هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5171 حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ، وَلَا يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ ، وَلَا أَنَا ، إِلَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5171 حدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا الحسن بن أعين ، حدثنا معقل ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ، ولا يجيره من النار ، ولا أنا ، إلا برحمة من الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله

المعنى العام

لو أن ملكا عنده قصر كبير من أرقى وأعظم القصور يجري من تحته الأنهار وفيه ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين لو أنه عرض عليك أن تعطيه درهما واحدا ليعطيك هذا القصر ثم أعطاك هذا الدرهم لتعطيه إياه فأعطاك القصر هل تقول إنك اشتريت هذا القصر بمالك هذا هو مثل الجنة والعمل جنة فيها كذا وكذا وكذا من النعيم الدائم الخالد في مقابل طاعة وعبادة ستين سنة مثلا ثم هو الله الذي منحنا الصحة والقوة والهداية

اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا

فبماذا نأخذ جنته هل نقول بعملنا كما يقول الرجل الجاهل اشتريت القصر بدرهمي أو نقول إنها هبة وفضل ورحمة هذا الذي يقصده الحديث لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يدخلك عملك الجنة يا رسول الله قال ولا أنا لكن ندخل الجنة بفضل الله ورحمته وحاولوا بعملكم إرضاء ربكم لتفوزوا برحمته وعطفه وجنته

المباحث العربية

( لن ينجي أحدا منكم عمله) في الرواية الثانية ما من أحد يدخله عمله الجنة وفي الرواية الثالثة والرابعة ليس أحدا منكم ينجيه عمله وفي الرواية الخامسة والسابعة لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة وفي الرواية السادسة لن ينجو أحد منكم بعمله والنجاة من النار تستلزم دخول الجنة غالبا قال تعالى { { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } } [آل عمران 185] لذلك عبرت بعض الروايات باللزوم وهو النجاة من النار وبعضها باللازم وهو دخول الجنة وفي الرواية السابعة جمعت بينهما فقالت لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار والنجاة من الشيء معناها التخلص منه

( قال رجل ولا إياك يا رسول الله) في الروايات الأخرى قالوا وأسند القول للمجموع والقائل واحد لموافقتهم له ورضاهم بسؤاله وفي الرواية الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والثامنة ولا أنت يا رسول الله والواو عاطفة على محذوف تقديره لا يدخل أحدا عمله الجنة ولا أنت يدخلك عملك الجنة وقد تورمت من العبادة قدماك

( ولا إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمته) في الروايات الأخرى ولا أنا وفي الرواية الثالثة إلا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة وفي الرواية الرابعة إلا أن يتداركني الله برحمة وفي الرواية السادسة إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل والمراد بالتغمد الستر مأخوذ من غمد السيف لأنك إذا أغمدت السيف فقد ألبسته الغمد وسترته به وفي الرواية الثالثة قال ابن عون بيده هكذا وأشار على رأسه.

( ولكن سددوا) وفي الرواية الثامنة سددوا وقاربوا معناه اقصدوا السداد والصواب وقاربوا نهاية العبادة ولا تغلوا وتجهدوا أنفسكم فيها لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل ولذلك زاد في الرواية الثامنة واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل زاد البخاري واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا والمراد بالغدو السير من أول النهار وبالرواح السير من أول النصف الثاني من النهار والدلجة بضم الدال وسكون اللام ويجوز فتحها جميع الليل والقصد منصوب على الإغراء.

فقه الحديث

قال المازري ذهب أهل السنة إلى أن إثابة الله تعالى من أطاعه بفضل منه وكذلك انتقامه ممن عصاه بعدل منه ولا يثبت واحد منهما إلا بالسمع وله سبحانه وتعالى أن يعذب الطائع وينعم العاصي ولكنه أخبر أنه لا يفعل ذلك وخبره صدق لا خلف فيه وهذا الحديث يقوي مقالتهم ويرد على المعتزلة حيث أثبتوا بعقولهم أعواض الأعمال ولهم في ذلك خبط كثير اهـ

وقال النووي اعلم أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب ولا إيجاب ولا تحريم ولا غيرهما من أنواع التكليف ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع ومذهب أهل السنة أيضا أن الله تعالى لا يجب عليه شيء تعالى الله بل العالم كله ملكه والدنيا والآخرة في سلطانه يفعل فيهما ما يشاء

وأما المعتزلة فيثبتون الأحكام بالعقل ويوجبون ثواب الأعمال ويوجبون الأصلح ويمنعون خلاف هذا اهـ

وقد استشكل على الحديث بقوله تعالى { { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } } [الزخرف 72] وجمع ابن بطال بما محصله تحمل الآية على أن الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال فإن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال وأن يحمل الحديث على دخول الجنة والخلود فيها وأورد على هذا الجواب قوله تعالى { { سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } } [النحل 32] إذ ظاهره أن دخول الجنة أيضا بالأعمال وأجاب بأن في الكلام مضافا محذوفا والتقدير ادخلوا منازل الجنة بما كنتم تعملون وليس المراد بذلك أصل دخول الجنة ثم قال ويجوز أن يكون الحديث مفسرا للآية والتقدير ادخلوها بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم لأن اقتسام منازل الجنة برحمته وأصل دخول الجنة هو برحمته حيث ألهم العاملين ما نالوا به ذلك ولا يخلو شيء من مجازاته لعباده من رحمته وفضله وقد تفضل عليهم ابتداء بإيجادهم ثم برزقهم ثم بتعليمهم اهـ

وقال ابن الجوزي يتحصل من أوجه الجمع أربعة أجوبة

الأول أن التوفيق للعمل من رحمة الله ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإيمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة [أي الرحمة أساس التوفيق للعمل والعمل أساس دخول الجنة فالرحمة أساس دخول الجنة لأن أساس الأساس لشيء أساس لذلك الشيء أو سبب سبب الشيء سبب لذلك الشيء]

الثاني أن منافع العبد لسيده فعمله مستحق لمولاه فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله [معنى ذلك أن الرحمة هي السبب الحقيقي وأن العمل سبب شكلي ظاهري لا يستحق شيئا فأسند للسبب الحقيقي في الحديث وأسند للسبب الشكلي في الآية]

الثالث جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله واقتسام الدرجات بالأعمال [أي فالنصوص التي تسند دخول الجنة للأعمال يراد منها اقتسام منازلها والنصوص التي تسند دخول الجنة للرحمة يراد منها أصل دخولها]

الرابع أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير والثواب لا ينفد فالإنعام الذي لا ينفد في جزاء ما ينفد بالفضل لا بمقابلة الأعمال [بمعنى أن العمل له مقابل أصلا لكن العطاء أضعاف أضعاف أضعاف ما يستحق فأسند دخول الجنة إلى الاستحقاق تارة وإلى الأضعاف تارة أخرى] وهناك أجوبة أخرى لكنها تقرب مما ذكرنا منها

أن المعطي بعوض قد يعطي مجانا بخلاف المعطي بسبب فإنه لا يوجد بدون السبب فالباء في الآية للعوض وليست للسببية كما يقول المعتزلة

فالحديث ينفي مقابلة دخول الجنة بالعمل إذ العمل بمجرده ولو تناهى لا يقابل دخول الجنة ولا أن يكون عوضا لها لأنه ولو وقع على الوجه الذي يحبه الله لا يقاوم نعمة الله بل جميع العمل لا يوازي نعمة واحدة فتبقى سائر نعمه مقتضية لشكرها وهو لم يوفها حق شكرها

أما الجبرية فقد أنكروا أن تكون الأعمال سببا في دخول الجنة من كل وجه

والقدرية زعموا أن الجنة عوض العمل وأنها ثمنه وأن دخولها بمحض الأعمال فالحديث يبطل دعوى الطائفتين

وقال الحافظ ابن حجر ويظهر لي في الجمع بين الآية والحديث جواب آخر وهو أن يحمل الحديث على أن العمل من حيث هو عمل لا يستفيد به العامل دخول الجنة ما لم يكن مقبولا وإذا كان كذلك فأمر القبول إلى الله تعالى وإنما يحصل برحمة الله لمن يقبل منه وعلى هذا فمعنى قوله { { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } } [النحل 32] أي تعملونه من العمل المقبول اهـ

والتحقيق أن هذا القول لا يبعد كثيرا عن القول الأول لابن الجوزي غايته أن الرحمة في التوفيق لأداء العمل أو في التوفيق لقبوله والأول أدق لأن عدم قبوله مع استيفائه شروط الصحة والقبول مستبعد

ويؤخذ من قول السائل ولا أنت يا رسول الله أنهم كانوا يظنون أن العمل سبب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان عليه من شدة الخشية والتقوى وعظم الأجر لا يدخل في هذا القرار

وفي قوله ولكن سددوا رد على من ينفي فائدة العمل واستدراك على من يفهم من العبارة الأولى النفي المذكور وكأنه قيل بل له فائدة وهو أن العمل علامة على وجود الرحمة التي تدخل العامل الجنة فاعملوا واقصدوا وتحروا بعملكم السنة من الإخلاص وغيره

وفي قوله قاربوا الحث على الرفق في العبارة

والله أعلم.