5932 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَجَاءَ ، فَقَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ قَالَ : خَيْرِكُمْ فَقَعَدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، فَقَالَ : لَقَدْ حَكَمْتَ بِمَا حَكَمَ بِهِ المَلِكُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي ، عَنْ أَبِي الوَلِيدِ ، مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ : إِلَى حُكْمِكَ |
5932 حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبي سعيد : أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء ، فقال : قوموا إلى سيدكم أو قال : خيركم فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك قال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ، فقال : لقد حكمت بما حكم به الملك قال أبو عبد الله : أفهمني بعض أصحابي ، عن أبي الوليد ، من قول أبي سعيد : إلى حكمك |
Narrated Abu Sa`id:
The people of (the tribe of) Quraiza agreed upon to accept the verdict of Sa`d. The Prophet (ﷺ) sent for him (Sa`d) and he came. The Prophet (ﷺ) said (to those people), Get up for your chief or the best among you! Sa`d sat beside the Prophet (ﷺ) and the Prophet (ﷺ) said (to him), These people have agreed to accept your verdict. Sa`d said, So I give my judgment that their warriors should be killed and their women and children should be taken as captives. The Prophet (ﷺ) said, You have judged according to the King's (Allah's) judgment. (See Hadith No. 447, Vol. 5)
":"ہم سے ابو الولید نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے بیان کیا ان سے سعد بن ابراہیم نے ان سے ابوامامہ بن سہل بن حنیف نے اور ان سے ابو سعید خدری نے کہقریظہ کے یہودی حضرت سعد بن معاذرضی اللہ عنہ کو ثالث بنانے پر تیار ہو گئے تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے انہیں بلا بھیجا جب وہ آئے تو آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اپنے سردار کے لینے کو اٹھو یا یوں فرمایا کہ اپنے میں سب سے بہتر کو لینے کے لئے اٹھو ۔ پھر وہ حضور اکرم صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس بیٹھ گئے اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ بنی قریظہ کے لوگ تمہارے فیصلے پر راضی ہو کر ( قلعہ سے ) اتر آئے ہیں ( اب تم کیا فیصلہ کرتے ہو ۔ ) حضرت سعد رضی اللہ عنہ نے کہا کہ پھر میں یہ فیصلہ کرتا ہوں کہ ان میں جو جنگ کے قابل ہیں انہیں قتل کر دیا جائے اور ان کے بچوں اور عورتوں کو قید کر لیا جائے ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ آپ نے وہی فیصلہ فرمایا جس فیصلہ کو فرشتہ لے کر آیا تھا ۔ ابوعبداللہ ! ( مصنف ) نے بیان کیا کہ مجھے میرے بعض اصحاب نے ابو الولید کے واسطہ سے ابوسعید رضی اللہ عنہ کا قول ( علی کے بجائے بصلہ ” الی “ حکمک نقل کیا ہے ۔
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِحُكْمِ قِيَامِ الْقَاعِدِ لِلدَّاخِلِ وَلَمْ يَجْزِمْ فِيهَا بِحُكْمٍ لِلِاخْتِلَافِ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ كَعَادَتِهِ
[ قــ :5932 ... غــ :6262] .
قَوْلُهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ وَمِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هُنَاكَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ حَكَى فِي الْعِلَلِ أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ .
قَوْلُهُ عَلَى حكم سعد هُوَ بن مُعَاذٍ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ .
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبُخَارِيُّ أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ يَعْنِي شَيْخَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِسَنَدِهِ هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى حُكْمِكَ يَعْنِي مِنْ أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِلَى قَوْلِهِ فِيهِ عَلَى حُكْمِكَ وَصَاحِبُ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ كَاتِبَ الْوَاقِدِيِّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ أَبِي الْوَلِيد بِهَذَا السَّنَد أَو بن الضُّرَيْسِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ وَشَرَحَهُ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ .
قَوْلُهُ إِلَى حُكْمِكَ أَيْ قَالَ الْبُخَارِيُّ سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ بِلَفْظِ عَلَى حُكْمِكَ وَبَعْضُ أَصْحَابِي نَقَلُوا لِي عَنْهُ بِلَفْظِ إِلَى بِصِيغَةِ الِانْتِهَاءِ بَدَلَ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ كَذَا قَالَ قَالَ بن بَطَّالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِإِكْرَامِ الْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَشْرُوعِيَّةِ إِكْرَامِ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي مَجْلِسِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْقِيَامِ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَإِلْزَامِ النَّاسِ كَافَّةً بِالْقِيَامِ إِلَى الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَقَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ قَوْمٌ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا فَقُمْنَا لَهُ فَقَالَ لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَأَجَابَ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ وَأَجَابَ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إِنَّمَا فِيهِ نَهْيُ مَنْ يُقَامُ لَهُ عَنِ السُّرُورِ بِذَلِكَ لَا نَهْيَ مَنْ يَقُومُ لَهُ إِكْرَامًا لَهُ وَأجَاب عَنهُ بن قُتَيْبَةَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ الرِّجَالُ عَلَى رَأْسِهِ كَمَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَهْيَ الرَّجُلِ عَنِ الْقِيَامِ لِأَخِيهِ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بن بَطَّالٍ لِلْجَوَازِ بِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى فَاطِمَةَ بِنْتَهُ قَدْ أَقْبَلَتْ رَحَّبَ بِهَا ثُمَّ قَامَ فَقَبَّلَهَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا حَتَّى يُجْلِسَهَا فِي مَكَانِهِ.
قُلْتُ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى فِي الْمَنَاقِبِ وَفِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقِيَامِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ بَابُ الْقِيَامِ وَأَوْرَدَ مَعَهُ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ وَكَذَا صَنَعَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَزَادَ مَعَهُمَا حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ وَفِيهِ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْمُبْدَأُ بِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وبن ماجة وَحَدِيث بن بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ عَلَى النَّاسِ فَيَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ الرِّجَالُ يُحِبُّ أَنْ يَكْثُرَ عِنْدَهُ الْخُصُومُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ مُعَاوِيَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ أبي مجلز قَالَ خرج مُعَاوِيَة على بن الزبير وبن عَامر فَقَامَ بن عَامر وَجلسَ بن الزُّبَيْرِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ هَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ وَأَحْمَدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ حَبِيبٍ مِثْلُهُ.
وَقَالَ الْعِبَادُ بَدَلَ الرِّجَالِ وَمِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ مِثْلُهُ وَزَادَ فِيهِ وَلم يقم بن الزُّبَيْرِ وَكَانَ أَرْزَنَهُمَا قَالَ فَقَالَ مَهْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ فِيهِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ حَبِيبٍ بِلَفْظِ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ فَقَامُوا لَهُ وَبَاقِيهِ كَلَفْظِ حَمَّادٍ.
وَأَمَّا التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبٍ وَلَفْظُهُ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ عَبْدُ الله بن الزبير وبن صَفْوَانَ حِينَ رَأَوْهُ فَقَالَ اجْلِسَا فَذَكَرَ مِثْلَ لفظ حَمَّاد وسُفْيَان وَإِن كَانَ من جبال الْحِفْظِ إِلَّا أَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ وَفِيهِمْ مِثْلُ شُعْبَةَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ رِوَايَتُهُمْ مَحْفُوظَةً مِنَ الْوَاحِد وَقد اتَّفقُوا على أَن بن الزبير لم يقم وَأما ابدال بن عَامِرٍ بِابْنِ صَفْوَانَ فَسَهْلٌ لِاحْتِمَالِ الْجَمْعِ بِأَنْ يَكُونَا مَعًا وَقَعَ لَهُمَا ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ الْإِتْيَانُ فِيهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَفِي رِوَايَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَة الْمَذْكُورَة وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ إِلَى الْجمع الْمَنْقُول عَن بن قُتَيْبَةَ فَتَرْجَمَ أَوَّلًا بَابَ قِيَامِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ وَأَوْرَدَ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا ثُمَّ ترْجم بَاب قيام الرجل للرجل الْقَاعِد وَبَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَقُومَ لَهُ النَّاسُ وَأَوْرَدَ فِيهِمَا حَدِيثَ جَابِرٍ اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كِدْتُمْ لَتَفْعَلُوا فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا قِيَامَ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ تَعْظِيمًا وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ وَمُحَصَّلُ الْمَنْقُولِ عَنْ مَالِكٍ إِنْكَارُ الْقِيَامِ مَا دَامَ الَّذِي يُقَامُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَجْلِسْ وَلَوْ كَانَ فِي شُغْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تُبَالِغُ فِي إِكْرَامِ زَوْجِهَا فَتَتَلَقَّاهُ وَتَنْزِعُ ثِيَابَهُ وَتَقِفُ حَتَّى يَجْلِسَ فَقَالَ أَمَّا التَّلَقِّي فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَأَمَّا الْقِيَامُ حَتَّى يَجْلِسَ فَلَا فَإِنَّ هَذَا فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ جَوَازُ إِطْلَاقِ السَّيِّدِ عَلَى الْخَيِّرِ الْفَاضِلِ وَفِيهِ أَنَّ قِيَامَ الْمَرْءُوسِ لِلرَّئِيسِ الْفَاضِلِ وَالْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْمُتَعَلِّمِ لِلْعَالِمِ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِمَنْ كَانَ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَمَعْنَى حَدِيثِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُقَامَ لَهُ أَيْ بِأَنْ يُلْزِمَهُمْ بِالْقِيَامِ لَهُ صُفُوفًا عَلَى طَرِيقِ الْكِبْرِ وَالنَّخْوَةِ وَرَجَّحَ الْمُنْذِرِيُّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْجمع عَن بن قُتَيْبَةَ وَالْبُخَارِيِّ وَأَنَّ الْقِيَامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ أَنْ يُقَام عَلَيْهِ وَهُوَ جَالس وَقد رد بن الْقِيَّمِ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ سِيَاقَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ الْقِيَامَ لَهُ لَمَّا خَرَجَ تَعْظِيمًا وَلِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ الْقِيَامُ لِلرَّجُلِ وَإِنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ عِنْدَ الرَّجُلِ قَالَ وَالْقِيَامُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ قِيَامٌ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ وَهُوَ فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ وَقِيَامٌ إِلَيْهِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَلَا بَأْسَ بِهِ وَقِيَامٌ لَهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ.
قُلْتُ وَوَرَدَ فِي خُصُوصِ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْكَبِيرِ الْجَالِسِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُمْ عَظَّمُوا مُلُوكَهُمْ بِأَنْ قَامُوا وَهُمْ قُعُودٌ ثُمَّ حَكَى الْمُنْذِرِيُّ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ وَأَنَّهُ قَصَرَ النَّهْيَ عَلَى مَنْ سَرَّهُ الْقِيَامُ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَحَبَّةِ التَّعَاظُمِ وَرُؤْيَةِ مَنْزِلَةِ نَفْسِهِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُ النَّوَوِيِّ لِهَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ نَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ بَعْضِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَنَّهُ رَدَّ الْحُجَّةَ بِقِصَّةِ سَعْدٍ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ لِسَعْدٍ لِيُنْزِلُوهُ عَنِ الْحِمَارِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَرِيضًا قَالَ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ.
قُلْتُ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مُسْتَنَدِ هَذَا الْقَائِلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْنَدِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْهَا فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَجِيئِهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمَّا طَلَعَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزَلُوهُ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَخْدِشُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ سَعْدٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْقِيَامِ وَنَقَلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ أَنَّهُمُ احْتَجُّوا بِهِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ لَا أَعْلَمُ فِي قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ حَدِيثًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ لَوْ كَانَ الْقِيَامُ الْمَأْمُورُ بِهِ لِسَعْدٍ هُوَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لَمَا خَصَّ بِهِ الْأَنْصَارَ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْقُرْبِ التَّعْمِيمُ وَلَوْ كَانَ الْقِيَامُ لِسَعْدٍ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ فَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَا فَعَلَهُ وَلَا فَعَلُوهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْقِيَامِ لِغَيْرِ مَا وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ وَإِنَّمَا هُوَ لِيُنْزِلُوهُ عَنْ دَابَّتِهِ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْمَرَضِ كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَلِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ أَنَّ الْقَبِيلَةَ تَخْدِمُ كَبِيرَهَا فَلِذَلِكَ خَصَّ الْأَنْصَارَ بِذَلِكَ دُونَ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ لَا كُلُّهُمْ وَهُمُ الْأَوْسُ مِنْهُمْ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ كَانَ سَيِّدَهُمْ دُونَ الْخَزْرَجِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّ الْقِيَامَ الْمَأْمُورَ بِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لِلْإِعَانَةِ فَلَيْسَ هُوَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بَلْ لِأَنَّهُ غَائِبٌ قَدِمَ وَالْقِيَامُ لِلْغَائِبِ إِذَا قَدِمَ مَشْرُوعٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ الْمَذْكُورُ إِنَّمَا هُوَ لِتَهْنِئَتِهِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ مِنْ تَحْكِيمِهِ وَالرِّضَا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ وَالْقِيَامُ لِأَجْلِ التَّهْنِئَةِ مَشْرُوعٌ أَيْضًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْقِيَامَ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ مَحْظُورٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُقَامَ إِلَيْهِ تَكَبُّرًا وَتَعَاظُمًا عَلَى الْقَائِمِينَ إِلَيْهِ وَالثَّانِي مَكْرُوهٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ لَا يَتَكَبَّرُ وَلَا يتعاظم على القائمين وَلَكِن يَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا يَحْذَرُ وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ وَالثَّالِثُ جَائِزٌ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ وَيُؤْمَنُ مَعَهُ التَّشَبُّهَ بِالْجَبَابِرَةِ وَالرَّابِعُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ أَنْ يَقُومَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَرَحًا بِقُدُومِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ أَوْ إِلَى مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ فَيُهَنِّئُهُ بِحُصُولِهَا أَوْ مُصِيبَةٌ فَيُعَزِّيهِ بِسَبَبِهَا.
وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَعْنَى قَوْلِهِ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَيْ إِلَى إِعَانَتِهِ وَإِنْزَالِهِ مِنْ دَابَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ التَّعْظِيمَ لَقَالَ قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ.
وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ لِلتَّعْظِيمِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْإِكْرَامِ وَمَا اعْتَلَّ بِهِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ إِلَى وَاللَّامِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ إِلَى فِي هَذَا الْمَقَامِ أَفْخَمُ مِنَ اللَّامِ كَأَنَّهُ قِيلَ قُومُوا وَامْشُوا إِلَيْهِ تَلَقِّيًّا وَإِكْرَامًا وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ الْمُشْعِرِ بِالْعِلِّيَّةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ سَيِّدِكُمْ عِلَّةٌ لِلْقِيَامِ لَهُ وَذَلِكَ لِكَوْنِهِ شَرِيفًا عَلِيَّ الْقَدْرِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْقِيَامُ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ جَائِزٌ كَقِيَامِ الْأَنْصَارِ لِسَعْدٍ وَطَلْحَةَ لِكَعْبٍ وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُقَامُ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ حَتَّى إِنْ تَرَكَ الْقِيَامَ لَهُ حَنِقَ عَلَيْهِ أَوْ عَاتَبَهُ أَوْ شَكَاهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ نَدَبَ الشَّرْعُ الْمُكَلَّفَ بِالْمَشْيِ إِلَيْهِ فَتَأَخَّرَ حَتَّى قَدِمَ الْمَأْمُورُ لِأَجْلِهِ فَالْقِيَامُ إِلَيْهِ يَكُونُ عِوَضًا عَنِ الْمَشْيِ الَّذِي فَاتَ وَاحْتَجَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا بِقِيَامِ طَلْحَةَ لِكَعْبِ بن مَالك وَأجَاب بن الْحَاجِّ بِأَنَّ طَلْحَةَ إِنَّمَا قَامَ لِتَهْنِئَتِهِ وَمُصَافَحَتِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ لِلْقِيَامِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ فِي الْمُصَافَحَةِ وَلَوْ كَانَ قِيَامُهُ مَحَلَّ النِّزَاعِ لَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَهُ وَلَا أَمَرَ بِهِ وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَ وَإِنَّمَا انْفَرَدَ طَلْحَةُ لِقُوَّةِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّ التَّهْنِئَةَ وَالْبِشَارَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ تَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْمَوَدَّةِ وَالْخُلْطَةِ بِخِلَافِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ وَالتَّفَاوُتُ فِي الْمَوَدَّةِ يَقَعُ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ فِي الْحُقُوقِ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْهُودٌ.
قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ لِكَعْبٍ عِنْدَهُ مِنَ الْمَوَدَّةِ مِثْلُ مَا عِنْدَ طَلْحَةَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى وُقُوعِ الرِّضَا عَنْ كَعْبٍ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ طَلْحَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِبَ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ كَلَامِهِ مُطْلَقًا وَفِي قَوْلِ كَعْبٍ لَمْ يَقُمْ إِلَيَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ قَامَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ بن الْحَاجِّ وَإِذَا حُمِلَ فِعْلُ طَلْحَةَ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ تَرَكَ الْمَنْدُوبَ وَلَا يُظَنُّ بِهِمْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي حق فَاطِمَة وَأجَاب عَنهُ بن الْحَاجِّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ لَهَا لِأَجْلِ إِجْلَاسِهَا فِي مَكَانِهِ إِكْرَامًا لَهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقِيَامِ الْمُنَازَعِ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا مَا عُرِفَ مِنْ ضِيقِ بُيُوتِهِمْ وَقِلَّةِ الْفُرُشِ فِيهَا فَكَانَتْ إِرَادَةُ إِجْلَاسِهِ لَهَا فِي مَوْضِعِهِ مُسْتَلْزِمَةً لِقِيَامِهِ وَأَمْعَنَ فِي بَسْطِ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَجَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاعْتَرضهُ بن الْحَاجِّ بِأَنَّ هَذَا الْقِيَامَ لَوْ كَانَ مَحَلَّ النِّزَاعِ لَكَانَ الْوَالِدَانِ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْأَخِ وَإِنَّمَا قَامَ لِلْأَخِ إِمَّا لِأَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي الرِّدَاءِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ وَاحْتَجَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ أَنَّهُ لَمَّا فَرَّ إِلَى الْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَرَحَلَتِ امْرَأَتُهُ إِلَيْهِ حَتَّى أَعَادَتْهُ إِلَى مَكَّةَ مُسْلِمًا فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَ إِلَيْهِ فَرِحًا وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ وَبِقِيَامِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ فَقَالَ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أُسَرُّ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَوْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إِلَيْهِ فاعتنقه وَقَبله وَأجَاب بن الْحَاجِّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا قَامَ قُمْنَا قيَاما حَتَّى نرَاهُ قد دخل وَأجَاب بن الْحَاجِّ بِأَنَّ قِيَامَهُمْ كَانَ لِضَرُورَةِ الْفَرَاغِ لِيَتَوَجَّهُوا إِلَى أَشْغَالِهِمْ وَلِأَنَّ بَيْتَهُ كَانَ بَابُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا إِذْ ذَاكَ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَسْتَوُوا قِيَامًا إِلَّا وَهُوَ قَدْ دَخَلَ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّ سَبَبَ تَأْخِيرِهِمْ حَتَّى يَدْخُلَ لِمَا يَحْتَمِلُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمْرٍ يَحْدُثُ لَهُ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِذَا تَفَرَّقُوا أَن يتَكَلَّف استدعائهم ثمَّ رَاجَعْتُ سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ فَوَجَدْتُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ وَهُوَ قِصَّةُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَبَذَ رِدَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا رَجُلًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَلَى بَعِيرِهِ تَمْرًا وَشَعِيرًا وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ احْتَجَّ النَّوَوِيُّ بِعُمُومَاتِ تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ واكرام ذِي الشيبة وتوقير الْكَبِير وَاعْتَرضهُ بن الْحَاجِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَامَ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ دَاخِلٌ فِي الْعُمُومَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ قَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهُ فَيُخَصُّ مِنَ الْعُمُومَاتِ وَاسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا بِقِيَامِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ وَاعْتَرضهُ بن الْحَاجِّ بِأَنَّهُ كَانَ بِسَبَبِ الذَّبِّ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ أَذَى مَنْ يَقْرَبُ مِنْهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ وَحَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَتَرْجَمَ لَهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَتَرْجَمَ لِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بَابُ كَرَاهِيَةِ الْقِيَامِ لِلنَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَقْرَبُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ إِذَا أَفْرَطُوا فِي تَعْظِيمِهِ فَكَرِهَ قِيَامَهُمْ لَهُ لِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا قَالَ لَا تُطْرُونِي وَلَمْ يَكْرَهْ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَإِنَّهُ قَدْ قَامَ لِبَعْضِهِمْ وَقَامُوا لِغَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ بَلْ أَقَرَّهُ وَأَمَرَ بِهِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْأُنْسِ وَكَمَالِ الْوُدِّ وَالصَّفَاءِ مَا لَا يَحْتَمِلُ زِيَادَةَ بِالْإِكْرَامِ بِالْقِيَامِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقِيَامِ مَقْصُودٌ وَإِنْ فُرِضَ لِلْإِنْسَانِ صَاحِبٌ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْقِيَامِ وَاعْترض بن الْحَاجِّ بِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ إِلَّا لَوْ سَلَّمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَقُومُونَ لِأَحَدٍ أَصْلًا فَإِذَا خَصُّوهُ بِالْقِيَامِ لَهُ دَخَلَ فِي الْإِطْرَاءِ لَكِنَّهُ قَرَّرَ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُسَوَّغُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مَعَ غَيْرِهِ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ الْإِطْرَاءُ وَيَتْرُكُوهُ فِي حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لِلْإِكْرَامِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِكْرَامِ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَى الْأَمْرِ بِتَوْقِيرِهِ فَوْقَ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ قِيَامَهُمْ لِغَيْرِهِ إِنَّمَا كَانَ لِضَرُورَةِ قُدُومٍ أَوْ تَهْنِئَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا عَلَى صُورَةِ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَأَنَّ كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ إِنَّمَا هِيَ فِي صُورَةِ مَحَلِّ النِّزَاعِ أَوْ لِلْمَعْنَى الْمَذْمُومِ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَالْجَوَابُ عَنَ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ عَكَسَ فَقَالَ إِنْ كَانَ الصَّاحِبُ لَمْ تَتَأَكَّدْ صُحْبَتُهُ لَهُ وَلَا عَرَفَ قَدْرَهُ فَهُوَ مَعْذُورٌ بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِخِلَافِ مَنْ تَأَكَّدَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ وَعَظُمَتْ مَنْزِلَتُهُ مِنْهُ وَعَرَفَ مِقْدَارَهُ لَكَانَ مُتَّجَهًا فَإِنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ مَزِيدُ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالتَّوْقِيرِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَأَقْرَبَ مِنْهُ مَنْزِلَةً كَانَ أَقَلَّ تَوْقِيرًا لَهُ مِمَّنْ بَعُدَ لِأَجْلِ الْأُنْسِ وَكَمَالِ الْوُدِّ وَالْوَاقِعُ فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ السَّهْوِ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَقَدْ كَلَّمَهُ ذُو الْيَدَيْنِ مَعَ بُعْدِ مَنْزِلَتِهِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ خَوَاصَّ الْعَالِمِ وَالْكَبِيرِ وَالرَّئِيسِ لَا يُعَظِّمُونَهُ وَلَا يُوَقِّرُونَهُ لَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ مِنْهُ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ إِنَّ الْأَصَحَّ وَالْأَوْلَى بَلِ الَّذِي لَا حَاجَةَ إِلَى مَا سِوَاهُ أَنَّ مَعْنَاهُ زَجْرُ الْمُكَلَّفِ أَنْ يُحِبَّ قِيَامَ النَّاسِ لَهُ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ بِمَنْهِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ فَلَوْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ فَقَامُوا لَهُ أَوْ لَمْ يَقُومُوا فَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَحَبَّ ارْتَكَبَ التَّحْرِيمَ سَوَاءٌ قَامُوا أَوْ لَمْ يَقُومُوا قَالَ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِتَرْكِ الْقِيَامِ فَإِنْ قِيلَ فَالْقِيَامُ سَبَبٌ لِلْوُقُوعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قُلْنَا هَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الْوُقُوعَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَحَبَّةِ خَاصَّةً انْتَهَى مُلَخَّصًا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاعْتَرَضَهُ بن الْحَاجِّ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ الَّذِي تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ قَدْ فَهِمَ مِنْهُ النَّهْيَ عَنِ الْقِيَامِ الْمُوقِعِ لِلَّذِي يُقَامُ لَهُ فِي الْمَحْذُورِ فَصَوَّبَ فِعْلَ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْقِيَامِ دُونَ مَنْ قَامَ وَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا قَالَ بن الْقِيَّمِ فِي حَوَاشِي السُّنَنِ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ رَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ يَقُومُ الرِّجَالُ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا رَوَى الْحَدِيثَ حِينَ خرج فَقَامُوا لَهُ ثمَّ ذكر بن الْحَاجِّ مِنَ الْمَفَاسِدِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْقِيَامِ أَنَّ الشَّخْصَ صَارَ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنَ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَنْ يُسْتَحَبُّ إِكْرَامُهُ وَبِرُّهُ كَأَهْلِ الدِّينِ وَالْخَيْرِ وَالْعِلْمِ أَوْ يَجُوزُ كَالْمَسْتُورِينَ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَجُوزُ كَالظَّالِمِ الْمُعْلِنِ بِالظُّلْمِ أَوْ يُكْرَهُ كَمَنْ لَا يَتَّصِفُ بِالْعَدَالَةِ وَلَهُ جَاهٌ فَلَوْلَا اعْتِيَادُ الْقِيَامِ مَا احْتَاجَ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ لِمَنْ يَحْرُمُ إِكْرَامُهُ أَوْ يُكْرَهُ بَلْ جَرَّ ذَلِكَ إِلَى ارْتِكَابِ النَّهْيِ لِمَا صَارَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّرْكِ مِنَ الشَّرِّ وَفِي الْجُمْلَةِ مَتَى صَارَ تَرْكُ الْقِيَامِ يُشْعِرُ بِالِاسْتِهَانَةِ أَوْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ امْتَنَعَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن عبد السَّلَام وَنقل بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ التَّفْصِيلَ فِيهِ فَقَالَ الْمَحْذُورُ أَنْ يُتَّخَذَ دَيْدَنًا كَعَادَةِ الْأَعَاجِمِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ لِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ لِحَاكِمٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ ويلتحق بذلك مَا تقدم فِي أجوبة بن الْحَاجِّ كَالتَّهْنِئَةِ لِمَنْ حَدَثَتْ لَهُ نِعْمَةٌ أَوْ لِإِعَانَةِ الْعَاجِزِ أَوْ لِتَوْسِيعِ الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ الْقِيَامُ عَلَى سَبِيلِ الْإِعْظَامِ مَكْرُوهٌ وَعَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ لَا يكره وَهَذَا تَفْصِيل حسن قَالَ بن التِّينِ .
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَكَمْتُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ ضَبَطْنَاهُ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ جِبْرِيلَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ بِحكم الله أَي صادفت حكم الله