هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5215 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا ، يَقُولُ : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَبْقَى مِنَ الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى ثُمَّ يُنْشِئُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا خَلْقًا مِمَّا يَشَاءُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5215 حدثني زهير بن حرب ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد يعني ابن سلمة ، أخبرنا ثابت ، قال : سمعت أنسا ، يقول : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يبقى من الجنة ما شاء الله أن يبقى ثم ينشئ الله تعالى لها خلقا مما يشاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يبقى من الجنة ما شاء الله أن يبقى ثم ينشئ الله تعالى لها خلقا مما يشاء

المعنى العام

ذكر البخاري أحاديث أخرى في وصف النار ووصف أهلها منها حديث إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة من النار يغلي منها دماغه وحديث آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا وحديث الكلاليب على جسر جهنم

والمقصود من ذكر هذه الأحاديث ترقيق القلوب والترغيب في وسائل دخول الجنة والتنفير من أسباب دخول النار

والمؤمن الكيس هو الذي يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير

ولو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم ما ترك على ظهرها من دابة وعذابه العدل يصيب به من يشاء ورحمته وسعت كل شيء وقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات { { فأما من طغى وءاثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } } [النازعات 37- 41]

رحمنا الله وغفر لنا وأدخلنا الجنة بفضله ورضوانه

وأعاذنا من النار ومن عذاب النار ومن كل عمل يقربنا إلى النار إنه رءوف رحيم

المباحث العربية

( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) الزمام الحبل الذي تشد به الدابة وتقاد ويومئذ أي يوم القيامة والعدد المذكور مراد به التكثير وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وقال رفعه وهم رواه موقوفا الثوري ومروان وغيرهما عن العلاء بن خالد قال النووي وحفص ثقة حافظ إمام وزاد رفعه وزيادة الثقة مقبولة كما نقل عن الأكثرين

( ناركم هذه التي يوقد ابن آدم) عائد الصلة مفعول يوقد محذوف أي يوقدها

( جزء من سبعين جزءا من حر جهنم) أثر النار ليس في شكلها ولا في جرمها وإنما في حرارتها لهذا كانت الأجزاء في حرها والمقصود من هذا العدد التكثير والمبالغة في حر جهنم

( والله إن كانت لكافية) إن مخففة من الثقيلة واللام في خبرها فارقة بينها وبين النافية والأصل لو كانت مثل نارنا إنها لكافية في الحرق والتخويف

( فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها) أي فإن نار جهنم زادت على ناركم تسعة وستين مثلا وفي ملحق الرواية كلهن بدل كلها

( إذ سمع وجبة) بفتح الواو وسكون الجيم وهي صوت سقطة أي سمع وسمعنا صوت جسم صلب يقع ويصطدم بجسم صلب آخر ولا نرى حجرا ولا جرما

( هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوى في النار حتى انتهى إلى قعرها) وفي ملحق الرواية هذا أي حجر وقع في أسفلها فسمعتم وجبتها قال النووي هكذا هو في النسخ وهو صحيح فيه محذوف دل عليه الكلام أي هذا حجر وقع اهـ والخريف يعبر به عن العام لأنه يحدث مرة واحدة في السنة

وعندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع صوت حجر لا يعرف مصدره أراد أن يشبه به حجرا يرمى في جهنم يستمر هابطا فيها مدة تعدل سبعين سنة من سنى الدنيا لعمقها وبعد قعرها فكأنه يقول هذا الحجر المجهول المصدر والورود بشبهه حجر يرمي به في جهنم فلا يصل قعرها إلا بعد سبعين سنة وهو عمق معقول إذا قارناه بالسنوات الضوئية بين الأجرام السماوية وفي الكلام على هذا تعبير بالماضي عن المستقبل لتحقق الوقوع

( إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه) وفي الرواية الخامسة ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته وفي ملحقها ومنهم من تأخذه النار إلى حقويه والحجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار والسراويل من وسط الإنسان والترقوة بفتح التاء وضم القاف هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق والحقو بفتح الحاء وكسرها مع سكون القاف معقد الإزار كالحجزة والمراد هنا ما يحاذي ذلك الموضع من جنبيه والمراد من منهم أهل النار من الكافرين وقد جاء في الصحيح إن أهون أهل النار عذابا رجل يضع أخمصتاه على جمرتين من النار يغلي منهما دماغه فالأصناف المذكورة في أحاديثنا ليست للحصر

( احتجت النار والجنة) أي شكت كل منهما إلى ربها وأقامت حجتها وفي الرواية الثامنة تحاجت الجنة والنار أي تجادلت كل منهما وأقامت كل منهما حجتها

( فقالت هذه) في الكلام لف ونشر مرتب والإشارة الأولى للنار وفي الرواية الثامنة فقالت النار

( يدخلني الجبارون والمتكبرون) فأنا صاحبة الحظوة والتقدم وفي الرواية السابعة والثامنة أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين

( وقالت هذه يدخلني الضعفاء والمساكين) وفي الرواية السابعة والثامنة قالت الجنة فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم وفي الرواية الثامنة وغرثهم قال النووي أما سقطهم فبفتح السين والقاف أي ضعفاؤهم والمحتقرون منهم وأما عجزهم فبفتح العين والجيم جمع عاجز أي العاجزون عن طلب الدنيا العاجزون عن التمكن فيها وعن الثراء والشوكة وأما رواية لا يدخلني إلا ضعاف الناس وغرثهم فروي على ثلاثة أوجه حكاها القاضي وهي موجودة في النسخ إحداها غرثهم بغين مفتوحة وراء ساكنة بعدها ثاء ومعناها أهل الحاجة والفاقة والجوع والغرث الجوع الثاني عجزتهم بعين وجيم وزاي جمع عاجز الثالث غرتهم بغين مكسورة وراء مشددة مفتوحة وهكذا هو الأشهر في نسخ بلادنا أي البله الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا وهو نحو الحديث الآخر أكثر أهل الجنة البله قال القاضي 323 معناه سواد الناس وعامتهم من أهل الإيمان الذين لا يفطنون للسنة فتدخل عليهم الفتنة أو تدخلهم في البدعة أو غيرها فهم ثابتو الإيمان وصحيحو العقائد وهم أكثر المؤمنين وهم أكثر أهل الجنة وأما العارفون والعلماء العاملون والصالحون المتعبدون فهم قليلون وهم أصحاب الدرجات

قال وقيل معنى الضعفاء هنا وفي الحديث الآخر أهل الجنة كل ضعيف متضعف أنه الخاضع لله المذل نفسه لله سبحانه وتعالى ضد المتجبر المستكبر قال النووي وهذه المحاجة على ظاهرها وأن الله تعالى جعل في النار والجنة تمييزا تدركان به فتحاجتا ولا يلزم من هذا أن يكون ذلك التمييز فيهما دائما اهـ ويحتمل أن تكون هذه المحاجة بلسان الحال وليس بلسان المقال

( ولكل واحدة منكما ملؤها) فلا فضل لإحداكما على الأخرى وفي ملحق الرواية الثامنة ولكليكما علي ملؤها

( فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض) وفي الرواية التاسعة لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض وفي الرواية العاشرة لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك وكرمك قال ابن هشام في مغني اللبيب قط على ثلاثة أوجه أحدها أن تكون ظرف زمان لاستغراق ما مضى وهذه بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة في أفصح اللغات وتختص بالنفي يقال ما فعلته قط والعامة يقولون لا أفعله قط وهو لحن وهذه لا تصلح في حديثنا

الثاني أن تكون بمعنى حسب وهذه مفتوحة القاف ساكنة الطاء يقال قطى كما يقال حسبي وهي مبنية على السكون وتصلح في حديثنا

الثالث اسم فعل بمعنى يكفي فيقال قطني

( وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا) وفي الرواية العاشرة ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة وفي الرواية الحادية عشرة يبقى من الجنة ما شاء الله أن يبقى ثم ينشئ الله تعالى لها خلقا مما يشاء

( يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار) في ملحق الرواية إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وفي الرواية الرابعة عشرة إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار وفي رواية للبخاري يؤتي بالموت كهيئة كبش أملح وعند الترمذي فيوقف على السور الذي بين الجنة والنار قال المازري الموت عند أهل السنة عرض يضاد الحياة وقال بعض المعتزلة ليس بعرض بل معناه عدم الحياة قال وهذا خطأ لقوله تعالى { { خلق الموت والحياة } } [الملك 2] فأثبت الموت مخلوقا وعلى المذهبين ليس الموت بجسم في صورة كبش أو غيره فيتأول الحديث على أن الله تعالى يخلق هذا الجسم ثم يذبح مثالا على أن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة اهـ وقال القرطبي الموت معنى والمعاني لا تنقلب جوهرا وإنما يخلق الله كبشا ... إلخ

وقال بعضهم لا مانع أن ينشئ الله من الأعراض أجساما كما ثبت في صحيح مسلم أن البقرة وآل عمران يجيئان كأنهما غمامتان وذكر مقاتل والكلبي في تفسير قوله تعالى { { الذي خلق الموت والحياة } } قال خلق الموت في صورة كبش لا يمر على أحد إلا مات وخلق الحياة على صورة فرس لا يمر على شيء إلا حيي اهـ والقول قول المازري

والكبش الأملح هو الأبيض فيه سواد قال القرطبي والحكمة في الإتيان بالموت في هذه الصورة الإشارة إلى أنهم حصل لهم الفداء كما فدى ولد إبراهيم بالكبش وفي الأملح إشارة إلى صفتي أهل الجنة والنار اهـ

( فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون فيقولون نعم هذا الموت ...) يشرئبون بالهمزة أي يرفعون رءوسهم إلى المنادي ويمدون أعناقهم للنظر قال القرطبي يخلق الله كبشا يسميه الموت ويلقي في قلوب الفريقين أن هذا الموت اهـ وفي رواية فيقولون نعم وكلهم قد رآه وعرفه والقائل يا أهل الجنة هل تعرفون هذا هو المنادي الذي سيقول لهم بعد الذبح خلود فلا موت

( قال فيؤمر به فيذبح قال ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت) في الرواية الثالثة عشرة ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه وفي الرواية الرابعة عشرة ثم يذبح ثم ينادي مناد يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم وعند الترمذي فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار وعند ابن ماجه وابن حبان فيوقف على الصراط فيقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه ثم يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه ثم يقال للفريقين كلاهما خلود فيما تجدون لا موت فيه أبدا

( ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث) وفي ملحق الرواية الخامسة عشر وعند البخاري ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع وعند الحسن بن سفيان في مسنده خمسة أيام وعند أحمد في حديث ابن عمر يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وللبيهقي في البعث مسيرة سبعين خريفا ولابن المبارك في الزهد عن أبي هريرة ضرس الكافر يوم القيامة أعظم من أحد يعظمون لتمتلئ منهم وليذوقوا العذاب وعند البزار غلظ جلد الكافر وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا وعند البيهقي وفخذه مثل ورقان بفتح الواو وسكون الراء جبل معروف بالحجاز وعند الترمذي ومقعده مثل ما بين مكة والمدينة وعند الترمذي إن الكافر ليسحب لسانه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه الناس قال الحافظ ابن حجر قال القرطبي كأن اختلاف هذه المقادير محمول على اختلاف تعذيب الكفار في النار ولا شك أن الكفار متفاوتون في العذاب كما علم من الكتاب والسنة ونحن نعلم بالقطع أن عذاب من قتل الأنبياء وفتك بالمسلمين وأفسد في الأرض ليس مساويا لعذاب من كفر فقط وأحسن معاملة المسلمين مثلا وقال إنما عظمت خلقة الكافر في النار ليعظم عذابه ويضاعف ألمه وهذا إنما هو في حق البعض دون البعض اهـ

والذي أستريح إليه أن هذه الأساليب تعبيرات عن التهويل والتفخيم للعذاب نفسه لا للجسم المعذب إذ استقر في نفوسنا أن كمية العذاب المحدودة لو وزعت على جسم كبير خفت وضعف الألم ولو ضغطت في جسم صغير اشتدت وزاد الألم فرفع هذا الفهم على معنى أن زيادة العذاب متناسبة ومطردة مع زيادة الأجسام أخذا من مقام تهويل العذاب وسواء قلنا إن جسم الكافر يصل من الضخامة هذا القدر حقيقة أو مجازا أو قلنا إن هذه الضخامة تكون في نظر الرائي كمن ينظر من عدسة مكبرة فالمقصود تهويل عذاب الكافر وتفخيمه والله أعلم

( ألا أخبركم بأهل الجنة) أي بطابعهم وأكثرهم وغالب صفاتهم فليس أهل الجنة كلهم بهذا الوصف

( كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره) خبر مبتدأ محذوف أي أهل الجنة كل ضعيف ... إلخ أي غالبا وفي الرواية الثامنة عشرة رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره قال النووي ضبطوا قوله متضعف بفتح العين وكسرها والمشهور الفتح ولم يذكر الأكثرون غيره ومعناه يستضعفه الناس ويحتقرونه ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا يقال تضعفه واستضعفه وأما رواية الكسر فمعناها متواضع متذلل خامل واضع من نفسه قال القاضي وقد يكون الضعف هنا رقة القلب ولينه وإخباته قال والمراد أن أغلب أهل الجنة هؤلاء كما أن معظم أهل النار القسم الآخر وليس المراد الاستيعاب في الطرفين

ومعنى الأشعث متلبد الشعر مغبره الذي لا يدهنه ولا يكثر غسله ومعنى مدفوع بالأبواب أنه لا يؤذن له بل يحجب ويطرد لحقارته عند الناس ومعنى لو أقسم على الله لأبره أي لو حلف يمينا طمعا في كرم الله تعالى بإبراره لأبره وقيل لو دعاه لأجابه يقال أبررت قسمه وبررته والأول هو المشهور

( كل عتل جواظ مستكبر) العتل بضم العين والتاء هو الجافي الشديد الخصومة بالباطل وأما الجواظ بفتح الجيم وتشديد الواو فهو الجموع المنوع وقيل كثير اللحم المختال في مشيته وقيل القصير البطين وأما المستكبر والمتكبر فهو صاحب الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس وفي الرواية السابعة عشرة كل جواظ زنيم متكبر والزنيم الدعي في النسب الملصق بالقوم وليس منهم شبه بزنمة الشاة

( انبعث بها رجل عزيز عارم) بفتح العين الممدودة وكسر الراء بعدها ميم وهو الشرير المفسد الخبيث وقيل القوي الشرس يقال عرم بضم الراء وفتحها وكسرها عرامة بفتح العين وعراما بضمها فهو عارم وعرم

( إلام يجلد أحدكم امرأته جلد الأمة أو جلد العبد ولعله يضاجعها من آخر يومه) الاستفهام إنكاري توبيخي أي لا ينبغي أن يجلد أحدكم زوجته

( إلام يضحك أحدكم مما يفعل) مما يفعل بفتح الياء أي مما يفعله هو كثيرا وهو من الأمور العادية التي لا تثير الضحك وضحكه يحرج من وقعت منه وقد يكون مضطرا لها لا ينبغي أن تضحكوا لما وقع من أخيكم بل ينبغي أن تتغافلوا عنه وعما وقع منه ووجه إيراد هذا الحديث في هذا الباب أن ما فيه أمور قد يستهان بها وهي عند الله عظيمة مستوجبة لنار جهنم

( رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبا بني كعب هؤلاء) وفي الرواية الواحدة والعشرين إن البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس وأما السائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء قال صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السيوب قال النووي أما قمعة فضبطوه على أربعة أوجه أشهرها بكسر القاف وفتح الميم المشددة والثاني كسر القاف والميم المشددة والثالث فتح القاف مع إسكان الميم والرابع فتح القاف وفتح الميم مخففة وأما خندف فبكسر الخاء والدال هذا هو الأشهر وحكى القاضي في المشارق فيه وجهين أحدهما هذا والثاني كسر الخاء وفتح الدال وهي اسم القبيلة فلا تنصرف واسمها ليلى بنت عمران بن الجاف بن قضاعة

وقوله أبا بني كعب ضبطناه أبا بالباء وكذا هو في كثير من نسخ بلادنا وفي بعضها أخا بالخاء وأما لحي فبضم اللام وفتح الحاء وتشديد الياء وأما قصبه فبضم القاف وإسكان الصاد قال الأكثرون يعني أمعاءه وقال أبو عبيد الأمعاء واحدها قصب

قال وأما قوله عمرو بن عامر فالمعروف في نسب ابن خزاعة عمرو بن لحي بن قمعة كما في الرواية الأولى وهو قمعة بن إلياس بن مضر وإنما عامر عم أبيه أبي قمعة وهو مدركة بن إلياس

فالمعنى أن عمرو بن لحي من أهل النار يجر أمعاءه من خلفه في النار لأنه أول من ابتدع أن الناقة يتركها أهلها لآلهتهم وأصنامهم فلا يحملون عليها ولا يفيدون منها وقد رد القرآن الكريم هذا الشرك بقوله { { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } } [المائدة 103]

( صنفان من أهل النار لم أرهما) أي في الدنيا وسيكونان في العصور المتأخرة

( قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس) فسرهم بعض الشراح بشرطة الحاكم الظالم وفي الرواية الثالثة والعشرين يقول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوما في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله أي يتحركون ذهابا وإيابا فيما يغضب الله من إيذائهم للناس

وفي الرواية الرابعة والعشرين إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر والمقصود من مثل أذناب البقر السياط وما في معناها من العصى والخناجر والمدافع والبنادق وغيرها

( ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا) كذا وكذا كناية عن المسافة الطويلة متعددة الأميال

قال النووي أما الكاسيات ففيه أوجه أحدها معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها والثاني كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير والثالث كاسيات ببعض الثياب كاشفات بعض أجسادهن إظهارا لجمالها والرابع تلبس ثيابا رقاقا تبين عما تحتها من جسدها

قال وأما مائلات مميلات فقيل زائغات عن طاعة الله تعالى غير حافظات لفروجهن فهن مائلات عن طاعة الله مميلات يعلمن غيرهن مثل فعلهن وقيل مائلات متبخترات في مشيتهن مميلات أكتافهن وقيل مائلات يتمشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا المعروفة لهن مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة وقيل مائلات إلى الرجال مميلات لهم بما يبدين من زينتهن

قال وأما رءوسهن كأسنمة البخت فمعناه يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس [ومثلها الباروكة] حتى تشبه أسنمة الإبل ويجوز أن يكون معناه يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن عنهم ولا ينكسن رءوسهن تبجحا وجرأة وفجورا واختار القاضي أن المائلات اللائي يمشطن المشطة الميلاء قال وهي ضفر الغدائر وشدها إلى فوق وجمعها في وسط الرأس فتصير كأسنمة البخت قال وهذا يدل على أن المراد بالتشبيه بأسنمة البخت إنما هو لارتفاع الغدائر فوق رءوسهن وتكثيرها بما يضفرن مع شعورهن حتى تميل إلى ناحية من جوانب الرأس كما يميل السنام

فقه الحديث

يؤخذ من هذه الأحاديث

1- من الرواية الأولى هول منظر جهنم

2- ومن الرواية الثانية هول نارها وشدتها

3- ومن الرواية الثالثة عمق قاعها وقعرها

4- ومن الرواية الرابعة والخامسة دركاتها ومناطق نفوذها في أجسام البشر

5- ومن الرواية السادسة أصناف أهلها وما كانوا عليه في دنياهم وكذا الجنة

6- وفيها فضل الفقر والتواضع

7- ومقت التجبر والكبر والغلظة

8- وأن الظلم مستحيل على الله

9- وكلام الله لمخلوقاته وكلامها له جل شأنه

10- ومن الرواية الثامنة أن كلا من الجنة والنار ستملأ بالخلق يوم القيامة

11- وأن النار مع اتساعها ومع تقبلها للمزيد ستمتلئ عن طريق انزواء بعضها لبعض بأمر الله وعن طريق ضخامة الأجسام التي ستدخلها

12- وأن الجنة مع اتساعها ستملأ عن طريق خلق جديد يخلقه الله تعالى لها

13- ومن الرواية الثانية عشرة قدرة الله تعالى وتجسيدها المعنويات

14- ومن الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة خلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار قال القرطبي في هذه الأحاديث التصريح بأن خلود أهل النار فيها لا إلى غاية أمد وإقامتهم فيها على الدوام بلا موت ولا حياة نافعة ولا راحة كما قال تعالى { { لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها } } [فاطر 36] وكما قال { { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } } [السجدة 20] قال فمن زعم أنهم يخرجون منها وأنها تبقى خالية أو أنها تفنى وتزول فهو خارج عن مقتضى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه أهل السنة اهـ

ونقل الحافظ ابن حجر جمع بعض المتأخرين في هذه المسألة سبعة أقوال أحدها هذا الذي قاله القرطبي ونقل فيه الإجماع والثاني يعذبون فيها إلى أن تنقلب طبيعتهم فتصير نارية حتى يتلذذوا بها لموافقتها طبعهم وهذا قول بعض من ينسب إلى التصوف من الزنادقة والثالث يدخلها قوم ويخلفهم آخرون كما ثبت في الصحيح عن اليهود وقد أكذبهم الله تعالى بقوله { { وما هم بخارجين من النار } } [البقرة 167] والرابع يخرجون منها وتستمر على حالها الخامس تفنى لأنها حادثة وكل حادث يفنى وهو قول الجهمية والسادس تفنى حركاتهم البتة وهو قول أبي الهذيل العلاف من المعتزلة السابع يزول عذابها ويخرج أهلها منها جاء ذلك عن بعض الصحابة وقد مال بعض المتأخرين إلى هذا القول قال الحافظ ابن حجر وهو مذهب رديء

15- ومن الرواية التاسعة عشرة النهي عن ضرب النساء لغير ضرورة التأديب

16- والنهي عن الضحك من الضرطة ونحوها

17- وحسن الأدب والمعاشرة

18- ومن الرواية المتممة للعشرين عقوبة من سن سنة سيئة

19- ومن الرواية الثانية والعشرين وما بعدها عقوبة التسلط وإيذاء الناس

20- وعقوبة التبرج وزيادة إغواء النساء للرجال

والله أعلم.