هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5159 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا ، وقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا - جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ، وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قال إسحاق : أخبرنا ، وقال عثمان حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم ، وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، ح وحدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، بهذا الإسناد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Jabir reported:

I heard Allah's Apostle (ﷺ) as saying: Verily, the Satan has lost all hopes that the worshippers would ever worship (him) in the peninsula of Arabia, but he (is hopeful) that he would sow the seed of dissension amongst them.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم.


المعنى العام

بدأت المعركة بين إبليس وآدم منذ بداية خلق آدم وكانت نتيجة الجولة الأولى أن يهبطوا إلى الأرض آدم وحواء وإبليس ليحتنك إبليس وذريته آدم وذريته إلا قليلا متوعدا إبليس آدم وذريته { { قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } } [الأعراف 16- 17]

وبدأت الجولة الثانية بين الفريقين وبعدد بني آدم يكون عدد الشياطين ذرية إبليس وجنوده مع كل واحد واحد قرينه وملازمه يجري منه مجرى الدم يزين له ما يغضب الله ليوقع الآدمي في المعصية ليشارك إبليس المصير والنار وبقدر نجاح الشيطان في الوسوسة والغواية يكون حب إبليس له وتقديره لجهوده وتقريبه منه واحتضانه أما من غلب من الشياطين أمام مؤمن من المؤمنين أو من عجز من الشياطين أن يصل إلى إضلال وإغواء مؤمن من المؤمنين فذاك المغضوب عليه من إبليس والمعاقب منه بشتى العقوبات

وقد حذر الله تعالى المؤمنين من الشيطان فقال { { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } } [فاطر 6]

المباحث العربية

( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب) المصلون أي المسلمون والمراد من عبادة الشيطان الكفر وأيس يئس وانقطع رجاؤه والمراد من الشيطان إبليس وجنوده وإبليس اسم أعجمي عند الأكثر وقيل مشتق من أبلس إذا أيئس وهو ممنوع من الصرف قيل سمي بذلك بعد يأسه وطرده من رحمة الله قيل كان اسمه مع الملائكة عزازيل قيل ومن أسمائه الحارث والحكم وكنيته أبو مرة وقيل كنيته أبو الكروبيين والمعنى إن إبليس وجنوده قد يئسوا من أن يردوكم كافرين بعد أن آمنتم

( ولكن في التحريش بينهم) أي ولكنه لم ييأس من الإيقاع بينهم والتحريش الإغراء والتهييج يقال حرشه بفتح الراء مخففة ومشددة يحرشه بكسرها حرشا بسكونها وتحريشا ويقال حرش الدابة إذا حك ظهرها بعصا أو نحوها لتسرع وحرش الصيد هيجه ليصيده وحرش الإنسان والحيوان أغراه وحرش بين القوم أفسد والمعنى أنه يتمكن من الإفساد بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها

( إن عرش إبليس على البحر) معناه أن مركز قيادته البحر ومعلوم أن المياه ثلاثة أرباع الكرة الأرضية واليابسة الربع

( فيبعث سراياه فيفتنون الناس) السرية جزء من الجيش وهذه السرايا فرق يبعثها لتساعد القرين الملازم للإنسان

( فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة) أي أعظم جنوده قيمة ومقدارا ومكانة هو الذي تعظم فتنته للمسلمين وفي الرواية الثالثة فأدناهم منزلة أعظمهم فتنة أي للمسلمين يجيء أحدهم أي أحد جنوده فيقول فعلت كذا وكذا فيقول له تقليلا لجهوده ما صنعت شيئا يذكر قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول له نعم أنت أي الممدوح أنت وفي الرواية فيلتزمه أي يضمه إلى نفسه ويعانقه إعجابا بصنعه وتشجيعا لغيره

وعند ابن حبان والحاكم والطبراني إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مسلما ألبسته التاج

( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن) وفي ملحق الرواية الخامسة إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة وقال تعالى { { قال قائل منهم إني كان لي قرين } } [الصافات 51] قال مجاهد شيطان وقال تعالى { { وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم } } [فصلت 25] قال مجاهد شياطين

( قالوا وإياك يا رسول الله) الواو عاطفة على محذوف تقديره وكل الله لكل منا قرينا صاحبنا وقرينا يصاحبك يا رسول الله

( إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) قال النووي فأسلم بضم الميم والفاعل ضمير المتكلم أي فأسلم أنا من شره وفتنته وبفتح الميم والفاعل ضمير الغيبة أي فأسلم هو أي القرين روايتان مشهورتان من الإسلام وهو الظاهر أي صار مؤمنا فلا يأمرني إلا بخير وقيل من الاستسلام بمعنى فاستسلم وانقاد أي فأسلم نفسه لي وقد جاء في غير مسلم فاستسلم واختلفوا في الأرجح من الروايتين فقال الخطابي الصحيح المختار الرفع ورجح القاضي عياض الفتح قال النووي هو المختار لقوله صلى الله عليه وسلم فلا يأمرني إلا بخير

فقه الحديث

1- في الحديث أن الشيطان يصعب عليه تكفير المسلم ولكنه كثيرا ما يلجأ إلى إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين

2- وأن منه القرين لبني آدم يوحى إليه الشر ويزين له المنكر ويكره إليه المعروف

3- وأن أبا الجن إبليس هو قائد الشريرين منهم

4- وأنه يحاول بجنوده فتنة بني آدم قال تعالى { { يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة } } [الأعراف 27]

5- وأن جنوده يتبارون في الفساد وأن المقدم عنده من كثرت فتنته لبني آدم وعظمت

6- وأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرينا من الجن

7- ولكنه لا يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخير

8- وفيه عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القاضي واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه

9- وفي هذا الحديث التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان

10- وفي الحديث وجود الجن قال عبد الجبار المعتزلي الدليل على إثباتهم السمع دون العقل إذ لا طريق إلى إثبات أجسام غائبة لأن الشيء لا يدل على غيره من غير أن يكون بينهما تعلق ولو كان إثباتهم باضطرار ما وقع الاختلاف فيه إلا أنا قد علمنا بالاضطرار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتدين بإثباتهم وذلك أشهر من أن يتشاغل بإيراده اهـ

واختلف في صفتهم فقال أبو بكر الباقلاني قال بعض المعتزلة الجن أجساد رقيقة بسيطة وأن امتناع رؤيتنا لهم من جهة رقتها قال الحافظ ابن حجر وهو مردود فإن الرقة ليست بمانعة عن الرؤية ويجوز أن يخفى عن رؤيتنا بعض الأجسام الكثيفة إذا لم يخلق الله فينا إدراكها

وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي أنه قال من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته إلا أن يكون نبيا اهـ

قال الحافظ وإذا ثبت وجودهم فقد اختلف في أصلهم فقيل إن أصلهم من ولد إبليس فمن كان منهم كافرا سمي شيطانا وإلا قيل له جني

واختلف في تكليفهم فقال ابن عبد البر الجن عند الجماعة مكلفون وقال عبد الجبار لا نعلم خلافا بين أهل النظر في ذلك إلا ما حكي عن بعض الحشوية أنهم مضطرون إلى أفعالهم وليسوا بمكلفين قال والدليل للجماعة ما في القرآن من ذم الشياطين والتحرز من شرهم وما أعد لهم من العذاب وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر وارتكب النهي مع تمكنه من أن لا يفعل

وإذا تقرر كونهم مكلفين فقد اختلفوا هل كان فيهم نبي منهم أم لا والجمهور على أنه لم يكن فيهم نبي منهم

قال الحافظ ابن حجر واختلف أيضا هل يأكلون ويشربون ويتناكحون أم لا فقيل بالنفي وقيل بمقابله ثم اختلفوا فقيل أكلهم وشربهم تشمم واسترواح لا مضغ ولا بلع ورجح الحافظ ابن حجر أن أكلهم بمضغ وبلع مستدلا بما رواه أبو داود من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا ورجل يأكل ولم يسم ثم سمى في آخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما زال الشيطان يأكل معه فلما سمى استقاء ما في بطنه وبما أخرجه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكلن أحدكم بشماله ويشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله

وروى ابن عبد البر عن وهب بن منبه أن الجن أصناف فخالصهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون وجنس منهم يقع ذلك منهم قال الحافظ وهذا إن ثبت كان جامعا للقولين الأولين

واستدل من قال بأنهم يتناكحون بقوله تعالى { { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } } [الرحمن 56، 74] وبقوله تعالى { { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني } } [الكهف 50]

أما ثوابهم وعقابهم فلم يختلف من أثبت تكليفهم أنهم يعاقبون على المعاصي واختلف هل يثابون فذهب الجمهور إلى أنهم يثابون على الطاعة وهو قول الأئمة الثلاثة والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم وعن أبي حنيفة ثواب الجن أن يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا

والله أعلم.