هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
بَابُ الْكَشْفِ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ وَقَوْلُ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ شَقِيقٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهُ بْنَ الْمُبَارَكِ ، يَقُولُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ : دَعُوا حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبَّ السَّلَفَ وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ ، صَاحِبُ بُهَيَّةَ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، فَقَالَ يَحْيَى لِلْقَاسِمِ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ قَبِيحٌ عَلَى مِثْلِكَ ، عَظِيمٌ أَنْ تُسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ هَذَا الدِّينِ ، فَلَا يُوجَدَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ ، وَلَا فَرَجٌ - أَوْ عِلْمٌ ، وَلَا مَخْرَجٌ - فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ : وَعَمَّ ذَاكَ ؟ ، قَالَ : لِأَنَّكَ ابْنُ إِمَامَيْ هُدًى . ابْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، قَالَ : يَقُولُ لَهُ الْقَاسِمُ : أَقْبَحُ مِنْ ذَاكَ عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، أَوْ آخُذَ عَنْ غَيْرُ ثِقَةٍ ، قَالَ : فَسَكَتَ فَمَا أَجَابَهُ وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَبْدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ : أَخْبَرُونِي عَنْ أَبِي عَقِيلٍ صَاحِبِ بُهَيَّةَ ، أَنَّ أَبْنَاءً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، سَأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ عِلْمٌ ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْظِمُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ ، وَأَنْتَ ابْنُ إِمَامَيِ الْهُدَى - يَعْنِي عُمَرَ ، وَابْنَ عُمَرَ - تُسْأَلُ عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ ، فَقَالَ : أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَعِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ ، أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، أَوْ أُخْبِرَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ قَالَ : وَشَهِدَهُمَا أَبُو عَقِيلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ حِينَ قَالَا ذَلِكَ . وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ ، وَشُعْبَةَ ، وَمَالِكًا ، وَابْنَ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الرَّجُلِ لَا يَكُونُ ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ ، فَيَأْتِينِي الرَّجُلُ ، فَيَسْأَلُنِي عَنْهُ ، قَالُوا : أَخْبِرْ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَبْتٍ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّضْرَ ، يَقُولُ : سُئِلَ ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ حَدِيثٍ لِشَهْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ ، فَقَالَ : إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ ، إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ . قَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَقُولُ : أَخَذَتْهُ أَلْسِنَةُ النَّاسِ تَكَلَّمُوا فِيهِ وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : قَالَ شُعْبَةُ : وَقَدْ لَقِيتُ شَهْرًا فَلَمْ أَعْتَدَّ بِهِ وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ : إِنَّ عَبَّادَ بْنَ كَثِيرٍ مَنْ تَعْرِفُ حَالَهُ ، وَإِذَا حَدَّثَ جَاءَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ ، فَتَرَى أَنْ أَقُولَ لِلنَّاسِ : لَا تَأْخُذُوا عَنْهُ ؟ قَالَ سُفْيَانُ : بَلَى ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَكُنْتُ إِذَا كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ ذُكِرَ فِيهِ عَبَّادٌ ، أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ ، وَأَقُولُ : لَا تَأْخُذُوا عَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : قَالَ أَبِي ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : انْتَهَيْتُ إِلَى شُعْبَةَ ، فَقَالَ : هَذَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ ، فَاحْذَرُوهُ وحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ مُعَلًّى الرَّازِيَّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ، الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبَّادٌ ، فَأَخْبَرَنِي عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : كُنْتُ عَلَى بَابِهِ ، وَسُفْيَانُ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْتُهُ عَنْهُ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَذَّابٌ وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَفَّانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ أَبِي عَتَّابٍ : فَلَقِيتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : عَنْ أَبِيهِ ، لَمْ تَرَ أَهْلَ الْخَيْرِ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ . قَالَ مُسْلِمٌ : يَقُولُ : يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِمْ ، وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَجَعَلَ يُمْلِي عَلَيَّ ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ ، فَأَخَذَهُ الْبَوْلُ ، فَقَامَ فَنَظَرْتُ فِي الْكُرَّاسَةِ ، فَإِذَا فِيهَا حَدَّثَنِي أَبَانُ ، عَنْ أَنَسٍ ، وَأَبَانُ عَنْ فُلَانٍ ، فَتَرَكْتُهُ ، وَقُمْتُ قَالَ : وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيَّ ، يَقُولُ : رَأَيْتُ فِي كِتَابِ عَفَّانَ ، حَدِيثَ هِشَامٍ أَبِي الْمِقْدَامِ ، حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ هِشَامٌ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ يَحْيَى بْنُ فُلَانٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَفَّانَ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ هِشَامٌ ، سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، فَقَالَ : إِنَّمَا ابْتُلِيَ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، كَانَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ ، يَقُولُ : قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ : مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَوْمُ الْفِطْرِ يَوْمُ الْجَوَائِزِ ؟ قَالَ : سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَجَّاجِ انْظُرْ مَا وَضَعْتَ فِي يَدِكَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ قُهْزَاذَ : وَسَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ زَمْعَةَ ، يَذْكُرُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ : رَأَيْتُ رَوْحَ بْنَ غُطَيْفٍ صَاحِبَ الدَّمِ قَدْرِ الدِّرْهَمِ ، وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ مَجْلِسًا ، فَجَعَلْتُ أَسْتَحْيِي مِنْ أَصْحَابِي أَنْ يَرَوْنِي جَالِسًا مَعَهُ كُرْهَ حَدِيثِهِ حَدَّثَنِي ابْنُ قُهْزَاذَ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَهْبًا ، يَقُولُ : عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : بَقِيَّةُ صَدُوقُ اللِّسَانِ ، وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ عَمَّنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ ، وَكَانَ كَذَّابًا . حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مُفَضَّلٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : قَالَ عَلْقَمَةُ : قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ فَقَالَ الْحَارِثُ : الْقُرْآنُ هَيِّنٌ الْوَحْيُ أَشَدُّ وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ الْحَارِثَ ، قَالَ : تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، وَالْوَحْيَ فِي سَنَتَيْنِ أَوْ قَالَ الْوَحْيَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ، والْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ وحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، وَالْمُغِيرَةِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَنَّ الْحَارِثَ اتُّهِمَ وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، قَالَ : سَمِعَ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ ، مِنَ الْحَارِثِ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهُ : اقْعُدْ بِالْبَابِ ، قَالَ : فَدَخَلَ مُرَّةُ ، وَأَخَذَ سَيْفَهُ ، قَالَ : وَأَحَسَّ الْحَارِثُ بِالشَّرِّ ، فَذَهَبَ وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ : قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ : إِيَّاكُمْ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ ، فَإِنَّهُمَا كَذَّابَانِ حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ، قَالَ : كُنَّا نَأْتِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ وَنَحْنُ غِلْمَةٌ أَيْفَاعٌ ، فَكَانَ يَقُولُ لَنَا : لَا تُجَالِسُوا الْقُصَّاصَ غَيْرَ أَبِي الْأَحْوَصِ ، وَإِيَّاكُمْ وَشَقِيقًا ، قَالَ : وَكَانَ شَقِيقٌ هَذَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ ، وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَرِيرًا ، يَقُولُ : لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ ، كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ ، قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ مَا أَحْدَثَ وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ عَنْ جَابِرٍ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ مَا أَظْهَرَ ، فَلَمَّا أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ اتَّهَمَهُ النَّاسُ فِي حَدِيثِهِ ، وَتَرَكَهُ بَعْضُ النَّاسِ ، فَقِيلَ لَهُ : وَمَا أَظْهَرَ ؟ قَالَ : الْإِيمَانَ بِالرَّجْعَةِ وحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، وَأَخُوهُ ، أَنَّهُمَا سَمِعَا الْجَرَّاحَ بْنَ مَلِيحٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ : عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ زُهَيْرًا ، يَقُولُ : قَالَ جَابِرٌ - أَوْ سَمِعْتُ جَابِرًا - يَقُولُ : إِنَّ عِنْدِي لَخَمْسِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ ، مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِشَيْءٍ ، قَالَ : ثُمَّ حَدَّثَ يَوْمًا بِحَدِيثٍ ، فَقَالَ : هَذَا مِنَ الْخَمْسِينَ أَلْفًا وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ ، يَقُولُ : عِنْدِي خَمْسُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ جَابِرًا عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ، فَقَالَ جَابِرٌ : لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ ، قَالَ سُفْيَانُ : وَكَذَبَ ، فَقُلْنَا لِسُفْيَانَ : وَمَا أَرَادَ بِهَذَا ؟ فَقَالَ : إِنَّ الرَّافِضَةَ تَقُولُ : إِنَّ عَلِيًّا فِي السَّحَابِ ، فَلَا نَخْرُجُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ وَلَدِهِ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يُرِيدُ عَلِيًّا أَنَّهُ يُنَادِي اخْرُجُوا مَعَ فُلَانٍ ، يَقُولُ جَابِرٌ : فَذَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَكَذَبَ ، كَانَتْ فِي إِخْوَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا ، يُحَدِّثُ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ ، مَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَذْكُرَ مِنْهَا شَيْئًا ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا قَالَ مُسْلِمٌ : وَسَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الرَّازِيَّ ، قَالَ : سَأَلْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، فَقُلْتُ : الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ لَقِيتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، شَيْخٌ طَوِيلُ السُّكُوتِ ، يُصِرُّ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : ذَكَرَ أَيُّوبُ رَجُلًا يَوْمًا ، فَقَالَ : لَمْ يَكُنْ بِمُسْتَقِيمِ اللِّسَانِ ، وَذَكَرَ آخَرَ ، فَقَالَ : هُوَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ أَيُّوبُ : إِنَّ لِي جَارًا ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ ، وَلَوْ شَهِدَ عِنْدِي عَلَى تَمْرَتَيْنِ مَا رَأَيْتُ شَهَادَتَهُ جَائِزَةً وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : قَالَ مَعْمَرٌ : مَا رَأَيْتُ أَيُّوبَ اغْتَابَ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا عَبْدَ الْكَرِيمِ يَعْنِي أَبَا أُمَيَّةَ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ ، فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ ، لَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ لِعِكْرِمَةَ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى ، فَجَعَلَ يَقُولُ : حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ ، قَالَ : وَحَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِقَتَادَةَ ، فَقَالَ : كَذَبَ ، مَا سَمِعَ مِنْهُمْ ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَائِلًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ زَمَنَ طَاعُونِ الْجَارِفِ وحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ ، قَالَ : دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى عَلَى قَتَادَةَ ، فَلَمَّا قَامَ ، قَالُوا : إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا ، فَقَالَ قَتَادَةُ : هَذَا كَانَ سَائِلًا قَبْلَ الْجَارِفِ ، لَا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ ، فَوَاللَّهِ مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً ، وَلَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً ، إِلَّا عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ رَقَبَةَ ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَنِيَّ ، كَانَ يَضَعُ أَحَادِيثَ كَلَامَ حَقٍّ ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ يَرْوِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ : وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ ، يَقُولُ : قُلْتُ لِعَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ : إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا ، قَالَ : كَذَبَ وَاللَّهِ عَمْرٌو ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُوزَهَا إِلَى قَوْلِهِ الْخَبِيثِ وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ قَدْ لَزِمَ أَيُّوبَ وَسَمِعَ مِنْهُ ، فَفَقَدَهُ أَيُّوبُ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّهُ قَدْ لَزِمَ عَمْرَو بْنَ عُبَيدٍ ، قَالَ حَمَّادٌ : فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا مَعَ أَيُّوبَ ، وَقَدْ بَكَّرْنَا إِلَى السُّوقِ ، فَاسْتَقْبَلَهُ الرَّجُلُ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَيُّوبُ ، وَسَأَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ أَيُّوبُ : بَلَغَنِي أَنَّكَ لَزِمْتَ ذَاكَ الرَّجُلَ ، قَالَ حَمَّادٌ : سَمَّاهُ يَعْنِي عَمْرًا ، قَالَ : نَعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّهُ يَجِيئُنَا بِأَشْيَاءَ غَرَائِبَ ، قَالَ : يَقُولُ لَهُ أَيُّوبُ : إِنَّمَا نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ مِنْ تِلْكَ الْغَرَائِبِ وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ يَعْنِي حَمَّادًا ، قَالَ : قِيلَ لِأَيُّوبَ : إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لَا يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ ، فَقَالَ : كَذَبَ ، أَنَا سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ وحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ ، يَقُولُ : بَلَغَ أَيُّوبَ أَنِّي آتِي عَمْرًا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ يَوْمًا ، فَقَالَ : أَرَأَيْتَ رَجُلًا لَا تَأْمَنُهُ عَلَى دِينِهِ ، كَيْفَ تَأْمَنُهُ عَلَى الْحَدِيثِ ؟ وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى ، يَقُولُ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، قَالَ : كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطَ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ : لَا تَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا وَمَزِّقْ كِتَابِي وحَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَفَّانَ ، قَالَ : حَدَّثْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ بِحَدِيثٍ عَنْ ثَابِتٍ ، فَقَالَ : كَذَبَ وَحَدَّثْتُ هَمَّامًا ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ ، بِحَدِيثٍ ، فَقَالَ : كَذَبَ وحَدَّثَنِا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : قَالَ لِي شُعْبَةُ : ائْتِ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ ، فَقُلْ لَهُ : لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ فَإِنَّهُ يَكْذِبُ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : قُلْتُ لِشُعْبَةَ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَنَا عَنِ الْحَكَمِ بِأَشْيَاءَ لَمْ أَجِدْ لَهَا أَصْلًا ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : بِأَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ : قُلْتُ لِلْحَكَمِ : أَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ ؟ فَقَالَ : لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ : عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِمْ وَدَفَنَهُمْ ، قُلْتُ لِلْحَكَمِ : مَا تَقُولُ فِي أَوْلَادِ الزِّنَا ، قَالَ : يُصَلَّى عَلَيْهِمْ ، قُلْتُ : مِنْ حَدِيثِ مَنْ يُرْوَى ؟ قَالَ : يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ ، عَنْ عَلِيٍّ وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ ، وَذَكَرَ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ ، فَقَالَ : حَلَفْتُ أَلَّا أَرْوِيَ عَنْهُ شَيْئًا ، وَلَا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَحْدُوجٍ وَقَالَ : لَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ ، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ ، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ مُوَرِّقٍ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ ، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنِ الْحَسَنِ ، وَكَانَ يَنْسُبُهُمَا إِلَى الْكَذِبِ قَالَ الْحُلْوَانِيُّ : سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ ، وَذَكَرْتُ عِنْدَهُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ فَنَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ وحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ : قَدْ أَكْثَرْتَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ ، فَمَا لَكَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ حَدِيثَ الْعَطَّارَةِ الَّذِي رَوَى لَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ؟ قَالَ لِيَ : اسْكُتْ ، فَأَنَا لَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ، فَسَأَلْنَاهُ ، فَقُلْنَا لَهُ : هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَرْوِيهَا عَنْ أَنَسٍ ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتُمَا رَجُلًا يُذْنِبُ فَيَتُوبُ ، أَلَيْسَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ مِنْ ذَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ فَأَنْتُمَا لَا تَعْلَمَانِ أَنِّي لَمْ أَلْقَ أَنَسًا ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : فَبَلَغَنَا بَعْدُ أَنَّهُ يَرْوِي ، فَأَتَيْنَاهُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ : أَتُوبُ ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ يُحَدِّثُ فَتَرَكْنَاهُ حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ شَبَابَةَ ، قَالَ : كَانَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ يُحَدِّثُنَا ، فَيَقُولُ : سُوَيْدُ بْنُ عَقَلَةَ قَالَ شَبَابَةُ : وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْقُدُّوسِ ، يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَّخَذَ الرَّوْحُ عَرْضًا ، قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : أَيُّ شَيْءٍ هَذَا ؟ قَالَ : يَعْنِي تُتَّخَذُ كُوَّةٌ فِي حَائِطٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ الرَّوْحُ قَالَ مُسْلِمٌ : وسَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ ، يَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ مَا جَلَسَ مَهْدِيُّ بْنُ هِلَالٍ بِأَيَّامٍ : مَا هَذِهِ الْعَيْنُ الْمَالِحَةُ الَّتِي نَبَعَتْ قِبَلَكُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَفَّانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَوَانَةَ ، قَالَ : مَا بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ حَدِيثٌ إِلَّا أَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ ، فَقَرَأَهُ عَلَيَّ وحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ ، قَالَ عَلِيٌّ : فَلَقِيتُ حَمْزَةَ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَبَانَ ، فَمَا عَرَفَ مِنْهَا إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ : اكْتُبْ عَنْ بَقِيَّةَ ، مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْهُ مَا رَوَى عَنْ غَيْرِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : نِعْمَ الرَّجُلُ بَقِيَّةُ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ يُكَنِّي الْأَسَامِيَ ، وَيُسَمِّي الْكُنَى ، كَانَ دَهْرًا يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْوُحَاظِيِّ فَنَظَرْنَا فَإِذَا هُوَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ ، يَقُولُ : مَا رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يُفْصِحُ بِقَوْلِهِ كَذَّابٌ إِلَّا لِعَبْدِ الْقُدُّوسِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ : كَذَّابٌ وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ ، وَذَكَرَ الْمُعَلَّى بْنَ عُرْفَانَ ، فَقَالَ : قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنُ مَسْعُودٍ بِصِفِّينَ فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : أَتُرَاهُ بُعِثَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِثَبْتٍ ، قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : اغْتَبْتَهُ ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ : مَا اغْتَابَهُ ، وَلَكِنَّهُ حَكَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَبْتٍ وحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِثِقَةٍ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَالِحٍ ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِثِقَةٍ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِثِقَةٍ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ شُعْبَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِثِقَةٍ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ ، فَقَالَ : لَيْسَ بِثِقَةٍ ، وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ ، فَقَالَ : لَيْسُوا بِثِقَةٍ فِي حَدِيثِهِمْ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ نَسِيتُ اسْمَهُ ، فَقَالَ : هَلْ رَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : لَوْ كَانَ ثِقَةً لَرَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي وحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ مُتَّهَمًا وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ ، يَقُولُ : لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، وَبَيْنَ أَنْ أَلْقَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَرَّرٍ لَاخْتَرْتُ أَنْ أَلْقَاهُ ، ثُمَّ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ كَانَتْ بَعْرَةٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ وحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا وَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ : لَا تَأْخُذُوا عَنْ أَخِي حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ الْوَابِصِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : كَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ كَذَّابًا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : ذُكِرَ فَرْقَدٌ عِنْدَ أَيُّوبَ ، فَقَالَ : إِنَّ فَرْقَدًا لَيْسَ صَاحِبَ حَدِيثٍ وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ ، ذُكِرَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ فَضَعَّفَهُ جِدًّا ، فَقِيلَ لِيَحْيَى : أَضْعَفُ مِنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ثُمَّ قَالَ : مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ ، ضَعَّفَ حَكِيمَ بْنَ جُبَيْرٍ ، وَعَبْدَ الْأَعْلَى ، وَضَعَّفَ يَحْيَى بْنَ مُوسَى بْنَ دِينَارٍ قَالَ : حَدِيثُهُ رِيحٌ . وَضَعَّفَ مُوسَى بْنَ دِهْقَانَ ، وَعِيسَى بْنَ أَبِي عِيسَى الْمَدَنِيَّ قَالَ : وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عِيسَى ، يَقُولُ : قَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ : إِذَا قَدِمْتَ عَلَى جَرِيرٍ فَاكْتُبْ عِلْمَهُ كُلَّهُ إِلَّا حَدِيثَ ثَلَاثَةٍ ، لَا تَكْتُبْ حَدِيثَ عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ ، وَالسَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ مُسْلِمٌ : وَأَشْبَاهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مُتَّهَمِي رُوَاةِ الْحَدِيثِ ، وَإِخْبَارِهِمْ عَنْ مَعَايِبِهِمْ كَثِيرٌ ، يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ عَلَى اسْتِقْصَائِهِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ تَفَهَّمَ وَعَقَلَ مَذْهَبَ الْقَوْمِ فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ وَبَيَّنُوا ، وَإِنَّمَا أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ الْكَشْفَ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ ، وَنَاقِلِي الْأَخْبَارِ ، وَأَفْتَوْا بِذَلِكَ حِينَ سُئِلُوا لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ ، إِذِ الْأَخْبَارُ فِي أَمْرِ الدِّينِ إِنَّمَا تَأْتِي بِتَحْلِيلٍ ، أَوْ تَحْرِيمٍ ، أَوْ أَمْرٍ ، أَوْ نَهْيٍ ، أَوْ تَرْغِيبٍ ، أَوْ تَرْهِيبٍ ، فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بِمَعْدِنٍ لِلصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ ، ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفَتَهُ كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ ، غَاشًّا لِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ ، إِذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَى بَعْضِ مَنْ سَمِعَ تِلْكَ الْأَخْبَارَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا ، أَوْ يَسْتَعْمِلَ بَعْضَهَا وَلَعَلَّهَا ، أَوْ أَكْثَرَهَا أَكَاذِيبُ لَا أَصْلَ لَهَا ، مَعَ أَنَّ الْأَخْبَارَ الصِّحَاحَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَأَهْلِ الْقَنَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى نَقْلِ مَنْ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَقْنَعٍ ، وَلَا أَحْسِبُ كَثِيرًا مِمَّنْ يُعَرِّجُ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضِّعَافِ ، وَالْأَسَانِيدِ الْمَجْهُولَةِ وَيَعْتَدُّ بِرِوَايَتِهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنَ التَّوَهُّنِ وَالضَّعْفِ ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى رِوَايَتِهَا وَالِاعْتِدَادِ بِهَا إِرَادَةُ التَّكَثُّرِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَوَامِّ ، وَلِأَنْ يُقَالَ : مَا أَكْثَرَ مَا جَمَعَ فُلَانٌ مِنَ الْحَدِيثِ ، وَأَلَّفَ مِنَ الْعَدَدِ ، وَمَنْ ذَهَبَ فِي الْعِلْمِ هَذَا الْمَذْهَبَ ، وَسَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهِ ، وَكَانَ بِأَنْ يُسَمَّى جَاهِلًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى عِلْمٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو علم ، ولا مخرج فقال له القاسم : وعم ذاك ؟ ، قال : لأنك ابن إمامي هدى . ابن أبي بكر ، وعمر ، قال : يقول له القاسم : أقبح من ذاك عند من عقل عن الله أن أقول بغير علم ، أو آخذ عن غير ثقة ، قال : فسكت فما أجابه وحدثني بشر بن الحكم العبدي ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : أخبروني عن أبي عقيل صاحب بهية ، أن أبناء لعبد الله بن عمر ، سألوه عن شيء لم يكن عنده فيه علم ، فقال له يحيى بن سعيد : والله إني لأعظم أن يكون مثلك ، وأنت ابن إمامي الهدى يعني عمر ، وابن عمر تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم ، فقال : أعظم من ذلك والله عند الله ، وعند من عقل عن الله ، أن أقول بغير علم ، أو أخبر عن غير ثقة قال : وشهدهما أبو عقيل يحيى بن المتوكل حين قالا ذلك . وحدثنا عمرو بن علي أبو حفص ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : سألت سفيان الثوري ، وشعبة ، ومالكا ، وابن عيينة ، عن الرجل لا يكون ثبتا في الحديث ، فيأتيني الرجل ، فيسألني عنه ، قالوا : أخبر عنه أنه ليس بثبت وحدثنا عبيد الله بن سعيد ، قال : سمعت النضر ، يقول : سئل ابن عون ، عن حديث لشهر وهو قائم على أسكفة الباب ، فقال : إن شهرا نزكوه ، إن شهرا نزكوه . قال مسلم رحمه الله : يقول : أخذته ألسنة الناس تكلموا فيه وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا شبابة ، قال : قال شعبة : وقد لقيت شهرا فلم أعتد به وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، من أهل مرو ، قال : أخبرني علي بن حسين بن واقد ، قال : قال عبد الله بن المبارك : قلت لسفيان الثوري : إن عباد بن كثير من تعرف حاله ، وإذا حدث جاء بأمر عظيم ، فترى أن أقول للناس : لا تأخذوا عنه ؟ قال سفيان : بلى ، قال عبد الله : فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد ، أثنيت عليه في دينه ، وأقول : لا تأخذوا عنه وقال محمد : حدثنا عبد الله بن عثمان ، قال : قال أبي ، قال عبد الله بن المبارك : انتهيت إلى شعبة ، فقال : هذا عباد بن كثير ، فاحذروه وحدثني الفضل بن سهل ، قال : سألت معلى الرازي ، عن محمد بن سعيد ، الذي روى عنه عباد ، فأخبرني عن عيسى بن يونس ، قال : كنت على بابه ، وسفيان عنده ، فلما خرج سألته عنه ، فأخبرني أنه كذاب وحدثني محمد بن أبي عتاب ، قال : حدثني عفان ، عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، عن أبيه ، قال : لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث قال ابن أبي عتاب : فلقيت أنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، فسألته عنه ، فقال : عن أبيه ، لم تر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث . قال مسلم : يقول : يجري الكذب على لسانهم ، ولا يتعمدون الكذب حدثني الفضل بن سهل ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرني خليفة بن موسى ، قال : دخلت على غالب بن عبيد الله فجعل يملي علي ، حدثني مكحول ، حدثني مكحول ، فأخذه البول ، فقام فنظرت في الكراسة ، فإذا فيها حدثني أبان ، عن أنس ، وأبان عن فلان ، فتركته ، وقمت قال : وسمعت الحسن بن علي الحلواني ، يقول : رأيت في كتاب عفان ، حديث هشام أبي المقدام ، حديث عمر بن عبد العزيز ، قال هشام : حدثني رجل يقال له يحيى بن فلان ، عن محمد بن كعب ، قال : قلت لعفان : إنهم يقولون هشام ، سمعه من محمد بن كعب ، فقال : إنما ابتلي من قبل هذا الحديث ، كان يقول : حدثني يحيى ، عن محمد ، ثم ادعى بعد أنه سمعه من محمد حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، قال : سمعت عبد الله بن عثمان بن جبلة ، يقول : قلت لعبد الله بن المبارك : من هذا الرجل الذي رويت عنه حديث عبد الله بن عمرو يوم الفطر يوم الجوائز ؟ قال : سليمان بن الحجاج انظر ما وضعت في يدك منه قال ابن قهزاذ : وسمعت وهب بن زمعة ، يذكر عن سفيان بن عبد الملك ، قال : قال عبد الله يعني ابن المبارك : رأيت روح بن غطيف صاحب الدم قدر الدرهم ، وجلست إليه مجلسا ، فجعلت أستحيي من أصحابي أن يروني جالسا معه كره حديثه حدثني ابن قهزاذ ، قال : سمعت وهبا ، يقول : عن سفيان ، عن ابن المبارك ، قال : بقية صدوق اللسان ، ولكنه يأخذ عمن أقبل وأدبر حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، قال : حدثني الحارث الأعور الهمداني ، وكان كذابا . حدثنا أبو عامر عبد الله بن براد الأشعري ، حدثنا أبو أسامة ، عن مفضل ، عن مغيرة ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : حدثني الحارث الأعور ، وهو يشهد أنه أحد الكاذبين حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال علقمة : قرأت القرآن في سنتين فقال الحارث : القرآن هين الوحي أشد وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا أحمد يعني ابن يونس ، حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، أن الحارث ، قال : تعلمت القرآن في ثلاث سنين ، والوحي في سنتين أو قال الوحي في ثلاث سنين ، والقرآن في سنتين وحدثني حجاج ، قال : حدثني أحمد وهو ابن يونس ، حدثنا زائدة ، عن منصور ، والمغيرة ، عن إبراهيم ، أن الحارث اتهم وحدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جرير ، عن حمزة الزيات ، قال : سمع مرة الهمداني ، من الحارث شيئا ، فقال له : اقعد بالباب ، قال : فدخل مرة ، وأخذ سيفه ، قال : وأحس الحارث بالشر ، فذهب وحدثني عبيد الله بن سعيد ، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : قال لنا إبراهيم : إياكم والمغيرة بن سعيد ، وأبا عبد الرحيم ، فإنهما كذابان حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا حماد وهو ابن زيد ، قال : حدثنا عاصم ، قال : كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن غلمة أيفاع ، فكان يقول لنا : لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص ، وإياكم وشقيقا ، قال : وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج ، وليس بأبي وائل حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو الرازي ، قال : سمعت جريرا ، يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه ، كان يؤمن بالرجعة حدثنا الحسن الحلواني ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مسعر ، قال : حدثنا جابر بن يزيد ، قبل أن يحدث ما أحدث وحدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر ، فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه ، وتركه بعض الناس ، فقيل له : وما أظهر ؟ قال : الإيمان بالرجعة وحدثنا حسن الحلواني ، حدثنا أبو يحيى الحماني ، حدثنا قبيصة ، وأخوه ، أنهما سمعا الجراح بن مليح ، يقول : سمعت جابرا يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا أحمد بن يونس ، قال : سمعت زهيرا ، يقول : قال جابر أو سمعت جابرا يقول : إن عندي لخمسين ألف حديث ، ما حدثت منها بشيء ، قال : ثم حدث يوما بحديث ، فقال : هذا من الخمسين ألفا وحدثني إبراهيم بن خالد اليشكري ، قال : سمعت أبا الوليد ، يقول : سمعت سلام بن أبي مطيع ، يقول : سمعت جابرا الجعفي ، يقول : عندي خمسون ألف حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت رجلا سأل جابرا عن قوله عز وجل : فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ، فقال جابر : لم يجئ تأويل هذه ، قال سفيان : وكذب ، فقلنا لسفيان : وما أراد بهذا ؟ فقال : إن الرافضة تقول : إن عليا في السحاب ، فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء يريد عليا أنه ينادي اخرجوا مع فلان ، يقول جابر : فذا تأويل هذه الآية ، وكذب ، كانت في إخوة يوسف صلى الله عليه وسلم وحدثني سلمة ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت جابرا ، يحدث بنحو من ثلاثين ألف حديث ، ما أستحل أن أذكر منها شيئا ، وأن لي كذا وكذا قال مسلم : وسمعت أبا غسان محمد بن عمرو الرازي ، قال : سألت جرير بن عبد الحميد ، فقلت : الحارث بن حصيرة لقيته ؟ قال : نعم ، شيخ طويل السكوت ، يصر على أمر عظيم حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن زيد ، قال : ذكر أيوب رجلا يوما ، فقال : لم يكن بمستقيم اللسان ، وذكر آخر ، فقال : هو يزيد في الرقم حدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، قال : قال أيوب : إن لي جارا ، ثم ذكر من فضله ، ولو شهد عندي على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة وحدثني محمد بن رافع ، وحجاج بن الشاعر ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : قال معمر : ما رأيت أيوب اغتاب أحدا قط إلا عبد الكريم يعني أبا أمية ، فإنه ذكره ، فقال رحمه الله : كان غير ثقة ، لقد سألني عن حديث لعكرمة ، ثم قال : سمعت عكرمة حدثني الفضل بن سهل ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا همام ، قال : قدم علينا أبو داود الأعمى ، فجعل يقول : حدثنا البراء ، قال : وحدثنا زيد بن أرقم ، فذكرنا ذلك لقتادة ، فقال : كذب ، ما سمع منهم ، إنما كان ذلك سائلا يتكفف الناس زمن طاعون الجارف وحدثني حسن بن علي الحلواني ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا همام ، قال : دخل أبو داود الأعمى على قتادة ، فلما قام ، قالوا : إن هذا يزعم أنه لقي ثمانية عشر بدريا ، فقال قتادة : هذا كان سائلا قبل الجارف ، لا يعرض في شيء من هذا ، ولا يتكلم فيه ، فوالله ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة ، ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن بدري مشافهة ، إلا عن سعد بن مالك حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن رقبة ، أن أبا جعفر الهاشمي المدني ، كان يضع أحاديث كلام حق ، وليست من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يرويها عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا الحسن الحلواني ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان : وحدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن يونس بن عبيد ، قال : كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث حدثني عمرو بن علي أبو حفص ، قال : سمعت معاذ بن معاذ ، يقول : قلت لعوف بن أبي جميلة : إن عمرو بن عبيد حدثنا عن الحسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من حمل علينا السلاح فليس منا ، قال : كذب والله عمرو ، ولكنه أراد أن يحوزها إلى قوله الخبيث وحدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا حماد بن زيد ، قال : كان رجل قد لزم أيوب وسمع منه ، ففقده أيوب ، فقالوا : يا أبا بكر إنه قد لزم عمرو بن عبيد ، قال حماد : فبينا أنا يوما مع أيوب ، وقد بكرنا إلى السوق ، فاستقبله الرجل ، فسلم عليه أيوب ، وسأله ، ثم قال له أيوب : بلغني أنك لزمت ذاك الرجل ، قال حماد : سماه يعني عمرا ، قال : نعم يا أبا بكر إنه يجيئنا بأشياء غرائب ، قال : يقول له أيوب : إنما نفر أو نفرق من تلك الغرائب وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا ابن زيد يعني حمادا ، قال : قيل لأيوب : إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن ، قال : لا يجلد السكران من النبيذ ، فقال : كذب ، أنا سمعت الحسن ، يقول : يجلد السكران من النبيذ وحدثني حجاج ، حدثنا سليمان بن حرب ، قال : سمعت سلام بن أبي مطيع ، يقول : بلغ أيوب أني آتي عمرا فأقبل علي يوما ، فقال : أرأيت رجلا لا تأمنه على دينه ، كيف تأمنه على الحديث ؟ وحدثني سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت أبا موسى ، يقول : حدثنا عمرو بن عبيد قبل أن يحدث حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، قال : كتبت إلى شعبة أسأله عن أبي شيبة قاضي واسط ، فكتب إلي : لا تكتب عنه شيئا ومزق كتابي وحدثنا الحلواني ، قال : سمعت عفان ، قال : حدثت حماد بن سلمة ، عن صالح المري بحديث عن ثابت ، فقال : كذب وحدثت هماما ، عن صالح المري ، بحديث ، فقال : كذب وحدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود ، قال : قال لي شعبة : ائت جرير بن حازم ، فقل له : لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة فإنه يكذب ، قال أبو داود : قلت لشعبة : وكيف ذاك ؟ فقال : حدثنا عن الحكم بأشياء لم أجد لها أصلا ، قال : قلت له : بأي شيء ؟ قال : قلت للحكم : أصلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد ؟ فقال : لم يصل عليهم ، فقال الحسن بن عمارة : عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليهم ودفنهم ، قلت للحكم : ما تقول في أولاد الزنا ، قال : يصلى عليهم ، قلت : من حديث من يروى ؟ قال : يروى عن الحسن البصري ، فقال الحسن بن عمارة : حدثنا الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، عن علي وحدثنا الحسن الحلواني ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، وذكر زياد بن ميمون ، فقال : حلفت ألا أروي عنه شيئا ، ولا عن خالد بن محدوج وقال : لقيت زياد بن ميمون ، فسألته عن حديث ، فحدثني به عن بكر المزني ، ثم عدت إليه ، فحدثني به عن مورق ، ثم عدت إليه ، فحدثني به عن الحسن ، وكان ينسبهما إلى الكذب قال الحلواني : سمعت عبد الصمد ، وذكرت عنده زياد بن ميمون فنسبه إلى الكذب وحدثنا محمود بن غيلان ، قال : قلت لأبي داود الطيالسي : قد أكثرت عن عباد بن منصور ، فما لك لم تسمع منه حديث العطارة الذي روى لنا النضر بن شميل ؟ قال لي : اسكت ، فأنا لقيت زياد بن ميمون ، وعبد الرحمن بن مهدي ، فسألناه ، فقلنا له : هذه الأحاديث التي ترويها عن أنس ؟ فقال : أرأيتما رجلا يذنب فيتوب ، أليس يتوب الله عليه ؟ قال : قلنا : نعم ، قال : ما سمعت من أنس من ذا قليلا ولا كثيرا ، إن كان لا يعلم الناس فأنتما لا تعلمان أني لم ألق أنسا ، قال أبو داود : فبلغنا بعد أنه يروي ، فأتيناه أنا وعبد الرحمن ، فقال : أتوب ، ثم كان بعد يحدث فتركناه حدثنا حسن الحلواني ، قال : سمعت شبابة ، قال : كان عبد القدوس يحدثنا ، فيقول : سويد بن عقلة قال شبابة : وسمعت عبد القدوس ، يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ الروح عرضا ، قال : فقيل له : أي شيء هذا ؟ قال : يعني تتخذ كوة في حائط ليدخل عليه الروح قال مسلم : وسمعت عبيد الله بن عمر القواريري ، يقول : سمعت حماد بن زيد ، يقول لرجل بعد ما جلس مهدي بن هلال بأيام : ما هذه العين المالحة التي نبعت قبلكم ؟ قال : نعم ، يا أبا إسماعيل وحدثنا الحسن الحلواني ، قال : سمعت عفان ، قال : سمعت أبا عوانة ، قال : ما بلغني عن الحسن حديث إلا أتيت به أبان بن أبي عياش ، فقرأه علي وحدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا علي بن مسهر ، قال : سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش نحوا من ألف حديث ، قال علي : فلقيت حمزة ، فأخبرني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فعرض عليه ما سمع من أبان ، فما عرف منها إلا شيئا يسيرا خمسة أو ستة حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، أخبرنا زكرياء بن عدي ، قال : قال لي أبو إسحاق الفزاري : اكتب عن بقية ، ما روى عن المعروفين ، ولا تكتب عنه ما روى عن غير المعروفين ، ولا تكتب عن إسماعيل بن عياش ، ما روى عن المعروفين ، ولا عن غيرهم وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال : سمعت بعض أصحاب عبد الله ، قال : قال ابن المبارك : نعم الرجل بقية لولا أنه كان يكني الأسامي ، ويسمي الكنى ، كان دهرا يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي فنظرنا فإذا هو عبد القدوس وحدثني أحمد بن يوسف الأزدي ، قال : سمعت عبد الرزاق ، يقول : ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس ، فإني سمعته يقول له : كذاب وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، قال : سمعت أبا نعيم ، وذكر المعلى بن عرفان ، فقال : قال : حدثنا أبو وائل ، قال : خرج علينا ابن مسعود بصفين فقال أبو نعيم : أتراه بعث بعد الموت ؟ حدثني عمرو بن علي ، وحسن الحلواني ، كلاهما عن عفان بن مسلم ، قال : كنا عند إسماعيل ابن علية ، فحدث رجل عن رجل ، فقلت : إن هذا ليس بثبت ، قال : فقال الرجل : اغتبته ، قال إسماعيل : ما اغتابه ، ولكنه حكم أنه ليس بثبت وحدثنا أبو جعفر الدارمي ، حدثنا بشر بن عمر ، قال : سألت مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب ، فقال : ليس بثقة ، وسألته عن صالح ، مولى التوأمة ، فقال : ليس بثقة ، وسألته عن أبي الحويرث ، فقال : ليس بثقة ، وسألته عن شعبة الذي روى عنه ابن أبي ذئب ، فقال : ليس بثقة ، وسألته عن حرام بن عثمان ، فقال : ليس بثقة ، وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة ، فقال : ليسوا بثقة في حديثهم ، وسألته عن رجل آخر نسيت اسمه ، فقال : هل رأيته في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي وحدثني الفضل بن سهل ، قال : حدثني يحيى بن معين ، حدثنا حجاج ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن شرحبيل بن سعد وكان متهما وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، قال : سمعت أبا إسحاق الطالقاني ، يقول : سمعت ابن المبارك ، يقول : لو خيرت بين أن أدخل الجنة ، وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ، ثم أدخل الجنة ، فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه وحدثني الفضل بن سهل ، حدثنا وليد بن صالح ، قال : قال عبيد الله بن عمرو ، قال زيد يعني ابن أبي أنيسة : لا تأخذوا عن أخي حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثني عبد السلام الوابصي ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو ، قال : كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثني سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، قال : ذكر فرقد عند أيوب ، فقال : إن فرقدا ليس صاحب حديث وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان ، ذكر عنده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فضعفه جدا ، فقيل ليحيى : أضعف من يعقوب بن عطاء ؟ قال : نعم ، ثم قال : ما كنت أرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير حدثني بشر بن الحكم ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان ، ضعف حكيم بن جبير ، وعبد الأعلى ، وضعف يحيى بن موسى بن دينار قال : حديثه ريح . وضعف موسى بن دهقان ، وعيسى بن أبي عيسى المدني قال : وسمعت الحسن بن عيسى ، يقول : قال لي ابن المبارك : إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة ، لا تكتب حديث عبيدة بن معتب ، والسري بن إسماعيل ، ومحمد بن سالم قال مسلم : وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمي رواة الحديث ، وإخبارهم عن معايبهم كثير ، يطول الكتاب بذكره على استقصائه ، وفيما ذكرنا كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا ، وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث ، وناقلي الأخبار ، وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر ، إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل ، أو تحريم ، أو أمر ، أو نهي ، أو ترغيب ، أو ترهيب ، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك ، غاشا لعوام المسلمين ، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها ، أو يستعمل بعضها ولعلها ، أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع ، ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف ، والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف ، إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ، ولأن يقال : ما أكثر ما جمع فلان من الحديث ، وألف من العدد ، ومن ذهب في العلم هذا المذهب ، وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه ، وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ : ( حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ صَاحِبُ بُهَيَّةَ ) فَهَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ أَبُو بَكْرِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ .
وَ ( أَبُو النَّضْرِ ) هَذَا جَدُّ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَأَكْثَرُ مَا يَسْتَعْمِلُ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، وَاسْمُ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، وَلَقَبُ أَبِي النَّضْرِ قَيْصَرُ ، وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا الِاسْمُ لَهُ لَا كُنْيَتُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ : اسْمُهُ أَحْمَدُ ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ : قِيلَ : اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
وَأَمَّا ( أَبُو عَقِيلٍ ) فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَ ( بُهَيَّةَ ) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهِيَ امْرَأَةٌ تَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قِيلَ : إِنَّهَا سَمَّتْهَا بُهَيَّةَ ، ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ فِي تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ ، وَرَوَى عَنْ بُهَيَّةَ مَوْلَاهَا أَبُو عَقِيلٍ الْمَذْكُورُ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الضَّرِيرُ الْمَدَنِيُّ وَقِيلَ : الْكُوفِيُّ ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدَينِيِّ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ عَمَّارٍ وَالنَّسَائِيُّ ، ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ هَؤُلَاءِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُهُ فَكَيْفَ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ ؟ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتُ جَرْحُهُ عِنْدَهُ مُفَسَّرًا وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا مُفَسَّرًا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا وَمَقْصُودًا بَلْ ذَكَرَهُ اسْتِشْهَادًا لِمَا قَبْلَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى لِلْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ : ( لِأَنَّكَ ابْنُ إِمَامَيْ هُدًى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ) .
وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ( وَأَنْتَ ابْنُ إِمَامَيِ الْهُدَى يَعْنِي عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ) فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْقَاسِمَ هَذَا هُوَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَهُوَ ابْنُهُمَا ، وَأُمُّ الْقَاسِمِ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
فَأَبُو بَكْرٍ جَدُّهُ الْأَعْلَى لِأُمِّهِ وَعُمَرُ جَدُّهُ الْأَعْلَى لِأَبِيهِ وَابْنُ عُمَرَ جَدُّهُ الْحَقِيقِيُّ لِأَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
وَأَمَّا قَوْلُ سُفْيَانَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : ( أَخْبَرُونِي عَنْ أَبِي عَقِيلٍ ) فَقَدْ يُقَالُ فِيهِ : هَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ مَجْهُولِينَ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَالْمُتَابَعَةُ وَالِاسْتِشْهَادُ يَذْكُرُونَ فِيهِمَا مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى انْفِرَادِهِ ; لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى مَا قَبْلَهُمَا لَا عَلَيْهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْفُصُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( سُئِلَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ حَدِيثٍ لِشَهْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ فَقَالَ : إِنَّ شَهْرًا نَزَكُوهُ ، قَالَ : يَقُولُ : أَخَذَتْهُ أَلْسِنَةُ النَّاسِ : تَكَلَّمُوا فِيهِ ) أَمَّا ( ابْنُ عَوْنٍ ) فَهُوَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْمُجْمَعُ عَلَى جَلَالَتِهِ وَوَرَعِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ أَبُو عَوْنٍ الْبَصْرِيُّ كَانَ يُسَمَّى سَيِّدُ الْقُرَّاءِ أَيِ الْعُلَمَاءِ وَأَحْوَالُهُ وَمَنَاقِبُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ .
وَقَوْلُهُ : ( أُسْكُفَّةِ الْبَابِ ) هِيَ الْعَتَبَةُ السُّفْلَى الَّتِي تُوطَأُ وَهِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ .
وَقَوْلُهُ : ( نَزَكُوهُ ) هُوَ بِالنُّونِ وَالزَّايِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ مَعْنَاهُ طَعَنُوا فِيهِ وَتَكَلَّمُوا بِجَرْحِهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : طَعَنُوهُ بِالنَّيْزَكِ بِفَتْحِ النُّونِ الْمُثَنَّاةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَفَتْحِ الزَّايِ وَهُوَ رُمْحٌ قَصِيرٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ وَكَذَا ذَكَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَبِ وَاللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ الْهَرَوِيُّ فِي غَرِيبِهِ ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ كَثِيرِينَ مِنْ رُوَاةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ ( تَرَكُوهُ ) بِالتَّاءِ وَالرَّاءِ وَضَعَّفَهُ الْقَاضِي وَقَالَ : الصَّحِيحُ بِالنُّونِ وَالزَّايِ قَالَ : وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ وَقَالَ غَيْرُ الْقَاضِي : رِوَايَةُ التَّاءِ تَصْحِيفٌ وَتَفْسِيرُ مُسْلِمٍ يَرُدُّهَا .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ شَهْرًا لَيْسَ مَتْرُوكًا بَلْ وَثَّقَهُ كَثِيرُونَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ السَّلَفِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ ، فَمِمَّنْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَآخَرُونَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : مَا أَحْسَنَ حَدِيثَهُ ، وَوَثَّقَهُ ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ : هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ : هُوَ ثِقَةٌ .
وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ غَيْرَ هَذَا وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : لَا بَأْسَ بِهِ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ : شَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَقَوِيٌّ أَمْرُهُ ، وَقَالَ : إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَوْنٍ ثُمَّ رَوَى عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ عَنْ شَهْرٍ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ : شَهْرٌ ثِقَةٌ ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ : شَهْرٌ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَلَمْ يُوقَفْ مِنْهُ عَلَى كَذِبٍ وَكَانَ رَجُلًا يَنْسُكُ أَيْ يَتَعَبَّدُ إِلَّا أَنَّهُ رَوَى أَحَادِيثَ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهَا أَحَدٌ فَهَذَا كَلَامُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ جَرْحِهِ أَنَّهُ أَخَذَ خَرِيطَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَقَدْ حَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى مَحْمَلٍ صَحِيحٍ وَقَوْلُ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ رَفِيقِهِ فِي الْحَجِّ عَيْبَةً غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ بَلْ أَنْكَرُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهُوَ ( شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَبُو سَعِيدٍ وَيُقَالُ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو الْجَعْدِ الْأَشْعَرِيُّ الشَّامِيُّ الْحِمْصِيُّ وَقِيلَ : الدِّمَشْقِيُّ .
وَقَوْلُهُ : ( أَخَذَتْهُ أَلْسِنَةُ النَّاسِ ) جَمْعُ لِسَانٍ عَلَى لُغَةِ مَنْ جَعَلَ اللِّسَانَ مُذَكَّرًا وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ مُؤَنَّثًا فَجَمْعُهُ أَلْسُنٌ بِضَمِّ السِّينِ قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ) هُوَ حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حَجَّاجٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، كَانَ أَبُوهُ يُوسُفُ شَاعِرًا صَحِبَ أَبَا نُوَاسٍ ، وَحَجَّاجٌ هَذَا يُوَافِقُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ الثَّقَفِيَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الْوَالِيَ الْجَائِرَ الْمَشْهُورَ بِالظُّلْمِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ فَيُوَافِقُهُ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَكُنْيَتِهِ وَنِسْبَتِهِ ، وَيُخَالِفُهُ فِي جَدِّهِ وَعَصْرِهِ وَعَدَالَتِهِ وَحُسْنِ طَرِيقَتِهِ .
وَأَمَّا ( شَبَابَةُ ) فَبِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءَيْنِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَهُوَ شَبَابَةُ ابْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَايِنِيُّ قِيلَ : اسْمُهُ مَرْوَانُ وَشَبَابَةُ لَقَبٌ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ مَنْ تَعْرِفُ حَالَهُ ) فَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ خِطَابًا يَعْنِي أَنْتَ عَارِفٌ بِضَعْفِهِ .
وَأَمَّا ( الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ) فَبِالْقَافِ .
وَأَمَّا ( مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ ) فَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ .
وَأَمَّا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : ( لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( لَمْ تَرَ ) ضَبَطْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ بِالنُّونِ وَفِي الثَّانِي بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَمَعْنَاهُ مَا قَالَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ وَلَا يَتَعَمَّدُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ لَا يُعَانُونَ صِنَاعَةَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، فَيَقَعُ الْخَطَأُ فِي رِوَايَاتِهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ وَيَرْوُونَ الْكَذِبَ ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْكَذِبَ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا .
وَقَوْلُهُ : ( فَلَقِيتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ) فَالْقَطَّانُ مَجْرُورٌ صِفَةٌ لِيَحْيَى وَلَيْسَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُحَمَّدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( فَأَخَذَهُ الْبَوْلُ فَقَامَ فَنَظَرْتُ فِي الْكُرَّاسَةِ فَإِذَا فِيهَا حَدَّثَنِي أَبَانٌ عَنْ أَنَسٍ ) أَمَّا قَوْلُهُ : ( أَخَذَهُ الْبَوْلُ ) فَمَعْنَاهُ ضَغَطَهُ وَأَزْعَجَهُ وَاحْتَاجَ إِلَى إِخْرَاجِهِ .
وَأَمَّا ( الْكُرَّاسَهْ ) بِالْهَاءِ فِي آخِرِهَا فَمَعْرُوفَةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرَ النَّحَّاسُ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةِ الْكِتَابِ : الْكُرَّاسَهْ مَعْنَاهَا الْكِتْبَةُ الْمَضْمُومُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَالْوَرَقُ الَّذِي قَدْ أُلْصِقَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ : رَسْمٌ مُكَرَّسٌ إِذَا أَلْصَقَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ بِهِ ، قَالَ : وَقَالَ الْخَلِيلُ الْكُرَّاسَهْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَكْرَاسِ الْغَنَمِ وَهُوَ أَنْ تَبُولَ فِي الْمَوْضِعِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَيَتَلَبَّدَ .
وَقَالَ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ أَصْلُ الْكُرْسِيِّ الْعِلْمُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّحِيفَةِ يَكُونُ فِيهَا عِلْمٌ مَكْتُوبٌ كُرَّاسَهْ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا ( أَبَانٌ ) فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ ، فَمَنْ لَمْ يَصْرِفهُ جَعَلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةٌ ، فَيَكُونُ أَفْعَلَ .
وَمَنْ صَرَفَهُ جَعَلَ الْهَمْزَةَ أَصْلًا فَيَكُونُ فَعَالًا ، وَصَرْفُهُ هُوَ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرَ فِي كِتَابِهِ جَامِعِ اللُّغَةِ وَالْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ السَّيِّدِ الْبَطْلَيُوسِيُّ .
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ فِي كِتَابِ عَفَّانَ حَدِيثَ هِشَامٍ أَبِي الْمِقْدَامِ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ يَحْيَى بْنُ فُلَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قُلْتُ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ هِشَامٌ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ : إِنَّمَا ابْتُلِيَ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ) .
أَمَّا قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ عُمَرَ ) فَيَجُوزُ فِي إِعْرَابِهِ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ .
فَالرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ حَدِيثُ عُمَرَ ، وَالنَّصْبُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْبَدَلُ مِنْ قَوْلِهِ حَدِيثُ هِشَامٍ ، وَالثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ أَعْنِي .
وَقَوْلُهُ ( قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنِي رَجُلٌ إِلَى آخِرِهِ ) هُوَ بَيَانٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَآهُ فِي كِتَابِ عَفَّانَ .
وَأَمَّا ( هِشَامٌ ) هَذَا فَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ .
ثُمَّ هُنَا قَاعِدَةٌ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ نُحِيلُ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ : أَنَّ عَفَّانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ : إِنَّمَا ابْتُلِيَ هِشَامٌ يَعْنِي : إِنَّمَا ضَعَّفُوهُ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، كَانَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ .
وَهَذَا الْقَدْرُ وَحْدَهُ لَا يَقْتَضِي ضَعْفًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِكَذِبٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ثُمَّ نَسِيَهُ ، فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ يَحْيَى عَنْهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ سَمَاعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ ، وَلَكِنِ انْضَمَّ إِلَى هَذَا قَرَائِنُ وَأُمُورٌ اقْتَضَتْ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْفَنِّ الْحُذَّاقِ فِيهِ مِنْ أَهْلِهِ الْعَارِفِينَ بِدَقَائِقِ أَحْوَالِ رُوَاتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ، فَحَكَمُوا بِذَلِكَ لَمَّا قَامَتِ الدَّلَائِلُ الظَّاهِرَةُ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ فِي الْجَرْحِ بِنَحْوِ هَذَا وَكُلُّهَا يُقَالُ فِيهَا مَا قُلْنَا هُنَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ يَقُولُ : قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ : مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : يَوْمُ الْفِطْرِ يَوْمُ الْجَوَائِزِ ؟ قَالَ : سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَجَّاجِ انْظُرْ مَا وَضَعْتَ فِي يَدِكَ مِنْهُ ) .
قَالَ قُهْزَادُ : وَسَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ زَمْعَةَ يَذْكُرُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ - : رَأَيْتُ رَوْحَ بْنَ غُطَيْفٍ صَاحِبَ ( الدَّمُ قَدْرُ دِرْهَمٍ ) وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ مَجْلِسًا فَجَعَلْتُ أَسْتَحِي مِنْ أَصْحَابِي أَنْ يَرَوْنِي جَالِسًا مَعَهُ كُرْهَ حَدِيثِهِ أَمَّا ( قُهْزَاذُ ) فَتَقَدَّمَ ضَبْطُهُ .
وَأَمَّا ( عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ ) فَهُوَ الْمُلَقَّبُ بِعَبْدَانَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
وَ ( جَبَلَةَ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ يَوْمُ الْفِطْرِ يَوْمُ الْجَوَائِزِ فَهُوَ مَا رُوِيَ : " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَفْوَاهِ الطُّرُقِ وَنَادَتْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اغْدُوا إِلَى رَبٍّ رَحِيمٍ يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ ، أَمَرَكُمْ فَصُمْتُمْ وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ فَاقْبَلُوا جَوَائِزَكُمْ .
فَإِذَا صَلَّوْا الْعِيدَ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ رَاشِدِينَ فَقَدْ غُفِرَتْ ذُنُوبُكُمْ كُلُّهَا وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْجَوَائِزِ " وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْمُسْتَقْصَى فِي فَضَائِلِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تَصْنِيفُ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْجَوَائِزُ جَمْعُ جَائِزَةٍ وَهِيَ الْعَطَاءُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( انْظُرْ مَا وَضَعْتَ فِي يَدِكَ ) ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ وَضَعْتَ وَلَا يَمْتَنِعُ ضَمُّهَا وَهُوَ مَدْحٌ وَثَنَاءٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ .
وَأَمَّا ( زَمْعَةَ ) فَبِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا ، وَأَمَّا ( غُطَيْفٌ ) فَبِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِهِ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ ( غُضَيْفٌ ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ .
وَقَوْلُهُ : ( صَاحِبُ الدَّمُ قَدْرُ الدِّرْهَمِ ) يُرِيدُ وَصْفَهُ وَتَعْرِيفَهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ رَوْحٌ هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ " تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ " يَعْنِي مِنَ الدَّمِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ .
وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ ( أَسْتَحْيِي ) هُوَ بِيَاءَيْنِ وَيَجُوزُ حَذْفُ إِحْدَاهُمَا وَسَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسِيرُ حَقِيقَةِ الْحَيَاءِ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ .
وَقَوْلُهُ : ( كُرْهَ حَدِيثِهِ ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَنَصْبِ الْهَاءِ أَيْ كَرَاهِيَةً لَهُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ عَمَّنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ ) يَعْنِي عَنِ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ .
وَقَوْلُهُ : ( عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ ) أَمَّا الْهَمْدَانِيُّ فَبِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ .
وَأَمَّا ( الشَّعْبِيُّ ) فَبِفَتْحِ الشِّينِ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ ، وَقِيلَ : ابْنُ شُرَحْبِيلَ .
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى شَعْبٍ بَطْنٍ مِنْ هَمْدَانَ وُلِدَ لِسِتِّ سِنِينَ خَلَتْ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِمَامًا عَظِيمًا جَلِيلًا جَامِعًا لِلتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْمَغَازِي وَالْعِبَادَةِ ، قَالَ الْحَسَنُ : كَانَ الشَّعْبِيُّ وَاللَّهِ كَثِيرَ الْعِلْمِ عَظِيمَ الْحِلْمِ قَدِيمَ السِّلْمِ مِنَ الْإِسْلَامِ بِمَكَانٍ .
وَأَمَّا ( الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ ) فَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : ابْنُ عُبَيْدٍ أَبُو زُهَيْرٍ الْكُوفِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُفَضَّلٍ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ ) هَذَا إِسْنَادٌ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .
فَأَمَّا ( بَرَّادٌ ) : فَبِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُشَدَّدَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ .
وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ الْكُوفِيُّ .
وَأَمَّا ( أَبُو أُسَامَةَ ) فَاسْمُهُ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الضَّابِطُ الْمُتْقِنُ الْعَابِدُ .
وَأَمَّا ( مُفَضَّلٌ ) فَهُوَ ابْنُ مُهَلَّلٍ ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الضَّابِطُ الْمُتْقِنُ الْعَابِدُ .
وَأَمَّا ( مُغِيرَةُ ) فَهُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ أَبُو هِشَامٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِيمَ الْمُغِيرَةِ تُضَمُّ وَتُكْسَرُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( أَحَدُ الْكَذَّابِينَ ) فَبِفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْعِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : ( وَهُوَ يَشْهَدُ ) يَعُودُ عَلَى الشَّعْبِيِّ .
وَالْقَائِلُ ( وَهُوَ يَشْهَدُ ) هُوَ الْمُغِيرَةُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَارِثِ : ( تَعَلَّمْتُ الْوَحْيَ فِي سَنَتَيْنِ أَوْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( الْقُرْآنُ هَيِّنٌ وَالْوَحْيُ أَشَدُّ ) فَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي جُمْلَةِ مَا أُنْكِرَ عَلَى الْحَارِثِ وَجُرِّحَ بِهِ ، وَأُخِذَ عَلَيْهِ مِنْ قَبِيحِ مَذْهَبِهِ وَغُلُوِّهِ فِي التَّشَيُّعِ ، وَكَذِبِهِ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَأَرْجُو أَنَّ هَذَا مِنْ أَخَفِّ أَقْوَالِهِ لِاحْتِمَالِهِ الصَّوَابَ فَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَحْيَ هُنَا الْكِتَابَةُ وَمَعْرِفَةُ الْخَطِّ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، يُقَالُ : أَوْحَى وَوَحَى إِذَا كَتَبَ ، وَعَلَى هَذَا لَيْسَ عَلَى الْحَارِثِ فِي هَذَا دَرَكٌ وَعَلَيْهِ الدَّرَكُ فِي غَيْرِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَلَكِنْ لَمَّا عُرِفَ قُبْحُ مَذْهَبِهِ وَغُلُوُّهُ فِي مَذْهَبِ الشِّيعَةِ وَدَعْوَاهُمُ الْوَصِيَّةَ إِلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسِرِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ مِنَ الْوَحْيِ وَعِلْمِ الْغَيْبِ مَا لَمْ يُطْلِعْ غَيْرَهُ عَلَيْهِ بِزَعْمِهِمْ سِيءَ الظَّنُّ بِالْحَارِثِ فِي هَذَا وَذَهَبَ بِهِ ذَلِكَ ، وَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ فَهِمَ مِنَ الْحَارِثِ مَعْنًى مُنْكَرًا فِيمَا أَرَادَهُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ) فَالْمُغِيرَةُ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْصُورٍ .
قَوْلُهُ : ( وَأَحَسَّ الْحَارِثُ بِالشَّرِّ ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ مِنْ أُصُولٍ مُحَقَّقَةٍ ( أَحَسَّ ) وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا ( حَسَّ ) بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُمَا لُغَتَانِ حَسَّ وَأَحَسَّ ، وَلَكِنَّ أَحَسَّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ : حَسَّ وَأَحَسَّ لُغَتَانِ بِمَعْنَى عَلِمَ وَأَيْقَنَ .
وَأَمَّا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ : الْحَاسَّةُ وَالْحَوَاسُّ الْخَمْسُ فَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ حَسَّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَالْكَثِيرُ فِي حَسَّ بِغَيْرِ أَلِفٍ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قَتَلَ .
قَوْلُهُ : ( إِيَّاكُمْ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَأَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهُمَا كَذَّابَانِ ) أَمَّا ( الْمُغِيرَةُ بْنُ سَعِيدٍ ) فَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِهِ كِتَابُ الضُّعَفَاءِ : هُوَ كُوفِيٌّ دَجَّالٌ أُحْرِقَ بِالنَّارِ زَمَنَ النَّخَعِيِّ ادَّعَى النُّبُوَّةَ .
وَأَمَّا ( أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ ) فَقِيلَ : هُوَ شَقِيقٌ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاصُّ ، وَقِيلَ هُوَ سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ وَكِلَاهُمَا يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُمَا قَرِيبًا أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ) هُوَ بِجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ حَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ دَالٍ مَفْتُوحَةٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَاسْمُ أَبِي كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ بِالتَّصْغِيرِ ، فِيهِمَا ابْنُ طَلْحَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ السَّمْعَانِيُّ : هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَحْدَرٍ اسْمِ رَجُلٍ .
قَوْلُهُ : ( كُنَّا نَأْتِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ وَنَحْنُ غِلْمَةٌ أَيْفَاعٌ وَكَانَ يَقُولُ : لَا تُجَالِسُوا الْقُصَّاصَ غَيْرَ أَبِي الْأَحْوَصِ وَإِيَّاكُمْ وَشَقِيقًا ، قَالَ : وَكَانَ شَقِيقٌ هَذَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ ) أَمَّا ( أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ) فَبِضَمِّ السِّينِ ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ رُبَيِّعَةَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْمُشَدَّدَةِ وَآخِرُهُ هَاءٌ الْكُوفِيُّ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ .
وَقَوْلُهُ : ( غِلْمَةٌ ) جَمْعُ غُلَامٍ ، وَاسْمُ الْغُلَامِ يَقَعُ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ حِينِ يُولَدُ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَاتِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ .
وَقَوْلُهُ : ( أَيْفَاعٌ ) أَيْ شَبَبَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : مَعْنَاهُ بَالِغُونَ ، يُقَالُ : غُلَامٌ يَافِعٌ وَيَفَعٌ وَيَفَعَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ فِيهِمَا إِذَا شَبَّ وَبَلَغَ أَوْ كَادَ يَبْلُغُ ، قَالَ الثَّعَالِبِيُّ : إِذْ قَارَبَ الْبُلُوغَ أَوْ بَلَغَهُ يُقَالُ لَهُ : يَافِعٌ وَقَدْ أَيْفَعَ وَهُوَ نَادِرٌ ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَيْفَعَ الْغُلَامُ إِذَا شَارَفَ الِاحْتِلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ هَذَا آخِرُ نَقْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ ، وَكَأَنَّ الْيَافِعَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْيَفَاعِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَيُقَالُ غِلْمَانٌ أَيْفَاعٌ وَيَفَعَةٌ أَيْضًا .
وَأَمَّا ( الْقُصَّاصُ ) بِضَمِّ الْقَافِ فَجَمْعُ قَاصٍّ وَهُوَ الَّذِي يَقْرَأُ الْقَصَصَ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْقِصَّةُ الْأَمْرُ وَالْخَبَرُ وَقَدِ اقْتَصَصْتُ الْحَدِيثَ إِذَا رَوَيْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ قَصَصًا بِفَتْحِ الْقَافِ .
وَالِاسْمُ أَيْضًا الْقَصَصُ بِالْفَتْحِ .
وَالْقِصَصُ بِكَسْرِ الْقَافِ اسْمُ جَمْعٍ لِلْقِصَّةِ .
وَأَمَّا ( شَقِيقٌ ) الَّذِي نَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هُوَ شَقِيقٌ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاصُّ ، ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ ، كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ إِبْرَاهِيمُ قَبْلَ هَذَا فِي الْكِتَابِ ، وَقِيلَ : إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ إِبْرَاهِيمُ هُوَ سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ .
وَقَوْلُ مُسْلِمٍ : ( وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ ) يَعْنِي لَيْسَ هَذَا الَّذِي نَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ بِشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ أَبِي وَائِلٍ الْأَسَدِيِّ الْمَشْهُورِ ، مَعْدُودٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ .
قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَسْمُوعُ فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَرِوَايَاتِهِمْ غَسَّانُ غَيْرَ مَصْرُوفٍ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي بَابِ غَسَنَ وَفِي بَابِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُهُ وَتَرْكُ صَرْفِهِ فَمَنْ جَعَلَ النُّونَ أَصْلًا صَرَفَهُ ، وَمَنْ جَعَلَهَا زَائِدَةً لَمْ يَصْرِفْهُ ، وَأَبُو غَسَّانَ هَذَا هُوَ الْمُلَقَّبُ بزُنيجُ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْجِيمِ .
قَوْلُهُ فِي جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ : ( كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ ) هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ : لَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا بِفَتْحٍ .
وَأَمَّا رَجْعَةُ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ فَفِيهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُكِيَ فِي هَذِهِ الرَّجْعَةِ الَّتِي كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا جَابِرٌ الْكَسْرُ أَيْضًا : وَمَعْنَى إِيمَانُهُ بِالرَّجْعَةِ هُوَ مَا تَقُولُهُ الرَّافِضَةُ وَتَعْتَقِدُهُ بِزَعْمِهَا الْبَاطِلِ أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - فِي السَّحَابِ فَلَا نَخْرُجُ يَعْنِي مَعَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ وَلَدِهِ حَتَّى يُنَادِيَ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ اخْرُجُوا مَعَهُ .
وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَبَاطِيلِهِمْ وَعَظِيمٌ مِنْ جَهَالَاتِهِمُ اللَّاصِقَةِ بِأَذْهَانِهِمُ السَّخِيفَةِ وَعُقُولِهِمُ الْوَاهِيَةِ .
قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : ( وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ) هُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ .
وَأَمَّا ( الْحُمَيْدِيُّ ) فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ الْمَكِّيُّ .
وَقَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى بَطْنٍ مِنْ هَمْدَانَ .
وَأَمَّا ( الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ ) فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ وَالِدُ وَكِيعٍ ، وَهَذَا الْجَرَّاحُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَلَكِنَّهُ مَذْكُورٌ هُنَا فِي الْمُتَابَعَاتِ .
وَقَوْلُهُ : ( عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ) أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ [ ص: 90 ] بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْمَعْرُوفُ بِالْبَاقِرِ لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْمَ أَيْ شَقَّهُ وَفَتَحَهُ فَعَرَفَ أَصْلَهُ وَتَمَكَّنَ فِيهِ .
وَقَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ يَقُولُ سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ ) اسْمُ أَبِي الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ .
وَ ( سَلَّامٌ ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ ، وَاسْمُ أَبِي مُطِيعٍ سَعْدٌ .
وَقَوْلُهُ : ( إِنَّ الرَّافِضَةَ تَقُولُ : إِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي السَّحَابِ فَلَا نَخْرُجُ ) إِلَى آخِرِهِ ( نَخْرُجُ ) بِالنُّونِ وَسُمُّوا رَافِضَةً : مِنَ الرَّفْضِ وَهُوَ التَّرْكُ ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ : سُمُّوا رَافِضَةً لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ فَتَرَكُوهُ .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا يُحَدِّثُ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ : سَقَطَ ذِكْرُ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ والْحُمَيْدِيِّ عِنْدَ ابْنِ مَاهَانَ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ الْجُلُودِيِّ بِإِثْبِاتِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَلْقَ الْحُمَيْدِيَّ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَذَّاءِ - أَحَدُ رُوَاةِ كِتَابِ مُسْلِمٍ - : سَأَلْتُ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ سَعْدٍ هَلْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ؟ فَقَالَ : لَمْ أَرَهُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَمَا أَبْعَدَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ سَقَطَ قَبْلَ الْحُمَيْدِيِّ رَجُلٌ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ : إِنَّمَا رَأَى مِنْ مُسْلِمٍ نُسْخَةَ ابْنِ مَاهَانَ فَلِذَلِكَ قَالَ مَا قَالَ ، وَلَمْ تَكُنْ نُسْخَةُ الْجُلُودِيِّ دَخَلَتْ مِصْرَ ، قَالَ : وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ قَبْلَ هَذَا حَدَّثَنَا سَلَمَةُ .
حَدَّثَنَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ كَذَا هُوَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَهُوَ الصَّوَابُ هُنَا أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَآخِرِهُ هَاءٌ وَهُوَ أَزْدِيٌّ كُوفِيٌّ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ .
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ) هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْقَافِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَقِيلَ : كَانَ أَبُوهُ نَاسِكًا أَيْ عَابِدًا وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يُسَمُّونَ النَّاسِكَ دَوْرَقِيًّا ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ ، هَذَا وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ ، وَقِيلَ هِيَ نِسْبَةٌ إِلَى الْقَلَانِسِ الطِّوَالِ الَّتِي تُسَمَّى ، وَقِيلَ : مَنْسُوبٌ إِلَى دَوْرَقَ بَلْدَةٍ : بِفَارِسَ أَوْ غَيْرِهَا .
قَوْلُهُ : ( ذَكَرَ أَيُّوبُ رَجُلًا فَقَالَ : لَمْ يَكُنْ بِمُسْتَقِيمِ اللِّسَانِ وَذَكَرَ آخَرَ فَقَالَ : هُوَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ ) أَيُّوبُ هَذَا هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ .
وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ كِنَايَةٌ عَنِ الْكَذِبِ ، وَقَوْلُ أَيُّوبَ فِي عَبْدِ الْكَرِيمِ : رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ لَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ لِعِكْرِمَةَ ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ ، هَذَا الْقَطْعُ بِكَذِبِهِ ، وَكَوْنِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَدْ يُسْتَشْكَلُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَسُئِلَ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ فَرَوَاهُ ، وَلَكِنْ عُرِفَ كَذِبُهُ بِقَرَائِنَ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِيضَاحَ هَذَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْكَرِيمِ هَذَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ عَدِيٍّ ، وَكَانَ عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا مِنْ فُضَلَاءِ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى فَجَعَلَ يَقُولُ : حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِقَتَادَةَ فَقَالَ : كَذَبَ مَا سَمِعَ مِنْهُمْ إِنَّمَا كَانَ إِذْ ذَاكَ سَائِلًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ زَمَنَ طَاعُونِ الْجَارِفِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( قَبْلَ الْجَارِفِ ) .
أَمَّا ( أَبُو دَاوُدَ ) هَذَا فَاسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَاصُّ الْأَعْمَى مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ : هُوَ مَتْرُوكٌ ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ : لَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ .
وَقَوْلُهُ : ( مَا سَمِعَ مِنْهُمْ ) يَعْنِي الْبَرَاءَ وَزَيْدًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الْكِتَابِ .
وَقَوْلُهُ : ( يَتَكَفَّفُ النَّاسَ ) مَعْنَاهُ يَسْأَلُهُمْ فِي كَفِّهِ أَوْ بِكَفِّهِ ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( يَتَطَفَّفُ ) بِالطَّاءِ وَهُوَ بِمَعْنَى يَتَكَفَّفُ أَيْ يَسْأَلُ فِي كَفِّهِ الطَّفِيفَ وَهُوَ الْقَلِيلُ ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَغَيْرِهِ : يَتَنَطَّفُ ، وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : مَا تَنَطَّفَتْ بِهِ أَيْ مَا تَلَطَّخَتْ .
وَأَمَّا ( طَاعُونُ الْجَارِفِ ) فَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ فِيهِ مِنَ النَّاسِ وَسُمِّيَ الْمَوْتُ جَارِفًا لِاجْتِرَافِهِ النَّاسَ ، وَسُمِّيَ السَّيْلُ جَارِفًا لِاجْتِرَافِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرِضِ ، وَالْجَرْفُ : الْغَرْفُ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ وَكَشْحُ مَا عَلَيْهَا .
وَأَمَّا الطَّاعُونُ فَوَبَاءٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ بَثْرٌ وَوَرَمٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ مَعَ لَهَبٍ وَيُسَوِّدُ مَا حَوْلَهُ أَوْ يَخْضَرُّ أَوْ يَحْمَرُّ حُمْرَةً بَنَفْسَجِيَّةً كَدِرَةً وَيَحْصُلُ مَعَهُ خَفَقَانُ الْقَلْبِ وَالْقَيْءُ .
وَأَمَّا زَمَنُ طَاعُونِ الْجَارِفِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اخْتِلَافًا شَدِيدًا مُتَبَايِنًا تَبَايُنًا بَعِيدًا .
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ التَّمْهِيدِ قَالَ : مَاتَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ .
وَنَقَلَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ : أَنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ كَانَ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ الْمَدَايِنِيُّ فِي كِتَابِ التَّعَازِي : أَنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ كَانَ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي شَوَّالٍ ، وَكَذَا ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ مَعْنَى هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ : وُلِدَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَفِي قَوْلِهِ : إِنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْجَارِفِ بِسَنَةٍ ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : كَانَ الْجَارِفُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ : مَاتَ مُطَرِّفٌ بَعْدَ طَاعُونِ الْجَارِفِ ، وَكَانَ الْجَارِفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ، وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ الْجَارِفِ وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ; فَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَعَارِضَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهَا بِأَنَّ كُلَّ طَاعُونٍ مِنْ هَذِهِ تُسَمَّى جَارِفًا لِأَنَّ مَعْنَى الْجَرْفِ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِهَا وَكَانَتِ الطَّوَاعِينُ كَثِيرَةً .
ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ أَوَّلَ طَاعُونٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ طَاعُونُ عَمَوَاسَ بِالشَّامِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَامْرَأَتَاهُ وَابْنُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - .
ثُمَّ الْجَارِفُ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، ثُمَّ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ ; لِأَنَّهُ بَدَأَ فِي الْعَذَارَى وَالْجَوَارِي بِالْبَصْرَةِ وَبِوَاسِطٍ وَبِالشَّامِ وَالْكُوفَةِ ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَوْمَئِذٍ بِوَاسِطٍ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : طَاعُونُ الْأَشْرَافِ - يَعْنِي لِمَا مَاتَ فِيهِ مِنَ الْأَشْرَافِ ثُمَّ طَاعُونُ عَدِيِّ بْنِ أَرَطْأَةَ سَنَةَ مِائَةٍ ، ثُمَّ طَاعُونُ غُرَابٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَغُرَابٌ : رَجُلٌ ، ثُمَّ طَاعُونُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي شَعْبَانَ وَشَهْرِ رَمَضَانَ وَأَقْلَعَ فِي شَوَّالٍ ، وَفِيهِ مَاتَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ : وَلَمْ يَقَعْ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِمَكَّةَ طَاعُونٌ قَطُّ ، هَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَايِنِيُّ : كَانَتِ الطَّوَاعِينُ الْمَشْهُورَةُ الْعِظَامُ فِي الْإِسْلَامِ خَمْسَةً : طَاعُونُ شِيرَوَيْهِ بِالْمَدَائِنِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ، ثُمَّ طَاعُونُ عَمَوَاسَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ بِالشَّامِ مَاتَ فِيهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ، ثُمَّ طَاعُونُ الْجَارِفِ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ ، هَلَكَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا ، مَاتَ فِيهِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ ابْنًا وَيُقَالُ : ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ ابْنًا ، وَمَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ ابْنًا ، ثُمَّ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ، ثُمَّ كَانَ طَاعُونٌ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي رَجَبٍ ، وَاشْتَدَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَكَانَ يُحْصَى فِي سِكَّةِ الْمُرِيدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلْفُ جِنَازَةٍ أَيَّامًا ، ثُمَّ خَفَّ فِي شَوَّالٍ ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ طَاعُونٌ وَهُوَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ سَنَةَ خَمْسِينَ .
هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمَدَائِنِيُّ ، وَكَانَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ : كَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ .
أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ قَرْيَةٌ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، نُسِبَ الطَّاعُونُ إِلَيْهَا لِكَوْنِهِ بَدَأَ فِيهَا ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ عَمَّ النَّاسَ فِيهِ ، ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعُونِ ، فَإِذَا عُلِمَ مَا قَالُوهُ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ فَإِنَّ قَتَادَةَ وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ : سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ; وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا بُطْلَانُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - طَاعُونَ الْجَارِفِ هُنَا وَيَتَعَيَّنُ أَحَدُ الطَّاعُونَيْنِ فَإِمَّا سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فَإِنَّ قَتَادَةَ كَانَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَمِثْلُهُ يَضْبِطُهُ .
وَإِمَّا سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " لَا يَعْرِضُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا " فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَمَعْنَاهُ لَا يَعْتَنِي بِالْحَدِيثِ .
وَقَوْلُهُ : ( مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً ، وَلَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً إِلَّا عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ ) الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ إِبْطَالُ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ الْأَعْمَى هَذَا وَزَعْمِهِ أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا فَقَالَ قَتَادَةُ : الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَكْبَرُ مِنْ أَبِي دَاوُدَ الْأَعْمَى ، وَأَجَلُّ وَأَقْدَمُ سِنًّا وَأَكْثَرُ اعْتِنَاءً بِالْحَدِيثِ وَمُلَازَمَةِ أَهْلِهِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَخْذِ عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ مَا حَدَّثَنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ بَدْرِيٍّ وَاحِدٍ ، فَكَيْفَ يَزْعُمُ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا ، هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ .
وَقَوْلُهُ : ( سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ ) هُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ مَالِكُ بْنُ أَهْيَبَ وَيُقَالُ : وُهَيْبٍ ، وَأَمَّا ( الْمُسَيَّبُ ) وَالِدُ سَعِيدٍ فَصَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَحَكَى صَاحِبُ مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ : أَهْلُ الْعِرَاقِ يَفْتَحُونَ الْيَاءَ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَكْسِرُونَهَا ، قَالَ : وَحَكَى أَنَّ سَعِيدًا كَانَ يَكْرَهُ الْفَتْحَ .
وَسَعِيدٌ إِمَامُ التَّابِعِينَ وَسَيِّدُهُمْ وَمُقَدَّمُهُمْ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَالْوَرَعِ وَالزُّهْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَحْوَالُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ ، وَهُوَ مَدَنِيٌّ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ رَقَبَةَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَنِيَّ كَانَ يَضَعُ أَحَادِيثَ كَلَامَ حَقٍّ ) أَمَّا ( رَقَبَةُ ) فَعَلَى لَفْظِ رَقَبَةِ الْإِنْسَانِ ، وَهُوَ رَقَبَةُ بْنُ مَسْقَلَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ جَلِيلَ الشَّأْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( كَلَامَ حَقٍّ ) فَبِنَصْبِ كَلَامَ ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ أَحَادِيثَ ، وَمَعْنَاهُ كَلَامٌ صَحِيحُ الْمَعْنَى وَحِكْمَةٌ مِنَ الْحِكَمِ ، وَلَكِنَّهُ كَذَبَ فَنَسَبَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَأَمَّا ( أَبُو جَعْفَرٍ ) هَذَا فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِسْوَرٍ الْمَدَائِنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي الضُّعَفَاءِ وَالْوَاضِعِينَ ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِسْوَرِ بْنِ عَوْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ ، وَذَكَرَ كَلَامَ رَقَبَةَ وَهُوَ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي هُنَا ، ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ فِي الْأُصُولِ هُنَا ( الْمَدَنِيُّ ) وَفِي بَعْضِهَا ( الْمَدِينِيُّ ) بِزِيَادَةِ يَاءٍ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هُنَا الْمَدَائِنِيَّ ، وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْمَدَائِنِيُّ ، فَأَمَّا الْمَدِينِيُّ وَالْمَدَنِيُّ فَنِسْبَةٌ إِلَى مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالْقِيَاسُ الْمَدَنِيُّ بِحَذْفِ الْيَاءِ وَمَنْ أَثْبَتَهَا فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ .
وَرَوَى أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ الْإِمَامُ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ الْأَنْسَابِ الْمُتَّفِقَةِ فِي الْخَطِّ الْمُتَمَاثِلَةِ فِي النَّقْطِ وَالضَّبْطِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ قَالَ : الْمَدِينِيُّ - يَعْنِي بِالْيَاءِ - : هُوَ الَّذِي أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يُفَارِقْهَا ، وَالْمَدَنِيُّ الَّذِي تَحَوَّلَ عَنْهَا وَكَانَ مِنْهَا .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ : أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَلَمْ يَقَعْ قَوْلُهُ فِي بَعْضِهَا وَأَبُو إِسْحَاقَ هَذَا صَاحِبُ مُسْلِمٍ وَرِوَايَةُ الْكِتَابِ عَنْهُ ، فَيَكُونُ قَدْ سَاوَى مُسْلِمًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَا فِيهِ بِرَجُلٍ ، وَأَمَّا ( تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
قَوْلُهُ : ( قُلْتُ : إِنَّ حَدَّثَنَا عَنِ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ) فَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، ص: لِعَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : .
قَالَ : كَذَبَ وَاللَّهِ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا عَمْرٌو ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُوزَهَا إِلَى قَوْلِهِ الْخَبِيثِ ) .
أَمَّا ( عَوْفٌ ) فَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .
وَأَمَّا ( ) فَهُوَ الْقَدَرِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ .
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( ) .
صَحِيحٌ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ هَذَا .
وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنِ اهْتَدَى بِهَدْيِنَا وَاقْتَدَى بِعِلْمِنَا وَعَمَلِنَا وَحُسْنِ طَرِيقَتِنَا ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ إِذَا لَمْ يَرْضَ فِعْلَهُ : لَسْتَ مِنِّي ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِنَحْوِ هَذَا الْقَوْلِ ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " " وَأَشْبَاهِهِ ، وَمُرَادُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِدْخَالِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا بَيَانُ أَنَّ عَوْفًا جَرَّحَ وَقَالَ : كَذَبَ ، وَإِنَّمَا كَذَّبَهُ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ نَسَبَهُ إِلَى عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ الْحَسَنِ ، وَكَانَ عَوْفٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الْحَسَنِ وَالْعَارِفِينَ بِأَحَادِيثِهِ ، فَقَالَ كَذَبَ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْحَسَنِ ، فَلَمْ يَرْوِ الْحَسَنُ هَذَا ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ هَذَا مِنَ الْحَسَنِ .
وَقَوْلُهُ : ( أَرَادَ أَنْ يَحُوزَهَا إِلَى قَوْلِهِ الْخَبِيثِ ) مَعْنَاهُ : كَذَبَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِيُعَضِّدَ بِهَا مَذْهَبَهُ الْبَاطِلَ الرَّدِيءَ وَهُوَ الِاعْتِزَالُ ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ ارْتِكَابَ الْمَعَاصِي يُخْرِجُ صَاحِبَهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَيُخَلِّدُهُ فِي النَّارِ وَلَا يُسَمُّونَهُ كَافِرًا بَلْ فَاسِقًا مُخَلَّدًا فِي النَّارِ ، وَسَيَأْتِي الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِقَوَاطِعِ الْأَدِلَّةِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَوْلُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ : ( إِنَّمَا نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ مِنْ تِلْكَ الْغَرَائِبِ ) مَعْنَاهُ : إِنَّمَا نَهْرُبُ أَوْ نَخَافُ مِنْ هَذِهِ الْغَرَائِبِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا مَخَافَةً مِنْ كَوْنِهَا كَذِبًا فَنَقَعُ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ كَانَتْ أَحَادِيثَ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ فَحَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْبِدَعِ أَوْ فِي مُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ .
وَقَوْلُهُ : ( نَفْرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ .
وَقَوْلُهُ : ( نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فِي إِحْدَاهُمَا .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُبْتَدِعًا قَدَرِيًّا .
قَوْلُهُ : ( كَتَبْتُ إِلَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ : لَا تَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئًا وَمَزِّقْ كِتَابِي ) وَأَبُو شَيْبَةَ هَذَا هُوَ جَدُّ أَوْلَادِ أَبِي شَيْبَةَ وَهُمْ : أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَالْقَاسِمُ بَنُو مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو شَيْبَةَ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَبَيَانَهُمْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، وَوَاسِطٌ مَصْرُوفٌ ، كَذَا سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَهِي مِنْ بِنَاءِ وَقَوْلُهُ : ( مَزِّقْ كِتَابِي ) هُوَ بِكَسْرِ الزَّايِ أَمَرَهُ بِتَمْزِيقِهِ مَخَافَةً مِنْ بُلُوغِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ.
أَبِي شَيْبَةَ وَوُقُوفِهِ عَلَى ذِكْرِهِ لَهُ بِمَا يَكْرَهُ لِئَلَّا يَنَالَهُ مِنْهُ أَذًى أَوْ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ.
قَوْلُهُ فِي صَالِحٍ الْمُرِّيِّ : ( كَذَبَ ) هُوَ مِنْ نَحْوِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِهِ لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ ، مَعْنَاهُ مَا قَالَهُ مُسْلِمٌ : يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ صِنَاعَةَ هَذَا الْفَنِّ فَيُخْبِرُونَ بِكُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَفِيهِ الْكَذِبُ فَيَكُونُونَ كَاذِبِينَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ سَهْوًا كَانَ الْإِخْبَارُ أَوْ عَمْدًا ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَكَانَ صَالِحٌ هَذَا مِنْ كِبَارِ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الصَّالِحِينَ ، وَهُوَ صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ أَبُو بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ الْقَاضِي ، وَقِيلَ لَهُ : الْمُرِّيُّ ; لِأَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مُرَّةَ أَعْتَقَتْهُ .
وَأَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ مُعْتَقَةٌ لِلْمَرْأَةِ الْمُرِّيَّةِ .
وَكَانَ صَالِحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ ، وَقَدْ مَاتَ بَعْضُ مَنْ سَمِعَ قِرَاءَتَهُ ، وَكَانَ شَدِيدَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، كَثِيرَ الْبُكَاءِ ، قَالَ : كَانَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ صَالِحٌ إِذَا أَخَذَ فِي قَصَصِهِ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مَذْعُورٌ ، يُفْزِعُكَ أَمْرُهُ مِنْ حُزْنِهِ ، وَكَثْرَةِ بُكَائِهِ كَأَنَّهُ ثَكْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ مِقْسَمٍ ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ .
وَقَوْلُهُ : ( قُلْتُ لِلْحَكَمِ مَا تَقُولُ فِي أَوْلَادِ الزِّنَى قَالَ : يُصَلَّى عَلَيْهِمْ ، قُلْتُ : مِنْ حَدِيثِ مَنْ يُرْوَى ، قَالَ : يُرْوَى عَنِ فَقَالَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ ) مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ كَذَبَ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَلِيٍّ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ مِنْ قَوْلِهِ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الْحَسَنِ وَعَنْ عَلِيٍّ ، لَكِنَّ الْحُفَّاظَ يَعْرِفُونَ كَذِبَ الْكَذَّابِينَ بِقَرَائِنَ ، وَقَدْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ بِدَلَائِلَ قَطِعِيَّةٍ يَعْرِفهَا أَهْلُ هَذَا الْفَنِّ فَقَوْلُهُمْ مَقْبُولٌ فِي كُلِّ هَذَا ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِهِ .
وَعُمَارَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ ، وَيَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ وَبِالرَّاءِ آخِرَهُ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ غَيْرُهُ ، وَمَنْ سِوَاهُ خَزَّارٌ أَوْ خَرَّازٌ بِالْخَاءِ فِيهِمَا .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ وَذَكَرَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ فَقَالَ : حَلَفْتُ أَنْ لَا أَرْوِيَ عَنْهُ شَيْئًا وَلَا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَحْدُوجٍ قَالَ : لَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ مُوَرِّقٍ ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنِ الْحَسَنِ .
وَكَانَ يَنْسُبُهُمَا إِلَى الْكَذِبِ ) أَمَّا ( مَحْدُوجٌ ) فَبِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ حَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ دَالٍ مَضْمُومَةٍ مُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ وَاوٍ ثُمَّ جِيمٍ ، وَ ( خَالِدٌ ) هَذَا وَاسِطِيٌّ ضَعِيفٌ ، ضَعَّفَهُ أَيْضًا وَكُنْيَتُهُ النَّسَائِيُّ أَبُو رَوْحٍ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَأَمَّا ( زِيَادُ بْنُ مَيْمُونٍ ) فَبَصْرِيٌّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَمَّارٍ ضَعِيفٌ ، قَالَ فِي تَارِيخِهِ : تَرَكُوهُ .
وَأَمَّا ( الْبُخَارِيُّ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ ) فَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ وَهُوَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا ( مُوَرِّقٌ ) فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مُوَرِّقُ بْنُ الْمُشَمْرَجِ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْجِيمِ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو الْمُعْتَمِرِ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ الْعَابِدُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَكَانَ يَنْسُبُهُمَا إِلَى الْكَذِبِ ) فَالْقَائِلُ هُوَ الْحُلْوَانِيُّ ، وَالنَّاسِبُ وَالْمَنْسُوبَانِ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، خَالِدُ بْنُ مَحْدُوجٍ وَزِيَادُ بْنُ مَيْمُونٍ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( حَلَفْتُ أَنْ لَا أَرْوِيَ عَنْهُمَا ) فَفِعْلُهُ نَصِيحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمُبَالَغَةٌ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهُمَا لِئَلَّا يَغْتَرَّ أَحَدٌ بِهِمَا فَيَرْوِيَ عَنْهُمَا الْكَذِبَ ; فَيَقَعَ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُبَّمَا رَاجَ حَدِيثُهُمَا فَاحْتُجَّ بِهِ ، وَأَمَّا حُكْمُهُ بِكَذِبِ مَيْمُونٍ لِكَوْنِهِ حَدَّثَهُ بِالْحَدِيثِ عَنْ وَاحِدٍ ثُمَّ عَنْ آخَرَ ثُمَّ عَنْ آخَرَ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنِ انْضِمَامِ الْقَرَائِنِ وَالدَّلَائِلِ عَلَى الْكَذِبِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ الْعَطَّارَةِ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ زِيَادُ بْنُ مَيْمُونٍ هَذَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا : الْحَوْلَاءُ ، عَطَّارَةٌ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ فَدَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَذَكَرَتْ خَبَرَهَا مَعَ زَوْجِهَا ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ لَهَا فِي فَضْلِ الزَّوْجِ وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ بِكَمَالِهِ وَيُقَالُ : إِنَّ هَذِهِ الْعَطَّارَةَ هِيَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ .
قَوْلُهُ : ( فَأَنَا لَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ ) وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَقِيتُ .
قَوْلُهُ : ( إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ فَأَنْتُمَا لَا تَعْلَمَانِ أَنِّي لَمْ أَلْقَ أَنَسًا ) هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ فَأَنْتُمَا لَا تَعْلَمَانِ وَمَعْنَاهُ فَأَنْتُمَا تَعْلَمَانِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَا زَائِدَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَفَأَنْتُمَا لَا تَعْلَمَانِ وَيَكُونَ اسْتِفْهَامَ تَقْرِيرٍ وَحَذَفَ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ .
قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ شَبَابَةَ يَقُولُ : كَانَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ يُحَدِّثنَا فَيَقُولُ : قَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَقَلَةَ شَبَابَةُ : وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْقُدُّوسِ يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتَّخَذَ الرَّوْحُ عَرْضًا قَالَ : فَقِيلَ لَهُ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا ؟ فَقَالَ : يَعْنِي يُتَّخَذُ كَوَّةٌ فِي حَائِطِهِ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ الرَّوْحُ ) الْمُرَادُ بِهَذَا الْمَذْكُورِ بَيَانُ تَصْحِيفِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ وَغَبَاوَتِهِ وَاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ وَحُصُولِ الْوَهْمِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ ، فَأَمَّا الْإِسْنَادُ فَإِنَّهُ قَالَ : بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ظَاهِرٌ وَخَطَأٌ بَيِّنٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ غَفَلَةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ .
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَقَالَ : الرَّوْحُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَعَرْضًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَبِيحٌ وَخَطَأٌ صَرِيحٌ ، وَصَوَابُهُ الرُّوحُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَغَرَضًا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ .
وَمَعْنَاهُ : نَهَى أَنْ نَتَّخِذَ الْحَيَوَانَ الَّذِي فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا أَيْ هَدَفًا لِلرَّمْيِ فَيُرْمَى إِلَيْهِ بِالنُّشَّابِ وَشِبْهِهِ ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيَانُ فِقْهِهِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَأَمَّا ( سُوَيْدُ بْنُ عَقَلَةَ شَبَابَةُ ) فَتَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِهِ وَضَبْطُهُ .
وَأَمَّا ( الْكَوَّةُ ) فَبِفَتْحِ الْكَافِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : وَحُكِيَ فِيهَا الضَّمُّ .
وَقَوْلُهُ ( لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ الرَّوْحُ ) أَيِ النَّسِيمُ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ حَمَّادٌ بَعْدَمَا جَلَسَ مَهْدِيُّ بْنُ هِلَالٍ : مَا هَذِهِ الْعَيْنُ الْمَالِحَةُ الَّتِي نَبَعَتْ قِبَلَكُمْ ، قَالَ : نَعَمْ يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ ) أَمَّا ( مَهْدِيٌّ ) هَذَا : فَمُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ ، قَالَ هُوَ بَصْرِيٌّ مَتْرُوكٌ يَرْوِي عَنْ .
وَقَوْلُهُ : ( الْعَيْنُ الْمَالِحَةُ ) كِنَايَةٌ عَنْ ضَعْفِهِ وَجَرْحِهِ .
وَقَوْلُهُ : ( قَالَ : نَعَمْ يَا النَّسَائِيُّ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ أَبَا إِسْمَاعِيلَ ) كَأَنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى جَرْحِهِ ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ كُنْيَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ .
قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ أَبَا عَوَانَةَ قَالَ : مَا بَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ حَدِيثٌ إِلَّا أَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَرَأَهُ عَلَيَّ ) أَمَّا ( أَبُو عَوَانَةَ ) فَاسْمُهُ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبَانٌ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ وَالصَّرْفُ أَجْوَدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِي عَوَانَةَ وَأَبَانٍ ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بِكُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبَانٍ فَمَا عَرَفَ مِنْهُ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانٍ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ وَلَا أَنَّهُ تَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ .
وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " " .
فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ بِهِ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مُغَفَّلًا وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ ، وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ ، هَذَا كُلُّهُ فِي مَنَامٍ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ ، أَمَّا إِذَا أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ الدَّارِمِيُّ ) قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى دَارِمٍ .
