هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
448 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ : أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو قال قبرها فأتى قبرها فصلى عليها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ : أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا .

Narrated Abu Huraira:

A black man or a black woman used to sweep the mosque and he or she died. The Prophet (ﷺ) asked about her (or him). He was told that she (or he) had died. He said, Why did you not inform me? Show me his grave (or her grave). So he went to her (his) grave and offered her (his) funeral prayer.

0458 Abu Hurayra : Un homme noir (ou : Une femme noire), qui avait l’habitude de balayer la mosquée, mourut. Le Prophète demandant de ses nouvelles, on lui dit : « Il est mort. » « Pourquoi vous ne m’avez pas informé ? Montrez-moi sa tombe ! » En effet, le Prophète s’y rendit et y pria sur lui.

":"ہم سے سلیمان بن حرب نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے حماد بن زید نے بیان کیا ، انھوں نے ثابت سے ، انھوں نے ابورافع سے ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہایک حبشی مرد یا حبشی عورت مسجدنبوی میں جھاڑو دیا کرتی تھی ۔ ایک دن اس کا انتقال ہو گیا تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس کے متعلق دریافت فرمایا ۔ لوگوں نے بتایا کہ وہ تو انتقال کر گئی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس پر فرمایا کہ تم نے مجھے کیوں نہ بتایا ، پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم قبر پر تشریف لائے اور اس پر نماز پڑھی ۔

0458 Abu Hurayra : Un homme noir (ou : Une femme noire), qui avait l’habitude de balayer la mosquée, mourut. Le Prophète demandant de ses nouvelles, on lui dit : « Il est mort. » « Pourquoi vous ne m’avez pas informé ? Montrez-moi sa tombe ! » En effet, le Prophète s’y rendit et y pria sur lui.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [458] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي رَافِعٍ هُوَ الصَّائِغُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ وَوَهْمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ إِنَّهُ أَبُو رَافِعٍ الصَّحَابِيِّ.

     وَقَالَ  هُوَ مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا رَافِعٍ الصَّحَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ الشَّكُّ فِيهِ مِنْ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا أَوْ مِنْ أَبِي رَافِعٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ وَلَا أَرَاهُ الا امْرَأَة وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ امْرَأَةً سَوْدَاءَ وَلَمْ يَشُكَّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ من حَدِيث بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فَسَمَّاهَا أَمَّ مِحْجَنٍ وَأَفَادَ أَنَّ الَّذِي أَجَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُؤَالِهِ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَذكر بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ خَرْقَاءَ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَوَقَعَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَهَا بن حِبَّانَ فِي الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ بِدُونِ ذِكْرِ السَّنَدِ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهَذَا اسْمُهَا وَكُنْيَتُهَا أُمُّ مِحْجَنٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ أَيْ يَجْمَعُ الْقُمَامَةَ وَهِيَ الْكُنَاسَةُ فَإِنْ قِيلَ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الْتِقَاطُ الْخِرَقِ وَمَا مَعَهُ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَالْجَامِعُ التَّنْظِيفُ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِكُلِّ ذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ صَرِيحًا فَفِي طَرِيقِ الْعَلَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمِ كَانَتْ مُولَعَةً بِلَقْطِ الْقَذَى مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْقَذَى بِالْقَافِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ جَمْعُ قَذَاةٍ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَقَذِيَةٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْقَذَى فِي الْعَيْنِ وَالشَّرَابِ مَا يَسْقُطُ فِيهِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقَعُ فِي الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا وَتَكَلَّفَ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ حُكْمَ التَّرْجَمَةِ يُؤْخَذُ مِنْ إِتْيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَبْرَ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ قَالَ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ .

     قَوْلُهُ  عَنْهُ أَيْ عَنْ حَالِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيِ النَّاسَ .

     قَوْلُهُ  آذَنْتُمُونِي بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ قَالَ فحقروا شَأْنه وَزَاد بن خُزَيْمَةَ فِي طَرِيقِ الْعَلَاءِ قَالُوا مَاتَ مِنَ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ زَادَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا مُدْرَجَةٌ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَهِيَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ بَيَّنَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْمُدْرَجِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبَدَةَ أَوْ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ بن مَنْدَهْ وَوَقَعَ فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ كِلَاهُمَا عَنْ ثَابِتٍ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَزَادَ بَعْدَهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِنَّ أَبِي أَوْ أَخِي مَاتَ أَوْ دُفِنَ فَصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ فَانْطَلَقَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الْخَادِمِ وَالصَّدِيقِ إِذَا غَابَ وَفِيهِ الْمُكَافَأَةُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ جَنَائِزِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَنَدْبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ عِنْدَ قَبْرِهِ لمن لم يصل عَلَيْهِ والاعلام بِالْمَوْتِ( قَولُهُ بَابُ تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ جَوَازِ ذِكْرِ ذَلِكَ وَتَبْيِينِ أَحْكَامِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ مَا يَقْتَضِيهِ مَفْهُومُهُ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَهَا مُخْتَصٌّ بِالْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بَابُ ذِكْرِ تَحْرِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي بَابِ ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَمَوْقِعُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمَسْجِدَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْفَوَاحِشِ فِعْلًا وَقَوْلًا لَكِنْ يَجُوزُ ذِكْرُهَا فِيهِ لِلتَّحْذِيرِ مِنْهَا وَنَحْو ذَلِك كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [458] حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ -أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ- كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ.
قَالَ: أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ قَبْرِهَا- فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
[الحديث طرفاه في: 460، 1337] .
وبه قال: قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) بتصغير الأوّل وبالموحدة آخر الثاني الأزدي الواشحي بشين معجمة ثم حاء مهملة البصري قاضي مكة (قال: حدّثنا حمّاد بن زيد) هو ابن درهم الأزدي الحمصي البصري (عن ثابت) البناني (عن أبي رافع) نفيع بضم النون وفتح الفاء الصائغ التابعي لا الصحابي لأن ثابتًا لم يدركه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
(أن رجلاً أسود أو امرأة سوداء) وعند ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ: امرأة سوداء من غير شك، وبه جزم أبو الشيخ في كتاب الصلاة له بسند مرسل، فالشك هنا من ثابت على الراجح، وسمّاها لي رواية البيهقي أم محجن (كان يقم) أو كانت تقم (المسجد) بضم القاف أي تكنسه، وفي بعض طرقه كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد وبذلك تقع المطابقة بين الترجمة والحديث، (فمات) أو ماتت (فسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنه) أو عنها الناس (فقالوا: مات) أو ماتت، وأفاد البيهقي في روايته أن الذي أجاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه (قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت فقال: (أفلا) أئذا دفنتم فلا (كنتم آذنتموني) بالمد أي أعلمتموني (به) أو بها حتى أصلي عليه أو عليها، وعند المؤلّف في الجنائز فحقروا شأنه، ولابن خزيمة قالوا: مات من الليل فكرهنا أن نوقظك وحذف كانت بعد قوله كان يقم كحذف مؤنث باقيها الذي قدّرته للدلالة عليه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (دلّوني على قبره أو قال على قبرها) على الشك، (فأتى) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قبره) ولابن عساكر قبرها (فصلّى عليها) وزاد الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد، وللأصيلي عليه وهو حجة على المالكية حيث منعوا الصلاة على القبر.
وتأتي مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في محاله.
ورواته الخمسة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والجنائز، ومسلم وأبو داود وابن ماجة.
73 - باب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الْخَمْرِ فِي الْمَسْجِدِ (باب) ذكر (تحريم تجارة الخمر في المسجد) وتبيين أحكامه فيه، فالجار والمجرور يتعلق بتحريم لا بتجارة، وليس المراد اختصاص تحريمها بالمسجد لأنها حرام في المسجد وغيره، أو المراد أن الإعلام بتحريم تجارة الخمر كان في المسجد كما هو ظاهر تصريح حديث الباب.
459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ.
[الحديث 459 - أطرافه في: 2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543] .
وبه قال: (حدّثنا عبدان) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن عبد الله بن عثمان المروزي البصري الأصل (عن أبي حمزة) بالمهملة والزاي محمد بن ميمون السكري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن مسلم) هو ابن صبيح بضم المهملة وفتح الموحدة أبي الضحى الكوفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع الكوفي (عن) أُم المؤمنين (عائشة) رضي الله عنها (قالت): (لما أنزل) بضم الهمزة وسكون النون وكسر الزاي، ولأبي ذر وابن عساكر أنزلت ولابن عساكر أيضًا نزلت (الآيات) التي (في سورة البقرة في الربوا) بالقصر، وإنماكتب بالواو كالصلاة للتفخيم على لغة، وزيدت الألف بعدها تشبيهًا بواو الجمع، والمراد قوله تعالى: { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275] إلى آخر العشر، وبالأكل الأخذ، وإنما ذكر الأكل لأنه أعظم منافع المال، ولأن الربا شائع في المطعومات (خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المسجد فقرأهنّ على الناس ثم حرم تجارة الخمر)، وللإمام أحمد فحرم التجارة في الخمر وهو من تحريم الوسائل المفضية إلى المحرمات، ومفهومه سبق تحريم الخمر على تحريم الربا، ويؤيده ما نقل عن عياض أنه كان قبل نزول آيات الربا بمدة طويلة، فيحتمل وقوع الإخبار بالتحريم مرتين للتأكيد أو تأخر التحريم هنا عن تحريم عينها.
وتأتي مباحث هذا الحديث إن شاء الله تعالى في تفسير سورة البقرة بعون الله تعالى.
ورواة هذا الحديث الستة ما بين مروزي وكوفي، وفيه ثلاثة من التابعين والتحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في البيوع وفي التفسير، ومسلم وابن داود والنسائي وابن ماجة.
74 - باب الْخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ { نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} : لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهُ.
(باب الخدم للمسجد) ولكريمة وأبي الوقت وابن عساكر في المسجد، وكان الأولى ذكر هذا الباب قبل سابقه.
(وقال ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله ابن أبي حاتم بمعناه في تفسير قوله تعالى حكاية عن حنّة بفتح الحاء المهملة وتشديد النون بنت فاقوذا امرأة فرعون، وكانت عاقرًا فرأت يومًا طائرًا يزق فرخه فاشتهت الولد، فسألت الله أن يهبها ولدًا، فاستجاب الله دعاءها فواقعها زوجها فحملت منه، فلما تحقّقت الحمل قالت ما أخبر الله تعالى عنها { رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا)} [آل عمران: 35] وللأصيلي تعني محررًا أي معتقًا (للمسجد) الأقصى (يخدمه) لا أشغله بشيء غيره، ولأبي ذر يخدمها أي المساجد أو الصخرة أو الأرض المقدسهّ، وكان النذر مشروعًا عندهم في الغلمان فلعلها بنت الأمر على التقدير أو طلبت ذكرًا { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36] قالته تحسّرًا وتحزّنًا إلى ربها لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرًا تحرّره للمسجد، فتقبلها ربها فرضي بها في النذر مكان الذكر بقبول حسن بوجه حسن تقبّل به النذائر وهو إقامتها مقام الذكر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [458] حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رجلا أسود - أو أمرأة سوداء - كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه، فقالوا: مات.
فقال: ((أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلوني على قبره)) - أو ((على قبرها)) - فأتى قبره فصلى عليها)) .
فيه: دليل على أن المسجد حسن مندوب إليه؛ فان هذا الذي كان يقم المسجد في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن حاله يخفى عليه.
والقم: هو إخراج القمامة، وهي الزبالة.
وقد روي من وجوه أخر أنها كانت امرأة، من غير شك: فروي إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كانت سوداء تلتقط الخرق والعيدان من المسجد، فسأل عنها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقيل: ماتت من الليل، ودفنت، وكرهنا أن نوقظك، فذهب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قبرها، وصلى عليها، وقال: ((إذا مات أحد من المسلمين فلا تدعوا أن تؤذنوني به)) .
وروى ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: كانت سوداء تقم المسجد، فتوفيت ليلا، فلما أصبح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بموتها، فقال: ((ألا آذنتموني بها؟)) فخرج بأصحابه، فوقف على قبرها، فكبر عليها والناس خلفه، فدعا لها، ثم انصرف.
خرجه ابن ماجه.
وقد روي: أن هذه المرأة يقال لها: أم محجن: فروى محمد بن حميد الرازي: ثنا مهران بن أبي عمر، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر على قبر حديث عهد بدفن، ومعه أبو بكر وعمر، فقال: ((قبر من هذا؟)) قال أبو بكر: هذه - يا رسول الله - أم محجن، كانت مولعة بأن تلتقط الأذى من المسجد.
قال: ((ألا آذنتموني؟)) قالوا: كنت نائما، فكرهنا أن نجهدك.
قال: ((فلا تفعلوا؛ فإن صلاتكم على موتاكم تنور لهم في قبورهم)) قال: فصف بأصحابه؛ فصلى عليها.
وفي هذا الإسناد ضعف.
وروى أبو الشيخ الأصبهاني في ((كتاب ثواب الأعمال)) بإسناد له، عن عبيد بن مرزوق، قال: كانت بالمدينة إمرأة يقال لها: أم محجن، تقمالمسجد، فماتت، فلم يعلم بها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمر على قبرها، فقال: ((ما هذا القبر؟)) قالوا: أم محجن.
فقال: ((التي كانت تقم المسجد؟)) قالوا: نعم.
فصف الناس، وصلى عليها، ثم قال: ((أي العمل وجدت أفضل؟)) قالوا: يا رسول الله، أتسمع؟ قال: ((ما أنتم بأسمع منها)) ، فذكر أنها أجابته: قم المسجد.
وهذا مرسل غريب.
وقد ذكرنا فيما تقدم حديث الأمر باتخاذ المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.
وروى ابن جريج، عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((عرضت علي أجور أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد)) .
خرجه أبو داود والترمذي.
والمطلب لم يسمع من أنس -: قاله ابن المديني وغير واحد.
وابن جريج، قال الدارقطني: لم يسمع من المطلب.
قال: ويقال: أنه كان يدلسه عن ابن أبي سبرة وغيره من الضعفاء.
وكنس المساجد وإزالة الأذى عنها فعل شريف، لا يأنف منه من يعلم آداب الشريعة، وخصوصا المساجد الفاضلة، وقد ثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -رأى نخامة في قبلة المسجد فحكها بيده، وقد سبق هذا الحديث.
وروى وكيع: ثنا كثير بن زيد، عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب، أن عمر أتى مسجد قباء على فرس له، فصلى فيه ركعتين، ثم قال: يا أوفى، ائتني بجريدة، فأتاه بجريدة، فاحتجز عمر بثوبه، ثم كسحه.
وقال أبو نعيم الفضل: ثنا أبو عاصم الثقفي، قال: كنت أمشي أنا والشعبي في المسجد، فجعل يطأطئ رأسه، فقلت: ماذا تأخذ؟ قَالَ: المشاط والصوف.
73 - باب تحريم تجارة الخمر في المسجد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقَ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ)
أَيْ مِنْهُ

[ قــ :448 ... غــ :458] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي رَافِعٍ هُوَ الصَّائِغُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ وَوَهْمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ إِنَّهُ أَبُو رَافِعٍ الصَّحَابِيِّ.

     وَقَالَ  هُوَ مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا رَافِعٍ الصَّحَابِيِّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ الشَّكُّ فِيهِ مِنْ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا أَوْ مِنْ أَبِي رَافِعٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ وَلَا أَرَاهُ الا امْرَأَة وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ امْرَأَةً سَوْدَاءَ وَلَمْ يَشُكَّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ من حَدِيث بن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فَسَمَّاهَا أَمَّ مِحْجَنٍ وَأَفَادَ أَنَّ الَّذِي أَجَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُؤَالِهِ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَذكر بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ خَرْقَاءَ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَوَقَعَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَهَا بن حِبَّانَ فِي الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ بِدُونِ ذِكْرِ السَّنَدِ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهَذَا اسْمُهَا وَكُنْيَتُهَا أُمُّ مِحْجَنٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ أَيْ يَجْمَعُ الْقُمَامَةَ وَهِيَ الْكُنَاسَةُ فَإِنْ قِيلَ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الْتِقَاطُ الْخِرَقِ وَمَا مَعَهُ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَالْجَامِعُ التَّنْظِيفُ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ تَصَرُّفِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَشَارَ بِكُلِّ ذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ صَرِيحًا فَفِي طَرِيقِ الْعَلَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمِ كَانَتْ مُولَعَةً بِلَقْطِ الْقَذَى مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْقَذَى بِالْقَافِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ جَمْعُ قَذَاةٍ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَقَذِيَةٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْقَذَى فِي الْعَيْنِ وَالشَّرَابِ مَا يَسْقُطُ فِيهِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقَعُ فِي الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا وَتَكَلَّفَ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ حُكْمَ التَّرْجَمَةِ يُؤْخَذُ مِنْ إِتْيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَبْرَ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ قَالَ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ .

     قَوْلُهُ  عَنْهُ أَيْ عَنْ حَالِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيِ النَّاسَ .

     قَوْلُهُ  آذَنْتُمُونِي بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ قَالَ فحقروا شَأْنه وَزَاد بن خُزَيْمَةَ فِي طَرِيقِ الْعَلَاءِ قَالُوا مَاتَ مِنَ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ زَادَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا مُدْرَجَةٌ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَهِيَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ بَيَّنَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْمُدْرَجِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ مَرَاسِيلِ ثَابِتٍ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبَدَةَ أَوْ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ بن مَنْدَهْ وَوَقَعَ فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ كِلَاهُمَا عَنْ ثَابِتٍ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَزَادَ بَعْدَهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِنَّ أَبِي أَوْ أَخِي مَاتَ أَوْ دُفِنَ فَصَلِّ عَلَيْهِ قَالَ فَانْطَلَقَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الْخَادِمِ وَالصَّدِيقِ إِذَا غَابَ وَفِيهِ الْمُكَافَأَةُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ جَنَائِزِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَنَدْبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ عِنْدَ قَبْرِهِ لمن لم يصل عَلَيْهِ والاعلام بِالْمَوْتِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان
[ قــ :448 ... غــ :458 ]
- حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رجلا أسود - أو أمرأة سوداء - كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه، فقالوا: مات.
فقال: ((أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلوني على قبره)) - أو ((على قبرها)) - فأتى قبره فصلى عليها)) .

فيه: دليل على أن المسجد حسن مندوب إليه؛ فان هذا الذي كان يقم المسجد في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن حاله يخفى عليه.

والقم: هو إخراج القمامة، وهي الزبالة.

وقد روي من وجوه أخر أنها كانت امرأة، من غير شك:
فروي إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كانت سوداء تلتقط الخرق والعيدان من المسجد، فسأل عنها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقيل: ماتت من الليل، ودفنت، وكرهنا أن نوقظك، فذهب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قبرها، وصلى عليها، وقال: ((إذا مات أحد من المسلمين فلا تدعوا أن تؤذنوني به)) .
وروى ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: كانت سوداء تقم المسجد، فتوفيت ليلا، فلما أصبح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بموتها، فقال: ((ألا آذنتموني بها؟)) فخرج بأصحابه، فوقف على قبرها، فكبر عليها والناس خلفه، فدعا لها، ثم انصرف.

خرجه ابن ماجه.

وقد روي: أن هذه المرأة يقال لها: أم محجن:
فروى محمد بن حميد الرازي: ثنا مهران بن أبي عمر، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر على قبر حديث عهد بدفن، ومعه أبو بكر وعمر، فقال: ((قبر من هذا؟)) قال أبو بكر: هذه - يا رسول الله - أم محجن، كانت مولعة بأن تلتقط الأذى من المسجد.
قال: ((ألا آذنتموني؟)) قالوا: كنت نائما، فكرهنا أن نجهدك.
قال: ((فلا تفعلوا؛ فإن صلاتكم على موتاكم تنور لهم في قبورهم)) قال: فصف بأصحابه؛ فصلى عليها.

وفي هذا الإسناد ضعف.

وروى أبو الشيخ الأصبهاني في ((كتاب ثواب الأعمال)) بإسناد له، عن عبيد بن مرزوق، قال: كانت بالمدينة إمرأة يقال لها: أم محجن، تقم المسجد، فماتت، فلم يعلم بها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمر على قبرها، فقال: ((ما هذا القبر؟)) قالوا: أم محجن.
فقال: ((التي كانت تقم المسجد؟)) قالوا: نعم.
فصف الناس، وصلى عليها، ثم قال: ((أي العمل وجدت أفضل؟)) قالوا: يا رسول الله، أتسمع؟ قال: ((ما أنتم بأسمع منها)) ، فذكر أنها أجابته: قم المسجد.

وهذا مرسل غريب.

وقد ذكرنا فيما تقدم حديث الأمر باتخاذ المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.

وروى ابن جريج، عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((عرضت علي أجور أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد)) .

خرجه أبو داود والترمذي.

والمطلب لم يسمع من أنس -: قاله ابن المديني وغير واحد.
وابن جريج، قال الدارقطني: لم يسمع من المطلب.
قال: ويقال: أنه كان يدلسه عن ابن أبي سبرة وغيره من الضعفاء.

وكنس المساجد وإزالة الأذى عنها فعل شريف، لا يأنف منه من يعلم آداب الشريعة، وخصوصا المساجد الفاضلة، وقد ثبت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى نخامة في قبلة المسجد فحكها بيده، وقد سبق هذا الحديث.

وروى وكيع: ثنا كثير بن زيد، عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب، أن عمر أتى مسجد قباء على فرس له، فصلى فيه ركعتين، ثم قال: يا أوفى، ائتني بجريدة، فأتاه بجريدة، فاحتجز عمر بثوبه، ثم كسحه.

وقال أبو نعيم الفضل: ثنا أبو عاصم الثقفي، قال: كنت أمشي أنا والشعبي في المسجد، فجعل يطأطئ رأسه، فقلت: ماذا تأخذ؟ قَالَ: المشاط والصوف.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَالْتِقَاطِ الْخِرَقِ وَالْقَذَى وَالْعِيدَانِ
( باب كنس المسجد والتقاط الخرق) بكسر المعجمة وفتح الراء جمع خرقة ( و) التقاط ( العيدان) بكسر العين جمع عود ( والقذى) بفتح القاف والمعجمة ما يسقط في العين والشراب، ثم استعمل في كل ما يقع في البيت وغيره إذا كان يسيرًا كالقش ونحوه.
وفي رواية الأربعة القذي والعيدان، وللأصيلي والقذى منه أي من المسجد والجار والمجرور مضمر في رواية غيره ومتعلق بالالتقاط.



[ قــ :448 ... غــ : 458 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ -أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ- كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ فَقَالُوا: مَاتَ.
قَالَ: أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ قَبْرِهَا- فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
[الحديث 458 - طرفاه في: 460، 1337] .

وبه قال: قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) بتصغير الأوّل وبالموحدة آخر الثاني الأزدي الواشحي بشين معجمة ثم حاء مهملة البصري قاضي مكة ( قال: حدّثنا حمّاد بن زيد) هو ابن درهم الأزدي الحمصي البصري ( عن ثابت) البناني ( عن أبي رافع) نفيع بضم النون وفتح الفاء الصائغ التابعي لا الصحابي لأن ثابتًا لم يدركه ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

( أن رجلاً أسود أو امرأة سوداء) وعند ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ: امرأة سوداء من غير شك، وبه جزم أبو الشيخ في كتاب الصلاة له بسند مرسل، فالشك هنا من ثابت على الراجح، وسمّاها لي رواية البيهقي أم محجن ( كان يقم) أو كانت تقم ( المسجد) بضم القاف أي تكنسه، وفي بعض طرقه كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد وبذلك تقع المطابقة بين الترجمة والحديث، ( فمات) أو ماتت ( فسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنه) أو عنها الناس ( فقالوا: مات) أو ماتت، وأفاد البيهقي في روايته أن الذي أجاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ( قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت فقال: ( أفلا) أئذا دفنتم فلا ( كنتم آذنتموني) بالمد أي أعلمتموني ( به) أو بها حتى أصلي عليه أو عليها، وعند المؤلّف في الجنائز فحقروا شأنه، ولابن خزيمة قالوا: مات من الليل فكرهنا أن نوقظك وحذف كانت بعد قوله كان يقم كحذف مؤنث باقيها الذي قدّرته للدلالة عليه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ( دلّوني على قبره أو قال على قبرها) على الشك، ( فأتى) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قبره) ولابن عساكر قبرها ( فصلّى عليها) وزاد

الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد، وللأصيلي عليه وهو حجة على المالكية حيث منعوا الصلاة على القبر.

وتأتي مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في محاله.
ورواته الخمسة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والجنائز، ومسلم وأبو داود وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ كَنْسِ المَسْجِدِ والْتِقَاطِ الخِرَقِ والقَذَى وَالعِيدَانِ مِنْهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل كنس الْمَسْجِد، وَهُوَ إِزَالَة الكناسة مِنْهُ، والالتقاط هُوَ أَن تعثر على شَيْء من غير قصد وَطلب، و: الْخرق، بِكَسْر الْخَاء وَفتح الرَّاء جمع: خرقَة، و: القذى، بِفَتْح الْقَاف والذال الْمُعْجَمَة جمع: قذاة، وَجمع الْجمع: أقذية.
قَالَ الْجَوْهَرِي: القذى فِي الْعين وَالشرَاب: مَا يسْقط فِيهِ، قلت: المُرَاد مِنْهُ هَهُنَا كسر الأخشاب والقش وَنَحْو ذَلِك، و: العيدان، جمع: عود، وَهُوَ الْخشب.
قَوْله: ( مِنْهُ) لَيْسَ فِي أَكثر النّسخ، وَلَكِن بِقدر فِيهِ، وَهُوَ يتَعَلَّق بالالتقاط.

[ قــ :448 ... غــ :458]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانْ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ ثابِتٍ عَنْ أبي رَافِعٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رَجُلاً أسْوَدَ أَو امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النبيُّ عنهُ فَقالُوا ماتَ قالَ أفَلاَ كُنْتُم آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلونِي عَلَى قَبْرِهِ أوْ قَالَ عَلَى قَبْرِها فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْها.
( الحَدِيث 854 طرفاه فِي: 064.
7331)
.


مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كَانَ يقم الْمَسْجِد) أَي: يكنسه، فَإِن قلت: الْتِقَاط الْخرق إِلَى آخِره من جملَة التَّرْجَمَة، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على ذَلِك، قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّ البُخَارِيّ حمله بِالْقِيَاسِ على الكنس، وَالْجَامِع بَينهمَا: التَّنْظِيف.
وَقيل: أَشَارَ البُخَارِيّ بذلك كُله إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه صَرِيحًا: ( وَكَانَت تلْتَقط الْخرق والعيدان من الْمَسْجِد) ، رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة، وَفِي حَدِيث بُرَيْدَة عَن أَبِيه: ( كَانَت مولعة بلقط القذى من الْمَسْجِد) .

ذكر رِجَاله.
وهم خَمْسَة: الأول: سُلَيْمَان بن حَرْب الواشحي، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، نِسْبَة إِلَى: واشح، بطن من الأزد، الْبَصْرِيّ.
الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد، وَقد ذكر غير مرّة.
الثَّالِث: ثَابت الْبنانِيّ.
الرَّابِع: أَبُو رَافع: نفيع، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الصَّائِغ التَّابِعِيّ الْكَبِير، وَلَقَد وهم من قَالَ: إِنَّه أَبُو رَافع الصَّحَابِيّ،.

     وَقَالَ : وَهُوَ من رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ.
فَإِن ثَابتا الْبنانِيّ لم يدْرك أَبَا رَافع الصَّحَابِيّ.
الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدني.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره.
أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن وَاقد، وَفِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن الْفضل.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَأبي كَامِل الجحدري.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب ومسدد، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أَحْمد بن عَبدة.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: ( أَو امْرَأَة سَوْدَاء) ، الشَّك فِيهِ إِمَّا من ثَابت أَو من أبي رَافع، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه من ثَابت لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنهُ جمَاعَة هَكَذَا، وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا عَن حَمَّاد بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَالَ: وَلَا آراه، إلاَّ امْرَأَة.
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، فَقَالَ: ( امْرَأَة سَوْدَاء) ، من غير شكّ فِيهَا، وَوَقع فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: من حَدِيث ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه: أَن اسْم الْمَرْأَة أم محجن.

وَفَائِدَة أُخْرَى فِيهِ أَن الَّذِي أجَاب النَّبِي عَن سُؤَاله عَنْهَا أَبُو بكر الصّديق.
قَوْله: ( كَانَ يقم) ، من: قُم، الشَّيْء يقم قماً، من بابُُ: نصر ينصر نصرا، وَمَعْنَاهُ: كنسه، وَالْقُمَامَة، بِضَم الْقَاف: الكناسة.
قَالَه ابْن سَيّده:.

     وَقَالَ  اللحياني: قمامة الْبَيْت مَا كنس مِنْهُ فألقي بعضه على بعض، وَهِي لُغَة حجازية، والمقمة، بِكَسْر الْمِيم: المكنسة.
وَفِي ( الصِّحَاح) وَالْجمع: القمام.
قَوْله: ( سُئِلَ عَنهُ) ، أَي عَن حَاله، ومفعول: سَأَلَ، مَحْذُوف أَي: سَأَلَ النَّاس عَنهُ.
قَوْله: ( أَفلا كُنْتُم؟) لَا بُد من مُقَدّر بعد الْهمزَة، وَالتَّقْدِير: أدفنتم؟ فَلَا كُنْتُم آذنتموني: بِالْمدِّ، أَي: أعلمتنموني بِمَوْتِهِ حَتَّى أُصَلِّي عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن صلَاته رَحْمَة وَنور فِي قُبُورهم، على مَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم: ( إِن امْرَأَة أَو شَابًّا) الحَدِيث، وَزَاد فِي آخِره: ( إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة ظلمَة على أَهلهَا، وَإِن اتعالى ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم) .
قيل: إِن البُخَارِيّ لم يخرج هَذِه الزِّيَادَة لِأَنَّهَا مدرجة فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَهِي من مَرَاسِيل ثَابت، بَين ذَلِك غير وَاحِد من أَصْحَاب حَمَّاد بن زيد.
قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ، الَّذِي يغلب على الْقلب أَن هَذِه الزِّيَادَة فِي غير رِوَايَة أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة، فإمَّا أَن يكون عَن ثَابت عَن النَّبِي مُرْسلا، كَمَا رَوَاهُ أَحْمد بن عَبدة وَمن تَابعه، أَو عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي كَمَا رَوَاهُ غير حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أبي رَافع، فَلم يذكرهَا.
وروى ابْن حبَان من حَدِيث خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن عَمه يزِيد بن ثَابت، قَالَ: ( خرجنَا مَعَ النَّبِي، فَلَمَّا ورد البقيع إِذْ مر بِقَبْر جَدِيد، فَسَأَلَ عَنهُ، فَقيل: فُلَانَة.
فعرفها،.

     وَقَالَ : أَلا آذنتموني بهَا؟ قَالُوا: كنت قَائِلا صَائِما فكرهنا أَن نؤذيك.
قَالَ: فَلَا تَفعلُوا لأعرفن، مَا مَاتَ فِيكُم ميت مَا كنت بَين أظهر كم إلاَّ آذنتموني بِهِ، صَلَاتي عَلَيْهِ رَحْمَة لَهُ، ثمَّ أَتَى الْقَبْر فصففنا خَلفه فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا)
.
انْتهى.
كَذَا ذكره فِي صَحِيحه،.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) : وَهُوَ يحْتَاج إِلَى تَأمل وَنظر، وَذَلِكَ أَن يزِيد قتل بِالْيَمَامَةِ سنة ثِنْتَيْ عشرَة، وخارجة توفّي سنة مائَة أَو أقل من ذَلِك، وسنه سَبْعُونَ سنة، فَلَا يتَّجه سَمَاعه مِنْهُ بِحَال.
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام فِيهِ: فضل تنظيف الْمَسْجِد،.

     وَقَالَ  ابْن بطال.
وَفِيه: الحض على كنس الْمَسَاجِد وتنظيفها لِأَنَّهُ إِنَّمَا رخصه بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بعد دَفنه من أجل ذَلِك، وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه كنس الْمَسْجِد.
وَفِيه: خدمَة الصَّالِحين وَالسُّؤَال عَن الْخَادِم وَالصديق إِذا غَابَ وافتقاده.
وَفِيه: الْمُكَافَأَة بِالدُّعَاءِ والترحم على من وقف نَفسه على نفع الْمُسلمين ومصالحهم.
وَفِيه: الرَّغْبَة فِي شُهُود جنائز الصَّالِحين.
وَفِيه: جَوَاز الصَّلَاة على الْقَبْر، وَهِي مَسْأَلَة خلافية جوزها طَائِفَة، مِنْهُم: عَليّ وَأَبُو مُوسَى وَابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَعَائِشَة رَضِي اتعالى عَنْهُم، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق.
وَمنعه: النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالثَّوْري.
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَاللَّيْث وَمَالك، وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّمَا يجوز إِذا لم يصل الْوَلِيّ والوالي، ثمَّ اخْتلف من قَالَ بِالْجَوَازِ إِلَى كم يجوز؟ فَقيل: إِلَى شهر، وَقيل: مَا لم يبل جسده، وَقيل: أبدا، وَسَيَأْتِي مزِيد الْكَلَام فِيهِ فِي الْجَنَائِز، إِن شَاءَ اتعالى.
وَفِيه: اسْتِحْبابُُ الْإِعْلَام بِالْمَوْتِ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِيه: أَن على الرَّاوِي التَّنْبِيه على شكه فِيمَا رَوَاهُ مشكوكاً.