زَكَاةً ذُكِرَ لِلْمُنَاسَبَةِ الْمَذْكُورَةِ وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِبن مُحَمَّد عَن بن جريج فِي قَوْله خيرا مِنْهُ زَكَاة قَالَ إِسْلَامًا وَمِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ دِينًا .

     قَوْلُهُ  وَأَقْرَبَ رُحْمًا هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قتل خضر وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَطِيَّةَ نَحْوَهُ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ الرَّحِمُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْقَرَابَةُ وَبِسُكُونِهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَبِضَمِّ الرَّاءِ ثُمَّ السُّكُونِ الرَّحْمَةُ وَعَنْ أَبِي عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ الرُّحْمُ وَالرَّحْمُ يَعْنِي بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَعَ السُّكُونِ فِيهِمَا بِمَعْنًى وَهُوَ مِثْلُ الْعُمْرِ وَالْعَمْرِ وَسَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  رُحْمًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدِ أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَة هُوَ قَول بن جريج وروى بن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن بن جُرَيْجٍ قَالَ.

     وَقَالَ  يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ وَيُقَالُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ فَأَبْدَلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً قَالَ أَبْدَلَهُمَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلِلطَّبَرَيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ نَحْوَهُ وَلِابْنِ الْمُنْذر من طَرِيق بسطَام بن حميل قَالَ أَبْدَلَهُمَا مَكَانَ الْغُلَامِ جَارِيَةً وَلَدَتْ نَبِيَّيْنِ وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَلَدَتْ جَارِيَةً وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ وَلَدَتْ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ نَبِيًّا وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَعْدُ مُوسَى فَقَالُوا لَهُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيل الله وَاسْمُ هَذَا النَّبِيِّ شَمْعُونُ وَاسْمُ أُمِّهِ حِنَةُ وَعند بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهَا ولدت غُلَاما لَكِن إِسْنَاده ضَعِيف وَأخرجه بن الْمُنْذر بِإِسْنَاد حسن عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس نَحوه وَفِي تَفْسِير بن الْكَلْبِيِّ وَلَدَتْ جَارِيَةً وَلَدَتْ عِدَّةَ أَنْبِيَاءَ فَهَدَى اللَّهُ بِهِمْ أُمَمًا وَقِيلَ عِدَّةُ مَنْ جَاءَ مِنْ وَلَدِهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سَبْعُونَ نَبِيًّا .

     قَوْلُهُ .

.
وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غير وَاحِد إِنَّهَا جَارِيَة هُوَ قَول بن جُرَيْجٍ أَيْضًا وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بن مُحَمَّد عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سعيد بن جُبَير إِنَّهَا جَارِيَة قَالَ بن جُرَيْجٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّهُ يَوْمَ قُتِلَ كَانَتْ حُبْلَى بِغُلَامٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَاصِمٍ هُوَ أَخُو دَاوُدَ وَهُمَا ابْنَا عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ الْحِرْصِ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ الْعِلْمِ وَالرِّحْلَةِ فِيهِ وَلِقَاءِ الْمَشَايِخِ وَتَجَشُّمِ الْمَشَاقِّ فِي ذَلِكَ وَالِاسْتِعَانَةِ فِي ذَلِكَ بِالْأَتْبَاعِ وَإِطْلَاقِ الْفَتَى عَلَى التَّابِعِ وَاسْتِخْدَامِ الْحُرِّ وَطَوَاعِيَةِ الْخَادِمِ لِمَخْدُومِهِ وَعُذْرِ النَّاسِي وَقَبُولِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ نَبِيٌّ لِعِدَّةِ مَعَانٍ قَدْ نَبَّهْتُ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِ وَمَا فعلته عَن أمرى وَكَاتِّبَاعِ مُوسَى رَسُولِ اللَّهِ لَهُ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ وَكَإِطْلَاقِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ وَكَإِقْدَامِهِ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ لِمَا شَرَحَهُ بَعْدُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ أَغْلَظِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا وَالْإِغْضَاءِ عَلَى بَعْضِ الْمُنْكَرَاتِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ مَا هُوَ أَشَدُّ وَإِفْسَادِ بَعْضِ الْمَالِ لِإِصْلَاحِ مُعْظَمِهِ كَخِصَاءِ الْبَهِيمَةِ لِلسِّمَنِ وَقَطْعِ أُذُنِهَا لِتَتَمَيَّزَ وَمِنْ هَذَا مُصَالَحَةُ وَلِيِّ الْيَتِيمِ السُّلْطَانَ عَلَى بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ خَشْيَةَ ذَهَابِهِ بِجَمِيعِهِ فَصَحِيحٌ لَكِنْ فِيمَا لَا يُعَارِضُ مَنْصُوصَ الشَّرْعِ فَلَا يَسُوغُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ أَنْ يَقْتُلَ أَنْفُسًا كَثِيرَةً قَبْلَ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَ الْخَضِرُ ذَلِكَ لِاطِّلَاعِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ قَوْلُ الْخَضِرِ.

.
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ أَنْ لَوْ عَاشَ حَتَّى يَبْلُغَ وَاسْتِحْبَابُ مِثْلِ هَذَا الْقَتْلِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَلِلَّهِ أَنْ يَحْكُمَ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَفِيهِ جَوَازُ الْإِخْبَارِ بِالتَّعَبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَلَمُ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ سَخَطٍ مِنَ الْمَقْدُورِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَجِّهَ إِلَى رَبِّهِ يُعَانُ فَلَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ النَّصَبُ وَالْجُوعُ بِخِلَافِ الْمُتَوَجِّهِ إِلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قِصَّةِ مُوسَى فِي تَوَجُّهِهِ إِلَى مِيقَاتِ رَبِّهِ وَذَلِكَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ تَعِبَ وَلَا طَلَبَ غَدَاءً وَلَا رَافَقَ أَحَدًا.

.
وَأَمَّا فِي تَوَجُّهِهِ إِلَى مَدْيَنَ فَكَانَ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَصَابَهُ الْجُوعُ وَفِي تَوَجُّهِهِ إِلَى الْخَضِرِ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَيْضًا فَتَعِبَ وَجَاعَ وَفِيهِ جَوَازُ طَلَبِ الْقُوتِ وَطَلَبِ الضِّيَافَةِ وَفِيهِ قِيَامُ الْعُذْرِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَة وَقيام الْحجَّة بِالثَّانِيَةِ قَالَ بن عَطِيَّةَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَصْلُ مَالِكٍ فِي ضَرْبِ الْآجَالِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي التَّلَوُّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ وَأَنْ لَا يُضَافَ إِلَيْهِ مَا يُسْتَهْجَنُ لَفْظُهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ بِتَقْدِيرِهِ وَخَلْقِهِ لِقَوْلِ الْخَضِرِ عَنِ السَّفِينَةِ فَأَرَدْتُ أَنْ أعيبها وَعَن الْجِدَار فَأَرَادَ رَبك وَمِثْلُ هَذَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَيْر بِيَدِك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك( قَولُهُ بَابُ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غداءنا إِلَى قَوْله قصصا) سَاقَ فِيهِ قِصَّةَ مُوسَى عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نسيا حوتهما)
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَلَمَّا بَلَغَ مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتِّلَاوَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاتَّخَذَ سَبيله فِي الْبَحْر سَرَبًا مَذْهَبًا يَسْرَبُ يَسْلُكُ وَمِنْهُ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَاتَّخَذَ سَبيله فِي الْبَحْر سربا أَيْ مَسْلَكًا وَمَذْهَبًا يَسْرَبُ فِيهِ وَفِي آيَةٍ أُخْرَى وسارب بِالنَّهَارِ.

     وَقَالَ  أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ سَالِكٌ فِي سَرَبِهِ أَيْ مَذْهَبِهِ وَمِنْهُ أَصْبَحَ فُلَانٌ آمِنًا فِي سِرْبِهِ وَمِنْهُ انْسَرَبَ فُلَانٌ إِذَا مَضَى

[ قــ :4470 ... غــ :4726] .

     قَوْلُهُ  يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ يُسْتَفَادُ بَيَانُ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنَ الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَطْ وَهُوَ أَحَدُ شَيْخي بن جُرَيْجٍ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ أَيْ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَعَدَّاهُ بِغَيْرِ الْبَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يُحَدِّثُ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَقد عين بن جُرَيْجٍ بَعْضَ مَنْ أَبْهَمَهُ كَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرَوَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ سعيد بن جُبَير من مَشَايِخ بن جُرَيْجٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُرْمُزَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَرِوَايَتُهُ فِي السِّيرَةِ الْكُبْرَى لِابْنِ إِسْحَاقَ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  إِذْ قَالَ سَلُونِي فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْعَالِمِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ إِذَا أُمِنَ الْعُجْبُ أَوْ دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ كَخَشْيَةِ نِسْيَانِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ هِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقَولُهُ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ بِالْكُوفَةِ رَجُلًا قَاصًّا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ بِحَذْفِ إِنَّ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْقَاصُّ بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ الْأَخْبَارَ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَهُ نَوْفٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا فَاءٌ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا وَبَعْدَ الْأَلِفِ لَامٌ وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَاسْمُ أَبِيهِ فَضَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي بِكَالِ بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ وَيُقَالُ إِنَّهُ بن امْرَأَة كَعْب الْأَحْبَار وَقيل بن أَخِيهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَدُوقٌ وَفِي التَّابِعِينَ جَبْرٌ بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة بن نَوْفِ الْبَكِيلِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُخَفَّفًا بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بَعْدَهَا لَامٌ مَنْسُوبٌ إِلَى بَكِيلِ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ وَيُكَنَّى أَبَا الْوَدَّاكِ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَلَدُ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ فَقَدْ وَهِمَ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ قَالَ كنت عِنْد بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ مُوسَى الَّذِي طَلَبَ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْنُ مِيشَا أَيِ بن أفرائيم بن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ بن عَبَّاسٍ أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْهُ يَا سَعِيدُ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَذَبَ نَوْفٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَعَارُضٌ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ سَعِيدًا أَبْهَمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لَا أَهْلُ الْكِتَابِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاس يدل قَوْلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أبي إِسْحَاق وَكَانَ بن عَبَّاسٍ مُتَّكِئًا فَاسْتَوَى جَالِسًا.

     وَقَالَ  أَكَذَاكَ يَا سعيد قلت نعم أَنا سمعته.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ كَانَ مُوسَى بْنُ مِيشَا قَبْلَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ نَبِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ الَّذِي صَحِبَ الْخضر قَوْله أما عَمْرو بن دِينَارٍ قَالَ لِي كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ أَرَادَ بن جُرَيْجٍ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ دُونَ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ سُفْيَانَ رَوَاهَا أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا مَضَى وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ وَقَولُهُ كَذَبَ وَقَولُهُ عَدُوُّ اللَّهِ مَحْمُولَانِ عَلَى إِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ عَنْ تَصْدِيقِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَارَتْ أَولا بَين بن عَبَّاسٍ وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ الْفَزَارِيِّ وَسَأَلَا عَنْ ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ لَكِنْ لَمْ يُفْصِحْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِبَيَانِ مَا تَنَازَعَا فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ ذَكَّرَ هُوَ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ وَعَظَهُمْ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَذَكَّرَهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ وَآلَاءُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلَاؤُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْقَدرَ مِنْ زِيَادَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاعِظَ إِذَا أَثَّرَ وَعْظُهُ فِي السَّامِعِينَ فَخَشَعُوا وَبَكَوْا يَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ لِئَلَّا يَمَلُّوا .

     قَوْلُهُ  فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ وَتَوَجَّهَ وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ تُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْخُطْبَةِ لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ لَفْظَةَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّ فِيهِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ قَامَ خَطِيبًا فَخَطَبَ فَفَرَغَ فَتَوَجَّهَ فَسُئِلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ وَمُوسَى بَعْدُ لَمْ يُفَارِقِ الْمَجْلِسَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي مُنَازَعَةِ بن عَبَّاسٍ وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  هَلْ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ لَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌ لِأَنَّ رِوَايَةَ سُفْيَانَ تَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْأَعْلَمِيَّةِ لَهُ وَرِوَايَةَ الْبَابِ تَنْفِي الْأَعْلَمِيَّةَ عَنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَيَبْقَى احْتِمَالُ الْمُسَاوَاةِ وَيُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْبَابِ أَنَّ فِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا خَيْرًا وَأَعْلَمَ مِنِّي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ عِنْدَ مَنْ هُوَ وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْبَحْثُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهَذَا اللَّفْظُ فِي الْعِلْمِ وَوَقَعَ هُنَا فَعُتِبَ بِحَذْفِ الْفَاعِلِ وَقَولُهُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ قِيلَ بَلَى وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ عنترة عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُوسَى قَالَ أَيْ رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَعْلَمُ قَالَ الَّذِي يَبْتَغِي عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ قَالَ مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ الْخَضِرُ تَلْقَاهُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَذَكَرَ لَهُ حِلْيَتَهُ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَكَانَ مُوسَى حَدَّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ فَضْلِ عِلْمِهِ أَوْ ذَكَرَهُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ شَرْحُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَبَيَانُ مَا فِيهَا مِنْ إِشْكَالٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مُسْتَوْفًى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ آتَيْتُهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ أُوتِكَ وَهُوَ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ أَيْضًا وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ وَقَعَ فِي نَفْسِ مُوسَى قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ وَلَفْظُهُ لَمَّا أُوتِيَ مُوسَى التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ اللَّهُ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ أَنْ قَالَ مَنْ أَعْلَمُ مِنِّي وَنَحْوَهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَلَفْظُهُ قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَبْلَغَ فِي الْخُطْبَةِ فَعَرَضَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ مَا أُوتِيَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَيْ رَبِّ فَأَيْنَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ يَا رَبُّ فَكَيْفَ لِي بِهِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فَادْلُلْنِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أَتَعَلَّمَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  اجْعَلْ لِي عَلَمًا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ أَيْ عَلَامَةً وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَكَيْفَ لِي بِهِ وَفِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ .

     قَوْلُهُ  أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي أَطْلُبُ فِيهِ قَوْله فَقَالَ لي عَمْرو هُوَ بن دِينَار وَالْقَائِل هُوَ بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ يَعْنِي فَهُوَ ثَمَّ وَقَعَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو قَالَ تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُ مَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ وَنَحْوَهُ فِي قِصَّةِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَلَفْظُهُ وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لِي يَعْلَى هُوَ بن مُسلم وَالْقَائِل أَيْضا هُوَ بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ خُذْ حُوتًا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نُونًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقِيلَ لَهُ تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحُوتَ كَانَ مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّحُ وَهُوَ حَيٌّ وَمِنْهُ تُعْلَمُ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الْحُوتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُؤْكَلُ مَيِّتًا وَلَا يَرِدُ الْجَرَادُ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْقَدُ وُجُودُهُ لَا سِيَّمَا بِمِصْرَ .

     قَوْلُهُ  حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى حَيْثُ تَفْقِدُهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بن أنس عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُمَا اصْطَادَاهُ يَعْنِي مُوسَى وَفَتَاهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لِفَتَاهُ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ .

     قَوْلُهُ  مَا كُلِّفْتُ كثيرا للْأَكْثَر بِالْمُثَلثَةِ وللكشميهني بِالْمُوَحَّدَةِ قَوْله فَذَلِك قَوْله وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه يُوشَعَ بْنِ نُونٍ لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ الْقَائِلُ لَيست عَن سعيد هُوَ بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْفَتَى لَيْسَتْ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي نَفَاهُ صُورَةَ السِّيَاقِ لَا التَّسْمِيَةَ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَفْظُهُ ثمَّ انْطلق وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَسَبِ يُوشَعَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُ الَّذِي قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ موت مُوسَى وَنقل بن الْعَرَبِيّ أَنه كَانَ بن أُخْتِ مُوسَى وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَقَلَهُ نَوْفُ بْنُ فَضَالَةَ مِنْ أَنَّ مُوسَى صَاحِبُ هَذِهِ الْقِصَّة لَيْسَ هُوَ بن عِمْرَانَ فَلَا يَكُونُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ نَسْمَعْ لِفَتَى مُوسَى بِذكر من حِين لَقِي الْخضر فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّ الْفَتَى شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ الْحُوتُ فَخُلِّدَ فَأَخَذَهُ الْعَالِمُ فَطَابَقَ بِهِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهَا لَتَمُوجُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ إِنْ ثَبَتَ هَذَا فَلَيْسَ هُوَ يُوشَعُ.

.

قُلْتُ لَمْ يَثْبُتْ فَإِن إِسْنَاده ضَعِيف وَزعم بن الْعَرَبِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتَى لَيْسَ هُوَ يُوشَع وَكَأَنَّهُ أَخذه مِنْ لَفْظِ الْفَتَى أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْفَتَى مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَتِيِّ وَهُوَ الشَّبَابُ وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَخْدُمُ الْمَرْءَ سَوَاءٌ كَانَ شَابًّا أَوْ شَيْخًا لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ الْخَدَمَ تَكُونُ شُبَّانًا .

     قَوْلُهُ  فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا .

     قَوْلُهُ  فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ أَيْ مَبْلُولٍ .

     قَوْلُهُ  إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدٍ وَهُوَ تَفَعَّلَ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ السَّيْرُ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ اضْطَرَبَ أَوَّلًا فِي الْمِكْتَلِ فَلَمَّا سَقَطَ فِي الْمَاءِ اضْطَرَبَ أَيْضًا فَاضْطِرَابُهُ الْأَوَّلُ فِيمَا فِي مَبْدَأِ مَا حَيِيَ وَالثَّانِي فِي سَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ اتَّخَذَ فِيهِ مَسْلَكًا وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ سُفْيَانُ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ عَمْرٍو وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ لَا يُصِيبُ من مَائِهَا شَيْء إِلَّا حَيّ فَأَصَابَ الْحُوتُ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ فَتَحَرَّكَ وانسل من المكتل فَدخل الْبَحْر وَحكى بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ فِي الْبُخَارِيِّ الْحَيَا بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ وَهُوَ مَا يَحْيَى بِهِ النَّاسُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَ سُفْيَانُ أَنَّهَا فِي حَدِيث غير عَمْرو قد أخرجهَا بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُفْيَانَ مُدْرَجَةً فِي حَدِيثِ عَمْرٍو وَلَفْظُهُ حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَةِ فَقَالَ مُوسَى عِنْدَهَا أَيْ نَامَ قَالَ وَكَانَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ عَيْنُ مَاءٍ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ لَا يُصِيبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ مَيِّتٌ إِلَّا عَاشَ فَقُطِرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى الْحُوتِ قَطْرَةٌ فَعَاشَ وَخَرَجَ مِنَ المكتل فَسقط فِي الْبَحْر وأظن أَن بن عُيَيْنَةَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ قَتَادَةَ فَقَدْ أَخْرَجَ بن أبي حَاتِم من طَرِيقه قَالَ فَأَنِّي عَلَى عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ فَلَمَّا أَصَابَ تِلْكَ الْعَيْنَ رَدَّ اللَّهُ رُوحَ الْحُوتِ إِلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا حَكَاهُ بن التِّينِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَقَالَ لَا أَرَى هَذَا يَثْبُتُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ قَالَ لَكِنْ فِي دُخُولِ الْحُوتِ الْعين دلَالَة على أَنه كَانَ حَيّ قَبْلَ دُخُولِهِ فَلَوْ كَانَ كَمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْعَيْنِ قَالَ وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَهُ بِغَيْرِ الْعَيْنِ انْتَهَى قَالَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ كَلَامِهِ دَعْوَى وَاسْتِدْلَالًا وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْحُوتُ هُوَ مَاءُ الْعَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْأَخْبَارُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْعَيْنَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَهِيَ غَيْرُ الْبَحْرِ وَكَأَنَّ الَّذِي أَصَابَ الْحُوتَ مِنَ الْمَاءِ كَانَ شَيْئًا مِنْ رَشَاشٍ وَلَعَلَّ هَذَا الْعَيْنَ إِنْ ثَبَتَ النَّقْلُ فِيهَا مُسْتَنَدُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَخُلِّدَ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ يَنْقُلُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُنَادِي فِي ذَلِكَ كِتَابًا وَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِالنَّقْلِ فِيمَا يُوجَدُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ .

     قَوْلُهُ  وَمُوسَى نَائِمٌ فَقَالَ فَتَاهُ لَا أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ فَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ سَارَ فَنَسِيَ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى نسيا حوتهما فَقيل نسب النِّسْيَانُ إِلَيْهِمَا تَغْلِيبًا وَالنَّاسِي هُوَ الْفَتَى نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْفَتَى نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى بِقِصَّةِ الْحُوتِ وَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَسْتَخْبِرَهُ عَنْ شَأْنِ الْحُوتِ بَعْدَ أَنِ اسْتَيْقَظَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَكَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَسْأَلَهُ أَيْنَ هُوَ فَنَسِيَ ذَلِكَ وَقِيلَ بَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَسِيَا أَخَّرَا مَأْخُوذٌ مِنَ النِّسْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا أَخَّرَا افْتِقَادَهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ فَلَمَّا احْتَاجَا إِلَيْهِ ذَكَرَاهُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ صَرِيحُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَرِيحِ الْخَبَرِ وَأَنَّ الْفَتَى اطَّلَعَ عَلَى مَا جَرَى لِلْحُوتِ وَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَ مُوسَى بِذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ مُوسَى تَقَدَّمَ فَتَاهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ فَسَارَ فَقَالَ فَتَاهُ أَلَا أَلْحَقُ نَبِيَّ اللَّهِ فَأُخْبِرُهُ قَالَ فَنَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ وَذكر بن عَطِيَّةَ أَنَّهُ رَأَى سَمَكَةً أَحَدُ جَانِبَيْهَا شَوْكٌ وَعَظْمٌ وَجِلْدٌ رَقِيقٌ عَلَى أَحْشَائِهَا وَنِصْفُهَا الثَّانِي صَحِيحٌ وَيَذْكُرُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَنَّهَا مِنْ نَسْلِ حُوتِ مُوسَى إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَمَّا حَيِيَ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ مِنْهُ اسْتَمَرَّتْ فِيهِ تِلْكَ الصِّفَةُ ثُمَّ فِي نَسْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَانَ أَثَرُهُ فِي حَجَرٍ كَذَا فِيهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَفِي رِوَايَةٍ جُحْرٍ بِضَمِّ الْجِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَهُوَ وضح قَوْله قَالَ لي عَمْرو الْقَائِل هُوَ بن جُرَيْجٍ كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَالَّتِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا يَعْنِي السَّبَّابَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ وَهُوَ يُفَسِّرُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الصِّفَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ صَارَ مِثْلَ الْكُوَّةِ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا كَذَا وَقَعَ هُنَا مُخْتَصَرًا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نصبا قَالَ الدَّاوُدِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَهَمٌ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْفَتَى لَمْ يُخْبِرْ مُوسَى إِلَّا بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ يَوْمِ خَرَجَا لِطَلَبِهِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمَّا تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا قَالَ وَلَمْ يُصِبْهُ نَصَبٌ حَتَّى تَجَاوَزَا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ لَيست هَذِه عَن سعيد هُوَ قَول بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي سَاقَهُ .

     قَوْلُهُ  أَخَّرَهُ كَذَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ بِهَمْزَةٍ وَمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَهَاءٍ ثُمَّ فِي نُسْخَةٍ مِنْهُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا هَاءُ ضَمِيرٍ أَيْ إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ وَأَحَالَ ذَلِكَ عَلَى سِيَاقِ الْآيَةِ وَفِي أُخْرَى بِفَتَحَاتٍ وَتَاءِ تَأْنِيثٍ مُنَوَّنَةٍ مَنْصُوبَةٍ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ أَخْبَرَهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مِنَ الْإِخْبَارِ أَيْ أَخْبَرَ الْفَتَى مُوسَى بِالْقِصَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فساق الْآيَة إِلَى عجبا قَالَ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلِمُوسَى عَجَبًا وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ عَجَبُ مُوسَى أَنْ تَسَرَّبَ حُوتٌ مُمَلَّحٌ فِي مِكْتَلٍ .

     قَوْلُهُ  فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَقَالَ مُوسَى ذَلِك مَا كُنَّا نبغ أَيْ نَطْلُبُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ هَذِهِ حَاجَتُنَا وَذَكَرَ مُوسَى مَا كَانَ اللَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ يَعْنِي فِي أَمْرِ الْحُوتِ .

     قَوْلُهُ  فَارْتَدَّا عَلَى آثارهما قصصا قَالَ رجعا يقصان آثارهما أَيْ آثَارَ سَيْرِهِمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ الَّتِي فَعَلَ فِيهَا الْحُوتُ مَا فَعَلَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتَى لَمْ يُخْبِرْ مُوسَى حَتَّى سَارَا زَمَانًا إِذْ لَوْ أَخْبَرَهُ أَوَّلَ مَا اسْتَيْقَظَ مَا احْتَاجَا إِلَى اقْتِصَاصِ آثَارِهِمَا .

     قَوْلُهُ  فَوَجَدَا خَضِرًا تَقَدَّمَ ذِكْرُ نَسَبِهِ وَشَرْحُ حَالِهِ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِذَا رَجُلٌ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَهَمٌ وَأَنَّهُمَا إِنَّمَا وَجَدَاهُ فِي جَزِيرَةِ الْبَحْرِ.

.

قُلْتُ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا لَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ تَتَبَّعَاهُ إِلَى أَنْ وَجَدَاهُ فِي الْجَزِيرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأرَاهُ مَكَان الْحُوت فَقَالَ هَا هُنَا وُصِفَ لِي فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ إِنْجَابُ الْمَاءُ عَنْ مَسْلَكِ الْحُوتِ فَصَارَ كُوَّةً فَدَخَلَهَا مُوسَى عَلَى أَثَرِ الْحُوتِ فَإِذَا هُوَ بالخضر وروى بن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ فَرَجَعَ مُوسَى حَتَّى أَتَى الصَّخْرَةَ فَوَجَدَ الْحُوتَ فَجَعَلَ مُوسَى يُقَدِّمُ عَصَاهُ يُفَرِّجُ بِهَا عَنْهُ الْمَاءَ وَيَتْبَعُ الْحُوتَ وَجَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ حَتَّى يَصِيرَ صَخْرَةً فَجَعَلَ مُوسَى يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَلَقِيَ الْخَضِرَ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ بلغنَا عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ مُوسَى دَعَا رَبَّهُ وَمَعَهُ مَاءٌ فِي سِقَاءٍ يَصُبُّ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ فَيَصِيرُ حجرا فَيَأْخُذ فِيهِ حَتَّى انْتهى إِلَى صَخْر فَصَعِدَهَا وَهُوَ يَتَشَوَّفُ هَلْ يَرَى الرَّجُلَ ثُمَّ رَآهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَان على طنفسة خضراء الْقَائِل هُوَ بن جريج وَعُثْمَان هُوَ بن أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ بن الْمُبَارك عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ رَأَى مُوسَى الْخَضِرَ عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ انْتَهَى وَالطِّنْفِسَةُ فُرُشٌ صَغِيرٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَبِضَمِّ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ لُغَاتٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مُسَجًّى ثَوْبًا مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مُلْتَفًّا بِكِسَاءٍ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ السُّدِّيِّ فَرَأَى الْخَضِرَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ وَكِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ وَمَعَهُ عَصًا قَدْ أَلْقَى عَلَيْهَا طَعَامَهُ قَالَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقَامَ فِي مَكَانٍ نَبَتَ الْعُشْبُ حَوْلَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ تَحْتَهُ خَضْرَاءَ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْوَةِ وَجْهُ الْأَرْضِ .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ.

