هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5895 حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَإِذَا قَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَلْيَقُلْ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5895 حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، أخبرنا عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, If anyone of you sneezes, he should say 'Al-Hamduli l-lah' (Praise be to Allah), and his (Muslim) brother or companion should say to him, 'Yar-hamuka-l-lah' (May Allah bestow his Mercy on you). When the latter says 'Yar-hamuka-llah, the former should say, 'Yahdikumul-lah wa Yuslih balakum' (May Allah give you guidance and improve your condition).

":"ہم سے مالک بن اسماعیل نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے عبدالعزیز بن ابی سلمہ نے بیان کیا ، انہیں عبداللہ بن دینار نے خبر دی ، وہ ابوصالح سے اور وہ حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے روایت کرتے ہیں کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جب تم میں سے کوئی چھینکے تو الحمدللہ کہے اور اس کا بھائی یا اس کا ساتھی ( راوی کو شبہ تھا ) ” یرحمک اللہ “ کہے ۔ جب ساتھی یرحمک اللہ کہے تو اس کے جواب میں چھینکنے والا ” یھدیکم اللہ ویصلح بالکم “

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6224] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي صَالِحٍ هُوَ السَّمَّانُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النِّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَأَبِي النَّضْرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ وَفِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بِهِ بِلَفْظِ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

.

قُلْتُ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهَا وَاسْتُدِلَّ بِأَمْرِ الْعَاطِسِ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُشْرَعُ حَتَّى لِلْمُصَلِّي وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ ذَلِكَ يُشْرَعُ فِي النَّافِلَةِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ وَيَحْمَدُ مَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَجَوَّزَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُسِرُّ بِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ مَعَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَإِنَّهُ جَهَرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَجْلِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِي قرَاءَتهَا وَجزم بن الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْعَاطِسَ فِي الصَّلَاةِ يَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ وَنَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَحْمَدُ حَتَّى يَفْرُغَ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ غُلُوٌّ .

     قَوْلُهُ  وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَكَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ فَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ وَلَمْ يَشُكَّ وَالْمُرَادُ بِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  يَرْحَمك الله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً بِالرَّحْمَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا عَلَى طَرِيقِ الْبِشَارَةِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ هِيَ طُهْرٌ لَكَ فَكَأَنَّ الْمُشَمِّتَ بَشَّرَ الْعَاطِسَ بِحُصُولِ الرَّحْمَةِ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِسَبَبِ حُصُولِهَا لَهُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِهَا دَفَعَتْ مَا يَضُرُّهُ قَالَ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهُ لَمْ يَنْصَرِفْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ انْصَرَفَ إِلَيْهِ وَإِنْ أُطْلِقَ انْصَرَفَ إِلَى الْغَالِبِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرِ الْقَائِلُ الْمَعْنَى الْغَالِب.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ فَقَالُوا يَقُولُ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَخُصُّهُ بِالدُّعَاءِ وَحْدَهُ وَقَدْ أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عطسفَأَلْهَمَهُ رَبُّهُ أَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ يَقُولُ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَأَخْرَجَهُ بن أبي شيبَة عَن بن عُمَرَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ بِالْجِيمِ سَمِعْتُ بن عَبَّاسٍ إِذَا شَمَّتَ يَقُولُ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ النَّارِ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَيَغْفِرُ الله لنا وَلكم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَدَّى إِلَّا بِالْمُخَاطَبَةِ.

.
وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلرَّئِيسِ يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدَنَا فَخِلَافُ السُّنَّةِ وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ شَمَّتَ رَئِيسًا فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا سَيِّدَنَا فَجَمَعَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ حَسَنٌ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ شَمَّتَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هُوَ جَوَابُ التَّشْمِيتِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ بن بَطَّالٍ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى هَذَا وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ يَقُولُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأخرجه الطَّبَرِيّ عَن بن مَسْعُود وبن عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا.

.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ فَفِيهِ وَلْيَقُلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَافَقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَحَدِيثَ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيّ وَحَدِيث عَليّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا وَحَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَحَدِيثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشّعب.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ الثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَحْسَنُ إِلَّا لِلذِّمِّيِّ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الَّذِينَ مَنَعُوا مِنْ جَوَابِ التَّشْمِيتِ بِقَوْلِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ تَشْمِيتُ الْيَهُودِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ تَخْرِيجِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذْ لَا تَضَادَّ بَيْنَ خَبَرِ أَبِي مُوسَى وَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جَوَابِ التَّشْمِيتِ وَحَدِيثَ أَبِي مُوسَى فِي التَّشْمِيتِ نَفْسِهِ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشّعب عَن بن عُمَرَ قَالَ اجْتَمَعَ الْيَهُودُ وَالْمُسْلِمُونَ فَعَطَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا فَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَيَرْحَمُنَا وَإِيَّاكُمْ.

     وَقَالَ  لِلْيَهُودِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ فَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الِاسْتِغْفَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْخَبَرِ بِالْأَمْرِ بِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَهَذَا أَثْبَتُ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ هُوَ مِنْ أَثْبَتِ الْأَخْبَارِ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أَخَذَ بِهِ الطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا قَالَ وَالَّذِي يُجِيبُ بِقَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ لَا يَزِيدُ الْمُشَمِّتَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ سَتْرُ الذَّنْبِ وَالرَّحْمَةُ ترك المعاقبة عَلَيْهِ بِخِلَاف دُعَائُهُ لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ مُوَاقَعَةِ الذَّنْبِ صَالِحَ الْحَالِ فَهُوَ فَوق الأول فَيكون أولى وَاخْتَارَ بن أَبِي جَمْرَةَ أَنْ يَجْمَعَ الْمُجِيبُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَيَكُونُ أَجْمَعَ لِلْخَيْرِ وَيَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ وَرَجَّحَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ يَغْفِرُ الله لنا وَلكم قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْعَاطِسِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا رَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ فَإِنَّهُ أَذْهَبَ عَنهُ الضَّرَربِنِعْمَةِ الْعُطَاسِ ثُمَّ شَرَعَ لَهُ الْحَمْدَ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ ثُمَّ الدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَشَرَعَ هَذِهِ النِّعَمَ الْمُتَوَالِيَاتِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَضْلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا وَفِي هَذَا لِمَنْ رَآهُ بِقَلْبٍ لَهُ بَصِيرَةٌ زِيَادَةُ قُوَّةٍ فِي إِيمَانِهِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَحْصُلُ بِعِبَادَةِ أَيَّامٍ عَدِيدَةٍ وَيُدَاخِلُهُ مِنْ حُبِّ اللَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي بَالِهِ وَمِنْ حُبِّ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَتْ مَعْرِفَةُ هَذَا الْخَيْرِ عَلَى يَدِهِ وَالْعِلْمُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ سُنَّتُهُ مَا لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ قَالَ وَفِي زِيَادَةِ ذَرَّةٍ مِنْ هَذَا مَا يَفُوقُ الْكَثِيرَ مِمَّا عَدَاهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.

     وَقَالَ  الْحَلِيمِيُّ أَنْوَاعُ الْبَلَاءِ وَالْآفَاتِ كُلُّهَا مُؤَاخَذَاتٌ وَإِنَّمَا الْمُؤَاخَذَةُ عَنْ ذَنْبٍ فَإِذَا حَصَلَ الذَّنْبُ مَغْفُورًا وَأَدْرَكَتِ الْعَبْدَ الرَّحْمَةُ لَمْ تَقَعِ الْمُؤَاخَذَةُ فَإِذَا قِيلَ لِلْعَاطِسِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ لِتَدُومَ لَكَ السَّلَامَةُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَنْبِيهِ الْعَاطِسِ عَلَى طَلَبِ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَ لَهُ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ .

     قَوْلُهُ  بَالُكُمْ شَأْنُكُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى سَيَهْدِيهِمْ وَيصْلح بالهم أَي شَأْنهمْ ( قَولُهُ بَابُ لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَاضِي فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ وَلَيْسَ مَخْصُوصًا بِالرَّجُلِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ فِيهَا لَكِنْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بِلَفْظِ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ قَالَ النَّوَوِيُّ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ لَمْ يُشَمَّتْ.

.

قُلْتُ هُوَ مَنْطُوقُهُ لَكِنْ هَلِ النَّهْيُ فِيهِ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ الْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي قَالَ وَأَقَلُّ الْحَمْدِ وَالتَّشْمِيتِ أَنْ يُسْمِعَ صَاحِبَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِلَفْظٍ آخَرَ غَيْرِ الْحَمْدِ لَا يُشَمَّتُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ عَطَسَ رَجُلٌ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ.

     وَقَالَ  إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ التَّشْمِيتُ لِمَنْ حَمِدَ إِذَا عَرَفَ السَّامِعُ أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ الْعَطْسَةَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْحَمْدَ بَلْ سَمِعَ مَنْ شَمَّتَ ذَلِكَ الْعَاطِسَ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ لَهُ التَّشْمِيتُ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِهِ لِمَنْ عَطَسَ فَحَمِدَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يشمته من سَمعه دون غَيره وَحكى بن الْعَرَبِيِّ اخْتِلَافًا فِيهِ وَرَجَّحَ أَنَّهُ يُشَمِّتُهُ.

.

قُلْتُ وَكَذَا نَقله بن بطال وَغَيره عَن مَالك وَاسْتثنى بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِينَ عِنْدَ الْعَاطِسِ جَهَلَةٌ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ تَشْمِيتِ مَنْ حَمِدَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ وَالتَّشْمِيتُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَمِدَ فَيَمْتَنِعُ تَشْمِيتُ هَذَا وَلَوْ شَمَّتَهُ مَنْ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ حَمِدَ أَوْ لَا فَإِنْ عَطَسَ وَحَمِدَ وَلَمْ يُشَمِّتْهُ أَحَدٌ فَسَمِعَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ حِينَ يَسْمَعُهُ وَقد أخرج بن عَبْدِ الْبَرِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ صَاحب السّنَن أَنه كَانَ فِي سَفِينَةٍ فَسَمِعَ عَاطِسًا عَلَى الشَّطِّ حَمِدَ فَاكْتَرَى قَارِبًا بِدِرْهَمٍ حَتَّى جَاءَ إِلَى الْعَاطِسِ فَشَمَّتَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّهُ يَكُونُ مُجَابَ الدَّعْوَةِ فَلَمَّا رَقَدُوا سَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ يَا أَهْلَالسَّفِينَةِ إِنَّ أَبَا دَاوُدَ اشْتَرَى الْجَنَّةَ مِنَ اللَّهِ بِدِرْهَمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ مَنْ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ أَنْ يُذَكِّرَهُ بِالْحَمْدِ لِيَحْمَدَ فَيُشَمِّتُهُ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهُوَ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَزعم بن الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ جَهْلٌ مِنْ فَاعِلِهِ قَالَ وَأَخْطَأَ فِيمَا زَعَمَ بَلِ الصَّوَابُ اسْتِحْبَابُهُ.

.

قُلْتُ احْتَجَّ بن الْعَرَبِيِّ لِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ إِذَا نَبَّهَهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَالَ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ جَمَعَ جَهَالَتَيْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَإِيقَاعُهُ التَّشْمِيتَ قَبْلَ وُجُودِ الْحَمد من الْعَاطِس وَحكى بن بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَحْمَدْ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ يَقُولُ مَنْ عَطَسَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.

.

قُلْتُ وَكَأن بن الْعَرَبِيِّ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرِ الَّذِي عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ احْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا فَلَعَلَّ تَرْكَ ذَلِكَ لِذَلِكَ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يكون كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بن بَطَّالٍ أَرَادَ تَأْدِيبَهُ عَلَى تَرْكِ الْحَمْدِ بِتَرْكِ تَشْمِيتِهِ ثُمَّ عَرَّفَهُ الْحُكْمَ وَأَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ الْحَمْدَ لَا يَسْتَحِقُّ التَّشْمِيتَ وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَفَعَلَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَمَّتَ مَنْ حَمِدَ وَلَمْ يُشَمِّتْ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ كَمَا سَاقَ حَدِيثه مُسلم ( قَوْله بَاب إِذا تثاوب) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي تَثَاءَبَ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْوَاوِ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَحْبُوبِيِّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِالْوَاوِ وَفِي رِوَايَةِ السِّنْجِيِّ بِالْهَمْزِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ بِالْهَمْزِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.

.
وَأَمَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَبِالْوَاوِ قَالَ وَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ مُسْلِمٍ وَفِي بَعْضِهَا بِالْهَمْزِ وَقَدْ أَنْكَرَ الْجَوْهَرِيُّ كَوْنَهُ بِالْوَاوِ.

     وَقَالَ  تَقُولُ تَثَاءَبْتُ عَلَى وَزْنِ تَفَاعَلْتُ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْتُ قَالَ وَالتَّثَاؤُبُ أَيْضًا مَهْمُوزٌ وَقَدْ يَقْلِبُونَ الْهَمْزَةَ الْمَضْمُومَةَ وَاوًا وَالِاسْمُ الثُّؤَبَاءُ بِضَمٍّ ثمَّ همز على وزن الْخُيَلَاء وَجزم بن دُرَيْدٍ وَثَابِتُ بْنُ قَاسِمٍ فِي الدَّلَائِلِ بِأَنَّ الَّذِي بِغَيْرِ وَاوٍ بِوَزْنِ تَيَمَّمْتُ فَقَالَ ثَابِتٌ لَا يُقَالُ تَثَاءَبَ بِالْمَدِّ مُخَفَّفًا بَلْ يُقَالُ تثأب بِالتَّشْدِيدِ.

     وَقَالَ  بن دُرَيْدٍ أَصْلُهُ مِنْ ثَئِبَ فَهُوَ مَثْئُوبٌ إِذَا اسْتَرْخَى وَكَسِلَ.

     وَقَالَ  غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُمَا لُغَتَانِ وَبِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ أَشْهَرُ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ عُمُومُ الْأَمْرِ بِالرَّدِّ يَتَنَاوَلُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فَيُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ صَرِيحًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِثْلُ لَفْظِ التَّرْجَمَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ)
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ

[ قــ :5895 ... غــ :6224] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي صَالِحٍ هُوَ السَّمَّانُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النِّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَأَبِي النَّضْرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ وَفِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بِهِ بِلَفْظِ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

.

قُلْتُ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهَا وَاسْتُدِلَّ بِأَمْرِ الْعَاطِسِ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُشْرَعُ حَتَّى لِلْمُصَلِّي وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ ذَلِكَ يُشْرَعُ فِي النَّافِلَةِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ وَيَحْمَدُ مَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَجَوَّزَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُسِرُّ بِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ مَعَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَإِنَّهُ جَهَرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَجْلِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِي قرَاءَتهَا وَجزم بن الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْعَاطِسَ فِي الصَّلَاةِ يَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ وَنَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَحْمَدُ حَتَّى يَفْرُغَ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ غُلُوٌّ .

     قَوْلُهُ  وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَكَذَا وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ فَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ وَلَمْ يَشُكَّ وَالْمُرَادُ بِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  يَرْحَمك الله قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً بِالرَّحْمَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا عَلَى طَرِيقِ الْبِشَارَةِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ هِيَ طُهْرٌ لَكَ فَكَأَنَّ الْمُشَمِّتَ بَشَّرَ الْعَاطِسَ بِحُصُولِ الرَّحْمَةِ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِسَبَبِ حُصُولِهَا لَهُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِهَا دَفَعَتْ مَا يَضُرُّهُ قَالَ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهُ لَمْ يَنْصَرِفْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ انْصَرَفَ إِلَيْهِ وَإِنْ أُطْلِقَ انْصَرَفَ إِلَى الْغَالِبِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرِ الْقَائِلُ الْمَعْنَى الْغَالِب.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ فَقَالُوا يَقُولُ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَخُصُّهُ بِالدُّعَاءِ وَحْدَهُ وَقَدْ أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عطس فَأَلْهَمَهُ رَبُّهُ أَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ يَقُولُ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَأَخْرَجَهُ بن أبي شيبَة عَن بن عُمَرَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ بِالْجِيمِ سَمِعْتُ بن عَبَّاسٍ إِذَا شَمَّتَ يَقُولُ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ النَّارِ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ وَيَغْفِرُ الله لنا وَلكم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَدَّى إِلَّا بِالْمُخَاطَبَةِ.

.
وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلرَّئِيسِ يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدَنَا فَخِلَافُ السُّنَّةِ وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ شَمَّتَ رَئِيسًا فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا سَيِّدَنَا فَجَمَعَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ حَسَنٌ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ شَمَّتَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هُوَ جَوَابُ التَّشْمِيتِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ بن بَطَّالٍ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى هَذَا وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ يَقُولُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأخرجه الطَّبَرِيّ عَن بن مَسْعُود وبن عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا.

.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ فَفِيهِ وَلْيَقُلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَافَقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَحَدِيثَ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيّ وَحَدِيث عَليّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا وَحَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَحَدِيثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشّعب.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ الثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَحْسَنُ إِلَّا لِلذِّمِّيِّ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الَّذِينَ مَنَعُوا مِنْ جَوَابِ التَّشْمِيتِ بِقَوْلِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ تَشْمِيتُ الْيَهُودِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ تَخْرِيجِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذْ لَا تَضَادَّ بَيْنَ خَبَرِ أَبِي مُوسَى وَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جَوَابِ التَّشْمِيتِ وَحَدِيثَ أَبِي مُوسَى فِي التَّشْمِيتِ نَفْسِهِ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشّعب عَن بن عُمَرَ قَالَ اجْتَمَعَ الْيَهُودُ وَالْمُسْلِمُونَ فَعَطَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا فَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَيَرْحَمُنَا وَإِيَّاكُمْ.

     وَقَالَ  لِلْيَهُودِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ فَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الِاسْتِغْفَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْخَبَرِ بِالْأَمْرِ بِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَهَذَا أَثْبَتُ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ هُوَ مِنْ أَثْبَتِ الْأَخْبَارِ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أَخَذَ بِهِ الطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا قَالَ وَالَّذِي يُجِيبُ بِقَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ لَا يَزِيدُ الْمُشَمِّتَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ سَتْرُ الذَّنْبِ وَالرَّحْمَةُ ترك المعاقبة عَلَيْهِ بِخِلَاف دُعَائُهُ لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ سَالِمًا مِنْ مُوَاقَعَةِ الذَّنْبِ صَالِحَ الْحَالِ فَهُوَ فَوق الأول فَيكون أولى وَاخْتَارَ بن أَبِي جَمْرَةَ أَنْ يَجْمَعَ الْمُجِيبُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَيَكُونُ أَجْمَعَ لِلْخَيْرِ وَيَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ وَرَجَّحَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ يَغْفِرُ الله لنا وَلكم قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْعَاطِسِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا رَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ فَإِنَّهُ أَذْهَبَ عَنهُ الضَّرَر بِنِعْمَةِ الْعُطَاسِ ثُمَّ شَرَعَ لَهُ الْحَمْدَ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ ثُمَّ الدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ بَعْدَ الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَشَرَعَ هَذِهِ النِّعَمَ الْمُتَوَالِيَاتِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَضْلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا وَفِي هَذَا لِمَنْ رَآهُ بِقَلْبٍ لَهُ بَصِيرَةٌ زِيَادَةُ قُوَّةٍ فِي إِيمَانِهِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَحْصُلُ بِعِبَادَةِ أَيَّامٍ عَدِيدَةٍ وَيُدَاخِلُهُ مِنْ حُبِّ اللَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي بَالِهِ وَمِنْ حُبِّ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَتْ مَعْرِفَةُ هَذَا الْخَيْرِ عَلَى يَدِهِ وَالْعِلْمُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ سُنَّتُهُ مَا لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ قَالَ وَفِي زِيَادَةِ ذَرَّةٍ مِنْ هَذَا مَا يَفُوقُ الْكَثِيرَ مِمَّا عَدَاهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.

     وَقَالَ  الْحَلِيمِيُّ أَنْوَاعُ الْبَلَاءِ وَالْآفَاتِ كُلُّهَا مُؤَاخَذَاتٌ وَإِنَّمَا الْمُؤَاخَذَةُ عَنْ ذَنْبٍ فَإِذَا حَصَلَ الذَّنْبُ مَغْفُورًا وَأَدْرَكَتِ الْعَبْدَ الرَّحْمَةُ لَمْ تَقَعِ الْمُؤَاخَذَةُ فَإِذَا قِيلَ لِلْعَاطِسِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ لِتَدُومَ لَكَ السَّلَامَةُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَنْبِيهِ الْعَاطِسِ عَلَى طَلَبِ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَ لَهُ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ .

     قَوْلُهُ  بَالُكُمْ شَأْنُكُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى سَيَهْدِيهِمْ وَيصْلح بالهم أَي شَأْنهمْ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ؟
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( إذا عطس) أحد ( كيف يشمت) بفتح الميم المشددة على صيغة المجهول.


[ قــ :5895 ... غــ : 6224 ]
- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ -أَوْ صَاحِبُهُ- يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا مالك بن إسماعيل) أبو غسان الهندي الحافظ قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون بكسر الجيم بعدها شين معجمة مضمومة المدني نزيل بغداد قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( عبد الله بن دينار) المدني العدوي مولاهم أبو عبد الرحمن مولى ابن عمر ( عن أبي صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله) وعند أبي داود عن موسى بن إسماعيل عن عبد العزيز المذكور بلفظ فليقل الحمد لله على كل حال ( وليقل له أخوه) في الإسلام ( أو صاحبه) شك من الراوي ( يرحمك الله) يحتمل أن يكون دعاء بالرحمة وأن يكون خبرًا على طريق البشارة قاله ابن دقيق العيد.
قال: فكأن المشمت بشر العاطس بحصول الرحمة له في المستقبل بسبب حصولها له في الحال لكونها دفعت ما يضره، وفي الحديث أنه يخصه بالدعاء، وفي شعب الإيمان للبيهقي وصححه ابن حبان من طريق حفص بن عاصم عن أبي هريرة رفعه: لما خلق الله آدم عطس فألهمه ربه أن قال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك.
وأخرج الطبري عن ابن مسعود قال: يقول يرحمنا الله وإياكم، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر بنحوه، وفي الأدب المفرد بسند صحيح عن أبي جمرة بالجيم عن ابن عباس: إذا شمت يقول عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله.
قال ابن دقيق العيد: ظاهر الحديث يقتضي أن السُّنّة لا تتأدى إلا بالمخاطبة، وأما ما اعتاده كثير من الناس من قولهم للرئيس يرحم الله سيدنا فخلاف السُّنّة، وبلغني عن بعض الفضلاء أنه شمت رئيسًا فقال: يرحمك الله يا سيدنا فجمع الأمرين وهو حسن ( فإذا قال له: يرحمك الله فليقل) له جوابًا عن التشميت ( يهديكم الله ويصلح بالكلم) حالكم أو شأنكم.

قال في الكواكب: اعلم أن الشارع إنما أمر العاطس بالحمد لما حصل له من المنفعة بخروج ما احتقن في دماغه من الأبخرة.
قال الأطباء: العطسة تدل على قوة طبيعة الدماغ وصحة مزاجه فهي نعمة، وكيف لا وهي جالبة للخفة المؤدّية إلى الطاعات فاستدعى الحمد عليها، ولما كان ذلك بغير الوضع الشخصي لحصول حركات غير مضبوطة بغير اختيار، ولهذا قيل إنها زلزلة البدن أريد إزالة ذلك الانفعال عنه بالدعاء له والاشتغال بجوابه ولما دعا له كان مقتضى { وإذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها} [النساء: 86] أن يكافئه بأكثر منها فلهذا أمر بالدعوتين الأولى لفلاح الآخرة وهو الهداية المقتضية له، والثانية لصلاح حاله في الدنيا وهو إصلاح البال فهو دعاء له بخير الدارين وسعادة المنزلتين، وعلى هذا قس أحكام الشريعة وآدابها اهـ.

وقد ذهب الكوفيون إلى أنه يقول: يغفر الله لنا ولكم، وهذا أخرجه الطبري عن ابن مسعود وابن عمر وغيرهما.
قال ابن بطال: ذهب مالك والشافعي إلى أن يتخير بين اللفظتين.
وقال ابن رشد: الثاني أولى لأن المكلف محتاج إلى طلب المغفرة والجمع بينهما أحسن إلا للذمي.

والحديث أخرجه أبو داود في الأدب والنسائي في اليوم والليلة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ إِذا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ؟)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا عطس أحد كَيفَ يشمت؟ على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: كَيفَ يشمته السَّامع، يَعْنِي: مَا يَقُول لَهُ؟ وَفِي الحَدِيث بَينه.



[ قــ :5895 ... غــ :6224 ]
- حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ سَلَمَةَ أخبرنَا عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ عَنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الحَمْدُ الله، وَلْيَلُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صًّاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَإِذا قالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ الله وَيُصْلِحُ بالَكُمْ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه أوضح مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة.

وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.
وَرِجَاله كلهم مدنيون إلاَّ شيخ البُخَارِيّ وَهُوَ من رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.

قَوْله: ( فَلْيقل: الْحَمد لله) كَذَا فِي جَمِيع نسخ البُخَارِيّ، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ والإسماعيلي وَأَبُو نعيم، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور فِيهِ بِلَفْظ: ( فَلْيقل: الْحَمد لله على كل حَال) .
قَوْله: ( وَليقل لَهُ أَخُوهُ.
أَو صَاحبه)
، شكّ من الرَّاوِي، وَالْمرَاد بالأخوة أخوة الْإِسْلَام،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: ذهب إِلَى هَذَا قوم فَقَالُوا: يَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله، يَخُصُّهُ بِالدُّعَاءِ وَحده، وَأخرج الطَّبَرِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يَقُول: يَرْحَمنَا الله وَإِيَّاكُم.
وَأخرج البُخَارِيّ فِي ( الْأَدَب الْمُفْرد) بِسَنَد صَحِيح عَن أبي جَمْرَة بِالْجِيم: سَمِعت ابْن عَبَّاس إِذا شمت يَقُول: عَافَانَا الله وَإِيَّاكُم من النَّار يَرْحَمكُمْ الله، وَفِي ( الْمُوَطَّأ) : عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا عطس فَقيل لَهُ: يَرْحَمك الله، قَالَ: يَرْحَمنَا الله وَإِيَّاكُم وَيغْفر الله لنا وَلكم.
قَوْله: ( فَلْيقل: يهديكم الله وَيصْلح بالكم) ، قَالَ ابْن بطال: ذهب الْجُمْهُور إِلَى هَذَا، وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن يَقُول: يغْفر الله لنا وَلكم.
وَأخرجه الطَّبَرِيّ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَغَيرهمَا،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: ذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَنه يتَخَيَّر بَين اللَّفْظَيْنِ.
قَوْله: ( بالكم) أَي: شَأْنكُمْ، وَقيل: البال الْحَال، وَقيل: الْقلب.