هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4722 حَدَّثَنَا مُوسَى ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، حَدَّثَهُ : أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ ، قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَةَ ، وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي القِرَاءَةِ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ ، قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلاَفَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ : أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ : إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ ، أَنْ يُحْرَقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ : فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا ، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ : { مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي المُصْحَفِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4722 حدثنا موسى ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، أن أنس بن مالك ، حدثه : أن حذيفة بن اليمان ، قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح أرمينية ، وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين ، أدرك هذه الأمة ، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة : أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف ، أن يحرق قال ابن شهاب : وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ، سمع زيد بن ثابت قال : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فألحقناها في سورتها في المصحف
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas bin Malik:

Hudhaifa bin Al-Yaman came to `Uthman at the time when the people of Sham and the people of Iraq were Waging war to conquer Arminya and Adharbijan. Hudhaifa was afraid of their (the people of Sham and Iraq) differences in the recitation of the Qur'an, so he said to `Uthman, O chief of the Believers! Save this nation before they differ about the Book (Qur'an) as Jews and the Christians did before. So `Uthman sent a message to Hafsa saying, Send us the manuscripts of the Qur'an so that we may compile the Qur'anic materials in perfect copies and return the manuscripts to you. Hafsa sent it to `Uthman. `Uthman then ordered Zaid bin Thabit, `Abdullah bin AzZubair, Sa`id bin Al-As and `AbdurRahman bin Harith bin Hisham to rewrite the manuscripts in perfect copies. `Uthman said to the three Quraishi men, In case you disagree with Zaid bin Thabit on any point in the Qur'an, then write it in the dialect of Quraish, the Qur'an was revealed in their tongue. They did so, and when they had written many copies, `Uthman returned the original manuscripts to Hafsa. `Uthman sent to every Muslim province one copy of what they had copied, and ordered that all the other Qur'anic materials, whether written in fragmentary manuscripts or whole copies, be burnt.

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابراہیم بن سعد عوفی نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابن شہاب نے بیان کیا اور ان سے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہحذیفہ بن الیمان رضی اللہ عنہ امیرالمؤمنین حضرت عثمان رضی اللہ عنہ کے پاس آئے اس وقت عثمان ارمینیہ اور آذربیجان کی فتح کے سلسلے میں شام کے غازیوں کے لئے جنگ کی تیاریوں میں مصروف تھے ، تاکہ وہ اہل عراق کو ساتھ لے کر جنگ کریں ۔ حضرت حذیفہ رضی اللہ عنہ قرآن مجید کی قرآت کے اختلاف کی وجہ سے بہت پریشان تھے ۔ آپ نے حضرت عثمان رضی اللہ عنہ سے کہا کہ امیرالمؤمنین اس سے پہلے کہ یہ امت ( مسلمہ ) بھی یہودیوں اور نصرا نیوں کی طرح کتاب اللہ میں اختلاف کرنے لگے ، آپ اس کی خبر لیجئے ۔ چنانچہ حضرت عثمان رضی اللہ عنہ نے حفصہ رضی اللہ عنہا کے یہاں کہلایا کہ صحیفے ( جنہیں زید رضی اللہ عنہ نے ابوبکر رضی اللہ عنہ کے حکم سے جمع کیا تھا اور جن پر مکمل قرآن مجید لکھا ہوا تھا “ ) ہمیں دے دیں تاکہ ہم انہیں مصحفوں میں ( کتابی شکل میں ) نقل کروا لیں ۔ پھر اصل ہم آپ کو لوٹا دیں گے حضرت حفصہ رضی اللہ عنہا نے وہ صحیفے حضرت عثمان رضی اللہ عنہ کے پاس بھیج دئیے اور آپ نے زید بن ثابت ، عبداللہ بن زبیر ، سعد بن العاص ، عبدا لرحمن بن حارث بن ہشام رضی اللہ عنہم کو حکم دیا کہ وہ ان صحیفوں کو مصحفوں میں نقل کر لیں ۔ حضر ت عثمان رضی اللہ عنہ نے اس جماعت کے تین قریشی صحابیوں سے کہا کہ اگر آپ لوگوں کا قرآن مجید کے کسی لفظ کے سلسلے میں حضرت زید رضی اللہ عنہ سے اختلاف ہو تو اسے قریش ہی کی زبان کے مطابق لکھ لیں کیونکہ قرآن مجید بھی قریش ہی کی زبان میں نازل ہوا تھا ۔ چنانچہ ان لوگوں نے ایسا ہی کیا اور جب تمام صحیفے مختلف نسخوں میں نقل کر لئے گئے تو حضرت عثمان رضی اللہ عنہ نے ان صحیفوں کو واپس لوٹا دیا اور اپنی سلطنت کے ہر علاقہ میں نقل شدہ مصحف کا ایک ایک نسخہ بھیجوا دیا اور حکم دیا کے اس کے سوا کوئی چیز اگر قرآن کی طرف منسوب کی جاتی ہے خواہ وہ کسی صحیفہ یا مصحف میں ہو تو اسے جلا دیا جائے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4987] قَوْله حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيل وَإِبْرَاهِيم هُوَ بن سعد وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى بن شِهَابٍ هُوَ الَّذِي قَبْلَهُ بِعَيْنِهِ أَعَادَهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ لِابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَإِنِ اتَّفَقَتَا فِي كِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَجَمْعِهِ وَعَن بن شِهَابٍ قِصَّةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الْآيَةِ الَّتِي مِنَ الْأَحْزَابِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي آخِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الثَّانِيَةِ هُنَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ من طَرِيق شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ مُفَرَّقًا فَأَخْرَجَ الْقِصَّةَ الْأُولَى فِي تَفْسِيرِ التَّوْبَةِ وَأَخْرَجَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ هَذَا بِبَابٍ لَكِنْ بِاخْتِصَار وأخرجها الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وبن أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ وَالْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْيَمَانِ بِتَمَامِهِ وَأَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ الثَّالِثَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْخَطِيبُ رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن شِهَابٍ الْقِصَصَ الثَّلَاثَ ثُمَّ سَاقَهَا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن شِهَابٍ مَسَاقًا وَاحِدًا مُفَصِّلًا لِلْأَسَانِيدِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ وروى الْقَصَص الثَّلَاث شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ وَرَوَى قِصَّةَ آخِرِ التَّوْبَةِ مُفْرَدًا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ.

.

قُلْتُ وَرِوَايَتُهُ تَأْتِي عَقِبَ هَذَا بِاخْتِصَار وَقد أخرجهَا بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ مُطَوَّلَةً وَفَاتَهُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَهَا عَن بن شِهَابٍ أَيْضًا وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ قَبْلُ قَالَ وَرَوَى قِصَّةَ آيَةِ الْأَحْزَابِ مَعْمَرٌ وَهِشَامُ بْنُ الْغَاز وَمُعَاوِيَة بن يحيى ثَلَاثَتهمْ عَن بن شِهَابٍ ثُمَّ سَاقَهَا عَنْهُمْ.

.

قُلْتُ وَفَاتَهُ رِوَايَةُ بن أبي عَتيق لَهَا عَن بن شِهَابٍ وَهِيَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا بن شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ فِي رِوَايَة يُونُس عَن بن شِهَابٍ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْمُرَادُ أَنَّ أَرْمِينِيَّةَ فُتِحَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَكَانَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيَّ وَكَانَ عُثْمَانُ أَمَرَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ أَمِيرُ أَهْلِالشَّامِ عَلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ وَكَانَ حُذَيْفَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ غَزَا مَعَهُمْ وَكَانَ هُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَعْمَالِ الْعِرَاقِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَرْجِ أرمينية وأذربيجان مَعَ أهل الْعرَاق قَالَ بن أَبِي دَاوُدَ الْفَرْجُ الثَّغْرُ وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يَغْزُو مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ قِبَلَ أَرْمِينِيَّةَ فِي غَزْوِهِمْ ذَلِكَ الْفَرْجَ مَعَ مَنِ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ اجْتَمَعَ لِغَزْوِ أَذْرَبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعرَاق وأرمينية بِفَتْح الْهمزَة عِنْد بن السَّمْعَانِيِّ وَبِكَسْرِهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوَالِيقِيُّ وَتَبعهُ بن الصّلاح ثمَّ النَّوَوِيّ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ مَنْ ضَمَّهَا فَقَدْ غَلِطَ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ خَفِيفَةٌ وَقَدْ تُثَقَّلُ قَالَهُ يَاقُوتُ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أَرْمَنِيٌّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ضَبطهَا الْجَوْهَرِي.

     وَقَالَ  بن قُرْقُولٍ بِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْرَ وَحَكَى ضَمَّ الْهَمْزَةِ وَغَلِطَ وَإِنَّمَا الْمَضْمُومُ هَمْزَتُهَا أُرْمِيَّةُ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أُرْمُوِيٌّ وَهِيَ بَلْدَةٌ أُخْرَى مِنْ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ.