     وَقَالَ  وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلَامٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِأَرْضٍ بِالتَّنْوِينِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ وَهِيَ بِمَعْنَى أَيْنَ أَوْ كَيْفَ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِبْعَادٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ لَمْ يَكُونُوا إِذْ ذَاكَ مُسْلِمِينَ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ اسْتَفْهَمَهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَنْتَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ مُوسَى قَالَ مَنْ مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْخَضِرَ أَعَادَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ مُوسَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَضِرُ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا مُوسَى قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنِّي مُوسَى قَالَ أَدْرَانِي بِكَ الَّذِي أَدْرَاكَ بِي وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ نَبِيٌّ لَكِنْ يُبْعِدُ ثُبُوتَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الصَّحِيحِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَمَا شَأْنُكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ .

     قَوْلُهُ  جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِفَتْحَتَيْنِ وَالْبَاقُونَ كُلُّهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى كَالْبُخْلِ وَالْبَخَلُ وَقِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ الدِّينُ وَبِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ صَلَاحُ النَّظَرِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتُعَلِّمَنِي وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لِقَوْلِهِ عُلِّمْتَ .

     قَوْلُهُ  أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيكَ سَقَطَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  يَا مُوسَى إِنَّ لِي عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ أَيْ جَمِيعَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ أَيْ جَمِيعَهُ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْخَضِرَ كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الظَّاهِرِ مَا لَا غِنَى بِالْمُكَلَّفِ عَنْهُ وَمُوسَى كَانَ يَعْرِفُ مِنَ الْحُكْمِ الْبَاطِنِ مَا يَأْتِيهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَهُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا كَذَا أُطْلِقَ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِمْرَارِ النَّفْيِ لِمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مُوسَى لَا يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِ الْإِنْكَارِ إِذَا رَأَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ عِصْمَتِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ مُوسَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ بَلْ مَشَى مَعَهُ لِيُشَاهِدَ مِنْهُ مَا اطَّلَعَ بِهِ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِي الْعِلْمِ الَّذِي اخْتصَّ بِهِ وَقَوله وَكَيف تصبر اسْتِفْهَامٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ لِمَ قُلْتَ إِنِّي لَا أَصْبِرُ وَأَنَا سَأَصْبِرُ قَالَ كَيْفَ تَصْبِرُ وَقَولُهُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أعصى لَك قِيلَ اسْتَثْنَى فِي الصَّبْرِ فَصَبَرَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي الْعِصْيَانِ فَعَصَاهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ أَنَّهُ صَبْرٌ عَنِ اتِّبَاعِهِ وَالْمَشْيِ مَعَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِيمَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الشَّرْعِ وَقَولُهُ فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذكرا فِي رِوَايَة الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ حَتَّى أُبَيِّنَ لَكَ شَأْنَهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الطَّائِرَ نَقَرَ فِي الْبَحْرِ عَقِبَ قَوْلِ الْخَضِرِ لِمُوسَى مَا يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِهِمَا وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ تَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ مَا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَلَفْظُهُ كَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا قَالَ وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ إِلَخْ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مُعَقَّبٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ رُكُوبُهُمَا السَّفِينَةَ لِتَصْرِيحِ سُفْيَانَ بِذِكْرِ السَّفِينَةِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى أَتَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الطَّائِرُ قَالَ لَا قَالَ يَقُولُ مَا عِلْمُكُمَا الَّذِي تَعْلَمَانِ فِي عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا أَنْقُصُ بِمِنْقَارِي مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْبَحْرِ وَفِي رِوَايَةِ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ أَرْسَلَ رَبُّكَ الْخَطَّافَ فَجَعَلَ يَأْخُذُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْمَاءِ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ الْخَطَّافُ وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ رَأَى هَذَا الطَّائِرَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ النّمْرُ وَنَقَلَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ الصُّرَدُ .

     قَوْلُهُ  وَجَدَا مَعَابِرَ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ لَا أَنَّ قَوْلَهُ وَجَدَا جَوَابُ إِذَا لِأَنَّ وُجُودَهُمَا الْمَعَابِرَ كَانَ قَبْلَ رُكُوبِهِمَا السَّفِينَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّا فِي سَفِينَةٍ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ وَالْمَعَابِرُ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ جَمْعُ مَعْبَرٍ وَهِيَ السُّفُنُ الصِّغَارُ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ مَرَّتْ بِهِمْ سَفِينَةُ ذَاهِبٍ فَنَادَاهُمْ خَضِرٌ .

     قَوْلُهُ  عَرَفُوهُ فَقَالُوا عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ قَالَ قُلْنَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ خَضِرٌ قَالَ نَعَمْ الْقَائِلُ فِيمَا أَظُنُّ يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوا .

     قَوْلُهُ  بِأَجْرٍ أَيْ أُجْرَةٍ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَحَمَلُوا بِغَيْرِ نَوْلٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فَنَادَاهُمْ خَضِرٌ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ ضِعْفَ مَا حَمَلُوا بِهِ غَيْرَهُمْ فَقَالُوا لِصَاحِبِهِمْ إِنَّا نَرَى رِجَالًا فِي مَكَانٍ مَخُوفٍ نَخْشَى أَنْ يَكُونُوا لُصُوصًا فَقَالَ لَأَحْمِلَنَّهُمْ فَإِنِّي أَرَى عَلَى وُجُوهِهِمُ النُّورَ فَحَمَلَهُمْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَذَكَرَ النَّقَّاشُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ أَصْحَابَ السَّفِينَةِ كَانُوا سَبْعَةً بِكُلِّ وَاحِدٍ زَمَانَةٌ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَقَهَا وَوَتَّدَ فِيهَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ جَعَلَ فِيهَا وَتَدًا وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَلَمَّا رَكِبُوا فِي السَّفِينَةِ لَمْ يُفْجَأْ إِلَّا وَالْخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالْقُدُومِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ قَلَعَ اللَّوْحَ وَجَعَلَ مَكَانَهُ وَتَدًا وَعِنْدَ عَبْدِ بن حميد من رِوَايَة بن الْمُبَارك عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ جَاءَ بِوَدٍّ حِينَ خَرَقَهَا وَالْوَدُّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ لُغَةٌ فِي الْوَتَدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ إِلَّا مُوسَى وَلَوْ رَآهُ الْقَوْمُ لَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ قَوْله لقد جِئْت شَيْئا أمرا قَالَ مُجَاهِد مُنْكرا هُوَ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقِيلَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد مثله وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ إِمْرًا قَالَ عَجَبًا وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي صَخْرٍ فِي قَوْلِهِ إِمْرًا قَالَ عَظِيمًا وَفِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ مُوسَى لَمَّا رَأَى ذَلِكَ امْتَلَأَ غَضَبًا وَشَدَّ ثِيَابَهُ.

     وَقَالَ  أَرَدْتَ إِهْلَاكَهُمْ سَتَعْلَمُ أَنَّكَ أَوَّلُ هَالِكٍ فَقَالَ لَهُ يُوشَعُ أَلَا تَذْكُرُ الْعَهْدَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَضِرُ فَقَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ فَأَدْرَكَ مُوسَى الْحِلْمُ فَقَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي وَإِنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَلَصُوا قَالَ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ إِنَّمَا أَرَدْتُ الْخَيْرَ فَحَمِدُوا رَأْيَهُ وَأَصْلَحَهَا اللَّهُ عَلَى يَدِهِ .

     قَوْلُهُ  كَانَتِ الْأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَالَ.

     وَقَالَ  رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا وَلم يذكر الْبَاقِي وروى بن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ الْأُولَى نِسْيَانٌ وَالثَّانِيَةُ عُذْرٌ وَالثَّالِثَة فِرَاق وَعند بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى إِنْ عَجِلْتَ عَلَيَّ فِي ثَلَاثٍ فَذَلِكَ حِينَ أُفَارِقُكَ وَرَوَى الْفَرَّاءُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَمْ يَنْسَ مُوسَى وَلَكِنَّهُ مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا لَاعْتَذَرَ مُوسَى عَنِ الثَّانِيَةِ وَعَنِ الثَّالِثَةِ بِنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَقِيَا غُلَامًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى الساحلي إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَامًا .

     قَوْلُهُ  فَقَتَلَهُ الْفَاءُ عَاطِفَةٌ عَلَى لَقِيَا وَجَزَاءُ الشَّرْطِ قَالَ أَقَتَلْتَ وَالْقَتْلُ مِنْ جُمْلَةِ الشَّرْطِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ قَتْلَ الْغُلَامِ يَعْقُبُ لِقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ وَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَة خرقها فَإِنَّ الْخَرْقَ وَقَعَ جَوَابَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ تَرَاخَى عَن الرّكُوب قَوْله قَالَ يعلى هُوَ بن مُسْلِمٍ وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَالَ سَعِيدٌ هُوَ بن جُبَيْرٍ وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلَامًا كَافِرًا ظريفا فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن بن جُرَيْجٍ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ غُلَامًا وَضِيءَ الْوَجْهِ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَطَعَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ ذَبَحَهُ ثُمَّ اقْتَلَعَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَأَخَذَ صَخْرَةً فثلغ رَأسه وَهِي بمثلثة ثمَّ مُعْجَمَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَ رَأْسَهُ بِالصَّخْرَةِ ثُمَّ ذَبَحَهُ وَقَطَعَ رَأْسَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لَمْ تَعْمَلِ الْحِنْثَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ وَلِأَبِي ذَرٍّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَقَولُهُ لَمْ تَعْمَلْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ زَكِيَّةً وَالتَّقْدِيرُ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً لَمْ تَعْمَلِ الْحِنْثَ بِغَيْرِ نفس قَوْله وبن عَبَّاسٍ قَرَأَهَا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ وَكَانَ بن عَبَّاس يقْرؤهَا زكية وَهِي قِرَاءَة الْأَكْثَر وَقَرَأَ نَافِع وبن كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو زَاكِيَةً وَالْأُولَى أَبْلَغُ لِأَنَّ فَعِيلَةً مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ .

     قَوْلُهُ  زَاكِيَةً مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلَامًا زَاكِيًا هُوَ تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي وَيُشِير إِلَى الْقِرَاءَتَيْن أَي أَن قِرَاءَة بن عَبَّاسٍ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْقِرَاءَةَ الْأُخْرَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ بِمَعْنى مسلمة وَإِنَّمَا أطلق ذَلِك مُوسَى عَلَى حَسَبِ ظَاهِرِ حَالِ الْغُلَامِ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ مُسْلِمَةً فَالْأَكْثَرُ بِسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَلِبَعْضِهِمْ بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَزَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ هُنَا أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صبرا قَالَ وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلَا أَنَّهُ عَجِلَ لَرَأَى الْعَجَبَ وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ ذَمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَاسْتَحْيَا عِنْدَ ذَلِكَ مُوسَى.

     وَقَالَ  إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ أَكْثَرَ مِمَّا قَصَّ .

     قَوْلُهُ  فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أهل قَرْيَة وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا قِيلَ هِيَ الْأُبُلَّةُ وَقِيلَ إِنْطَاكِيَةُ وَقِيلَ أَذْرَبِيجَانُ وَقِيلَ بُرْقَةُ وَقِيلَ نَاصِرَةُ وَقِيلَ جَزِيرَةُ الْأَنْدَلُسِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ قَرِيبٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشِدَّةُ الْمُبَايَنَةِ فِي ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يُوثَقَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ هُوَ من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدٍ وَلِهَذَا قَالَ بعده قَالَ يعلى هُوَ بن مُسْلِمٍ حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ قَالَ مَائِلٌ فَقَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ عُرْضَ ذَلِكَ الْجِدَارِ كَانَ خَمْسِينَ ذِرَاعًا فِي مِائَةِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِهِمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ زَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بيني وَبَيْنك فَأَخَذَ مُوسَى بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَقَالَ حَدِّثْنِي وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى أَتَلُومُنِي عَلَى خَرْقِ السَّفِينَةِ وَقَتْلِ الْغُلَامِ وَإِقَامَةِ الْجِدَارِ وَنَسِيتَ نَفْسَكَ حِينَ أُلْقِيتَ فِي الْبَحْرِ وَحِينَ قَتَلْتَ الْقِبْطِيَّ وَحِينَ سَقَيْتَ أَغْنَامَ ابْنَتَيْ شُعَيْبٍ احْتِسَابًا قَوْله وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك وَكَانَ أمامهم قَرَأَهَا بن عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي وَرَاءَ فِي تَفْسِيرِ إِبْرَاهِيمَ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بَدَدٍ الْقَائِلُ ذَلِك هُوَ بن جُرَيْجٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ السُّفُنَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ قلت وَقد عزاهُ بن خَالَوَيْهِ فِي كِتَابٍ لَيْسَ لِمُجَاهِدٍ قَالَ وَزَعَمَ بن دُرَيْدٍ أَنَّ هُدَدَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ زَوَّجَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بِلْقِيسَ.

.

قُلْتُ إِنْ ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ مُدَّةِ مُوسَى وَسُلَيْمَانَ وَهُدَدُ فِي الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَحَكَى بن الْأَثِيرِ فَتْحَهَا وَالدَّالُ مَفْتُوحَةٍ اتِّفَاقًا وَوَقَعَ عِنْدَ بن مَرْدَوَيْهِ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْهَاءِ وَأَبُوهُ بَدَدٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ أَنَّ اسْمَهُ مَنُولَةُ بْنُ الْجَلَنْدِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ وَقِيلَ هُوَ الْجَلَنْدِيُّ وَكَانَ بِجَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ .

     قَوْلُهُ  الْغُلَامُ الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ حيسور الْقَائِل ذَلِك هُوَ بن جُرَيْجٍ وَحَيْسُورُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلِهِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثمَّ مُهْملَة مَضْمُومَة وَكَذَا فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِجِيمٍ أَوَّلِهِ وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ بِنُونٍ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ وَعِنْدَ عَبْدُوسٍ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَآهُ فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ بَيْنَهُمَا الْوَاوُ السَّاكِنَةُ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ كَالْقَابِسِيِّ وَفِي تَفْسِيرِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ اسْمُهُ حَشْرَدُ وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ اسْمُ الْغُلَامِ شَمْعُونُ .

     قَوْلُهُ  مَلِكٌ يَأْخُذُ كل سفينة غصبا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَكَانَ أُبَيٌّ يَقْرَأُ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ بن مَسْعُودٍ يَقْرَأُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ غَصْبًا .

     قَوْلُهُ  فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَإِذَا جَاوَزُوهُ رَقَّعُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا وَبَقِيَتْ لَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ أَمَّا الْقَارُ فَهُوَ بِالْقَافِ وَهُوَ الزِّفْتُ.

.
وَأَمَّا قَارُورَةٌ فَضُبِطَتْ فِي الرِّوَايَاتِ بِالْقَافِ لَكِنْ فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ ثَارُورَةٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ تَقَعُ فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَلَا تَقَعُ بَدَلَ الْقَافِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ فَارَ فَوْرَةً مِثْلَ ثَارَ ثَوْرَةً فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ فَاعُولَةٌ مِنْ ثَوَرَانِ الْقِدْرِ الَّذِي يَغْلِي فِيهَا الْقَارُ أَوْ غَيْرُهُ وَقَدْ وُجِّهَتْ رِوَايَةُ الْقَارُورَةِ بِالْقَافِ بِأَنَّهَا فَاعُولَةٌ مِنَ الْقَارِ.

.
وَأَمَّا الَّتِي مِنَ الزُّجَاجِ فَلَا يُمْكِنُ السَّدُّ بِهَا وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ احْتِمَالَ أَنْ يُسْحَقَ الزُّجَاجُ وَيُلَتَّ بِشَيْءٍ وَيُلْصَقَ بِهِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ وَلَا إِشْكَالَ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَكَانَ كَافِرًا يَعْنِي الْغُلَامَ الْمَقْتُولَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ.

.
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ وَفِي الْمُبْتَدَأِ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ كَانَ اسْمُ أَبِيهِ مَلَّاسَ وَاسْمُ أُمِّهِ رَحْمَا وَقِيلَ اسْمُ أَبِيهِ كَارِدِي وَاسْمُ أُمِّهِ سَهْوَى .

     قَوْلُهُ  فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكفرا أَن يحملهَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ هَذَا من تَفْسِير بن جُرَيْجٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير وَأخرج بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ يُرْهِقَهُمَا أَيْ يَغْشَاهُمَا .

     قَوْلُهُ  خَيْرًا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما لقَوْله أقتلت نفسا زكية يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ زَكَاةً ذُكِرَ لِلْمُنَاسَبَةِ الْمَذْكُورَةِ وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بن مُحَمَّد عَن بن جريج فِي قَوْله خيرا مِنْهُ زَكَاة قَالَ إِسْلَامًا وَمِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ دِينًا .

     قَوْلُهُ  وَأَقْرَبَ رُحْمًا هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قتل خضر وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَطِيَّةَ نَحْوَهُ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ الرَّحِمُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْقَرَابَةُ وَبِسُكُونِهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَبِضَمِّ الرَّاءِ ثُمَّ السُّكُونِ الرَّحْمَةُ وَعَنْ أَبِي عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ الرُّحْمُ وَالرَّحْمُ يَعْنِي بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَعَ السُّكُونِ فِيهِمَا بِمَعْنًى وَهُوَ مِثْلُ الْعُمْرِ وَالْعَمْرِ وَسَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  رُحْمًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدِ أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَة هُوَ قَول بن جريج وروى بن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن بن جُرَيْجٍ قَالَ.

     وَقَالَ  يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ وَيُقَالُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ فَأَبْدَلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً قَالَ أَبْدَلَهُمَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلِلطَّبَرَيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ نَحْوَهُ وَلِابْنِ الْمُنْذر من طَرِيق بسطَام بن حميل قَالَ أَبْدَلَهُمَا مَكَانَ الْغُلَامِ جَارِيَةً وَلَدَتْ نَبِيَّيْنِ وَلِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَلَدَتْ جَارِيَةً وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ وَلَدَتْ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ نَبِيًّا وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَعْدُ مُوسَى فَقَالُوا لَهُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيل الله وَاسْمُ هَذَا النَّبِيِّ شَمْعُونُ وَاسْمُ أُمِّهِ حِنَةُ وَعند بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهَا ولدت غُلَاما لَكِن إِسْنَاده ضَعِيف وَأخرجه بن الْمُنْذر بِإِسْنَاد حسن عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس نَحوه وَفِي تَفْسِير بن الْكَلْبِيِّ وَلَدَتْ جَارِيَةً وَلَدَتْ عِدَّةَ أَنْبِيَاءَ فَهَدَى اللَّهُ بِهِمْ أُمَمًا وَقِيلَ عِدَّةُ مَنْ جَاءَ مِنْ وَلَدِهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سَبْعُونَ نَبِيًّا .

     قَوْلُهُ .

.
وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غير وَاحِد إِنَّهَا جَارِيَة هُوَ قَول بن جُرَيْجٍ أَيْضًا وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بن مُحَمَّد عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سعيد بن جُبَير إِنَّهَا جَارِيَة قَالَ بن جُرَيْجٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّهُ يَوْمَ قُتِلَ كَانَتْ حُبْلَى بِغُلَامٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَاصِمٍ هُوَ أَخُو دَاوُدَ وَهُمَا ابْنَا عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ الْحِرْصِ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ الْعِلْمِ وَالرِّحْلَةِ فِيهِ وَلِقَاءِ الْمَشَايِخِ وَتَجَشُّمِ الْمَشَاقِّ فِي ذَلِكَ وَالِاسْتِعَانَةِ فِي ذَلِكَ بِالْأَتْبَاعِ وَإِطْلَاقِ الْفَتَى عَلَى التَّابِعِ وَاسْتِخْدَامِ الْحُرِّ وَطَوَاعِيَةِ الْخَادِمِ لِمَخْدُومِهِ وَعُذْرِ النَّاسِي وَقَبُولِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ نَبِيٌّ لِعِدَّةِ مَعَانٍ قَدْ نَبَّهْتُ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِ وَمَا فعلته عَن أمرى وَكَاتِّبَاعِ مُوسَى رَسُولِ اللَّهِ لَهُ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ وَكَإِطْلَاقِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ وَكَإِقْدَامِهِ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ لِمَا شَرَحَهُ بَعْدُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ أَغْلَظِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا وَالْإِغْضَاءِ عَلَى بَعْضِ الْمُنْكَرَاتِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ مَا هُوَ أَشَدُّ وَإِفْسَادِ بَعْضِ الْمَالِ لِإِصْلَاحِ مُعْظَمِهِ كَخِصَاءِ الْبَهِيمَةِ لِلسِّمَنِ وَقَطْعِ أُذُنِهَا لِتَتَمَيَّزَ وَمِنْ هَذَا مُصَالَحَةُ وَلِيِّ الْيَتِيمِ السُّلْطَانَ عَلَى بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ خَشْيَةَ ذَهَابِهِ بِجَمِيعِهِ فَصَحِيحٌ لَكِنْ فِيمَا لَا يُعَارِضُ مَنْصُوصَ الشَّرْعِ فَلَا يَسُوغُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ أَنْ يَقْتُلَ أَنْفُسًا كَثِيرَةً قَبْلَ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَ الْخَضِرُ ذَلِكَ لِاطِّلَاعِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ قَوْلُ الْخَضِرِ.

.
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ أَنْ لَوْ عَاشَ حَتَّى يَبْلُغَ وَاسْتِحْبَابُ مِثْلِ هَذَا الْقَتْلِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَلِلَّهِ أَنْ يَحْكُمَ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَفِيهِ جَوَازُ الْإِخْبَارِ بِالتَّعَبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَلَمُ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ سَخَطٍ مِنَ الْمَقْدُورِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَجِّهَ إِلَى رَبِّهِ يُعَانُ فَلَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ النَّصَبُ وَالْجُوعُ بِخِلَافِ الْمُتَوَجِّهِ إِلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قِصَّةِ مُوسَى فِي تَوَجُّهِهِ إِلَى مِيقَاتِ رَبِّهِ وَذَلِكَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ تَعِبَ وَلَا طَلَبَ غَدَاءً وَلَا رَافَقَ أَحَدًا.

.
وَأَمَّا فِي تَوَجُّهِهِ إِلَى مَدْيَنَ فَكَانَ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَصَابَهُ الْجُوعُ وَفِي تَوَجُّهِهِ إِلَى الْخَضِرِ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ أَيْضًا فَتَعِبَ وَجَاعَ وَفِيهِ جَوَازُ طَلَبِ الْقُوتِ وَطَلَبِ الضِّيَافَةِ وَفِيهِ قِيَامُ الْعُذْرِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَة وَقيام الْحجَّة بِالثَّانِيَةِ قَالَ بن عَطِيَّةَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَصْلُ مَالِكٍ فِي ضَرْبِ الْآجَالِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي التَّلَوُّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ وَأَنْ لَا يُضَافَ إِلَيْهِ مَا يُسْتَهْجَنُ لَفْظُهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ بِتَقْدِيرِهِ وَخَلْقِهِ لِقَوْلِ الْخَضِرِ عَنِ السَّفِينَةِ فَأَرَدْتُ أَنْ أعيبها وَعَن الْجِدَار فَأَرَادَ رَبك وَمِثْلُ هَذَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَيْر بِيَدِك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِهِ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61] سَرَبًا مَذْهَبًا يَسْرُبُ يَسْلُكُ وَمِنْهُ {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}
هذا ( باب) بالتنوين ( قوله) عز وجل: ( {فلما بلغا مجمع بينهما}) أي مجمع البحرين وبينهما ظرف أضيف إليه على الاتساع ( {نسيا حوتهما}) نسي يوشع أن يذكر لموسى ما رأى من حياة الحوت ووقوعه في البحر ونسي موسى أن يطلبه ويتعرف حاله ليشاهد منه تلك الأمارة التي جعلت لها وذلك أن موسى عليه السلام وعد أن لقاء الخضر عند مجمع البحرين كما مرّ وأن فقد الحوت علامة للقائه، فلما بلغ الموعد كان من حقهما أن يتفقد أمر الحوت أما الفتى فلكونه كان خادمًا له وكان عليه أن يقدمه بين يديه، وأما موسى فلكونه كان أميرًا عليه أن يأمره بإحضاره فنسي كل واحد ما عليه وإنما احتيج إلى التأويل لأن النسيان لا يتعلق بالذوات كما سبق عن الراغب في تعريفه النسيان ترك ضبط ما استودع إما لضعف قلبه وإما عن غفلة أو عن قصد حتى يحذف عن القلب ذكره قاله في فتوح الغيب.
( {فاتخذ سبيله في البحر سربًا}) [الكهف: 61] بسكون الراء في الفرع كأصله ولأبي ذر سربًا بفتحها أي ( مذهبًا يسرب يسلك ومنه) أي ومن سربًا قوله: ( {وسارب بالنهار}) قال أبو عبيدة أي سالك في سربه أي مذهبه وسقط لفظ باب لغير أبي ذر وسقط له لفظ قوله.


[ قــ :4470 ... غــ : 4726 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرَهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ إِذْ قَالَ: سَلُونِي؟ قُلْتُ: أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ -جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ- بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ يُقَالُ لَهُ نَوْقٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ لِي قَالَ: قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ.

.
وَأَمَّا يَعْلَى فَقَالَ لِي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ: ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ وَلَّى فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَالَ: لاَ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ قِيلَ: بَلَى، قَالَ: أَيْ رَبِّ فَأَيْنَ؟ قَالَ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: أَيْ رَبِّ اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ -فَقَالَ لِي عَمْرٌو:- فَقَالَ لِي عَمْروٌ: حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ -وَقَالَ لِي يَعْلَى: قَالَ: «خُذْ نُونًا مَيِّتًا حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ فَقَالَ: لِفَتَاهُ لاَ أُكَلِّفُكَ إِلاَّ أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ قَالَ: مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا؟ فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  جَلَّ ذِكْرُهُ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى} لِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ" لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: "فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ إِذْ تَضَرَّبَ الْحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ فَقَالَ فَتَاهُ: لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ فَنَسِىَ أَنْ يُخْبِرَهُ وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ- قَالَ لِي عَمْرٌو هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا "لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، قَالَ: قَدْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْكَ النَّصَبَ" -لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ- "فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا" قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ -قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ- "مُسَجًّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ.

     وَقَالَ : هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيكَ يَا مُوسَى إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ.

     وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ عَرَفُوهُ فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ خَضِرٌ قَالَ: نَعَمْ لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا قَالَ مُوسَى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} "قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا، " {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا وَالْوُسْطَى شَرْطًا وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا، " {قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} {لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ} قَالَ يَعْلَى قَالَ سَعِيدٌ: "وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا
فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ قَالَ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74] لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ؟ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً.
زَاكِيَةً - مُسْلِمَةً " {فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} " [الكهف: 77] قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ "فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] قَالَ سَعِيدٌ أَجْرًا نَأْكُلُهُ {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ} وَكَانَ أَمَامَهُمْ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ وَالْغُلاَمُ الْمَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا فَأَرَدْتُ} [الكهف: 79] إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِالْقَارِ كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَكَانَ كَافِرًا فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا لِقَوْلِهِ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74] وَأَقْرَبَ رُحْمًا هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلاَ جَارِيَةً.

.
وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إِنَّهَا جَارِيَةٌ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) الفراء الصغير الرازي قال: ( أخبرنا هشام بن يوسف) اليماني قاضيها ( أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد ( يعلى بن مسلم) بن هرمز المكي البصري الأصل ( وعمرو بن دينار عن سعيد بن جبير يزيد أحدهما على صاحبه) قال الحافظ ابن حجر: فتستفاد زيادة أحدهما على الآخر من الإسناد الذي قبله فإن الأوّل من رواية سفيان عن عمرو بن دينار فقط وهو أحد شيخي ابن جريج فيه ( وغيرهما) هو من كلام ابن جريج أي وغير يعلى وعمرو ( قد سمعته) حال كونه ( يحدثه) أي يحدث الحديث المذكور ( عن سعيد) وكان الأصل أن يقول يحدث به لكنه عداه بغير الباء، ولأبي ذر عن الكشميهني يحدث بحذف الضمير المنصوب، وقد عين ابن جريج بعض من أبهمه في قوله وغيرهما كعثمان بن أبي سليمان، وروى شيئًا من هذه القصة عن سعيد بن جبير من مشايخ ابن جريج عبد الله بن عثمان بن خثيم وعبد الله بن هرمز وعبد الله بن عبيد بن عمير، وممن روى هذا الحديث عن سعيد بن جبير أبو إسحاق السبيعي وروايته عند مسلم وأبي داود وغيرهما والحكم بن عتيبة وروايته في السيرة الكبرى لابن إسحاق كما نبه على ذلك في الفتح وفي رواية أبي ذر عن سعيد بن جبير أنه ( قال: إنا لعند ابن عباس) حال كونه ( في بيته) واللام في لعند للتأكيد ( إذ قال: سلوني) قال سعيد بن جبير ( قلت أي أبا عباس) يعني يا أبا عباس وهي كنية عبد الله بن عباس ( جعلني الله فداك بالكوفة رجل قاص) بتشديد الصاد المهملة يقص على الناس الأخبار من المواعظ وغيرها ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أن بالكوفة رجلًا قاصًّا ( يقال له نوف) بفتح النون وسكون الواو آخره فاء منونًا منصرفًا في الفصحى بطن من العرب وعلى تقدير أن يكون أعجميًّا فمنصرف نوح لسكون وسطه واسمه فضالة وهو ابن امرأة كعب الأحبار ( يزعم أنه) أي موسى صاحب الخضر ( ليس بموسى بن إسرائيل) المرسل إليهم والباء زائدة للتوكيد وأضيف إلى بني
إسرائيل مع العلمية لأنه نكر بأن أول بواحد من الأمة المسماة به ثم أضيف إليه قال ابن جريج ( أما عمرو) يعني ابن دينار ( فقال لي) في تحديثه لي عن سعيد ( قال) أي ابن عباس ( قد كذب عدوّ الله) يعني نوفًا وسقط لأبي ذر قال قد ( وأما يعلى) بن مسلم ( فقال لي) في تحديثه لي عن سعيد ( قال ابن عباس حدثني) بالإفراد ( أبي بن كعب قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
هو ( موسى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي الفرع أصله عليه السلام ( قال ذكر الناس يومًا) بتشديد الكاف من التذكير أي وعظهم ( حتى إذا فاضت العيون) بالدموع ( ورقت القلوب) لتأثير وعظه في قلوبهم ( ولى) تخفيفًا لئلا يملوا وهذا ليس في رواية سفيان فظهر أنه من رواية يعلى بن مسلم عن عمرو وقال العوفي عن ابن عباس فيما ذكره ابن كثير لما ظهر موسى وقومه على مصر أمره الله أن يذكرهم بأيام الله فخطبهم فذكرهم إذ أنجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوّهم وقال كلم الله موسى نبيكم تكليمًا واصطفاه لنفسه وأنزل عليه محبة منه وآتاكم من كل ما سألتموه فنبيكم أفضل أهل الأرض ( فأدركه رجل) لم يسم ( فقال) موسى ( أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا) .

فإن قلت: هل بين هذا وبين قوله في رواية سفيان السابقة هنا فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فرق؟ أجيب بأن بينهما فرقًا لأن رواية سفيان تقتضي الجزم بالأعلمية له وهذه تنفي الأعلمية عن غيره عليه فيبقى احتمال المساواة قاله في الفتح.

( فعتب) بفتح العين ( عليه إذ لم يردّ العلم إلى الله) في الرواية السابقة وغيرها فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه على التقديم والتأخير ( قيل بلى) زاد في رواية الحر بن قيس عبدنا خضر ولمسلم من رواية أبي إسحاق أن في الأرض رجلًا هو أعلم منك ( قال) موسى ( أي رب فأين) أي فأين أجده أو فأين هو وللنسائي فادللني على هذا الرجل حتى أتعلم منه ولأبي ذر وأين ( قال بمجمع البحرين) بحري فارس والروم أو بحري الشرق والمغرب المحيطين بالأرض أو العذب والملح ( قال) موسى ( أي رب اجعل لي علمًا أعلم ذلك) المطلوب ( منه) وفي نسخة به قال ابن جريج ( فقال) ولأبي ذر قال ( لي عمرو) هو ابن دينار ( قال) : العلم على ذلك المكان ( حيث يفارقك الحوت) فإنك تلقاه ( وقال لي يعلى) بن مسلم ( قال: خذ نونًا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي خذ حوتًا ( ميتًا) ولمسلم في رواية أبي إسحاق فقيل له تزود حوتًا مالحًا فإنه حيث يفقد الحوت ( حيث ينفخ فيه) أي في الحوت ( الروح) بيان لقوله حيث يفارقك الحوت ( فأخذ) موسى ( حوتًا) ميتًا مملوحًا وقيل شق حوت مملح ولابن أبي حاتم أن موسى وفتاه اصطاداه ( فجعله في مكتل فقال لفتاه لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت قال) فتاه ( ما كلفت) أي ما كلفتني ( كثيرًا) بالمثلثة ولأبي ذر عن الكشميهني كبيرًا بالموحدة ( فذلك قوله جل ذكره {وإذ قال موسى لفتاه} يوشع بن نون) بالصرف قال ابن جريج ( ليست) تسمية الفتى ( عن سعيد) هو ابن جبير ( قال فبينما) بالميم ( هو) أي موسى وفتاه تبع له ( في ظل صخرة) حال كونه ( في مكان ثريان) بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة فتحتية
مفتوحة وبعد الألف نون صفة لمكان مجرور بالفتحة لا ينصرف لأنه من باب فعلان فعلى أو منصوب حالًا من الضمير المستتر في الجار والمجرور ويجوز ثريانًا بالنصب حالًا كما مر وبالتنوين منصرفًا على لغة بني أسد لأنهم يصرفون كل صفة على فعلان ويؤنثونه بالتاء ويستغنون فيه بفعلاته عن فعلى فيقولون سكرانة وغضبانة فلم تكن الزيادة عندهم في فعلان شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف وفي بعض الأصول ثريان بالجر صفة لمكان وبالتنوين ما مر وهو من الثرى قال: في النهاية يقال مكان ثريان وأرض ثريى إذا كان في ترابهما بلل وندى ( إذ تضرب الحوت) بضاد معجمة وراء مشددة تفعل أي اضطرب وتحرك إذ حيي في المكتل ( و) الحال إن ( موسى نائم) عند الصخرة ( فقال فتاه) يوشع ( لا أوقظه حتى إذا استيقظ) سار ( فنسي) بالفاء ولغير أبي ذر نسي بحذفها ( أن يخبره) بحياة الحوت ( وتضرب الحوت) أي اضطرب سائرًا من المكتل ( حتى دخل البحر) وفي نسخة في البحر ( فأمسك الله عنه) عن الحوت ( جرية البحر حتى كأن أثره) نصب بكأن ( في حجر) بفتح الحاء والجيم خبرها.

قال ابن جريج: ( قال لي عمرو) هو ابن دينار ( هكذا كأن أثره في حجر) بتقديم الجيم المفتوحة على الحاء المفتوحة على كشط في الفرع مصححًا عليها وفي اليونينية وغيرها بتقديم المهملة وفتحهما وفي نسخة بالفرع وأصله حجر بجيم مضمومة فمهملة ساكنة قال ابن حجر وهي أوضح ( وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما) يعني الوسطى والتي بعدها ولأبي ذر عن الحموي والمستملي والتي ولأبي ذر أيضًا أخرة تليانهما بفتح الهمزة والخاء المعجمة والراء يعني الوسطي ( لقد لقينا) فيه حذف اختصره وقع مبينًا في رواية سفيان فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كانا من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا ( من سفرنا هذا نصبًا) تعبًا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به ( قال) فتى موسى له: ( فد قطع الله عنك النصب) .

قال ابن جريج: ( ليست هذه عن سعيد) هو ابن جبير ( أخبره) بسكون المعجمة وموحدة مفتوحة من الإخبار أي أخبر يوشع موسى بقصة تضرب الحوت وفقده الذي هو علامة على وجود الخضر ( فرجعا) في الطريق الذي جاءا فيه يقصان آثارهما قصصًا حتى انتهيا إلى الصخرة التي حيي الحوت عندها ( فوجدا خضرًا) نائمًا في جزيرة من جزائر البحر.

قال ابن جريج: ( قال لي عثمان بن أبي سليمان) بن جبير بن مطعم وهو ممن أخذ هذا الحديث عن سعيد بن جبير ( على طنفسة خضراء) بكسر الطاء المهملة والفاء بينهما نون ساكنة ولأبي ذر طنفسة بفتح الفاء ويجوز ضم الطاء والفاء وكلها لغات أي فرش صغير أو بساط له خمل ( على كبد البحر) أي وسطه وعند عبد بن حميد من طريق ابن المبارك عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان قال: رأى موسى الخضر على طنفسة خضراء على وجه الماء وعند ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس أنه وجده في جزيرة في البحر ( قال) ولأبي ذر فقال: ( سعيد بن جبير) بالإسناد السابق ( مسجى) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الجيم منونة أي مغطى كله ( بثوبه
قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه)
الآخر ( تحت رأسه) وعند ابن أبي حاتم عن السدي فرأى الخضر وعليه جبة من صوف وكساء من صوف ومعه عصا قد ألقى عليها طعامه ( فسلم عليه موسى فكشف) الثوب ( عن وجهه) زاد مسلم في رواية أبي إسحاق وقال وعليكم السلام ( وقال: هل بأرضي من سلام) لأنهم كانوا كفارًا أو كانت تحيتهم غير السلام ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني هل بأرض بالتنوين ثم قال الخضر لموسى ( من أنت؟ قال: أنا موسى قال) له: ( أموسى بني إسرائيل؟ قال: نعم.
قال: فما شأنك)
؟ أي ما الذي تطلب ( قال: جئت) إليك ( لتعلمني مما علمت رشدًا) أي علمًا ذا رشد ( قال) الخضر يا موسى ( أما يكفيك أن التوراة بيديك) بالتثنية ( وأن الوحي يأتيك) من الله على لسان جبريل وهذه الزيادة ليست في رواية سفيان فالظاهر أنها من رواية يعلى بن مسلم ( يا موسى إن لي علمًا لا ينبغي لك أن تعلمه) أي كله ( وإن لك علمًا لا ينبغي لي أن أعلمه) أي كله وتقدير هذا ونحوه متعين كما قال في الفتح لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى للمكلف عنه وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي.
وقال البرماوي كالكرماني: وإنما قال لا ينبغي لي أن أعلمه لأنه إن كان نبيًا فلا يجب عليه تعلم شريعة نبي آخر وإن كان وليًا فلعله مأمور بمتابعة نبي غيره وقوله يا موسى ثابت لأبي ذر عن الحموي ساقط لغيره ( فأخذ طائر) عصفور ( بمنقاره من البحر) ماء ( وقال) بالواو ولأبي ذر فقال أي الخضر: ( والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر) .

وفي الرواية السابقة ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ولفظ النقص ليس على ظاهره، وإنما معناه أن علمي وعلمك بالنسبة إلى علم الله تعالى كنسبة ما أخذه العصفور بمنقاره إلى ماء البحر وهذا على التقريب إلى الإفهام وإلاّ فنسبة علمهما إلى علم الله أقل.

وروى النسائي من وجه آخر عن ابن عباس أن الخضر قال لموسى أتدري ما يقول هذا الطائر؟ قال: لا.
قال: يقول ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا مثل ما نقص منقاري من جميع هذا البحر وظاهر هذه الرواية كما في الفتح أن الطائر نقر في البحر عقب قول الخضر لموسى يا موسى إن لي علمًا.
وفي رواية سفيان أن ذلك وقع بعد ما خرق السفينة فيجمع بأن قوله فأخذ طائر بمنقاره معقب بمحذوف وهو ركوبهما السفينة لتصريح سفيان بذكر السفينة.

( حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر) بفتح الميم والعين المهملة وبعد الألف موحدة مكسورة فراء غير منصرف أي سفنًا ( صغارًا) قال في الفتح وجدا معابر تفسير لقوله ركبا في السفينة لا جواب إذا لأن وجودهما المعابر كان قبل ركوبهما السفينة وقال ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس فيما ذكره ابن كثير في تفسيره فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن ولا أجمل ولا أوثق منها ( تحمل أهل هذا الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر عرفوه) أي أهل السفينة عرفوا
الخضر ( فقالوا) هو ( عبد الله الصالح قال) : يحتمل أن يكون القائل يعلى بن مسلم ( قلنا لسعيد) هو ابن جبير ( خضر) أي هو خضر ( قال: نعم) هو خضر ( لا نحمله بأجر) أي بأجرة ( فخرقها) بأن قلع لوحًا من ألواحها بالقدوم ( ووتد فيها وتدًا) بتخفيف الفوقية الأولى مفتوحة وكسر الثانية مخففة ولأبي ذر وتد فيها بإسقاط الواو الأولى أي جعل فيها وتدًا مكان اللوح الذي قلعه ( قال موسى) له: ( أخرقتها لتغرق أهلها) اللام للعاقبة ( لقد جئت شيئًا إمرًا) .

( قال مجاهد) فيما رواه ابن جريج عنه في قوله إمرًا ( منكرًا) ووصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه مثله قيل ولم يسمع ابن جريج من مجاهد ( قال) الخضر: ( {ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا}) أي لما ترى مني من الأفعال المخالفة لشريعتك لأني على علم من علم الله ما علمكه الله وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه قاله ابن كثير ( كانت الأولى) في رواية سفيان قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانت بإثبات الواو ( نسيانا) أي من موسى حيث قال لا تؤاخذني بما نسيت ( والوسطى) حيث قال إن سألتك عن شيء بعدها ( شرطًا، والثالثة) حيث قال لو شئت لاتخذت عليه أجرًا ( عمدًا قال) موسى ( لا تؤاخذني بما نسيت) أي تركت من وصيتك ( ولا ترهقني من أمري عسرًا) أي لا تشدد علي ( {لقيا غلامًا) في رواية سفيان السابقة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلامًا ( {فقتله}) الفاء للدلالة على أنه لما لقيه قتله من غير ترو واستكشاف حال فالقتل تعقب اللقاء.

( قال يعلى) بن مسلم بالإسناد السابق ( قال سعيد) هو ابن جبير ( وجد) أي الخضر ( غلمانًا يلعبون فأخذ غلامًا) منهم ( كافرًا ظريفًا) بالظاء المعجمة ( فأضجعه ثم ذبحه بالسكين) بكسر المهملة ( قال) موسى منكرًا عليه أشد من الأولى ( أقتلت نفسًا زكية) بحذف الألف والتشديد وهي قراءة ابن عامر والكوفيين ( بغير نفس لم تعمل بالحنث) بالحاء المهملة المكسورة والنون الساكنة لأنها لم تبلغ الحلم وهو تفسير لقوله زكية أي أقتلت نفسًا زكية لم تعمل الحنث بغير نفس ولأبي ذر لم تعمل الخبث بخاء معجمة وموحدة مفتوحتين.

( وكان ابن عباس) ولأبي ذر وابن عباس ( قرأها زكية) بالتشديد ( زاكية) بالتخفيف والمشددة أبلغ لأن فعيلًا المحوّل من فاعل يدل على المبالغة كما مر ( زاكية) أي ( مسلمة) بضم الميم وكسر اللام ( كقولك غلامًا زكيًّا) بالتشديد وهذا تفسير من الراوي وأطلق ذلك موسى على حسب ظاهر حال الغلام لكن قال البرماوي وفي بعضها مسلمة بفتح المهملة واللام المشددة قال السفاقسي وهو أشبه لأنه كان كافرًا ( فانطلقا فوجدا جدارًا يريد أن ينقض) أن يسقط والإرادة هنا على سبيل المجاز ( فأقامه) الخضر ( قال سعيد) من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار عنه ( بيده) بالإفراد أي أقامه الخضر بيده ( هكذا ورفع يده فاستقام.
قال يعلى)
بن مسلم ( حسبت أن سعيدًا) يعني ابن جبير ( قال فمسحه بيده) بالإفراد أيضًا ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بيديه بالتثنية ( فاستقام) ، وقيل دعمه بدعامة تمنعه من السقوط أو هدمه وبل طينًا وأخذ في بنائه إلى أن كمل وعاد كما كان وكلها
حكايات حال لا تثبت إلا بنقل صحيح والذي دل عليه القرآن الإقامة لا الكيفية وأحسن هذه الأقوال أنه مسحه أو دفعه بيده فاعتدل لأن ذلك أليق بحال الأنبياء وكرامات الأولياء إلا أن يصح عن الشارع أنه هدمه وبناه فيصار إليه ( لو شئت) أي قال موسى للخضر: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا كما في رواية سفيان لو شئت ( لاتخذت) بتشديد التاء بعد وصل الهمزة ( عليه) أي على تسوية الجدار ( أجرًا قال سعيد أجرًا نأكله) أي جعلا نأكل به وإنما قال موسى: ذلك لأنه كان حصل له جهد كبير من فقد الطعام وخشى أن يختلط قوام البنية البشرية ( وكان وراءهم) أي ( وكان) ولأبي ذر وكان وراءهم ملك وكان ( أمامهم قرأها ابن عباس أمامهم ملك) وهي قراءة شاذة مخالفة للمصحف لكنها مفسرة كقوله من ورائه جهنم وقول لبيد:
أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
قال أبو عليّ: إنما جاز استعمال وراء بمعنى أمام على الاتساع لأنها جهة مقابلة لجهة وكانت كل واحدة من الجهتين وراء الأخرى إذا لم يرد معنى المواجهة والآية دالة على أن معنى وراء أمام لأنه لو كان بمعنى خلف كانوا قد جاوزوه فلا يأخذ سفينتهم قال ابن جريج: ( يزعمون عن غير سعيد) يعني ابن جبير ( أنه) أي الملك الذي كان يأخذ السفن غصبًا اسمه ( هدد بن بدد) بضم الهاء وفتح الدال الأولى وبدد بضم الموحدة وفتح الدال الأولى أيضًا مصروف ولأبي ذر بدد غير مصروف.
وحكى ابن الأثير فتح هاء هدد وباء بدد قال الحافظ ابن كثير: وهو مذكور في التوراة في ذرية العيص بن إسحاق وهو من الملوك المنصوص عليهم في التوراة ( الغلام) بغير واو وفي اليونينية والغلام ( المقتول اسمه يزعمون جيسور) بجيم مفتوحة فتحتية ساكنة فسين مهملة وبعد الواو الساكنة راء، ولأبي ذر عن الكشميهني حيسور بالحاء بدل الجيم وعند القابسي حنسور بنون بدل التحتية وعند عبدوس حيسون بنون بدل الراء ( {ملك يأخذ كل سفينة غصبًا}) وفي قراءة أبي كل سفينة صالحة غصبًا رواه النسائي وكان ابن مسعود يقرأ كل سفينة صحيحة غصبًا ( فأردت إذا هي مرّت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا) أي جاوزوا الملك ( أصلحوها فانتفعوا بها) وبقيت لهم ( ومنهم من يقول سدوها بقارورة ومنهم من يقول بالقار) وهو الزفت واستشكل التعبير بالقارورة إذ هي من الزجاج وكيف يمكن السد به فقيل يحتمل أن توضع قارورة بقدر الموضع المخروق فيه أو يسحق الزجاج ويخلط بشيء كالدقيق فيسد به وهذا قاله الكرماني.
قال في الفتح: ولا يخفى بعده قال: وقد وجهت بأنها فاعولة من القار ( كان أبواه) يعني الغلام المقتول ( مؤمنين) بالتثنية للتغليب يريد أباه وأمه فغلب المذكر كالقمرين ( وكان) هو ( كافرًا) طبع على الكفر وهذا موافق لمصحف أبيّ وقوّة الكلام تشعر به لأنه لو لم يكن الولد كافرًا لم يكن لقوله وكان أبواه مؤمنين فائدة إذ لا مدخل لذلك في القصة لولا هذه الفائدة والمطبوع على الكفر الذي لا يرجى إيمانه كان قتله في تلك الشريعة واجبًا لأن أخذ الجزية لم يشرع إلا في شريعتنا وكان أبواه قد عطفا عليه.

( فخشينا أن يرهقهما) أي أن يغشاهما وعظم نفسه لأنه اختص من عند الله بموهبة لا يختص بها إلا من هو من خواص الحضرة وقال بعضهم لما ذكر العيب أضافه إلى نفسه وأضاف الرحمة في
قوله أراد ربك إلى الله تعالى وعند القتل عظم نفسه تنبيهًا على أنه من العظماء في علوم الحكمة، ويجوز أن يكون فخشينا حكاية لقول الله تعالى، والمعنى أن الله تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سره وقال له اقتل الغلام لأنا نكره كراهية من خاف سوء العاقبة أن يغشى الغلام الوالدين المؤمنين ( طغيانًا وكفرًا) قال ابن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير معناه ( أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه) فإن حب الشيء يعمي ويصم، وقال أبو عبيدة في قوله يرهقهما أي يغشاهما.

وقال قتادة فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل ولو بقي كان فيه هلاكهما فليرض المرء بقضاء الله فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب وصح في الحديث "لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له" ( فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرًا منه) أي أن يرزقهما بدله ولذا خيرًا منه ( زكاة) طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة ( وأقرب رحمًا) وذكر هذا مناسبة ( لقوله: {أقتلت نفسًا زكية}) بالتشديد ( وأقرب رحمًا) أي ( هما) أي الأبوان ( به) أي بالولد الذي سيرزقانه ( أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر) .
وقيل رحمة وعطفًا على والديه، وسقط لأبي ذر وأقرب رحمًا واقتصر على واحدة منهما.
قال ابن جريج ( وزعم غير سعيد) أي ابن جبير ( أنهما أبدلا جارية) مكان المقتول فولدت نبيًّا من الأنبياء رواه النسائي ولابن أبي حاتم من طريق السدي قال: ولدت جارية فولدت نبيًّا وهو الذي كان بعد موسى فقالوا له ابعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله واسم هذا النبي شمعون واسم أمه حنة.
وفي تفسير ابن الكلبي فولدت جارية ولدت عدة أنبياء فهدى الله بهم أممًا وقيل عدة من جاء من ولدها من الأنبياء سبعون نبيًّا وعند ابن مردويه من حديث أبيّ بن كعب أنها ولدت غلامًا لكن إسناده ضعيف كما قاله في الفتح قال ابن جريج.

( وأما داود بن أبي عاصم) أي ابن عروة الثقفي التابعي الصغير ( فقال: عن غير واحد أنها جارية) وهذا هو المشهور وروي مثله عن يعقوب أخي داود مما رواه الطبري، وقال ابن جريج لما قتله الخضر كانت أمه حاملًا بغلام مسلم ذكره ابن كثير وغيره ويستنبط من الحديث فوائد لا تخفى على متأمل فلا نطيل بها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِهِ: { فلَما بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً مَذْهَباً يَسْرُبُ يَسْلُكُ.
ومِنْهُ وسارِبٌ بالنّهارِ}
(الْكَهْف: 16)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: فَلَمَّا بلغ مجمع بَينهمَا، وَالْأول هُوَ الْمُوَافق للتلاوة.
قَوْله: (فَلَمَّا بلغا) ، يَعْنِي: مُوسَى ويوشع عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (بَينهمَا) (الرَّحْمَن: 22) ، أَي: بَين الْبَحْرين.
قَوْله: (نسيا حوتهما) قَالَ الثَّعْلَبِيّ: وَكَانَ الْحُوت مَعَ يُوشَع وَهُوَ الَّذِي نَسيَه فصرف النسْيَان إِلَيْهِمَا، وَالْمرَاد أَحدهمَا، كَمَا قَالَ: { يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} (الرَّعْد: 01) وَإِنَّمَا يخرج من الْملح.
قَوْله: (سربأ) .
قد مر الْكَلَام فِيهِ فِي الْبابُُ السابف قَوْله: (وَمِنْه) أَي وَمن (سريا) قَوْله تَعَالَى: (وسارب بِالنَّهَارِ).

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: أَي سالك فِي سربه، أَي: مذْهبه، وَمِنْه: نسرب فلَان إِذا مضى.

[ قــ :4470 ... غــ :4726 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبرنا هِشامُ بنُ يوسُفَ أنَّ ابنَ جُرَيْج أخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبرنِي يَعْلَى بنُ مُسْلِمٍ وعَمْرُو بنُ دِينارٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ يَزِيدُ أحَدُهُما عَلَى صاحِبِهِ وغَيْرُهُما قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ إنّا لَعِنْدَ بنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ إذْ قَالَ سَلُوني.

.

قُلْتُ أيْ أَبَا عَباسٍ جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ بالْكُوفَةِ رَجُلٌ قاص يُقالُ لَهُ نَوْفٌ يَزْعَمُ أنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ أمَّا عَمْروٌ فَقَالَ لِي قَالَ قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ الله وأمَّا يَعْلَى فَقَالَ لي قَالَ ابنُ عبَّاس حدّثني أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوسَى رسولُ الله عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْماً حَتَّى إذَا فاضَتِ العُيُونُ ورَقَّتِ القُلُوبُ ولَّى فأدْركَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أيْ رسولَ الله هَلْ فِي الأرْضِ أحَدٌ أعْلَمُ مِنْكَ قَالَ لاَ فَعَتَبَ الله عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَى الله قِيلَ بَلَى قَالَ أيْ رَبِّ فأيْنَ قَالَ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ قَالَ أيْ رَبِّ اجْعَلْ لِي أعلم عَلَماً ذالِكَ بِهِ فَقَالَ لِي عَمْروٌ قَالَ حَيْثُ يُفارِقُكَ الحُوتُ.

     وَقَالَ  لِي يَعْلَى خُذْ نُوناً مَيّتاً حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فأخَذَ حُوتاً فَجَعَلَهُ فِي مكْتَلٍ فَقَالَ لِفَتاهُ لَا أُكَلِّفُكَ إلاَّ أنْ تُخْبِرَني حَيْثُ يُفارِقُكَ الحُوتُ قَالَ مَا كَلَّفْتَ كَثِيراً فَذالِكَ .

     قَوْلُهُ  جَلَّ ذِكْرُهُ وإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتاهُ يُوشَعَ بنِ نُونٍ لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ فَبَيْنَما هُو فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكانٍ ثَرْيانَ إذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ ومُوسَى نائِمٌ فَقَالَ فَتاهُ لَا أُوقِظُهُ حَتَّى إذَا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ أنْ يُخْبِرَةُ وتَضَرَّبَ الحُوتُ حَتَّى دَخَلَ البَحْر فأمْسَكَ الله عَنْهُ جِرْيَةَ البَحْرِ حَتَّى كأنَّ أثَرَهُ فِي حَجَر قَالَ لِي عَمْروٌ هاكَذَا كأنَّ أثَرَهُ فِي حَجَرٍ وحَلَّقَ بَيْنَ إبْهامَيْهِ واللَّتَيْنِ تَلِيانِهِما لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هاذَا نَصَباً قَالَ قَدْ قَطَعَ الله عَنْكَ النَّصَبَ لَيْسَتْ هاذِهِ عَنْ سَعِيدٍ أخبرهُ فَرَجَعا فَوًّجَدَا خَضِراً قَالَ لِي عُثْمانُ بنُ أبي سُلَيْمانَ عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ البَحْرِ قَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ مُسَجَّى بِثَوْبِهِ قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ وطَرَفَهُ تَحْتَ رأسِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ.

     وَقَالَ  هَلْ بأرْضِي مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أنْتَ قَالَ أَنا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَما شأنُكَ قَالَ جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْت رَشَداً قَالَ أما يَكْفِيكَ أَن التَّوْرَاةَ بَيَدَيْكَ وأنَّ الوَحْيَ يأتِيكَ يَا مُوسَى إنَّ عِلْماً لَا يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَعْلَمَهُ وإنَّ لَكَ عِلْماً لاَ يَنْبَغِي لِي أَن أعْلَمَهُ فأخذَ طائِرٌ بِمِنْقارِهِ مِنَ البَحْرِ وقالَ وَالله مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ الله إلاَّ كَما أخَذَ هاذَا الطَّائِرُ بِمِنْقارِهِ مِنَ البَحْرِ حَتَّى إذَا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعابِرَ صِغاراً تَحْمِلُ أهْلَ هاذَا السَّاحِلِ إِلَى أهْلِ هاذَا السَّاحِلِ الآخَرِ عَرَفُوهُ فقالُوا عَبْدُ الله الصَّالِحُ قَالَ قُلنا لِسَعِيدٍ خَضِرٌ قَالَ نَعَمْ لاَ نَحْمِلُهُ بأجْرٍ فَخَرَقَها وَوَتَدَ فِيها وَتِداً قَالَ مُوسَى أخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً قَالَ مُجاهِدٌ مُنْكَراً قَالَ ألَمْ أقُلْ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً كانَتِ الأُولَى نِسْياناً والوُسْطَى شَرْطاً والثّانِيَةِ عَمْداً قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِما نَسِيتُ ولاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أمْرِي عُسْراً لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ يَعْلَى قَالَ سَعِيدٌ وَجَدَ غِلْماناً يَلْعَبُونَ فأخَذَ غُلاَماً كافِراً ظَرِيفاً فأضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بالسِّكِّينَ قَالَ أقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغْيِرِ نَفْسٍ لَمْ تَعْمَلْ بالحِنْثِ وكانَ ابنُ عبَّاسٍ قَرَأها زَكِيَّةً زاكِيَةً مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلاَماً زَاكِياً فانْطَلَقا فَوَجَدَا جِدَاراً يُرِيدُ أنْ يَنقَضَّ فأقامَهُ قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هاكِذَا ورَفَعَ يَدَهُ فاسْتَقَامَ قَالَ يَعْلَى حَسِبْتُ أنَّ سَعِيداً قَالَ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فاسْتَقامَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْراً قَالَ سَعِيدٌ أجْراً نأكُلُهُ وكانَ ورَاءَهُمْ وكانَ أمامَهُمْ قَرَأها ابنُ عَبَّاسٍ أمامَهُمْ مَلِكٌ يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أنَّهُ هُدَدُ بنُ بُدَدَ والغُلاَمُ المَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ مَلِكٌ يأخُذُ كلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً فأرَدْتُ إذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أنْ يَدَعَها لِعَيْبِها فإِذَا جاوَزُوا أصْلَحُوها فانْتَفَعُوا بِها ومِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوها بِقارُورَةٍ ومنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بالْقارِ كانَ أبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وكانَ كافِراً فَخَشِينا أنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وكُفْراً أنْ يَحْمِلَهُما حُبُّهُ عَلَى أنْ يُتابِعاهُ عَلَى دِينِهِ فأرَدْنا أنْ يُبَدِّلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وأقْرَبَ رُحْماً لِقَوْلِهِ أقتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً وأقْرَبَ رُحْماً هُما بِهِ أرْحَمُ مِنْهُما بالأوَّلِ الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ وزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ أنَّهُما أُبْدِلاَ جارِيَةً وأمَّا دَاوُدُ بنُ أبي عاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غَيْرِ واحِدٍ إنَّها جارِيَةٌ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ فِي توضيحها، وَهُوَ طَرِيق آخر بِرِوَايَة آخَرين وَبِزِيَادَة ونقصان فِي الْمَتْن أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أَبُو إِسْحَاق الْفراء الرَّازِيّ الْمَعْرُوف بالصغير، عَن هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ قضينها عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن يعلى، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وبالقصر: ابْن مُسلم بِلَفْظ إسم الْفَاعِل من الْإِسْلَام ابْن هُرْمُز إِلَى آخِره.

قَوْله: (يزِيد أَحدهمَا على صَاحبه) أَي: أحد الْمَذْكُورين وهما: يعلى بن مُسلم وَعَمْرو بن دِينَار فَقَط، وَهُوَ أحد شَيْخي ابْن جريج فِيهِ، وَهنا ابْن جريج يروي عَن يعلى بن مُسلم وَعَمْرو بن دِينَار.
قَوْله: (وَغَيرهمَا قد سمعته يحدثه عَن سعيد) ، هَذَا من كَلَام ابْن جريج، أَي: غير يعلى بن مُسلم وَعَمْرو بن دِينَار قد سمعته يحدث هَذَا الحَدِيث عَن سعيد بن جُبَير، وَقد عين ابْن جريج بعض من أبهمه فِي قَوْله: (وَغَيرهمَا) وَهُوَ: عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان بن جُبَير بن مطعم الْقرشِي الْمَكِّيّ رَضِي الله عَنهُ، فَإِن قلت: كَيفَ إِعْرَاب هَذَا؟ قلت: (غَيرهمَا) مُبْتَدأ، وَقَوله: (قد سمعته) جملَة وَقعت خَبرا، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى لفظ: غير، وَقَوله: (يحدثه) جملَة وَقعت حَالا، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: يحدث، بِحَذْف الضَّمِير الْمَنْصُوب.
قَوْله: (عَن سعيد) ، أَي: سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ.
قَوْله: (لعِنْد ابْن عَبَّاس) ، اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد أَي: قَالَ سعيد بن جُبَير: أَنا كنت عِنْد عبد الله بن عَبَّاس حَال كَونه فِي بَيته.
قَوْله: (أَي أَبَا عَبَّاس) ، أَي: يَا أَبَا عَبَّاس! وَأَبُو عَبَّاس كنية عبد الله بن عَبَّاس.
قَوْله: (بِالْكُوفَةِ رجل قاص) ، هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: إِن بِالْكُوفَةِ رجلا قَاصا، والقاص بتَشْديد الصَّاد الَّذِي يقص النَّاس الْأَخْبَار من المواعظ وَغَيرهَا.
قَوْله: (أما عَمْرو فَقَالَ لي: كذب عَدو الله) أَرَادَ أَن ابْن جريج قَالَ: أما عَمْرو بن دِينَار فَإِنَّهُ قَالَ لي فِي رِوَايَته، قَالَ ابْن عَبَّاس: كذب عَدو الله، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن هَذِه الْكَلِمَة لم تقع فِي رِوَايَة يعلى ابْن مُسلم، وَلِهَذَا قَالَ: وَأما يعلى، أَي ابْن مُسلم الرَّاوِي، فَإِنَّهُ قَالَ لي: قَالَ ابْن عَبَّاس إِلَى آخِره.
قَوْله: (ذكر النَّاس) ، بتَشْديد الْكَاف من التَّذْكِير.
قَوْله: (ولى) ، أَي: رَجَعَ إِلَى حَاله.
قَوْله: (فَقَالَ: أَي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: يَا رَسُول الله، قَالَه لمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: (قيل: بلَى) ، أَي: بلَى فِي الأَرْض أحد أعلم مِنْك، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (إِن فِي الأَرْض رجلا هُوَ أعلم مِنْك) ، وَوَقع فِي رِوَايَة سُفْيَان: فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن لي عبدا بمجمع الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك، وَعلم من هَاتين الروايتن أَن الْقَائِل فِي قَوْله: بلَى، هُوَ الله تَعَالَى فَأوحى الله إِلَيْهِ بذلك.
قَوْله: (أَي رب، فَأَيْنَ؟) يَعْنِي: يَا رب أَيْن هُوَ؟ فِي أَي مَكَان؟ وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: يَا رب، فَكيف لي بِهِ؟ وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: فأدلني على هَذَا الرجل حَتَّى أتعلم مِنْهُ.
قَوْله: (علما) ، بِفَتْح الْعين وَاللَّام، أَي: عَلامَة.
قَوْله: (أعلم ذَلِك بِهِ) ، أَي: أعلم الْمَكَان الَّذِي أطلبه بِالْعلمِ.
قَوْله: (فَقَالَ لي عَمْرو) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج الرَّاوِي، أَي: قَالَ لي عَمْرو بن دِينَار.
قَوْله: (حَيْثُ يفارقك الْحُوت) ، أَي: الْعلم على ذَلِك الْمَكَان الَّذِي يفارقك فِيهِ الْحُوت، وَوَقع ذَلِك مُفَسرًا فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن عَمْرو،.

     وَقَالَ : تَأْخُذ مَعَك حوتاً فتجعله فِي مكتل فَحَيْثُ مَا فقدت الْحُوت فَهُوَ ثمَّ.
قَوْله: (قَالَ لي) ، يَعْنِي: الْقَائِل هُوَ ابْن جريج، أَي: قَالَ لي يعلى بن مُسلم فِي رِوَايَته: خُذ نوناً أَي حوتاً، وَلَفظ: نوناً، وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: حوتاً، وَفِي رِوَايَة مُسلم: تزَود حوتاً مالحاً فَإِنَّهُ حَيْثُ تفقد الْحُوت.
قَوْله: (حَيْثُ ينْفخ فِيهِ) ، أَي: فِي النُّون (الرّوح) يَعْنِي حَيْثُ تفقده فِي الْمَكَان الَّذِي يحيى الْحُوت.
قَوْله: (فَأخذ نوناً) أَي: فَأخذ مُوسَى حوتاً، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي حَاتِم أَن مُوسَى ويوشع فتاه اصطاداه.
قَوْله: (فَقَالَ لفتاه) ، وَهُوَ يُوشَع بن نون.
قَوْله: (مَا كلفت كثيرا) بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِالْبَاء الْمُوَحدَة.
قَوْله: (لَيست عَن سعيد، الْقَائِل بِهِ هُوَ ابْن جريج، أَرَادَ بذلك أَن تَسْمِيَة الْفَتى لَيست عَن رِوَايَة سعيد ابْن جُبَير.
قَوْله: (ثريان) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الرَّاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف على وزن فعلان من الثرى، وَهُوَ التُّرَاب الَّذِي فِيهِ نداوة.
قَوْله: (تضرب) أَي: اضْطربَ، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: واضطرب الْحُوت فِي المكتل فَسقط فِي الْبَحْر وَفِي رِوَايَة مُسلم فاضطرب الْحُوت فِي المَاء.
قَوْله: (ومُوسَى نَائِم) جملَة حَالية.
قَوْله: (حَتَّى إِذا اسْتَيْقَظَ نسي أَن يُخبرهُ) ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: حَتَّى إِذا اسْتَيْقَظَ سَار فنسي.
قَوْله: (فِي حجر) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم ويروى بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ أوضح، قَوْله: (قَالَ لي عَمْرو) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج، أَي: قَالَ لي عَمْرو بن دِينَار.
قَوْله: (واللتين تليانهما) ، يَعْنِي: السبابُتين، وَهَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وَحلق بَين إبهاميه فَقَط.
قَوْله: (لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا) ، وَقع هُنَا مُخْتَصرا، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: فَانْطَلقَا بَقِيَّة يومهما وليلتهما حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد قَالَ مُوسَى لفتاه: آتنا غداءنا، لقد لَقينَا من فرنا هَذَا نصبا.
قَوْله: قَالَ: قد قطع الله عَنْك النصب، هَذَا من قَول ابْن جريج وَلَيْسَت هَذِه اللَّفْظَة عَن سعيد بن جُبَير.
قَوْله: (أخبرهُ) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْخَاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء وهاء الضَّمِير، هَكَذَا فِي رِوَايَة من الْإِخْبَار، قَالَ بَعضهم: أَي: أخبر الْفَتى مُوسَى بالقصة قلت: مَا أَظن أَن هَذَا الْمَعْنى صَحِيح، وَالَّذِي يظْهر لي أَن الْمَعْنى نفي الْإِخْبَار عَن سعيد بِهَذِهِ اللَّفْظَة لمن روى عَنهُ، وَفِي رِوَايَة لأبي ذَر آخِره بِهَمْزَة ومعجمة وَرَاء وهاء، وَفِي أُخْرَى بِمد الْهمزَة وَكسر الْخَاء وَفتح الرَّاء بعْدهَا هَاء الضَّمِير أَي: إِلَى آخر الْكَلَام.
وَفِي أُخْرَى بِفَتَحَات وتاء تَأْنِيث منونة مَنْصُوبَة، قَالَ لي عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان: الْقَائِل ابْن جريج، يَقُول: قَالَ لي عُثْمَان، وَقد مرت تَرْجَمته عَن قريب.
قَوْله: (على طنفسة) ، وَهِي فرش صَغِير، وَقيل: بِسَاط لَهُ خمل، وفيهَا لُغَات كسر الطَّاء وَالْفَاء بَينهمَا نون سَاكِنة، وَضم الطَّاء وَالْفَاء وَكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء.
قَوْله: (على كبد الْبَحْر) ، أَي: على وَسطه، وَهَذِه الرِّوَايَة القائلة بِأَنَّهُ كَانَ فِي وسط الْبَحْر، غَرِيبَة.
قَوْله: (هَل بأرضي من سَلام) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (هَل بِأَرْض) .
قَوْله: (مَا شَأْنك؟) أَي: مَا الَّذِي تطلب وَلما جِئْت؟ قَوْله: (رشدا) ، قَرَأَ أَبُو عَمْرو بِفتْحَتَيْنِ وَالْبَاقُونَ كلهم بِضَم أَوله وَسُكُون ثَانِيه، وَالْجُمْهُور على أَنَّهُمَا بِمَعْنى.
قَوْله: (معابر) ، جمع معبرة وَهِي السفن الصغار.
قَوْله: (خضرًا) ، أَي: هُوَ خضر.
قَوْله: (قَالُوا: هَذَا لسَعِيد بن جُبَير، قَالَ: نعم، قيل: الْقَائِل بذلك يعلى بن مُسلم، وَالله أعلم.
قَوْله: (ووتدها) بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: جعل فِيهَا وتداً، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: قلع لوحاً بالقدوم، وَالْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه: قلع اللَّوْح وَجعل مَكَانَهُ وتداً، وروى عبد بن حميد من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج عَن يعلى بن مُسلم: جَاءَ بودحين خرقها، والود بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال لُغَة فِي: الوتد قلت: الوتد إِنَّمَا كَانَ للإصلاح وَدفع نُفُوذ المَاء، وَفِي رِوَايَة أبي الْعَالِيَة: فَحرق السَّفِينَة فَلم يره أحد إلاَّ مُوسَى.
وَلَو رَآهُ الْقَوْم لحالوا بَينه وَبَين ذَلِك.
قَوْله: (قَالَ مُجَاهِد مُنْكرا) ، وصل ابْن الْمُنْذر: هَذَا التَّعْلِيق عَن عَليّ بن الْمُبَارك عَن زيد بن ثَوْر عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد.
قَوْله: (نِسْيَانا) ، حَيْثُ قَالَ: لَا تؤاخذوني بِمَا نسيت، وشرطاً حَيْثُ قَالَ: إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا، وعمدا حَيْثُ قَالَ: لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا، قَوْله: (لقيا غُلَاما) فِي رِوَايَة سُفْيَان: فَبَيْنَمَا هما يمشيان على سَاحل الْبَحْر إِذا أبْصر الْخضر غُلَاما.
قَوْله: (قَالَ يعلى) ، هُوَ يعلى بن مُسلم الرَّاوِي وَسَعِيد هُوَ ابْن جُبَير.
قَوْله: (ثمَّ ذبحه بالسكين) ، فَإِن قلت: قَالَ أَولا: فَقتله، ثمَّ قَالَ: فذبحه، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: فاقتلعه بِيَدِهِ.
قلت: لَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَنَّهُ لَعَلَّه قطع بعضه بالسكين ثمَّ قلع الْبَاقِي وَالْقَتْل يشملهما.
قَوْله: (لم يعْمل بِالْحِنْثِ) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْإِثْم وَالْمَعْصِيَة.
قَوْله: (قَرَأَهَا) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا: زكية، وَهِي قِرَاءَة الْجُمْهُور، وَقَرَأَ نَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو: زاكية.
قَوْله: (مسلمة) ، بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين وَكسر اللَّام عِنْد الْأَكْثَرين، ولبعضهم بِفَتْح السِّين وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة.
قَوْله: (فَانْطَلقَا) ، أَي: مُوسَى وخضر عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَوْله: (يَزْعمُونَ عَن غير سعيد) ، الْقَائِل بِهَذَا هُوَ ابْن جريج، وَمرَاده أَن إسم الْملك الَّذِي كَانَ يَأْخُذ السفن لم يَقع فِي رِوَايَة سعيد بن جُبَير، وَعَزاهُ ابْن خالويه فِي كتاب: (لَيْسَ) لمجاهد.
قَوْله: (هدد) بِضَم الْهَاء وَحكى ابْن الْأَثِير فتحهَا وَالدَّال مَفْتُوحَة بِلَا خلاف.
قَوْله: (بدد) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي بِضَم الْبَاء وَالدَّال مَفْتُوحَة، وَزعم ابْن دُرَيْد أَن هدد إسم ملك من مُلُوك حمير زوجه سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام، بلقيس.
قيل: إِن ثَبت هَذَا حمل على التَّعَدُّد والاشتراك فِي الإسم لبعد مَا بَين مُدَّة سُلَيْمَان ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَجَاء فِي تَفْسِير مقَاتل: أَن اسْمه منولة بن الجلندي بن سعيد الْأَزْدِيّ، وَقيل: هُوَ الجلندي، وَكَانَ بِجَزِيرَة الأندلس.
قَوْله: (والغلام الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ جيسور) ، الْقَائِل بذلك هُوَ ابْن جريج، وجيسور، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم السِّين الْمُهْملَة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة عَن أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ عَن الْكشميهني بِفَتْح الْهَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن السكن، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ بنُون بدل الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَعند عَبدُوس بنُون بدل الرَّاء، وَعَن السُّهيْلي أَنه رَآهُ فِي نُسْخَة بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة ونونين الأولى مَضْمُومَة بَينهمَا الْوَاو الساكنة، وَفِي تَفْسِير الضَّحَّاك: اسْمه حشرد، وَفِي تَفْسِير الْكَلْبِيّ: اسْم الْغُلَام شَمْعُون.
قَوْله: (يَأْخُذ كل سفينة غصبا) ، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: كل سفينة صَالِحَة، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن بشار عَن سُفْيَان، وَكَانَ ابْن مَسْعُود يقْرَأ: كل سفينة صَحِيحَة غصبا.
قَوْله: (فَأَرَدْت إِذا هِيَ مرت بِهِ أَن يَدعهَا) ، أَي: أَن يَتْرُكهَا لأجل عيبها، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: فَأَرَدْت أَن أعيبها حَتَّى لَا يَأْخُذهَا.
قَوْله: (فَإِذا جاوزوا) أَي: عدوا عَن الْملك أصلحوها، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: فَإِذا جاوزوه رقعوها.
قَوْله: (بقارورة) ، بِالْقَافِ وَهِي: الزّجاج،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كَيْفيَّة السد بالقارورة غير مَعْلُومَة، ثمَّ وَجهه بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن تكون قَارُورَة بِقدر الْموضع المخروق فتوضع فِيهِ، وَالْآخر: يسحق الزّجاج ويخلط بِشَيْء كالدقيق فيسد بِهِ،.

     وَقَالَ  بَعضهم، بعد أَن ذكر الْوَجْه الثَّانِي: فِيهِ بعد.
قلت: لَا بعد فِيهِ، لِأَنَّهُ غير مُتَعَذر وَلَا متعسر، والبعد فِي الَّذِي قَالَه هُوَ أَن القارورة فاعولة من القار.
قَوْله: (بالقار) ، بِالْقَافِ وَالرَّاء وَهُوَ الزفت، وَهَذَا أقرب من القَوْل الأول.
قَوْله: (كَانَ أَبَوَاهُ) أَي: أَبَوا الْغُلَام.
قَوْله: (أَن يرهقهما) أَي: يلحقهما.
وَقَوله: (فَخَشِينَا) إِلَى قَوْله: (من دينه) من تَفْسِير ابْن جريج عَن يعلى بن مُسلم عَن سعيد بن جُبَير.
انْتهى.
قَوْله: (أَن يحملهما) ، يجوز أَن يكون بَدَلا من قَوْله: (أَن يرهقهما) وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: بِأَن يحملهما.
وَقَوله: (حبه) بِالرَّفْع فَاعله.
قَوْله: (خيرا مِنْهُ) أَي: من الْغُلَام الْمَقْتُول.
قَوْله: (زَكَاة) نصب على التميز، وَإِنَّمَا ذكرهَا للمناسبة بَينهَا وَبَين قَوْله: (نفسا زكية) أَشَارَ إِلَى ذَلِك بقوله: { أقتلت نفسا زكية} (الْكَهْف: 47) وَلما وصف مُوسَى نفس الْغُلَام بالزكية وَذكر الله تَعَالَى بقوله: { فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما} (الْكَهْف: 18) وَفِي التَّفْسِير قَوْله: (زَكَاة) أَي صلاحاً وإسلاماً ونماء.
قَوْله: (وَأقرب رحما) قَالَ الثَّعْلَبِيّ: من الرَّحِم والقرابة، وَقيل: هُوَ من الرَّحْمَة، وَعَن ابْن عَبَّاس: أوصل للرحم وَأبر بِوَالِديهِ، وَعَن الْفراء: أقرب أَن يرحماه، وَقيل: من الرَّحِم، بِكَسْر الْحَاء أَشد مُبَالغَة من الرَّحْمَة الَّتِي هِيَ رقة الْقلب والتعطف لاستلزام الْقَرَابَة، الرقة غَالِبا من غير عكس،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَظن بَعضهم أَنه مُشْتَقّ من الرَّحِم الَّذِي هُوَ الرَّحْمَة، وغرضه أَنه يَعْنِي الْقَرَابَة لَا الرقة، وَعند الْبَعْض بِالْعَكْسِ.
قَوْله: (هما بِهِ أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ) ، أَي: الأبوان الْمَذْكُورَان بِهِ أَي: بِالَّذِي يُبدل من الْمَقْتُول أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ، وَهُوَ الْمَقْتُول.
قَوْله: (وَزعم غير سعيد من قَول ابْن جريج) ، أَي: زعم غير سعيد بن جُبَير أَنَّهُمَا أَي الْأَبَوَيْنِ أبدلا جَارِيَة بدل الْمَقْتُول، وَرُوِيَ عَن سعيد أَيْضا: أَنَّهَا جَارِيَة، على مَا جَاءَ وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أبدلهما جَارِيَة فَولدت نَبيا من الْأَنْبِيَاء، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: ببنين، وَعَن السّديّ: ولدت جَارِيَة، فَولدت نَبيا، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بعد مُوسَى، فَقَالُوا لَهُ: إبعث لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله، وَاسم هَذَا النَّبِي شَمْعُون، وَاسم أمه حنة.
فَإِن قلت: روى ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي بن كَعْب أَنَّهَا ولدت غُلَاما.
قلت: إِسْنَاده ضَعِيف، وَفِي تَفْسِير ابْن الْكَلْبِيّ: ولدت جَارِيَة ولدت عدَّة أَنْبيَاء فهدى الله بهم أمماً، وَقيل: عدَّة من جَاءَ من وَلَدهَا من الْأَنْبِيَاء سَبْعُونَ نَبيا.
قَوْله: (وَأما دَاوُد بن أبي عَاصِم) إِلَى آخِره من قَول ابْن جريج أَيْضا، وَدَاوُد بن أبي عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ ثِقَة من صغَار التَّابِعين، وَله أَخ يُسمى: يَعْقُوب، هُوَ أَيْضا ثِقَة من التَّابِعين.

<