هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
574 حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ : إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ : أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ ؟ قَالَ : لَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، ح وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ، وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، كُلُّهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
574 حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ، حدثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا توضأ قال أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم فتوضأ من لحوم الإبل قال : أصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم قال : أصلي في مبارك الإبل ؟ قال : لا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن سماك ، ح وحدثني القاسم بن زكريا ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن شيبان ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، وأشعث بن أبي الشعثاء ، كلهم عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبي كامل ، عن أبي عوانة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Jabir b. Samura reported:

A man asked the Messenger of Allah (may peace he upon him) whether he should perform ablution after (eating) mutton. He (the Messenger of Allah) said: Perform ablution it you so desire, and if you do not wish, do not perform it. He (again) asked: Should I perform ablution (after eating) camel's flesh? He said: Yes, perform ablution (after eating) camel's flesh. He (again) said: May I say prayer in the sheepfolds? He (the Messenger of Allah) said: Yes. He (the narrator) again said: May I say prayer where camels lie down? He (the Holy Prophet) said: No.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ.
وإن شئت فلا توضأ قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال نعم.
فتوضأ من لحوم الإبل قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.


المعنى العام

بدأ الإسلام في أمة أمية، وجماعات بدوية، فكان المسلمون الأولون غير حريصين على النظافة، بحكم العرف والعادة والبيئة، يأكلون الأرز والإدام واللحم والزبد بأيديهم، ثم يلعقون أصابعهم، ويمسحونها بما قرب منهم، ثم يمسحون أفواههم.

وجاء دين النظافة فأمر بالوضوء من كل حدث أصغر، والغسل من كل حدث أكبر، وبإزالة الروائح التي يتأذى منها المجتمع، جاء بالاستنجاء، وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وبالمضمضة عند كل وضوء، وزيادة في الحث على النظافة أمر بالوضوء من أكل أو شرب ما مست النار، ومن المعروف أن الكثير من الطعام مطهي بواسطة النار، فقال صلى الله عليه وسلم توضئوا مما مست النار وفهم بعض الصحابة من هذا الأمر الوجوب، وفهم بعضهم منه الندب وفهم آخرون أن المراد من الوضوء فيه الوضوء اللغوي وهو النظافة فعمل به على أساس غسل اليدين والفم.
وساعد كلا ما فهم عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، فأبو طلحة يراه يأكل ثور أقط، أي قطعة من اللبن المطبوخ على النار، فيتوضأ منه، وابن عباس يراه يأكل كتف الشاة مطهية على النار، ثم يصلي دون أن يتوضأ، وعمرو بن أمية الضمري يراه يقطع من كتف الشاة بالسكين ويأكل، ثم يدعي إلى الصلاة وهو على هذه الحال، فيطرح السكين من يده، ويصلي بالناس، ولا يتوضأ، وميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تروي أنه أكل عندها كتف شاة مطهية على النار، وصلى ولم يتوضأ، وأبو رافع يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما تحويه بطن الشاة، فيأكله، ثم يصلي، ولا يتوضأ، وابن عباس يراه يخرج للصلاة، فيقابل بهدية من خبز ولحم، فيأكل منها، ثم يصلي، ولا يمس ماء.

ويسأله رجل: أأتوضأ يا رسول الله من أكل لحوم الغنم؟ فيقول: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ، فيسأله: أأتوضأ يا رسول الله من أكل لحوم الإبل؟ فيقول: نعم فتوضأ من لحوم الإبل، ويثور الجدل بين الصحابة في هذا الحكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويناظر ابن عباس أبا هريرة، فيقول ابن عباس: لو وجب الوضوء مما مست النار لم يجز الوضوء بالماء الحار، وإنا نستحم بالماء المسخن ونتوضأ به، وندهن بالدهن المطبوخ، فيقول أبو هريرة يا ابن أخي.
إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب لذلك مثلا.
ويقول ابن مسعود: لأن أتوضأ من الكلمة المنتنة أحب إلي من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة.

وينتهي الخلاف والنقاش والجدل بانتهاء الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعده على أنه لا يجب الوضوء مما مسته النار، عملا بحديث ابن عباس رضي الله عنه كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار.

المباحث العربية

( الوضوء مما مست النار) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والتقدير الوضوء واجب مما مست النار، أو مندوب مما مست النار، ومن سببية، وما اسم موصول، صفة لموصوف محذوف، وفي الكلام مضاف محذوف، والأصل: الوضوء مطلوب بسبب أكل الطعام الذي مسته النار.

( ابن قارظ) بالقاف وكسر الراء بعدها ظاء.

( يتوضأ على المسجد) أي يتوضأ على سطح المسجد، وكان يصلي على السطح أحيانا.

( إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها) الأثوار جمع ثور والثور -كما في القاموس- القطعة من الأقط، والأقط بتثليث الهمزة وسكون القاف، وقد تحرك القاف بالكسر، على وزن كتف وإبل، وبالضم على وزن جل وهو طعام يتخذ من اللبن المخيض، ويطبخ على النار، وجملة أكلتها في محل الجر، صفة أثوار وفي الكلام قصر، طريقه إنما أي لا أتوضأ الآن من شيء سوى أكل أثوار.

( أكل كتف شاة) الكتف العظم بما فيه من لحم، وهي أنثى، والجمع أكتاف، يقال: كتف بفتح الكاف وكسر التاء، وكتف بكسر الكاف وسكون التاء، وقيل: هي عظم عريض خلف المنكب، وكتف الشاة أعلى يدها، وفي الكلام مضاف محذوف إن فسر الكتف بالعظم، أي أكل لحم كتف شاة.

( أكل عرقا أو لحما) بفتح العين وسكون الراء، وهو العظم عليه قليل من اللحم.

( يحتز من كتف يأكل منها) يحتز بالحاء وبالزاي، أي يقطع، وفي البخاري يأكل ذراعا يحتز منها.

( فقام وطرح السكين) يذكر ويؤنث، يقال سكين جيد، وجيدة، وسميت سكينا لتسكينها حركة المذبوح.
وحكى الكسائي سكينة.

( أشهد لكنت أشوي) أشهد في معنى القسم، ولكنت أشوي جوابه بتقدير قد لأن لام الابتداء لا تدخل على الماضي المجرد، وقد أجاز النحاة هذا الأسلوب على قلة.

( بطن الشاة) قال النووي: يعني الكبد وما معه من حشوها، وفي الكلام حذف تقديره أشوي بطن الشاة، فيأكل منه ثم يصلي ولا يتوضأ.
اهـ.

( أصلي في مرابض الغنم) ؟ بحذف همزة الاستفهام، والمرابض جمع مربض بفتح الميم وكسر الباء يقال: ربض في الأرض يربض من باب ضرب إذا لصق بها وأقام ملازما لها، واسم المكان مربض قال القاضي عياض: مرابض الغنم حيث تقيل أو تبيت، وقال الأبي: الربوض للغنم كالاضطجاع للإنسان والبروك للإبل.
اهـ وفي رواية أصلي في مباءة الغنم؟.
والمباءة المنزل الذي تأوى إليه.

( أصلي في مبارك الإبل؟) المبارك جمع مبرك وهو موضع بروك الجمل عند الماء أو في أي مكان، وفي رواية توضئوا من لحوم الإبل ولا تصلوا في مناخها والمناخ بضم الميم المكان الذي تناخ فيه، وفي رواية لا تصلوا في أعطان الإبل والأعطان جمع عطن وهو اسم لمبرك الإبل عند الماء، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم ولا يصلي في مرابد الإبل والبقر والمرابد جمع مربد بالدال، وهي الأماكن التي تحبس فيها الإبل وغيرها من البقر والغنم.

فقه الحديث

قال النووي: ذكر مسلم رحمه الله تعالى في هذا الباب الأحاديث الواردة بالوضوء مما مست النار، ثم عقبها بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مست النار، فكأنه يشير إلى أن الوضوء منسوخ.
وهذه عادة مسلم وغيره من أئمة الحديث، يذكرون الأحاديث التي يرونها منسوخة، ثم يعقبونها بالناسخ.

ثم قال: وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم توضئوا مما مست النار فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار، وممن ذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وأنس وجابر بن سمرة، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأبي بن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين.
وهؤلاء كلهم صحابة، وذهب إليه جماهير التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحق وأبي ثور وأبي خيثمة رحمهم الله تعالى.

وذهبت طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي، وضوء الصلاة، بأكل ما مسته النار، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وأبي قلابة وأبي مجاز.

ثم قال: ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته النار.

وقال: واحتج الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار، وقد ذكر مسلم هنا منها جملة، وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة.
اهـ.

والجملة التي ذكرها مسلم هي الرواية الرابعة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ، والرواية الخامسة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عرقا أو لحما، ثم صلى ولم يتوضأ، ولم يمس ماء والرواية السادسة عن عمرو بن أمية الضمري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة، فأكل منها، فدعى إلى الصلاة، فقام وطرح السكين، وصلى ولم يتوضأ والرواية الثامنة عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عندها كتفا، ثم صلى ولم يتوضأ والرواية التاسعة عن أبي رافع قال: أشهد لكنت أشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطن الشاة، ثم يصلي ولم يتوضأ والرواية الحادية عشرة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع عليه ثيابه، ثم خرج إلى الصلاة، فأتي بهدية -خبز ولحم- فأكل ثلاث لقم ثم صلى بالناس وما مس ماء والرواية الثانية عشرة عن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ.

ومما ذكر في غير مسلم ما رواه الطبراني بإسناد حسن من طريق سليمان بن عامر قال: رأيت أبا بكر وعمر وعثمان أكلوا مما مست النار، ولم يتوضئوا وما رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر قال أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان خبزا ولحما، فصلوا ولم يتوضئوا وما أخرجه الطحاوي عن ابن مسعود وعلقمة أنهما خرجا يريدان الصلاة، فجيء بقطعة من بيت علقمة، فيها ثريد، ولحم، فأكلا، فمضمض ابن مسعود، وغسل أصابعه ثم قام إلى الصلاة وعن ابن مسعود قال لأن أتوضأ من الكلمة المنتنة أحب إلي من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة.

أما الأحاديث المقابلة الداعية إلى الوضوء مما مسته النار فمنها الرواية الأولى عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوضوء مما مست النار والرواية الثانية عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوضوء مما مست النار والرواية الثانية عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: توضئوا مما مست النار والرواية الثالثة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضئوا مما مست النار.

ومما ذكر في غير مسلم، ما رواه الطحاوي عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل ثور أقط توضئوا منه وما رواه الطحاوي والنسائي والطبراني عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: توضئوا مما غيرت النار وما رواه الطحاوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضئوا مما غيرت النار ولو من ثور أقط وما رواه الطحاوي عن سهل بن الحنفية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل لحما فليتوضأ.

ويجيب الجمهور عن هذه الأحاديث بتأويل الوضوء فيها بالوضوء اللغوي وليس الشرعي، أي النظافة وغسل الفم والكفين، وعلى فرض أن المراد بالوضوء الوضوء الاصطلاحي فإنه منسوخ بالأحاديث الأخرى الدالة على ترك الوضوء مما مسته النار، ولا يقال: إن النسخ يحتاج إلى ضبط التاريخ، وليس في مسلم ذكر للتاريخ، ولا ما يشير إليه، فقد ورد في الموطأ أن ترك الوضوء من ذلك كان بحنين، وهي متأخرة، كما روى أبو داود عن جابر قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار.

قال الحافظ ابن حجر نقلا عن ابن بطال: أمر صلى الله عليه وسلم بالوضوء مما مسته النار لأنهم كانوا ألفوا في الجاهلية قلة التنظيف، فأمروا بالوضوء منه فلما تقررت النظافة في الإسلام وشاعت نسخ.
اهـ.

وقد جمع ابن تيمية بين هذه الأحاديث المتعارضة بحمل الأمر بالوضوء على الاستحباب، وحمل أحاديث الترك على أنه ليس بواجب، حيث قال: وهذه النصوص -يعني الأحاديث الدالة على ترك الوضوء مما مست النار- إنما تنفي الإيجاب، لا الاستحباب ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للذي سأله: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ، ولولا أن الوضوء من ذلك مستحب لما أذن فيه، لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة.
اهـ.
والله أعلم.

وظاهر الرواية الثانية عشرة أن أكل لحوم الإبل يوجب الوضوء، وكأن لحوم الإبل مستثناة مما مسته النار، إذ جاء في هذه الرواية أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ.
قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل وإلى هذا ذهب الإمام أحمد وإسحق بن راهويه وابن المنذر وابن خزيمة، وفي توجيه هذا الحكم قال الدهلوي: والسر في إيجاب الوضوء من لحوم الإبل على قول من قال به أنها كانت محرمة في التوراة، واتفق جمهور أنبياء بني إسرائيل على تحريمها، فلما أباحها الله تعالى لنا شرع الوضوء منها لمعنيين:

أحدهما: أن يكون الوضوء شكرا لما أنعم الله علينا من إباحتها بعد تحريمها على من قبلنا.

وثانيهما: أن يكون الوضوء علاجا لما عسى أن يختلج في بعض الصدور من إباحتها بعد ما حرمها الأنبياء من بني إسرائيل، فإن النقل من التحريم إلى كونه مباحا يناسبه إيجاب الوضوء منه ليكون أقرب إلى اطمئنان نفوسهم.
اهـ.

وقال الطحاوي: قد فرق قوم بين لحوم الغنم ولحوم الإبل، فأوجبوا في أكل لحوم الإبل الوضوء، ولم يوجبوا ذلك في أكل لحوم الغنم لما في لحوم الإبل من الغلظ، ومن غلبة ودكها على يد آكلها، وأباح أن لا يتوضأ من لحوم الغنم لعدم ذلك منها.
اهـ.

وذهب الجمهور -ومنهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابه إلى أن أكل لحوم الإبل غير ناقض للوضوء.

وقالوا: إن المراد من الوضوء في الحديث الوضوء اللغوي، أي الغسل والتنظيف، وهو من لحوم الإبل آكد منه من غيرها من اللحوم.
وقالوا: لما كان لحم الإبل فردا مما مسته النار، وقد نسخ وجوب الوضوء منه بجميع أفراده استلزم نسخ وجوبه من لحوم الإبل، فهو فرد من أفراد العام الذي نسخ، وإذا نسخ العام الذي هو وجوب الوضوء مما مست النار نسخ كل فرد من أفراده ومنه لحوم الإبل، وقالوا: إن الإبل والغنم سواء في حل بيعهما وشرب لبنهما وطهارة لحومهما، وأنه لا تفترق أحكامهما في شيء من ذلك، فاقتضى أن يكونا في أكل لحومهما سواء: فكما صح أنه لا وضوء من أكل لحوم الغنم فكذلك لا وضوء من أكل لحوم الإبل.

كما أن ظاهر الرواية الثانية عشرة جواز الصلاة في مرابض الغنم، وعدم جوازها في مبارك الإبل، ومثل ذلك روى الترمذي عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل وروى أبو داود حديث البراء وفيه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل، فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشيطان كما روى ابن ماجه عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشيطان وذكر الطبراني في الأوسط حديث أسيد بن حضير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضئوا من لحوم الإبل، ولا تصلوا في مناخها.

وذكر أبو يعلى في مسنده حديث طلحة بن عبيد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ من ألبان الإبل ولحومها، ولا يصلي في أعطانها وذكر أحمد في مسنده حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم، ولا يصلي في مرابد الإبل والبقر وذكر أحمد والطبراني أيضا حديث يعيش الجهني قال: عرض أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: تدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل، أفنصلي فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا.

ولا خلاف بين العلماء في أن الأمر بالصلاة في مرابض الغنم للإباحة وليس للوجوب اتفاقا، ولا للندب، وقد قصد بهذا الأمر الترغيب في تربية الغنم، بإبعادها في هذا الحكم عن حكم الإبل، إذ وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة، ووصف أصحاب الغنم بالسكينة والوقار.

وإنما الخلاف في النهي عن الصلاة في مبارك الإبل، هل هو للتنزيه؟ أو للكراهة؟ أو للحرمة؟ وذهب أحمد في الرواية المشهورة عنه أنه إذا صلى في أعطان الإبل فصلاته فاسدة وهو مذهب أهل الظاهر وكرهها الحسن البصري وإسحق وأبو ثور، وأحمد في رواية عنه.

والجمهور وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد، على جواز الصلاة في أعطان الإبل، وأن النهي للتنزيه.

وهذا الخلاف حيث لا يتصل المصلي بالنجاسة، فإن لم يكن بين المصلي وبين النجاسة حائل فإنه لا تجوز صلاته في أي مكان كان.

واختلفوا كذلك في سبب التفرقة بين مرابض الغنم وأعطان الإبل فقال شريك بن عبد الله: نهى عن الصلاة في أعطان الإبل لأن أصحابها من عادتهم التغوط بقرب إبلهم والبول في مباركها، فينجسون بذلك أعطان الإبل، فنهى عن الصلاة فيها لذلك، لا لعلة الإبل، وإنما هو لعلة النجاسة التي تمنع من الصلاة في أي موضع، بخلاف مرابض الغنم، فإن أصحابها من عادتهم تنظيف مواضعها، وترك البول والتغوط فيها، فأبيحت الصلاة في مرابضها لذلك.

قال العيني: وهذا بعيد جدا، مخالف لظاهر الحديث: وقال الطحاوي: هذا التعليل يقتضي النهي عن الصلاة حيث يكون البول والغائط، سواء كان عطنا أو غيره.

وقيل: إن علة النهي هي كون أبوال الإبل وأرواثها تكون غالبا في معاطنها.
قال العيني: وهذا أيضا بعيد، لأن مرابض الغنم تشركها في ذلك.

وقال يحيى بن آدم: إن العلة في اجتناب الصلاة في معاطن الإبل أن الإبل يخاف وثوبها، فتعطب من تلاقي حينئذ، فالمصلي في معاطنها يظل مشغولا بها بخلاف الغنم، لأنه لا يخاف منها ما يخاف من الإبل.
اهـ وهذه العلة أقرب للقبول، ولا عبرة لاعتراض الطحاوي عليها بأنها تقتضي أن تكون الصلاة مكروهة حيث يخاف على النفوس، سواء كانت في عطن أو في غير عطن وسواء كانت إبلا أو غير إبل، لأن الحق ذلك، وأن الصلاة مكروهة حيث يخاف على النفوس، وهذا موطن من مواطن الخوف على النفوس والتنصيص عليه لا يمنع من إلحاق غيره به، حيث توجد العلة.

ولا عبرة أيضا لقوله: إن النظر يقتضي عدم التفرقة بين مرابض الغنم وأعطان الإبل، لأنا رأينا حكم لحم الإبل كحكم لحم الغنم في طهارته، ورأينا حكم أبوالها كحكم أبوالها في طهارتها أو نجاستها، فالنظر يقتضي أن يكون حكم الصلاة في مواضع الإبل كحكمه في مواضع الغنم.
اهـ.
فإن ظاهر هذا القول معارضة الحديث الصحيح المصرح بالتفرقة.

ويصل بنا البحث إلى الكلام عن نجاسة أبوال الغنم والإبل أو طهارتها، وقد ذهب مالك إلى طهارة بول ما يؤكل لحمه، وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن والإصطخري والروياني الشافعيان، وهو قول الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والحكم والثوري.

وذهب أبو داود بن علية إلى أن بول كل حيوان طاهر، سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكوله، إلا بول الإنسان، فإنه نجس.

وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف وأبو ثور وكثيرون آخرون إلى أن الأبوال كلها نجسة إلا ما عفي عنه.

استدل القائلون بطهارته بما رواه البخاري وغيره في قصة العرنيين أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يشربوا من أبوال اللقاح وألبانها.
قالوا: لو كانت أبوال الإبل نجسة لحرم شربها، ولما أمر به صلى الله عليه وسلم.

ويجيب المخالفون بأن ما في حديث العرنيين قد كان للضرورة، فليس فيه دليل على أنه يباح في غير حال الضرورة، لأن هناك أشياء أبيحت في الضرورات، ولم تبح في غيرها، كما في لبس الحرير، فإنه حرام على الرجال وقد أبيح لبسه في الحرب أو للحكة أو لشدة البرد إذا لم يجد غيره، وله أمثال كثيرة في الشرع.

ويحاول ابن بطال ومن يقول بطهارة بول وروث ما يؤكل لحمه أن يستدل على هذا الحكم بالرواية الثانية عشرة من روايات الباب.
قالوا: لأن المرابض لا تسلم من البعر والبول، فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلواتهم، فلا تكون نجسة، ويجيب الشافعية ومن يقول بنجاسة الأبوال والأرواث باحتمال وجود الحائل، حينئذ، أو بعدم التيقن من وجود الأبوال والأرواث في مكان الصلاة.
قال الحافظ ابن حجر: الأصل الطهارة، وعدم السلامة من الأبوال والأرواث في مرابض الغنم غالب، وإذا تعارض الأصل والغالب قدم الأصل.
اهـ.

ومن أدلة الشافعية عموم حديث استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب أهل القبر منه وهو ظاهر في تناول جميع الأبوال، وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى الغائط، وطلب ثلاثة أحجار، فأتي بحجرين وروثة، أخذ الحجرين ورد الروثة وقال: هو رجس أي نجس، والله أعلم.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- من الرواية العاشرة يؤخذ استحباب المضمضة من شرب اللبن، ومن التعليل بأن له دسما استحباب المضمضة من كل ما له دسم أو لزوجة أو بقايا تتعلق بالفم، وأما ما جاء في سنن أبي داود من أنه صلى الله عليه وسلم شرب لبنا ولم يتمضمض ولم يتوضأ فهو محمول على الجواز، والأمر بالمضمضة من اللبن في رواية ابن ماجه، ولفظها مضمضوا من اللبن، فإن له دسما للاستحباب.

ومثل المضمضة غسل اليدين قبل الطعام وبعده، قال النووي: والأظهر استحباب غسل اليدين قبل الطعام، إلا أن يتيقن نظافة اليدين من النجاسة والوسخ، واستحباب غسلهما بعد الفراغ من الطعام إلا أن لا يبقى على اليد أثر الطعام، بأن كان يابسا، أو لم يمسسه بها، كمن يأكل [بالشوكة والملعقة] ومالك يكره غسل اليدين قبل الطعام إلا أن يكون بها قذر، وبعده إلا أن يكون للطعام دسم يعلق باليد، أو رائحة كريهة كزفورة السمك، انتهى بتصرف.

2- ومن الرواية السابعة جواز قطع اللحم بالسكين للأكل، قال النووي: وذلك حين تدعو إليه الحاجة، كصلابة اللحم، أو كبر القطعة.
اهـ وقال الحافظ ابن حجر: وفي النهي عنه حديث ضعيف في سنن أبي داود، فإن ثبت خص بعدم الحاجة الداعية إلى ذلك، لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الترف.

3- ومن الرواية الأولى جواز الوضوء في المسجد، قال النووي: وقد نقل ابن المنذر إجماع العلماء على جوازه ما لم يؤذ به أحدا.
اهـ.

4- ومن الرواية السابعة، من قوله: فدعى إلى الصلاة جواز، بل استحباب استدعاء الأئمة إلى الصلاة إذا حضر وقتها.

5- ومن قوله في الرواية نفسها وصلى ولم يتوضأ أن الشهادة على النفي تقبل، إذا كان المنفي محصورا مثل هذا.
قاله النووي.

6- وفيها أن الوضوء مما مست النار ليس بواجب.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ
[ سـ :574 ... بـ :360]
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قَالَ لَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ سِمَاكٍ ح وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ كُلُّهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ
فِي إِسْنَادِهِ مَوْهَبُ هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ ، وَفِيهِ أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُمَا بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ، وَاسْمُ أَبِي الشَّعْثَاءِ سُلَيْمُ بْنُ أَسْوَدَ ، أَمَّا أَحْكَامُ الْبَابِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْجَزُورِ ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ ، مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ ، وَأَبُو طَلْحَةَ ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَأَبُو أُمَامَةَ ، وَجَمَاهِيرُ التَّابِعِينَ ، وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَصْحَابُهُمْ ، وَذَهَبَ إِلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ ، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ، وَحُكِيَ عَنِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا ، وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْبَابِ ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ فَتَوَضَّأَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ .
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَأَمَرَ بِهِ .

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ : صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا حَدِيثَانِ : حَدِيثُ جَابِرٍ ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْوَى دَلِيلًا وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ .
وَقَدْ أجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ ، وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ ، وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا إِبَاحَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ دُونَ مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ مَبَارِكِ الْإِبِلِ وَهِيَ أَعْطَانُهَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ مَا يُخَافُ مِنْ نِفَارِهَا وَتَهْوِيشِهَا عَلَى الْمُصَلِّي .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِطَهَارَتِهِ تِلْكَ