.
وَأَمَّا أَرْمِينِيَّةُ فَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ نَوَاحِي خلاط وَمد الْأصيلِيّ والمهلب أَوله وَزَادَ الْمُهَلَّبُ الدَّالَ وَكَسْرَ الرَّاءِ وَتَقْدِيمَ الْمُوَحَّدَةِ تَشْتَمِلُ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الشمَال قَالَ بن السَّمْعَانِيِّ هِيَ مِنْ جِهَةِ بِلَادِ الرُّومِ يُضْرَبُ بِحُسْنِهَا وَطِيبِ هَوَائِهَا وَكَثْرَةِ مَائِهَا وَشَجَرِهَا الْمَثَلُ وَقِيلَ إِنَّهَا مِنْ بِنَاءِ أَرْمِينَ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَأَذْرَبِيجَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَقِيلَ بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ جِيم خَفِيفَة وَآخره نون وَحكى إِن مَكِّيٍّ كَسْرَ أَوَّلِهِ وَضَبَطَهَا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَنَقَلَهُ عَن بن الْأَعْرَابِيِّ بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَلَدٌ كَبِيرٌ من نواحي جبال الْعرَاق غربي وَهِيَ الْآنَ تِبْرِيزُ وَقَصَبَاتُهَا وَهِيَ تَلِي أَرْمِينِيَّةَ مِنْ جِهَةِ غَرْبِيِّهَا وَاتَّفَقَ غَزْوُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَاجْتَمَعَ فِي غَزْوَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ الْأَشْهَرُ فِي ضَبْطِهَا وَقَدْ تُمَدُّ الْهَمْزَةُ وَقَدْ تُكْسَرُ وَقَدْ تُحْذَفُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْمُوَحَّدَةُ وَقَدْ يُزَادُ بَعْدَهَا أَلِفٌ مَعَ مَدِّ الْأُولَى حَكَاهُ الْهَجَرِيُّ وَأَنْكَرَهُ الْجَوَالِيقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُمْ نَسَبُوا إِلَيْهَا آذَرِيٌّ بِالْمَدِّ اقْتِصَارًا عَلَى الرُّكْنِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلَى بَعْلَبَكٍّ بَعْلِيٌّ وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الثَّانِيَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ خَطَبَ عُثْمَانُ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا قُبِضَ نَبِيُّكُمْ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْقِرَاءَةِ الْحَدِيثُ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ خِلَافَةُ عُثْمَانَ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ وَكَانَ قَتْلُ عُمَرَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ .

     قَوْلُهُ  خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ كَامِلَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ مُنْذُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِإِلْغَاءِ الْكَسْرِ فِي هَذِهِ وَجَبْرِهِ فِي الْأُولَى فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَأَوَائِلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي ذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّ أَرْمِينِيَّةَ فُتِحَتْ فِيهِ وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ وِلَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ وَغَفَلَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا .

     قَوْلُهُ  فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فِيرِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ فَيَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى سَمِعَ حُذَيْفَةُ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ مَا ذَعَرَهُ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ فَلَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهُ حَتَّى أَتَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكِ النَّاسَ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ غزوت فرج أرمينية فَإِذا أهل الشَّام يقرؤون بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يسمع أهل الْعرَاق واذا أهل الْعرَاق يقرؤون بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الشَّامِ فَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأخرج بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا حُذَيْفَةُ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَمِعَ آخَرَ يَقُولُ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَغَضِبَ ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ مَنْ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا وَاللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ اثْنَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَ هَذَا وَأَتِمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله وَقَرَأَ هَذَا وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ أَهْلُ الْكُوفَةِ قِرَاءَةَ بن مَسْعُودٍ وَيَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى وَالله لَئِن قسمت عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَآمُرَنَّهُ أَنْ يَجْعَلَهَا قِرَاءَةً وَاحِدَة وَمن طَرِيق أُخْرَى أَن بن مَسْعُودٍ قَالَ لِحُذَيْفَةَ بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا قَالَ نَعَمْ كَرِهْتُ أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ فُلَانٍ وَقِرَاءَةُ فُلَانٍ فَيَخْتَلِفُونَ كَمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ لِحُذَيْفَةَ يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الِاخْتِلَافَ أَيْضًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَرَكِبَ إِلَى عُثْمَانَ وَصَادَفَ أَنَّ عُثْمَانَ أَيْضًا كَانَ وَقَعَ لَهُ نَحْوُ ذَلِك فَأخْرج بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ جَعَلَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ قِرَاءَةَ الرَّجُلِ وَالْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ قِرَاءَةَ الرَّجُلِ فَجَعَلَ الْغِلْمَانُ يَتَلَقَّوْنَ فَيَخْتَلِفُونَ حَتَّى ارْتَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْمُعَلِّمِينَ حَتَّى كَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ فَخَطَبَ فَقَالَ أَنْتُمْ عِنْدِي تَخْتَلِفُونَ فَمَنْ نَأَى عَنِّي مِنَ الْأَمْصَارِ أَشَدُّ اخْتِلَافًا فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا جَاءَهُ حُذَيْفَةُ وَأَعْلَمَهُ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ مَا ظَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ عُثْمَانُ تَمْتَرُونَ فِي الْقُرْآنِ تَقُولُونَ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَيَقُولُ الْآخَرُ وَاللَّهِ مَا تُقِيمُ قِرَاءَتَكَ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْرَأُ حَتَّى يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ كَفَرْتَ بِمَا تَقُولُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ فَتَعَاظَمَ فِي نَفسه وَعند بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ نَاسًا بِالْعِرَاقِ يُسْأَلُ أَحَدُهُمْ عَنِ الْآيَةِ فَإِذَا قَرَأَهَا قَالَ إِلَّا أَنِّي أُكَفَّرُ بِهَذِهِ فَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَكُلِّمَ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ فَاسْتَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا فَنَسَخَ مِنْهَا مَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّحُفِ وَالْمُصْحَفِ أَنَّ الصُّحُفَ الْأَوْرَاقُ الْمُجَرَّدَةُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ فِي عَهْدِ أَبى بكر وَكَانَت سورا مُفَرَّقَةٌ كُلُّ سُورَةٍ مُرَتَّبَةٌ بِآيَاتِهَا عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ لَمْ يُرَتَّبْ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ فَلَمَّا نُسِخَتْ وَرُتِّبَ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ صَارَتْ مُصْحَفًا وَقد جَاءَ عَن عُثْمَان أَنه إِمَّا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ فَأَخْرَجَ بن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِفِ إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لقد بَلغنِي أَن بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ وَهَذَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا قُلْنَا فَمَا تَرَى قَالَ أَرَى أَنْ نَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكُونُ فُرْقَةٌ وَلَا اخْتِلَافٌ قُلْنَا فَنِعْمَ مَا رَأَيْتَ.

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَعند بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَمَعَ عُثْمَانُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّقْعَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ عُمَرَ قَالَ فَحَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ قَالَ فَكَانُوا إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ أَخَّرُوهُ قَالَ بن سِيرِينَ أَظُنُّهُ لِيَكْتُبُوهُ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ عُثْمَانُ مَنْ أَكْتَبُ النَّاسِ قَالُوا كَاتِبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ فَأَيُّ النَّاسِ أَعْرَبُ وَفِي رِوَايَةٍ أَفْصَحُ قَالُوا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَالَ عُثْمَانُ فَلْيُمْلِ سَعِيدٌ وَلْيَكْتُبْ زَيْدٌ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَرَبِيَّةَ الْقُرْآنِ أُقِيمَتْ عَلَى لِسَانِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْبَهُهُمْ لَهْجَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُتِلَ أَبُوهُ الْعَاصِي يَوْمَ بَدْرٍ مُشْرِكًا وَمَاتَ جَدُّهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَبْلَ بَدْرٍ مُشْرِكًا.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَدْرَكَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ هَذَا مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ قَالَه بن سَعْدٍ وَعَدُّوهُ لِذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَحَدِيثُهُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَاسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ عَلَى الْكُوفَةِ وَمُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ مِنْ أَجْوَادِ قُرَيْشٍ وَحُلَمَائِهَا وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ لِكُلِ قَوْمٍ كَرِيمٌ وَكَرِيمُنَا سَعِيدٌ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بَدَلَ سَعِيدٍ قَالَ الْخَطِيبُ وَوَهِمَ عُمَارَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَانَ قُتِلَ بِالشَّامِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَالَّذِي أَقَامَهُ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أَخِي أَبَانَ الْمَذْكُورِ اهـ وَوَقَعَ مِنْ تَسْمِيَةِ بَقِيَّة من كتب أَو أمْلى عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ مُفَرَّقًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ جَدُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَتِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْهُ وَمِنْهُمْ كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَن بن شهَاب فِي أصل حَدِيث الْبَاب فهولاء تِسْعَةٌ عَرَفْنَا تَسْمِيَتَهُمْ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَدْ أخرج بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يُمْلِيَنَّ فِي مَصَاحِفِنَا إِلَّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ وَلَيْسَ فِي الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ أحد من ثَقِيف بل كلهم إِمَّا قريشى أَوْ أَنْصَارِيٌّ وَكَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَمْرِ كَانَ لِزَيْدٍ وَسَعِيدٍ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِمَا فِي رِوَايَةِ مُصْعَبٍ ثُمَّ احْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُسَاعِدُ فِي الْكِتَابَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَى عَدَدِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي تُرْسَلُ إِلَى الْآفَاقِ فَأَضَافُوا إِلَى زَيْدٍ مَنْ ذُكِرَ ثُمَّ اسْتَظْهَرُوا بِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي الْإِمْلَاءِ وَقد شقّ على بن مَسْعُودٍ صَرْفُهُ عَنْ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ حَتَّى قَالَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بن سعد عَن بن شِهَابٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْهُ قَالَ بن شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ.

     وَقَالَ  يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ وَيَتَوَلَّاهَا رَجُلٌ وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ يُرِيدُ زيد بن ثَابت وَأخرج بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ خُمَيْرِ بْنِ مَالِكٍ بِالْخَاءِ مصغر سَمِعت بن مَسْعُودٍ يَقُولُ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَصَبِيٌّ مِنَ الصِّبْيَانِ وَمن طَرِيق أَبى وَائِل عَن بن مَسْعُودٍ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَمِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْهُ مِثْلَهُ وَزَادَ وَإِنَّ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ذُؤَابَتَيْنِ وَالْعُذْرُ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ وَيَحْضُرَ وَأَيْضًا فَإِنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَرَادَ نَسْخَ الصُّحُفِ الَّتِي كَانَتْ جُمِعَتْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنْ يَجْعَلَهَا مُصْحَفًا وَاحِدًا وَكَانَ الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ هُوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ فَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوَّلِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَقَدْأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنِ بن شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي سَعِيدًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لِأَنَّ سَعِيدًا أُمَوِيٌّ وَعَبْدَ اللَّهِ أَسَدِيٌّ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ مَخْزُومِيٌّ وَكُلُّهَا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ .

     قَوْلُهُ  فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ بن شِهَابٍ فَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ وَالتَّابُوهِ فَقَالَ الْقُرَشِيُّونَ التَّابُوتُ.

     وَقَالَ  زَيْدٌ التَّابُوهُ فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ اكْتُبُوهُ التَّابُوتَ فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَدْرَجَهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيل بن مجمع فِي رِوَايَته عَن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ الْخَطِيب وَإِنَّمَا رَوَاهَا بن شِهَابٍ مُرْسَلَةً .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ زَاد أَبُو عبيد وبن أبي دَاوُد من طَرِيق شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ يُرْسِلُ إِلَى حَفْصَةَ يَعْنِي حِينَ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهَا الصُّحُفَ الَّتِي كُتِبَ مِنْهَا الْقُرْآنُ فَتَأْبَى أَنْ تُعْطِيَهُ قَالَ سَالِمٌ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ وَرَجَعْنَا مِنْ دَفْنِهَا أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِالْعَزِيمَةِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَيُرْسِلَنَّ إِلَيْهِ تِلْكَ الصُّحُفَ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَمَرَ بِهَا مَرْوَانُ فَشُقِّقَتْ.

     وَقَالَ  إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِأَنِّي خَشِيتُ إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَرْتَابَ فِي شَأْنِ هَذِهِ الصُّحُفِ مُرْتَابٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَمُزِّقَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ مَرْوَانَ مَزَّقَ الصُّحُفَ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة قلت قد أخرجه بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَن بن شِهَابٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا الصُّحُفَ فَمَنَعَتْهُ إِيَّاهَا قَالَ فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَشَقَّقَهَا وَحَرَّقَهَا وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ لَكِنْ أَدْرَجَهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ فغسلها غسلا وَعند بن أبي دَاوُد من رِوَايَة مَالك عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَوْ خَارِجَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآنَ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا إِلَى أَنْ قَالَ فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ فَطَلَبَهَا فَأَبَتْ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا فَنَسَخَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَانُ فَأَخَذَهَا فَحَرَّقَهَا وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ صَنَعَ بِالصُّحُفِ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ تَشْقِيقٍ ثُمَّ غَسْلٍ ثُمَّ تَحْرِيقٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ مَزَّقَهَا ثُمَّ غَسَلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ بِمُصْحَفٍ وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا عُثْمَانُ إِلَى الْآفَاقِ فَالْمَشْهُور أَنَّهَا خَمْسَة وَأخرج بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ قَالَ أَرْسَلَ عُثْمَانُ أَرْبَعَةَ مَصَاحِفَ وَبَعَثَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ بِمُصْحَفٍ فَوَقَعَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ مُرَادٍ فَبَقِيَ حَتَّى كَتَبْتُ مُصْحَفِي عَلَيْهِ قَالَ بن أبي دَاوُد سَمِعت أَبَا حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ يَقُولُ كَتَبْتُ سَبْعَةَ مَصَاحِفَ إِلَى مَكَّةَ وَإِلَى الشَّامِ وَإِلَى الْيَمَنِ وَإِلَى الْبَحْرَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَةِ وَإِلَى الْكُوفَةِ وَحَبَسَ بِالْمَدِينَةِ وَاحِدًا وَأُخْرِجَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ قَالَ لي رجل من أهل الشَّام مُصحفا وَمُصْحَفُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَضْبَطُ مِنْ مُصْحَفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

.

قُلْتُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ إِلَى الْكُوفَةِ لَمَّا بَلَغَهُ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ بِمُصْحَفٍ قَبْلَ أَنْ يُعْرَضَ وَبَقِيَ مُصْحَفُنَا وَمُصْحَفُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ حَتَّى عُرِضَا .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُخْرَقَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلِلْمَرْوَزِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ وَالْمُعْجَمَةُ أَثْبَتُ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنْ تُمْحَى أَوْ تُحْرَقَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍعِنْد بن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا كُلَّ مُصْحَفٍ يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ قَالَ فَذَلِكَ زَمَانُ حُرِّقَتِ الْمَصَاحِفُ بِالْعِرَاقِ بِالنَّارِ وَفِي رِوَايَةِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا تَقُولُوا لِعُثْمَانَ فِي إِحْرَاقِ الْمَصَاحِفِ إِلَّا خَيْرًا وَفِي رِوَايَةِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ فَأَمَرَ بِجَمْعِ الْمَصَاحِفِ فَأَحْرَقَهَا ثُمَّ بَثَّ فِي الْأَجْنَادِ الَّتِي كَتَبَ وَمِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُتَوَافِرِينَ حِينَ حَرَّقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ فَلَمَّا فَرَغَ عُثْمَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا وَمَحَوْتُ مَا عِنْدِي فَامْحُوَا مَا عِنْدَكُمْ وَالْمَحْوُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْغَسْلِ أَوِ التَّحْرِيقِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيقِ فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَسْبِ مَا رَأَى مَنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ جَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُمْ غَسَلُوهَا بِالْمَاءِ ثمَّ أحرقوها مُبَالغَة فِي إذهابها قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ تَحْرِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا اسْمُ اللَّهِ بِالنَّارِ وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ لَهَا وَصَوْنٌ عَنْ وَطْئِهَا بِالْأَقْدَامِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّقُ الرَّسَائِلَ الَّتِي فِيهَا الْبَسْمَلَةُ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَكَذَا فَعَلَ عُرْوَةُ وَكَرِهَهُ إِبْرَاهِيمُ.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ الرِّوَايَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَصَحُّ وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

.
وَأَمَّا الْآنَ فَالْغَسْلُ أَوْلَى لِمَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَقَولُهُ وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ أَيْ بِمَا سِوَى الْمُصْحَفِ الَّذِي اسْتَكْتَبَهُ وَالْمَصَاحِفِ الَّتِي نُقِلَتْ مِنْهُ وَسِوَى الصُّحُفِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ وَرَدَّهَا إِلَيْهَا وَلِهَذَا اسْتَدْرَكَ مَرْوَانُ الْأَمْرَ بَعْدَهَا وَأَعْدَمَهَا أَيْضًا خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ لِأَحَدٍ مِنْهَا تَوَهُّمُ أَنَّ فِيهَا مَا يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُدِلَّ بِتَحْرِيقِ عُثْمَانَ الصُّحُفَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ كَلَامِ اللَّهِ قَدِيمًا أَنْ تَكُونَ الْأَسْطُرُ الْمَكْتُوبَةُ فِي الْوَرَقِ قَدِيمَةٌ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ عَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ لَمْ يَسْتَجِزِ الصَّحَابَةُ إِحْرَاقَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ إِلَخْ هَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الثَّالِثَة وَهِي مَوْصُولَة إِلَى بن شِهَابٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَوْصُولَةً مُفْرَدَةً فِي الْجِهَادِ وَفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا أَنَّهُ فَقَدَ آيَةَ الْأَحْزَابِ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي كَانَ نَسَخَهَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مجمع عَن بن شِهَابٍ أَنَّ فَقْدَهُ إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ وَالصَّحِيحُ مَا فِي الصَّحِيحِ وَأَنَّ الَّذِي فَقَدَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةٌ.

.
وَأَمَّا الَّتِي فِي الْأَحْزَابِ فَفَقَدَهَا لَمَّا كَتَبَ الْمُصحف فِي خلَافَة عُثْمَان وَجزم بن كثير بِمَا وَقع فِي رِوَايَة بن مجمع وَلَيْسَ كَذَلِك وَالله أعلم قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ جَمْعِ عُثْمَانَ أَنَّ جَمْعَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يَذْهَبَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ بِذَهَابِ حَمَلَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُ فِي صَحَائِفَ مُرَتِّبًا لِآيَاتِ سُوَرِهِ عَلَى مَا وَقَفَهُمْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمْعُ عُثْمَانَ كَانَ لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوهِ الْقُرْآنِ حِينَ قَرَءُوهُ بِلُغَاتِهِمْ عَلَى اتِّسَاعِ اللُّغَاتِ فَأَدَّى ذَلِكَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى تَخْطِئَةِ بَعْضٍ فَخَشِيَ مِنْ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَ تِلْكَ الصُّحُفِ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ مُرَتِّبًا لِسُوَرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَاقْتَصَرَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ عَلَى لُغَةِ قُرَيْشٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَسَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ بِلُغَةِ غَيْرِهِمْ رَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَرَأَى أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ انْتَهَتْ فَاقْتَصَرَ عَلَى لُغَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَتْ لُغَةُ قُرَيْشٍ أَرْجَحُ اللُّغَاتِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ بَعْدَ بَاب وَاحِد تَنْبِيه قَالَ بن مَعِينٍ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ حَدِيثَ جَمْعِ الْقُرْآنِ أَحْسَنَ مِنْ سِيَاقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَقَدْ روى مَالك طرفا مِنْهُ عَن بن شهَاب( قَولُهُ بَابُ كَاتِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ بن كَثِيرٍ تَرْجَمَ كُتَّابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهَذَا عَجِيبٌ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ عَلَى شَرْطِهِ غَيْرُ هَذَا ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ اسْتَوْفَى بَيَانَ ذَلِكَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ.

.

قُلْتُ لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ النُّسَخِ إِلَّا بِلَفْظِ كَاتِبُ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ نَعَمْ قَدْ كَتَبَ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ غَيْرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَمَّا بِمَكَّةَ فَلِجَمِيعِ مَا نَزَلَ بِهَا لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.

.
وَأَمَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَكْثَرُ مَا كَانَ يَكْتُبُ زَيْدٌ وَلِكَثْرَةِ تَعَاطِيهِ ذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْكَاتِبُ بِلَامِ الْعَهْدِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ثَانِيَ حَدِيثَيِ الْبَابِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رُبَّمَا غَابَ فَكَتَبَ الْوَحْيَ غَيْرُهُ وَقَدْ كَتَبَ لَهُ قَبْلَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَوَّلُ مَنْ كَتَبَ لَهُ بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَمِمَّنْ كَتَبَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَخَالِدٌ وَأَبَانُ ابْنَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَسَدِيُّ وَمُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمَ الزُّهْرِيُّ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي آخَرِينَ وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ عِنْدَهُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا الْحَدِيثُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ الأول حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي قِصَّتِهِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا وَغَرَضُهُ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لِزَيْدٍ إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ وَقَدْ مَضَى الْبَحْثُ فِيهِ مُسْتَوْفِي فِي الْبَاب الَّذِي قبله الثَّانِي حَدِيث الْبَراء وَهُوَ بن عَازِبٍ لَمَّا نَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُ لِي زَيْدًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ بِلَفْظِ ادْعُ لِي فُلَانًا مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ ادْعُ لِي زَيْدًا أَيْضًا وَتَقَدَّمتالْقِصَّةُ هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَفْسِهِ وَوَقَعَ هُنَا فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ هَكَذَا وَقَعَ بِتَأْخِيرِ لَفْظِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :4722 ... غــ :4987] قَوْله حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيل وَإِبْرَاهِيم هُوَ بن سعد وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى بن شِهَابٍ هُوَ الَّذِي قَبْلَهُ بِعَيْنِهِ أَعَادَهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ لِابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَإِنِ اتَّفَقَتَا فِي كِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَجَمْعِهِ وَعَن بن شِهَابٍ قِصَّةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الْآيَةِ الَّتِي مِنَ الْأَحْزَابِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي آخِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الثَّانِيَةِ هُنَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ من طَرِيق شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ مُفَرَّقًا فَأَخْرَجَ الْقِصَّةَ الْأُولَى فِي تَفْسِيرِ التَّوْبَةِ وَأَخْرَجَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ هَذَا بِبَابٍ لَكِنْ بِاخْتِصَار وأخرجها الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وبن أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ وَالْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْيَمَانِ بِتَمَامِهِ وَأَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ الثَّالِثَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْخَطِيبُ رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن شِهَابٍ الْقِصَصَ الثَّلَاثَ ثُمَّ سَاقَهَا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن شِهَابٍ مَسَاقًا وَاحِدًا مُفَصِّلًا لِلْأَسَانِيدِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ وروى الْقَصَص الثَّلَاث شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ وَرَوَى قِصَّةَ آخِرِ التَّوْبَةِ مُفْرَدًا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ.

.

قُلْتُ وَرِوَايَتُهُ تَأْتِي عَقِبَ هَذَا بِاخْتِصَار وَقد أخرجهَا بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ مُطَوَّلَةً وَفَاتَهُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَهَا عَن بن شِهَابٍ أَيْضًا وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ قَبْلُ قَالَ وَرَوَى قِصَّةَ آيَةِ الْأَحْزَابِ مَعْمَرٌ وَهِشَامُ بْنُ الْغَاز وَمُعَاوِيَة بن يحيى ثَلَاثَتهمْ عَن بن شِهَابٍ ثُمَّ سَاقَهَا عَنْهُمْ.

.

قُلْتُ وَفَاتَهُ رِوَايَةُ بن أبي عَتيق لَهَا عَن بن شِهَابٍ وَهِيَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا بن شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ فِي رِوَايَة يُونُس عَن بن شِهَابٍ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْمُرَادُ أَنَّ أَرْمِينِيَّةَ فُتِحَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَكَانَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيَّ وَكَانَ عُثْمَانُ أَمَرَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ أَمِيرُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ وَكَانَ حُذَيْفَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ غَزَا مَعَهُمْ وَكَانَ هُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَعْمَالِ الْعِرَاقِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَرْجِ أرمينية وأذربيجان مَعَ أهل الْعرَاق قَالَ بن أَبِي دَاوُدَ الْفَرْجُ الثَّغْرُ وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يَغْزُو مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ قِبَلَ أَرْمِينِيَّةَ فِي غَزْوِهِمْ ذَلِكَ الْفَرْجَ مَعَ مَنِ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ اجْتَمَعَ لِغَزْوِ أَذْرَبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعرَاق وأرمينية بِفَتْح الْهمزَة عِنْد بن السَّمْعَانِيِّ وَبِكَسْرِهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوَالِيقِيُّ وَتَبعهُ بن الصّلاح ثمَّ النَّوَوِيّ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ مَنْ ضَمَّهَا فَقَدْ غَلِطَ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ خَفِيفَةٌ وَقَدْ تُثَقَّلُ قَالَهُ يَاقُوتُ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أَرْمَنِيٌّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ضَبطهَا الْجَوْهَرِي.

     وَقَالَ  بن قُرْقُولٍ بِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْرَ وَحَكَى ضَمَّ الْهَمْزَةِ وَغَلِطَ وَإِنَّمَا الْمَضْمُومُ هَمْزَتُهَا أُرْمِيَّةُ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أُرْمُوِيٌّ وَهِيَ بَلْدَةٌ أُخْرَى مِنْ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ.

.
وَأَمَّا أَرْمِينِيَّةُ فَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ نَوَاحِي خلاط وَمد الْأصيلِيّ والمهلب أَوله وَزَادَ الْمُهَلَّبُ الدَّالَ وَكَسْرَ الرَّاءِ وَتَقْدِيمَ الْمُوَحَّدَةِ تَشْتَمِلُ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الشمَال قَالَ بن السَّمْعَانِيِّ هِيَ مِنْ جِهَةِ بِلَادِ الرُّومِ يُضْرَبُ بِحُسْنِهَا وَطِيبِ هَوَائِهَا وَكَثْرَةِ مَائِهَا وَشَجَرِهَا الْمَثَلُ وَقِيلَ إِنَّهَا مِنْ بِنَاءِ أَرْمِينَ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَأَذْرَبِيجَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَقِيلَ بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ جِيم خَفِيفَة وَآخره نون وَحكى إِن مَكِّيٍّ كَسْرَ أَوَّلِهِ وَضَبَطَهَا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَنَقَلَهُ عَن بن الْأَعْرَابِيِّ بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَلَدٌ كَبِيرٌ من نواحي جبال الْعرَاق غربي وَهِيَ الْآنَ تِبْرِيزُ وَقَصَبَاتُهَا وَهِيَ تَلِي أَرْمِينِيَّةَ مِنْ جِهَةِ غَرْبِيِّهَا وَاتَّفَقَ غَزْوُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَاجْتَمَعَ فِي غَزْوَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ الْأَشْهَرُ فِي ضَبْطِهَا وَقَدْ تُمَدُّ الْهَمْزَةُ وَقَدْ تُكْسَرُ وَقَدْ تُحْذَفُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْمُوَحَّدَةُ وَقَدْ يُزَادُ بَعْدَهَا أَلِفٌ مَعَ مَدِّ الْأُولَى حَكَاهُ الْهَجَرِيُّ وَأَنْكَرَهُ الْجَوَالِيقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُمْ نَسَبُوا إِلَيْهَا آذَرِيٌّ بِالْمَدِّ اقْتِصَارًا عَلَى الرُّكْنِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلَى بَعْلَبَكٍّ بَعْلِيٌّ وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الثَّانِيَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ خَطَبَ عُثْمَانُ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا قُبِضَ نَبِيُّكُمْ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْقِرَاءَةِ الْحَدِيثُ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ خِلَافَةُ عُثْمَانَ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ وَكَانَ قَتْلُ عُمَرَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ .

     قَوْلُهُ  خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ كَامِلَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ مُنْذُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِإِلْغَاءِ الْكَسْرِ فِي هَذِهِ وَجَبْرِهِ فِي الْأُولَى فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَأَوَائِلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي ذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّ أَرْمِينِيَّةَ فُتِحَتْ فِيهِ وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ وِلَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ وَغَفَلَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا .

     قَوْلُهُ  فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ فَيَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى سَمِعَ حُذَيْفَةُ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ مَا ذَعَرَهُ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ فَلَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهُ حَتَّى أَتَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكِ النَّاسَ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ غزوت فرج أرمينية فَإِذا أهل الشَّام يقرؤون بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يسمع أهل الْعرَاق واذا أهل الْعرَاق يقرؤون بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَيَأْتُونَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ الشَّامِ فَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأخرج بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا حُذَيْفَةُ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَمِعَ آخَرَ يَقُولُ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَغَضِبَ ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ مَنْ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا وَاللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ اثْنَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَرَأَ هَذَا وَأَتِمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله وَقَرَأَ هَذَا وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلْبَيْتِ فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ أَهْلُ الْكُوفَةِ قِرَاءَةَ بن مَسْعُودٍ وَيَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ قِرَاءَةَ أَبِي مُوسَى وَالله لَئِن قسمت عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَآمُرَنَّهُ أَنْ يَجْعَلَهَا قِرَاءَةً وَاحِدَة وَمن طَرِيق أُخْرَى أَن بن مَسْعُودٍ قَالَ لِحُذَيْفَةَ بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا قَالَ نَعَمْ كَرِهْتُ أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ فُلَانٍ وَقِرَاءَةُ فُلَانٍ فَيَخْتَلِفُونَ كَمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ لِحُذَيْفَةَ يَظْهَرُ لِي أَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الِاخْتِلَافَ أَيْضًا بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَرَكِبَ إِلَى عُثْمَانَ وَصَادَفَ أَنَّ عُثْمَانَ أَيْضًا كَانَ وَقَعَ لَهُ نَحْوُ ذَلِك فَأخْرج بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ جَعَلَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ قِرَاءَةَ الرَّجُلِ وَالْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ قِرَاءَةَ الرَّجُلِ فَجَعَلَ الْغِلْمَانُ يَتَلَقَّوْنَ فَيَخْتَلِفُونَ حَتَّى ارْتَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْمُعَلِّمِينَ حَتَّى كَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ فَخَطَبَ فَقَالَ أَنْتُمْ عِنْدِي تَخْتَلِفُونَ فَمَنْ نَأَى عَنِّي مِنَ الْأَمْصَارِ أَشَدُّ اخْتِلَافًا فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا جَاءَهُ حُذَيْفَةُ وَأَعْلَمَهُ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ مَا ظَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ عُثْمَانُ تَمْتَرُونَ فِي الْقُرْآنِ تَقُولُونَ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَيَقُولُ الْآخَرُ وَاللَّهِ مَا تُقِيمُ قِرَاءَتَكَ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْرَأُ حَتَّى يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ كَفَرْتَ بِمَا تَقُولُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ فَتَعَاظَمَ فِي نَفسه وَعند بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ نَاسًا بِالْعِرَاقِ يُسْأَلُ أَحَدُهُمْ عَنِ الْآيَةِ فَإِذَا قَرَأَهَا قَالَ إِلَّا أَنِّي أُكَفَّرُ بِهَذِهِ فَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَكُلِّمَ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ فَاسْتَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا فَنَسَخَ مِنْهَا مَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّحُفِ وَالْمُصْحَفِ أَنَّ الصُّحُفَ الْأَوْرَاقُ الْمُجَرَّدَةُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ فِي عَهْدِ أَبى بكر وَكَانَت سورا مُفَرَّقَةٌ كُلُّ سُورَةٍ مُرَتَّبَةٌ بِآيَاتِهَا عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ لَمْ يُرَتَّبْ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ فَلَمَّا نُسِخَتْ وَرُتِّبَ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ صَارَتْ مُصْحَفًا وَقد جَاءَ عَن عُثْمَان أَنه إِمَّا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ فَأَخْرَجَ بن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِفِ إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا قَالَ مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لقد بَلغنِي أَن بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ وَهَذَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا قُلْنَا فَمَا تَرَى قَالَ أَرَى أَنْ نَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكُونُ فُرْقَةٌ وَلَا اخْتِلَافٌ قُلْنَا فَنِعْمَ مَا رَأَيْتَ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَعند بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ جَمَعَ عُثْمَانُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَرْسَلَ إِلَى الرُّقْعَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ عُمَرَ قَالَ فَحَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ قَالَ فَكَانُوا إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ أَخَّرُوهُ قَالَ بن سِيرِينَ أَظُنُّهُ لِيَكْتُبُوهُ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ عُثْمَانُ مَنْ أَكْتَبُ النَّاسِ قَالُوا كَاتِبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ فَأَيُّ النَّاسِ أَعْرَبُ وَفِي رِوَايَةٍ أَفْصَحُ قَالُوا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَالَ عُثْمَانُ فَلْيُمْلِ سَعِيدٌ وَلْيَكْتُبْ زَيْدٌ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَرَبِيَّةَ الْقُرْآنِ أُقِيمَتْ عَلَى لِسَانِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْبَهُهُمْ لَهْجَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُتِلَ أَبُوهُ الْعَاصِي يَوْمَ بَدْرٍ مُشْرِكًا وَمَاتَ جَدُّهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ قَبْلَ بَدْرٍ مُشْرِكًا.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَدْرَكَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ هَذَا مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ قَالَه بن سَعْدٍ وَعَدُّوهُ لِذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَحَدِيثُهُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَاسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ عَلَى الْكُوفَةِ وَمُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ مِنْ أَجْوَادِ قُرَيْشٍ وَحُلَمَائِهَا وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ لِكُلِ قَوْمٍ كَرِيمٌ وَكَرِيمُنَا سَعِيدٌ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بَدَلَ سَعِيدٍ قَالَ الْخَطِيبُ وَوَهِمَ عُمَارَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَانَ قُتِلَ بِالشَّامِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَالَّذِي أَقَامَهُ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أَخِي أَبَانَ الْمَذْكُورِ اهـ وَوَقَعَ مِنْ تَسْمِيَةِ بَقِيَّة من كتب أَو أمْلى عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ مُفَرَّقًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ جَدُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَتِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْهُ وَمِنْهُمْ كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَن بن شهَاب فِي أصل حَدِيث الْبَاب فهولاء تِسْعَةٌ عَرَفْنَا تَسْمِيَتَهُمْ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَقَدْ أخرج بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يُمْلِيَنَّ فِي مَصَاحِفِنَا إِلَّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ وَلَيْسَ فِي الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ أحد من ثَقِيف بل كلهم إِمَّا قريشى أَوْ أَنْصَارِيٌّ وَكَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَمْرِ كَانَ لِزَيْدٍ وَسَعِيدٍ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِمَا فِي رِوَايَةِ مُصْعَبٍ ثُمَّ احْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُسَاعِدُ فِي الْكِتَابَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَى عَدَدِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي تُرْسَلُ إِلَى الْآفَاقِ فَأَضَافُوا إِلَى زَيْدٍ مَنْ ذُكِرَ ثُمَّ اسْتَظْهَرُوا بِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي الْإِمْلَاءِ وَقد شقّ على بن مَسْعُودٍ صَرْفُهُ عَنْ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ حَتَّى قَالَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بن سعد عَن بن شِهَابٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْهُ قَالَ بن شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ.

     وَقَالَ  يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ وَيَتَوَلَّاهَا رَجُلٌ وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ يُرِيدُ زيد بن ثَابت وَأخرج بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ خُمَيْرِ بْنِ مَالِكٍ بِالْخَاءِ مصغر سَمِعت بن مَسْعُودٍ يَقُولُ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَصَبِيٌّ مِنَ الصِّبْيَانِ وَمن طَرِيق أَبى وَائِل عَن بن مَسْعُودٍ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً وَمِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْهُ مِثْلَهُ وَزَادَ وَإِنَّ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ذُؤَابَتَيْنِ وَالْعُذْرُ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ وَيَحْضُرَ وَأَيْضًا فَإِنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَرَادَ نَسْخَ الصُّحُفِ الَّتِي كَانَتْ جُمِعَتْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنْ يَجْعَلَهَا مُصْحَفًا وَاحِدًا وَكَانَ الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ هُوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِكَوْنِهِ كَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ فَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوَّلِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنِ بن شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي سَعِيدًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لِأَنَّ سَعِيدًا أُمَوِيٌّ وَعَبْدَ اللَّهِ أَسَدِيٌّ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ مَخْزُومِيٌّ وَكُلُّهَا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ .

     قَوْلُهُ  فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ بن شِهَابٍ فَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ وَالتَّابُوهِ فَقَالَ الْقُرَشِيُّونَ التَّابُوتُ.

     وَقَالَ  زَيْدٌ التَّابُوهُ فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ اكْتُبُوهُ التَّابُوتَ فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَدْرَجَهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيل بن مجمع فِي رِوَايَته عَن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ الْخَطِيب وَإِنَّمَا رَوَاهَا بن شِهَابٍ مُرْسَلَةً .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ زَاد أَبُو عبيد وبن أبي دَاوُد من طَرِيق شُعَيْب عَن بن شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ مَرْوَانُ يُرْسِلُ إِلَى حَفْصَةَ يَعْنِي حِينَ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهَا الصُّحُفَ الَّتِي كُتِبَ مِنْهَا الْقُرْآنُ فَتَأْبَى أَنْ تُعْطِيَهُ قَالَ سَالِمٌ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ وَرَجَعْنَا مِنْ دَفْنِهَا أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِالْعَزِيمَةِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَيُرْسِلَنَّ إِلَيْهِ تِلْكَ الصُّحُفَ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَمَرَ بِهَا مَرْوَانُ فَشُقِّقَتْ.

     وَقَالَ  إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِأَنِّي خَشِيتُ إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَرْتَابَ فِي شَأْنِ هَذِهِ الصُّحُفِ مُرْتَابٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَمُزِّقَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ مَرْوَانَ مَزَّقَ الصُّحُفَ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة قلت قد أخرجه بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَن بن شِهَابٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا الصُّحُفَ فَمَنَعَتْهُ إِيَّاهَا قَالَ فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَشَقَّقَهَا وَحَرَّقَهَا وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ لَكِنْ أَدْرَجَهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ فغسلها غسلا وَعند بن أبي دَاوُد من رِوَايَة مَالك عَن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَوْ خَارِجَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا جَمَعَ الْقُرْآنَ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا إِلَى أَنْ قَالَ فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ فَطَلَبَهَا فَأَبَتْ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا فَنَسَخَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَانُ فَأَخَذَهَا فَحَرَّقَهَا وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ صَنَعَ بِالصُّحُفِ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ تَشْقِيقٍ ثُمَّ غَسْلٍ ثُمَّ تَحْرِيقٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ مَزَّقَهَا ثُمَّ غَسَلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ بِمُصْحَفٍ وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا عُثْمَانُ إِلَى الْآفَاقِ فَالْمَشْهُور أَنَّهَا خَمْسَة وَأخرج بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ قَالَ أَرْسَلَ عُثْمَانُ أَرْبَعَةَ مَصَاحِفَ وَبَعَثَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ بِمُصْحَفٍ فَوَقَعَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ مُرَادٍ فَبَقِيَ حَتَّى كَتَبْتُ مُصْحَفِي عَلَيْهِ قَالَ بن أبي دَاوُد سَمِعت أَبَا حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ يَقُولُ كَتَبْتُ سَبْعَةَ مَصَاحِفَ إِلَى مَكَّةَ وَإِلَى الشَّامِ وَإِلَى الْيَمَنِ وَإِلَى الْبَحْرَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَةِ وَإِلَى الْكُوفَةِ وَحَبَسَ بِالْمَدِينَةِ وَاحِدًا وَأُخْرِجَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ قَالَ لي رجل من أهل الشَّام مُصحفا وَمُصْحَفُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَضْبَطُ مِنْ مُصْحَفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

.

قُلْتُ لِمَ قَالَ لِأَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ إِلَى الْكُوفَةِ لَمَّا بَلَغَهُ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ بِمُصْحَفٍ قَبْلَ أَنْ يُعْرَضَ وَبَقِيَ مُصْحَفُنَا وَمُصْحَفُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ حَتَّى عُرِضَا .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُخْرَقَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلِلْمَرْوَزِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ وَالْمُعْجَمَةُ أَثْبَتُ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنْ تُمْحَى أَوْ تُحْرَقَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا كُلَّ مُصْحَفٍ يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ قَالَ فَذَلِكَ زَمَانُ حُرِّقَتِ الْمَصَاحِفُ بِالْعِرَاقِ بِالنَّارِ وَفِي رِوَايَةِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا تَقُولُوا لِعُثْمَانَ فِي إِحْرَاقِ الْمَصَاحِفِ إِلَّا خَيْرًا وَفِي رِوَايَةِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ فَأَمَرَ بِجَمْعِ الْمَصَاحِفِ فَأَحْرَقَهَا ثُمَّ بَثَّ فِي الْأَجْنَادِ الَّتِي كَتَبَ وَمِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُتَوَافِرِينَ حِينَ حَرَّقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ فَلَمَّا فَرَغَ عُثْمَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا وَمَحَوْتُ مَا عِنْدِي فَامْحُوَا مَا عِنْدَكُمْ وَالْمَحْوُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْغَسْلِ أَوِ التَّحْرِيقِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيقِ فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَسْبِ مَا رَأَى مَنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ جَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُمْ غَسَلُوهَا بِالْمَاءِ ثمَّ أحرقوها مُبَالغَة فِي إذهابها قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ تَحْرِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا اسْمُ اللَّهِ بِالنَّارِ وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ لَهَا وَصَوْنٌ عَنْ وَطْئِهَا بِالْأَقْدَامِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّقُ الرَّسَائِلَ الَّتِي فِيهَا الْبَسْمَلَةُ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَكَذَا فَعَلَ عُرْوَةُ وَكَرِهَهُ إِبْرَاهِيمُ.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ الرِّوَايَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَصَحُّ وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

.
وَأَمَّا الْآنَ فَالْغَسْلُ أَوْلَى لِمَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ وَقَولُهُ وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ أَيْ بِمَا سِوَى الْمُصْحَفِ الَّذِي اسْتَكْتَبَهُ وَالْمَصَاحِفِ الَّتِي نُقِلَتْ مِنْهُ وَسِوَى الصُّحُفِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ وَرَدَّهَا إِلَيْهَا وَلِهَذَا اسْتَدْرَكَ مَرْوَانُ الْأَمْرَ بَعْدَهَا وَأَعْدَمَهَا أَيْضًا خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ لِأَحَدٍ مِنْهَا تَوَهُّمُ أَنَّ فِيهَا مَا يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُدِلَّ بِتَحْرِيقِ عُثْمَانَ الصُّحُفَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ كَلَامِ اللَّهِ قَدِيمًا أَنْ تَكُونَ الْأَسْطُرُ الْمَكْتُوبَةُ فِي الْوَرَقِ قَدِيمَةٌ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ عَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ لَمْ يَسْتَجِزِ الصَّحَابَةُ إِحْرَاقَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بن شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ إِلَخْ هَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الثَّالِثَة وَهِي مَوْصُولَة إِلَى بن شِهَابٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَوْصُولَةً مُفْرَدَةً فِي الْجِهَادِ وَفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا أَنَّهُ فَقَدَ آيَةَ الْأَحْزَابِ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي كَانَ نَسَخَهَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مجمع عَن بن شِهَابٍ أَنَّ فَقْدَهُ إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ وَالصَّحِيحُ مَا فِي الصَّحِيحِ وَأَنَّ الَّذِي فَقَدَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةٌ.

.
وَأَمَّا الَّتِي فِي الْأَحْزَابِ فَفَقَدَهَا لَمَّا كَتَبَ الْمُصحف فِي خلَافَة عُثْمَان وَجزم بن كثير بِمَا وَقع فِي رِوَايَة بن مجمع وَلَيْسَ كَذَلِك وَالله أعلم قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ جَمْعِ عُثْمَانَ أَنَّ جَمْعَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يَذْهَبَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ بِذَهَابِ حَمَلَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُ فِي صَحَائِفَ مُرَتِّبًا لِآيَاتِ سُوَرِهِ عَلَى مَا وَقَفَهُمْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمْعُ عُثْمَانَ كَانَ لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوهِ الْقُرْآنِ حِينَ قَرَءُوهُ بِلُغَاتِهِمْ عَلَى اتِّسَاعِ اللُّغَاتِ فَأَدَّى ذَلِكَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى تَخْطِئَةِ بَعْضٍ فَخَشِيَ مِنْ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَ تِلْكَ الصُّحُفِ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ مُرَتِّبًا لِسُوَرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَاقْتَصَرَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ عَلَى لُغَةِ قُرَيْشٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَسَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ بِلُغَةِ غَيْرِهِمْ رَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَرَأَى أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ انْتَهَتْ فَاقْتَصَرَ عَلَى لُغَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَتْ لُغَةُ قُرَيْشٍ أَرْجَحُ اللُّغَاتِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ بَعْدَ بَاب وَاحِد تَنْبِيه قَالَ بن مَعِينٍ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ حَدِيثَ جَمْعِ الْقُرْآنِ أَحْسَنَ مِنْ سِيَاقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَقَدْ روى مَالك طرفا مِنْهُ عَن بن شهَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4722 ... غــ : 4987 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ.
فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ،.

     وَقَالَ  عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى) بن إسماعيل المنقري التبوذكي قال: ( حدّثنا إبراهيم) بن سعد العوفي قال: ( حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم ( أن أنس بن مالك حدّثه أن حذيفة بن اليمان) واسم اليمان حسيل بمهملتين مصغرًا وقيل حسل بكسر ثم سكون العبسي بالموحدة حليف الأنصار ( قدم على عثمان) المدينة في خلافته ( وكان) عثمان ( يغازي أهل الشام) أي يجهّز أهل الشام ( في فتح أرمينية) بكسر الهمزة وتفتح وسكون الراء وكسر الميم والنون بينهما تحتية ساكنة وبعد النون تحتية أخرى مخففة وقد تثقل مدينة عظيمة بين بلاد الروم وخلاط قريبة من أرزن الروم.
قال ابن السمعاني: يضرب بحسنها وطيب هوائها وكثرة مياهها وشجرها المثل ( وأذربيجان) وأمر أهل الشام أن يجمعوا ( مع) ولأبي ذر عن الكشميهني في ( أهل العراق) في غزوهما وفتحهما.

وأذربيجان بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وفتح الراء وكسر الموحدة وسكون التحتية وفتح الجيم وبعد الألف نون قرأت في معجم ياقوت وفتح قوم الذال وسكون الراء ومدّ آخرون الهمزة مع ذلك، وروي عن المهلب ولا أعرف للمهلب هذا آذربيجان بمدّ الهمزة وسكون الذال فيلتقي ساكنان وكسر الراء ثم ياء ساكنة وباء موحدة مفتوحة وجيم وألف ونون وهو اسم اجتمعت فيه خمس موانع من الصرف العجمة والتعريف والتأنيث والتركيب ولحاق الألف والنون، وهو إقليم واسع ومن مشهور مدنه تبريز وهو صقع جليل ومملكة عظيمة وخيرات واسعة وفواكه جمة لا
يحتاج السالك فيها إلى حمل إناء للماء لأن المياه جارية تحت أقدامه أين توجه وأهلها صباح الوجوه حمرها ولهم لغة يقال لها الأذرية لا يفهمها غيرهم وفي أهلها لين وحُسن معاملة إلا أن البخل يغلب على طباعهم وهي بلاد فتن وحروب ما خلت قطّ من فتنة فيها فلذلك أكثر مدنها خراب، وافتتحت أولًا في أيام عمر بن الخطاب كان أنفذ المغيرة بن شعبة الثقفي واليًا على الكوفة ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أذربيجان فورد عليه الكتاب بنهاوند فسار منها إلى أذربيجان في جيس كثيف فقاتل المسلمون قتالًا شديدًا، ثم إن المرزبان صالح حذيفة على ثمانمائة ألف درهم على أن لا يقتل منهم أحدًا ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار، ثم عزل عمر حذيفة وولى عتبة بن فرقد على أذربيجان، ولما استعمل عثمان بن عفان الوليد بن عتبة على الكوفة عزل عتبة بن فرقد عن أذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد بن عتبة سنة خمس وعشرين وكان حذيفة من جملة مَن غزا معه.

( فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هده الأمة) المحمدية ( قبل أن يختلفوا في الكتاب) أي القرآن ( اختلاف اليهود والنصارى) في التوراة والإنجيل، وفي رواية عمارة بن غزية أن حذيفة قال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس قال: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أُبيّ بن كعب ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضًا.

وروى ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال: قال عليّ: لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا.
قال: ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أن بعضهم يقول قراءتي خير من قراءتك، وهذا لا يكاد أن يكون كفرًا.
قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن تجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف.
قلنا: نعم ما رأيت.

( فأرسل عثمان إلى حفصة) -رضي الله عنها- ( أن أرسلي إلينا بالصحف) التي كان أبو بكر أمر زيدًا بجمعها ( ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص) الأموي ( وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام) وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين اثني عشر رجلًا من قريش والأنصار منها أُبيّ بن كعب، وفي رواية مصعب بن سعد فقال عثمان: مَن أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد بن ثابت.
قال: فأيّ الناس أعرب؟ وفي رواية أفصح؟ قالوا: سعيد بن العاص.
قال عثمان: فليمل سعيد وليكتب زيد، ووقع عند ابن أبي داود تسمية جماعة ممن كتب أو أملى منهم: مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس، وكثير بن أفلح، وأُبيّ بن كعب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس ( فنسخوها) أي الصحف ( في المصاحف و) ذلك بعد أن ( قال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة) : سعيد، وعبد الله، وعبد الرحمن لأن الأول أموي والثاني أسدي والثالث مخزومي وكلها من بطون قريش ( إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن) أي من
عربيته ( فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل) معظمه ( بلسانهم) أي بلغتهم ( ففعلوا) ذلك كما أمرهم ( حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة) فكانت عندها حتى توفيت فأخذها مروان حين كان أميرًا على المدينة من قبل معاوية فأمر بها فشققت وقال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب فيها مرتاب.
رواه ابن أبي داود وغيره.

( فأرسل) عثمان ( إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا) وكانت خمسة على المشهور فأرسل أربعة وأمسك واحدًا.
وقال الداني في المقنع: أكثر العلماء أنها أربعة أرسل واحدًا للكوفة وآخر للبصرة وآخر للشام وترك واحدًا عنده، وقال أبو حاتم فيما رواه عنه ابن أبي داود كتب سبعة مصاحف إلى مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة وحبس بالمدينة واحدًا ( وأمر بما سواه) أي سوى المصحف الذي استكتبه والتي نقلت منه وسوى الصحف التي كانت عند حفصة ( من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق) بسكون الحاء المهملة وفتح الراء؛ ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يحرق بفتح المهملة وتشديد الراء مبالغة في إذهابها وسدًّا لمادة الاختلاف.

وقال في شرح السُّنَّة في هذا الحديث البيان الواضح أن الصحابة -رضي الله عنهم- جمعوا بين الدفّتين القرآن المنزل من غير أن يكونوا زادوا أو نقصوا منه شيئًا باتفاق منهم من غير أن يقدّموا شيئًا أو يؤخّروه بل كتبوه في المصاحف على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه السلام على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية بموضعها وأين تكتب.
وقال عبد الرحمن السلمي: كان قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة وهي التي قرأها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه وولاه عثمان كتبة المصاحف.
قال السفاقسي: فكان جمع أبي بكر خوف ذهاب شيء من القرآن بذهاب حملته إذ إنه لم يكن مجموعًا في موضع واحد، وجمع عثمان لما أكثر الاختلاف في وجوه قراءته حين قرؤوا بلغاتهم حتى أدّى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضًا فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مقتصرًا من اللغات على لغة قريش إذ هي أرجحها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4722 ... غــ : 4988 ]
- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.

( قال ابن شهاب) الزهري بالإسناد السابق ( وأخبرني) بالواو والإفراد ولأبي ذر فأخبرني بالفاء والإفراد أيضًا ( خارجة بن زيد بن ثابت) أنه ( سمع) أباه ( زيد بن ثابت قال: فقدت) بفتح القاف ( آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف) أي في زمن عثمان لا في زمن أبي بكر لأن الذي فقده في خلافة أبي بكر الآيتان من آخر سورة براءة ( قد كنت أسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ بهما فالتمسناها) أي طلبناها ( فوجدناها مع خزيمة بن أبي ثابت الأنصاري) بالمثلثة ابن الفاكه بن ثعلبة
ذي الشهادتين وهو غير أبي خزيمة بالكنية الذي وجد معه آخر التوبة ( { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} ) [الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها في ( الصحف) بضم الصاد من غير ميم في الفرع والذي في اليونينية بالميم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4722 ... غــ :4987 ]
- حدَّثنا مُوسى احدّثنا إبْرَاهيم حَدثنَا ابنُ شِهاب: أنَّ أنَسَ بنَ مالِكٍ حدَّثَهُ أنَّ حذَيْفَةَ ابنَ اليَمانِ قَدِمَ علَى عُثْمانَ، وكانَ يُغازي أهْلع الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وأذْرَبِيجانَ مَعَ أهْلِ العِرَاقِ، فأفْزعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي القِرَاءَة، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمانَ: يَا أميرَ المُؤْمِنينَ أدْرِكَ هذِه الأُمَّةَ قَبْلَ أنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلاَفَ اليَهُودِ والنصارَى، فأرْسَلَ عثْمانُ إِلَى حَفْصَةَ أنْ أرْسِلِي إليْنا بالصُّحُفِ نَنْسَخُها فِي المصاحِفِ ثُمَّ نَزُدها إليْكِ، فأرْسَلَتْ بِها حَفْصَةُ إِلَى عُثْمانَ فأمَرَ زَيْدَ بنَ ثابِتٍ وعَبْدَ الله بنَ الزُّبَيْرِ وسَعِيدَ بنَ الْعاصِ وعبْدَ الرَّحْمانِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوها فِي المَصاحِفِ..
     وَقَالَ  عُثْمانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثلاثَةِ: إِذا اخْتَلَفْتُمْ أنْتُمْ وزَيْدُ بنُ ثابتٍ فِي شَيْء مِنَ القُرْآنِ فاكْتُبُوهُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ فإِنَّما نَزَلَ بلِسَانِهمْ.
ففَعَلُوا، حتَّى إذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصاحِفِ رَدَّ عُثْمانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فأرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ ممَّا نَسَخُوا وأمَرَ بمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أوْ مُصْحَفٍ أنْ يخْرَقَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد، وَهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى ابْن شهَاب هُوَ الَّذِي قبله بِعَيْنِه، أَعَادَهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمَا حديثان لِابْنِ شهَاب فِي قصتين مختلفتين، وَإِن اتفقَا فِي كِتَابَة الْقُرْآن وَجمعه، وَله قصَّة أُخْرَى عَن خَارِجَة بن زيد فِي آخر هَذَا الحَدِيث، على مَا يَأْتِي الْآن.

قَوْله: ( وَكَانَ يغازي) ، أَي: يغزى، أَي: كَانَ عُثْمَان يُجهز أهل الشَّام وَأهل الْعرَاق لغزو أرمينية وأذربيجان وفتحهما، وأرمينية بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْمِيم بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ثمَّ نون مَكْسُورَة،.

     وَقَالَ  ابْن السَّمْعَانِيّ بِفَتْح الْهمزَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: هِيَ بلد مَعْرُوف يضم كورا كَثِيرَة سميت بذلك لكَون الأرمن فِيهَا، وَهِي أمة كالروم، وَقيل: سميت بأرمون بن ليطى بن يومن بن يافث بن نوح، عَلَيْهِ السَّلَام:.

     وَقَالَ  الرشاطي: افتتحت فِي سنة أَربع وَعشْرين فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على يَد سلمَان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ، قَالَ: وَأَهْلهَا بَنو أرمي بن أرم بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام، وأذربيجان بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وبالراء الْمَفْتُوحَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة ثمَّ الْيَاء آخر الْحُرُوف الساكنة ثمَّ الْجِيم وَالْألف وَالنُّون،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: فتح عبد الله بن سُلَيْمَان الْيَاء، وَعَن الْمُهلب بِالْمدِّ وَكسر الرَّاء بعْدهَا يَاء سَاكِنة بعْدهَا بَاء مَفْتُوحَة،.

     وَقَالَ  أَبُو الْفرج: ألفها مَقْصُورَة وذالها سَاكِنة كَذَلِك قِرَاءَته على أبي مَنْصُور، ويغلط من يمده.
وَفِي المبتدىء: من يقدم الْيَاء أُخْت الْوَاو على الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ جهل، وَفِي النَّوَادِر لِابْنِ الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَقوله بقصر الْهمزَة، وَكَذَا ذكره صَاحب تثقيف اللِّسَان وَلَكِن كسر الْهمزَة،.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاق البحتري: من الفصيح أذربيجان،.

     وَقَالَ  الجواليقي: الْهمزَة فِي أَولهَا أَصْلِيَّة لِأَن أذر مضموم إِلَيْهِ الآخر،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: اجْتمعت فِيهَا أَربع مَوَانِع من الصّرْف: العجمة والتعريف، والتأنيث والتركيب، وَهِي بَلْدَة بالجبال من بِلَاد الْعرَاق يَلِي كور أرمينية من جِهَة الغرب،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْأَشْهر عِنْد الْعَجم أذربايجان، بالمدو الْألف بَين الْمُوَحدَة والتحتانية، هُوَ بَلْدَة تبريز وقصباتها.
قَوْله: ( مَعَ أهل الْعرَاق) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فِي أهل الْعرَاق.
قَوْله: ( فأفزع) من الإفزاع، و ( حُذَيْفَة) بِالنّصب.
مَفْعُوله، ( وَاخْتِلَافهمْ) بِالرَّفْع فَاعله، وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه: فيتناز عون فِي الْقُرْآن حَتَّى سمع حُذَيْفَة من اخْتلَافهمْ مَا ذعره، وَفِي رِوَايَة يُونُس: فتذاكروا الْقُرْآن وَاخْتلفُوا فِيهِ حَتَّى كَاد يكون بَينهم فتْنَة، وَفِي رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة أَن حُذَيْفَة قدم من غَزْوَة فَلم يدْخل بَيته حَتَّى أَتَى عُثْمَان فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أدْرك النَّاس! قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: غزوت فرج أرمينية فَإِذا أهل الشَّام يقرأون بِقِرَاءَة أبي بن كَعْب فَيَأْتُونَ بِمَا لم يسمع أهل الْعرَاق، وَإِذا أهل الْعرَاق يقرأون بِقِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود فَيَأْتُونَ بِمَا لم يسمع أهل الشَّام فيكفر بَعضهم بَعْضًا انْتهى.
وَكَانَ هَذَا سَببا لجمع عُثْمَان الْقُرْآن فِي الْمُصحف، وَالْفرق بَينه وَبَين الصُّحُف أَن الصُّحُف هِيَ الأوراق المحررة الَّتِي جمع فِيهَا الْقُرْآن فِي عهد أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَت سورا مفرقة كل سُورَة مرتبَة بآياتها على حِدة، لَكِن لم يرتب بَعْضهَا إِثْر بعض، فَلَمَّا نسخت ورتب بعصها إِثْر بعض صَارَت مُصحفا، وَلم يكن مُصحفا إلاَّ فِي عهد عُثْمَان، على مَا ذكر فِي الحَدِيث من طلب عُثْمَان الصُّحُف من حَفْصَة وَأمره للصحابة الْمَذْكُورين فِي الحَدِيث بِكِتَابَة مصاحف وإرساله إِلَى كل نَاحيَة بمصحف، قَوْله: ( فَأمر زيد بن ثَابت) هُوَ الْأنْصَارِيّ، والبقية قرشيون.
قَوْله: ( فنسخوها) أَي: الصُّحُف أَي: مَا فِي الصُّحُف الَّتِي أرسلتها حَفْصَة إِلَى عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: ( للرهط القرشيين) وهم عبد الله بن الزبير الْأَسدي وَسَعِيد بن الْعَاصِ الْأمَوِي وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث المخرومي.
قَوْله: ( فَإِنَّمَا نزل بلسانهم) أَي: فَإِنَّمَا نزل الْقُرْآن بِلِسَان قُرَيْش أَي: مُعظم الْقُرْآن، كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( وَأرْسل إِلَى كل أفق) أَي: نَاحيَة، وَيجمع على: آفَاق، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: فَأرْسل إِلَى كل جند من أجناد الْمُسلمين بمصحف.
وَاخْتلف فِي عدد الْمَصَاحِف الَّتِي أرسل بهَا عُثْمَان إِلَى الْآفَاق فَالْمَشْهُور أَنَّهَا خَمْسَة، وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي كتاب الْمَصَاحِف من طَرِيق حَمْزَة الزيات، قَالَ: أرسل عُثْمَان أَرْبَعَة مصاحف وَبعث مِنْهَا إِلَى الْكُوفَة بمصحف فَوَقع عِنْد رجل من مُرَاد فَبَقيَ حَتَّى كتبت مصحفي مِنْهُ،.

     وَقَالَ  ابْن أبي دَاوُد: وَسمعت أَبَا حَاتِم السجسْتانِي يَقُول: كتبت سَبْعَة مصاحف: إِلَى مَكَّة وَإِلَى الشَّام وَإِلَى الْيَمين وَإِلَى الْبَحْرين وَإِلَى الْبَصْرَة وَإِلَى الْكُوفَة وَحبس بِالْمَدِينَةِ وَاحِدًا.
قَوْله: ( أَن يخرق) ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة رِوَايَة الأكثين وبالمهملة رِوَايَة الْمروزِي وبالوجهين رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وبالمعجمة أثبت، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَن يُمحى أَو يحرق،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ إحراق الْقُرْآن؟ قلت: المحروق هُوَ الْقُرْآن الْمَنْسُوخ أَو الْمُخْتَلط بِغَيْرِهِ من التَّفْسِير أَو بلغَة غير قُرَيْش أَو الْقرَاءَات الشاذة، وَفَائِدَته أَن لَا يَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ، قلت: هَذِه الْأَجْوِبَة جَوَاب من لم يطلع على كَلَام الْقَوْم وَلم يتَأَمَّل مَا يدل عَلَيْهِ قَوْله فِي آخر الحَدِيث.

     وَقَالَ  عِيَاض: غسلوها بِالْمَاءِ ثمَّ أحرقوها مُبَالغَة فِي إذهابها، وَعند أبي دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ: وَأمرهمْ أَن يحرقوا كل مصحف يُخَالف الْمُصحف الَّذِي أرسل بِهِ، قَالَ: فَذَلِك زمَان أحرقت الْمَصَاحِف بالعراق بالنَّار، وَفِي رِوَايَة سُوَيْد بن غَفلَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: لَا تَقولُوا لعُثْمَان فِي إحراق الْمَصَاحِف إلاَّ خيرا وَفِي رِوَايَة بكير بن الْأَشَج: فَأمر بِجمع الْمَصَاحِف فأحرقها ثمَّ بَث فِي الأجناد الَّتِي كتبت، وَمن طَرِيق مُصعب بن سعد قَالَ: أدْركْت النَّاس متوافرين حِين أحرق عُثْمَان الْمَصَاحِف، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِك أَو قَالَ: لم يُنكر ذَلِك مِنْهُم أحد.
وَقَالَ ابْن بطال: فِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز تحريق الْكتب الَّتِي فِيهَا اسْم الله، عز وَجل، بالنَّار وَإِن ذَلِك إكرام لَهَا وصون عَن وَطئهَا بالأقدام، وَقيل: هَذَا كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت، وَأما الْآن فالغسل إِذا دعت الْحَاجة إِلَى إِزَالَته،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الحنيفة: إِن الْمُصحف إِذا بلي بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بِهِ يدْفن فِي مَكَان طَاهِر بعيد عَن وَطْء النَّاس.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4722 ... غــ :4988 ]
- حدَّثنا قَالَ ابنُ شِهاب: وَأَخْبرنِي خارِجَةُ بنُ زَيْدٍ بنِ ثابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بنَ قابِتٍ، قَالَ: فقَدْتُ آيَة مِنَ الأحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أسْمَعُ رسولَ لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقْرَأُ بِهَا، فالْتَمَسْناها فَوَجَدْناها مَعَ خُزَيمَةَ بن ثابِتٍ الأنْصارِيِّ { ( 33) من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} ( الْأَحْزَاب: 32) فأَلْحقْناها فِي سُوْرَتِها فِي المُصْحفِ..
هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول، وَذكره البُخَارِيّ مَوْصُولا مُفردا فِي الْجِهَاد وَفِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب وَرَوَاهُ أَيْضا فِي الْأَحْكَام عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ كَمَا رَوَاهُ هُنَا، وَظَاهر حَدِيث زيد بن ثَابت هَذَا أَنه فقد آيَة الْأَحْزَاب من الصُّحُف الَّتِي كَانَ نسخهَا فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى وجدهَا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَوَقع فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مجمع عَن ابْن شهَاب أَن فَقده إِيَّاهَا إِنَّمَا كَانَ خلَافَة أبي بكر، وَهُوَ وهم مِنْهُ، وَالصَّحِيح مَا فِي الصَّحِيح وَأَن الَّذِي فَقده فِي خلَافَة أبي بكر آيتان من آخر بَرَاءَة، وَأما الَّتِي فِي الْأَحْزَاب ففقدها لما كتب الْمُصحف فِي خلَافَة عُثْمَان، وَجزم ابْن كثير بِمَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن مجمع، وَلَيْسَ كَذَلِك وَالله أعلم.
قيل: كَيفَ ألحقها بالمصحف وَشرط الْقُرْآن التَّوَاتُر؟ وَأجِيب بِأَنَّهُ كَانَت مسموعة عِنْدهم من فَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسورتها وموضعها مَعْلُومَة لَهُم ففقدوا كتَابَتهَا.
قيل: لما كَانَ الْقُرْآن متواترا فَمَا هَذَا التتبع وَالنَّظَر فِي العسب؟ وَأجِيب للاستظهار، وَقد كتبت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وليعلم هَل فِيهَا قِرَاءَة لغير قِرَاءَته من وجوهها أم لَا قيل: شَرط الْقُرْآن كَونه متواترا فَكيف أثبت فِيهِ مَا لم يجده مَعَ أحد غَيره؟ وَأجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ لم يجده مَكْتُوبًا عِنْد غَيره، وَأَيْضًا لَا يلْزم من عدم وجدانه أَن لَا يكون متواترا وَأَن لَا يجد غَيره، أَو الْحفاظ نسوها ثمَّ تذكروها.