هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4958 حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ ، أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : قَالَتْ لِي عَائِشَةُ : يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ، مَارٌّ بِنَا إِلَى الْحَجِّ ، فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ ، فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا كَثِيرًا ، قَالَ : فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ عُرْوَةُ : فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ ، وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُءُوسًا جُهَّالًا ، يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ قَالَ عُرْوَةُ : فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ ، أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ ، قَالَتْ : أَحَدَّثَكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ عُرْوَةُ : حَتَّى إِذَا كَانَ قَابِلٌ قَالَتْ لَهُ : إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ ، فَالْقَهُ ، ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَكَ فِي الْعِلْمِ ، قَالَ : فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ ، فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ ، فِي مَرَّتِهِ الْأُولَى ، قَالَ عُرْوَةُ : فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ ، قَالَتْ : مَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ ، أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4958 حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، حدثني أبو شريح ، أن أبا الأسود ، حدثه عن عروة بن الزبير ، قال : قالت لي عائشة : يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو ، مار بنا إلى الحج ، فالقه فسائله ، فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا ، قال : فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عروة : فكان فيما ذكر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ، ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ، ويبقي في الناس رءوسا جهالا ، يفتونهم بغير علم ، فيضلون ويضلون قال عروة : فلما حدثت عائشة بذلك ، أعظمت ذلك وأنكرته ، قالت : أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال عروة : حتى إذا كان قابل قالت له : إن ابن عمرو قد قدم ، فالقه ، ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم ، قال : فلقيته فساءلته ، فذكره لي نحو ما حدثني به ، في مرته الأولى ، قال عروة : فلما أخبرتها بذلك ، قالت : ما أحسبه إلا قد صدق ، أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عروة بن الزبير قال قالت لي عائشة يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مار بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا قال فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عروة فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقي في الناس رءوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون قال عروة فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته قالت أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا قال عروة حتى إذا كان قابل قالت له إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم قال فلقيته فساءلته فذكره لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص.



المعنى العام

في حجة الوداع وفي خطبه صلى الله عليه وسلم فيها وفي وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمته وتحذيرهم من أمور تحدث لهم في مستقبل أيامهم وفي آخر أزمانهم ليأخذوا حذرهم وليقللوا من أضرار الفتن التي تنتظرهم يقول لهم

من أشراط الساعة وعلاماتها وأماراتها أن يرفع الله العلم وليس من صدور العلماء بل بموت العلماء فكل عالم يموت إن لم يورث علمه لتلميذ أو لتلاميذ يموت معه علمه وكلما بعد الناس عن مصدر التشريع وطال بهم الزمن كلما نضب معين العلم الديني وبردت حرارته في القلوب حتى ينتهي الأمر بقبض العلم وانتشار الجهل واستعلاء الجهلاء وتقمصهم دور العلماء يستفتون فيفتون بغير علم فيضلون في أنفسهم ويضلون غيرهم

ومن أشراط الساعة أيضا انتشار الزنى وشيوعه وقلة الاستحياء منه والمجاهرة به

ومن أشراطها كثرة شرب الخمر والتجاهر بها وتسميتها بغير اسمها واستحلالها

ومن أشراطها كثرة النساء وقلة الرجال بسبب الحروب وغيرها

ومن أشراطها كثرة القتل لأتفه الأسباب بل قتل الولد أباه وأمه وأخاه وأخته وكثرة الحروب وانتشار أسلحة الدمار الشامل

ومن أشراطها كثرة الفتن والوشايات والضغائن والتحاسد والتدابر

ومن أشراطها تقارب الزمان وضعف البركة فيه وقلة العمل الأخروي وتضييع الوقت فيما لا يغني ولا يفيد حتى تضيع قيمته ويمر مر السحاب ولا يحس المرء بعمره وكأنه لم يعش إلا ساعة من نهار

{ { هذا بلاغ للناس ولينذروا به } } [إبراهيم 52] { { فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها } } [الأنعام 104] { { وما ربك بظلام للعبيد } } [فصلت 46]

المباحث العربية

( من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل) قال النووي هكذا هو في كثير من النسخ يثبت الجهل من الثبوت وفي بعضها يبث بضم الياء وفتح الباء بعدها ثاء مشددة أي ينشر ويشيع وفي الرواية الثانية ويظهر الجهل وفي الرواية الثالثة وينزل فيها الجهل وأشراط جمع شرط بفتح الراء وهو العلامة وفي الرواية الثالثة إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وسيأتي كيفية رفع العلم وثبوت الجهل والتعبير برفعه معناه خلو الأرض منه وهو المراد من قبضه في الرواية الرابعة وفي ملحقها وينقص العلم ونقصانه حالة سابقة على قبضه وهو المراد بانتزاعه في الروايات الأخيرة

( ويشرب الخمر) بضم الياء مبني للمجهول ومنصوب عطفا على يرفع العلم والمراد كثرة شربها إذ لم يتوقف شربها

( ويظهر الزنى) المراد من ظهوره كثرته وإعلانه وعدم الاستحياء منه وفي الرواية الثانية ويفشو الزنى زاد في الرواية الثانية ويذهب الرجال أي بالحروب وغيرها والمراد من ذهابهم ذهاب الكثيرين منهم وتبقى النساء أي يكثر عددهن عن الرجال حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد أي ولي أمر واحد لخمسين امرأة بنتا وأختا وأما وليس المراد زوجا وزاد في الرواية الثالثة والرابعة ويكثر فيها الهرج والهرج القتل والهرج بفتح الهاء وسكون الراء القتل بلسان الحبشة وزاد في الرواية الرابعة ويلقى الشح بضم الياء وسكون اللام أي يلقى في القلوب ويكثر

وفي الأوسط للطبراني يظهر الفحش والبخل وزاد في الرواية الرابعة أيضا وتظهر الفتن أي تكثر وتنتشر وتعظم

وزاد في ملحق الرواية الرابعة تقارب الزمان أي قصره وعدم البركة فيه وقلة ما يشغله من الأعمال النافعة في الدنيا والآخرة وفي رواية للبخاري يتقارب الزمان وينقص العمل وقيل المراد به قصر الأعمار وقيل المراد به ضعف مدة استلذاذ العيش قال الخطابي وما زال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت ويستطيلون مدة المكروه وإن قصرت وهذا القول غير سليم وقيل المراد به تقارب أحوال الناس في الشر والفساد والجهل قاله الطحاوي والأول أقرب فعند أحمد لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة

( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) قال النووي ضبطناه في البخاري رءوسا بضم الهمزة وبالتنوين جمع رأس وضبطوه في مسلم هنا بوجهين أحدهما هذا والثاني رؤساء بالمد جمع رئيس وكلاهما صحيح والأول أشهر اهـ

والمراد من علم العلماء هنا العلم الديني وهذا لا يمنع انتشار العلوم الأخرى كما أن المراد من العلماء الذين يقبضون العلماء المعرضون للفتوى والذين يلجأ الناس إليهم ويعتقدون في فتواهم فلا يعارضه كثرة علماء الدين في هذه الأيام حتى ولو كانوا متعمقين في العلم لأنهم وقد لبسوا لباسا غير لباسهم أصبحوا مجهولين لا يعرفهم الناس ولا يفيدون منهم ومن لا يؤدي رسالته في حكم المعدوم وقد تصدر للفتوى في هذه الأيام نتيجة لتخلي العلماء المؤهلين عن رسالتهم الجهال فكثرت الفتاوى الضالة المضلة

( عن عروة بن الزبير قال قالت لي عائشة يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مار بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا قال فلقيته فساءلته) عبد الله بن عمرو كان يكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة لا يكتب ومن هنا اشتهر بأنه المكثر الأول رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في ظروف هذا الحديث يسكن مصر وكانت عائشة وابن أختها عروة بن الزبير يسكنان المدينة وقدم عبد الله بن عمرو من مصر إلى مكة مارا بالمدينة في طريقه إلى الحج فلقيه عروة فسأله

( فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقى في الناس رءوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته) في رواية للبخاري إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه وفي رواية بعد أن أعطاهموه ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم وعند الحميدي من قلوب العباد وعند الطبراني إن الله لا ينزع العلم من صدور الناس بعد أن يعطيهم إياه وفي رواية ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته ثلاث مرات أخرجه أحمد والطبراني وفي رواية عند أحمد والبزار إن قبض العلم ليس شيئا ينزع من صدور الرجال ولكنه فناء العلماء وفي رواية ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم وفي رواية ولكن يقبض العلم بقبض العلماء وفي رواية ولكن يذهب العلماء كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى يبقى من لا يعلم

( قال عروة ثم لقيت عبد الله بن عمرو على رأس الحول فسألته فرد علينا الحديث كما حدث) في الرواية السادسة قال عروة حتى إذا كان قابل قالت له إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله الحديث الذي ذكره لك في العلم قال فلقيته فسألته فذكر لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص قال النووي ليس معناه أنها اتهمته لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه أو قرأه من كتب الحكمة فتوهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كرره مرة أخرى وثبت عليه غلب على ظنها أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقولها أراه بفتح الهمزة أي أعلمه اهـ وقال الحافظ ابن حجر ويحتمل أن عائشة كان عندها علم من الحديث وظنت أنه زاد فيه أو نقص فلما حدث به ثانيا كما حدث به أولا تذكرت أنه على وفق ما كانت سمعت

وفي رواية قال عروة ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف فسألته .. الحديث قال الحافظ ابن حجر أفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة وكأن عروة كان حج في تلك السنة من المدينة وحج عبد الله من مصر فبلغ عائشة ويكون قولها إن ابن عمرو قد قدم أي من مصر طالبا مكة لا أنه قدم المدينة إذ لو دخلها للقيه عروة بها ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحج معها عروة فقدم عبد الله بعد فلقيه عروة بأمر عائشة

فقه الحديث

أثارت هذه الأحاديث قضيتين الأولى استدل بها الجمهور على خلو الزمان عن مجتهد لأنها صريحة في رفع العلم وقبضه بقبض العلماء وفي ترئيس أهل الجهل ومن لازمه الحكم بالجهل وإذا انتفى العلم ومن يحكم به استلزم انتفاء الاجتهاد والمجتهد

وأكثر الحنابلة وبعض من غيرهم يقولون لا يخلو زمان عن مجتهد ويستدلون بحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وفي لفظ حتى تقوم الساعة فإنه ظاهر في عدم الخلو وقالوا إن الاجتهاد فرض كفاية وانتفاؤه يستلزم الاتفاق على الباطل

وأجيب بأن فرض الكفاية مشروط ببقاء العلماء فأما إذا قام الدليل على انقراض العلماء فلا لأن بفقدهم تنتفي القدرة والتمكن من الاجتهاد وإذا انتفى أن يكون مقدورا لم يقع التكليف به هذا وينبغي أن نحدد موطن الخلاف أولا لوضوح القول الفصل

إن كان المراد جواز خلو الزمان عن مجتهد فهو جائز كما أن عدم خلو الزمان عن مجتهد جائز

وإن كان المراد وقوع وحصول خلو الزمان عن مجتهد في آخر الزمان يوم لا يقال في الأرض الله الله ويوم يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب كما رواه أحمد ويوم تأتي الريح اللينة فتقبض كل مؤمن في قلبه مثقال ذرة من إيمان فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة فخلو الزمان حينئذ عن مجتهد محقق لا يقبل النزاع فيه وحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يعارضه لأنه معنيا بقوله حتى يأتي أمر الله وقوله حتى تقوم الساعة معناه حتى إشرافها ووجود آخر أشراطها كما وضحنا ذلك في شرح هذا الحديث

وإن كان المراد وقوع خلو الزمان عن مجتهد في أيام الضعف كأيامنا التي نعيشها فلا دليل في حديثنا للجمهور لأن قضايا العصر تتجدد ولا بد من حكم شرعي وإلا لم يكن الإسلام صالحا لكل زمان ومكان فلا بد من وجود مجتهد وإن لم يكن على مستوى المجتهدين الأوائل

وفي هذا المقام يعجبني تقرير الحافظ ابن حجر إذ يقول ويمكن أن تنزل هذه الأحاديث على الترتيب في الواقع فيكون أولا رفع العلم بقبض العلماء المجتهدين الاجتهاد المطلق ثم المقيد فإذا لم يبق مجتهد استووا في التقليد لكن ربما كان بعض المقلدين أقرب إلى بلوغ درجة الاجتهاد المقيد من بعض ولا سيما إن فرعنا على جواز تجزؤ الاجتهاد ولكن لغلبة الجهل يقدم أهل الجهل أمثالهم وإليه الإشارة بقوله اتخذ الناس رءوسا جهالا وهذا لا ينفي ترئيس بعض من لم يتصف بالجهل التام كما لا يمتنع ترئيس من ينسب إلى الجهل في الجملة في زمن أهل الاجتهاد وقد أخرج ابن عبد البر في كتاب العلم عن دراج أبي السمح يقول يأتي على الناس زمان يسمن الرجل راحلته حتى يسير عليها في الأمصار يلتمس من يفتيه بسنة قد عمل بها فلا يجد إلا من يفتيه بالظن فيحمل على أن المراد الأغلب الأكثر في الحالين وقد وجد هذا مشاهدا ثم يجوز أن يقبض أهل هذه الصفة ولا يبقى إلا المقلد الصرف وحينئذ يتصور خلو الزمان عن مجتهد ولو في بعض الأبواب بل في بعض المسائل ولكن يبقى من له نسبة إلى العلم في الجملة ثم يزداد حينئذ غلبة الجهل وترئيس أهله ثم يجوز أن يقبض أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وذلك جدير بأن يكون عند خروج الدجال أو بعد موت عيسى عليه السلام وحينئذ يتصور خلو الزمان عمن ينسب إلى العلم أصلا ثم تهب الريح فتقبض كل مؤمن وهناك يتحقق خلو الأرض عن مسلم فضلا عن عالم فضلا عن مجتهد ويبقى شرار الناس وعليهم تقوم الساعة والعلم عند الله اهـ

القضية الثانية الإفتاء بالرأي وروايتنا الخامسة والسادسة تذم الإفتاء بغير علم والقرآن الكريم يقول { { ولا تقف ما ليس لك به علم } } [الإسراء 36] ورواية البخاري فيتبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون والتحقيق أن الذم موجه إلى القول بغير علم فيخص به من تكلم برأي مجرد عن استناد إلى أصل وذم من أفتى مع الجهل ولذلك وصفهم بالضلال والإضلال وقد امتدح القرآن الكريم من استنبط من الأصل بقوله { { لعلمه الذين يستنبطونه منهم } } [النساء 83] فالرأي إن كان مستندا إلى أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع فهو المحمود وإذا كان لا يستند إلى شيء منها فهو المذموم وحديث سهل بن حنيف في البخاري وقوله يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم وإن كان يدل على ذم الرأي لكنه مخصوص بما إذا كان معارضا للنص فكأنه قال اتهموا رأيكم إذا خالف السنة وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي شريح انظر ما تبين لك من كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا فإن لم يتبين لك من كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يتبين لك من السنة فاجتهد فيه رأيك وفي رواية أنه كتب لشريح اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله فإن لم يكن فبما قضى به الصالحون فإن لم يكن فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ولا أرى التأخر إلا خيرا لك فهذا عمر يأمر بالاجتهاد فدل على أن الرأي المذموم ما خالف الكتاب والسنة

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- الحث على حفظ العلم

2- وفي الرواية الخامسة والسادسة حض أهل العلم وطلبته على أخذ بعضهم عن بعض

3- وشهادة بعضهم لبعض بالحفظ والفضل

4- وحض العالم تلميذه على الأخذ عن غيره ليستفيد ما ليس عنده

5- والتثبت فيما يحدث به المحدث إذا قامت قرينة الذهول

6- ومن قول عائشة فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم ولم تقل له سله عنه ابتداء خشية من استيحاشه يؤخذ من هذا مراعاة الفاضل واحترام قدره

7- وفي هذه الأحاديث الزجر عن ترئيس الجاهل لما يترتب عليه من المفسدة قال الحافظ ابن حجر وقد يتمسك به من لا يجيز تولية الجاهل ولو كان عاقلا عفيفا لكن إذا دار الأمر بين العالم الفاسق والجاهل العفيف فالجاهل العفيف أولى لأن ورعه يمنعه عن الحكم بغير علم فيحمله على البحث والسؤال

8- وفي الأحاديث بعض أشراط الساعة من رفع العلم وظهور الجهل والشح وشرب الخمر والزنى وقلة الرجال وكثرة النساء والقتل والفتن وتقارب الزمان

والله أعلم.