هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4555 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ : أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4555 حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : حدثني عروة بن الزبير ، قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4815] قَوْله.

     وَقَالَ  الْمنْهَال هُوَ بن عَمْرٍو الْأَسَدِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخر تقدم فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ صَدُوقٌ من طبقَة الْأَعْمَش وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَرَكَهُ شُعْبَةُ لِأَمْرٍ لَا يُوجِبُ فِيهِ قَدْحًا كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ قَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ .

     قَوْلُهُ  عَن سعيد هُوَ بن جُبَيْرٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَذَا النَّسَفِيُّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الَّذِي صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأْسَ الْأَزَارِقَةِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَكَانَ يُجَالس بن عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ وَيَسْأَلُهُ وَيُعَارِضُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ سُؤَالُهُ عَنْهُ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ عِكْرِمَةَ قَالَ سَأَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَق بن عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا يَوْمُ لَا ينطقون وَلَا تسمع إِلَّا همسا وَقَوله وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون وهاؤم أقرءوا كِتَابيه الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ حَسْبُ وَهِيَ إِحْدَى الْقِصَصِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ قَدِمَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ فِي نفر من رُؤُوس الْخَوَارِجِ مَكَّةَ فَإِذَا هُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ وَالنَّاسُ قِيَامًا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّفْسِيرِ سَاقَهَا فِي وَرَقَتَيْنِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْضَ الْقِصَّةِ وَلَفْظُهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ أَتَى بن عَبَّاسٍ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثا وَقَوله وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَالَ إِنِّي أَحْسِبُكَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكَ فَقلت لَهُم أَيْن بن عَبَّاسٍ فَأُلْقِي عَلَيْهِ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَنْ وَحَّدَهُ فَيَسْأَلُهُمْ فَيَقُولُونَ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكينقَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ انْتَهَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِحْدَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ أَيْ تُشْكِلُ وَتَضْطَرِبُ لِأَنَّ بَيْنَ ظَوَاهِرِهَا تَدَافُعًا زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بِسَنَدِهِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا هُوَ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ فَقَالَ هَاتِ مَا اخْتُلِفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَاب أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول نفى المسائلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتُهَا الثَّانِي كِتْمَانُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ وَإِفْشَاؤُهُ الثَّالِثُ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ كَانَ الدَّالِّ عَلَى الْمَاضِي مَعَ أَن الصّفة لَازِمَة وَحَاصِل جَوَاب بن عَبَّاس عَن الأول أَن نفي المسائلة فِيمَا قَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَجَوَارِحُهُمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ فَهَذَا الَّذِي جمع بِهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَين قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها هُوَ الْمُعْتَمد وإماما أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَشَقَّقَ الْأَنْهَارَ وَقَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ قُوتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا قَالَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْبَقَّالُ وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ كَانَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ الِانْقِطَاعَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَأَما الأول فقد جَاءَ فِيهِ تفسر آخَرُ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ تَشَاغُلِهِمْ بِالصَّعْقِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وإثباتها بعد النفخة الثَّانِيَة وَقد تَأَول بن مَسْعُودٍ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ الْعَفْوَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق زَاذَان قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فينادي أَلا إِن هَذَا فلَان بن فُلَانٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ قَالَ فَتَوَدُّ الْمَرْأَةُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يتساءلون وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ بِنَسَبٍ شَيْئًا وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَلَا يَمُتُّ بِرَحِمٍ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْآيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا بن عَبَّاسٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم فِي أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَفِيهِ ثُمَّ يُلْقَى الثَّالِثُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ وَيُثْنِي مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه وَأما الثَّالِث فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَيْضًا مِنْهَا أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا إِيرَادَ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْخَبَرِ لَا الْمُخْبَرِ بِهِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا لَكِنْ ثُمَّ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْخِلْقَتَيْنِ لَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَقِيلَ خَلَقَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.

.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَجَوَابُ بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمَّى نَفْسَهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَضَتْ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ انْقَضَى.

.
وَأَمَّا الصِّفَتَانِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ لَا يَنْقَطِعَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ مُرَادُهُ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَانْتَهَتْ وَالصِّفَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ مَعْنَىكَانَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ السُّؤَالُ عَلَى مَسْلَكَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى رَفْعِهِمَا كَأَنْ يُقَالَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ أَوْ يَرْحَمُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاضِي يُسَمَّى بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ كَانَ تُعْطَى مَعْنَى الدَّوَامِ وَقَدْ قَالَ النُّحَاةُ كَانَ لِثُبُوتِ خَبَرِهَا مَاضِيًا دَائِمًا أَوْ مُنْقَطِعًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْجَزْمِ للنَّهْي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ هَلْ بَقِيَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَجْهَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ وَالسَّمَاءِ بَنَاهَا وَالتِّلَاوَةُ أَمِ السَّمَاءُ بناها كَذَا زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَهُوَ عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا قَوْله حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بن عدي أَي بن أَبِي زُرَيْقٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنِيهِ عَنْ يُوسُفَ بِزِيَادَةِ عَنْ وَهِيَ غَلَطٌ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِيهِ إِلَخْ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْبُرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ فَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأُرْدِسْتَانِيُّ قَالَ شَاهَدْتُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي هَامِشِهَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ الْبُرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُوشَنْجِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِيُوسُفَ وَلَا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا لِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَاهُ وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ وَقَدْ صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحُ وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَهُ أَوَّلًا مُرْسَلًا وَآخِرًا مُسْنَدًا فَنَقَلَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ وَجَدْتُ لِلْحَدِيثِ طَرِيقًا أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ مِنْ طَرِيقٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو بِتَمَامِهِ فَشَيْخُ مَعْمَرٍ الْمُبْهَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَرِّفًا أَوْ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ أَوْ ثَالِثًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِد لَهُم أجر غير ممنون مَحْسُوبٍ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ مَحْسُوبٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْسَبُ فَيُحْصَى فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقُهَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بِلَفْظِ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَدَوَابَّهَا وَثِمَارَهَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ مِنَ الْمَطَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَقْوَاتُهَا وَاحِدُهَا قُوتٌ وَهِيَ الْأَرْزَاقُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ سَمَاءٍ أمرهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَرَادَهُ أَيْ مِنْ خَلْقِ الرُّجُومِ وَالنَّيِّرَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَحِسَاتٍ مَشَائِيمَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ رِيحًا صَرْصَرًا بَارِدَة نحسات مشومات.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّرْصَرُ هِيَ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ الْعَاصِفَةُ نَحِسَاتٍ ذَوَاتُ نُحُوسٍ أَيْ مَشَائِيمَ .

     قَوْلُهُ  وقيضنا لَهُم قرناء تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَطَائِفَةٍ وَعِنْدَالْأصيلِيّ وقيضنا لَهُم قرناء قرناهم بهم تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ قَالَ شَيَاطِينَ وَفِي قَوْلِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة أَن لَا تخافوا وَلَا تحزنوا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  اهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ وَرَبَتْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ .

     قَوْلُهُ  لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ بِعِلْمِي أَنَا محقوق بِهَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.

.
وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لِي أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ قَدَّرَهَا سَوَاءً سَقَطَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

     وَقَالَ  فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَهَدَيْنَاهُمْ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْر وَالشَّر كَقَوْلِه وهديناه النجدين وَكَقَوْلِه هديناه السَّبِيل وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ وَمِنْ ذَلِك قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَأما ثَمُود فهديناهم يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِه وهديناه النجدين ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا هديناه السَّبِيل قَالَ وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هدى الله فبهداهم اقتده فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  يُوزَعُونَ يُكَفُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ يُدْفَعُونَ وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قَالَ عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَكْمَامِهَا قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَكْمَامِهَا أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ تَنْبِيهٌ كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَقَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ انْتَهَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِحْدَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ أَيْ تُشْكِلُ وَتَضْطَرِبُ لِأَنَّ بَيْنَ ظَوَاهِرِهَا تَدَافُعًا زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بِسَنَدِهِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا هُوَ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ فَقَالَ هَاتِ مَا اخْتُلِفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَاب أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول نفى المسائلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتُهَا الثَّانِي كِتْمَانُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ وَإِفْشَاؤُهُ الثَّالِثُ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ كَانَ الدَّالِّ عَلَى الْمَاضِي مَعَ أَن الصّفة لَازِمَة وَحَاصِل جَوَاب بن عَبَّاس عَن الأول أَن نفي المسائلة فِيمَا قَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَجَوَارِحُهُمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ فَهَذَا الَّذِي جمع بِهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَين قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها هُوَ الْمُعْتَمد وإماما أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَشَقَّقَ الْأَنْهَارَ وَقَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ قُوتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا قَالَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْبَقَّالُ وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ كَانَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ الِانْقِطَاعَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَأَما الأول فقد جَاءَ فِيهِ تفسر آخَرُ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ تَشَاغُلِهِمْ بِالصَّعْقِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وإثباتها بعد النفخة الثَّانِيَة وَقد تَأَول بن مَسْعُودٍ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ الْعَفْوَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق زَاذَان قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فينادي أَلا إِن هَذَا فلَان بن فُلَانٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ قَالَ فَتَوَدُّ الْمَرْأَةُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يتساءلون وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ بِنَسَبٍ شَيْئًا وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَلَا يَمُتُّ بِرَحِمٍ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْآيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا بن عَبَّاسٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم فِي أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَفِيهِ ثُمَّ يُلْقَى الثَّالِثُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ وَيُثْنِي مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه وَأما الثَّالِث فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَيْضًا مِنْهَا أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا إِيرَادَ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْخَبَرِ لَا الْمُخْبَرِ بِهِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا لَكِنْ ثُمَّ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْخِلْقَتَيْنِ لَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَقِيلَ خَلَقَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.

.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَجَوَابُ بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمَّى نَفْسَهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَضَتْ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ انْقَضَى.

.
وَأَمَّا الصِّفَتَانِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ لَا يَنْقَطِعَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ مُرَادُهُ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَانْتَهَتْ وَالصِّفَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ مَعْنَىكَانَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ السُّؤَالُ عَلَى مَسْلَكَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى رَفْعِهِمَا كَأَنْ يُقَالَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ أَوْ يَرْحَمُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاضِي يُسَمَّى بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ كَانَ تُعْطَى مَعْنَى الدَّوَامِ وَقَدْ قَالَ النُّحَاةُ كَانَ لِثُبُوتِ خَبَرِهَا مَاضِيًا دَائِمًا أَوْ مُنْقَطِعًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْجَزْمِ للنَّهْي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ هَلْ بَقِيَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَجْهَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ وَالسَّمَاءِ بَنَاهَا وَالتِّلَاوَةُ أَمِ السَّمَاءُ بناها كَذَا زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَهُوَ عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا قَوْله حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بن عدي أَي بن أَبِي زُرَيْقٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنِيهِ عَنْ يُوسُفَ بِزِيَادَةِ عَنْ وَهِيَ غَلَطٌ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِيهِ إِلَخْ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْبُرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ فَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأُرْدِسْتَانِيُّ قَالَ شَاهَدْتُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي هَامِشِهَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ الْبُرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُوشَنْجِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِيُوسُفَ وَلَا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا لِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَاهُ وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ وَقَدْ صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحُ وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَهُ أَوَّلًا مُرْسَلًا وَآخِرًا مُسْنَدًا فَنَقَلَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ وَجَدْتُ لِلْحَدِيثِ طَرِيقًا أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ مِنْ طَرِيقٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو بِتَمَامِهِ فَشَيْخُ مَعْمَرٍ الْمُبْهَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَرِّفًا أَوْ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ أَوْ ثَالِثًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِد لَهُم أجر غير ممنون مَحْسُوبٍ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ مَحْسُوبٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْسَبُ فَيُحْصَى فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقُهَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بِلَفْظِ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَدَوَابَّهَا وَثِمَارَهَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ مِنَ الْمَطَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَقْوَاتُهَا وَاحِدُهَا قُوتٌ وَهِيَ الْأَرْزَاقُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ سَمَاءٍ أمرهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَرَادَهُ أَيْ مِنْ خَلْقِ الرُّجُومِ وَالنَّيِّرَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَحِسَاتٍ مَشَائِيمَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ رِيحًا صَرْصَرًا بَارِدَة نحسات مشومات.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّرْصَرُ هِيَ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ الْعَاصِفَةُ نَحِسَاتٍ ذَوَاتُ نُحُوسٍ أَيْ مَشَائِيمَ .

     قَوْلُهُ  وقيضنا لَهُم قرناء تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَطَائِفَةٍ وَعِنْدَالْأصيلِيّ وقيضنا لَهُم قرناء قرناهم بهم تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ قَالَ شَيَاطِينَ وَفِي قَوْلِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة أَن لَا تخافوا وَلَا تحزنوا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  اهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ وَرَبَتْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ .

     قَوْلُهُ  لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ بِعِلْمِي أَنَا محقوق بِهَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.

.
وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لِي أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ قَدَّرَهَا سَوَاءً سَقَطَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

     وَقَالَ  فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَهَدَيْنَاهُمْ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْر وَالشَّر كَقَوْلِه وهديناه النجدين وَكَقَوْلِه هديناه السَّبِيل وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ وَمِنْ ذَلِك قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَأما ثَمُود فهديناهم يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِه وهديناه النجدين ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا هديناه السَّبِيل قَالَ وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هدى الله فبهداهم اقتده فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  يُوزَعُونَ يُكَفُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ يُدْفَعُونَ وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قَالَ عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَكْمَامِهَا قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَكْمَامِهَا أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ تَنْبِيهٌ كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَمَا فِيهِمَا مِنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَنَهْرٍ وَنَبَاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَجَابَتَا إِلَى ذَلِكَ كَانَ كَالْإِعْطَاءِ فَعَبَّرَ بِالْإِعْطَاءِ عَنَ الْمَجِيءِ بِمَا أُودِعَتَاهُ.

.

قُلْتُ فَإِذَا كَانَ مُوَجَّهًا وَثَبَتَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ فَأَيُّ معنى لإنكاره عَن بن عَبَّاس وَكَأَنَّهُ لما رأى عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ نَفَى أَنْ يُثْبِتَ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالْمَعْنَى الْآخَرِ وَهَذَا عَجِيبٌ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الشَّيْءِ قَوْلَانِ بَلْ أَكْثَرُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلسَّمَاوَاتِ أَطْلِعِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ.

     وَقَالَ  لِلْأَرْضِ شَقِّقِي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين.

     وَقَالَ  بن التِّين لَعَلَّ بن عَبَّاسٍ قَرَأَهَا آتَيْنَا بِالْمَدِّ فَفَسَّرَهَا عَلَى ذَلِكَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقِرَاءَاتِ أَنَّهَا قِرَاءَتُهُ وَبِهَا قَرَأَ صَاحِبَاهُ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ فِي أَمَالِيهِ قِيلَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَقَعَ لَهُ فِي أَيٍّ مِنَ الْقُرْآنِ وَهْمٌ فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ قِرَاءَةٌ بِلُغَتِهِ وَجْهُهُ أَعْطِيَا الطَّاعَةَ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يُعْطِي الطَّاعَةَ لِفُلَانٍ قَالَ وَقَدْ قُرِئَ ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْفِتْنَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ وَإِذَا جَازَ فِي إِحْدَاهُمَا جَازَ فِي الْأُخْرَى انْتَهَى وَجَوَّزَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ آتَيْنَا بِالْمَدِّ بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَحْذُوفُ مَفْعُولًا وَاحِدًا وَالتَّقْدِيرُ لِتُوَافِقَ كُلٌّ مِنْكُمَا الْأُخْرَى قَالَتَا تَوَافَقْنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَدْ حُذِفَ مَفْعُولَانِ وَالتَّقْدِيرُ أَعْطِيَا مَنْ أَمَرَكُمَا الطَّاعَةَ مِنْ أَنْفُسِكُمَا قَالَتَا أَعْطَيْنَاهُ الطَّاعَةَ وَهُوَ أَرْجَحُ لِثُبُوتِهِ صَرِيحًا عَنْ تُرْجَمَانِ الْقُرْآن قَوْله قَالَتَا قَالَ بن عَطِيَّةَ أَرَادَ الْفِرْقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ سَمَاءً وَالْأَرَضِينَ أَرْضًا ثُمَّ ذَكَرَ لِذَلِكَ شَاهِدًا وَهِيَ غَفْلَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا لَفْظُ سَمَاءٍ مُفْرَدٍ وَلَفْظُ أَرْضٍ مُفْرَدٍ نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  طَائِعِينَ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَبَّرَ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ مِنَ الْعُقَلَاءِ لِكَوْنِهِمْ عُومِلُوا مُعَامَلَةَ الْعُقَلَاءِ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ وَهُوَ مِثْلُ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4815] قَوْله.

     وَقَالَ  الْمنْهَال هُوَ بن عَمْرٍو الْأَسَدِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخر تقدم فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ صَدُوقٌ من طبقَة الْأَعْمَش وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَرَكَهُ شُعْبَةُ لِأَمْرٍ لَا يُوجِبُ فِيهِ قَدْحًا كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ قَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ .

     قَوْلُهُ  عَن سعيد هُوَ بن جُبَيْرٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَذَا النَّسَفِيُّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الَّذِي صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأْسَ الْأَزَارِقَةِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَكَانَ يُجَالس بن عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ وَيَسْأَلُهُ وَيُعَارِضُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ سُؤَالُهُ عَنْهُ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ عِكْرِمَةَ قَالَ سَأَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَق بن عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا يَوْمُ لَا ينطقون وَلَا تسمع إِلَّا همسا وَقَوله وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون وهاؤم أقرءوا كِتَابيه الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ حَسْبُ وَهِيَ إِحْدَى الْقِصَصِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ قَدِمَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ فِي نفر من رُؤُوس الْخَوَارِجِ مَكَّةَ فَإِذَا هُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ وَالنَّاسُ قِيَامًا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّفْسِيرِ سَاقَهَا فِي وَرَقَتَيْنِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْضَ الْقِصَّةِ وَلَفْظُهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ أَتَى بن عَبَّاسٍ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثا وَقَوله وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَالَ إِنِّي أَحْسِبُكَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكَ فَقلت لَهُم أَيْن بن عَبَّاسٍ فَأُلْقِي عَلَيْهِ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَنْ وَحَّدَهُ فَيَسْأَلُهُمْ فَيَقُولُونَ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكينقَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ انْتَهَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِحْدَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ أَيْ تُشْكِلُ وَتَضْطَرِبُ لِأَنَّ بَيْنَ ظَوَاهِرِهَا تَدَافُعًا زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بِسَنَدِهِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا هُوَ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ فَقَالَ هَاتِ مَا اخْتُلِفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَاب أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول نفى المسائلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتُهَا الثَّانِي كِتْمَانُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ وَإِفْشَاؤُهُ الثَّالِثُ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ كَانَ الدَّالِّ عَلَى الْمَاضِي مَعَ أَن الصّفة لَازِمَة وَحَاصِل جَوَاب بن عَبَّاس عَن الأول أَن نفي المسائلة فِيمَا قَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَجَوَارِحُهُمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ فَهَذَا الَّذِي جمع بِهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَين قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها هُوَ الْمُعْتَمد وإماما أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَشَقَّقَ الْأَنْهَارَ وَقَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ قُوتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا قَالَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْبَقَّالُ وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ كَانَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ الِانْقِطَاعَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَأَما الأول فقد جَاءَ فِيهِ تفسر آخَرُ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ تَشَاغُلِهِمْ بِالصَّعْقِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وإثباتها بعد النفخة الثَّانِيَة وَقد تَأَول بن مَسْعُودٍ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ الْعَفْوَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق زَاذَان قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فينادي أَلا إِن هَذَا فلَان بن فُلَانٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ قَالَ فَتَوَدُّ الْمَرْأَةُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يتساءلون وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ بِنَسَبٍ شَيْئًا وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَلَا يَمُتُّ بِرَحِمٍ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْآيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا بن عَبَّاسٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم فِي أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَفِيهِ ثُمَّ يُلْقَى الثَّالِثُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ وَيُثْنِي مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه وَأما الثَّالِث فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَيْضًا مِنْهَا أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا إِيرَادَ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْخَبَرِ لَا الْمُخْبَرِ بِهِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا لَكِنْ ثُمَّ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْخِلْقَتَيْنِ لَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَقِيلَ خَلَقَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.

.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَجَوَابُ بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمَّى نَفْسَهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَضَتْ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ انْقَضَى.

.
وَأَمَّا الصِّفَتَانِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ لَا يَنْقَطِعَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ مُرَادُهُ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَانْتَهَتْ وَالصِّفَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ مَعْنَىكَانَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ السُّؤَالُ عَلَى مَسْلَكَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى رَفْعِهِمَا كَأَنْ يُقَالَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ أَوْ يَرْحَمُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاضِي يُسَمَّى بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ كَانَ تُعْطَى مَعْنَى الدَّوَامِ وَقَدْ قَالَ النُّحَاةُ كَانَ لِثُبُوتِ خَبَرِهَا مَاضِيًا دَائِمًا أَوْ مُنْقَطِعًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْجَزْمِ للنَّهْي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ هَلْ بَقِيَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَجْهَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ وَالسَّمَاءِ بَنَاهَا وَالتِّلَاوَةُ أَمِ السَّمَاءُ بناها كَذَا زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَهُوَ عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا قَوْله حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بن عدي أَي بن أَبِي زُرَيْقٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنِيهِ عَنْ يُوسُفَ بِزِيَادَةِ عَنْ وَهِيَ غَلَطٌ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِيهِ إِلَخْ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْبُرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ فَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأُرْدِسْتَانِيُّ قَالَ شَاهَدْتُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي هَامِشِهَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ الْبُرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُوشَنْجِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِيُوسُفَ وَلَا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا لِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَاهُ وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ وَقَدْ صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحُ وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَهُ أَوَّلًا مُرْسَلًا وَآخِرًا مُسْنَدًا فَنَقَلَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ وَجَدْتُ لِلْحَدِيثِ طَرِيقًا أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ مِنْ طَرِيقٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو بِتَمَامِهِ فَشَيْخُ مَعْمَرٍ الْمُبْهَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَرِّفًا أَوْ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ أَوْ ثَالِثًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِد لَهُم أجر غير ممنون مَحْسُوبٍ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ مَحْسُوبٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْسَبُ فَيُحْصَى فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقُهَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بِلَفْظِ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَدَوَابَّهَا وَثِمَارَهَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ مِنَ الْمَطَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَقْوَاتُهَا وَاحِدُهَا قُوتٌ وَهِيَ الْأَرْزَاقُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ سَمَاءٍ أمرهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَرَادَهُ أَيْ مِنْ خَلْقِ الرُّجُومِ وَالنَّيِّرَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَحِسَاتٍ مَشَائِيمَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ رِيحًا صَرْصَرًا بَارِدَة نحسات مشومات.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّرْصَرُ هِيَ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ الْعَاصِفَةُ نَحِسَاتٍ ذَوَاتُ نُحُوسٍ أَيْ مَشَائِيمَ .

     قَوْلُهُ  وقيضنا لَهُم قرناء تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَطَائِفَةٍ وَعِنْدَالْأصيلِيّ وقيضنا لَهُم قرناء قرناهم بهم تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ قَالَ شَيَاطِينَ وَفِي قَوْلِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة أَن لَا تخافوا وَلَا تحزنوا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  اهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ وَرَبَتْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ .

     قَوْلُهُ  لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ بِعِلْمِي أَنَا محقوق بِهَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.

.
وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لِي أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ قَدَّرَهَا سَوَاءً سَقَطَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

     وَقَالَ  فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَهَدَيْنَاهُمْ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْر وَالشَّر كَقَوْلِه وهديناه النجدين وَكَقَوْلِه هديناه السَّبِيل وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ وَمِنْ ذَلِك قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَأما ثَمُود فهديناهم يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِه وهديناه النجدين ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا هديناه السَّبِيل قَالَ وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هدى الله فبهداهم اقتده فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  يُوزَعُونَ يُكَفُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ يُدْفَعُونَ وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قَالَ عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَكْمَامِهَا قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَكْمَامِهَا أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ تَنْبِيهٌ كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَقَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ انْتَهَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِحْدَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ أَيْ تُشْكِلُ وَتَضْطَرِبُ لِأَنَّ بَيْنَ ظَوَاهِرِهَا تَدَافُعًا زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بِسَنَدِهِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا هُوَ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ فَقَالَ هَاتِ مَا اخْتُلِفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَاب أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول نفى المسائلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتُهَا الثَّانِي كِتْمَانُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ وَإِفْشَاؤُهُ الثَّالِثُ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ كَانَ الدَّالِّ عَلَى الْمَاضِي مَعَ أَن الصّفة لَازِمَة وَحَاصِل جَوَاب بن عَبَّاس عَن الأول أَن نفي المسائلة فِيمَا قَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَجَوَارِحُهُمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ فَهَذَا الَّذِي جمع بِهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَين قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها هُوَ الْمُعْتَمد وإماما أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَشَقَّقَ الْأَنْهَارَ وَقَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ قُوتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا قَالَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْبَقَّالُ وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ كَانَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ الِانْقِطَاعَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَأَما الأول فقد جَاءَ فِيهِ تفسر آخَرُ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ تَشَاغُلِهِمْ بِالصَّعْقِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وإثباتها بعد النفخة الثَّانِيَة وَقد تَأَول بن مَسْعُودٍ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ الْعَفْوَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق زَاذَان قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فينادي أَلا إِن هَذَا فلَان بن فُلَانٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ قَالَ فَتَوَدُّ الْمَرْأَةُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يتساءلون وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ بِنَسَبٍ شَيْئًا وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَلَا يَمُتُّ بِرَحِمٍ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْآيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا بن عَبَّاسٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم فِي أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَفِيهِ ثُمَّ يُلْقَى الثَّالِثُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ وَيُثْنِي مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه وَأما الثَّالِث فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَيْضًا مِنْهَا أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا إِيرَادَ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْخَبَرِ لَا الْمُخْبَرِ بِهِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا لَكِنْ ثُمَّ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْخِلْقَتَيْنِ لَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَقِيلَ خَلَقَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.

.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَجَوَابُ بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمَّى نَفْسَهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَضَتْ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ انْقَضَى.

.
وَأَمَّا الصِّفَتَانِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ لَا يَنْقَطِعَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ مُرَادُهُ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَانْتَهَتْ وَالصِّفَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ مَعْنَىكَانَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ السُّؤَالُ عَلَى مَسْلَكَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى رَفْعِهِمَا كَأَنْ يُقَالَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ أَوْ يَرْحَمُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاضِي يُسَمَّى بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ كَانَ تُعْطَى مَعْنَى الدَّوَامِ وَقَدْ قَالَ النُّحَاةُ كَانَ لِثُبُوتِ خَبَرِهَا مَاضِيًا دَائِمًا أَوْ مُنْقَطِعًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْجَزْمِ للنَّهْي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ هَلْ بَقِيَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَجْهَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ وَالسَّمَاءِ بَنَاهَا وَالتِّلَاوَةُ أَمِ السَّمَاءُ بناها كَذَا زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَهُوَ عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا قَوْله حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بن عدي أَي بن أَبِي زُرَيْقٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنِيهِ عَنْ يُوسُفَ بِزِيَادَةِ عَنْ وَهِيَ غَلَطٌ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِيهِ إِلَخْ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْبُرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ فَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأُرْدِسْتَانِيُّ قَالَ شَاهَدْتُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي هَامِشِهَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ الْبُرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُوشَنْجِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِيُوسُفَ وَلَا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا لِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَاهُ وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ وَقَدْ صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحُ وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَهُ أَوَّلًا مُرْسَلًا وَآخِرًا مُسْنَدًا فَنَقَلَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ وَجَدْتُ لِلْحَدِيثِ طَرِيقًا أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ مِنْ طَرِيقٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو بِتَمَامِهِ فَشَيْخُ مَعْمَرٍ الْمُبْهَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَرِّفًا أَوْ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ أَوْ ثَالِثًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِد لَهُم أجر غير ممنون مَحْسُوبٍ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ مَحْسُوبٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْسَبُ فَيُحْصَى فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقُهَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بِلَفْظِ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَدَوَابَّهَا وَثِمَارَهَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ مِنَ الْمَطَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَقْوَاتُهَا وَاحِدُهَا قُوتٌ وَهِيَ الْأَرْزَاقُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ سَمَاءٍ أمرهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَرَادَهُ أَيْ مِنْ خَلْقِ الرُّجُومِ وَالنَّيِّرَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَحِسَاتٍ مَشَائِيمَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ رِيحًا صَرْصَرًا بَارِدَة نحسات مشومات.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّرْصَرُ هِيَ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ الْعَاصِفَةُ نَحِسَاتٍ ذَوَاتُ نُحُوسٍ أَيْ مَشَائِيمَ .

     قَوْلُهُ  وقيضنا لَهُم قرناء تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَطَائِفَةٍ وَعِنْدَالْأصيلِيّ وقيضنا لَهُم قرناء قرناهم بهم تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ قَالَ شَيَاطِينَ وَفِي قَوْلِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة أَن لَا تخافوا وَلَا تحزنوا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  اهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ وَرَبَتْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ .

     قَوْلُهُ  لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ بِعِلْمِي أَنَا محقوق بِهَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.

.
وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لِي أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ قَدَّرَهَا سَوَاءً سَقَطَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

     وَقَالَ  فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَهَدَيْنَاهُمْ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْر وَالشَّر كَقَوْلِه وهديناه النجدين وَكَقَوْلِه هديناه السَّبِيل وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ وَمِنْ ذَلِك قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَأما ثَمُود فهديناهم يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِه وهديناه النجدين ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا هديناه السَّبِيل قَالَ وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هدى الله فبهداهم اقتده فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  يُوزَعُونَ يُكَفُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ يُدْفَعُونَ وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قَالَ عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَكْمَامِهَا قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَكْمَامِهَا أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ تَنْبِيهٌ كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَمَا فِيهِمَا مِنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَنَهْرٍ وَنَبَاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَجَابَتَا إِلَى ذَلِكَ كَانَ كَالْإِعْطَاءِ فَعَبَّرَ بِالْإِعْطَاءِ عَنَ الْمَجِيءِ بِمَا أُودِعَتَاهُ.

.

قُلْتُ فَإِذَا كَانَ مُوَجَّهًا وَثَبَتَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ فَأَيُّ معنى لإنكاره عَن بن عَبَّاس وَكَأَنَّهُ لما رأى عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ نَفَى أَنْ يُثْبِتَ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالْمَعْنَى الْآخَرِ وَهَذَا عَجِيبٌ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الشَّيْءِ قَوْلَانِ بَلْ أَكْثَرُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلسَّمَاوَاتِ أَطْلِعِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ.

     وَقَالَ  لِلْأَرْضِ شَقِّقِي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين.

     وَقَالَ  بن التِّين لَعَلَّ بن عَبَّاسٍ قَرَأَهَا آتَيْنَا بِالْمَدِّ فَفَسَّرَهَا عَلَى ذَلِكَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقِرَاءَاتِ أَنَّهَا قِرَاءَتُهُ وَبِهَا قَرَأَ صَاحِبَاهُ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ فِي أَمَالِيهِ قِيلَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَقَعَ لَهُ فِي أَيٍّ مِنَ الْقُرْآنِ وَهْمٌ فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ قِرَاءَةٌ بِلُغَتِهِ وَجْهُهُ أَعْطِيَا الطَّاعَةَ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يُعْطِي الطَّاعَةَ لِفُلَانٍ قَالَ وَقَدْ قُرِئَ ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْفِتْنَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ وَإِذَا جَازَ فِي إِحْدَاهُمَا جَازَ فِي الْأُخْرَى انْتَهَى وَجَوَّزَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ آتَيْنَا بِالْمَدِّ بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَحْذُوفُ مَفْعُولًا وَاحِدًا وَالتَّقْدِيرُ لِتُوَافِقَ كُلٌّ مِنْكُمَا الْأُخْرَى قَالَتَا تَوَافَقْنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَدْ حُذِفَ مَفْعُولَانِ وَالتَّقْدِيرُ أَعْطِيَا مَنْ أَمَرَكُمَا الطَّاعَةَ مِنْ أَنْفُسِكُمَا قَالَتَا أَعْطَيْنَاهُ الطَّاعَةَ وَهُوَ أَرْجَحُ لِثُبُوتِهِ صَرِيحًا عَنْ تُرْجَمَانِ الْقُرْآن قَوْله قَالَتَا قَالَ بن عَطِيَّةَ أَرَادَ الْفِرْقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ سَمَاءً وَالْأَرَضِينَ أَرْضًا ثُمَّ ذَكَرَ لِذَلِكَ شَاهِدًا وَهِيَ غَفْلَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا لَفْظُ سَمَاءٍ مُفْرَدٍ وَلَفْظُ أَرْضٍ مُفْرَدٍ نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  طَائِعِينَ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَبَّرَ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ مِنَ الْعُقَلَاءِ لِكَوْنِهِمْ عُومِلُوا مُعَامَلَةَ الْعُقَلَاءِ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ وَهُوَ مِثْلُ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ حم السَّجْدَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين أعطينا وَصله الطَّبَرِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فِي الصِّحَّةِ وَلَفْظُ الطَّبَرِيِّ فِي قَوْلِهِ ائْتِيَا قَالَ أَعْطِيَا وَفِي قَوْلِهِ قَالَتَا أَتَيْنَا قَالَتَا أَعْطَيْنَا.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ لَيْسَ أَتَى هُنَا بِمَعْنَى أَعْطَى وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْإِتْيَانِ وَهُوَ الْمَجِيءُ بِمَعْنَى الِانْفِعَالِ لِلْوُجُودِ بِدَلِيلِ الْآيَةِ نَفْسِهَا وَبِهَذَا فَسَّرَهُ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ جِيئَا بِمَا خَلَقْتُ فِيكُمَا وأظهراه قَالَتَا أجبنا وروى ذَلِك عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى تَقْرِيبِ الْمَعْنَى أَنَّهُمَا لَمَّا أُمِرَتَا بِإِخْرَاجِ مَا فِيهِمَا مِنْ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَنَهْرٍ وَنَبَاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَجَابَتَا إِلَى ذَلِكَ كَانَ كَالْإِعْطَاءِ فَعَبَّرَ بِالْإِعْطَاءِ عَنَ الْمَجِيءِ بِمَا أُودِعَتَاهُ.

.

قُلْتُ فَإِذَا كَانَ مُوَجَّهًا وَثَبَتَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ فَأَيُّ معنى لإنكاره عَن بن عَبَّاس وَكَأَنَّهُ لما رأى عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ نَفَى أَنْ يُثْبِتَ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالْمَعْنَى الْآخَرِ وَهَذَا عَجِيبٌ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الشَّيْءِ قَوْلَانِ بَلْ أَكْثَرُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلسَّمَاوَاتِ أَطْلِعِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ.