وَأَمَّا ( ) فَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ جَارِحَةَ الْكُوفِيُّ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْمُجْمَعُ عَلَى جَلَالَتِهِ وَتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ وَفَضِيلَتِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ : اكْتُبْ عَنْ بَقِيَّةَ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْهُ مَا رَوَى عَنْ غَيْرِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَلَا تَكْتُبْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي إِسْمَاعِيلَ خِلَافَ قَوْلِ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ ، قَالَ عَبَّاسٌ : سَمِعْتُ يَقُولُ : يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَقِيَّةَ ، وَقَالَ : سَمِعْتُ يَقُولُ : هُوَ ثِقَةٌ ، وَالْعِرَاقِيُّونَ يَكْرَهُونَ حَدِيثَهُ وَقَالَ : مَا رُوِيَ عَنِ الشَّامِيِّينَ أَصَحُّ ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ الْبُخَارِيُّ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ : إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَهْلِ بِلَادِهِ فَصَحِيحٌ ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ : كُنْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ : عِلْمُ الشَّامِ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، يَعْقُوبُ : وَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِي إِسْمَاعِيلَ ، وَهُوَ ثِقَةٌ عَدْلٌ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ الشَّامِ ، وَلَا يَدْفَعُهُ دَافِعٌ ، وَأَكْثَرُ مَا تَكَلَّمُوا قَالُوا : يُغْرِبُ عَنْ ثِقَاتِ الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ ، وَقَالَ : يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِسْمَاعِيلُ ثِقَةٌ فِيمَا رَوَى عَنِ الشَّامِيِّينَ ، وَأَمَّا رِوَايَتُهُ عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّ كِتَابَهُ ضَاعَ فَخَلَطَ فِي حِفْظِهِ عَنْهُمْ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : هُوَ لَيِّنٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَفَّ عَنْهُ إِلَّا وَقَالَ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ التِّرْمِذِيُّ : قَالَ أَحْمَدُ : هُوَ أَصْلَحُ مِنْ بَقِيَّةَ فَإِنَّ لِبَقَيَّةَ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ : قَالَ لِي : يَرْوُونَ عِنْدَكُمْ عَنْ وَكِيعٌ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، فَقُلْتُ : أَمَّا الْوَلِيدُ وَمَرْوَانُ فَيَرْوِيَانِ عَنْهُ ، وَأَمَّا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسٍ فَلَا ، فَقَالَ : وَأَيُّ شَيْءٍ الْهَيْثَمُ وَابْنُ إِيَاسٍ إِنَّمَا أَصْحَابُ الْبَلَدِ الْوَلِيدُ وَمَرْوَانُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : نِعْمَ الرَّجُلُ بَقِيَّةُ لَوْلَا أَنَّهُ يُكَنِّي الْأَسَامِيَ وَيُسَمِّي الْكُنَى ، كَانَ دَهْرًا يُحَدِّثنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْوُحَاظِيِّ فَنَظَرْنَا فَإِذَا هُوَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ ) قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ ) هَذَا مَجْهُولٌ وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً لَا أَصْلًا .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكِتَابِ نَظِيرُ هَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ إِدْخَالِهِ هُنَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يُكَنِّي الْأَسَامِيَ وَيُسَمِّي الْكُنَى ) فَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ إِذَا رَوَى عَنْ إِنْسَانٍ مَعْرُوفٍ بِاسْمِهِ كَنَاهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ ، وَإِذَا رَوَى عَنْ مَعْرُوفٍ بِكُنْيَتِهِ سَمَّاهُ وَلَمْ يُكَنِّهِ ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّدْلِيسِ وَهُوَ قَبِيحٌ مَذْمُومٌ فَإِنَّهُ يُلَبِّسُ أَمْرَهُ عَلَى النَّاسِ وَيُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّاوِيَ لَيْسَ هُوَ ذَلِكَ الضَّعِيفَ فَيُخْرِجُهُ عَنْ حَالِهِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْجَرْحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَعَلَى تَرْكِهِ إِلَى حَالَةِ الْجَهَالَةِ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ; بَلْ يَحْتَجُّونَ لِصَاحِبِهَا وَتُفْضِي تَوَقُّفًا عَنِ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ أَوْ ضَعْفِهِ عِنْدَ الْآخَرِينَ ، وَقَدْ يَعْتَضِدُ الْمَجْهُولُ فَيُحْتَجُّ بِهِ أَوْ يُرَجَّحُ بِهِ غَيْرُهُ أَوْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ .
وَأَقْبَحُ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يُكَنِّيَ الضَّعِيفَ ، أَوْ يُسَمِّيَهُ بِكُنْيَةِ الثِّقَةِ أَوْ بِاسْمِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ذَلِكَ ، وَشُهْرَةِ الثِّقَةِ بِهِ فَيُوهِمَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا وَبَسْطَهُ فِي الْفُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا ( حُكْمَ التَّدْلِيسِ الْوُحَاظِيُّ ) فَبِضَمِّ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ فَتْحَ الْوَاوِ أَيْضًا ، قَالَ : بَطْنٌ مِنْ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ حِمْيَرَ ، وَعَبْدُ الْقُدُّوسِ هَذَا هُوَ الشَّامِيُّ الَّذِي تَقَدَّمَ تَضْعِيفُهُ وَتَصْحِيفُهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ حَبِيبٍ الْكَلَاعِيُّ أَبُو سَعِيدٍ الشَّامِيُّ فَهُوَ كَلَاعِيٌ وُحَاظِيٌ .
وَقَوْلُ الدَّارِمِيِّ : ( سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ وَذَكَرَ الْمُعَلَّى بْنَ عُرْفَانَ فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنُ مَسْعُودٍ بِصِفِّينَ فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : أَتُرَاهُ بُعِثَ بَعْدَ الْمَوْتِ ) مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمُعَلَّى كَذَبَ عَلَى أَبِي وَائِلٍ فِي قَوْلِهِ هَذَا ; لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ، وَقِيلَ : سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ ، وَهَذَا قَبْلَ انْقِضَاءِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِثَلَاثِ سِنِينَ ، وَصِفِّينَ كَانَتْ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ فَلَا يَكُونُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَ عَلَيْهِمْ بِصِفِّينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بُعِثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بَعْدَ الْمَوْتِ ، مَعَ جَلَالَتِهِ وَكَمَالِ فَضِيلَتِهِ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى صِيَانَتِهِ لَا يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا مَنْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِمْ ، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ مِنَ وَأَبُو وَائِلٍ الْمُعَلَّى بْنِ عُرْفَانَ مَعَ مَا عُرِفَ مِنْ ضَعْفِهِ .
وَقَوْلُهُ : ( أَتُرَاهُ ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَمَعْنَاهُ أَتَظُنُّهُ .
وَأَمَّا ( صِفِّينَ ) فَبِكَسْرِ الصَّادِ وَالْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ : الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ ، وَهَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَفِيهَا لُغَةٌ أُخْرَى حَكَاهَا عَنْ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ ثَعْلَبٍ عَنِ الْفَرَّاءِ ، وَحَكَاهَا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْوَاوِ فِي حَالِ الرَّفْعِ ، وَهِيَ مَوْضِعُ الْوَقْعَةِ بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ مَعَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - .
وَأَمَّا ( عُرْفَانُ ) وَالِدُ الْمُعَلَّى فَبِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ هَذَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَحُكِيَ فِيهِ كَسْرُ الْعَيْنِ ، وَبِالْكَسْرِ ضَبَطَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَامِرٍ الْعَبْدَرِيُّ ، وَالْمُعَلَّى هَذَا أَسَدِيٌّ كُوفِيٌّ ضَعِيفٌ ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَارِيخِهِ : هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، وَضَعَّفَهُ أَيْضًا وَغَيْرُهُ .
وَأَمَّا ( بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ ، لَقَبٌ وَاسْمُهُ الْبُخَارِيُّ النَّسَائِيُّ أَبُو نُعَيْمٍ ) فَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ زُهَيْرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ كُوفِيٌّ مِنْ أَجَلِّ أَهْلِ زَمَانِهِ وَمِنْ أَتْقَنِهِمْ رَحِمَهُ اللَّهُ .
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنِي ) اسْمُ جَعْفَرٍ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، كَانَ ثِقَةً عَالِمًا ثَبْتًا مُتْقِنًا أَحَدَ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ ، وَكَانَ أَكْثَرَ أَيَّامِهِ الرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ .
قَوْلُهُ : ( أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ ) هُوَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ وَاوٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَا صَوَابُهَا ، قَالَ : وَقَدْ يُسَهَّلُ فَتُفْتَحُ الْوَاوُ وَيُنْقَلُ إِلَيْهَا حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَمَنْ ضَمَّ التَّاءَ وَهَمَزَ الْوَاوَ فَقَدْ أَخْطَأَ ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَالرُّوَاةِ وَكَمَا قَيَّدْنَاهُ أَوَّلًا قَيَّدَهُ أَصْحَابُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَكَذَلِكَ أَتْقَنَاهُ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ شُيُوخِنَا ، قَالَ : وَالتَّوْءَمَةُ هَذِهِ هِيَ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ قَالَهُ وَغَيْرُهُ ، قَالَ الْبُخَارِيُّ الْوَاقِدِيُّ : وَكَانَتْ مَعَ أُخْتٍ لَهَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَلِذَلِكَ قِيلَ : التَّوْءَمَةُ وَهِيَ مَوْلَاةُ أَبِي صَالِحٍ ، وَأَبُو صَالِحٍ هَذَا اسْمُهُ نَبْهَانُ ، هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي ، ثُمَّ إِنَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَكَمَ بِضَعْفِ مَالِكًا صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَقَالَ : لَيْسَ هُوَ ثِقَةً ، وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ : صَالِحٌ هَذَا ثِقَةٌ حُجَّةٌ فَقِيلَ : إِنَّ تَرَكَ السَّمَاعَ مِنْهُ فَقَالَ : إِنَّمَا أَدْرَكَهُ يَحْيَى ابْنُ مَعِينٍ مَالِكًا مَالِكٌ بَعْدَمَا كَبُرَ وَخَرِفَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ إِنَّمَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ أَنْ خَرِفَ فَسَمِعَ مِنْهُ أَحَادِيثَ مُنْكَرَاتٍ ، وَلَكِنْ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ فَهُوَ ثَبْتٌ .
وَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا سَمِعُوا مِنْهُ قَدِيمًا مِثْلُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَالَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ أَبُو زُرْعَةَ : صَالِحٌ هَذَا ضَعِيفٌ ، وَقَالَ : لَيْسَ بِقَوِيٍّ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حَيَّانَ : تَغَيَّرَ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَاخْتَلَطَ حَدِيثُهُ الْأَخِيرُ بِحَدِيثِهِ الْقَدِيمِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا ( أَبُو الْحُوَيْرِثِ ) الَّذِي قَالَ مَالِكٌ : إِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْأَنْصَارِيُّ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ ، قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَالِكٍ : إِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ .
وَقَالَ : رَوَى عَنْهُ شُعْبَةَ .
وَذَكَرَهُ فِي تَارِيخِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ ، قَالَ : وَكَانَ الْبُخَارِيُّ شُعْبَةُ يَقُولُ فِيهِ : أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ ، وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ وَهْمٌ .
وَأَمَّا ( الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ شُعْبَةُ ) الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، وَقَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ هُوَ بِثِقَةٍ - فَهُوَ شُعْبَةُ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : أَبُو يَحْيَى ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ضَعَّفَهُ كَثِيرُونَ مَعَ مَالِكٍ وَقَالَ : لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، قَالَ : وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا .
وَأَمَّا ( ) فَهُوَ السَّيِّدُ الْجَلِيلُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَاسْمُهُ هِشَامُ بْنُ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّ جَدِّهِ ، وَأَمَّا ( أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ابْنُ عَدِيٍّ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ ) الَّذِي قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ هُوَ بِثِقَةٍ فَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالرَّاءِ ، قَالَ : هُوَ أَنْصَارِيٌّ سُلَمِيٌّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ، قَالَ الْبُخَارِيُّ الزُّبَيْرُ : كَانَ يَتَشَيَّعُ رَوَى عَنِ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَقَالَ : هُوَ مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ .
قَوْلُهُ : ( وَسَأَلْتُهُ - يَعْنِي - عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ : لَوْ كَانَ ثِقَةً لَرَأَيْتُهُ فِي كُتُبِي ) هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ النَّسَائِيُّ مَالِكًا مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ مَنْ أَدْخَلَهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ ثِقَةٌ ، فَمَنْ وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِهِ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ ، وَقَدْ لَا يَكُونُ ثِقَةً عِنْدَ غَيْرِهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ تَعْدِيلٌ ، وَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ; فَإِنَّهُ قَدْ يَرْوِي عَنْ غَيْرِ الثِّقَةِ لَا لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ ، بَلْ لِلِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِشْهَادِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، أَمَّا إِذَا قَالَ : مِثْلَ قَوْلِ رِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنْ مَجْهُولٍ هَلْ يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ ؟ مَالِكٍ أَوْ نَحْوَهُ فَمَنْ أَدْخَلَهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ عَدْلٌ ، أَمَّا إِذَا قَالَ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ ; فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ عِنْدَ مَنْ يُوَافِقُ الْقَائِلَ فِي الْمَذْهَبِ وَأَسْبَابِ الْجَرْحِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَأَمَّا مَنْ لَا يُوَافِقُهُ أَوْ يُجْهَلُ حَالُهُ فَلَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ فِي حَقِّهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ سَبَبُ جَرْحٍ لَا يَرَاهُ الْقَائِلُ جَارِحًا وَنَحْنُ نَرَاهُ جَارِحًا ; فَإِنَّ تَخْفَى وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا ، وَرُبَّمَا لَوْ ذَكَرَ اسْمَهُ اطَّلَعْنَا فِيهِ عَلَى جَارِحٍ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ أَسْبَابَ الْجَرْحِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ مُتَّهَمًا ) قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ شُرَحْبِيلَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ ، وَكَانَ شُرَحْبِيلُ هَذَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَغَازِي ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُ بِالْمَغَازِي فَاحْتَاجَ ، وَكَانُوا يَخَافُونَ إِذَا جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ يَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطِهِ أَنْ يَقُولَ : لَمْ يَشْهَدْ أَبُوكَ بَدْرًا ، قَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ : كَانَ شُرَحْبِيلُ مَوْلًى لِلْأَنْصَارِ ، وَهُوَ مَدَنِيٌّ كُنْيَتُهُ أَبُو سَعْدٍ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : كَانَ شَيْخًا قَدِيمًا رَوَى عَنْ وَعَامَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ حَتَّى اخْتَلَطَ ، وَاحْتَاجَ حَاجَةً شَدِيدَةً ، وَلَيْسَ يُحْتَجُّ بِهِ .
قَوْلُهُ : ( زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ابْنُ قُهْزَاذَ عَنِ الطَّالَقَانِيِّ ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُمَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا .
قَوْلُهُ : ( لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَبَيْنَ أَنْ أَلْقَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَرَّرٍ لَاخْتَرْتُ أَنْ أَلْقَاهُ ثُمَّ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ ) .
وَ ( مُحَرَّرٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُكَرَّرَةِ الْأُولَى مَفْتُوحَةً ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ ، لَا تَأْخُذُوا عَنْ أَخِي ) أَمَّا ( أُنَيْسَةُ ) فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ ، وَاسْمُ ، وَأَمَّا الْأَخُ الْمَذْكُورُ فَاسْمُهُ ( أَبِي أُنَيْسَةَ زَيْدٌ يَحْيَى ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَهُوَ يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ ، ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، قَالَ : لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ ، وَقَالَ : ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ، وَأَمَّا أَخُوهُ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْبُخَارِيُّ النَّسَائِيُّ زَيْدٌ فَثِقَةٌ جَلِيلٌ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : كَانَ ثِقَةً ، كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، فَقِيهًا رَاوِيَةً لِلْعِلْمِ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ عَبْدُ السَّلَامِ الْوَابِصِيُّ ) أَمَّا ( الدَّوْرَقِيُّ ) فَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي وَسَطِ هَذَا الْبَابِ .
وَأَمَّا ( الْوَابِصِيُّ ) فَبِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ ، الْأَسَدِيُّ ، أَبُو الْفَضْلِ الرَّقِّيُّ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - قَاضِي الرَّقَّةِ وَحَرَّانَ وَحَلَبٍ وَقَضَى بِبَغْدَادَ .
قَوْلُهُ : ( ذُكِرَ فَرْقَدٌ عِنْدَ أَيُّوبَ فَقَالَ : لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ ) وَ ( فَرْقَدٌ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ فَرْقَدُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّبَخِيُّ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ - مَنْسُوبٌ إِلَى سَبَخَةِ الْبَصْرَةِ ، أَبُو يَعْقُوبَ ، التَّابِعِيُّ الْعَابِدُ ، لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ; لِكَوْنِهِ لَيْسَ صَنْعَتَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِهِ : لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ فِي شَيْءٍ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : ثِقَةٌ .
قَوْلُهُ : ( فَضَعَّفَهُ جِدًّا ) هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ مَصْدَرُ جَدَّ يَجِدُّ جِدًّا وَمَعْنَاهُ : تَضْعِيفًا بَلِيغًا .
قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ ضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ حَكِيمَ بْنَ جُبَيْرٍ ، وَعَبْدَ الْأَعْلَى ، وَضَعَّفَ يَحْيَى بْنَ مُوسَى بْنِ دِينَارٍ ، وَقَالَ : حَدِيثُهُ رِيحٌ .
وَضَعَّفَ مُوسَى بْنَ الدِّهْقَانِ ، وَعِيسَى بْنَ أَبِي عِيسَى الْمَدَنِيَّ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ كُلِّهَا وَضَعَّفَ يَحْيَى بْنَ مُوسَى بِإِثْبَاتِ لَفْظَةِ ( بْنَ ) بَيْنَ يَحْيَى وَمُوسَى ، وَهُوَ غَلَطٌ بِلَا شَكٍّ .
وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا .
كَذَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ ; مِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ وَجَمَاعَاتٌ آخَرُونَ .
وَالْغَلَطُ فِيهِ مِنْ رُوَاةِ كِتَابِ مُسْلِمٍ ، لَا مِنْ مُسْلِمٍ .
وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فَضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَكِيمَ بْنَ جُبَيْرٍ ، وَعَبْدَ الْأَعْلَى ، وَمُوسَى بْنَ دِينَارٍ ، وَمُوسَى بْنَ الدِّهْقَانِ ، وَعِيسَى .
وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِمْ .
وَأَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ فِي تَضْعِيفِهِمْ مَشْهُورَةٌ .
فَأَمَّا ( حَكِيمٌ ) : كُوفِيٌّ مُتَشَيِّعٌ .
قَالَ : هُوَ غَالٍ فِي التَّشْيِيعِ .
وَقِيلَ ، أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَلِشُعْبَةَ : لِمَ تَرَكْتُمَا حَدِيثَ حَكِيمٍ ؟ قَالَا : نَخَافُ النَّارَ .
وَأَمَّا ( عَبْدُ الْأَعْلَى ) فَهُوَ ابْنُ عَامِرٍ الثَّعَالِبِيُّ - بِالْمُثَلَّثَةِ الْكُوفِيُّ .
وَأَمَّا ( مُوسَى بْنُ دِينَارٍ ) فَمَكِّيٌّ يَرْوِي عَنْ سَالِمٍ ، قَالَهُ .
وَأَمَّا ( النَّسَائِيُّ مُوسَى بْنُ الدِّهْقَانِ ) فَبَصْرِيٌّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَالدِّهْقَانُ بِكَسْرِ الدَّالِ .
وَأَمَّا ( عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى ) فَهُوَ عِيسَى بْنُ مَيْسَرَةَ أَبُو مُوسَى ، وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ ، الْمَدَنِيُّ أَصْلُهُ كُوفِيٌّ يُقَالُ لَهُ : الْخَيَّاطُ وَالْحَنَّاطُ ، وَالْخَبَّاطُ ، الْأَوَّلُ إِلَى الْخِيَاطَةِ ، وَالثَّانِي إِلَى الْحِنْطَةِ وَالثَّالِثُ إِلَى الْخَبَطِ قَالَ : كَانَ خَيَّاطًا ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَصَارَ حَنَّاطًا ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَصَارَ يَبِيعُ الْخَبَطَ .
قَوْلُهُ ( لَا تَكْتُبْ حَدِيثَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ وَالسَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ ) هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَشْهُورُونَ بِالضَّعْفِ وَالتَّرْكِ فَعُبَيْدَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، وَغَيْرِهِمَا .
وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ بَعْضِ رُوَاةِأَنَّهُ ضَبَطَهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا .
وَ ( الْبُخَارِيِّ مُعَتِّبٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ .
وَ ( عُبَيْدَةُ ) هَذَا صَبِيٌّ كُوفِيٌّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الْكَرِيمِ وَأَمَّا ( السَّرِيُّ ) فَهَمْدَانِيٌّ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ - كُوفِيٌّ ، وَأَمَّا ( مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ ) كُوفِيٌّ أَيْضًا ; فَاسْتَوَى الثَّلَاثَةُ فِي كَوْنِهِمْ : كُوفِيِّينَ مَتْرُوكِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ : ( وَلَعَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَكَاذِيبَ لَا أَصْلَ لَهَا ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ مِنْ رِوَايَةِ الْفُرَاوِيِّ عَنِ الْفَارِسِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْفَارِسِيِّ عَنْ ، وَأَنَّهَا الصَّوَابُ ، وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَاتِ شُيُوخِهِمْ عَنِ الْعُذْرِيِّ عَنِ الرَّازِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ ( وَأَقَلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا ) قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا مُخْتَلٌّ مُصَحَّفٌ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي فِيهِ نَظَرٌ .
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِكَوْنِهِ تَصْحِيفًا فَإِنَّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَجْهًا فِي الْجُمْلَةِ لِمَنْ تَدَبَّرَهَا .
قَوْلُهُ : ( وَأَهْلِ الْقَنَاعَةِ ) هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيِ الَّذِينَ يُقْنَعُ بِحَدِيثِهِمْ ، لِكَمَالِ حِفْظِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ .
قَوْلُهُ : ( وَلَا مَقْنَعَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ .
( الْجَرْحُ وَشُرُوطُهُ ) فَرْعٌ فِي جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ إِحْدَاهَا : اعْلَمْ أَنَّ جَائِزٌ ; بَلْ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ لِصِيَانَةِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ ; بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ ، وَلَمْ يَزَلْ فُضَلَاءُ الْأَئِمَّةِ وَأَخْيَارُهُمْ ، وَأَهْلُ الْوَرَعِ مِنْهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَ جَرْحَ الرُّوَاةِ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَنَا قِطْعَةً صَالِحَةً مِنْ كَلَامِهِمْ فِيهِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ عَلَى الْجَارِحِ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ ، وَالتَّثَبُّتُ فِيهِ ، وَالْحَذَرُ مِنَ ، أَوْ بِنَقْصِ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ نَقْصُهُ ; فَإِنَّ مَفْسَدَةَ الْجَرْحِ عَظِيمَةٌ ; فَإِنَّهَا غِيبَةٌ مُؤَبَّدَةٌ مُبْطِلَةٌ لِأَحَادِيثِهِ ، مُسْقِطَةٌ لِسُنَّةٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَادَّةٌ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ .
ثُمَّ إِنَّمَا يَجُوزُ الْجَرْحُ لِعَارِفٍ بِهِ ، مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِيهِ ، أَمَّا ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ ; فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ فِي أَحَدٍ ; فَإِنْ تَكَلَّمَ كَانَ كَلَامُهُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيِّ التَّسَاهُلِ بِجَرْحِ سَلِيمٍ مِنَ الْجَرْحِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْجَارِحُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
قَالَ : وَهَذَا ، وَلَوْ عَابَهُ قَائِلٌ بِمَا جُرِّحَ بِهِ أُدِّبَ وَكَانَ غِيبَةً .
الثَّانِيَةُ : ، ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ; لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا أَوْ عَدْلًا بِقَوْلٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ ; فَيُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ .
؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ ; فَذَهَبَ وَكَثِيرُونَ إِلَى اشْتِرَاطِهِ لِكَوْنِهِ قَدْ يَعُدُّهُ مَجْرُوحًا بِمَا لَا يَجْرَحُ لِخَفَاءِ الْأَسْبَابِ وَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا .
وَذَهَبَ فِي آخَرِينَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ .
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مِنَ الْعَارِفِ بِأَسْبَابِهِ ، وَيُشْتَرَطُ مِنْ غَيْرِهِ .
وَعَلَى مَذْهَبِ مَنِ اشْتَرَطَ فِي الْجَرْحِ التَّفْسِيرَ يَقُولُ : فَائِدَةُ أَنْ يُتَوَقَّفَ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهِ إِلَى أَنْ يُبْحَثَ عَنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ .
ثُمَّ مَنْ وُجِدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّنْ جَرَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ جَرْحُهُ مُفَسَّرًا بِمَا يَجْرَحُ ، ، قُدِّمَ الْجَرْحُ ، عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْجَمَاهِيرُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِينَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَقِيلَ : إِذَا كَانَ الْمُعَدِّلُونَ أَكْثَرَ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْجَارِحَ اطَّلَعَ عَلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ جَهِلَهُ الْمُعَدِّلُ .
الثَّالِثَةُ : قَدْ ذَكَرَ كَالشَّاهِدِ يَجُوزُ جَرْحُهُ لِأَهْلِ الْجَرْحِ الْجَرْحُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنْ عَدْلٍ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْجَارِحِ وَالْمُعَدِّلِ الْعَدَدُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ أَمْ لَا الشَّافِعِيُّ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ الْجَرْحِ فِيمَنْ جُرِّحَ مُطْلَقًا وَلَوْ تَعَارَضَ جَرْحٌ وَتَعْدِيلٌ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْبَابِ : أَنَّ الشَّعْبِيَّ رَوَى عَنِ وَشَهِدَ أَنَّهُ كَاذِبٌ .
وَعَنْ غَيْرِهِ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَكَانَ مُتَّهَمًا ، وَعَنْ غَيْرِهِ .
فَقَدْ يُقَالُ لِمَ حَدَّثَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ عَنْ هَؤُلَاءِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ ؟ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ رَوَوْهَا لِيَعْرِفُوهَا ، وَلِيُبَيِّنُوا ضَعْفَهَا ; لِئَلَّا يَلْتَبِسَ فِي وَقْتٍ عَلَيْهِمْ ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ ، أَوْ يَتَشَكَّكُوا فِي صِحَّتِهَا .
الثَّانِي : أَنَّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْمُتَابَعَاتِ ، وَلَا يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى انْفِرَادِهِ .
الثَّالِثُ : أَنَّ يَكُونُ فِيهَا الصَّحِيحُ وَالضَّعِيفُ وَالْبَاطِلُ ; فَيَكْتُبُونَهَا ثُمَّ يُمَيِّزُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْإِتْقَانِ بَعْضَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ ، وَذَلِكَ سَهْلٌ عَلَيْهِمْ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ .
وَبِهَذَا احْتَجَّ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ نَهَى عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ الرِّوَايَةُ عَنِ الْمُغَفَّلِينَ وَالضُّعَفَاءِ وَالْمَتْرُوكِينَ الضَّعِيفَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ لِيُعْتَبَرَ بِهِ أَوْ يُسْتَشْهَدَ رِوَايَاتِ الرَّاوِي الضَّعِيفِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْكَلْبِيِّ ، فَقِيلَ لَهُ : أَنْتَ تَرْوِي عَنْهُ فَقَالَ : أَنَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ .
الرَّابِعُ : أَنَّهُمْ قَدْ يَرْوُونَ عَنْهُمْ أَحَادِيثَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ ، وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ ، وَالْقَصَصِ ، وَأَحَادِيثَ الزُّهْدِ ، وَمَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ ، وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ الْحَدِيثِ يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمُ التَّسَاهُلُ فِيهِ .
وَرِوَايَةُ مَا سِوَى الْمَوْضُوعِ مِنْهُ وَالْعَمَلُ بِهِ ، لِأَنَّ أُصُولَ ذَلِكَ صَحِيحَةٌ مُقَرَّرَةٌ فِي الشَّرْعِ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ لَا يَرْوُونَ عَنِ الضُّعَفَاءِ شَيْئًا يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى انْفِرَادِهِ فِي الْأَحْكَامِ ، فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يَفْعَلُهُ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَلَا مُحَقِّقٌ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ : وَأَمَّا فِعْلُ كَثِيرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ ذَلِكَ ، وَاعْتِمَادُهُمْ عَلَيْهِ ، فَلَيْسَ بِصَوَابٍ ، بَلْ قَبِيحٌ جِدًّا ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ يَعْرِفُ ضَعْفَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ .
فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ضَعْفُهُ ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَهْجُمَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَلَيْهِ بِالتَّفْتِيشِ عَنْهُ إِنْ كَانَ عَارِفًا ، أَوْ بِسُؤَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي بَيَانِ وَقَدْ نَقَّحَهَا لَا يُحْتَجَّ بِالضَّعِيفِ فِي الْأَحْكَامِ أَصْنَافِ الْكَاذِبِينَ فِي الْحَدِيثِ وَحُكْمِهِمْ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ : الْكَاذِبُونَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا : ضَرْبٌ عُرِفُوا بِالْكَذِبِ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ أَنْوَاعٌ : مِنْهُمْ : كَالزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَرْجُ لِلدِّينِ وَقَارًا .
بِزَعْمِهِمْ وَتَدَيُّنًا كَجَهَلَةِ الْمُتَعَبِّدِينَ الَّذِينَ وَضَعُوا الْأَحَادِيثَ فِي الْفَضَائِلِ وَالرَّغَائِبِ ، وَإِمَّا كَفَسَقَةِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَإِمَّا وَمُتَعَصِّبِي الْمَذَاهِبِ ، وَإِمَّا .
وَقَدْ تَعَيَّنَ جَمَاعَةٌ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَعِلْمِ الرِّجَالِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَضَعُ مَتْنَ الْحَدِيثِ ، وَلَكِنْ رُبَّمَا وَضَعَ لِلْمَتْنِ الضَّعِيفِ إِسْنَادًا صَحِيحًا مَشْهُورًا .
وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَلِّبُ الْأَسَانِيدَ أَوْ يَزِيدَ فِيهَا ، وَيَتَعَمَّدُ ذَلِكَ إِمَّا لِلْإِغْرَابِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَإِمَّا لِرَفْعِ الْجَهَالَةِ عَنْ نَفْسِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْذِبُ فَيَدَّعِي سَمَاعَ مَا لَمْ يَسْمَعْ ، وَلِقَاءَ مَنْ لَمْ يَلْقَ ، وَيُحَدِّثُ بِأَحَادِيثِهِمُ الصَّحِيحَةِ عَنْهُمْ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمِدُ إِلَى كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَحِكَمِ الْعَرَبِ وَالْحُكَمَاءِ فَيَنْسُبُهَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كَذَّابُونَ مَتْرُوكُو الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ مَنْ ، فَلَا يُحَدِّثُ عَنْ هَؤُلَاءِ ، وَلَا يَقْبَلُ مَا حَدَّثُوا بِهِ .
وَلَوْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ مَا جَاءُوا بِهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ; كَشَاهِدِ الزُّورِ إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ .
وَاخْتُلِفَ قُلْتُ : الْمُخْتَارُ الْأَظْهَرُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ .
وَحُجَّةِ مَنْ رَدَّهَا أَبَدًا وَإِنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ التَّغْلِيظُ ، وَتَعْظِيمُ الْعُقُوبَةِ فِي هَذَا الْكَذِبِ ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : .
قَالَ الْقَاضِي : وَالضَّرْبُ الثَّانِي : مَنْ لَا يَسْتَجِيزُ شَيْئًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ فِي الْحَدِيثِ ، وَلَكِنَّهُ ، فَهَذَا أَيْضًا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ ، وَتَنْفَعُهُ التَّوْبَةُ ، وَيَرْجِعُ إِلَى الْقَبُولِ .
فَأَمَّا ، فَلَا يُقْطَعُ بِجَرْحِهِ بِمِثْلِهِ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ عَلَيْهِ وَالْوَهْمِ ، وَإِنِ اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ مَنْ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ أَصْلًا ، إِمَّا تَرَافُعًا وَاسْتِخْفَافًا وَإِمَّا حِسْبَةً إِغْرَابًا وَسُمْعَةً تَعَصُّبًا وَاحْتِجَاجًا كَدُعَاةِ الْمُبْتَدِعَةِ اتِّبَاعًا لِهَوَى أَهْلِ الدُّنْيَا فِيمَا أَرَادُوهُ وَطَلَبِ الْعُذْرِ فِيمَا أَتَوْهُ تَجَاسَرَ بِالْحَدِيثِ بِمَا لَمْ يُحَقِّقهُ وَلَمْ يَضْبِطهُ أَوْ هُوَ شَاكٌّ فِيهِ هَلْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ ؟ إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ يَكْذِبُ فِي حَدِيثِ النَّاسِ ، قَدْ عُرِفَ بِذَلِكَ مَنْ يَنْدُرٌ مِنْهُ الْقَلِيلُ مِنَ الْكَذِبِ ، وَلَمْ يُعْرَفْ بِهِ مُسْلِمًا ، فَلَا يُجَرَّحُ بِهَذَا ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً لِنُدُورِهَا ، وَلِأَنَّهَا لَا تَلْحَقُ بِالْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ ، وَلِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ قَلَّمَا يَسْلَمُونَ مِنْ مُوَاقَعَاتِ بَعْضِ الْهَنَاتِ .
وَكَذَلِكَ لَا يُسْقِطُهَا ، أَوِ الْغُلُوِّ فِي الْقَوْلِ ; إِذْ لَيْسَ بِكَذِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْكَذِبِ ، لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ حَدِّ الْكَذِبِ ، وَلَا يُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ ظَاهِرِ لَفْظِهِ .
وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " كَذِبُهُ فِيمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْرِيضِ أَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ " وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : هَذِهِ أُخْتِي .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَتْقَنَ هَذَا الْفَصْلَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .