4915 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ ، قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ : حَدَّثَنَا - جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ ، إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً قَالَ فَقَالَ رَجَلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا ، وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ فَقَالَ : مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَقَالَ : اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ، ثُمَّ قَرَأَ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَعْنَاهُ ، وَقَالَ فَأَخَذَ عُودًا ، وَلَمْ يَقُلْ : مِخْصَرَةً ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي حَدِيثِهِ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ |
Ali reported:
We were in a funeral in the graveyard of Gharqad that Allah's Messenger (ﷺ) came to us and we sat around him. He had a stick with him. He lowered his head and began to scratch the earth with his stick, and then said: There is not one amongst you whom a scat in Paradise or Hell has not been allotted and about whom it has not been written down whether he would be an evil person or a blessed person. A person said: Allah's Messenger, should we not then depend upon our destiny and abandon our deeds? Thereupon he said: Acts of everyone will be facilitated in, that which has been created for him so that whoever belongs to the company of the blessed will have good works made easier for him and whoever belongs to the unfortunate ones will have evil acts made easier for him. He then recited this verse (from the Qur'an): Then, who gives to the needy and guards against evil and accepts the excellent (the truth of Islam and the path of righteousness it prescribes), We shall make easy for him the easy end and who is miserly and considers himself above need, We shall make easy for him the dificult end. (XCii. 5-10).
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[2647] ( فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ) أَمَّا نَكَّسَ فَبِتَخْفِيفِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِهَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ يُقَالُ نَكَسَهُ ينكسه فهو ناكس كقتله يقتله فهوقاتل وَنَكَّسَهُ يُنَكِّسُهُ تَنْكِيسًا فَهُوَ مُنَكِّسٌ أَيْ خَفَضَ رَأْسُهُ وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى هَيْئَةِ الْمَهْمُومِ وَقَولُهُ يَنْكُتُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ وَآخِرِهِ تاء مُثَنَّاةٌ فَوْقُ أَيْ يَخُطُّ بِهَا خَطًّا يَسِيرًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهَذَا فِعْلُ الْمُفَكِّرِ الْمَهْمُومِ والمخصرة بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا أَخَذَهُ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ وَاخْتَصَرَهُ مِنْ عَصًا لَطِيفَةٍ وَعُكَّازٍ لَطِيفٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا دَلَالَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَأَنَّ جَمِيعَ الْوَاقِعَاتِبقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وَضَرِّهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُبقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وَضَرِّهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُبقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وَضَرِّهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُبقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وَضَرِّهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ اختص اللَّهُ بِهِ وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا وَلَا نَتَجَاوَزَهُ وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ فَلَمْ يعلمه نبي مرسل ولاملك مُقَرَّبٌ وَقِيلَ إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُلعملهم كما قَالَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَلِلْعُسْرَى وَكَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ .
قَوْلُهُ
[2647] مخصرة بِكَسْر الْمِيم مَا أَخذه الْإِنْسَان بِيَدِهِ وَاخْتَصَرَهُ من عَصا لَطِيفَة وعكازة وَنَحْوهَا فَنَكس بتَخْفِيف الْكَاف وتشديدها أَي خفض رَأسه وطأطأه إِلَى الأَرْض على هَيْئَة المهموم ينكت بِفَتْح أَوله وَضم الْكَاف وَآخره مثناة فَوق أَي يخط بهَا خطا يَسِيرا مرّة بعد مرّة وَهَذَا فعل المهموم المفكر
[ سـ
:4915 ... بـ
:2647]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً قَالَ فَقَالَ رَجَلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَعْنَاهُ.
وَقَالَ فَأَخَذَ عُودًا وَلَمْ يَقُلْ مِخْصَرَةً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَوْلُهُ : ( فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ) أَمَّا ( نَكَّسَ ) فَبِتَخْفِيفِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِهَا ، لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ ، يُقَالُ : نَكَسَهُ يَنْكُسُهُ فَهُوَ نَاكِسٌ كَقَتَلَهُ يَقْتُلُهُ فَهُوَ قَاتِلٌ ، وَنَكَّسَهُ يُنَكِّسُهُ تَنْكِيسًا فَهُوَ مُنَكِّسٌ ، أَيْ خَفَضَ رَأْسُهُ وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى هَيْئَةِ الْمَهْمُومِ .
وَقَوْلُهُ : ( يَنْكُتُ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ وَآخِرِهِ وَتَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقُ أَيْ يَخُطُّ بِهَا خَطًّا يَسِيرًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، وَهَذَا فِعْلُ الْمُفَكِّرِ الْمَهْمُومِ .
وَ ( الْمِخْصَرَةُ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا أَخَذَهُ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ وَاخْتَصَرَهُ مِنْ عَصًا لَطِيفَةٍ وَعُكَّازٍ لَطِيفٍ وَغَيْرِهِمَا .
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا دَلَالَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ ، وَأَنَّ جَمِيعَ الْوَاقِعَاتِ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ ; خَيْرِهَا وَشَرِّهَا ، وَنَفْعِهَا وَضَرِّهَا ، وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قِطْعَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ هَذَا .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فَهُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا عِلَّةَ لِأَفْعَالِهِ .
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ : سَبِيلُ مَعْرِفَةِ هَذَا الْبَابِ التَّوْقِيفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُجَرَّدِ الْعُقُولِ ، فَمَنْ عَدَلَ عَنِ التَّوْقِيفِ فِيهِ ضَلَّ وَتَاهَ فِي بِحَارِ الْحَيْرَةِ ، وَلَمْ يَبْلُغْ شِفَاءَ النَّفْسِ ، وَلَا يَصِلْ إِلَى مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ ; لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونِهَا الْأَسْتَارُ ، وَاخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ ، وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُولِ الْخَلْقِ وَمَعَارِفِهِمْ ; لِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ .
وَوَاجِبُنَا أَنْ نَقِفَ حَيْثُ حَدَّ لَنَا ، وَلَا نَتَجَاوَزَهُ ، وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ الْقَدَرِ عَلَى الْعَالَمِ ، فَلَمْ يَعْلَمْهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ .
وَقِيلَ : إِنَّ سِرَّ الْقَدَرِ يَنْكَشِفُ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ ، وَلَا يَنْكَشِفُ قَبْلَ دُخُولِهَا .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْعَمَلِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ ، بَلْ تَجِبُ الْأَعْمَالُ وَالتَّكَالِيفُ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِعَمَلِهِمْ كَمَا قَالَ : قَالَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَلِلْعُسْرَى ، وَكَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ .