هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
54 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا ، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
54 حدثنا عبد الله بن مسلمة ، قال : أخبرنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص ، عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الأعمال بالنية ، ولكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا ، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ .

Narrated 'Umar bin Al-Khattab:

Allah's Messenger (ﷺ) said, The reward of deeds depends upon the intention and every person will get the reward according to what he has intended. So whoever emigrated for Allah and His Apostle, then his emigration was for Allah and His Apostle. And whoever emigrated for worldly benefits or for a woman to marry, his emigration was for what he emigrated for.

0054 D’après Umar, le Messager de Dieu dit : « La valeur des actions réside dans l’intention. A chacun selon son intention: celui qui émigre en vue de Dieu et de son Messager, son émigration lui sera ainsi comptée; celui qui émigre pour avoir un certain bien de l’ici-bas ou pour épouser une femme, son émigration lui sera comptée suivant le motif qui l’a poussé à émigrer.« 

":"ہم سے عبداللہ بن مسلمہ نے بیان کیا ، کہا ہم کو امام مالک رحمہ اللہ نے خبر دی ، انھوں نے یحییٰ بن سعید سے ، انھوں نے محمد بن ابراہیم سے ، انھوں نے علقمہ بن وقاص سے ، انھوں نے حضرت عمر رضی اللہ عنہ سے کہآنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا عمل نیت ہی سے صحیح ہوتے ہیں ( یا نیت ہی کے مطابق ان کا بدلا ملتا ہے ) اور ہر آدمی کو وہی ملے گا جو نیت کرے گا ۔ پس جو کوئی اللہ اور اس کے رسول کی رضا کے لیے ہجرت کرے اس کی ہجرت اللہ اور اس کے رسول کی طرف ہو گی اور جو کوئی دنیا کمانے کے لیے یا کسی عورت سے شادی کرنے کے لیے ہجرت کرے گا تو اس کی ہجرت ان ہی کاموں کے لیے ہو گی ۔

0054 D’après Umar, le Messager de Dieu dit : « La valeur des actions réside dans l’intention. A chacun selon son intention: celui qui émigre en vue de Dieu et de son Messager, son émigration lui sera ainsi comptée; celui qui émigre pour avoir un certain bien de l’ici-bas ou pour épouser une femme, son émigration lui sera comptée suivant le motif qui l’a poussé à émigrer.« 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [54] .

     قَوْلُهُ  الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ كَذَا أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِحَذْفِ إِنَّمَا مِنْ أَوَّلِهِ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمَذْكُورُ هُنَا بِإِثْبَاتِهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على نكت من هَذَا الحَدِيث أَو الْكِتَابِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [54] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
[انظر الحديث رقم 1] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميمين واللام ( قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر حدّثنا ( مالك) هو إمام الأئمة ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي ( عن علقمة بن وقاص) الليثي ( عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( الأعمال) تجزئ ( بالنية) بالإفراد وحذف إنما، واتفق المحققون على إفادة الحصر من هذه الصيغة كالمصدرة بإنما وهو من حصر المبتدأ في الخبر، والتقدير كل الأعمال بالنية نعم خرج من العموم جزئيات بدليل، والجار والمجرور يتعلق بمحذوف قدره بعضهم قبول الأعمال واقع بالنية وفيه حذف المبتدأ وهو قبول وإقامة المضاف إليه مقامه، ثم حذف الخبر وهو واقع.
والأحسن تقدير من قدر الأعمال صحيحة أو مجزئة.
وقيل: تقدير الخبر واقع أولى من تقديره بمعتبر لأنهم أبدًا لا يضمرون إلا ما يدل عليه الظرف وهو واقع أو استقر وهي قاعدة مطّردة عندهم.
وأجيب بأنه مسلم في تقدير ما يتعلق به الظرف مطلقًا مع قطع النظر عن صورة خاصة، وأما الصورة المخصوصة فلا يقدر فيها إلا ما يليق بها مما يدل عليه المعنى أو السياق، وإنما قدر هذا خبر التقدير المبتدأ وهو قبول، وإذا قدرنا ذلك نفس الخبر لم يحتج إلى حذف المبتدأ.
( ولكل امرئ ما نوى) أي الذي نواه إذا كان المحل قابلاً كما سبق تقريره ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) نيةوعقدًا ( فهجرته إلى الله ورسوله) حكمًا وشرعًا كذا قاله ابن دقيق العيد، ورده الزركشي بأن المقدر حينئذ حال مبنية فلا تحذف، ولذا منع الرندي في شرح الجمل جعل بسم الله متعلقًا بحال محذوفة أي ابتدئ متبركًا.
قال: لأن حذف الحال لا يجوز انتهى.
وأجيب بمنع أن المقدر حال بل هو تمييز ويجوز حذف التمييز إذا دلّ عليه دليل نحو: { إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65] أي رجلاً.
ويمكن أن يقال لم يرد بتقدير نية وعقدًا في الأول وحكمًا وشرعًا في الثاني أن هناك لفظًا محذوفًا، بل أراد بيان المعنى ومغايرة الأول للثاني، وتأوّله بعضهم على إرادة المعهود المستقر في النفوس، فإن المبتدأ والخبر وكذلك الشرط والجزاء قد يتحدان لبيان الشهرة وعدم التغيير وإرادة المعهود المستقر في النفس، ويكون ذلك للتعظيم وقد يكون للتحقير وذلك بحسب المقامات والقرائن، فمن الأول قوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10] .
وقوله عليه الصلاة والسلام: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" ومن الثاني قوله: ( ومن كانت هجرته لدنيا) وفي رواية لأبوي ذر والوقت وابن عساكر وكريمة إلى دنيا ( يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) أي إلى ما ذكر واستشكل استعمال دنيا لأنها في الأصل مؤنث أدنى وأدنى أفعل تفضيل من الدنو وأفعل التفضيل إذا نكر لزم الإفراد والتذكير، وامتنع تأنيثه وجمعه ففي استعمال دنيا بالتأنيث مع كونه منكرًا إشكال، ولهذا لا يقال قصوى ولا كبرى.
وأجاب ابن مالك بأن دنيا خلعت عن الوصفية غالبًا وأجريت مجرى ما لم يكن قطّ وصفًا مما وزنه فعلى كرجعى وبهمى، فلهذا ساغ فيها ذلك.
ثم إن غرض المؤلف من إيراد هذا الحديث هنا الرد على من زعم من المرجئة: أن الإيمان قول باللسان دون عقد القلب، فبين أن الإيمان لا بدّ له من نية واعتقاد قلب فافهم.
وإنما أبرز الضمير في الجملة الأولى لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما.
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ...
هو المسك ما كررته يتضوع وهذا بخلاف الدنيا والمرأة لا سيما والسياق يُشعِر بالحثّ على الإعراض عنهما، وهذه الجملة الأولى هنا سقطت عند المؤلف من رواية الحميدي أول الكتاب فذكر في كل تبويب ما يناسبه بحسب ما رواه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [54] حدّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أخْبَرَنَا مالِكٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ مُحَمّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ عَن عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ عنْ عُمَرَ أنّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الأَعْمَالُ بالنِّيَّةِ ولِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسولِهِ ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لدنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجَرَ إِليهِ.
( الحَدِيث 54 انْظُر الحَدِيث رقم 1) .
قد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي أول الْكتاب لِأَنَّهُ صدر كِتَابه بِهَذَا الحَدِيث، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي رِجَاله ومسلمة، بِفَتْح الميمين وَاللَّام،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لما كَانَ الحَدِيث بِتَمَامِهِ صَحِيحا ثَابتا عِنْد البُخَارِيّ لم خرمه فِي صدر الْكتاب؟ مَعَ أَن الخرم جَوَازه مُخْتَلف فِيهِ.
قلت: لأخرم، بِالْجَزْمِ، لِأَن المقامات مُخْتَلفَة، فَلَعَلَّ فِي مقَام بَيَان أَن الْإِيمَان من النِّيَّة، واعتقاد الْقلب سمع الحَدِيث تَمامًا، وَفِي مقَام أَن الشُّرُوع فِي الْأَعْمَال إِنَّمَا يَصح بِالنِّيَّةِ، سمع ذَلِك الْقدر الَّذِي روى، ثمَّ إِن الخرم مُحْتَمل أَن يكون من بعض شُيُوخ البُخَارِيّ لَا مِنْهُ، ثمَّ إِن كَانَ مِنْهُ فخرمه ثمَّة لِأَن الْمَقْصُود يتم بذلك الْمِقْدَار.
فَإِن قلت: كَانَ الْمُنَاسب أَن يذكر عِنْد الخرم الشق الَّذِي يتَعَلَّق بمقصوده، وَهُوَ: أَن النِّيَّة يَنْبَغِي أَن تكون لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: لَعَلَّه نظر إِلَى مَا هُوَ الْغَالِب الْكثير بَين النَّاس.
انْتهى.
قلت: هَذَا كُله إطناب فِي الْكَلَام، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال، إِن هَذِه الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله من اخْتِلَاف الروَاة، فَكل مِنْهُم قد روى مَا سَمعه.
فَلَا خرم فِيهِ لَا من البُخَارِيّ وَلَا من شُيُوخه، وَإِنَّمَا البُخَارِيّ ذكر كل مَا رَوَاهُ من الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا زِيَادَة ونقصان بِحَسب مَا يُنَاسب الْبَاب الَّذِي وَضعه تَرْجَمَة لَهُ.
55 - حدّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ قَالَ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخْبَرَنِي عَدِيُّ بنُ ثابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عبَد اللَّهِ بنَ يَزِيدَ عنْ أبي مَسْعُودٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنْفَقَ الرَّجُلُ على أهْلِهِ يَحْتَسِبُها فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ.
قد قُلْنَا: إِن الْبَاب مَعْقُود على ثَلَاث تراجم،.
لكل تَرْجَمَة حَدِيث يطابقها، وَهَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة، وَهِي قَوْله ( والحسبة) .
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: الْحجَّاج بن منهال، بِكَسْر الْمِيم، أَبُو مُحَمَّد الْأنمَاطِي السّلمِيّ، مَوْلَاهُم وَغَيره، سمع شُعْبَة من الْأَعْلَام، وروى عَنهُ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي وَابْن وارة وَالْبَغوِيّ وَإِسْمَاعِيل القَاضِي وَالْبُخَارِيّ وَآخَرُونَ، اتّفق على توثيقه، وَكَانَ رجلا صَالحا وَكَانَ سمساراً يَأْخُذ من كل دِينَار حَبَّة، فجَاء خراساني مُوسر من أَصْحَاب الحَدِيث فَاشْترى لَهُ أنماطاً وَأَعْطَاهُ ثَلَاثِينَ دِينَارا، فَقَالَ: خُذ هَذِه سمسرتك، قَالَ: دنانيرك أَهْون عَليّ من هَذَا التُّرَاب، هَات من كل دِينَار حَبَّة، وَأخذ ذَلِك.
قَالَ أَحْمد بن عبد الله: هُوَ بَصرِي ثِقَة، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة سِتّ عشرَة أَو سَبْعَة عشرَة وَمِائَتَيْنِ، قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين فِي ( شَرحه) وروى لَهُ البُخَارِيّ، وروى مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ فِي ( شَرحه) : روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد،.

     وَقَالَ  الْمُزنِيّ فِي ( تهذيبه) : روى لَهُ السِّتَّة، وَالصَّوَاب أَن البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَأَبا دَاوُد رووا عَنهُ، وَالثَّلَاثَة الْبَقِيَّة رووا لَهُ، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة حجاج بن منهال سواهُ.
الثَّانِي: شُعْبَة بن حجاج، وَقد مر ذكره غير مرّة.
الثَّالِث: عدي بن ثَابت الْأنْصَارِيّ الْكُوفِي، سمع جده لأمه عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ والبراء بن عَازِب وَغَيرهمَا من الصَّحَابَة، روى عَنهُ الْأَعْمَش وَشعْبَة وَغَيرهمَا، قَالَ أَحْمد، ثِقَة:.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: صَدُوق وَكَانَ إِمَام مَسْجِد الشِّيعَة بِالْكُوفَةِ وقاضيهم، مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: عبد الله بن يزِيد بن حُصَيْن بن عَمْرو بن الْحَارِث بن خطمة، واسْمه عبد الله بن خَيْثَم بن مَالك بن أَوْس، أخي الْخَزْرَج ابْني حَارِثَة بن ثَعْلَبَة العنقاء، لطول عُنُقه، ابْن عَمْرو مزيقيا ابْن عَامر مَاء السَّمَاء بن حَارِثَة الغطريف بن امرىء الْقَيْس البطريق بن ثَعْلَبَة البهلول بن مَازِن بن الأزد، الْأنْصَارِيّ الخطمي الصَّحَابِيّ، سكن الْكُوفَة، وَكَانَ أَمِيرا عَلَيْهَا، شهدأَو حُصُول بَيَاض، فَإِنَّهُ مَتى كَانَ المُرَاد بِوَجْه الشّبَه هَذَا كَانَ من بَاب التشابه، وينعكس التَّشْبِيه لعدم اخْتِصَاص وَجه الشّبَه حينئذٍ بِشَيْء من الطَّرفَيْنِ، بِخِلَاف مَا لَو لم يكن وَجه الشّبَه ذَلِك، كالمبالغة فِي الضياء، فَإِنَّهُ لَا يكون من بَاب التشابه، وَلَا مِمَّا ينعكس فِي التَّشْبِيه.
قَوْله ( على أَهله) خَاص بِالْوَلَدِ وَالزَّوْجَة، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْإِنْفَاق فِي الْأَمر الْوَاجِب كالصدقة فَلَا شكّ أَن يكون آكِد، وَيلْزم مِنْهُ كَونه صَدَقَة فِي غير الْوَاجِب بِالطَّرِيقِ الأولى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ)
أَيْ بَابُ بَيَانِ مَا وَرَدَ دَالًّا عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الشَّرْعِيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَالْمُرَادُ بِالْحِسْبَةِ طَلَبُ الثَّوَابِ وَلَمْ يَأْتِ بِحَدِيثٍ لَفْظُهُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَبِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالْحِسْبَةِ وَقَولُهُ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى هُوَ بَعْضُ حَدِيثِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا أَدْخَلَ قَوْلَهُ وَالْحِسْبَةُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ تفِيد مَالا تُفِيدُ الْأُولَى .

     قَوْلُهُ  فَدَخَلَ فِيهِ هُوَ مِنْ مَقُولِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بَقِيَّةً مِمَّا وَرَدَ وَقَدْ أفْصح بن عَسَاكِرَ فِي رِوَايَتِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَعُودُ عَلَى الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَوْجِيهُ دُخُولِ النِّيَّةِ فِي الْإِيمَانِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِيمَانَ عَمَلٌ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.

.
وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تُمَيِّزُهَا لِأَنَّ النِّيَّةَ إِنَّمَا تُمَيِّزُ الْعَمَلَ لِلَّهِ عَنِ الْعَمَلِ لِغَيْرِهِ رِيَاءً وَتُمَيِّزُ مَرَاتِبَ الْأَعْمَالِ كَالْفَرْضِ عَنِ النَّدْبِ وَتُمَيِّزُ الْعِبَادَةَ عَنِ الْعَادَةِ كَالصَّوْمِ عَنِ الْحَمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَالْوُضُوءُ أَشَارَ بِهِ إِلَى خِلَافِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ النِّيَّةَ كَمَا نُقِلَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ وَسِيلَةً إِلَى عِبَادَةٍ كَالصَّلَاةِ وَنُوقِضُوا بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ وَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ فِيهِ النِّيَّةَ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِالْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِوَعْدِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ لِيَحْصُلَ الثَّوَابُ الْمَوْعُودُ.

.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا.

.
وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَإِنَّمَا تَسْقُطُ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ صَاحِبُ الْمَالِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ قَائِمٌ مَقَامَهُ.

.
وَأَمَّا الْحَجُّ فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى فَرْضِ مَنْ حَجَّ عَن غَيره لدَلِيل خَاص وَهُوَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ شُبْرُمَةَ.

.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى خِلَافِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ زُفَرَ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْحَج علىالصوم تَمَسُّكًا بِمَا وَرَدَ عِنْدَهُ فِي حَدِيثِ بُنِيَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَالْأَحْكَامُ أَيِ الْمُعَامَلَاتُ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا الِاحْتِيَاجُ إِلَى الْمُحَاكَمَاتِ فَيَشْمَلُ الْبُيُوعَ وَالْأَنْكِحَةَ وَالْأَقَارِيرَ وَغَيْرَهَا وَكُلُّ صُورَةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا النِّيَّةُ فَذَاكَ لِدَلِيلٍ خَاصٍّ وَقَدْ ذكر بن الْمُنِيرَ ضَابِطًا لِمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ فَقَالَ كُلُّ عَمَلٍ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ عَاجِلَةٌ بَلِ الْمَقْصُودُ بِهِ طَلَبُ الثَّوَابِ فَالنِّيَّةُ مُشْتَرَطَةٌ فِيهِ وَكُلُّ عَمَلٍ ظَهَرَتْ فَائِدَته ناجزة وتعاطته الطبيعة قبل الشَّرِيعَة لملائمة بَيْنَهُمَا فَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِيهِ إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ قَالَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ جِهَةِ تَحْقِيقِ مَنَاطِ التَّفْرِقَةِ قَالَ.

.
وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْمَعَانِي الْمَحْضَةِ كَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهَذَا لَا يُقَالُ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ إِلَّا مَنْوِيًّا وَمَتَى فُرِضَتِ النِّيَّةُ مَفْقُودَةً فِيهِ اسْتَحَالَتْ حَقِيقَتُهُ فَالنِّيَّةُ فِيهِ شَرط عقلى وَلذَلِك لاتشترط النِّيَّةُ لِلنِّيَّةِ فِرَارًا مِنَ التَّسَلْسُلِ.

.
وَأَمَّا الْأَقْوَالُ فَتَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ أَحَدُهَا التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ فِرَارًا مِنَ الرِّيَاءِ وَالثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ لِغَيْرِ الْمَقْصُودِ وَالثَّالِثُ قَصْدُ الْإِنْشَاءِ لِيَخْرُجَ سَبْقُ اللِّسَانِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  اللَّهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ لَا عَطْفٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ اللَّهَ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ مَعَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى نِيَّتِهِ تَفْسِيرٌ مِنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَى شَاكِلَتِهِ بِحَذْفِ أَدَاةِ التَّفْسِيرِ وَتَفْسِيرُ الشَّاكِلَةِ بِالنِّيَّةِ صَحَّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِيَّ وَقَتَادَةَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ عَنْهُمْ وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الشَّاكِلَةُ الطَّرِيقَةُ أَوِ النَّاحِيَةُ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ الدِّينُ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَوَّلُهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْهُ وَسَيَأْتِي

[ قــ :54 ... غــ :54] .

     قَوْلُهُ  الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ كَذَا أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِحَذْفِ إِنَّمَا مِنْ أَوَّلِهِ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمَذْكُورُ هُنَا بِإِثْبَاتِهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على نكت من هَذَا الحَدِيث أَو الْكِتَابِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا جَاءَ أَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلاَةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالأَحْكَامُ..
     وَقَالَ : اللَّهُ: { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} : عَلَى نِيَّتِهِ: ونَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ -يَحْتَسِبُهَا- صَدَقَةٌ..
     وَقَالَ : وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.


( باب ما جاء) في الحديث ( أن الأعمال) بفتح همزة أن وكسرها في اليونينية ولكريمة إن العمل ( بالنية والحسبة) بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين أي الاحتساب وهو الإخلاص.
( ولكل امرىءٍ ما نوى) ولفظ الحسبة من حديث أبي مسعود الآتي -إن شاء الله تعالى- وأدخلها بين الجملتين للتنبيه على أن التبويب شامل لثلاث تراجم الأعمال بالنيّة والحسبة ولكل امرىءٍ ما نوى.
وفي رواية ابن عساكر قال أبو عبد الله البخاري: وفي رواية الباقي بحذف قال أبو عبد الله وإذا كان الأعمال بالنية ( فدخل فيه) أي في الكلام المتقدم ( الإيمان) أي على رأيه لأنه عنده عمل كما مرّ البحث فيه، وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب، ( و) كذا ( الوضوء) خلافًا للحنفية لأنه عندهم من الوسائل لا عبادة مستقلة، وبأنه عليه الصلاة والسلام علم الأعرابي الجاهل الوضوء ولم يعلمه النيّة، ولو كانت فريضة لعلمه ونوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وشرطوا فيه النية، وأجابوا بأنه طهارة ضعيفة فيحتاج لتقويتها بالنية وبأن قياسه على التيمم غير مستقيم لأن الماء خلق مطهرًا.
قال الله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] .
والتراب ليس كذلك، وكان التطهير به تعبدًا محضًا فاحتاج إلى النية إذ التيمم ينبئ لغة عن القصد فلا يتحقق دونه بخلاف الوضوء ففسد قياسه على التيمم، ( و) كذا ( الصلاة) من غير خلاف أنها لا تصح إلا بالنية.
نعم نازع ابن القيم في استحباب التلفّظ بها محتجًّا بأنه لم يروَ أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلفظ بها ولا عن أحد من أصحابه.
وأجيب بأنه عون على استحضار النية القلبية وعبادة للسان وقاسه بعضهم على ما في الصحيح من حديث أنس أنه

سمع النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يلبّي بالحج والعمرة جميعًا يقول: لبيك حجًّا وعمرة، وهذا تصريح باللفظ والحكم
كما يثبت باللفظ يثبت بالقياس وتجب مقارنة النية لتكبيرة الإحرام لأنها أول الأركان، وذلك بأن يأتي بها عند أولها ويستمر ذاكرًا لها إلى آخرها.
واختار النووي في شرحي المهذب والوسيط تبعًا للإمام الغزالي الاكتفاء بالمقارنة العرفية عند العوام بحيث يعد مستحضرًا للصلاة اقتداء بالأولين في تسامحهم بذلك.
وقال ابن الرفعة: إنه الحق، وصوبه السبكي ولو عزبت النية قبل تمام التكبيرة لم تصح الصلاة لأن النية معتبرة في الانعقاد، والانعقاد لا يحصل إلا بتمام التكبيرة، ولو نوى الخروج من الصلاة أو تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت بخلاف الصوم والحج والوضوء والاعتكاف لأنها أضيق بابًا من الأربعة، فكان تأثيرها باختلاف النية أشد.
ولو علق الخروج من الصلاة بحضور شيء بطلت في الحال ولو لم يقطع بحصوله كتعليقه بدخول شخص كما لو علق به الخروج من الإسلام فإنه يكفر في الحال قطعًا، وتجب نية فعل الصلاة أي لتمتاز عن بقية الأفعال وتعيينها كالظهر والعصر لتمتاز عن غيرها ( و) كذا يدخل في قوله الأعمال بالنية ( الزكاة) إلا إن أخذها الإمام من الممتنع فإنها تسقط ولو لم ينوِ صاحب المال لأن السلطان قائم مقامه، ( و) كذا ( الحج) وإنما ينصرف إلى فرض من حج عنه غيره لدليل خاص وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة ( و) كذا ( الصوم) خلافًا لمذهب عطاء ومجاهد وزفر أن الصحيح المقيم في رمضان لا يحتاج إلى نية لأنه لا يصح النفل في رمضان، وعند الأربعة تلزم النية.
نعم تعيين الرمضانية لا يشترط عند الحنفية.
( و) كذا ( الأحكام) من المناكحات والمعاملات والجراحات إذ يشترط في كلها القصد، فلو سبق لسانه إلى بعت أو وهبت أو نكحت أو طلّقت لغا لانتفاء القصد إليه ولا يصدق ظاهرًا إلا بقرينة كأن دعا زوجته بعد طهرها من الحيض إلى فراشه وأراد أن يقول: أنت طاهر فسبق لسانه وقال: أنت الآن طالق.
( وقال: { قُلْ كُلٌّ} ) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر وقال الله تعالى: { قُلْ كُلٌّ} وللأصيلي وكريمة عز وجل { قُلْ كُلٌّ} أي كل أحد { يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] أي ( على نيته) وهو مروي عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزني وقتادة فيما أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم، وقال مجاهد والزجّاج: شاكلته أي طريقته ومذهبه وحذف المؤلف أداة التفسير ( ونفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة) حال كونه مريدًا بها وجه الله تعالى فيحتسبها حال متوسط بين المبتدأ والخبر، وفي فرع اليونينية كهي نفقة الرجل بحذف الواو، وجملة نفقة الرجل إلى آخرها ساقطة عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر.
( وقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث ابن عباس المروي عند المؤلف مسندًا: لا هجرة بعد الفتح، ( ولكن) طلب الخير ( جهاد ونية) وسقط لغير الأربعة، وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.



[ قــ :54 ... غــ : 54 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
[انظر الحديث رقم 1] .


وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميمين واللام ( قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر حدّثنا ( مالك) هو إمام الأئمة ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي ( عن علقمة بن وقاص) الليثي ( عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الأعمال) تجزئ ( بالنية) بالإفراد وحذف إنما، واتفق المحققون على إفادة الحصر من هذه الصيغة كالمصدرة بإنما وهو من حصر المبتدأ في الخبر، والتقدير كل الأعمال بالنية نعم خرج من العموم جزئيات بدليل، والجار والمجرور يتعلق بمحذوف قدره بعضهم قبول الأعمال واقع بالنية وفيه حذف المبتدأ وهو قبول وإقامة المضاف إليه مقامه، ثم حذف الخبر وهو واقع.
والأحسن تقدير من قدر الأعمال صحيحة أو مجزئة.
وقيل: تقدير الخبر واقع أولى من تقديره بمعتبر لأنهم أبدًا لا يضمرون إلا ما يدل عليه الظرف وهو واقع أو استقر وهي قاعدة مطّردة عندهم.
وأجيب بأنه مسلم في تقدير ما يتعلق به الظرف مطلقًا مع قطع النظر عن صورة خاصة، وأما الصورة المخصوصة فلا
يقدر فيها إلا ما يليق بها مما يدل عليه المعنى أو السياق، وإنما قدر هذا خبر التقدير المبتدأ وهو قبول، وإذا قدرنا ذلك نفس الخبر لم يحتج إلى حذف المبتدأ.
( ولكل امرئ ما نوى) أي الذي نواه إذا كان المحل قابلاً كما سبق تقريره ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) نية وعقدًا ( فهجرته إلى الله ورسوله) حكمًا وشرعًا كذا قاله ابن دقيق العيد، ورده الزركشي بأن المقدر حينئذ حال مبنية فلا تحذف، ولذا منع الرندي في شرح الجمل جعل بسم الله متعلقًا بحال محذوفة أي ابتدئ متبركًا.

قال: لأن حذف الحال لا يجوز انتهى.
وأجيب بمنع أن المقدر حال بل هو تمييز ويجوز حذف التمييز إذا دلّ عليه دليل نحو: { إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65] أي رجلاً.
ويمكن أن يقال لم يرد بتقدير نية وعقدًا في الأول وحكمًا وشرعًا في الثاني أن هناك لفظًا محذوفًا، بل أراد بيان المعنى ومغايرة الأول للثاني، وتأوّله بعضهم على إرادة المعهود المستقر في النفوس، فإن المبتدأ والخبر وكذلك الشرط والجزاء قد يتحدان لبيان الشهرة وعدم التغيير وإرادة المعهود المستقر في النفس، ويكون ذلك للتعظيم وقد يكون للتحقير وذلك بحسب المقامات والقرائن، فمن الأول قوله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10] .
وقوله عليه الصلاة والسلام: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" ومن الثاني قوله: ( ومن كانت هجرته لدنيا) وفي رواية لأبوي ذر والوقت وابن عساكر وكريمة إلى دنيا ( يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) أي إلى ما ذكر واستشكل استعمال دنيا لأنها في الأصل مؤنث أدنى وأدنى أفعل تفضيل من الدنو وأفعل التفضيل إذا نكر لزم الإفراد والتذكير، وامتنع تأنيثه وجمعه ففي استعمال دنيا بالتأنيث مع كونه منكرًا إشكال، ولهذا لا يقال قصوى ولا كبرى.
وأجاب ابن مالك بأن دنيا خلعت عن الوصفية غالبًا وأجريت مجرى ما لم يكن قطّ وصفًا مما وزنه فعلى كرجعى وبهمى، فلهذا ساغ فيها ذلك.
ثم إن غرض المؤلف من إيراد هذا الحديث هنا الرد على من زعم من المرجئة: أن الإيمان قول باللسان دون

عقد القلب، فبين أن الإيمان لا بدّ له من نية واعتقاد قلب فافهم.
وإنما أبرز الضمير في الجملة الأولى لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما.

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع
وهذا بخلاف الدنيا والمرأة لا سيما والسياق يُشعِر بالحثّ على الإعراض عنهما، وهذه الجملة الأولى هنا سقطت عند المؤلف من رواية الحميدي أول الكتاب فذكر في كل تبويب ما يناسبه بحسب ما رواه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا جاءَ أنّ الأعْمَال بالنِّيَّةِ والحِسْبَةِ ولِكُلِّ امرِىء مَا نَوَى)

الْكَلَام فِيهِ على وُجُوه.
الأول: التَّقْدِير: هَذَا بابُُ بَيَان مَا جَاءَ، وارتفاع الْبابُُ على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَهُوَ مُضَاف إِلَى كلمة: مَا، الَّتِي هِيَ مَوْصُولَة، وَأَن، مَفْتُوحَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا فَاعل جَاءَ، وَالْمعْنَى: مَا ورد فِي الحَدِيث ( إِن الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) .
أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا بِهَذَا اللَّفْظ على مَا يَأْتِي الْآن، وَكَذَلِكَ أخرجه بِهَذَا اللَّفْظ فِي بابُُ هِجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد ذكرنَا فِي أول الْكتاب أَنه أخرج هَذَا الحَدِيث فِي سَبْعَة مَوَاضِع عَن سَبْعَة شُيُوخ.
وَقَوله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) من بعض هَذَا الحَدِيث وَقَوله: ( والحسبة) لَيْسَ من لفظ الحَدِيث أصلا، لَا من هَذَا الحَدِيث وَلَا من غَيره، وَإِنَّمَا أَخذه من لَفْظَة: يحتسبها، الَّتِي فِي حَدِيث أبي مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ، الَّذِي ذكره فِي هَذَا الْبابُُ، فَإِن قلت: والحسبة، عطف على قَوْله: بِالنِّيَّةِ، وداخل فِي حكمه، وَقَوله: مَا جَاءَ يَشْمَل كليهمَا، وكل مِنْهُمَا يُؤذن بِأَنَّهُ من لفظ الحَدِيث وَلَيْسَ كَذَلِك.
قلت: لَا نسلم.
أما الْمَعْطُوف فَلَا يلْزم أَن يكون مشاركا للمعطوف عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْأَحْكَام، وَأما شُمُول قَوْله: مَا جَاءَ كلا اللَّفْظَيْنِ، فَإِنَّهُ أَعم أَن يكون بِاللَّفْظِ الْمَرْوِيّ بِعَيْنِه، أَو بِلَفْظ يدل عَلَيْهِ مَأْخُوذ مِنْهُ، وَقَوله: الْحِسْبَة، إسم من قَوْله: يحتسبها، الَّذِي ورد فِي حَدِيث أبي مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ، فَحِينَئِذٍ دخلت هَذِه اللَّفْظَة تَحت قَوْله: مَا جَاءَ.
فَإِن قلت: سلمنَا ذَلِك، وَلَكِن قَوْله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) من تَتِمَّة قَوْله: ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) ، وَقَوله: ( والحسبة) لَيْسَ مِنْهُ وَلَا من غَيره بِهَذَا اللَّفْظ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: بابُُ مَا جَاءَ أَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَلكُل امرىء مَا نوى والحسبة.
قلت: نعم كَانَ هَذَا مُقْتَضى الظَّاهِر، وَلَكِن لما كَانَ لفظ: الْحِسْبَة، من الاحتساب، وَهُوَ: الْإِخْلَاص، كَانَ ذكره عقيب النِّيَّة أمسّ من ذكره عقيب قَوْله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) ، لِأَن النِّيَّة إِنَّمَا تعْتَبر إِذا كَانَت بالإخلاص.
قَالَ الله تَعَالَى: { مُخلصين لَهُ الدّين} وَجَوَاب آخر، وَهُوَ: أَنه عقد هَذَا الْبابُُ على ثَلَاث تراجم: الأولى: هِيَ أَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ، وَالثَّانيَِة: هِيَ الْحِسْبَة، وَالثَّالِثَة: هِيَ قَول: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) .
وَلِهَذَا أخرج فِي هَذَا الْبابُُ ثَلَاثَة أَحَادِيث، لكل تَرْجَمَة حَدِيث، فَحَدِيث عمر، رَضِي الله عَنهُ، لقَوْله: ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) وَحَدِيث أبي مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لقَوْله: ( والحسبة) وَحَدِيث سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله عَنهُ لقَوْله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) .
فَلَو أخر لفظ: الْحِسْبَة، إِلَى آخر الْكَلَام، وَذكره عقيب قَوْله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) ، كَانَ يفوت قَصده التَّنْبِيه على ثَلَاث تراجم، وَإِنَّمَا كَانَ يفهم مِنْهُ ترجمتان: الأولى: من قَوْله ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَلكُل امرىء مَا نوى) وَالثَّانيَِة: من قَوْله ( والحسبة) فَانْظُر إِلَى هَذِه النكات، هَل ترى شارحا ذكرهَا أَو حام حولهَا؟ وكل ذَلِك بالفيض الإل هِيَ والعناية الرحمانية.

الْوَجْه الثَّانِي: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول هُوَ الْأَعْمَال الَّتِي يدْخل بهَا العَبْد الْجنَّة، وَلَا يكون الْعَمَل عملا إلاَّ بِالنِّيَّةِ وَالْإِخْلَاص، فَلذَلِك ذكر هَذَا الْبابُُ عقيب الْبابُُ الْمَذْكُور.
وَأَيْضًا فَالْبُخَارِي أَدخل الْإِيمَان فِي جملَة الْأَعْمَال، فَيشْتَرط فِيهَا النِّيَّة، وَهُوَ اعْتِقَاد الْقلب بقوله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: أَرَادَ البُخَارِيّ الرَّد على المرجئة: أَن الْإِيمَان قَول بِاللِّسَانِ دون عقد الْقلب، أَلا يرى إِلَى تأكيده بقوله: ( فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله) إِلَى آخر الحَدِيث.

الْوَجْه الثَّالِث: إِن الْحِسْبَة، بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، اسْم من الاحتساب، وَالْجمع: الْحسب.
يُقَال: احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله، أَي: اعتددته أنوي بِهِ وَجه الله تَعَالَى.
وَمِنْه قَوْله، عَلَيْهِ السَّلَام: ( من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .
وَفِي حَدِيث عمر، رَضِي الله عَنهُ: ( يَا أَيهَا النَّاس! احتسبوا أَعمالكُم، فَإِن من احتسب عمله كتب لَهُ أجر عمله وَأجر حسبته) ..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: يُقَال: احتسبت بِكَذَا أجرا عِنْد الله، وَالِاسْم: الْحِسْبَة، بِالْكَسْرِ، وَهِي الْأجر.
وَكَذَا قَالَ فِي ( الْعبابُ) : الْحِسْبَة بِالْكَسْرِ: الْأجر، وَيُقَال: إِنَّه يحسن الْحِسْبَة فِي الْأَمر: إِذا كَانَ حسن التَّدْبِير لَهُ والحسبة، أَيْضا: من الْحساب.
مِثَال: الْعقْدَة وَالركبَة،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: احتسبت عَلَيْهِ بِكَذَا، أَي: أنكرته عَلَيْهِ.
وَمِنْه: محتسب الْبَلَد، واحتسب فلَان ابْنا أَو بِنْتا، إِذا مَاتَ وَهُوَ كَبِير، فَإِن مَاتَ صَغِيرا قيل: افترطه..
     وَقَالَ  ابْن السّكيت: احتسبت فلَانا: اختبرت مَا عِنْده، وَالنِّسَاء يحتسبن مَا عِنْد الرِّجَال لَهُنَّ: أَي يختبرن..
     وَقَالَ  بَعضهم: المُرَاد بالحسبة طلب الثَّوَاب.
قلت: لم يقل أحد من أهل اللُّغَة: إِن الْحِسْبَة طلب الثَّوَاب، بل مَعْنَاهَا مَا ذَكرْنَاهُ من أَصْحَاب اللُّغَات، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظ أَيْضا مَا يشْعر بِمَعْنى الطّلب، وَإِنَّمَا الْحِسْبَة هُوَ: الثَّوَاب، على مَا فسره الْجَوْهَرِي، وَالثَّوَاب: هُوَ الْأجر على أَنه لَا يُفَسر بِهِ فِي كل مَوضِع، أَلا ترى إِلَى حَدِيث عمر، رَضِي الله عَنهُ: فَإِن فِيهِ أجر حسبته، وَلَو فسرت الْحِسْبَة بِالْأَجْرِ فِي كل الْمَوَاضِع يصير الْمَعْنى فِيهِ: كتب لَهُ أجر عمله وَأجر أجره، وَهَذَا لَا معنى لَهُ، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: لَهُ أجر عمله وَأجر احتساب عمله، وَهُوَ إخلاصه فِيهِ.
أَو الْمَعْنى: من اعْتد عمله نَاوِيا، كتب لَهُ أجر عمله وَأجر نِيَّته.

فَدَخَلَ فيهِ: الإيمانُ والوضُوء والصَّلاةُ والزَّكاةُ والحَجُّ والصَّوْم والأحْكامُ
هَذَا من مقول البُخَارِيّ لَا من تَتِمَّة مَا جَاءَ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ ماصرح بِهِ فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر، فَقَالَ: قَالَ أَبُو عبد الله فَدخل فِيهِ الْإِيمَان إِلَخ، وَالْمرَاد بِأبي عبد الله هُوَ: البُخَارِيّ نَفسه.
فَإِن قلت: مَا الْفَاء فِي قَوْله: فَدخل؟ قلت: فَاء جَوَاب شَرط مَحْذُوف، تَقْدِيره: إِذا كَانَ الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ فَدخل فِيهِ الْإِيمَان ... الخ، وَالضَّمِير فِي: فِيهِ، يرجع إِلَى مَا تقدم من قَوْله: بابُُ مَا جَاءَ أَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ ... الخ، والتذكير بِاعْتِبَار الْمَذْكُور.

ثمَّ اعْلَم أَنه ذكر هُنَا سَبْعَة أَشْيَاء:
الأول: الْإِيمَان، فَدَخَلُوا فِي ذَلِك على مَا ذهب إِلَيْهِ البُخَارِيّ من أَن الْإِيمَان عمل، وَقد علم أَن معنى الْإِيمَان إِمَّا التَّصْدِيق أَو معرفَة الله تَعَالَى بِأَنَّهُ وَاحِد لَا شريك لَهُ، وكل مَا جَاءَ من عِنْده حق، فَإِن كَانَ المُرَاد الأول فَلَا دخل للنِّيَّة فِيهِ، لِأَن الشَّارِع قَالَ: الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ، والأعمال حركات الْبدن، وَلَا دخل للقلب فِيهِ.
وَإِن كَانَ المُرَاد الثَّانِي، فدخول النِّيَّة فِيهِ محَال، لِأَن معرفَة الله تَعَالَى، لَو توقفت على النِّيَّة، مَعَ أَن النِّيَّة قصد الْمَنوِي بِالْقَلْبِ، لزم أَن يكون عَارِفًا بِاللَّه قبل مَعْرفَته، وَهُوَ محَال، وَلِأَن الْمعرفَة، وَكَذَا الْخَوْف والرجاء، متميزة لله تَعَالَى بصورتها، وَكَذَا التَّسْبِيح وَسَائِر الْأَذْكَار والتلاوة لَا يحْتَاج شَيْء مِنْهَا إِلَى نِيَّة التَّقَرُّب.

الثَّانِي: الْوضُوء، فدخوله فِي ذَلِك على مذْهبه، وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَعَامة أَصْحَاب الحَدِيث، وَعَن أبي حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حييّ: لَا يدْخل، وَقَالُوا: لَيْسَ الْوضُوء عبَادَة مُسْتَقلَّة، وَإِنَّمَا هِيَ وَسِيلَة إِلَى الصَّلَاة..
     وَقَالَ  الْخصم: ونوقضوا بِالتَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ وَسِيلَة، وَقد اشْترط الْحَنَفِيَّة النِّيَّة فِيهِ.
قلت: هَذَا التَّعْلِيل ينْتَقض بتطهير الثَّوْب وَالْبدن عَن الْخبث، فَإِنَّهُ طَهَارَة، وَلم يشْتَرط فِيهَا النِّيَّة، فَإِن قَالُوا: الْوضُوء تَطْهِير حكمي ثَبت شرعا غير مَعْقُول، لِأَن لَا يعقل فِي الْمحل نَجَاسَة تَزُول بِالْغسْلِ إِذْ الْأَعْضَاء طَاهِرَة حَقِيقَة وَحكما، إِمَّا حَقِيقَة فَظَاهر، وَأما حكما فَلِأَنَّهُ لَو صلى إِنْسَان وَهُوَ حَامِل مُحدث جَازَت الصَّلَاة، وَإِذا ثَبت أَنه تعبدي، وَحكم الشَّرْع بِالنَّجَاسَةِ فِي حق الصَّلَاة فَجَعلهَا كالحقيقة، كَانَ مثل التَّيَمُّم، حَيْثُ جعل الشَّارِع مَا لَيْسَ بمطهر حَقِيقَة مطهرا حكما، فَيشْتَرط فِيهِ النِّيَّة كالتيمم، تَحْقِيقا لِمَعْنى التَّعَبُّد إِذْ الْعِبَادَة لَا تتأدى بِدُونِ النِّيَّة، بِخِلَاف غسل الْخبث، فَإِنَّهُ مَعْقُول لما فِيهِ من إِزَالَة عين النَّجَاسَة عَن الْبدن أَو الثَّوْب، فَلَا يتَوَقَّف على النِّيَّة.
قُلْنَا: المَاء مطهر بطبعه لِأَنَّهُ خلق مطهرا.
قَالَ الله تَعَالَى: { وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} ( الْفرْقَان: 48) كَمَا أَنه مزيل للنَّجَاسَة ومطهر بطبعه، وَإِذا كَانَ كَذَلِك تحصل الطَّهَارَة بِاسْتِعْمَالِهِ، سَوَاء نوى أَو لم ينْو، كالنار يحصل بهَا الإحراق، وَإِن لم يقْصد.
وَالْحَدَث يعم الْبدن لِأَنَّهُ غير متجزىء فيسري إِلَى الْجَمِيع، وَلِهَذَا يُوصف بِهِ كُله، فَيُقَال: فلَان مُحدث، كَسَائِر الصِّفَات، إِذْ لَيْسَ بعض الْأَعْضَاء أولى بِالسّرَايَةِ من الْبَعْض، إِذْ لَو خصص بعض الْأَعْضَاء بِالْحَدَثِ لخصَّ مَوضِع خُرُوج النَّجَاسَة بذلك، لِأَنَّهُ أولى الْمَوَاضِع بِهِ لخُرُوج النَّجَاسَة مِنْهُ، لكنه لم يخص، فَإِنَّهُ لَا يُقَال: مخرجه مُحدث، فَإِذا لم يخص الْمخْرج بذلك فَغَيره أولى، وَإِذا ثَبت أَن الْبدن كُله مَوْصُوف بِالْحَدَثِ كَانَ الْقيَاس غسل كُله، إلاَّ أَن الشَّرْع اقْتصر على غسل الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ الْأُمَّهَات للأعضاء تيسيرا، وَأسْقط غسل الْبَاقِي فِيمَا يكثر وُقُوعه، كالحدث الْأَصْغَر، دفعا للْحَرج، وَفِيمَا عداهُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يكثر وجوده كالحدث الْأَكْبَر، مثل: الْجَنَابَة وَالْحيض وَالنّفاس، أقرّ على الأَصْل حَيْثُ أوجب غسل الْبدن فِيهَا، فَثَبت بِمَا ذكرنَا أَن مَا لَا يعقل مَعْنَاهُ وصف كل الْبدن بِالنَّجَاسَةِ مَعَ كَونه طَاهِرا حَقِيقَة، وَحكمهَا دون تَخْصِيص الْمخْرج، وَكَذَا الِاقْتِصَار على غسل بعض الْبدن، وَهُوَ الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة، بعد سرَايَة الْحَدث إِلَى جَمِيع الْبدن غير مَعْقُول، وكونهما مِمَّا لَا يعقل لَا يُوجب تَغْيِير صفة المطهر، فَبَقيَ المَاء مطهرا كَمَا كَانَ، فيطهر مُطلقًا.
وَالنِّيَّة لَو اشْترطت، إِنَّمَا تشْتَرط للْفِعْل الْقَائِم بِالْمَاءِ وَهُوَ التَّطْهِير، لَا الْوَصْف الْقَائِم بِالْمحل وَهُوَ الْحَدث، لِأَنَّهُ ثَابت بِدُونِ النِّيَّة، وَقد بَينا أَن المَاء، فِيمَا يقوم بِهِ من صفة التَّطْهِير، لَا يحْتَاج إِلَى النِّيَّة، لِأَنَّهُ مطهر طبعا، فَيكون التَّطْهِير بِهِ معقولاً، فَلَا يحْتَاج إِلَى النِّيَّة، كَمَا لَا يحْتَاج فِي غسل الْخبث بِخِلَاف التُّرَاب، فَإِنَّهُ غير مطهر بطبعه لكَونه ملوثا بالطبع، وَإِنَّمَا صَار مطهرا شرعا حَال إِرَادَة الصَّلَاة بِشَرْط فقد المَاء، فَإِذا وجدت نِيَّة إِرَادَة الصَّلَاة صَار مطهرا، وَبعد إِرَادَة الصَّلَاة وصيرورته مطهرا شرعا مستغن عَن النِّيَّة، كَمَا اسْتغنى المَاء عَنْهَا بِلَا فرق بَينهمَا.

الثَّالِث: الصَّلَاة، وَلَا خلاف أَنَّهَا لَا تجوز إِلَّا بِالنِّيَّةِ.

الرَّابِع: الزَّكَاة، فَفِيهَا تَفْصِيل، وَهُوَ: أَن صَاحب النّصاب الحولي إِذا دفع زَكَاته إِلَى مستحقيها لَا يجوز لَهُ ذَلِك إلاَّ بنية مُقَارنَة للْأَدَاء، أَو عِنْد عزل مَا وَجب مِنْهَا تيسيرا لَهُ، وَأما إِذا كَانَ لَهُ دين على فَقير فَأَبْرَأهُ عَنهُ، سقط زَكَاته عَنهُ نوى بِهِ الزَّكَاة أَو لَا، وَلَو وهب دينه من فَقير، وَنوى عَنهُ زَكَاة دين آخر على رجل آخر، أَو نوى زَكَاة عين لَهُ، لَا يَصح.
وَلَو غلب الْخَوَارِج على بَلْدَة فَأخذُوا الْعشْر سقط عَن أَرْبابُُ الْأَمْوَال بِخِلَاف الزَّكَاة، فَإِن للْإِمَام أَن يَأْخُذهَا ثَانِيًا، لِأَن التَّقْصِير هَهُنَا من جِهَة صَاحب المَال حَيْثُ مر بهم، وَهُنَاكَ التَّقْصِير فِي الإِمَام حَيْثُ قصر فيهم..
     وَقَالَ ت الشَّافِعِي: السُّلْطَان إِذا أَخذ الزَّكَاة فَإِنَّهَا تسْقط وَلَو لم ينْو صَاحب المَال، لِأَن السُّلْطَان قَائِم مقَامه.
قلت: كَانَ يَنْبَغِي على أصلهم أَن لَا تسْقط إلاَّ بِالنِّيَّةِ مِنْهُ، لِأَن السُّلْطَان قَائِم مقَامه فِي دَفعهَا إِلَى الْمُسْتَحقّين لَا فِي النِّيَّة، وَلَا حرج فِي اشْتِرَاط النِّيَّة عِنْد أَخذ السُّلْطَان.

الْخَامِس: الْحَج، وَلَا خلاف فِيهِ أَنه لَا يجوز إلاَّ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ دَاخل فِي عُمُوم الحَدِيث.
فَإِن قلت: قَالَ الشَّافِعِي: إِذا نوى الْحَج عَن غَيره ينْصَرف إِلَى حج نَفسه، ويجزيه عَن فَرْضه، وَقد ترك الْعَمَل بِعُمُوم الحَدِيث.
قلت: قَالَت الشَّافِعِيَّة: أخرجه الشَّافِعِي من عُمُوم الحَدِيث بِحَدِيث شبْرمَة، وَالْعَمَل بالخاص مقدم لِأَنَّهُ جمع بَين الدَّلِيلَيْنِ، وَحَدِيث شبْرمَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل وهناد بن السّري الْمَعْنى وَاحِد.
قَالَ إِسْحَاق: أَنبأَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عُرْوَة عَن سعيد بن جُبَير: ( عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يَقُول: لبيْك عَن شبْرمَة.
قَالَ: من شبْرمَة؟ قَالَ: أَخ لَهُ، أَو قريب لَهُ.
قَالَ: حججْت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: حج عَن نَفسك، ثمَّ حج عَن شبْرمَة)
.
رُوَاته كلهم رجال مُسلم، إلاَّ إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل شيخ أبي دَاوُد، وَقد وَثَّقَهُ بَعضهم..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَيْسَ فِي هَذَا الْبابُُ أصح مِنْهُ، وَقد أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي ( سنَنه) وَجَاء فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: ( فَاجْعَلْ هَذِه عَن نَفسك، ثمَّ حج عَن شبْرمَة) .
وَفِي رِوَايَة لَهُ أَيْضا: ( هَذِه عَنْك، وَحج عَن شبْرمَة) ..
     وَقَالَ : فهم من هَذَا الحَدِيث: أَنه لَا بُد من تَقْدِيم فرض نَفسه، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، واحتجت الْحَنَفِيَّة بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم: ( أَن امْرَأَة من خثعم قَالَت: يَا رَسُول الله إِن أبي أَدْرَكته فَرِيضَة الْحَج، وَإنَّهُ شيخ كَبِير لَا يسْتَمْسك على الرَّاحِلَة، أفأحج عَنهُ؟ قَالَ: نعم حجي عَن أَبِيك) من غير استفسار: هَل حججْت أم لَا؟ وَهَذَا أصح من حَدِيث شبْرمَة، على أَن الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: الصَّحِيح من الرِّوَايَة: ( اجْعَلْهَا فِي نَفسك ثمَّ حج عَن شبْرمَة) قَالُوا: كَيفَ يَأْمُرهُ بذلك وَالْإِحْرَام وَقع عَن الأول؟ قُلْنَا: يحْتَمل أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام حِين لم يكن الْإِحْرَام لَازِما على مَا رُوِيَ عَن بعض الصَّحَابَة أَنه تحلل فِي حجَّة الْوَدَاع عَن الْحَج بِأَفْعَال الْعمرَة، فَكَانَ يُمكنهُ فسخ الأول وَتَقْدِيم حج نَفسه، والزيادات الَّتِي رَوَاهَا الْبَيْهَقِيّ لم تثبت.

السَّادِس: الصَّوْم، فَفِيهِ خلاف، فمذهب عَطاء وَمُجاهد وَزفر أَن الصَّحِيح الْمُقِيم فِي رَمَضَان لَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة، لِأَنَّهُ لَا يَصح فِي رَمَضَان النَّفْل فَلَا معنى للنِّيَّة؟ وَعند الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة: لَا بُد من النِّيَّة، غير أَن تعْيين الرمضانية لَيْسَ بِشَرْط عِنْد الْحَنَفِيَّة، حَتَّى لَو صَامَ رَمَضَان بنية قَضَاء أَو نذر عَلَيْهِ أَو تطوع أَنه يجزىء عَن فرض رَمَضَان.
فَإِن قلت: لِمَ قدم الْحَج على الصَّوْم؟ قلت: بِنَاء على مَا ورد عِنْده فِي حَدِيث: ( بني الْإِسْلَام على خمس) .
وَقد تقدم.

السَّابِع: الْأَحْكَام، قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: الْأَحْكَام أَي: بِتَمَامِهَا، فَيدْخل فِيهِ تَمام الْمُعَامَلَات والمناكحات والجراحات، إِذْ يشْتَرط فِي كلهَا الْقَصْد إِلَيْهِ، وَلِهَذَا لَو سبق لِسَانه من غير قصد إِلَى: بِعْت ورهنت وَطلقت ونكحت، لم يَصح شَيْء مِنْهَا.
قلت: كَيفَ يَصح أَن يُقَال: الْأَحْكَام بِتَمَامِهَا، وَكثير مِنْهَا لَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة، بِخِلَاف بَين الْعلمَاء؟ فَإِن قَالَ هَذَا بِنَاء على مذْهبه فمذهبه لَيْسَ كَذَلِك، فَإِن القَاضِي أَبَا الطّيب نقل عَن الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي أَن: مَن صرح بِلَفْظ الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْعِتْق، وَلم يكن لَهُ نِيَّة، يلْزمه فِي الحكم.
وَكَذَلِكَ أَدَاء الدّين ورد الودائع وَالْأَذَان والتلاوة والأذكار وَالْهِدَايَة إِلَى الطَّرِيق وإماطة الْأَذَى عبادات كلهَا تصح بِلَا نِيَّة إِجْمَاعًا..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَالْأَحْكَام أَي: الْمُعَامَلَات الَّتِي يدْخل فِيهَا الِاحْتِيَاج إِلَى المحاكمات فَيشْمَل الْبيُوع والأنكحة والأقارير وَغَيرهَا.
قلت.
هَذَا أَيْضا مثل ذَلِك، فَإِن رد الودائع فِيمَا تقع بِهِ فِيهِ المحاكمة، مَعَ أَن النِّيَّة لَيست بِشَرْط فِيهِ إِجْمَاعًا، وَكَذَلِكَ أَدَاء الدّين.
فَإِن قلت: مؤدي الدّين أَو راد الْوَدِيعَة يقْصد بَرَاءَة الذِّمَّة، وَذَلِكَ عبَادَة.
قلت: نَحن لَا ندعي أَن النِّيَّة لَا تُوجد فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء، وَإِنَّمَا ندعي عدم اشْتِرَاطهَا، ومؤدي الدّين إِذا قصد بَرَاءَة الذِّمَّة بَرِئت ذمَّته وَحصل بِهِ الثَّوَاب، وَلَيْسَ لنا فِيهِ نزاع، وَإِذا أدّى من غير نِيَّة بَرَاءَة الذِّمَّة، هَل يَقُول أحد إِن ذمَّته لَا تَبرأ.

وَقَالَ ابْن الْمُنِير: كل عمل لَا تظهر لَهُ فَائِدَة عَاجلا، بل الْمَقْصُود بِهِ طلب الثَّوَاب، فالنية شَرط فِيهِ، وكل عمل ظَهرت فَائِدَته ناجزة، وتقاضته الطبيعة، فَلَا يشْتَرط فِيهِ النِّيَّة، إلاَّ لمن قصد بِفِعْلِهِ معنى آخر يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الثَّوَاب قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتلفت الْعلمَاء فِي بعض الصُّور لتحَقّق منَاط التَّفْرِقَة.
قَالَ: وَأما مَا كَانَ من الْمعَانِي المختصة: كالخوف والرجاء، فَهَذَا لَا يُقَال فِيهِ بِاشْتِرَاط النِّيَّة، لِأَنَّهُ لَا يُمكن إلاَّ منوياً وَمَتى فرضت النِّيَّة مفقودة فِيهِ استحالت حَقِيقَته، فالنية فِيهَا شَرط عَقْلِي، وَكَذَلِكَ لَا تشْتَرط النِّيَّة للنِّيَّة فِرَارًا من التسلسل.

قلت: فِيهِ نظر من وُجُوه.
الأول: فِي قَوْله: كل عمل لَا يظْهر لَهُ فَائِدَة، فَإِنَّهُ منقوض بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَالْأَذَان وَسَائِر الْأَذْكَار.
فَإِنَّهَا أَعمال لَا تظهر لَهَا فَائِدَة عَاجلا، بل الْمَقْصُود مِنْهَا طلب الثَّوَاب، مَعَ أَن النِّيَّة لَيست بِشَرْط فِيهَا بِلَا خلاف.
الثَّانِي: فِي قَوْله: وكل عمل ظَهرت.
إِلَى آخِره.
فَإِنَّهُ منقوض أَيْضا بِالْبيعِ وَالرَّهْن وَالطَّلَاق وَالنِّكَاح بسبق اللِّسَان من غير قصد، فَإِنَّهُ منقوض لم يَصح شَيْء مِنْهَا على أصلهم لعدم النِّيَّة.
الثَّالِث: فِي قَوْله: وَأما مَا كَانَ من الْمعَانِي المختصة.
إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ جعل النِّيَّة فِيهِ حَقِيقَة تِلْكَ الْمعَانِي، ثمَّ قَالَ: فالنية فِيهَا شَرط عَقْلِي، وَبَين الْكَلَامَيْنِ تنَاقض.
الرَّابِع: فِي قَوْله: وَكَذَلِكَ لَا تشْتَرط النِّيَّة للنِّيَّة فِرَارًا من التسلسل، فَإِنَّهُ بنى عدم اشْتِرَاط النِّيَّة للنِّيَّة على الْفِرَار من التسلسل وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن الشَّارِع شَرط النِّيَّة للأعمال، وَهِي حركات الْبدن، وَالنِّيَّة خطرة الْقلب وَلَيْسَت من الْأَعْمَال، وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( نِيَّة الْمُؤمن خير من عمله) .
فَإِذا كَانَت النِّيَّة عملا يكون الْمَعْنى: عمل الْمُؤمن خير من عمله.
وَهَذَا لَا معنى لَهُ.

وَقَالَ الله تَعَالَى { قُلْ كُلٌّ يَعْمَل على شاكِلَتِهِ} على نيَّتِهِ.

قَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَنه جملَة حَالية لَا عطف، وَحَكَاهُ بَعضهم عَنهُ، ثمَّ قَالَ: أَي مَعَ أَن الله قَالَ: قلت: لَيْت شعري مَا هَذِه الْحَال؟ وَأَيْنَ ذُو الْحَال؟ وَهل هِيَ مَبْنِيَّة لهيئة الْفَاعِل أَو لهيئة الْمَفْعُول؟ على أَن الْقَوَاعِد النحوية تَقْتَضِي أَن الْفِعْل الْمَاضِي الْمُثبت إِنَّمَا يَقع حَالا إِذا كَانَ فِيهِ: قد، لِأَن الْمَاضِي من حَيْثُ إِنَّه مُنْقَطع الْوُجُود عَن زمَان الْحَال منَاف لَهُ، فَلَا بُد من: قد، لتقربه من الْحَال لِأَن الْقَرِيب من الشَّيْء فِي حكمه.
فَإِن قلت: لَا يلْزم أَن تكون ظَاهِرَة، بل يجوز أَن تكون مضمرة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { أَو جَاءَكُم حصرت صُدُورهمْ} ( النِّسَاء: 90) أَي: قد حصرت.
قلت: أنكر الْكُوفِيُّونَ إِضْمَار: قد، وَقَالُوا: هَذَا خلاف الأَصْل، أولُوا الْآيَة: بأوجاءكم حاصرة صُدُورهمْ.
نعم، يُمكن أَن تجْعَل الْوَاو هُنَا للْحَال، لَكِن بِتَقْدِير مَحْذُوف، وَتَقْدِير هَذِه الْجُمْلَة إسمية، وَهُوَ أَن يُقَال تَقْدِيره: وَكَيف لَا يدْخل الْإِيمَان وأخواته الَّتِي ذكرهَا فِي قَوْله الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ، وَالْحَال أَن الله تَعَالَى قَالَ: { قل كل يعْمل على شاكلته} ( الْإِسْرَاء: 84) وَقَوله: لَا عطف، لَيْسَ بسديدٍ لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون للْعَطْف على مَحْذُوف، تَقْدِيره: يدْخل فِيهِ الْإِيمَان.
الخ، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) .

     وَقَالَ  تَعَالَى: { قل كل يعْمل على شاكلته} ( الْإِسْرَاء: 84) ، وَتَفْسِير بَعضهم بقوله: أَي إِن الله تَعَالَى، يشْعر بِأَن الْوَاو هَهُنَا للمصاحبة، وَقد تبع الْكرْمَانِي بِأَنَّهَا للْحَال، وَبَينهمَا تنافٍ، على أَن الْوَاو بِمَعْنى: مَعَ، لَا تَخْلُو إِمَّا أَن تكون من بابُُ الْمَفْعُول مَعَه، أَو هِيَ الْوَاو الدَّاخِلَة على الْمُضَارع الْمَنْصُوب لعطفه على اسْم صَرِيح أَو مؤول كَقَوْلِه.

( وَلبس عباءة وتقر عَيْني.
)


وَالثَّانِي: شَرطه أَن يتَقَدَّم الْوَاو نفي أَو طلب، ويسمي الْكُوفِيُّونَ هَذِه: وَاو الصّرْف، وَلَيْسَ النصب بهَا خلافًا لَهُم، ومثاله: { وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم وَيعلم الصابرين} ( آل عمرَان: 142) وَقَول الشَّاعِر:
( لَا تنهَ عَن خلق وَتَأْتِي مثله)

وَالْوَاو هُنَا لَيست من القبيلين الْمَذْكُورين، وَيجوز أَن تكون الْوَاو هَهُنَا بِمَعْنى: لَام التَّعْلِيل، على مَا نقل عَن الْمَازرِيّ، أَنَّهَا تَجِيء بِمَعْنى لَام التَّعْلِيل، فَالْمَعْنى على هَذَا، فَدخل فِيهِ الْإِيمَان وأخواته لقَوْله تَعَالَى: { قل كل يعْمل على شاكلته} ( الْإِسْرَاء: 84) قَالَ اللَّيْث: الشاكلة من الْأُمُور مَا وَافق فَاعله، وَالْمعْنَى أَن كل أحد يعْمل على طَرِيقَته الَّتِي تشاكل أخلاقه، فالكافر يعْمل مَا يشبه طَرِيقَته من الْإِعْرَاض عِنْد النِّعْمَة واليأس عِنْد الشدَّة، وَالْمُؤمن يعْمل مَا يشبه طَرِيقَته من الشُّكْر عِنْد الرخَاء وَالصَّبْر عِنْد الْبلَاء، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: { فربكم أعلم بِمن هُوَ أهْدى سَبِيلا} ( الْإِسْرَاء: 84) .

     وَقَالَ  الزّجاج: على شاكلته: على طَرِيقَته ومذهبه، وَنقل ذَلِك عَن مُجَاهِد أَيْضا، وَمن هَذَا أَخذ الزَّمَخْشَرِيّ،.

     وَقَالَ : أَي على مذْهبه وطريقته الَّتِي تشاكل كل حَاله فِي الْهدى والضلالة، من قَوْلهم: طَرِيق ذُو شواكل، وَهِي الطّرق الَّتِي تتشعب مِنْهُ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله { فربكم أعلم بِمن هُوَ أهْدى سَبِيلا} ( الْإِسْرَاء: 84) أَي أَسد مذهبا، وَطَرِيقَة وَقَوله على نِيَّته تَفْسِير لقَوْله: على شاكلته، وَحذف مِنْهُ حرف التَّفْسِير، وَهَذَا التَّفْسِير رُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُعَاوِيَة بن قُرَّة الْمُزنِيّ وَقَتَادَة فِيمَا أخرجه عبد بن حميد والطبري عَنْهُم.
وَفِي ( الْعبابُ) وَقَوله تَعَالَى: { قل كل يعْمل على شاكلته} ( الْإِسْرَاء: 84) أَي: على ناحيته وطريقته..
     وَقَالَ  قَتَادَة: أَي على جَانِبه وعَلى مَا يَنْوِي..
     وَقَالَ  ابْن عَرَفَة: أَي على خليقته ومذهبه وطريقته.
ثمَّ قَالَ فِي آخر الْبابُُ: والتركيب يدل معظمه على الْمُمَاثلَة.

قَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَكِنْ جهِادٌ ونِيَّةٌ.

هُوَ قِطْعَة من حَدِيث لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَوله: ( لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح، وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة، وَإِذا استنفرتم فانفروا) ، أخرجه هَهُنَا مُعَلّقا، وَأخرجه مُسْندًا فِي الْحَج وَالْجهَاد والجزية، أما فِي الْحَج فَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، وَفِيه، وَفِي الْجِزْيَة عَن عَليّ بن عبد الله كِلَاهُمَا عَن جرير، وَأما فِي الْجِهَاد فَعَن آدم عَن شَيبَان، وَعَن عَليّ بن عبد الله، وَعَمْرو بن عَليّ كِلَاهُمَا عَن يحيى بن سعيد عَن سُفْيَان، وَأخرجه مُسلم فِي الْجِهَاد عَن يحيى بن يحيى، وَفِيه وَفِي الْحَج عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم كِلَاهُمَا عَن جرير، وَفِيهِمَا أَيْضا عَن مُحَمَّد بن رَافع عَن يحيى بن آدم، وَفِي نُسْخَة عَن مُحَمَّد بن رَافع وَإِسْحَاق عَن يحيى بن آدم عَن مفضل بن مهلهل، وَفِي الْجِهَاد أَيْضا عَن أبي بكر وَأبي كريب كِلَاهُمَا عَن وَكِيع عَن سُفْيَان، وَعَن عبد بن حميد عَن عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل، وَفِي نُسْخَة عَن شَيبَان بدل إِسْرَائِيل، خمستهم عَن مَنْصُور عَنهُ بِهِ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالْحج عَن عُثْمَان بِهِ مقطعاً، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ عَن زِيَاد بن عبد الله البكائي عَن مَنْصُور بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي الْبيعَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن يحيى بن سعيد بِهِ، وَفِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن قدامَة عَن جرير، وَعَن مُحَمَّد بن رَافع بِهِ مُخْتَصرا، وَالْمعْنَى: أَن تَحْصِيل الْخَيْر بِسَبَب الْهِجْرَة قد انْقَطع بِفَتْح مَكَّة وَلَكِن حصلوه فِي الْجِهَاد وَنِيَّة صَالِحَة، وَفِيه الْحَث على نِيَّة الْخَيْر مُطلقًا وَإنَّهُ يُثَاب على النِّيَّة.
قَوْله: ( جِهَاد) مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: وَلَكِن طلب الْخَيْر جِهَاد وَنِيَّة.

ونفَقَةُ الرَّجُلِ على أهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةً.

هَذَا من معنى حَدِيث أبي مَسْعُود الَّذِي يذكرهُ عَن قريب.
قَوْله ( وَنَفَقَة الرجل) كَلَام إضافي مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله ( صَدَقَة) ، وَقَوله ( يحتسبها) حَال من الرجل أَي: حَال كَونه مرِيدا بهَا وَجه الله تَعَالَى، وَقد فسرنا معنى الاحتساب مُسْتَوفى عَن قريب..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ذكر هَذَا تَقْوِيَة لما ذكره من قبل.
قلت: لما عقد الْبابُُ على ثَلَاث تراجم ذكر لكل تَرْجَمَة مَا يطابقها من الْكَلَام بعد قَوْله، فَدخل فِيهِ الْإِيمَان وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصَّوْم وَالْأَحْكَام.
فَقَوله:.

     وَقَالَ  تَعَالَى: { قل كل يعْمل على شاكلته} ( الْإِسْرَاء: 84) لقَوْله ( إِن الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) .
وَقَوله: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة) لقَوْله ( وَلكُل امرىء مَا نوى) ، وَقَوله ( وَنَفَقَة الرجل على أَهله يحتسبها صَدَقَة) لقَوْله: والحسبة، وَلذَلِك ذكر ثَلَاثَة أَحَادِيث، فَحَدِيث عمر، رَضِي الله عَنهُ، لقَوْله ( الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ) .
وَحَدِيث أبي مَسْعُود، لقَوْله ( والحسبة) ، وَحَدِيث سعد بن أبي وَقاص، لقَوْله: ( وَلكُل امرىء مَا نوى) .



[ قــ :54 ... غــ :54 ]
- حدّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أخْبَرَنَا مالِكٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ مُحَمّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ عَن عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ عنْ عُمَرَ أنّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الأَعْمَالُ بالنِّيَّةِ ولِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ ورسولِهِ ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لدنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجَرَ إِليهِ.

( الحَدِيث 54 انْظُر الحَدِيث رقم 1) .

قد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي أول الْكتاب لِأَنَّهُ صدر كِتَابه بِهَذَا الحَدِيث، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي رِجَاله ومسلمة، بِفَتْح الميمين وَاللَّام،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لما كَانَ الحَدِيث بِتَمَامِهِ صَحِيحا ثَابتا عِنْد البُخَارِيّ لم خرمه فِي صدر الْكتاب؟ مَعَ أَن الخرم جَوَازه مُخْتَلف فِيهِ.
قلت: لأخرم، بِالْجَزْمِ، لِأَن المقامات مُخْتَلفَة، فَلَعَلَّ فِي مقَام بَيَان أَن الْإِيمَان من النِّيَّة، واعتقاد الْقلب سمع الحَدِيث تَمامًا، وَفِي مقَام أَن الشُّرُوع فِي الْأَعْمَال إِنَّمَا يَصح بِالنِّيَّةِ، سمع ذَلِك الْقدر الَّذِي روى، ثمَّ إِن الخرم مُحْتَمل أَن يكون من بعض شُيُوخ البُخَارِيّ لَا مِنْهُ، ثمَّ إِن كَانَ مِنْهُ فخرمه ثمَّة لِأَن الْمَقْصُود يتم بذلك الْمِقْدَار.
فَإِن قلت: كَانَ الْمُنَاسب أَن يذكر عِنْد الخرم الشق الَّذِي يتَعَلَّق بمقصوده، وَهُوَ: أَن النِّيَّة يَنْبَغِي أَن تكون لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: لَعَلَّه نظر إِلَى مَا هُوَ الْغَالِب الْكثير بَين النَّاس.
انْتهى.
قلت: هَذَا كُله إطناب فِي الْكَلَام، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال، إِن هَذِه الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِي هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله من اخْتِلَاف الروَاة، فَكل مِنْهُم قد روى مَا سَمعه.
فَلَا خرم فِيهِ لَا من البُخَارِيّ وَلَا من شُيُوخه، وَإِنَّمَا البُخَارِيّ ذكر كل مَا رَوَاهُ من الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا زِيَادَة ونقصان بِحَسب مَا يُنَاسب الْبابُُ الَّذِي وَضعه تَرْجَمَة لَهُ.