هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
541 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ ، قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
541 حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا شيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر ، قبل أن تغرب الشمس ، فليتم صلاته ، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح ، قبل أن تطلع الشمس ، فليتم صلاته
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ ، قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, If anyone of you can get one rak`a of the `Asr prayer before sunset, he should complete his prayer. If any of you can get one rak`a of the Fajr prayer before sunrise, he should complete his prayer.

":"ہم سے ابونعیم نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے شیبان نے یحییٰ بن ابی کثیر سے ، انھوں نے ابوسلمہ سے ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر عصر کی نماز کی ایک رکعت بھی کوئی شخص سورج غروب ہونے سے پہلے پا سکا تو پوری نماز پڑھے ( اس کی نماز ادا ہوئی نہ قضاء ) اسی طرح اگر سورج طلوع ہونے سے پہلے فجر کی نماز کی ایک رکعت بھی پا سکے تو پوری نماز پڑھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [556] .

     قَوْلُهُ  فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِتْمَامِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا ينمه أَدَاءً أَوْ قَضَاءً فَحُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَنْ فِي التَّرْجَمَةِ مَوْصُولَةٌ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ بَابُ حُكْمِ مَنْ أَدْرَكَ إِلَخْ لَكِنْ سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ بِلَفْظِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَدَاءً وَسَتَأْتِي مَبَاحِثُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلهإِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ظَاهِرُهُ أَنَّ بَقَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَعَ فِي زَمَانِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ نِسْبَةَ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى مُدَّةِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ مِثْلُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سَلَفَ إِلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى إِلَى وَحُذِفَ الْمُضَافُ وَهُوَ لَفْظُ نِسْبَةٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ وَكَذَا حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي بَعْدَهُ فِي أَبْوَابِ الْإِجَارَةِ وَيَقَعُ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ مُطَابَقَتِهِمَا لِلتَّرْجَمَةِ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْهُمَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [556] حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ».
[الحديث طرفاه في: 579، 580] .
وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا) وللأصيلي أخبرنا (شيبان) بن عبد الرحمن التيمي (عن يحيى) ولأبي الوقت فى نسخة عن يحيى بن أبي كثير بالمثلثة (عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إذا أدرك أحدكم سجدة) أي ركعة وهي إنما يكون تمامها بسجودها (من صلاة العصر قبل أن تغرب) وللأصيلي قبل أن تغيب (الشمس فليتم صلاته) أداء (إذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته) إجماعًا خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: تبطل الصبح بطلوع الشمس لدخول وقت النهي، وهل هي أداء أم قضاء؟ الصحيح عندنا الأول أما دون الركعة فالكل قضاء عند الجمهور، والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها، فجعل ما بعد الوقت تابعًا لها بخلاف ما دونها، وعلى القول بالقضاء يأثم المصلي بالتأخير إلى ذلك وكذلك على الأداء نظرًا إلى التحقيق، وقيل: لا نظرًا إلى الظاهر المستند إلى الحديث، وقوله: فليتم جواب معنى الشرط المتضمن لإذا، ولذا دخلت الفاء.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة وكذا النسائي ومسلم وابن ماجة.
557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا.
ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا.
ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ.
فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ: أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً.
قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ؟ قَالُوا: لاَ.
قَالَ: فَهْوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ».
[الحديث 557 - أطرافه في: 2268، 2269، 3459، 5021، 7467، 7533] .
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) وللأصيلي ابن عبد الله الأويسي بضم الهمزة نسبة إلى أويس أحد أجداده (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدثنا (إبراهيم) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر ابن سعد بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم بن عبد الله) بن عمر (عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (أنّه أخبره أنّه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول): (إنما بقاؤكم فيما) أي إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما (سلف قبلكم من الأمم كما بين) أجزاء وقت(صلاة العصر) المنتهية (إلى غروب الشمس أوتي) بضم أوله وكسر ثالثه أي أعطي (أهل التوراة التوراة، فعملوا) زاد أبو ذر بها أي بالتوراة (حتى إذا انتصف النهار عجزوا) عن استيفاء عمل النهار كله من غير أن يكون لهم صنع في ذلك بل ماتوا قبل النسخ وللأصيلي ثم عجزوا (فأعطوا) أي أعطي كلٌّ منهم أجره (قيراطًا قيراطًا) فالأول مفعول أعطى الثاني وقيراطًا الثاني تأكيد، أو المعنى أعطوا أجرهم حال كونه قيراطًا فهو حال، أو المعنى أعطوا الأجر متساوين وانتصاب الثاني على التأكيد عند الزجاج.
وتعقبه ابن هشام بأنه غير صالح للسقوط فلا تأكيد.
وقال أبو حيان: الأولى انتصابه بالعامل في الأول، لأن المجموع هو الحال.
وعند أبي الفتح انتصاب الثاني بالوصف وتعقب بأن معناه ولفظه كالموصوف فإنه جامد، والقيراط نصف دانق والمراد به النصيب.
(ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا) من نصف النهار (إلى صلاة العصر ثم عجزوا) عن العمل أي انقطعوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا.
ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين.
فقال أهل الكتابين): أي اليهود والنصارى ولابن عساكر أهل الكتاب بالإفراد على إرادة الجنس (أي) من حروف النداء أي يا (ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا، ونحن كنا أكثر عملاً) لأن الوقت من الصبح إلى الظهر أكثر من وقت العصر إلى الغروب، لكن قول النصارى لا يصح إلا على مذهب أبي حنيفة أن وقت العصر بصيرورة الظل مثليه، أو على مذهب صاحبيه والشافعية بمصير الظل مثله فمشكل، ويمكن أن يجاب بأن مجموع عمل الطائفتين أكثر وإن لم يكن عمل أحدهما أكثر أو أنه لا يلزم من كونهم أكثر عملاً أن يكون زمان عملهم أكثر لاحتمال كون الحمل أكثر في الزمان الأقل (قال: قال الله عز وجل): (هل ظلمتكم) أي نقصتكم (من أجركم) أي الذي شرطته لكم (من شيء) (قالوا: لا) لم تنقصنا من أجرنا شيئًا (قال: فهو) أي كل ما أعطيته من الثواب (فضلي أُوتيه من أشاء).
فإن قلت: ما وجه مطابقة الحديث للترجمة؟ أجيب: من قوله إلى غروب الشمس، فإنه يدل على أن وقت العصر إلى غروب الشمس، وأن من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب فقد أدرك العصر في وقتها فليتم.
ولا يخفى ما فيه من التعسف.
ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والإخبار والقول والسماع وتابعي عن تابعي، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الإجارة إلى نصف النهار، وفي باب فضل القرآن، وفي التوحيد وباب ذكر بني إسرائيل ومسلم والترمذي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [556] حدثنا أبو نعيم: ثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته".
وقد خرجه فيما بعد من وجه آخر عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولفظه: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
ومقصود البخاري بهذا الحديث في هذا الباب: أن وقت العصر يمتد إلى غروب الشمس؛ ولهذا جعله مدركا لها بإدراك ركعة منها قبل غروب الشمس، فإدراكها كلها قبل الغروب أولى أن يكون مدركاً لها.
وقد سبق قول من قال: إن وقت العصر إلى غروب الشمس، منهم:ابن عباس وعكرمة، وهو رواية عن مالك والثوري وهو قول إسحاق.
قال إسحاق: آخر وقتها للمفرط، وصاحب عذر هو قدر ما يبقى إلى غروب الشمس ركعة -: نقله عنه ابن منصور.
وحكي مثله عن داود.
وروي عن أبي جعفر محمد بن علي ما يشبهه.
وهو وجه ضعيف للشافعية مبني على قولهم: إن الصلاة كلها تقع أداء كما سيأتي.
والصحيح عندهم: أنه لا يجوز التاخير حتى يبقى من الوقت ركعة.
وإن قيل: إنها أداء - كمذهبنا ومذهب الأكثرين وأكثر العلماء - على ان تأخيرها إلى أن يبقى قدر ركعة قبل الغروب لا يجوز لغير أهل الأعذار، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأحمد وأبي ثور وحكاه عن العلماء.
وقد دل على ذلك ما خرجه مسلم في " صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " وقت العصر ما لم تصفر الشمس".
ومن حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً".
وخرجه أبو داود - بمعناه، وزاد: "حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني الشيطان - أو على قرني الشيطان" - وذكر باقيه.
فهذا يدل على [أن] تأخيرها إلى بعد اصفرار الشمس وتضيقها للمغرب غير جائز لمن لا عذر له.
وأجمع العلماء على ان من صلى بعض العصر ثم غربت الشمس أنه يتم صلاته، ولا إعادة عليه.
وأجمعوا على أن عليه إتمام ما بقي منها، وهو يدل على أن المراد بإدراكها إدراك وقتها.
واختلفوا في الواقع منها بعد غروب الشمس: هل هو أداء، أو قضاء؟ وفيه وجهان لأصحابنا والشافعية: أحدهما: أنه قضاء، وهو قول الحنفية؛ لوقوعه خارج الوقت.
والثاني: أنه أداء، وهو أصح عند أصحابنا والشافعية؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فقد أردكها".
وللشافعية وجه آخر: أنها كلها تكون قضاء، وهو ضعيف.
هذا كله إذا أدرك في الوقت ركعة فصاعداً، فإن أدرك دون ركعة ففيه للشافعية طريقان: أحدهما: أنه على هذا الخلاف - أيضا.
والثاني: أن الجميع قضاء، وبه قطع أكثرهم.
وأمامذهب أصحابنا: فقال أكثرهم: لا فرق بين أن يدرك في الوقتركعة أو ما دونها، حتى لو أدرك تكبيرة الإحرام كان كإدراك ركعة.
واستدلوا بحديث " من أدرك سجدة"، وقالوا: المراد به قدر سجدة.
وفيه نظر؛ فإن السجدة يراد بها الركعة، وهو المراد من هذا الحديث والله اعلم.
وحكى بعضهم رواية عن أحمد، أنه لا يكون مدركا لها في الوقت بدون إدراك ركعة كاملة، وبذلك جزم ابن أبي موسى في " إرشاده"، وجعله مذهب أحمد ولم يحك عنه فيه خلافاً، فعلى هذا ينبغي أن يكون الجميع قضاء إذا لم يدرك في الوقت ركعة، وهو ظاهر قول الأوزاعي.
الحديث الثاني: قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَوْله بَاب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِيهِ سَجْدَةً أَيْ رَكْعَةً وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شَيْبَانَ بِلَفْظِ مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ رَكْعَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَلْفَاظِ وَقَعَ مِنَ الرُّوَاةِ وَسَتَأْتِي رِوَايَةُ مَالِكٍ فِي أَبْوَابِ وَقْتِ الصُّبْحِ بِلَفْظِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى رَاوِيهَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهَا الِاعْتِمَادُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةُ بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَالرَّكْعَةُ إِنَّمَا يَكُونُ تَمَامُهَا بِسُجُودِهَا فَسُمِّيَتْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى سَجْدَةً انْتَهَى وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ وَهُوَ أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِجَوَابِ الشَّرْطِ لِمَا فِي لَفْظِ الْمَتْنِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مِنَ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ

[ قــ :541 ... غــ :556] .

     قَوْلُهُ  فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِتْمَامِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا ينمه أَدَاءً أَوْ قَضَاءً فَحُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَنْ فِي التَّرْجَمَةِ مَوْصُولَةٌ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ بَابُ حُكْمِ مَنْ أَدْرَكَ إِلَخْ لَكِنْ سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ بِلَفْظِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَدَاءً وَسَتَأْتِي مَبَاحِثُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْله إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ظَاهِرُهُ أَنَّ بَقَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَعَ فِي زَمَانِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ نِسْبَةَ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى مُدَّةِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ مِثْلُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سَلَفَ إِلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى إِلَى وَحُذِفَ الْمُضَافُ وَهُوَ لَفْظُ نِسْبَةٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ وَكَذَا حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي بَعْدَهُ فِي أَبْوَابِ الْإِجَارَةِ وَيَقَعُ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ مُطَابَقَتِهِمَا لِلتَّرْجَمَةِ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْهُمَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :541 ... غــ :556 ]
- حدثنا أبو نعيم: ثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته".

وقد خرجه فيما بعد من وجه آخر عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولفظه: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".

ومقصود البخاري بهذا الحديث في هذا الباب: أن وقت العصر يمتد إلى غروب الشمس؛ ولهذا جعله مدركا لها بإدراك ركعة منها قبل غروب الشمس، فإدراكها كلها قبل الغروب أولى أن يكون مدركاً لها.

وقد سبق قول من قال: إن وقت العصر إلى غروب الشمس، منهم: ابن عباس وعكرمة، وهو رواية عن مالك والثوري وهو قول إسحاق.

قال إسحاق: آخر وقتها للمفرط، وصاحب عذر هو قدر ما يبقى إلى غروب الشمس ركعة -: نقله عنه ابن منصور.

وحكي مثله عن داود.

وروي عن أبي جعفر محمد بن علي ما يشبهه.

وهو وجه ضعيف للشافعية مبني على قولهم: إن الصلاة كلها تقع أداء كما سيأتي.

والصحيح عندهم: أنه لا يجوز التاخير حتى يبقى من الوقت ركعة.

وإن قيل: إنها أداء - كمذهبنا ومذهب الأكثرين وأكثر العلماء - على ان تأخيرها إلى أن يبقى قدر ركعة قبل الغروب لا يجوز لغير أهل الأعذار، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأحمد وأبي ثور وحكاه عن العلماء.

وقد دل على ذلك ما خرجه مسلم في " صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " وقت العصر ما لم تصفر الشمس".

ومن حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً".
وخرجه أبو داود - بمعناه، وزاد: "حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني الشيطان - أو على قرني الشيطان" - وذكر باقيه.

فهذا يدل على [أن] تأخيرها إلى بعد اصفرار الشمس وتضيقها للمغرب غير جائز لمن لا عذر له.

وأجمع العلماء على ان من صلى بعض العصر ثم غربت الشمس أنه يتم صلاته، ولا إعادة عليه.

وأجمعوا على أن عليه إتمام ما بقي منها، وهو يدل على أن المراد بإدراكها إدراك وقتها.

واختلفوا في الواقع منها بعد غروب الشمس: هل هو أداء، أو قضاء؟ وفيه وجهان لأصحابنا والشافعية:
أحدهما: أنه قضاء، وهو قول الحنفية؛ لوقوعه خارج الوقت.

والثاني: أنه أداء، وهو أصح عند أصحابنا والشافعية؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فقد أردكها".

وللشافعية وجه آخر: أنها كلها تكون قضاء، وهو ضعيف.

هذا كله إذا أدرك في الوقت ركعة فصاعداً، فإن أدرك دون ركعة ففيه للشافعية طريقان:
أحدهما: أنه على هذا الخلاف - أيضا.

والثاني: أن الجميع قضاء، وبه قطع أكثرهم.

وأمامذهب أصحابنا:
فقال أكثرهم: لا فرق بين أن يدرك في الوقت ركعة أو ما دونها، حتى لو أدرك تكبيرة الإحرام كان كإدراك ركعة.

واستدلوا بحديث " من أدرك سجدة"، وقالوا: المراد به قدر سجدة.

وفيه نظر؛ فإن السجدة يراد بها الركعة، وهو المراد من هذا الحديث والله اعلم.

وحكى بعضهم رواية عن أحمد، أنه لا يكون مدركا لها في الوقت بدون إدراك ركعة كاملة، وبذلك جزم ابن أبي موسى في " إرشاده"، وجعله مذهب أحمد ولم يحك عنه فيه خلافاً، فعلى هذا ينبغي أن يكون الجميع قضاء إذا لم يدرك في الوقت ركعة، وهو ظاهر قول الأوزاعي.



قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ
( باب) حكم ( من) أي الذي ( أدرك ركعة من العصر) أي من صلاتها ( قبل الغروب) وللأصيلي قبل المغرب، ويحتمل أن تكون من شرطية حذف جوابها وتقديره فليتم صلاته.


[ قــ :541 ... غــ : 556 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ».
[الحديث 556 - طرفاه في: 579، 580] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا) وللأصيلي أخبرنا ( شيبان) بن عبد الرحمن التيمي ( عن يحيى) ولأبي الوقت فى نسخة عن يحيى بن أبي كثير بالمثلثة ( عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا أدرك أحدكم سجدة) أي ركعة وهي إنما يكون تمامها بسجودها ( من صلاة العصر قبل أن تغرب) وللأصيلي قبل أن تغيب ( الشمس فليتم صلاته) أداء ( إذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته) إجماعًا خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: تبطل الصبح بطلوع الشمس لدخول وقت النهي، وهل هي أداء أم قضاء؟ الصحيح عندنا الأول أما دون الركعة فالكل قضاء عند
الجمهور، والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها، فجعل ما بعد الوقت تابعًا لها بخلاف ما دونها، وعلى القول بالقضاء يأثم المصلي بالتأخير إلى ذلك وكذلك على الأداء نظرًا إلى التحقيق، وقيل: لا نظرًا إلى الظاهر المستند إلى الحديث، وقوله: فليتم جواب معنى الشرط المتضمن لإذا، ولذا دخلت الفاء.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة وكذا النسائي ومسلم وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الْعَصْر قبل غرُوب الشَّمْس.
قيل: جَوَاب: من، الَّتِي تضمن معنى الشَّرْط مَحْذُوف.
قلت: لَا نسلم أَن: من، هَهُنَا شَرْطِيَّة، وَلكنهَا مَوْصُولَة، يُوضح ذَلِك مَا قدرناه..
     وَقَالَ  بَعضهم: إِنَّمَا لم يَأْتِ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة بِجَوَاب الشَّرْط لما فِي لفظ الْمَتْن الَّذِي أوردهُ من الِاحْتِمَال، وَهُوَ قَوْله: (فليتم صلَاته) ، فَإِن الْأَمر بالإتمام أَعم من أَن يكون مَا يتمه أَدَاء أَو قَضَاء.
قلت: لَا بُد للشّرط من جَوَاب، سَوَاء كَانَ ملفوظا أَو مُقَدرا، وَالْجَوَاب فِي الحَدِيث مَذْكُور، وَكَون الْأَمر بالإتمام أَعم لَيست قرينَة لترك جَوَاب الشَّرْط فِي التَّرْجَمَة، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: جَوَاب الشَّرْط فِي التَّرْجَمَة مَحْذُوف تَقْدِيره: فليتم، ويبينه جَوَاب الشَّرْط الَّذِي فِي متن الحَدِيث، وَلَكِن التَّقْدِير الَّذِي قدرناه لَا يحوجنا إِلَى تَقْدِير جَوَاب الشَّرْط وَلَا إِلَى القَوْل بِأَن: من، شَرْطِيَّة.



[ قــ :563 ... غــ :579]
- حدَّثنا أبُو نَعِيمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَدْرَكَ أحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ وَإِذَا أدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أنْ تَطْلَعُ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: (إِذا أدْرك أحدكُم سَجْدَة من صَلَاة الْعَصْر) .
(فَإِن قلت: الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة رَكْعَة، وَفِي الحَدِيث: سَجْدَة، والترجمة فِي الْإِدْرَاك من الْعَصْر، والْحَدِيث فِي: الْعَصْر وَالصُّبْح، فَلَا تطابق؟ قلت: المُرَاد من السَّجْدَة الرَّكْعَة على مَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَترك الصُّبْح فِيهَا من بابُُ الِاكْتِفَاء.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي، وَيحيى بن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري ومدني.

ذكر الِاخْتِلَاف فِي أَلْفَاظ الحَدِيث الْمَذْكُور: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح، وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر) .
أخرجه فِي بابُُ من أدْرك من الْفجْر رَكْعَة، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ (إِذا أدْرك أحدكُم أول السَّجْدَة من صَلَاة الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فليتم صلَاته) .
وَكَذَا أخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) ، وَرَوَاهُ أَحْمد بن منيع وَلَفظه: (من أدْرك مِنْكُم أول رَكْعَة من صَلَاة الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فليتم صلَاته، وَمن أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك) .
وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (إِذا أدْرك أحدكُم أول السَّجْدَة من صَلَاة الْعَصْر) وَعند السراج: (من صلى بِسَجْدَة وَاحِدَة من الْعَصْر قبل غرُوب الشَّمْس ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد غرُوب الشَّمْس فَلم يفته الْعَصْر، وَمن صلى سَجْدَة وَاحِدَة من الصُّبْح قبل طُلُوع الشَّمْس ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد طُلُوعهَا فَلم يفته الصُّبْح) .
وَفِي لفظ: (من أدْرك رَكْعَة من الْفجْر قبل أَن تطلع الشَّمْس وركعة بعد مَا تطلع فقد أدْرك) .
وَفِي لفظ: (من صلى رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح ثمَّ طلعت الشَّمْس فليتم صلَاته) .
وَفِي لفظ: (من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى) .
وَفِي لفظ: (من صلى سَجْدَة وَاحِدَة من الْعَصْر قبل غرُوب الشَّمْس، ثمَّ صلى مَا بَقِي بعد الْغُرُوب فَلم يفته الْعَصْر) .
وَفِي لفظ: (من أدْرك قبل طُلُوع الشَّمْس سَجْدَة فقد أدْرك الصَّلَاة، وَمن أدْرك قبل غرُوب الشَّمْس سَجْدَة فقد أدْرك الصَّلَاة) .
وَفِي لفظ: (من أدْرك رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الْعَصْر) ، وَفِي لفظ: (رَكْعَتَيْنِ) ، من غير تردد.
غير أَنه مَوْقُوف، وَهُوَ عِنْد ابْن خُزَيْمَة مَرْفُوع بِزِيَادَة: (أَو رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح) وَهُوَ عِنْد الطَّيَالِسِيّ: (من أدْرك من الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ أَو رَكْعَة الشَّك من أبي بشر قبل أَن تغيب الشَّمْس فقد أدْرك، وَمن أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك) .
وَعند أَحْمد: (من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك، وَمن أدْرك رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك) .
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (من أدْرك من صَلَاة رَكْعَة فقد أدْرك) .
وَعند الدَّارَقُطْنِيّ: (قبل أَن يُقيم الإِمَام صلبه فقد أدْركهَا) ، وَعِنْده أَيْضا: (فقد أدْرك الْفَضِيلَة وَيتم مَا بَقِي) ، وَضَعفه وَفِي (سنَن) الكبحي: (من أدْرك من صَلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا) ، وَفِي (الصَّلَاة) لأبي نعيم: (وَمن أدْرك رَكْعَتَيْنِ قبل أَن تغرب الشَّمْس، وَرَكْعَتَيْنِ بعد أَن غَابَتْ الشَّمْس فَلم تفته الْعَصْر) .
وَعند مُسلم: (من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فقد أدْرك الصَّلَاة) .
وَعند النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح: (من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة كلهَا إلاَّ أَنه يقْضِي مَا فَاتَهُ) ، وَعند الطَّحَاوِيّ: (من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة وفضلها) .
قَالَ: وَأكْثر الروَاة لَا يذكرُونَ: فَضلهَا، قَالَ: وَهُوَ الْأَظْهر.
وَعند الطَّحَاوِيّ: من حَدِيث عَائِشَة نَحْو حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا أدْرك) كلمة: إِذا، تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط، فَلذَلِك دخلت: الْفَاء، فِي جوابها، وَهُوَ قَوْله: (فليتم صلَاته) .
قَوْله: (سَجْدَة) أَي: رَكْعَة، يدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْأُخْرَى للْبُخَارِيّ: (من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة) .
وَكَذَلِكَ فَسرهَا فِي رِوَايَة مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب، والسياق لحرملة، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب أَن عُرْوَة بن الزبير حَدثهُ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أدْرك من الْعَصْر سَجْدَة قبل أَن تغرب الشَّمْس، أَو من الصُّبْح قبل أَن تطلع، فقد أدْركهَا) .
والسجدة إِنَّمَا هِيَ الرَّكْعَة، وفسرها حَرْمَلَة، وَكَذَا فسر فِي (الْأُم) أَنه يعبر بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الآخر، وأيا مَا كَانَ، فَالْمُرَاد: بعض الصَّلَاة، وَإِدْرَاك شَيْء مِنْهَا، وَهُوَ يُطلق على الرَّكْعَة والسجدة وَمَا دونهَا، مثل: تَكْبِيرَة الْإِحْرَام..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ؛ قَوْله: (سَجْدَة) ، مَعْنَاهَا: الرَّكْعَة بركوعها وسجودها، والركعة إِنَّمَا يكون تَمامهَا بسجودها، فسميت على هَذَا الْمَعْنى سَجْدَة: فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين قَوْله: (من أدْرك من الصُّبْح سَجْدَة؟) وَبَين قَوْله: (من أدْرك سَجْدَة من الصُّبْح؟) قلت: رِوَايَة تقدم السَّجْدَة هِيَ السَّبَب الَّذِي بِهِ الْإِدْرَاك، وَمن قدم الصُّبْح أَو الْعَصْر قبل الرَّكْعَة فَلِأَن هذَيْن الإسمين هما اللَّذَان يدلان على هَاتين الصَّلَاتَيْنِ دلَالَة خَاصَّة تتَنَاوَل جَمِيع أوصافها، بِخِلَاف السَّجْدَة فَإِنَّهَا تدل على بعض أَوْصَاف الصَّلَاة، فَقدم اللَّفْظ الْأَعَمّ الْجَامِع.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ من الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن فِيهِ دَلِيلا صَرِيحًا فِي أَن من صلى رَكْعَة من الْعَصْر، ثمَّ خرج الْوَقْت قبل سَلَامه لَا تبطل صلَاته، بل يُتمهَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاع.
وَأما فِي الصُّبْح فَكَذَلِك عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد.
وَعند أبي حنيفَة: تبطل صَلَاة الصُّبْح بِطُلُوع الشَّمْس فِيهَا، وَقَالُوا: الحَدِيث حجَّة على أبي حنيفَة..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: قَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل صَلَاة الصُّبْح بِطُلُوع الشَّمْس فِيهَا، لِأَنَّهُ دخل وَقت النَّهْي عَن الصَّلَاة، بِخِلَاف الْغُرُوب، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ.
قلت: من وقف على مَا أسس عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة عرف أَن الحَدِيث لَيْسَ بِحجَّة عَلَيْهِ، وَعرف أَن غير هَذَا الحَدِيث من الْأَحَادِيث حجَّة عَلَيْهِم، فَنَقُول: لَا شكّ أَن الْوَقْت سَبَب للصَّلَاة وظرف لَهَا، وَلَكِن لَا يُمكن أَن يكون كل الْوَقْت سَببا، لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك يلْزم تَأْخِير الْأَدَاء عَن الْوَقْت، فَتعين أَن يَجْعَل بعض الْوَقْت سَببا، وَهُوَ الْجُزْء الأول لسلامته عَن المزاحم، فَإِن اتَّصل بِهِ الْأَدَاء تقررت السَّبَبِيَّة وإلاَّ تنْتَقل إِلَى الْجُزْء الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَمَا بعده إِلَى أَن يتَمَكَّن فِيهِ من عقد التَّحْرِيمَة إِلَى آخر جُزْء من أَجزَاء الْوَقْت، ثمَّ هَذَا الْجُزْء إِن كَانَ صَحِيحا، بِحَيْثُ لم ينْسب إِلَى الشَّيْطَان وَلم يُوصف بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْفجْر، وَجب عَلَيْهِ كَامِلا، حَتَّى لَو اعْترض الْفساد فِي الْوَقْت بِطُلُوع الشَّمْس فِي خلال الصَّلَاة فَسدتْ، خلافًا لَهُم، لِأَن مَا وَجب كَامِلا لَا يتَأَدَّى بالناقص، كَالصَّوْمِ الْمَنْذُور الْمُطلق وَصَوْم الْقَضَاء لَا يتَأَدَّى فِي أَيَّام النَّحْر والتشريق، وَإِذا كَانَ هَذَا الْجُزْء نَاقِصا كَانَ مَنْسُوبا إِلَى الشَّيْطَان: كالعصر وَقت الاحمرار وَجب نَاقِصا، لِأَن نُقْصَان السَّبَب مُؤثر فِي نُقْصَان الْمُسَبّب، فيتأدى بِصفة النُّقْصَان لِأَنَّهُ أدّى كَمَا لزم، كَمَا إِذا أنذر صَوْم النَّحْر وَأَدَّاهُ فِيهِ، فَإِذا غربت الشَّمْس فِي أثْنَاء الصَّلَاة لم تفْسد الْعَصْر، لِأَن مَا بعد الْغُرُوب كَامِل فيتأدى فِيهِ، لِأَن مَا وَجب نَاقِصا يتَأَدَّى كَامِلا بِالطَّرِيقِ الأولى.
فَإِن قلت: يلْزم أَن تفْسد الْعَصْر إِذا شرع فِيهِ فِي الْجُزْء الصَّحِيح ومدها إِلَى أَن غربت.
قلت: لما كَانَ الْوَقْت متسعا جَازَ لَهُ شغل كل الْوَقْت، فيعفى الْفساد الَّذِي يتَّصل بِهِ بِالْبِنَاءِ، لِأَن الِاحْتِرَاز عَنهُ مَعَ الإقبال على الصَّلَاة مُتَعَذر، وَأما الْجَواب عَن الحَدِيث الْمَذْكُور فَهُوَ مَا ذكره الإِمَام الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَهُوَ: أَنه يحْتَمل أَن يكون معنى الْإِدْرَاك فِي الصّبيان الَّذين يدركون، يَعْنِي يبلغون قبل طُلُوع الشَّمْس، وَالْحيض اللَّاتِي يطهرن، وَالنَّصَارَى الَّذين يسلمُونَ، لِأَنَّهُ لما ذكر فِي هَذَا الْإِدْرَاك وَلم يذكر الصَّلَاة فَيكون هَؤُلَاءِ الَّذين سميناهم وَمن أشبههم مدركين لهَذِهِ الصَّلَاة، فَيجب عَلَيْهِم قَضَاؤُهَا، وَإِن كَانَ الَّذِي بَقِي عَلَيْهِم من وَقتهَا أقل من الْمِقْدَار الَّذِي يصلونها فِيهِ.
فَإِن قلت: فَمَا تَقول فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا أدْرك أحدكُم سَجْدَة من صَلَاة الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فليتم صلَاته، وَإِذا أدْرك سَجْدَة من صَلَاة الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فليتم صلَاته) .
رَوَاهُ البُخَارِيّ والطَّحَاوِي أَيْضا فَإِنَّهُ صَرِيح فِي ذكر الْبناء بعد طُلُوع الشَّمْس؟ قلت: قد تَوَاتَرَتْ الْآثَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس مَا لم تتواتر بِإِبَاحَة الصَّلَاة عِنْد ذَلِك، فَدلَّ ذَلِك على أَن مَا كَانَ فِيهِ الْإِبَاحَة كَانَ مَنْسُوخا بِمَا كَانَ فِيهِ التَّوَاتُر بِالنَّهْي.
فَإِن قلت: مَا حَقِيقَة النّسخ فِي هَذَا وَالَّذِي تذكره احْتِمَال؟ وَهل يثبت النّسخ بِالِاحْتِمَالِ؟ قلت: حَقِيقَة النّسخ هُنَا أَنه اجْتمع فِي هَذَا الْموضع محرم ومبيح، وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار والْآثَار فِي بابُُ الْمحرم مَا لم تتواتر فِي بابُُ الْمُبِيح، وَقد عرف من الْقَاعِدَة أَن الْمحرم والمبيح إِذا اجْتمعَا يكون الْعَمَل للْمحرمِ، وَيكون الْمُبِيح مَنْسُوخا، وَذَلِكَ لِأَن النَّاسِخ هُوَ الْمُتَأَخر، وَلَا شكّ أَن الْحُرْمَة مُتَأَخِّرَة عَن الْإِبَاحَة لِأَن الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة، وَالتَّحْرِيم عَارض، وَلَا يجوز الْعَكْس لِأَنَّهُ يلْزم النّسخ مرَّتَيْنِ.
فَافْهَم.
فَإِنَّهُ كَلَام دَقِيق قد لَاحَ لي من الْأَنْوَار الإلهية.
فان قلت إِنَّمَا ورد النَّهْي الْمَذْكُور عَن الصَّلَاة فِي التَّطَوُّع خَاصَّة وَلَيْسَ بنهي عَن قَضَاء الْفَرَائِض قلت: دلّ حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا على أَن الصَّلَاة الْفَائِتَة قد دخلت فِي النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا، وَعَن عمرَان أَنه قَالَ: (سرينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة، أَو قَالَ: فِي سَرِيَّة، فَلَمَّا كَانَ آخر السحر عرسنا، فَمَا استيقظنا حَتَّى أيقظنا حر الشَّمْس) الحَدِيث، وَفِيه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخر صَلَاة الصُّبْح حَتَّى فَاتَت عَنْهُم إِلَى أَن ارْتَفَعت الشَّمْس، وَلم يصلها قبل الإرتفاع، فَدلَّ ذَلِك أَن النَّهْي عَام يَشْمَل الْفَرَائِض والنوافل، والتخصيص بالتطوع تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح.

وَمِنْهَا: أَي: من الْأَحْكَام: أَن أَبَا حنيفَة وَمن تبعه استدلوا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور أَن آخر وَقت الْعَصْر هُوَ غرُوب الشَّمْس، لِأَن من أدْرك مِنْهُ رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ مدرك لَهُ، فَإِذا كَانَ مدْركا يكون ذَلِك الْوَقْت من وَقت الْعَصْر لِأَن معنى قَوْله: (فقد أدْرك) ، أدْرك وُجُوبهَا، حَتَّى إِذا أدْرك الصَّبِي قبل غرُوب الشَّمْس أَو أسلم الْكَافِر أَو أَفَاق الْمَجْنُون أَو طهرت الْحَائِض تجب عَلَيْهِ صَلَاة الْعَصْر، وَلَو كَانَ الْوَقْت الَّذِي أدْركهُ جزأ يَسِيرا لَا يسع فِيهِ الْأَدَاء، وَكَذَلِكَ الحكم قبل طُلُوع الشَّمْس..
     وَقَالَ  زفر: لَا يجب مَا لم يجد وقتا يسع الْأَدَاء، وَكَذَلِكَ الحكم قبل طُلُوع الشَّمْس..
     وَقَالَ  زفر: لَا يجب مَا لم يجد وقتا يسع الْأَدَاء فِيهِ حَقِيقَة، وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ فِيمَا إِذا أدْرك دون رَكْعَة كتكبيرة مثلا: أَحدهمَا:، لَا يلْزمه، وَالْآخر: يلْزمه، وَهُوَ أصَحهمَا.

وَمِنْهَا: أَنهم اخْتلفُوا فِي معنى الْإِدْرَاك.
هَل هُوَ للْحكم أَو للفضل أَو للْوَقْت فِي أقل من رَكْعَة؟ فَذهب مَالك وَجُمْهُور الْأَئِمَّة، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي: إِلَى أَنه لَا يدْرك شَيْئا من ذَلِك بِأَقَلّ من رَكْعَة، مُتَمَسِّكِينَ بِلَفْظ الرَّكْعَة، وَبِمَا فِي (صَحِيح) ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة: (إِذا جئْتُمْ إِلَى الصَّلَاة وَنحن سُجُود فاسجدوها وَلَا تعدوها شَيْئا، وَمن أدْرك الرَّكْعَة فقد أدْرك الصَّلَاة) .
وَذهب أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ فِي قَول: إِلَى أَنه يكون مدْركا لحكم الصَّلَاة.
فَإِن قلت: قيد فِي الحَدِيث بِرَكْعَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يعْتَبر أقل مِنْهَا؟ قلت: قيد الرَّكْعَة فِيهِ خرج مخرج الْغَالِب، فَإِن غَالب مَا يُمكن معرفَة الْإِدْرَاك بِهِ رَكْعَة أَو نَحْوهَا، حَتَّى قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: إِنَّمَا أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذكر الرَّكْعَة الْبَعْض من الصَّلَاة، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنهُ: (من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر) و: (من أدْرك رَكْعَتَيْنِ من الْعَصْر) ، (وَمن أدْرك سَجْدَة من الْعَصْر) ، فَأَشَارَ إِلَى بعض الصَّلَاة مرّة: بِرَكْعَة، وَمرَّة: بِرَكْعَتَيْنِ، وَمرَّة بِسَجْدَة.
وَالتَّكْبِيرَة فِي حكم الرَّكْعَة لِأَنَّهَا بعض الصَّلَاة، فَمن أدْركهَا فَكَأَنَّهُ أدْرك رَكْعَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَاتفقَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي أَبَا حنيفَة وَأَبا يُوسُف وَالشَّافِعِيّ فِي قَول، على إدراكهم الْعَصْر بتكبيرة قبل الْغُرُوب، وَاخْتلفُوا فِي الظّهْر، فَعِنْدَ الشَّافِعِي فِي قَول: هُوَ مدرك بتكبيرة لَهَا لاشْتِرَاكهمَا فِي الْوَقْت، وَعنهُ أَنه بِتمَام الْقيام لِلظهْرِ يكون قَاضِيا لَهَا بعد، وَاخْتلفُوا فِي الْجُمُعَة، فَذهب مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَزفر وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِلَى أَن: من أدْرك مِنْهَا رَكْعَة أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى..
     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف: إِذا أحرم فِي الْجُمُعَة قبل سَلام الإِمَام صلى رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد، وَأغْرب عَطاء وَمَكْحُول وطاووس وَمُجاهد فَقَالُوا: إِن من فَاتَتْهُ الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة يُصَلِّي أَرْبعا، لِأَن الْجُمُعَة إِنَّمَا قصرت من أجل الْخطْبَة: وَحمل أَصْحَاب مَالك قَوْله: (من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر) على أَصْحَاب الْأَعْذَار: كالحائض والمغمى عَلَيْهِ وشبههما، ثمَّ هَذِه الرَّكْعَة الَّتِي يدركون بهَا الْوَقْت هِيَ بِقدر مَا يكبر فِيهَا للْإِحْرَام وَيقْرَأ أم الْقُرْآن قِرَاءَة معتدلة ويركع وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ يفصل بَينهمَا ويطمئن فِي كل ذَلِك، على قَول من أوجب الطُّمَأْنِينَة، وعَلى قَول من لَا يُوجب قِرَاءَة أم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة، يَكْفِيهِ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَالْوُقُوف لَهَا.
وَأَشْهَب لَا يُرَاعِي إِدْرَاك السَّجْدَة بعد الرَّكْعَة، وَسبب الْخلاف: هَل الْمَفْهُوم من اسْم الرَّكْعَة الشَّرْعِيَّة أَو اللُّغَوِيَّة؟
وَأما الَّتِي يدْرك بهَا فَضِيلَة الْجَمَاعَة فَحكمهَا بِأَن يكبر لإحرامها ثمَّ يرْكَع، وَيُمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ قبل رفع الإِمَام رَأسه، وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور، وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه: لَا يعْتد بالركعة مَا لم يدْرك الإِمَام قَائِما قبل أَن يرْكَع، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَن أَشهب، وَرُوِيَ عَن جمَاعَة من السّلف أَنه: مَتى أحرم وَالْإِمَام رَاكِع أَجزَأَهُ، وَإِن لم يدْرك الرُّكُوع وَركع بعد الإِمَام.
وَقيل: يجْزِيه وَإِن رفع الإِمَام رَأسه مَا لم يرفع النَّاس، وَنَقله ابْن بزيزة عَن الشّعبِيّ، قَالَ: وَإِذا انْتهى إِلَى الصَّفّ الآخر وَلم يرفعوا رؤوسهم، أَو بَقِي مِنْهُم وَاحِد لم يرفع رَأسه، وَقد رفع الإِمَام رَأسه فَإِنَّهُ يرْكَع وَقد أدْرك الصَّلَاة، لِأَن الصَّفّ الَّذِي هُوَ فِيهِ إِمَامه،.

     وَقَالَ  ابْن أبي ليلى وَزفر وَالثَّوْري: إِذا كبر قبل أَن يرفع الإِمَام رَأسه فقد أدْرك، وَإِن رفع الإِمَام قبل أَن يضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يعْتد بهَا..
     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: إِذا أدْرك تَكْبِيرَة يدْخل بهَا فِي الصَّلَاة وَتَكْبِيرَة للرُّكُوع فقد أدْرك تِلْكَ الرَّكْعَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَقيل: يجْزِيه إِن أحرم قبل سُجُود الإِمَام..
     وَقَالَ  ابْن بزيزة: قَالَ أَبُو الْعَالِيَة: إِذا جَاءَ وهم سُجُود يسْجد مَعَهم، فَإِذا سلم الإِمَام قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَة وَلَا يسْجد، ويعتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة.
وَعَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ إِذا جَاءَ وَالْقَوْم سُجُود سجد مَعَهم، فَإِذا رفعوا رؤوسهم سجد أُخْرَى، وَلَا يعْتد بهَا..
     وَقَالَ  ابْن مَسْعُود: إِذا ركع ثمَّ مَشى فَدخل فِي الصَّفّ قبل أَن يرفعوا رؤوسهم اعْتد بهَا، وَإِن رفعوا رؤوسهم قبل أَن يصل إِلَى الصَّفّ فَلَا يعْتد بهَا.

وَأما حكم هَذِه الصَّلَاة: فَالصَّحِيح أَنَّهَا كلهَا أَدَاء، قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة: كلهَا قَضَاء،.

     وَقَالَ  بَعضهم: تِلْكَ الرَّكْعَة أَدَاء، وَمَا بعْدهَا قَضَاء، وَتظهر فَائِدَة الْخلاف فِي مُسَافر نوى الْعَصْر وَصلى رَكْعَة فِي الْوَقْت، فَإِن قُلْنَا: الْجَمِيع أَدَاء، فَلهُ قصرهَا.
وَإِن قُلْنَا: كلهَا قَضَاء، أَو: بَعْضهَا، وَجب إِتْمَامهَا أَرْبعا إِن قُلْنَا: إِن فَائِتَة السّفر إِذا قَضَاهَا فِي السّفر يجب إِتْمَامهَا، وَهَذَا كُله إِذا أدْرك رَكْعَة فِي الْوَقْت، فَإِن كَانَ دون رَكْعَة، فَقَالَ الْجُمْهُور: كلهَا قَضَاء.