4684 حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا النَّضْرُ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ ، قَالَ : نَعَمْ قَالَ : عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ ، أُزَوِّجُكَهَا ، قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَمُعَاوِيَةُ ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ ، قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ ، كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : نَعَمْ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ : وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ : نَعَمْ |
4684 حدثني عباس بن عبد العظيم العنبري ، وأحمد بن جعفر المعقري ، قالا : حدثنا النضر وهو ابن محمد اليمامي ، حدثنا عكرمة ، حدثنا أبو زميل ، حدثني ابن عباس ، قال : كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله ثلاث أعطنيهن ، قال : نعم قال : عندي أحسن العرب وأجمله ، أم حبيبة بنت أبي سفيان ، أزوجكها ، قال : نعم قال : ومعاوية ، تجعله كاتبا بين يديك ، قال : نعم قال : وتؤمرني حتى أقاتل الكفار ، كما كنت أقاتل المسلمين ، قال : نعم قال أبو زميل : ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك ، لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال : نعم |
Ibn Abbas reported that the Muslims neither looked to Abu Sufyan (with respect) nor did they sit in his company. he (Abu Sufyan) said to Allah's Apostle (ﷺ):
Allah's Apostle, confer upon me three things. He replied in the affirmative. He (further) said: I have with me the most handsome and the best (woman) Umm Habiba, daughter of Abu Sufyan; marry her, whereupon he said: Yes. And he again said: Accept Mu'awiya to serve as your scribe. He said: Yes. He again said: Make me the commander (of the Muslim army) so that I should fight against the unbelievers as I fought against the Muslims. He said: Yes. Abu Zumnail said: If he had not asked for these three things from Allah's Apostle (ﷺ), he would have never conferred them upon him, for it was (his habit) to accede to everybody's (earnest) request.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[2501] (أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْقِرَ وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنَ الْيَمَنِ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو زميل قال حدثني بن عَبَّاسِ قَالَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ)قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ نَعَمْ) أَمَّا أَبُو زُمَيْلٍ فَبِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَاسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ الْكُوفِيُّ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُ خَلْقًا وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهُ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى ولد وأرعاه لزوج قال أبوحاتم السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ وَأَجْمَلُهُمْ وَأَحْسَنُهُمْ وَأَرْعَاهُمْ لَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ إِلَّا مُفْرَدًا قَالَ النَّحْوِيُّونَ مَعْنَاهُ وَأَجْمَلُ مَنْ هُنَاكَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الحديث من الاحاديث المشهورةبالاشكال وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهَذَا مَشْهُورٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ قَالَ أَبُو عبيدة وخليفة بن خياط وبن الْبَرْقِيِّ وَالْجُمْهُورُ تَزَوَّجَهَا سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاخْتَلَفُوا أَيْنَ تَزَوَّجَهَا فَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قُدُومِهَا مِنَ الْحَبَشَةِ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا هُنَاكَ فَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِإِذْنِهَا وَقِيلَ النَّجَاشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمَوْضِعِ وَسُلْطَانِهِ قَالَ الْقَاضِي وَاَلَّذِي فِي مُسْلِمٍ هُنَا أَنَّهُ زَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ غَرِيبٌ جِدًّا وَخَبَرُهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ وَرَدَ الْمَدِينَةَ فِي حَالِ كُفْرِهِ مَشْهُورٌ ولم يزد القاضي على هذا وقال بن حَزْمٍ هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِدَهْرٍ وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَبُوهَا كافر وفي رواية عن بن حَزْمٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ مَوْضُوعٌ قَالَ وَالْآفَةُ فِيهِ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا على بن حَزْمٍ وَبَالَغَ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ جَسَارَتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ هَجُومًا عَلَى تَخْطِئَةِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَإِطْلَاقِ اللِّسَانِ فِيهِمْ قَالَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ نَسَبَ عِكْرِمَةَ بْنَ عَمَّارٍ إِلَى وَضْعِ الْحَدِيثِ وَقَدْ وَثَّقَهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ مستجاب الدعوة قال وما توهمه بن حَزْمٍ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِتَقَدُّمِ زَوَاجِهَا غَلَطٌ مِنْهُ وَغَفْلَةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيدَ عَقْدِ النِّكَاحِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَى عَلَيْهَا غَضَاضَةً مِنْ رِيَاسَتِهِ وَنَسَبِهِ أن تزوج بنته بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِسْلَامَ الْأَبِ فِي مِثْلِ هَذَايَقْتَضِي تَجْدِيدَ الْعَقْدِ وَقَدْ خَفِيَ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا عَلَى أَكْبَرِ مَرْتَبَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ مِمَّنْ كَثُرَ عِلْمُهُ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ هَذَا كَلَامُ أَبِي عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّدَ الْعَقْدَ وَلَا قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِهِ فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ أَنَّ مَقْصُودَكَ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقِيقَةِ عَقْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(بَاب من فضائل جعفر وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ)
وَأَهْلِ سَفِينَتِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
قَوْلُهُ
[2501] يَا نَبِي الله ثَلَاث أعطنيهن الحَدِيث قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا من الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة بالإشكال لِأَن أَبَا سُفْيَان أسلم عَام الْفَتْح سنة ثَمَان بِلَا خلاف وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تزوج أم حَبِيبَة قبل ذَلِك بِزَمَان سنة سِتّ وَقيل سنة سبع وَهِي بِأَرْض الْحَبَشَة وَعقد عقدهَا عُثْمَان وَقيل خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بِإِذْنِهَا وَقيل النَّجَاشِيّ لِأَنَّهُ أَمِير الْموضع وسلطانه قَالَ القَاضِي وَالَّذِي فِي مُسلم هُنَا انه زَوجهَا أَبُو سُفْيَان وَهُوَ غَرِيب جدا.
وَقَالَ بن حزم هَذَا الحَدِيث وهم من بعض الروَاة بل مَوْضُوع والآفة فِيهِ من عِكْرِمَة بن عمار لِأَنَّهُ لَا خلاف أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا قبل الْفَتْح بدهر وَهِي بِأَرْض الْحَبَشَة وأبوها كَافِر قَالَ النَّوَوِيّ وَأنكر بن الصّلاح هَذَا على بن حزم وَبَالغ فِي الشناعة عَلَيْهِ.
وَقَالَ لَا نعلم أحدا من أهل الْعلم نسب عِكْرِمَة إِلَى وضع الحَدِيث وَقد وَثَّقَهُ وَكِيع وَابْن معِين وَغَيرهمَا.
وَقَالَ والْحَدِيث مؤول على أَنه سَأَلَهُ تَجْدِيد عقد النِّكَاح تطييبا لِقَلْبِهِ حَيْثُ لم يباشره أَولا قَالَ النَّوَوِيّ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَنه جدد العقد فَلَعَلَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ بقوله نعم إِن مقصودك يحصل وَإِن لم يكن بِحَقِيقَة عقد
[ سـ
:4684 ... بـ
:2501]
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا النَّضْرُ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ نَعَمْ
قَوْلُهُ : ( أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ ، مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْقِرٍ ، وَهِيَ نَاحِيَةٌ مِنَ الْيَمَنِ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسِ قَالَ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ ، وَلَا يُقَاعِدُونَهُ ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ .
قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلَ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ : وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ : نَعَمْ ) أَمَّا ( أَبُو زُمَيْلٍ فَبِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ ، وَاسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ الْكُوفِيُّ ..
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ ) فَهُوَ كَقَوْلِهِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُ خَلْقًا ، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهُ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ وَأَرْعَاهُ لِزَوْجٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ : أَيْ وَأَجْمَلُهُمْ ، وَأَحْسَنُهُمْ ، وَأَرْعَاهُمْ ، لَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ إِلَّا مُفْرَدًا .
قَالَ النَّحْوِيُّونَ : مَعْنَاهُ وَأَجْمَلُ مَنْ هُنَاكَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ بِالْإِشْكَالِ ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَهَذَا مَشْهُورٌ لَا خِلَافَ فِيهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَابْنُ الْبَرْقِيِّ وَالْجُمْهُورُ : تَزَوَّجَهَا سَنَةَ سِتٍّ ، وَقِيلَ : سَنَةَ سَبْعٍ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَاخْتَلَفُوا أَيْنَ تَزَوَّجَهَا ؟ فَقِيلَ : بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قُدُومِهَا مِنَ الْحَبَشَةِ ،.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ : بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ .
قَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا هُنَاكَ ؟ فَقِيلَ : عُثْمَانُ ، وَقِيلَ : خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِإِذْنِهَا ، وَقِيلَ : النَّجَاشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمَوْضِعِ وَسُلْطَانِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَاَلَّذِي فِي مُسْلِمٍ هُنَا أَنَّهُ زَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ غَرِيبٌ جِدًّا .
وَخَبَرُهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ وَرَدَ الْمَدِينَةَ فِي حَالِ كُفْرِهِ مَشْهُورٌ .
وَلَمْ يَزِدِ الْقَاضِي عَلَى هَذَا ..
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ : هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ; لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِدَهْرٍ ، وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَأَبُوهَا كَافِرٌ .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ حَزْمٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : مَوْضُوعٌ قَالَ : وَالْآفَةُ فِيهِ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ .
وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا عَلَى ابْنِ حَزْمٍ ، وَبَالَغَ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَيْهِ .
قَالَ : وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ جَسَارَتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ هَجُومًا عَلَى تَخْطِئَةِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ ، وَإِطْلَاقِ اللِّسَانِ فِيهِمْ .
قَالَ : وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ نَسَبَ عِكْرِمَةَ بْنَ عَمَّارٍ إِلَى وَضْعِ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ وَثَّقَهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا ، وَكَانَ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةَ .
قَالَ : وَمَا تَوَهَّمَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِتَقَدُّمِ زَوَاجِهَا غَلَطٌ مِنْهُ وَغَفْلَةٌ ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيدَ عَقْدِ النِّكَاحِ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَى عَلَيْهَا غَضَاضَةً مِنْ رِيَاسَتِهِ وَنَسَبِهِ أَنْ تُزَوَّجَ ابْنَتُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ ، أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِسْلَامَ الْأَبِ فِي مِثْلِ هَذَا يَقْتَضِي تَجْدِيدَ الْعَقْدِ ، وَقَدْ خَفِيَ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا عَلَى أَكْبَرِ مَرْتَبَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ مِمَّنْ كَثُرَ عِلْمُهُ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ .
هَذَا كَلَامُ أَبِي عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّدَ الْعَقْدَ ، وَلَا قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِهِ ، فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : نَعَمْ أَنَّ مَقْصُودَكَ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقِيقَةِ عَقْدٍ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .