هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5286 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، حَدَّثَهُمْ : أَنَّ الخَمْرَ حُرِّمَتْ ، وَالخَمْرُ يَوْمَئِذٍ البُسْرُ وَالتَّمْرُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5286 حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا يوسف أبو معشر البراء ، قال : سمعت سعيد بن عبيد الله ، قال : حدثني بكر بن عبد الله ، أن أنس بن مالك ، حدثهم : أن الخمر حرمت ، والخمر يومئذ البسر والتمر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas bin Malik:

Alcoholic drinks were prohibited. At that time these drinks used to be prepared from unripe and ripe dates.

":"ہم سے محمد بن ابی بکر مقدمی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے یوسف ابو معشر براء نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ میں نے سعید بن عبداللہ سے سنا ، انہوں نے کہا کہ مجھ سے بکر بن عبداللہ نے بیان کیا اور انہوں نے کہا کہمجھ سے حضرت انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ جب شراب حرام کی گئی تو وہ کچی اور پختہ کھجوروں سے تیار کی جاتی تھی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5584] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَالْخَمْرُ يَوْمئِذٍ الْبُسْرُ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا السَّنَدِ مُطَوَّلًا وَلَفْظُهُ عَنْ أَنَسٍ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَدَخَلْتُ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِي وَهِيَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَضَرَبْتُهَا بِرِجْلِي فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَشَرَابُهُمْيَوْمئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَنَسٍ كَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ فَسَمِعَ النِّدَاءَ بِتَحْرِيمِ الْخمر فَرجع فَأخْبرهُم وَوَقع عِنْد بن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ فَأَرَاقُوا الشَّرَابَ وَتَوَضَّأَ بَعْضٌ وَاغْتَسَلَ بَعْضٌ وَأَصَابُوا مِنْ طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر الْآيَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ كَانَ مُبَاحًا لَا إِلَى نِهَايَةٍ ثُمَّ حُرِّمَتْ وَقِيلَ كَانَ الْمُبَاحُ الشُّرْبَ لَا السُّكْرَ الْمُزِيلَ لِلْعَقْلِ وَحَكَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي تَفْسِيرُهُ عَنِ الْقَفَّالِ وَنَازَعَهُ فِيهِ وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْصِيلَ عِنْدَهُ أَنَّ السُّكْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقولُونَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُودُ السُّكْرِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَنُهُوا عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا فِي غَيْرِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاقِعًا وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ حَمْزَةَ وَالشَّارِفَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي مَكَانِهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ كَانَتْ مُبَاحَةً بِالْأَصْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ ثُمَّ نُسِخَتْ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَعَلَى أَنَّ السَّكَرَ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ كَمَا يَحْرُمُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنَ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ تَحْرِيمَ مَا يُتَّخَذُ لِلسُّكْرِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ فَقَالُوا يَحْرُمُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْعِنَبِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِلَّا إِذَا طُبِخَ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ قَلِيلِهِ كَوْنُهُ يَدْعُو إِلَى تَنَاوُلِ كَثِيرِهِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ وَبَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا فَقَالَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَالْكَثِيرُ إِلَّا إِذَا طُبِخَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَفِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُسْكِرُ وَمَا دُونَهُ لَا يَحْرُمُ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِدَعْوَى الْمُغَايَرَةِ فِي الِاسْمِ مَعَ اتِّحَادِ الْعلَّة فيهمَا فَإِن كل قُدِّرَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يُقَدَّرُ فِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا مِنْ أَرْفَعِ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ لِمُسَاوَاةِ الْفَرْعِ فِيهِ لِلْأَصْلِ فِي جَمِيعِ أَوْصَافِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ فِيهِ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ الْخَمْرُ حَرَامٌ وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ حَرَامٌ وَلَا يَحْرُمُ الْمُسْكِرُ مِنْهُ حَتَّى يُسْكِرَ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهَا فَقُلْتُ كَيْفَ خَالَفْتَ مَا جَاءَ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافَهُ قَالَ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ.

.

قُلْتُ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَشَارَ إِلَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ سَطِيحَةٍ لِعُمَرَ فَسَكِرَ فَجَلَدَهُ عُمَرُ قَالَ إِنَّمَا شَرِبْتُ مِنْ سَطِيحَتِكَ قَالَ أَضْرِبُكَ عَلَى السُّكْرِ وَسَعِيدٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُعْرَفُ قَالَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ سَعِيدُ بْنُ ذِي حُدَّانَ وَهُوَ غَلَطٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَاءَتْ فِي كَسْرِ النَّبِيذِ بِالْمَاءِ مِنْهَا حَدِيثُ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَبِيذَ الطَّائِف لَهُ عُرَامٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَوْ كَانَ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ لَمْ يَكُنْ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ مُزِيلًا لِتَحْرِيمِهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ بِذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كَانَ بَلَغَ التَّحْرِيمَ لَكَانَ لَا يَحِلُّ وَلَوْ ذَهَبَتْ شِدَّتُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ فَثَبَتَ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ كَانَ غَيْرَ حَرَامٍ.

.

قُلْتُ وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ شُرْبِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِفَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَقْطِيبَهُ لِأَمْرٍ غَيْرُ الْإِسْكَارِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَمْلُ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَشُوا أَنْ تَتَغَيَّرَ فَتَشْتَدُّ فَجَوَّزُوا صَبَّ الْمَاءِ فِيهَا لِيَمْتَنِعَ الِاشْتِدَادُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَكَانَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ مَزْجَهَا بِالْمَاءِ لَا يَمْنَعُ إِسْكَارَهَا إِذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ صَبِّ الْمَاءِ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّرَابِ كَانَ حَمُضَ وَلِهَذَا قَطَّبَ عُمَرُ لَمَّا شَرِبَهُ فَقَدْ قَالَ نَافِعٌ وَاللَّهِ مَا قَطَّبَ عُمَرُ وَجْهَهُ لِأَجْلِ الْإِسْكَارِ حِينَ ذَاقَهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ تَخَلَّلَ وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي شَرِبَهُ عُمَرُ قَدْ تَخَلَّلَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَنِ الْعُمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَسَرَهُ بِالْمَاءِ لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهِ.

.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى حَالَتَيْنِ هَذِهِ لَمَّا لَمْ يُقَطِّبْ حِينَ ذَاقَهُ.

.
وَأَمَّا عِنْدَمَا قَطَّبَ فَكَانَ لِحُمُوضَتِهِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَذْهَبِهِمْ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَن بن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ هِيَ الشَّرْبَةُ الَّتِي تُسْكِرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَحَجَّاجٌ هُوَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ أَيْضًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذُكِرَ هَذَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَرَوَى بِسَنَدٍ لَهُ صَحِيحٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا سَكِرَ مِنْ شَرَابٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعُودَ فِيهِ أَبَدًا.

.

قُلْتُ وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رَوَى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ عَطِشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ مِنَ السِّقَايَةِ فَقَطَّبَ فَقِيلَ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا عَلَيَّ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَصَبَّ عَلَيْهِ وَشَرِبَ قَالَ الْأَثْرَمُ احْتَجَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ إِذَا اشْتَدَّ بِغَيْرِ طَبْخٍ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي شَرِبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ شَرِبَ الْمُسْكِرَ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ قَطَّبَ مِنْ حُمُوضَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ النَّقِيعَ مَا لَمْ يَشْتَدَّ فَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ حَلَالٌ بِالِاتِّفَاقِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ ضعف حَدِيث أبي مَسْعُود الْمَذْكُور النَّسَائِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِمْ لِتَفَرُّدِ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ بِرَفْعِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ثمَّ روى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِيَوْمئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَنَسٍ كَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ فَسَمِعَ النِّدَاءَ بِتَحْرِيمِ الْخمر فَرجع فَأخْبرهُم وَوَقع عِنْد بن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ فَأَرَاقُوا الشَّرَابَ وَتَوَضَّأَ بَعْضٌ وَاغْتَسَلَ بَعْضٌ وَأَصَابُوا مِنْ طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر الْآيَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ كَانَ مُبَاحًا لَا إِلَى نِهَايَةٍ ثُمَّ حُرِّمَتْ وَقِيلَ كَانَ الْمُبَاحُ الشُّرْبَ لَا السُّكْرَ الْمُزِيلَ لِلْعَقْلِ وَحَكَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي تَفْسِيرُهُ عَنِ الْقَفَّالِ وَنَازَعَهُ فِيهِ وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْصِيلَ عِنْدَهُ أَنَّ السُّكْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقولُونَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُودُ السُّكْرِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَنُهُوا عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا فِي غَيْرِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاقِعًا وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ حَمْزَةَ وَالشَّارِفَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي مَكَانِهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ كَانَتْ مُبَاحَةً بِالْأَصْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ ثُمَّ نُسِخَتْ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَعَلَى أَنَّ السَّكَرَ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ كَمَا يَحْرُمُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنَ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ تَحْرِيمَ مَا يُتَّخَذُ لِلسُّكْرِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ فَقَالُوا يَحْرُمُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْعِنَبِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِلَّا إِذَا طُبِخَ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ قَلِيلِهِ كَوْنُهُ يَدْعُو إِلَى تَنَاوُلِ كَثِيرِهِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ وَبَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا فَقَالَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَالْكَثِيرُ إِلَّا إِذَا طُبِخَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَفِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُسْكِرُ وَمَا دُونَهُ لَا يَحْرُمُ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِدَعْوَى الْمُغَايَرَةِ فِي الِاسْمِ مَعَ اتِّحَادِ الْعلَّة فيهمَا فَإِن كل قُدِّرَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يُقَدَّرُ فِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا مِنْ أَرْفَعِ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ لِمُسَاوَاةِ الْفَرْعِ فِيهِ لِلْأَصْلِ فِي جَمِيعِ أَوْصَافِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ فِيهِ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ الْخَمْرُ حَرَامٌ وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ حَرَامٌ وَلَا يَحْرُمُ الْمُسْكِرُ مِنْهُ حَتَّى يُسْكِرَ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهَا فَقُلْتُ كَيْفَ خَالَفْتَ مَا جَاءَ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافَهُ قَالَ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ.

.

قُلْتُ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَشَارَ إِلَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ سَطِيحَةٍ لِعُمَرَ فَسَكِرَ فَجَلَدَهُ عُمَرُ قَالَ إِنَّمَا شَرِبْتُ مِنْ سَطِيحَتِكَ قَالَ أَضْرِبُكَ عَلَى السُّكْرِ وَسَعِيدٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُعْرَفُ قَالَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ سَعِيدُ بْنُ ذِي حُدَّانَ وَهُوَ غَلَطٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَاءَتْ فِي كَسْرِ النَّبِيذِ بِالْمَاءِ مِنْهَا حَدِيثُ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَبِيذَ الطَّائِف لَهُ عُرَامٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَوْ كَانَ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ لَمْ يَكُنْ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ مُزِيلًا لِتَحْرِيمِهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ بِذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كَانَ بَلَغَ التَّحْرِيمَ لَكَانَ لَا يَحِلُّ وَلَوْ ذَهَبَتْ شِدَّتُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ فَثَبَتَ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ كَانَ غَيْرَ حَرَامٍ.

.

قُلْتُ وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ شُرْبِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِفَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَقْطِيبَهُ لِأَمْرٍ غَيْرُ الْإِسْكَارِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَمْلُ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَشُوا أَنْ تَتَغَيَّرَ فَتَشْتَدُّ فَجَوَّزُوا صَبَّ الْمَاءِ فِيهَا لِيَمْتَنِعَ الِاشْتِدَادُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَكَانَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ مَزْجَهَا بِالْمَاءِ لَا يَمْنَعُ إِسْكَارَهَا إِذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ صَبِّ الْمَاءِ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّرَابِ كَانَ حَمُضَ وَلِهَذَا قَطَّبَ عُمَرُ لَمَّا شَرِبَهُ فَقَدْ قَالَ نَافِعٌ وَاللَّهِ مَا قَطَّبَ عُمَرُ وَجْهَهُ لِأَجْلِ الْإِسْكَارِ حِينَ ذَاقَهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ تَخَلَّلَ وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي شَرِبَهُ عُمَرُ قَدْ تَخَلَّلَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَنِ الْعُمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَسَرَهُ بِالْمَاءِ لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهِ.

.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى حَالَتَيْنِ هَذِهِ لَمَّا لَمْ يُقَطِّبْ حِينَ ذَاقَهُ.

.
وَأَمَّا عِنْدَمَا قَطَّبَ فَكَانَ لِحُمُوضَتِهِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَذْهَبِهِمْ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَن بن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ هِيَ الشَّرْبَةُ الَّتِي تُسْكِرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَحَجَّاجٌ هُوَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ أَيْضًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذُكِرَ هَذَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَرَوَى بِسَنَدٍ لَهُ صَحِيحٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا سَكِرَ مِنْ شَرَابٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعُودَ فِيهِ أَبَدًا.

.

قُلْتُ وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رَوَى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ عَطِشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ مِنَ السِّقَايَةِ فَقَطَّبَ فَقِيلَ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا عَلَيَّ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَصَبَّ عَلَيْهِ وَشَرِبَ قَالَ الْأَثْرَمُ احْتَجَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ إِذَا اشْتَدَّ بِغَيْرِ طَبْخٍ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي شَرِبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ شَرِبَ الْمُسْكِرَ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ قَطَّبَ مِنْ حُمُوضَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ النَّقِيعَ مَا لَمْ يَشْتَدَّ فَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ حَلَالٌ بِالِاتِّفَاقِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ ضعف حَدِيث أبي مَسْعُود الْمَذْكُور النَّسَائِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِمْ لِتَفَرُّدِ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ بِرَفْعِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ثمَّ روى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِيَكْسِرُ بِهِ غَيْرَهُ أَوْ كَسَرَ بِآلَةِ الْمِهْرَاسِ الَّتِي يُدَقُّ بِهَا فِيهِ كَالْهَاوُنِ فَأَطْلَقَ اسْمُهُ عَلَيْهَا مَجَازًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَوَاللَّهِ مَا قَالُوا حَتَّى نَنْظُرَ وَنَسْأَلَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ فِي التَّفْسِيرِ فَوَاللَّهِ مَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ وَوَقَعَ فِي الْمَظَالِمِ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ أَيْ طُرُقِهَا وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَوَارُدِ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِرَاقَتِهَا حَتَّى جَرَتْ فِي الْأَزِقَّةِ مِنْ كَثْرَتِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة بعد مَنْ قَالَ إِنَّ الْخَمْرَ الْمُتَّخَذَةَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ لَيْسَتْ نَجِسَةً لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّخَلِّي فِي الطُّرُقِ فَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً مَا أَقَرَّهُمْ عَلَى إِرَاقَتِهَا فِي الطَّرَقَاتِ حَتَّى تَجْرِيَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْإِرَاقَةِ كَانَ لِإِشَاعَةِ تَحْرِيمِهَا فَإِذَا اشْتَهَرَ ذَلِكَ كَانَ أَبْلَغَ فَتُحْتَمَلُ أَخَفُّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ الْعَظِيمَةِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الِاشْتِهَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا إِنَّمَا أُرِيقَتْ فِي الطّرق المنحدرة بِحَيْثُ تنصب إِلَى الأسربة وَالْحُشُوشِ أَوِ الْأَوْدِيَةِ فَتُسْتَهْلَكُ فِيهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ فِي قِصَّةِ صَبِّ الْخَمْرِ قَالَ فَانْصَبَّتْ حَتَّى اسْتَنْقَعَتْ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَالتَّمَسُّكُ بِعُمُومِ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِهَا كَافٍ فِي الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :5286 ... غــ :5584] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَالْخَمْرُ يَوْمئِذٍ الْبُسْرُ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا السَّنَدِ مُطَوَّلًا وَلَفْظُهُ عَنْ أَنَسٍ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَدَخَلْتُ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِي وَهِيَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَضَرَبْتُهَا بِرِجْلِي فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَشَرَابُهُمْ يَوْمئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَنَسٍ كَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ فَسَمِعَ النِّدَاءَ بِتَحْرِيمِ الْخمر فَرجع فَأخْبرهُم وَوَقع عِنْد بن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ فَأَرَاقُوا الشَّرَابَ وَتَوَضَّأَ بَعْضٌ وَاغْتَسَلَ بَعْضٌ وَأَصَابُوا مِنْ طِيبِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر الْآيَةَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ كَانَ مُبَاحًا لَا إِلَى نِهَايَةٍ ثُمَّ حُرِّمَتْ وَقِيلَ كَانَ الْمُبَاحُ الشُّرْبَ لَا السُّكْرَ الْمُزِيلَ لِلْعَقْلِ وَحَكَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي تَفْسِيرُهُ عَنِ الْقَفَّالِ وَنَازَعَهُ فِيهِ وَبَالَغَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ مَنْ لَا تَحْصِيلَ عِنْدَهُ أَنَّ السُّكْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقولُونَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ وُجُودُ السُّكْرِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَنُهُوا عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا فِي غَيْرِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاقِعًا وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ حَمْزَةَ وَالشَّارِفَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي مَكَانِهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ كَانَتْ مُبَاحَةً بِالْأَصْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ ثُمَّ نُسِخَتْ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا فِي بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَعَلَى أَنَّ السَّكَرَ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ كَمَا يَحْرُمُ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنَ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ تَحْرِيمَ مَا يُتَّخَذُ لِلسُّكْرِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ فَقَالُوا يَحْرُمُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْعِنَبِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِلَّا إِذَا طُبِخَ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْخَمْرِ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ قَلِيلِهِ كَوْنُهُ يَدْعُو إِلَى تَنَاوُلِ كَثِيرِهِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ وَبَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا فَقَالَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يَحْرُمُ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَالْكَثِيرُ إِلَّا إِذَا طُبِخَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَفِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُسْكِرُ وَمَا دُونَهُ لَا يَحْرُمُ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِدَعْوَى الْمُغَايَرَةِ فِي الِاسْمِ مَعَ اتِّحَادِ الْعلَّة فيهمَا فَإِن كل قُدِّرَ فِي الْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ يُقَدَّرُ فِي الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا مِنْ أَرْفَعِ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ لِمُسَاوَاةِ الْفَرْعِ فِيهِ لِلْأَصْلِ فِي جَمِيعِ أَوْصَافِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ فِيهِ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ الْخَمْرُ حَرَامٌ وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ حَرَامٌ وَلَا يَحْرُمُ الْمُسْكِرُ مِنْهُ حَتَّى يُسْكِرَ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهَا فَقُلْتُ كَيْفَ خَالَفْتَ مَا جَاءَ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافَهُ قَالَ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ.

.

قُلْتُ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَشَارَ إِلَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ سَطِيحَةٍ لِعُمَرَ فَسَكِرَ فَجَلَدَهُ عُمَرُ قَالَ إِنَّمَا شَرِبْتُ مِنْ سَطِيحَتِكَ قَالَ أَضْرِبُكَ عَلَى السُّكْرِ وَسَعِيدٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُعْرَفُ قَالَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ سَعِيدُ بْنُ ذِي حُدَّانَ وَهُوَ غَلَطٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَاءَتْ فِي كَسْرِ النَّبِيذِ بِالْمَاءِ مِنْهَا حَدِيثُ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَقَطَّبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَبِيذَ الطَّائِف لَهُ عُرَامٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَوْ كَانَ بَلَغَ حَدَّ الْإِسْكَارِ لَمْ يَكُنْ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ مُزِيلًا لِتَحْرِيمِهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ بِذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كَانَ بَلَغَ التَّحْرِيمَ لَكَانَ لَا يَحِلُّ وَلَوْ ذَهَبَتْ شِدَّتُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ فَثَبَتَ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ كَانَ غَيْرَ حَرَامٍ.

.

قُلْتُ وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَلَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ شُرْبِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَقْطِيبَهُ لِأَمْرٍ غَيْرُ الْإِسْكَارِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَمْلُ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَشُوا أَنْ تَتَغَيَّرَ فَتَشْتَدُّ فَجَوَّزُوا صَبَّ الْمَاءِ فِيهَا لِيَمْتَنِعَ الِاشْتِدَادُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ فَكَانَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ مَزْجَهَا بِالْمَاءِ لَا يَمْنَعُ إِسْكَارَهَا إِذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِسْكَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ صَبِّ الْمَاءِ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّرَابِ كَانَ حَمُضَ وَلِهَذَا قَطَّبَ عُمَرُ لَمَّا شَرِبَهُ فَقَدْ قَالَ نَافِعٌ وَاللَّهِ مَا قَطَّبَ عُمَرُ وَجْهَهُ لِأَجْلِ الْإِسْكَارِ حِينَ ذَاقَهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ تَخَلَّلَ وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيذُ الَّذِي شَرِبَهُ عُمَرُ قَدْ تَخَلَّلَ.

.

قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَنِ الْعُمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَسَرَهُ بِالْمَاءِ لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهِ.

.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى حَالَتَيْنِ هَذِهِ لَمَّا لَمْ يُقَطِّبْ حِينَ ذَاقَهُ.

.
وَأَمَّا عِنْدَمَا قَطَّبَ فَكَانَ لِحُمُوضَتِهِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِمَذْهَبِهِمْ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَن بن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ هِيَ الشَّرْبَةُ الَّتِي تُسْكِرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَحَجَّاجٌ هُوَ ضَعِيفٌ وَمُدَلِّسٌ أَيْضًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذُكِرَ هَذَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَرَوَى بِسَنَدٍ لَهُ صَحِيحٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا سَكِرَ مِنْ شَرَابٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعُودَ فِيهِ أَبَدًا.

.

قُلْتُ وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رَوَى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْأَثْرَمُ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ عَطِشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ مِنَ السِّقَايَةِ فَقَطَّبَ فَقِيلَ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا عَلَيَّ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَصَبَّ عَلَيْهِ وَشَرِبَ قَالَ الْأَثْرَمُ احْتَجَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ لِمَذْهَبِهِمْ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ إِذَا اشْتَدَّ بِغَيْرِ طَبْخٍ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي شَرِبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ شَرِبَ الْمُسْكِرَ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ قَطَّبَ مِنْ حُمُوضَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ النَّقِيعَ مَا لَمْ يَشْتَدَّ فَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ حَلَالٌ بِالِاتِّفَاقِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ ضعف حَدِيث أبي مَسْعُود الْمَذْكُور النَّسَائِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِمْ لِتَفَرُّدِ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ بِرَفْعِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ثمَّ روى النَّسَائِيّ عَن بن الْمُبَارَكِ قَالَ مَا وَجَدْتُ الرُّخْصَةَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِلَّا عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ (

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5286 ... غــ : 5584 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن أبي بكر المقدمي) بفتح الدال المهملة المشدّدة قال: ( حدّثنا يوسف أبو معشر) هو ابن زيد ( البراء) بفتح الموحدة والراء المشدّدة ممدودًا كان يبري السهام بصري ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الطب ( قال: سمعت سعيد بن عبيد الله) بضم العين ابن جبير بضم الجيم وفتح الموحدة ابن حيّة بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية ( قال: حدّثني) بالإفراد ( بكر بن عبد الله) بسكون الكاف المزني البصري ( أن أنس بن مالك حدّثهم أن الخمر حرّمت) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول ( والخمر يومئذ) الواو للحال أي والحال أن الخمر يوم التحريم ( البسر والتمر) أي متخذة منهما كذا أطلق الجمهور على جمع الأنبذة خمرًا وهو حقيقة في الجميع سواء كان من عنب أو غيره ومن قال إنه حقيقة في ماء العنب مجاز في غيره يلزمه جواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه والكوفيون لا يقولون بذلك من حيث الشرع.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في الطب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5286 ... غــ :5584 ]
- حدّثنا مُحمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ حَدثنَا يُوسُفُ أبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعيدَ بنَ عُبَيْدِ الله: قَالَ حدَّثني بكر بنُ عبد الله أنَّ أنسَ بن مالِكٍ حدَّثَهُمْ: أنَّ الخَمْرَ حُرِّمَتْ والخَمْرُ يَوْمَئِذٍ البُسرُ والتَّمْرُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والمقدَّمي بِفَتْح الدَّال الْمُشَدّدَة مر عَن قريب، ويوسف هُوَ ابْن يزِيد وكنيته أَبُو معشر وَهُوَ مَشْهُور بكنيته أَكثر من اسْمه، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: الْقطَّان، وَكَانَ مَشْهُورا أَيْضا بالبراء بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء وبالمد، وَكَانَ يبري السِّهَام وَهُوَ بَصرِي وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَآخر فِي الطِّبّ سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَسَعِيد ابْن عبيد الله بن جُبَير بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة ابْن حَيَّة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمَا لَهُ أَيْضا فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث، وَآخر تقدم فِي الْجِزْيَة، وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده.

قَوْله: ( حرمت) على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّحْرِيم.
قَوْله: ( وَالْخمر) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَفِي ( التَّوْضِيح) : هَذَا الحَدِيث أَيْضا حجَّة على الْعِرَاقِيّين، إِنَّمَا الْخمر من الْعِنَب وَحده لِأَن الصَّحَابَة الْقدْوَة فِي علم اللِّسَان وَلَا يجوز عَلَيْهِم أَن يفهموا أَن الْخمر إِنَّمَا هِيَ من الْعِنَب خَاصَّة، قلت: قد تكَرر هَذَا الْكَلَام فِي هَذِه الْأَبْوَاب بِلَا فَائِدَة، وَالَّذِي قَالَه نقص فِي حَقهم لنسبته إيَّاهُم إِلَى عدم الْمعرفَة بفنون الْكَلَام وهم الْقدْوَة فِي فنون الْكَلَام، وَإِنَّمَا قَالُوا الْغَيْر الْمُتَّخذ من الْعِنَب خمرًا للتشبيه بالمتخذ مِنْهُ فِي مُخَالطَة الْعقل، وَقد حققنا هَذَا الْموضع فِيمَا مضى عَن قريب.