     وَقَالَ  لِلْأَرْضِ شَقِّقِي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين.

     وَقَالَ  بن التِّين لَعَلَّ بن عَبَّاسٍ قَرَأَهَا آتَيْنَا بِالْمَدِّ فَفَسَّرَهَا عَلَى ذَلِكَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقِرَاءَاتِ أَنَّهَا قِرَاءَتُهُ وَبِهَا قَرَأَ صَاحِبَاهُ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ فِي أَمَالِيهِ قِيلَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَقَعَ لَهُ فِي أَيٍّ مِنَ الْقُرْآنِ وَهْمٌ فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ قِرَاءَةٌ بِلُغَتِهِ وَجْهُهُ أَعْطِيَا الطَّاعَةَ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يُعْطِي الطَّاعَةَ لِفُلَانٍ قَالَ وَقَدْ قُرِئَ ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْفِتْنَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ وَإِذَا جَازَ فِي إِحْدَاهُمَا جَازَ فِي الْأُخْرَى انْتَهَى وَجَوَّزَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ آتَيْنَا بِالْمَدِّ بِمَعْنَى الْمُوَافَقَةِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَحْذُوفُ مَفْعُولًا وَاحِدًا وَالتَّقْدِيرُ لِتُوَافِقَ كُلٌّ مِنْكُمَا الْأُخْرَى قَالَتَا تَوَافَقْنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَدْ حُذِفَ مَفْعُولَانِ وَالتَّقْدِيرُ أَعْطِيَا مَنْ أَمَرَكُمَا الطَّاعَةَ مِنْ أَنْفُسِكُمَا قَالَتَا أَعْطَيْنَاهُ الطَّاعَةَ وَهُوَ أَرْجَحُ لِثُبُوتِهِ صَرِيحًا عَنْ تُرْجَمَانِ الْقُرْآن قَوْله قَالَتَا قَالَ بن عَطِيَّةَ أَرَادَ الْفِرْقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ سَمَاءً وَالْأَرَضِينَ أَرْضًا ثُمَّ ذَكَرَ لِذَلِكَ شَاهِدًا وَهِيَ غَفْلَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا لَفْظُ سَمَاءٍ مُفْرَدٍ وَلَفْظُ أَرْضٍ مُفْرَدٍ نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  طَائِعِينَ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَبَّرَ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ مِنَ الْعُقَلَاءِ لِكَوْنِهِمْ عُومِلُوا مُعَامَلَةَ الْعُقَلَاءِ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ وَهُوَ مِثْلُ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

[ قــ :4555 ... غــ :4815] قَوْله.

     وَقَالَ  الْمنْهَال هُوَ بن عَمْرٍو الْأَسَدِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخر تقدم فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ صَدُوقٌ من طبقَة الْأَعْمَش وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَرَكَهُ شُعْبَةُ لِأَمْرٍ لَا يُوجِبُ فِيهِ قَدْحًا كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ قَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ .

     قَوْلُهُ  عَن سعيد هُوَ بن جُبَيْرٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَكَذَا النَّسَفِيُّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الَّذِي صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأْسَ الْأَزَارِقَةِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَكَانَ يُجَالس بن عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ وَيَسْأَلُهُ وَيُعَارِضُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ سُؤَالُهُ عَنْهُ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ عِكْرِمَةَ قَالَ سَأَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَق بن عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا يَوْمُ لَا ينطقون وَلَا تسمع إِلَّا همسا وَقَوله وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون وهاؤم أقرءوا كِتَابيه الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ حَسْبُ وَهِيَ إِحْدَى الْقِصَصِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ قَدِمَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ فِي نفر من رُؤُوس الْخَوَارِجِ مَكَّةَ فَإِذَا هُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ وَالنَّاسُ قِيَامًا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنَ التَّفْسِيرِ سَاقَهَا فِي وَرَقَتَيْنِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْضَ الْقِصَّةِ وَلَفْظُهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ أَتَى بن عَبَّاسٍ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثا وَقَوله وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَالَ إِنِّي أَحْسِبُكَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكَ فَقلت لَهُم أَيْن بن عَبَّاسٍ فَأُلْقِي عَلَيْهِ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَنْ وَحَّدَهُ فَيَسْأَلُهُمْ فَيَقُولُونَ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين قَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ انْتَهَى وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِحْدَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُبْهَمُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ أَيْ تُشْكِلُ وَتَضْطَرِبُ لِأَنَّ بَيْنَ ظَوَاهِرِهَا تَدَافُعًا زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بِسَنَدِهِ فَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَا هُوَ أَشَكٌّ فِي الْقُرْآنِ قَالَ لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ فَقَالَ هَاتِ مَا اخْتُلِفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ وَحَاصِلُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَاب أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول نفى المسائلة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِثْبَاتُهَا الثَّانِي كِتْمَانُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ وَإِفْشَاؤُهُ الثَّالِثُ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ كَانَ الدَّالِّ عَلَى الْمَاضِي مَعَ أَن الصّفة لَازِمَة وَحَاصِل جَوَاب بن عَبَّاس عَن الأول أَن نفي المسائلة فِيمَا قَبْلَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَجَوَارِحُهُمْ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ فَهَذَا الَّذِي جمع بِهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَين قَوْله وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها هُوَ الْمُعْتَمد وإماما أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَشَقَّقَ الْأَنْهَارَ وَقَدَّرَ فِي كُلِّ أَرْضٍ قُوتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا قَالَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْبَقَّالُ وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ كَانَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَاضِي لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ الِانْقِطَاعَ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَأَما الأول فقد جَاءَ فِيهِ تفسر آخَرُ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ تَشَاغُلِهِمْ بِالصَّعْقِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ وَإِثْبَاتَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ السُّدِّيِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وإثباتها بعد النفخة الثَّانِيَة وَقد تَأَول بن مَسْعُودٍ نَفْيَ الْمُسَاءَلَةِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ الْعَفْوَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيق زَاذَان قَالَ أتيت بن مَسْعُودٍ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فينادي أَلا إِن هَذَا فلَان بن فُلَانٍ فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ قَالَ فَتَوَدُّ الْمَرْأَةُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ زَوْجِهَا فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يتساءلون وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى قَالَ لَا يُسْأَلُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ بِنَسَبٍ شَيْئًا وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَلَا يَمُتُّ بِرَحِمٍ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْآيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا بن عَبَّاسٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم فِي أَثْنَاءَ حَدِيثٍ وَفِيهِ ثُمَّ يُلْقَى الثَّالِثُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ وَيُثْنِي مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه وَأما الثَّالِث فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَيْضًا مِنْهَا أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا إِيرَادَ وَقِيلَ الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الْخَبَرِ لَا الْمُخْبَرِ بِهِ كَقَوْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا لَكِنْ ثُمَّ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْخِلْقَتَيْنِ لَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَقِيلَ خَلَقَ بِمَعْنَى قَدَّرَ.

.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَجَوَابُ بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ سَمَّى نَفْسَهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مَضَتْ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ انْقَضَى.

.
وَأَمَّا الصِّفَتَانِ فَلَا يَزَالَانِ كَذَلِكَ لَا يَنْقَطِعَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ مُرَادُهُ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَانْتَهَتْ وَالصِّفَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ مَعْنَى كَانَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ السُّؤَالُ عَلَى مَسْلَكَيْنِ وَالْجَوَابُ عَلَى رَفْعِهِمَا كَأَنْ يُقَالَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ أَوْ يَرْحَمُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاضِي يُسَمَّى بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ كَانَ تُعْطَى مَعْنَى الدَّوَامِ وَقَدْ قَالَ النُّحَاةُ كَانَ لِثُبُوتِ خَبَرِهَا مَاضِيًا دَائِمًا أَوْ مُنْقَطِعًا .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْجَزْمِ للنَّهْي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ بن عَبَّاسٍ هَلْ بَقِيَ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَجْهَهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ وَالسَّمَاءِ بَنَاهَا وَالتِّلَاوَةُ أَمِ السَّمَاءُ بناها كَذَا زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَهُوَ عَلَى وَفْقِ التِّلَاوَةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا قَوْله حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بن عدي أَي بن أَبِي زُرَيْقٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنِيهِ عَنْ يُوسُفَ بِزِيَادَةِ عَنْ وَهِيَ غَلَطٌ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِيهِ إِلَخْ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْبُرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ فَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ قَالَ.

     وَقَالَ  لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأُرْدِسْتَانِيُّ قَالَ شَاهَدْتُ نُسْخَةً مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي هَامِشِهَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ الْبُرْقَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُوشَنْجِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِيُوسُفَ وَلَا لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا لِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَاهُ وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ وَقَدْ صرح بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحُ وَأَنَّ مَا يُورِدُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ صَحِيحِهِ وَخَرَجَ عَلَى مَنْ يُغَيِّرُ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَهُ أَوَّلًا مُرْسَلًا وَآخِرًا مُسْنَدًا فَنَقَلَهُ كَمَا سَمِعَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ وَجَدْتُ لِلْحَدِيثِ طَرِيقًا أُخْرَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ مِنْ طَرِيقٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو بِتَمَامِهِ فَشَيْخُ مَعْمَرٍ الْمُبْهَمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَرِّفًا أَوْ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ أَوْ ثَالِثًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِد لَهُم أجر غير ممنون مَحْسُوبٍ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ مَحْسُوبٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْسَبُ فَيُحْصَى فَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  أَقْوَاتَهَا أَرْزَاقُهَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ بِلَفْظِ قَالَ.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَدَوَابَّهَا وَثِمَارَهَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا قَالَ مِنَ الْمَطَرِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَقْوَاتُهَا وَاحِدُهَا قُوتٌ وَهِيَ الْأَرْزَاقُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ سَمَاءٍ أمرهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ وَأَرَادَهُ أَيْ مِنْ خَلْقِ الرُّجُومِ وَالنَّيِّرَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَحِسَاتٍ مَشَائِيمَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ رِيحًا صَرْصَرًا بَارِدَة نحسات مشومات.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّرْصَرُ هِيَ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ الْعَاصِفَةُ نَحِسَاتٍ ذَوَاتُ نُحُوسٍ أَيْ مَشَائِيمَ .

     قَوْلُهُ  وقيضنا لَهُم قرناء تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَطَائِفَةٍ وَعِنْدَ الْأصيلِيّ وقيضنا لَهُم قرناء قرناهم بهم تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ قَالَ شَيَاطِينَ وَفِي قَوْلِهِ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَة أَن لَا تخافوا وَلَا تحزنوا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ.

.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  اهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ وَرَبَتْ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ .

     قَوْلُهُ  لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي أَيْ بِعِلْمِي أَنَا محقوق بِهَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ.

.
وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هَذَا لِي أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ قَدَّرَهَا سَوَاءً سَقَطَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ.

     وَقَالَ  فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ .

     قَوْلُهُ  فَهَدَيْنَاهُمْ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْر وَالشَّر كَقَوْلِه وهديناه النجدين وَكَقَوْلِه هديناه السَّبِيل وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ وَمِنْ ذَلِك قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَأما ثَمُود فهديناهم يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِه وهديناه النجدين ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا هديناه السَّبِيل قَالَ وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هدى الله فبهداهم اقتده فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  يُوزَعُونَ يُكَفُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ يُدْفَعُونَ وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قَالَ عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَكْمَامِهَا قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ أَكْمَامِهَا أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ تَنْبِيهٌ كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّاغِبُ وَوَقَعَ فِي الْكَشَّافِ بِكَسْرِ الْكَافِ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّهَا لُغَةٌ فِيهِ دُونَ كُمِّ الْقَمِيصِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  غَيْرُهُ وَيُقَالُ لِلْعِنَبِ إِذَا خَرَجَ أَيْضًا كَافُورٌ وَكُفُرَّى ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ وَحْدَهُ وَالْكُفُرَّى بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبِضَمِّهَا أَيْضًا وَالرَّاءُ مُثَقَّلَةٌ مَقْصُورٌ وَهُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَقِشْرُهُ الْأَعْلَى قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَوِعَاءُ كُلِّ شَيْءٍ كَافُورُهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ الْكُفُرَّى الطَّلْعُ بِمَا فِيهِ وَعَنِ الْخَلِيلِ أَنَّهُ الطَّلْعُ .

     قَوْلُهُ  وَلِيٌّ حَمِيمٌ الْقَرِيبُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ النَّسَفِيِّ.

     وَقَالَ  مَعْمَرٌ فَذَكَرَهُ وَمَعْمَرٌ هُوَ بن الْمُثَنَّى أَبُو عُبَيْدَةَ وَهَذَا كَلَامُهُ قَالَ فِي قَوْله كَأَنَّهُ ولي حميم قَالَ وَلِيٌّ قَرِيبٌ .

     قَوْلُهُ  مِنْ مَحِيصٍ حَاصَ عَنْهُ حَادَ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله مالنا من محيص يُقَالُ حَاصَ عَنْهُ أَيْ عَدَلَ وَحَادَ.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ مَحِيصٍ أَيْ مِنْ مَعْدِلٍ .

     قَوْلُهُ  مِرْيَةٌ وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ أَيْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا أَيِ امْتِرَاءٌ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالْكَسْرِ وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِالضَّمِّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ الْوَعِيدُ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُوَ وَعِيدٌ وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَان عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم قَالَ هَذَا وَعِيدٌ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ مُجَاهِدٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِعَمَلِ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا هُوَ تَوَعُّدٌ قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمَهُمُ اللَّهُ وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ سَقَطَ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَثَبَتَ لِلْبَاقِينَ وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ إِلَخْ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّلَامُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4555 ... غــ : 4815 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ:.

.

قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ
اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

     وَقَالَ : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] .

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا الوليد بن مسلم) الدمشقي قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن (قال: حدّثني) بالإفراد (يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة صالح اليمامي الطائي ولأبي ذر والأصيلي عن يحيى بن أبي كثير قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن إبراهيم التيمي) نسبة إلى تيم قريش المدني قال: (حدّثني) بالإفراد أيضًا (عروة بن الزبير) بن العوّام أنه (قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشد ما صنع المشركون) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ما صنعه المشركون (برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: بينا) بغير ميم (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي بفناء الكعبة) بكسر الفاء (إذ أقبل عقبة بن أبي معيط) الأموي المقتول كافرًا بعد انصرافه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بدر بيوم (فأخذ بمنكب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الميم وكسر القاف (ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا) ولأبي ذر: فخنقه به خنقًا والنون من خنقًا ساكنة في الروايتين في اليونينية وفرعها ومكسورة في بعضها (شديدًا، فأقبل أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- (فأخذ بمنكبه ودفع) عقبة (عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال) وللأصيلي ثم قال أي مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا ({ أتقتلون رجلًا} ) كراهية ({ أن يقول ربي الله} ) أو لأن يقول ({ وقد جاءكم بالبينات من ربكم} ) [غافر: 28] جملة حالية.

قال جعفر بن محمد: كان أبو بكر خيرًا من مؤمن آل فرعون لأنه كان يكتم إيمانه.
وقال أبو بكر جهارًا: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقال غيره: إن أبا بكر أفضل من مؤمن آل فرعون لأن ذلك اقتصر حيث انتصر على اللسان، وأما أبو بكر -رضي الله عنه- فاتبع اللسان يدًا ونصر بالقول والفعل محمدًا.

وهذا الحديث ذكره المؤلّف في مناقب أبي بكر، وفي باب ما لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه من المشركين بمكة.


[41] سورة حم السَّجْدَةِ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).

     وَقَالَ  طَاوُسٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ { ائْتِيَا طَوْعًا} : أَعْطِيَا.
{ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} : أَعْطَيْنَا..
     وَقَالَ  الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قَالَ: { فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} :.
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} ، { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا رَبَّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ.

     وَقَالَ : { أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ: { دَحَاهَا} فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: { أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} -إِلَى- { طَائِعِينَ} فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ
السَّمَاءِ.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} { عَزِيزًا حَكِيمًا} { سَمِيعًا بَصِيرًا} فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى، فَقَالَ: { فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ.
ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ { أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} .

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ : { مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ} فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ..
     وَقَالَ  الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ { يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَةَ وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ : { دَحَاهَا} وَقَولُهُ: { خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ : أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلاَّ أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.


([41] سورة حم السجدة)
مكية وآيها خمسون وثنتان أو ثلاث أو أربع ولأبي ذر: سورة حم السجدة (بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر (وقال طاوس) فيما وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط المؤلّف (عن ابن عباس { ائتيا طوعًا} ) زاد أبو ذر والأصيلي { أو كرهًا} أي (أعطيا) بكسر الطاء ({ قالتا أتينا طائعين} ) [فصلت: 11] أي (أعطينا) استشكل هذا التفسير لأن ائتيا وأتينا بالقصر من المجيء فكيف يفسر بالإعطاء وإنما يفسر به نحو قولك آتيت زيدًا مالًا بمد همزة القطع وهمزة ائتيا همزة وصل.

وأجيب: بأن ابن عباس ومجاهدًا وابن جبير قرؤوا آتيا قالتا آتينا بالمد فيهما وفيه وجهان.
أحدهما: أنه من المؤاتاة وهي الموافقة أي لتوافق كلٍّ منهما الأخرى لما يليق بها وإليه ذهب الرازي والزمخشري فوزن آتيا فاعلًا كقاتلا وآتينا فاعلنا كقاتلنا، والثاني: أنه من الإيتاء بمعنى الإعطاء فوزن آتيا افعلا كأكرما ووزن آتينا أفعلنا ككرمنا، فعلى الأوّل يكون قد حذف مفعولًا، وعلى الثاني مفعولين إذ التقدير أعطيا الطاعة من أنفسكما من أمركما: قالتا أتينا الطاعة وفي مجيء طائعين مجيء جمع المذكرين العقلاء وجهان.
أحدهما: أن المراد بآتينا من فيهما من العقلاء وغيرهم فلذا غلب العقلاء على غيرهم.
الثاني: أنه لما عاملهما معاملة العقلاء في الإخبار عنهما والأمر لهما جمعهما كجمعهم كقوله رأيتهم لي ساجدين وهل هذه المحاورة حقيقة أو مجاز وإذا كانت مجازًا فهل هو تمثيل أو تخييل خلاف.

(وقال المنهال): بكسر الميم وسكون النون ابن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي وثّقه ابن معين
والنسائي وغيرهما (عن سعيد) وللأصيلي عن سعيد بن جبير أنه (قال: قال رجل) هو نافع بن الأزرق الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة من الخوارج (لابن عباس) -رضي الله عنهما- وكان يجالسه بمكة ويسأله ويعارضه (إني أجد في القرآن أشياء مختلف عليّ) لما بين ظواهرها من التدافع زاد عبد الرزاق فقال ابن عباس: ما هو أشك في القرآن؟ قال: ليس بشك ولكنه اختلاف، فقال: هات ما اختلف عليك من ذلك (قال: { فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} ) [المؤمنون: 101] وقال: ({ وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} ) [الصافات: 27] فإن بين قوله ولا يتساءلون وبين يتساءلون تدافعًا نفيًا وإثباتًا.
وقال تعالى ({ ولا يكتمون الله حديثًا} ) [النساء: 42] وقوله: ({ ربنا} ) ولأبي ذر والله ربنا ({ ما كنا مشركين} ) [الأنعام: 23] (فقد كتموا في هذه الآية) كونهم مشركين وعلم من الأولى أنهم لا يكتمون الله حديثًا (وقال: { أم السماء بناها} إلى قوله) تعالى: ({ دحاها} ) [النازعات: 27] (فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض) في هذه الآية (ثم قال) في سورة السجدة: ({ أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) -إلى- ({ طائعين} ) [فصلت: 9 - 11] وللأصيلي وابن عساكر إلى قوله طائعين (فذكر في هذه) الآية (خلق الأرض قبل السماء) وللأصيلي قبل خلق السماء والتدافع ظاهر (وقال تعالى: { وكان الله غفورًا رحيمًا} ) وقال كان الله ({ عريزًا حكيمًا} ) وكان الله ({ سميعًا بصيرًا} فكأنه كان) موصوفًا بهذه الصفات (ثم مضى) أي تغير عن ذلك (فقال) أي ابن عباس مجيبًا عن ذلك، أما قوله تعالى: ({ فلا أنساب بينهم} ) أي (في النفخة الأولى ثم ينفخ في الصور فصعق مَن في السماوات ومَن في الأرض إلا مَن شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك) تنفعهم لزوال التعاطف والتراحم من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه قال:
لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع
وليس المراد قطع النسب (ولا يتساءلون) لاشتغال كلٌّ بنفسه (ثم في النفخة الآخرة { أقبل بعضهم على بعض يتساءلون} ) فلا تناقض والحاصل أن للقيامة أحوالًا ومواطن ففي موطن يشتد عليهم الخوف فيشغلهم عن التساؤل وفي موطن يفيقون فيتساءلون (وأما قوله) تعالى: ({ ما كنا مشركين} ) وقوله تعالى: ({ ولا يكتمون الله} ) زاد أبو ذر والأصيلي وابن عساكر حديثًا (فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، وقال المشركون) ولأبي ذر فقال المشركون بالفاء بدل الواو (تعالوا نقول لم نكن مشركين فختم) بضم الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول ولأبي ذر فختم بفتحات مبنيًّا للفاعل (على أفواههم فتنطق أيديهم فعند ذلك) أي عند نطق أيديهم (عرف) بضم العين وكسر الراء وللأصيلي عرفوا بفتحهما والجمع (إن الله لا يكتم حديثًا) بضم أوّله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (وعنده { يودّ الذين كفروا} [الحجر: 2] الآية) إلى ولا يكتمون الله حديثًا والحاصل أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وجوارحهم (وخلق الأرض في) مقدار (يومين) أي غير مدحوّة (ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسوّاهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض) بعد ذلك في يومين
(ودحوها) وللأصيلي وابن عساكر ودحيها بالمثناة التحتية بدل الواو ولأبي ذر ودحاها أي (أن أخرج) أي بأن أخرج (منها الماء والمرعى وخلق الجبال والجمال) بكسر الجيم الإبل (والآكام) بفتح الهمزة جمع أكمة بفتحتين ما ارتفع من الأرض كالتل والرابية ولأبي ذر عن الحموي والمستملي والأكوام جمع كوم (وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله) تعالى: ({ دحاها} و) أما (قوله: { خلق الأرض في يومين} فجعلت الأرض) ولأبي ذر عن الكشميهني: فخلقت الأرض (وما فيها من شيء في أربعة أيام وخلقت السماوات في يومين) والحاصل أن خلق نفس الأرض قبل خلق السماء ودحوها بعده ({ وكان الله غفورًا} ) وزاد أبو ذر والأصيلي: رحيمًا (سمى نفسه) أي ذاته (ذلك) وهذه تسمية مضت وللأصيلي بذلك (و) أما (ذلك) أي (قوله) ما قال من الغفرانية والرحيمية (أي لم يزل كذلك) لا ينقطع (فإن الله لم يرد) أن يرحم (شيئًا) أو يغفر له (إلا أصاب به الذي أراد) قطعًا (فلا يختلف) بالجزم على النهي (عليك القرآن فإن كلاًّ من عند الله).
وعند ابن أبي حاتم فقال له ابن عباس: هل بقي في قلبك شيء أنه ليس من القرآن شيء إلا نزل فيه شيء ولكن لا تعلمون وجهه.

حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بِهَذَا..
     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { مَمْنُونٍ} : مَحْسُوبٍ.
{ أَقْوَاتَهَا} : أَرْزَاقَهَا.
فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا: مِمَّا أَمَرَ بِهِ.
{ نَحِسَاتٍ} : مَشَاييمَ.
{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} : قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ.
{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ} : عِنْدَ الْمَوْتِ.
{ اهْتَزَّتْ} : بِالنَّبَاتِ، وَرَبَتْ: ارْتَفَعَتْ،.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ.
{ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} : بِعَمَلِي، أي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا.
سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ: قَدَّرَهَا سَوَاءً.
{ فَهَدَيْنَاهُمْ} : دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ: { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} : وَكَقَوْلِهِ: { هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} .
وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ، مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} .
{ يُوزَعُونَ} : يُكَفَّوْنَ.
{ مِنْ أَكْمَامِهَا} : قِشْرُ الْكُفُرَّى، هِيَ الْكُمُّ.
{ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} : الْقَرِيبُ.
{ مِنْ مَحِيصٍ} : حَاصَ عنه حَادَ.
{ مِرْيَةٍ} وَ { مُرْيَةٍ} وَاحِدٌ أَيِ امْتِرَاءٌ..
     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ.
{ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} : الْوَعِيدُ..
     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: { الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} : الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ { كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} .

وهذا التعليق وصله المؤلّف حيث قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي الوقت: قال أبو عبد الله أي البخاري حدّثنيه أي الحديث السابق (يوسف بن عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين وتشديد التحتية ابن زريق التيمي الكوفي نزيل مصر وليس له في هذا الجامع إلا هذا قال: (حدّثنا عبيد الله بن عمرو) بضم العين في الأول مصغرًا وفتحها في الثاني الرقي بالراء والقاف (عن زيد بن أبي أنيسة) بضم الهمزة مصغرًا الحريري (عن المنهال) بن عمرو الأسدي المذكور (بهذا)
الحديث السابق، قيل: وإنما غير البخاري سياق الإسناد عن ترتيبه المعهود إشارة إلى أنه ليس على شرطه وإن صارت صورته صورة الموصول، وهذا ثابت لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر في نسخة.

(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ({ ممنون} ) ولأبي ذر والأصيلي { لهم أجر غير ممنون} [فصلت: 8] أي غير (محسوب) وقال ابن عباس غير مقطوع وقيل غير ممنون به عليهم.

({ أقواتها} ) في قوله تعالى: { وقدّر فيها أقواتها} [فصّلت: 10] قال مجاهد: (أرزاقها) أي من المطر فعلى هذا فالأقوات للأرض لا للسكان أي قدّر لكل أرض حظها من المطر وقيل أقواتًا تنشأ منها بأن خصّ حدوث كل قوت بقطر من أقطارها وقيل أرزاق أهلها وقال محمد بن كعب قدر أقوات الأبدان قبل أن يخلق الأبدان.

(في كل سماء أمرها) قال مجاهد (مما أمر به) بفتح الهمزة والميم ولأبي ذر أمر بضم الهمزة وكسر الميم، وعن ابن عباس فيما رواه عنه عطاء خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلمه إلا الله قال السدي فيما حكاه عنه في اللباب، ولله في كل سماء بيت يحج إليه وتطوف به الملائكة كل واحد منها مقابل الكعبة بحيث لو وقعت منه حصاة لوقعت على الكعبة.

({ نحسات} ) بكسر الحاء في قراءة ابن عامر والكوفيين في قوله تعالى: { فأرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا في أيام نحسات} [فصلت: 16] قال مجاهد أي (مشاييم) بفتح الميم والشين المعجمة وبعد الألف تحتيتان الأولى مكسورة والثانية ساكنة جمع مشومة أي من الشوم ونحسات نعت لأيام والجمع بالألف والتاء مطرد في صفة ما لا يعقل كأيام معدودات قيل كانت الأيام النحسات آخر شوّال من الأربعاء إلى الأربعاء وما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء.

({ وقيضنا لهم قرناء} ) [فصلت: 25] أي (قرناهم بهم) بفتح القاف والراء والنون المشددة وسقط هذا التفسير لغير الأصيلي والصواب إثبات إذ ليس للتالي تعلق به وقال الزجّاج سببنا لهم قيل قدرنا للكفرة قرناء أي نظراء من الشياطين يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر حتى أضلّوهم وفيه دليل على أن الله تعالى يريد الكفر من الكافر.

({ تنزل عليهم الملائكة} ) [فصلت: 30] أي (عند الموت) وقال قتادة إذ قاموا من قبورهم وقال وكيع بن الجراح البشري تكون في ثلاثة مواطن عند الموت وفي القبر وعند البعث.

({ اهتزت} ) في قوله: { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت} [فصلت: 39] أي (بالنبات وربت) أي (ارتفعت) لأن النبت إذا قرب أن يظهر تحركت له الأرض وانتفخت ثم تصدعت عن النبات (وقال غيره) أي غير مجاهد في معنى وربت أي ارتفعت (من أكمامها) بفتح الهمزة جمع كم بالكسر (حين تطلع) بسكون الطاء وضم اللام.

({ ليقولن هذا لي} ) [فصلت: 50] أي (بعملي) بتقديم الميم على اللام أي (أنا محقوق بهذا)
أي مستحق لي بعلمي وعملي، وما علم الأبله أن أحدًا لا يستحق على الله شيئًا لأنه كان عاريًا من الفضائل فكلامه ظاهر الفساد وإن كان موصوفًا بشيء من الفضائل فهي إنما حصلت له بفضل الله وإحسانه واللام في ليقولن جواب القسم لسبقه الشرط وجواب الشرط محذوف وقال أبو البقاء ليقولن جواب الشرط والفاء محذوفة قال في الدرّ وهذا لا يجوز إلا في شعر كقوله:
مَن يفعل الحسنات الله يشكرها
حتى أن المبرّد يمنعه في الشعر ويروي البيت.

مَن يفعل الخير فالرحمن يشكره
(سواء للسائلين) ولأبي ذر والأصيلي وقال غيره أي غير مجاهد سواء للسائلين أي (قدرها سواء) وسواء نصب على المصدر أي استوت استواء.
وقال السدي وقتادة: المعنى سواء لمن سأل عن الأمر واستفهم عن حقيقة وقوعه وأراد العبرة فيه فإنه يجده.

({ فهديناهم} ) في قوله: { وأما ثمود فهديناهم} [فصلت: 17] أي (دللناهم) دلالة مطلقة (على الخير والشر) على طريقهما (كقوله) تعالى في سورة البلد ({ وهديناه النجدين} ) أي طريق الخير والشر (وكقوله) تعالى في سورة الإنسان ({ هديناه النجدين} ) [الإنسان: 3] (و) أما (الهدى الذي هو الإرشاد) إلى البغية (بمنزلة) أي بمعنى (أصعدناه) بالصاد في الفرع كغيره ولأبوي ذر والوقت أسعدناه بالسين بدل الصاد قال السهيلي فيما نقله عنه الزركشي والبرماوي وابن حجر وغيرهم بالصاد أقرب إلى تفسير أرشدناه من أسعدناه بالسين لأنه إذا كان بالسين كان من السعد والسعادة ضد الشقاوة وأرشدت الرجل إلى الطريق وهديته السبيل بعيد من هذا التفسير، فإذا قلت أصعدناهم بالصاد خرج اللفظ إلى معنى الصعدات في قوله: إياكم والقعود على الصعدات وهي الطرق وكذلك أصعد في الأرض إذا سار فيها على قصد فإن كان البخاري قصد هذا وكتبها في نسخته بالصاد التفاتًا إلى حديث الصعدات فليس بمنكر.
اهـ.

قال الشيخ بدر الدين الدماميني: لا أدري ما الذي أبعد هذا التفسير مع قرب ظهوره فإن الهداية إلى السبيل والإرشاد إلى الطريق إسعاد لذلك الشخص المهدي إذ سلوكه في الطريق مُفْضٍ إلى السعادة ومجانبته لها مما يؤدي إلى ضلاله وهلاكه.
وأما قوله فإذا قلت: أصعدناه بالصاد الخ ففيه تكلّف لا داعي له وما في النسخ صحيح بدونه.
اهـ.

(من ذلك) ولأبي ذر ومن ذلك أي من الهداية التي بمعنى الدلالة الموصلة إلى البغية التي عبّر عنها المؤلّف الإرشاد والإسعاد (قوله) تعالى بالأنعام: ({ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} ) [الأنعام: 90] ونحوه مما هو كثير في القرآن.

({ يوزعون} ) في قوله تعالى: { ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون} [فصلت: 19] أي (يكفون) بفتح الكاف بعد الضم أي يوقف سوابقهم حتى يصل إليهم تواليهم
وهو معنى قول السدّي يحبس أوّلهم على آخرهم ليتلاحقوا.

({ من أكمامها} ) في قوله تعالى: { إليه يردّ علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها} [فصلت: 47] هو (قشر الكفرّى) بضم الكاف وضم الفاء وفتحها وتشديد الراء وعاء الطلع قال ابن عباس قبل أن ينشق (هي الكم) بضم الكاف.
وقال الراغب: الكم ما يغطي اليد من القميص وما يغطي الثمرة وجمعه أكمام وهذا يدل على أنه مضموم الكاف إذ جعله مشتركًا بين كم القميص وبين كم الثمرة ولا خلاف في كم القميص أنه بالضم وضبط الزمخشري كم الثمرة بكسر الكاف فيجوز أن يكون فيه لغتان دون كم القميص جمعًا بين القولين (وقال غيره: ويقال للعنب إذا خرج أيضًا كافور وكفرى) قاله الأصمعي وهذا ساقط لغير المستملي ووعاء كل شيء كافوره ({ ولي حميم} ) أي الصديق (القريب) وللأصيلي قريب.

({ من محيص} ) في قوله تعالى: { وظنوا ما لهم من محيص} [فصلت: 48] يقال (حاص عنه حاد) والأصيلي أي حاد وزاد أبو ذر عنه والمعنى أنهم أيقنوا أن لا مهرب لهم من النار.

({ مرية} ) بكسر الميم في قوله تعالى: (ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم}
[فصلت: 54] ({ ومرية} ) بضمها في قراءة الحسن لغتان كخفية وخفية ومعناهما (واحد أي امتراء) أي في شك من البعث والقيامة.
(وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد ({ اعملوا ما شئتم} ) معناه (الوعيد) وللأصيلي هي وعيد.

(وقال ابن عباس) فيما وصله الطبري ({ بالتي} ) ولأبي ذر ({ ادفع بالتي هي أحسن} ) [فصلت: 34] الصبر عند الغضب والعفو (عند الإساءة فإذا فعلوه) أي الصبر والعفو (عصمهم الله وخضع لهم عدوّهم) وصار بينه وبينهم عداوة ({ كأنه ولي حميم} ) أي كالصديق القريب وسقط لأبي ذر كأنه وليٌّ حميم ولغيره ادفع من قوله ادفع بالتي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4555 ... غــ :4815 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ حَدثنَا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حَدثنِي يَحْيَى بنُ أبي كَثِيرٍ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّدُ بنُ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ قَالَ حَدثنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ قَالَ.

.

قُلْتُ لِعَبْدِ الله بنِ عَمْروِ بنِ العاصِ أخْبَرَنِي بأشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ برَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَيْنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِفِناءِ الكَعْبَةِ إذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ فأخَذَ بِمَنْكِبِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقاً شَديداً فأقْبَلَ أبُو بَكْرٍ فأخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ : { أتَقْتُلُونَ رَجُلاً أنْ يَقُولَ رَبِّيَ الله وَقَدْ جاءَكُمْ بالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ} ( غَافِر: 82) .

( انْظُر الحَدِيث 8763 وطرفه) .

الْوَلِيد بن مُسلم الدِّمَشْقِي يروي عَن عبد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي آخر مَنَاقِب أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن يزِيد الْكُوفِي عَن الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.