هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
580 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ، جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ ، بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا ، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
580 حدثنا معاذ بن فضالة ، قال : حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، أن عمر بن الخطاب ، جاء يوم الخندق ، بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش ، قال : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر ، حتى كادت الشمس تغرب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما صليتها فقمنا إلى بطحان ، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها ، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ، جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ ، بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا ، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ .

Narrated Jabir bin `Abdullah:

On the day of Al-Khandaq (the battle of trench.) `Umar bin Al-Khattab came cursing the disbelievers of Quraish after the sun had set and said, O Allah's Messenger (ﷺ) I could not offer the `Asr prayer till the sun had set. The Prophet (ﷺ) said, By Allah! I, too, have not prayed. So we turned towards Buthan, and the Prophet (ﷺ) performed ablution and we too performed ablution and offered the `Asr prayer after the sun had set, and then he offered the Maghrib prayer.

":"ہم سے معاذ بن فضالہ نے حدیث نقل کی ، انھوں نے کہا ہم سے ہشام دستوائی نے بیان کیا ، انھوں نے یحییٰ بن ابی کثیر سے روایت کیا ، انھوں نے ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن سے ، انھوں نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہما سے کہحضرت عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ غزوہ خندق کے موقع پر ( ایک مرتبہ ) سورج غروب ہونے کے بعد آئے اور وہ کفار قریش کو برا بھلا کہہ رہے تھے ۔ اور آپ نے کہا کہ اے اللہ کے رسول ! سورج غروب ہو گیا ، اور نماز عصر پڑھنا میرے لیے ممکن نہ ہو سکا ۔ اس پر رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ نماز میں نے بھی نہیں پڑھی ۔ پھر ہم وادی بطحان میں گئے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے وہاں نماز کے لیے وضو کیا ، ہم نے بھی وضو بنایا ۔ اس وقت سورج ڈوب چکا تھا ۔ پہلے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے عصر پڑھائی اس کے بعد مغرب کی نماز پڑھی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [596] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ هُوَ بن أبي عبد الله الدستوَائي وَيحيى هُوَ بن أبي كثير وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَقَالَ فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فَجَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ حَجَّاجٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَيَأْتِي شَرْحُ أَمْرِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  بعد مَا غربت الشَّمْسفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ بعد مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .

     قَوْلُهُ  يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا السَّبَبَ فِي تَأْخِيرِهِمُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا إِمَّا الْمُخْتَارُ كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ وَإِمَّا مُطْلَقًا كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  مَا كِدْتُ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ لَفْظَةُ كَادَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ كَادَ زَيْدٌ يَقُومُ فُهِمَ مِنْهَا أَنَّهُ قَارَبَ الْقِيَامَ وَلَمْ يَقُمْ قَالَ وَالرَّاجِحُ فِيهَا أَنْ لَا تُقْرَنَ بِأَنْ بِخِلَافِ عَسَى فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا أَنْ تُقْرَنَ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ.

.

قُلْتُ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَهَلْ تَسُوغُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى فِي مثل هَذَا أَولا الظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ عَنْ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ كَيْفَ وَقَعَتْ لَا الْإِخْبَارُ عَنْ عُمَرَ هَلْ تَكَلَّمَ بِالرَّاجِحَةِ أَوِ الْمَرْجُوحَةِ قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَعْنَى كَادَ الْمُقَارَبَةُ فَقَوْلُ عُمَرَ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ قُرْبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ نَفْيَ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي إِثْبَاتَهَا وَإِثْبَاتُ الْغُرُوبِ يَقْتَضِي نَفْيَهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ لِعُمَرَ ثُبُوتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَثْبُتِ الْغُرُوبُ اهـ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وُقُوعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ بَلْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَقَعَ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كيدودته كَانَت عِنْد كَيْدُودَتَهَا قَالَ وَحَاصِلُهُ عُرْفًا مَا صَلَّيْتُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ التَّقْرِيرَيْنِ مِنَ الْفَرْقِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْعُرْفِ مَمْنُوعٌ وَكَذَا الْعِنْدِيَّةُ لِلْفَرْقِ الَّذِي أَوْضَحَهُ الْيَعْمُرِيُّ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِأَنَّ كَادَ إِذَا أُثْبِتَتْ نَفَتْ وَإِذَا نَفَتْ أُثْبِتَتْ كَمَا قَالَ فِيهَا الْمَعَرِّيُّ مُلْغِزًا إِذَا نُفِيَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَثْبَتَتْ وَإِنْ أُثْبِتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ هَذَا إِلَى مَا فِي تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ كَيْدُودَةٍ مِنَ الثِّقَلِ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ اخْتُصَّ بِأَنْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشُّغْلُ وَقَعَ بِالْمُشْرِكِينَ إِلَى قُرْبِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَانَ عُمَرُ حِينَئِذٍ متوضأ فَبَادَرَ فَأَوْقَعَ الصَّلَاةَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا قَدْ شَرَعَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا قَامَ عِنْدَ الْإِخْبَارِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْوُضُوءِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَأْخِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ نِسْيَانًا وَاسْتُبْعِدَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْجَمِيعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُمْعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ هَلْ عَلِمَ رَجُلٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ اه وَفِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِتَكَلُّفٍ وَقِيلَ كَانَ عَمْدًا لِكَوْنِهِمْ شَغَلُوهُ فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَقْرَبُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِي صَلَاة الْخَوْف فرجالا أَو ركبانا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَلْ نُسِخَ أَمْ لَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  بُطْحَانَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى الْعَصْرَ وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى أَنَّ الَّذِي فَاتَهُمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَأَنَّهُمْ صَلَّوْا بعد هوى من اللَّيْل وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ أَرْبَعٍ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْعِشَاءَ لَمْ تَكُنْ فَاتَتْ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ مِنَ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَصرح بذلك بن الْعَرَبِيّ فَقَالَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْعَصْرُ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي مُسْلِمٍ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ وَقْعَتُهُ أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ قَالَ وَهَذَا أَوْلَى قلت ويقربه أَن روايتى أبي سعيد وبن مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِقِصَّةِ عُمَرَ بَلْ فِيهِمَا أَنَّ قَضَاءَهُ لِلصَّلَاةِ وَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ حَدِيثِ الْبَابِ فَفِيهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَمَاعَةِ.

.

قُلْتُ إِمَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ فِي السِّيَاقِ اخْتِصَارًا وَإِمَّا مِنْ إِجْرَاءِ الرَّاوِي الْفَائِتَةَ الَّتِي هِيَ الْعَصْرُ وَالْحَاضِرَةُ الَّتِي هِيَ الْمَغْرِبُ مَجْرًى وَاحِدًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَغْرِبَ كَانَتْ بِالْجَمَاعَةِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَادَتِهِ اه وبالاحتمال الأول جزم بن الْمُنِيرِ زَيْنُ الدِّينِ فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أُجِيبَ بِأَنَّ مَقْصُودَ التَّرْجَمَةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَقَامَ وَقُمْنَا وَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا.

.

قُلْتُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى وُجُوبِهِ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهَا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي وَقْتِ حَاضِرَةٍ ضَيِّقٍ هَلْ يَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ أَوْ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ أَوْ يَتَخَيَّرُ فَقَالَ بِالْأَوَّلِ مَالِكٌ.

     وَقَالَ  بِالثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  بِالثَّالِثِ أَشْهَبُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ تَكْثُرِ الصَّلَوَاتُ الْفَوَائِتُ فَأَمَّا إِذَا كَثُرَتْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَلِيلِ فَقِيلَ صَلَاةُ يَوْمٍ وَقِيلَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ إِذَا اقْتَضَتْ مَصْلَحَةٌ مِنْ زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ نَفْيِ تَوَهُّمٍ وَفِيهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَحُسْنِ التَّأَنِّي مَعَ أَصْحَابِهِ وَتَأَلُّفِهِمْ وَمَا يَنْبَغِي الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي الْجَمَاعَةِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا اللَّيْثَ مَعَ أَنَّهُ أَجَازَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً إِذَا فَاتَتْ وَالْإِقَامَةُ لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَأَجَابَ مَنِ اعْتَبَرَهُ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ كَانَتْ حَاضِرَةً وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الْأَذَانَ لَهَا وَقَدْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانُ لِلْحَاضِرَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ تَرَكَ ذِكْرَ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَغْرِبُ لَمْ يَتَهَيَّأْ إِيقَاعُهَا إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْقَوْلِ بِتَضْيِيقِهِ وَعَكَسَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُتَّسِعٌ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْعَصْرَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ ضَيِّقًا لَبَدَأَ بِالْمَغْرِبِ وَلَا سِيمَا على قَول الشَّافِعِي فِي قَوْله بِتَقْدِيم الْحَاضِرَةِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ بِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بعد مضى هوى من اللَّيْل( قَولُهُ بَابُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ وَلَا يُعِيدُ إِلَّا تِلْكَ الصَّلَاةَ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمُنِيرِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِإِثْبَاتِ هَذَا الْحُكْمِ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ وَلِكَوْنِهِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ إِذِ الْوَاجِبُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ لَا أَكْثَرُ فَمَنْ قَضَى الْفَائِتَةَ كَمَّلَ الْعَدَدَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَلِكَوْنِهِ عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْخِطَابِ لِقَوْلِ الشَّارِعِ فَلْيُصَلِّهَا وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةً.

     وَقَالَ  أَيْضًا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ فَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْحَصْرِ أَنْ لَا يَجِبَ غَيْرُ إِعَادَتِهَا وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعِيدُ إِلَّا تِلْكَ الصَّلَاةَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَهُ إِعَادَةُ الْمَقْضِيَّةِ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِهَا وَعِنْدَ حُضُورِ مِثْلِهَا مِنَ الْوَقْتِ الْآتِي وَلَكِنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا أَيِ الصَّلَاةَ الَّتِي تَحْضُرُ لَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعِيدَ الَّتِي صَلَّاهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِظَاهِرِهِ وُجُوبًا قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ فِي الْقَضَاءِ انْتَهَى وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ عَدُّوا الْحَدِيثَ غَلَطًا مِنْ رَاوِيهِ وَحَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَأْخُذُهُ مِنْكُمْ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ أَيِ النَّخَعِيُّ وَأَثَرُهُ هَذَا مَوْصُولٌ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ فِي جَامِعِهِ عَنْ مَنْصُورٍ وَغَيره عَنهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [596] حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا.
فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ".
[الحديث أطرافه في: 598، 641، 945، 4112] .
وبالسند قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بقتح الفاء البصري ( قال: حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ( جاء يوم) حفر ( الخندق) في السنة الرابعة من الهجرة ( بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت) بكسر الكاف وقد تضم ( أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب) أي ما صليت حتى غربت الشمس لأن كاد إذا تجرّدت عن النفي كان معناها إثباتًا، وإن دخل عليها نفي كان معناها نفيًا لأن قولك: كاد زيد يقوم معناه إثبات قرب القيام، وقولك ما كاد زيد يقوم معناه نفي قرب الفعل، وهاهنا نفي قرب الصلاة فانتفت الصلاة بالطريق الأولى ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: والله ما صليتها فقمنا إلى بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء أو بالفتح والكسر وادٍ بالمدينة ( فتوضأ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( للصلاة وتوضأنا لها فصلّى العصر) بنا جماعة ( بعدما غربت الشمس، ثم صلّى بعدها المغرب) .
هذا لا ينهض دليلاً للقول بوجوب ترتيب الفوائت إلا إذا قلنا أن أفعاله عليه الصلاة والسلام المجردة للوجوب.
نعم لهم أن يستدلّوا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام "صلوا كما رأيتموني أصلي" وفي الموطأ من طريق أخرى: أن الذي فاتهم الظهر والعصر.
وأجيب بأن الذي في الصحيحين العصر وهو أرجح ويؤيدهحديث عليّ رضي الله عنه: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وقد يجمع بأن وقعة الخندق كانت أيامًا فكانت في يوم الظهر وفي الآخر العصر، وحملوا تأخيره عليه الصلاة والسلام على النسيان أو لم ينس، لكنه لم يتمكن من الصلاة وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، وظاهر الحديث أنه صلاّها جماعة وذلك من قوله فقام وقمنا وتوضأنا بل وقع في رواية الإسماعيلي التصريح به إذ فيها فصلّى بنا العصر.
ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في صلاة الخوف والمغازي ومسلم في الصلاة وكذا الترمذي والنسائي.
37 - باب مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، وَلاَ يُعِيدُ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ تَرَكَ صَلاَةً وَاحِدَةً عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُعِدْ إِلاَّ تِلْكَ الصَّلاَةَ الْوَاحِدَةَ.
هذا ( باب) بالتنوين ( من نسي صلاة) حتى خرج وقتها ( فليصل إذا ذكرها،) ولأبوي الوقت وذر والأصيلي إذا ذكر ( ولا يعيد) بصيغة النفي وللأصيلي ولا يعد بغير ياء بعد العين على النهي أي لا يقضي ( إلا تلك الصلاة) وذهب مالك إلى أن من ذكر بعد أن صلّى صلاة أنه لم يصل التي قبلها أنه يصلّي التي ذكر ثم يصلّي التي كان صلاها مراعاة للترتيب استحبابًا ( وقال إبراهيم:) النخعي مما وصله الثوري في جامعه عن منصور وغيره عنه ( من ترك صلاة واحدة) نسيانًا ( عشرين سنة) مثلاً ( لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة) التي نسيها فقط.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [596] ثنا معاذ بن فضالة: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن جابر، أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، فقال: يا رسول الله، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب.
قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( والله ما صليتها) ، فقمنا إلى بطحان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها [فصلى العصر] بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب.
تأخير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العصر حتى غربت الشمس يوم الخندق لم يكن عن نوم بغير خلاف، وإنما اختلف.
وقد أشار البخاري في ( أبواب الخوف) إلى أنه كان اشتغالاً بالعدو.
ويعضده: حديث علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) – الحديث.
وسيأتي ذلك مبسوطاً في موضعه – إن شاء الله.
وفي حديث جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى العصر بعدما غربت الشمسثم صلى بعدها المغرب.
ولم يصرح فيه بأنه صلى بهم جماعة، لكن قوله: ( فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها) مما يدل على أنه صلاها جماعة.
وقد خرجه الإسماعيلي في ( صحيحه) ، ولفظه: ( فصلى بنا العصر) – وذكر باقيه.
وهذا تصريح بالجماعة.
[و] في حديث نومهم عن صلاة الفجر، أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الفجر بأصحابه جماعة.
وأكثر العلماء على مشروعية الجماعة للفوائت.
فمن قال: إن صلاة الجماعة سنة، فهي عنده سنة للحاضرة والفائتة.
ومن قال: صلاة الجماعة فرض – كما هو ظاهر مذهب الإمام أحمد -، فاختلف أصحابنا: هل الجماعة واجبة، أو لا؟ على وجهين.
وممن قال بأن الجماعة مشروعة للفوائت: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم.
وحكي عن الليث بن سعد: أن قضاء الفائتة فرادى أفضل.
وترده هذه الأحاديث الصحيحة.
وفي الحديث: دليل على اتساع وقت المغرب؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه قاموا بعد غروب الشمس، فنزلوا إلى بطحان، فتوضئوا، ثم صلوا العصر قبل المغرب، ثم صلوا المغرب، فلو كان وقت المغرب مضيقاً لكان قد وقعت صلاة العصر في وقت المغرب، ولم يكن فرغوا منها حتى فات وقت المغرب، فتكون صلاة المغرب حينئذ مقضية بعد وقتها.
ويرجع الكلام في ذلك إلى من كان عليه صلاة فائتة، وقد ضاق وقت الصلاة الحاضرة عن فعل الصلاتين، فأكثر العلماء على أنه يبدأ بالحاضرة فيما بقي من وقتها، ثم يقضي الفائتة بعدها؛ لئلا تصير الصلاتان فائتتين،وهو قول الحسن وابن المسيب وربيعة والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة، وأحمد في ظاهر مذهبه، وإسحاق وطائفة من أصحاب مالك.
وهؤلاء أوجبوا الترتيب، ثم أسقطوه بخشية فوات الحاضرة.
وكذلك قال الشافعي، فإنه لا يوجب الترتيب، إنما يستحبه، فأسقط هاهنا استحبابه وجوازه، وقال: يلزمه أن يبدأ بالحاضرة، ويأثم بتركه.
وقالت طائفة: بل يبدأ بالفائتة، ولا يسقط الترتيب بذلك، وهو قول عطاء والنخعي والزهري ومالك والليث والحسن بن حي.
وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلال وصاحبه أبو بكر.
وأنكر ثبوتها القاضي أبو يعلى، وذكر أن أحمد رجع عنها.
37 - باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة وقال إبراهيم: من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة.
يدخل تحت تبويب البخاري - رحمه الله - هاهنا مسألتان: إحداهما.
أن من نسي صلاة، ثم ذكرها، فإنه يعيدها مرة واحدة، ولا يعيدها مرة ثانية.
وهذا قول جمهور أهل العلم.
وروي عن سمرة بن جندب، أنه يعيدها إذا ذكرها، ثم يعيدها من الغد لوقتها.
وق سبق عنه في النوم كذلك.
وروي مرفوعاً: فخرج أبو داود من حديث أبي قتادة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم لما قضى الصلاة التي نام عنها: ( إذا سها أحدكم عن الصلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت) .
وخرج الإمام أحمد من طريق حماد، عن بشر بن حرب، قال: سمعت سمرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( من نسي صلاة فليصلها حينيذكرها، ومن الغد للوقت) .
خرجه الإمام أحمد.
وخرجه - أيضا - من طريق همام، عن بشر، عن سمرة، قال: أحسبه مرفوعاً - فذكره.
قال أحمد في رواية أبي طالب: هو موقوف.
يعني: أن رفعه وهم.
وبشر بن حرب، ضعفه غير واحد.
وخرجه البزار في ( مسنده) من طريق أولاد سمرة، به، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمرنا إذا نام أحدنا عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها التي تصلى فيه أن نصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة.
وفي إسناده يوسف السمتي، وهو ضعيف جداً.
وفيه: دليل على أنه لا يجب قضاؤها على الفور.
المسألة الثانية: إذا نسي صلاةً، ثم ذكرها بعد أن صلى صلوات في مواقيتهن، فإنه يعيد تلك الصلاة المنسية وحدها.
وهذا هو معنى ما حكاه عن النخعي.
وهذا يبنى على أصل، وهو: أن ترتيب القضاء، هل هو واجب، أم لا؟ وفيه اختلاف، سيذكر في الباب الآتي - إن شاء الله تعالى.
ومذهب الشافعي: أنه مستحب غير واجب، وحكي رواية عن أحمد،وجزم بها بعض الأصحاب.
ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد - في المشهور عنه -: أنه واجب.
ثم اختلفوا: فقال أبو حنيفة ومالك: يجب الترتيب فيما دون ست صلوات، ولا يجب في ست صلوات فصاعداً.
وقال أحمد: يجب بكل حال.
وحكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه.
فمن قال: إنه غير واجب، قال: لا يجب الترتيب بين الصلوات الفوائت في القضاء، ولا بين الفائت والحاضر.
ومن قال: إنه واجب، فهل يسقط الترتيب عندهم بنسيان الثانية حتى يصلي صلوات حاضرة، أم لا يسقط بالنسيان؟ فيه قولان: أحدهما: أنه يسقط بالنسيان، وهو قول النخعي، كما ذكره البخاري عنه، وقول الحسن وحماد والحكم وأبي حنيفة والحسن بن حي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وإسحاق.
والثاني: لا يسقط بالنسيان - أيضا -، فيعيد الفائتة وما صلى بعدها.
وحكي رواية عن أحمد، حكاها بعض المتأخرين عنه، والله أعلم بصحتها عنه.
وأماملك، فعنده: إن ذكر قبل أن يذهب وقت الحاضرة، وقد بقي منه قدر ركعة فصاعداً أعادهما، وإن بقي دون ذلك، أو كان الوقت قدذهب بالكلية أجزأه.
وأماإن صلى الحاضرة، وعليه فائتة، وهو ذاكر لها: فمن اشترط الترتيب أوجب قضاء ما صلاه وهو ذاكر للفائتة.
ومن لم يوجب الترتيب، لم يوجب سوى قضاء الفائتة.
ويحتمله كلام النخعي الذي حكاه عنه البخاري، ولكن روي عنه صريحاً خلافه.
فروى مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا ترك صلاة متعمداً عاد، وعاد كل صلاة صلاها بعدها.
فيكون الذي حكاه البخاري عنه محمولاً على حال النسيان، أو يكون عن النخعي روايتان.
وكان الإمام أحمد لشدة ورعه واحتياطه في الدين يأخذ في مثل هذه المسائل المختلف فيها بالاحتياط، وإلا فإيجاب سنين عديدة فيها صلاة واحدة فائتة في الذمة لا يكاد يقوم عليه دليل قوي.
والذي صح عن ابن عمر في ذلك، إنما هو في صلاة واحدة فائتة ذكرت مع اتساع وقت الحاضرة لهما، فلا يلزم ذلك أن يكون حكم الصلوات إذا كثرت أو تأخر قضاؤها حتى صلى صلوات كثيرة في أوقاتها كذلك.
وبهذا فرق أكثر العلماء بين أن تكثر الفوائت أو تقل.
ولم ير مالك إلا إعادة الصلاة التي وقتها باق خاصة، فإن إيجاب إعادة صلوات سنين عديدة لأجل صلاة واحدة فيه عسر عظيم، تأباه قواعد الحنيفية السمحة.
وقد أخبرني بعض أعيان علماء شيوخنا الحنبليين، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منامه، وسأله عما يقوله الشافعي وأحمد في هذه المسائل: أيهما أرجح؟ قال: ففهمت منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه أشار إلى رجحان ما يقوله الشافعي - رحمه الله.
ومما يدل على صحة ذلك: حديث عمران بن حصين، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ( لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم) .
فهذا يدل على أن من عليه صلاة واحدة لم يأمره الله بأن يصلي زيادة عليها.
قال البخاري - رحمه الله -:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَقُلْ مَثَلًا لِمَنْ صَلَّى صَلَاةً فَائِتَةً لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ إِيقَاعَهَا كَانَ قُرْبَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَا كَالْفَوَائِتِ الَّتِي جُهِلَ يَوْمُهَا أَوْ شَهْرُهَا

[ قــ :580 ... غــ :596] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ هُوَ بن أبي عبد الله الدستوَائي وَيحيى هُوَ بن أبي كثير وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَجَّاجَ بْنَ نُصَيْرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَقَالَ فِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ فَجَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ حَجَّاجٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَيَأْتِي شَرْحُ أَمْرِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  بعد مَا غربت الشَّمْس فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ بعد مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .

     قَوْلُهُ  يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا السَّبَبَ فِي تَأْخِيرِهِمُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا إِمَّا الْمُخْتَارُ كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ وَإِمَّا مُطْلَقًا كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  مَا كِدْتُ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ لَفْظَةُ كَادَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ فَإِذَا.

.

قُلْتُ كَادَ زَيْدٌ يَقُومُ فُهِمَ مِنْهَا أَنَّهُ قَارَبَ الْقِيَامَ وَلَمْ يَقُمْ قَالَ وَالرَّاجِحُ فِيهَا أَنْ لَا تُقْرَنَ بِأَنْ بِخِلَافِ عَسَى فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا أَنْ تُقْرَنَ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ.

.

قُلْتُ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَهَلْ تَسُوغُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى فِي مثل هَذَا أَولا الظَّاهِرُ الْجَوَازُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ عَنْ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ كَيْفَ وَقَعَتْ لَا الْإِخْبَارُ عَنْ عُمَرَ هَلْ تَكَلَّمَ بِالرَّاجِحَةِ أَوِ الْمَرْجُوحَةِ قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَعْنَى كَادَ الْمُقَارَبَةُ فَقَوْلُ عُمَرَ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ قُرْبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ نَفْيَ الصَّلَاةِ يَقْتَضِي إِثْبَاتَهَا وَإِثْبَاتُ الْغُرُوبِ يَقْتَضِي نَفْيَهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ لِعُمَرَ ثُبُوتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَثْبُتِ الْغُرُوبُ اهـ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وُقُوعُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ بَلْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَقَعَ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كيدودته كَانَت عِنْد كَيْدُودَتَهَا قَالَ وَحَاصِلُهُ عُرْفًا مَا صَلَّيْتُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ التَّقْرِيرَيْنِ مِنَ الْفَرْقِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْعُرْفِ مَمْنُوعٌ وَكَذَا الْعِنْدِيَّةُ لِلْفَرْقِ الَّذِي أَوْضَحَهُ الْيَعْمُرِيُّ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِأَنَّ كَادَ إِذَا أُثْبِتَتْ نَفَتْ وَإِذَا نَفَتْ أُثْبِتَتْ كَمَا قَالَ فِيهَا الْمَعَرِّيُّ مُلْغِزًا إِذَا نُفِيَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَثْبَتَتْ وَإِنْ أُثْبِتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ هَذَا إِلَى مَا فِي تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ كَيْدُودَةٍ مِنَ الثِّقَلِ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ اخْتُصَّ بِأَنْ أَدْرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشُّغْلُ وَقَعَ بِالْمُشْرِكِينَ إِلَى قُرْبِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَانَ عُمَرُ حِينَئِذٍ متوضأ فَبَادَرَ فَأَوْقَعَ الصَّلَاةَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا قَدْ شَرَعَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا قَامَ عِنْدَ الْإِخْبَارِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْوُضُوءِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَأْخِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ نِسْيَانًا وَاسْتُبْعِدَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْجَمِيعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُمْعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ هَلْ عَلِمَ رَجُلٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ اه وَفِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِتَكَلُّفٍ وَقِيلَ كَانَ عَمْدًا لِكَوْنِهِمْ شَغَلُوهُ فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَقْرَبُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِي صَلَاة الْخَوْف فرجالا أَو ركبانا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَلْ نُسِخَ أَمْ لَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  بُطْحَانَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى الْعَصْرَ وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى أَنَّ الَّذِي فَاتَهُمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَأَنَّهُمْ صَلَّوْا بعد هوى من اللَّيْل وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ أَرْبَعٍ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْعِشَاءَ لَمْ تَكُنْ فَاتَتْ قَالَ الْيَعْمُرِيُّ مِنَ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَصرح بذلك بن الْعَرَبِيّ فَقَالَ إِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي شُغِلَ عَنْهَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْعَصْرُ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي مُسْلِمٍ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ وَقْعَتُهُ أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ قَالَ وَهَذَا أَوْلَى قلت ويقربه أَن روايتى أبي سعيد وبن مَسْعُودٍ لَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِقِصَّةِ عُمَرَ بَلْ فِيهِمَا أَنَّ قَضَاءَهُ لِلصَّلَاةِ وَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ حَدِيثِ الْبَابِ فَفِيهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَمَاعَةِ.

.

قُلْتُ إِمَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ فِي السِّيَاقِ اخْتِصَارًا وَإِمَّا مِنْ إِجْرَاءِ الرَّاوِي الْفَائِتَةَ الَّتِي هِيَ الْعَصْرُ وَالْحَاضِرَةُ الَّتِي هِيَ الْمَغْرِبُ مَجْرًى وَاحِدًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَغْرِبَ كَانَتْ بِالْجَمَاعَةِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَادَتِهِ اه وبالاحتمال الأول جزم بن الْمُنِيرِ زَيْنُ الدِّينِ فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أُجِيبَ بِأَنَّ مَقْصُودَ التَّرْجَمَةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَقَامَ وَقُمْنَا وَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا.

.

قُلْتُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى وُجُوبِهِ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهَا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي وَقْتِ حَاضِرَةٍ ضَيِّقٍ هَلْ يَبْدَأُ بِالْفَائِتَةِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ أَوْ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ أَوْ يَتَخَيَّرُ فَقَالَ بِالْأَوَّلِ مَالِكٌ.

     وَقَالَ  بِالثَّانِي الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  بِالثَّالِثِ أَشْهَبُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ تَكْثُرِ الصَّلَوَاتُ الْفَوَائِتُ فَأَمَّا إِذَا كَثُرَتْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَلِيلِ فَقِيلَ صَلَاةُ يَوْمٍ وَقِيلَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ إِذَا اقْتَضَتْ مَصْلَحَةٌ مِنْ زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ نَفْيِ تَوَهُّمٍ وَفِيهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَحُسْنِ التَّأَنِّي مَعَ أَصْحَابِهِ وَتَأَلُّفِهِمْ وَمَا يَنْبَغِي الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي الْجَمَاعَةِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا اللَّيْثَ مَعَ أَنَّهُ أَجَازَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً إِذَا فَاتَتْ وَالْإِقَامَةُ لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ وَأَجَابَ مَنِ اعْتَبَرَهُ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ كَانَتْ حَاضِرَةً وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الْأَذَانَ لَهَا وَقَدْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانُ لِلْحَاضِرَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ تَرَكَ ذِكْرَ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَغْرِبُ لَمْ يَتَهَيَّأْ إِيقَاعُهَا إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْقَوْلِ بِتَضْيِيقِهِ وَعَكَسَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ مُتَّسِعٌ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْعَصْرَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ ضَيِّقًا لَبَدَأَ بِالْمَغْرِبِ وَلَا سِيمَا على قَول الشَّافِعِي فِي قَوْله بِتَقْدِيم الْحَاضِرَةِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ بِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بعد مضى هوى من اللَّيْل

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت.

[ قــ :580 ... غــ :596 ]
- ثنا معاذ بن فضالة: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن جابر، أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، فقال: يا رسول الله، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب.
قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( والله ما صليتها) ، فقمنا إلى بطحان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها [فصلى العصر] بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب.

تأخير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العصر حتى غربت الشمس يوم الخندق لم يكن عن نوم بغير خلاف، وإنما اختلف.

وقد أشار البخاري في ( أبواب الخوف) إلى أنه كان اشتغالاً بالعدو.

ويعضده: حديث علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) – الحديث.

وسيأتي ذلك مبسوطاً في موضعه – إن شاء الله.

وفي حديث جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب.

ولم يصرح فيه بأنه صلى بهم جماعة، لكن قوله: ( فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها) مما يدل على أنه صلاها جماعة.

وقد خرجه الإسماعيلي في ( صحيحه) ، ولفظه: ( فصلى بنا العصر) – وذكر باقيه.

وهذا تصريح بالجماعة.

[و] في حديث نومهم عن صلاة الفجر، أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الفجر بأصحابه جماعة.

وأكثر العلماء على مشروعية الجماعة للفوائت.

فمن قال: إن صلاة الجماعة سنة، فهي عنده سنة للحاضرة والفائتة.

ومن قال: صلاة الجماعة فرض – كما هو ظاهر مذهب الإمام أحمد -، فاختلف أصحابنا: هل الجماعة واجبة، أو لا؟ على وجهين.

وممن قال بأن الجماعة مشروعة للفوائت: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم.

وحكي عن الليث بن سعد: أن قضاء الفائتة فرادى أفضل.

وترده هذه الأحاديث الصحيحة.

وفي الحديث: دليل على اتساع وقت المغرب؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه قاموا بعد غروب الشمس، فنزلوا إلى بطحان، فتوضئوا، ثم صلوا العصر قبل المغرب، ثم صلوا المغرب، فلو كان وقت المغرب مضيقاً لكان قد وقعت صلاة العصر في وقت المغرب، ولم يكن فرغوا منها حتى فات وقت المغرب، فتكون صلاة المغرب حينئذ مقضية بعد وقتها.

ويرجع الكلام في ذلك إلى من كان عليه صلاة فائتة، وقد ضاق وقت الصلاة الحاضرة عن فعل الصلاتين، فأكثر العلماء على أنه يبدأ بالحاضرة فيما بقي من وقتها، ثم يقضي الفائتة بعدها؛ لئلا تصير الصلاتان فائتتين، وهو قول الحسن وابن المسيب وربيعة والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة، وأحمد في ظاهر مذهبه، وإسحاق وطائفة من أصحاب مالك.

وهؤلاء أوجبوا الترتيب، ثم أسقطوه بخشية فوات الحاضرة.

وكذلك قال الشافعي، فإنه لا يوجب الترتيب، إنما يستحبه، فأسقط هاهنا استحبابه وجوازه، وقال: يلزمه أن يبدأ بالحاضرة، ويأثم بتركه.

وقالت طائفة: بل يبدأ بالفائتة، ولا يسقط الترتيب بذلك، وهو قول عطاء والنخعي والزهري ومالك والليث والحسن بن حي.

وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلال وصاحبه أبو بكر.

وأنكر ثبوتها القاضي أبو يعلى، وذكر أن أحمد رجع عنها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ
( باب من صلّى بالناس) الفائتة حال كونهم ( جماعة) أي مجتمعين ( بعد ذهاب الوقت) .


[ قــ :580 ... غــ : 596 ]
- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا.
فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ".
[الحديث 596 - أطرافه في: 598، 641، 945، 4112] .

وبالسند قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بقتح الفاء البصري ( قال: حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( أن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ( جاء يوم) حفر ( الخندق) في السنة الرابعة من الهجرة ( بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت) بكسر الكاف وقد تضم ( أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب) أي ما صليت حتى غربت الشمس لأن كاد إذا تجرّدت عن النفي كان معناها إثباتًا، وإن دخل عليها نفي كان معناها نفيًا لأن قولك: كاد زيد يقوم معناه إثبات قرب القيام، وقولك ما كاد زيد يقوم معناه نفي قرب الفعل، وهاهنا نفي قرب الصلاة فانتفت الصلاة بالطريق الأولى ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: والله ما صليتها فقمنا إلى بطحان) بضم الموحدة وسكون الطاء أو بالفتح والكسر وادٍ بالمدينة ( فتوضأ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( للصلاة وتوضأنا لها فصلّى العصر) بنا جماعة ( بعدما غربت الشمس، ثم صلّى بعدها المغرب) .
هذا لا ينهض دليلاً للقول بوجوب ترتيب الفوائت إلا إذا قلنا أن أفعاله عليه الصلاة والسلام المجردة للوجوب.
نعم لهم أن يستدلّوا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام "صلوا كما رأيتموني أصلي" وفي الموطأ من طريق أخرى: أن الذي فاتهم الظهر والعصر.

وأجيب بأن الذي في الصحيحين العصر وهو أرجح ويؤيده حديث عليّ رضي الله عنه: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وقد يجمع بأن وقعة الخندق كانت أيامًا فكانت في يوم الظهر وفي الآخر العصر، وحملوا تأخيره عليه الصلاة والسلام على النسيان أو لم ينس، لكنه لم يتمكن من الصلاة وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، وظاهر الحديث أنه صلاّها جماعة وذلك من قوله فقام وقمنا وتوضأنا بل وقع في رواية الإسماعيلي التصريح به إذ فيها فصلّى بنا العصر.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في صلاة الخوف والمغازي ومسلم في الصلاة وكذا الترمذي والنسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ من صلى بِالنَّاسِ الْفَائِتَة بعد خُرُوج الْوَقْت.
قَوْله: ( جمَاعَة) ، نصب على الْحَال من النَّاس بِمَعْنى مُجْتَمعين.


[ قــ :580 ... غــ :596]
- ( حَدثنَا معَاذ بن فضَالة قَالَ حَدثنَا هِشَام عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن جَابر بن عبد الله أَن عمر بن الْخطاب جَاءَ يَوْم الخَنْدَق بعد مَا غربت الشَّمْس فَجعل يسب كفار قُرَيْش قَالَ يَا رَسُول الله مَا كدت أُصَلِّي الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالله مَا صليتها فقمنا إِلَى بطحان فَتَوَضَّأ للصَّلَاة وتوضأنا لَهَا فصلى الْعَصْر بعد مَا غربت الشَّمْس ثمَّ صلى بعْدهَا الْمغرب) مطابقته للتَّرْجَمَة استفيدت من اخْتِصَار الرَّاوِي فِي قَوْله " فصلى الْعَصْر " إِذْ أَصله فصلى بِنَا الْعَصْر وَكَذَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع عَن هِشَام.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) كَيفَ دلّ الحَدِيث على الْجَمَاعَة ( قلت) إِمَّا لِأَن البُخَارِيّ استفاده من بَقِيَّة الحَدِيث الَّذِي هَذَا مُخْتَصره وَإِمَّا من إِجْرَاء الرَّاوِي الْفَائِتَة الَّتِي هِيَ الْعَصْر والحاضرة الَّتِي هِيَ الْمغرب مجْرى وَاحِدًا وَلَا شكّ أَن الْمغرب كَانَ بِالْجَمَاعَة كَمَا هُوَ مَعْلُوم من عَادَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( قلت) الْوَجْه الأول هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي نفس الْأَمر وَأما الْوَجْه الثَّانِي فَلَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ يردهُ مَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث أبي سعيد قَالَ " حبسنا يَوْم الخَنْدَق عَن الصَّلَاة حَتَّى كَانَ بعد الْمغرب بهوى من اللَّيْل حَتَّى كفينا فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَالًا فَأَقَامَ صَلَاة الظّهْر فَصلاهَا كَمَا كَانَ يُصليهَا فِي وَقتهَا ثمَّ أمره فَأَقَامَ الْعَصْر فَصلاهَا كَذَلِك ثمَّ أمره فَأَقَامَ الْمغرب فَصلاهَا كَذَلِك ثمَّ أَقَامَ الْعشَاء فَصلاهَا كَذَلِك قَالَ وَذَلِكَ قبل أَن ينزل الله عز وَجل فِي صَلَاة الْخَوْف { فرجالا أَو ركبانا} " ( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة.
الأول معَاذ بِضَم الْمِيم ابْن فضَالة الزهْرَانِي وَيُقَال القريشي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ.
الثَّانِي هِشَام ابْن أبي عبد الله الدستوَائي.
الثَّالِث يحيى بن أبي كثير.
الرَّابِع أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَقد تقدم ذكرهم غير مرّة.
الْخَامِس جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.
السَّادِس عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدني.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مُسَدّد عَن يحيى وَعَن أبي نعيم عَن شَيبَان وَفِي صَلَاة الْخَوْف عَن يحيى عَن وَكِيع وَأخرجه فِي الْمَغَازِي عَن مكي بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى وَأبي غَسَّان وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن معَاذ بن هِشَام وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " يَوْم الخَنْدَق " أَي يَوْم حفر الخَنْدَق وَهُوَ لفظ أعجمي تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب وَكَانَت فِي السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة وَيُسمى بغزوة الْأَحْزَاب قَوْله " بَعْدَمَا غربت الشَّمْس " وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عَن شَيبَان عَن يحيى " بَعْدَمَا أفطر الصَّائِم " وَالْمعْنَى وَاحِد قَوْله " فَجعل " أَي عمر يسب الْكفَّار لأَنهم كَانُوا السَّبَب لاشتغال الْمُسلمين بِحَفر الخَنْدَق الَّذِي هُوَ سَبَب لفَوَات صلَاتهم قَوْله " مَا كدت أُصَلِّي الْعَصْر ".
اعْلَم أَن كَاد من أَفعَال المقاربة وَهِي على ثَلَاثَة أَنْوَاع نوع مِنْهَا وضع للدلالة على قرب الْخَبَر وَهُوَ كَاد وكرب وأوشك وَالرَّاجِح فِي كَاد أَن لَا يقرن بِأَن عكس عَسى وَقد وَقع فِي رِوَايَة مُسلم " حَتَّى كَادَت الشَّمْس أَن تغرب " قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) ظَاهره يَقْتَضِي أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صلى قبل الْغُرُوب ( قلت) لَا نسلم بل يَقْتَضِي أَن كيدودته كَانَت عِنْد كيدودتها وَلَا يلْزم وُقُوع الصَّلَاة فِيهَا بل يلْزم أَن لَا تقع الصَّلَاة فِيهَا إِذْ حَاصله عرفا مَا صليت حَتَّى غربت الشَّمْس.

     وَقَالَ  الْيَعْمرِي إِذا تقرر أَن معنى كَاد المقاربة فَقَوْل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا كدت أُصَلِّي الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب مَعْنَاهُ أَنه صلى الْعَصْر قرب غرُوب الشَّمْس لِأَن نفي الصَّلَاة يَقْتَضِي إِثْبَاتهَا وَإِثْبَات الْغُرُوب يَقْتَضِي نَفْيه فَيحصل من ذَلِك لعمر ثُبُوت الصَّلَاة وَلم يثبت الْغُرُوب.

     وَقَالَ  بَعضهم لَا يخفى مَا بَين التقريرين من الْفرق وَمَا ادَّعَاهُ من الْفرق مَمْنُوع وَكَذَلِكَ العندية للْفرق الَّذِي أوضحه الْيَعْمرِي من الْإِثْبَات وَالنَّفْي لِأَن كَاد إِذا أَثْبَتَت نفت وَإِذا نفت أَثْبَتَت هَذَا مَعَ مَا فِي تَعْبِيره بِلَفْظ كيدودة من الثّقل انْتهى ( قلت) كل ذَلِك لَا يشفي العليل وَلَا يروي الغليل وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْمقَام أَن كَاد إِذا دخل عَلَيْهِ النَّفْي فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب.
الأول أَنَّهَا كالأفعال إِذا تجردت من النَّفْي كَانَ مَعْنَاهُ إِثْبَاتًا وَإِن دخل عَلَيْهَا نفي كَانَ مَعْنَاهَا نفيا لِأَن قَوْلك كَاد زيد يقوم مَعْنَاهُ إِثْبَات قرب الْقيام لَا إِثْبَات نفس الْقيام فَإِذا قلت مَا كَاد زيد يفعل فَمَعْنَاه نفي قرب الْفِعْل.
الثَّانِي أَنه إِذا دخل عَلَيْهَا النَّفْي كَانَت للإثبات.
الثَّالِث إِذا دخل عَلَيْهَا حرف النَّفْي ينظر هَل دخل على الْمَاضِي أَو على الْمُسْتَقْبل فَإِن كَانَ مَاضِيا فَهِيَ للإثبات وَإِن كَانَ مُسْتَقْبلا فَهِيَ كالأفعال وَالأَصَح هُوَ الْمَذْهَب الأول نَص عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب وَإِذا تقرر هَذَا فكاد هَهُنَا دخل عَلَيْهِ النَّفْي فَصَارَ مَعْنَاهُ نفيا يَعْنِي نفي قرب الصَّلَاة كَمَا فِي قَوْلك مَا كَاد زيد يفعل نفي قرب الْفِعْل فَإِذا نفى قرب الصَّلَاة فنفي الصَّلَاة بطرِيق الأولى وَقَوله " حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب " حَال عَن النَّفْي فَهِيَ كَسَائِر الْأَفْعَال وَقَول الْيَعْمرِي يُشِير إِلَى الْمَذْهَب الثَّالِث وَهُوَ غير صَحِيح وَلَا يمشي هَهُنَا أَيْضا ( فَإِن قلت) قَوْله تَعَالَى { فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} يساعد الْمَذْهَب الثَّالِث لِأَن كَاد هَهُنَا دخل عَلَيْهَا النَّفْي وَهُوَ مَاض وَاقْتضى الْإِثْبَات أَن لفعل الذّبْح وَاقع بِلَا شكّ ( قلت) لَيْسَ فعل الذّبْح مستفادا من كَاد بل من قَوْله { فذبحوها} وَالْمعْنَى فذبحوها مجبرين وَمَا قاربوا فعل الذّبْح مختارين أَو نقُول فذبحوها بعد التَّرَاخِي وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ على الْفَوْر بِدَلِيل أَنهم سَأَلُوا سؤالا بعد سُؤال وَلم يبادروا إِلَى الذّبْح من حِين أمروا بِهِ قَوْله " بطحان " بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الطَّاء وَقيل بِفَتْح أَوله وَكسر ثَانِيه وَهُوَ وَاد بِالْمَدِينَةِ قَوْله " فصلى الْعَصْر " أَي صَلَاة الْعَصْر وَوَقع فِي الْمُوَطَّأ من طَرِيق أُخْرَى أَن الَّذِي فاتهم الظّهْر وَالْعصر وَفِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَفِي لفظ النَّسَائِيّ " حبسنا عَن صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء " وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه " أَن الْمُشْركين شغلوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَربع صلوَات يَوْم الخَنْدَق " الحَدِيث.

     وَقَالَ  بَعضهم وَفِي قَوْله " أَربع " تجوز لِأَن الْعشَاء لم تكن فَاتَت ( قلت) مَعْنَاهُ أَن الْعشَاء فَاتَتْهُ عَن وَقتهَا الَّذِي كَانَ يُصليهَا فِيهَا غَالِبا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا فَاتَت عَن وَقتهَا الْمَعْهُود.

     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ الصَّحِيح أَن الصَّلَاة الَّتِي شغل عَنْهَا وَاحِدَة وَهِي الْعَصْر وَيُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " قَالَ وَمِنْهُم من جمع بِأَن الخَنْدَق كَانَت وقعته أَيَّامًا وَكَانَ ذَلِك فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة فِي تِلْكَ الْأَيَّام قَالَ وَهَذَا أولى ( فَإِن قلت) تَأْخِير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة فِي ذَلِك الْيَوْم كَانَ نِسْيَانا أَو عمدا فَقيل كَانَ نِسْيَانا وَيُمكن أَن يسْتَدلّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث ابْن لَهِيعَة أَن أَبَا جُمُعَة حبيب بن سِبَاع قَالَ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْأَحْزَاب صلى الْمغرب فَلَمَّا فرغ قَالَ هَل علم أحد مِنْكُم أَنِّي صليت الْعَصْر قَالُوا لَا يَا رَسُول الله مَا صليتها فَأمر الْمُؤَذّن فَأَقَامَ فصلى الْعَصْر ثمَّ أعَاد الْمغرب " وَقيل كَانَ عمدا لكِنهمْ شغلوه وَلم يمكنوه من ذَلِك وَهُوَ أقرب ( فَإِن قلت) هَل يجوز الْيَوْم تَأْخِير الصَّلَاة بِسَبَب الِاشْتِغَال بالعدو والقتال ( قلت) الْيَوْم لَا يجوز تَأْخِيرهَا عَن وَقتهَا بل يُصَلِّي صَلَاة الْخَوْف وَكَانَ ذَلِك الِاشْتِغَال عذرا فِي التَّأْخِير لِأَنَّهُ كَانَ قبل نزُول صَلَاة الْخَوْف ( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) فِيهِ جَوَاز سبّ الْمُشْركين وَلَكِن المُرَاد مَا لَيْسَ بفاحش إِذْ هُوَ اللَّائِق بِمنْصب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَفِيه جَوَاز الْحلف من غير استحلاف إِذا ثبتَتْ على ذَلِك مصلحَة دينية.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ هُوَ مُسْتَحبّ إِذا كَانَت فِيهِ مصلحَة من توكيد الْأَمر أَو زِيَادَة طمأنينة أَو نفي توهم نِسْيَان أَو غير ذَلِك من الْمَقَاصِد الصَّالِحَة وَإِنَّمَا حلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تطبيبا لقلب عمر لما شقّ عَلَيْهِ تَأْخِيرهَا وَقيل يحْتَمل أَنه تَركهَا نِسْيَانا لاشتغاله بِالْقِتَالِ فَلَمَّا قَالَ عمر ذَلِك تذكر.

     وَقَالَ  وَالله مَا صليتها وَفِي رِوَايَة مُسلم " وَالله إِن صليتها " وَإِن بِمَعْنى مَا.
وَفِيه أَن الظَّاهِر أَنه صلاهَا بِجَمَاعَة فَيكون فِيهِ دلَالَة على مَشْرُوعِيَّة الْجَمَاعَة فِي الْفَائِتَة وَهَذَا بِالْإِجْمَاع وشذ اللَّيْث فَمنع من ذَلِك وَيرد عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث الْوَادي وَفِيه احتجاج من يرى امتداد وَقت الْمغرب إِلَى مغيب الشَّفق لِأَنَّهُ قدم الْعَصْر عَلَيْهَا وَلَو كَانَ ضيقا لبدأ بالمغرب لِئَلَّا يفوت وَقتهَا أَيْضا وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي فِي قَوْله الْجَدِيد فِي وَقت الْمغرب أَنه مضيق وقته.
وَفِيه دَلِيل على عدم كَرَاهِيَة من يَقُول مَا صليت وروى البُخَارِيّ عَن ابْن سِيرِين أَنه كره أَن يُقَال فاتتنا وَليقل لم ندرك.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصح.
وَفِيه مَا كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَحسن التأني مَعَ أَصْحَابه وتألفهم وَمَا يَنْبَغِي الِاقْتِدَاء بِهِ فِي ذَلِك.
وَفِيه مَا يدل على وجوب التَّرْتِيب بَين الصَّلَاة الوقتية والفائتة وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَالزهْرِيّ وَرَبِيعَة وَيحيى الْأنْصَارِيّ وَاللَّيْث وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَاق وَهُوَ قَول عبد الله بن عمر.

     وَقَالَ  طَاوس التَّرْتِيب غير وَاجِب وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْقَاسِم وَسَحْنُون وَهُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة وَمذهب مَالك وجوب التَّرْتِيب كَمَا قُلْنَا وَلَكِن لَا يسْقط بِالنِّسْيَانِ وَلَا بِضيق الْوَقْت وَلَا بِكَثْرَة الْفَوَائِت كَذَا فِي شرح الْإِرْشَاد وَفِي شرح الْمجمع وَالصَّحِيح الْمُعْتَمد عَلَيْهِ من مَذْهَب مَالك سُقُوط التَّرْتِيب بِالنِّسْيَانِ كَمَا نطقت كتب مذْهبه وَعند أَحْمد لَو تذكر الْفَائِتَة فِي الوقتية يُتمهَا ثمَّ يُصَلِّي الْفَائِتَة ثمَّ يُعِيد الوقتية وَذكر بعض أَصْحَابه أَنَّهَا تكون نَافِلَة وَهَذَا يُفِيد وجوب التَّرْتِيب وَعند زفر من ترك صَلَاة شهر بعد المتروكة لَا تجوز الْحَاضِرَة.

     وَقَالَ  ابْن أبي ليلى من ترك صَلَاة لَا تجوز صَلَاة سنة بعْدهَا وَاسْتدلَّ صَاحب الْهِدَايَة وَغَيره فِي مَذْهَبنَا بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من نسي صَلَاة فَلم يذكرهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَام فليتم صلَاته فَإِذا فرغ من صلَاته فليعد الَّتِي نسي ثمَّ ليعد الَّتِي صلاهَا مَعَ الإِمَام ".

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ صَحِيح أَنه من قَول ابْن عمر كَذَا رَوَاهُ مَالك عَن ابْن عمر من قَوْله.

     وَقَالَ  عبد الْحق وَقد وَقفه سعيد بن عبد الرَّحْمَن وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين ( قلت) وَأخرجه أَبُو حَفْص بن شاهين مَرْفُوعا وَاسْتدلَّ أَيْضا من يرى وجوب التَّرْتِيب بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا صَلَاة من عَلَيْهِ صَلَاة " قَالَ أَبُو بكر هُوَ بَاطِل وتأوله جمَاعَة على معنى لَا نَافِلَة لمن عَلَيْهِ فَرِيضَة.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ هَذَا نَسْمَعهُ على أَلْسِنَة النَّاس وَمَا عرفنَا لَهُ أصلا.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قيل لِأَحْمَد بن حَنْبَل مَا معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا صَلَاة من عَلَيْهِ صَلَاة " قَالَ لَا أعرف هَذَا الْبَتَّةَ.
وَفِيه مَا اسْتدلَّ بِهِ من يرى عدم مَشْرُوعِيَّة الْأَذَان للفائتة وَأجَاب من اعْتَبرهُ بِأَن الْمغرب كَانَت حَاضِرَة وَلم يذكر الرَّاوِي الْأَذَان لَهَا اعْتِمَادًا على أَن من عَادَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَذَان للحاضرة فالترك من الرَّاوِي لِأَنَّهُ لم يَقع فِي نفس الْأَمر وَاعْترض بِاحْتِمَال وُقُوع الْمغرب بعد خُرُوج الْوَقْت بعد نهي إيقاعها فِيهِ ( قلت) هَذَا الِاعْتِرَاض على مَذْهَب من يرى بِضيق وَقت الْمغرب وَمَعَ هَذَا ينْدَفع بتقديمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر عَلَيْهَا وَهُوَ حجَّة على من يرى بِضيق وَقت الْمغرب وَالله تَعَالَى أعلم