هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
60 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ - وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ ، فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ - وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا .

Narrated `Abdullah bin `Amr:

Once the Prophet (ﷺ) remained behind us in a journey. He joined us while we were performing ablution for the prayer which was over-due. We were just passing wet hands over our feet (and not washing them properly) so the Prophet (ﷺ) addressed us in a loud voice and said twice or thrice: Save your heels from the fire.

0060 Abd-ul-Lâh ben Amru rapporta : Une fois, alors que nous étions en voyage, Prophète tarda à venir, il nous rejoignit au moment où nous étions déjà pressés par l’heure de la prière, nous étions en train de faire nos ablutions mineures. Nous ayant remarqués en train d’essuyer les pieds, le Prophète cria à haute voix, par deux ou trois fois : « Malheur aux talons des supplices du Feu !«   

0060 Abd-ul-Lâh ben Amru rapporta : Une fois, alors que nous étions en voyage, Prophète tarda à venir, il nous rejoignit au moment où nous étions déjà pressés par l’heure de la prière, nous étions en train de faire nos ablutions mineures. Nous ayant remarqués en train d’essuyer les pieds, le Prophète cria à haute voix, par deux ou trois fois : « Malheur aux talons des supplices du Feu !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [60] حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
[الحديث طرفاه في: 96، 163] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو النعمان عارم بن الفضل) واسمه محمد وعارم لقبه السدوسي البصري المتوفى سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائتين، وسقط عند ابن عساكر والأصيلي وأبي ذر عارم بن الفضل ( قال: حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن إياس اليشكري عرف بابن وحشية الواسطي الثقة المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة، ( عن يوسف) بتثليث السين المهملة مع الهمز وتركه ( ابن ماهك) بفتح الهاء غير منصرف للعلمية والعجمة لأن ماهك بالفارسية تصغير ماه وهو القمر بالعربي، وقاعدتهم إذا صغّروا الاسم جعلوا في آخره الكاف، وفي رواية الأصيلي ماهك بالصرف لأنه لاحظ فيه معنى الصفة، لأن التصغير من الصفات، والصفة لا تجامع العلمية لأن بينهما تضادًّا، وحينئذ يصير الاسم بعلة واحدة وهي غير مانعة من الصرف، وروي بكسر الهاء مصروفًا اسم فاعل من مهكت الشيء مهكًا إذا بالغت في سحقه، وعلى قول الدارقطني: إن ماهك اسم أمه يتعين عدم صرفه للعلمية والتأنيث، لكن الأكثرون على خلافه وأن اسمها مسيكة ابنة بهز بضم الموحدة وسكون الهاء وبالزاي الفارسي المكي المتوفى سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل غير ذلك ( عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي رضي الله عنهما.
( قال تخلف) أي تأخر خلفنا ( النبي) ولأبي ذر تخلّف عنّا النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفرة سافرناها) من مكة إلى المدينة كما في مسلم ( فأدركنا) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي لحق بنا وهو بفتح الكاف ( وقد أرهقتنا) بتأنيث الفعل أي غشيتنا ( الصلاة) بالرفع على الفاعلية أي وقت صلاة العصر كما في مسلم، وفي رواية أرهقنا بالتذكير وسكون القاف لأن تأنيث الصلاة غير حقيقي والصلاة بالنصب على المفعولية أي أخّرناها وحينئذ فنا ضمير رفع، وفي الرواية الأولى ضمير نصب ( ونحن نتوضأ) جملة اسمية وقعت حالاً ( فجعلنا) أي كدنا ( نمسح) أي نغسل غسلاً خفيفًا أي مبقعًا حتى يرى كأنه مسح ( على أرجلنا) جمع رجل لقابلة الجمع، وإلاّ فليس لكل إلا رجلان، ولا يقال يلزم أن يكون لكل واحد رجل واحدة لأنّا نقول: المراد جنس الرجل سواء كانت واحدة أو اثنتين، ( فنادى) عليه الصلاة والسلام ( بأعلى صوته: ويل) بالرفع على الابتداء وهي كلمة عذاب وهلاك ( للأعقاب) المقصرين في غسلها أو العقب هي المخصوصة بالعقوبة ( من النار مرتين أو ثلاثًا) شك من ابن عمرو، وأل في الأعقاب للعهد، والمراد الأعقاب التي رآها لم ينلها المطهر، ويحتمل أن لا يختصّ بتلك الأعقاب المرئية له، بل المراد كل عقب لم يعمها الماء فتكون عهدية جنسية.
4 - باب قَوْلِ الْمُحَدِّثِ "حَدَّثَنَا" أَوْ "أَخْبَرَنَا" وَ"أَنْبَأَنَا" وَقَالَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ وَاحِدًا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.
وَقَالَ شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَلِمَةً.
وَقَالَ حُذَيْفَةُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ.
وَقَالَ أَنَسٌ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ.
( باب قولالمحدث) أي الذي يحدث غيره ( حدثنا أو أخبرنا) وللأصيلي وغيره: وأخبرنا ( وأنبأنا) هل بينهما فرق أو الكل واحد؟ ولكريمة بإسقاط وأنبأنا، وللأصيلي بإسقاط وأخبرنا، وثبت الجميع في رواية أبي ذر.
( قال) لنا ( الحميدي) بضم المهملة وفتح الميم فياء تصغير وياء نسبة أبو بكر بن عبد الله بن الزبير المكّي المذكور أوّل الكتاب ( كان عند ابن عيينة) سفيان، وللأصيلي وكريمة وقال لنا الحميدي، وكذا ذكره أبو نعيم في المستخرج فهو متصل، وأفاد جعفر بن حمدان النيسابوري أن كل ما في البخاري من قال ليس فلان فهو عرض أو مناولة.
( حدّثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحدًا) لا فرق بين هذه الألفاظ الأربعة عند المؤلف كما يعطيه قوة تخصيصه بذكره عن شيخه الحميدي من غير ذكر ما يخالفه، وهو مروي أيضًا عن مالك والحسن البصري ويحيى بن سعيد القطان ومعظم الكوفيين والحجازيين، وممن رواه عن مالك إسماعيل بن أبي أُويس فإنه قال: إنه سئل عن حديث أسماع هو فقال منه سماع ومنه عرض وليس العرض عندنا بأدنى من السماع.
وقال القاضي عياض: لا خلاف أنه يجوز في السماع من لفظ الشيخ أن يقول السامع فيه حدّثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعته يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان، وإليه مال الطحاوي، وصحح هذا المذهب ابن الحاجب ونقل هو وغيره أنه مذهب الأئمة الأربعة، ومنهم من رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه وتقييده حيث يقرأ عليه وهو مذهب إسحاق بن راهويه والنسائي وابن حبان وابن منده وغيرهم.
وقال آخرون بالتفرقة بين الصيغ بحسب افتراق التحمل، فلما سمع من لفظ الشيخ سمعت أو حدّثنا، ولما قرأه على الشيخ أخبرنا، والأحوط الإفصاح بصورة الواقع فيقول إن كان قرأ قرأت على فلان أو أخبرنا بقراءتي عليه، وإن كان سمع: قرأ علي فلان وأنا أسمع، وأخبرنا فلان قراءة عليه وأنا أسمع، وأنبأنا ونبأنا بالتشديد للإجازة التي يشافه بها الشيخ من يجيزه، وهذا مذهب ابن جريج والأوزاعي وابن وهب وجمهور أهل المشرق، ثم أحدث أتباعهم تفصيلاً آخر فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال حدّثني، ومن سمع مع غيره جمع فقال حدّثنا، ومن قرأ بنفسه على الشيخ أفرد فقال أخبرني، ومن سمع بقراءة غيره جمع فقال أخبرنا، وأما قال لنا أو قال لي واذكر لنا وذكر ليس ففيما سمع في حال المذاكرة، وجزم ابن منده بأنه للإجازة، وكذا قال أبو يعقوب الحافظ، وقال أبو جعفر بن أحمد أنه عرض ومناولة.
قال في فتح المغيث: وهو على تقدير تسليمه منهم له حكم الاتصال أيضًا على رأي الجمهور لكنه مردود عليهم، فقد أخرج البخاري في الصوم من صحيحه حديث أبي هريرة قال: قال: إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فقال فيه حدّثنا عبدان، وأورده في تاريخه بصيغة قال ليس عبدان، وأورد حديثًا في التفسير من صحيحه عن إبراهيم بن موسى بصيغة التحديث، ثم أورده في الإيمان والنذور منه أيضًا بصيغة قال ليس إبراهيم بن موسى في أمثلة كثيرة.
قال: وحقّقه شيخنا باستقرائه لها أنه إنما يأتي بهذه الصيغة يعني بانفرادها إذا كان المتن ليس على شرطه في أصل موضوع كتابه كأن يقول ظاهره الوقف أو في السند من ليس على شرطه في الاحتجاج، وذلك في المتابعات والشواهد، وإنما خصّوا قراءة الشيخ بحدّثنا لقوّة إشعاره بالنطق والمشافهة، وينبغي ملاحظة هذا الاصطلاح لئلا يختلط المسموع بالمجاز، قال الإسفرايني: لا يجوز فيما قرأ أو سمع أن يقول حدّثنا ولا فيما سمع لفظًا أن يقول أخبرنا، إذ بينهما فرق ظاهر، ومن لم يحفظ ذلك على نفسه كان من المدلسين، ثم عطف المؤلف ثلاثة تعاليق يؤيد بها مذهبه في التسوية بين الصيغ الأربعة فقال: ( وقال ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه ( حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو الصادق) في نفس الأمر ( المصدوق) بالنسبة إلى الله تعالى أو إلى الناس أو بالنسبة إلى ما قاله غيره أي جبريل له، وهذا طرف من حديث وصله المؤلف في القدر.
( وقال شقيق) بفتح المعجمة أبو وائل السابق في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله من كتاب الإيمان ( عن عبد الله) أي ابن مسعود، وإذاأطلق كان هو المراد من بين العبادلة ( سمعت النبي) ولأبي ذر والأصيلي سمعت من النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمة) وهذا وصله المؤلف في الجنائز.
( وقال حذيفة) بن اليمان صاحب سرّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنافقين، المتوفى بالمدائن سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان رضي الله عنه بأربعين ليلة ومقول قوله: ( حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثين) وهذا وصله المؤلف في الرقاق، وساق التعاليق الثلاثة تنبيهًا على أن الصحابي تارة يقول حدّثنا، وتارة يقول سمعت، فدلّ على عدم الفرق بينهما.
ثم عطف على هذه الثلاثة ثلاثة أخرى فقال: ( وقال أبو العالية) بالمهملة والمثناة التحتية هو رفيع بضم الراء وفتح الفاء ابن مهران بكسر الميم الرياحي بالمثناة التحتية والحاء المهملة، أسلم بعد موته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسنتين، وتوفي سنة تسعين.
وقال العيني، كالقطب الحلبي: هو البراء بتشديد الراء نسبة لبري النبل، واسمه زياد بن فيروز القرشي البصري المتوفى سنة تسعين.
قال ابن حجر: وهو وهم فإن الحديث المذكور معروف برواية الرياحي دونه، وتعقبه العيني بأن كل واحد منهما يروي عن ابن عباس، وترجيح أحدهما عن الآخر في رواية هذا الحديث عن ابن عباس يحتاج إلى دليل، وبأن قوله: فإن الحديث المذكور معروف برواية الرياحي دونه يحتاج إلى نقل عن أحد يعتمد عليه.
وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن المصنف وصله في التوحيد، ولو راجعه العيني من هناك لما احتاج إلى طلب الدليل.
( عن ابن عباس، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما يروي عن ربه) عز وجل.
( وقال أنس) بن مالك رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرويه عن ربه عز وجل) وللأصيلي فيما يرويه عن ربه، ولأبوي ذر والوقت تبارك وتعالى بدلاً عن قوله عز وجل.
( وقال أبو هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرويه عن ربكم عز وجل) بكاف الخطاب مع ميم الجمع، وهذه التعاليق الثلاثة وصلها المؤلف في كتاب التوحيد، وأوردها هنا تنبيهًا على حكم المعنعن، والذي ذهب إليه هو وأئمة جمهور المحدّثين أنه موصول إذا أتى عن رواة مسمّين معروفين بشرط السلامة واللقاء، وهو مذهب ابن المديني وابن عبد البر والخطيب وغيرهم.
وعزاه النووي للمحققين بل هو مقتضى كلام الشافعي.
نعم لم يشترطه مسلم بل أنكر اشتراطه في مقدمة صحيحة وادّعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه، وإن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديمًا وحديثًا ما ذهب هو إليه من عدم اشتراطه لكنه اشترط تعاصرهما فقط، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا وتشافها يعني تحسينًا للظن بالثقة وفيما قاله نظر يطول ذكره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [60] حدّثنا أبُو النُّعْمانِ عَارِمُ بنُ الفَضْلِ قَالَ: حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بنِ ماهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمُرٍ.

     وَقَالَ : تَخَلَّفَ عَنَّا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاها فأَدْرَكَنا وقَدْ أرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ ونَحْنُ نَتَوضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمسَحُ عَلَى أرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأعْلى صَوْتِهِ: ( ويْلٌ لْلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ) مَرَّتَيْن أوْ ثَلاَثاً مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: ( فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته) ، وَهُوَ رفع الصَّوْت.
بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء، ابْن مهْرَان الريَاحي، أَعتَقته امْرَأَة من بني ريَاح، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَأسلم بعد موت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِسنتَيْنِ، مَاتَ سنة تسعين.
ورياح، بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة، حَيّ من بني تَمِيم،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَبُو الْعَالِيَة الْمَذْكُور هَهُنَا هُوَ الريَاحي، وَهُوَ رفيع، بِضَم الرَّاء، وَمن زعم أَنه: الْبَراء، بالراء المثقلة فقد وهم، فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور مَعْرُوف بِرِوَايَة الريَاحي دونه.
قلت: كل وَاحِد من أبي الْعَالِيَة الْبَراء، وَأبي الْعَالِيَة رفيع من الروَاة عَن ابْن عَبَّاس، وترجيح أَحدهمَا على الآخر فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس يحْتَاج إِلَى دَلِيل.
وَقَوله: فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور مَعْرُوف بِرِوَايَة الريَاحي دونه، يحْتَاج إِلَى نقل عَن أحد مِمَّن يعْتَمد عَلَيْهِ.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ
( باب من) أي الذي ( رفع صوته بالعلم) أي بكلام يدل على العلم فهو من باب إطلاق اسم المدلول على الدال، وإلاّ فالعلم صفة معنوية لا يتصوّر رفع الصوت به.


[ قــ :60 ... غــ : 60 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا

الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
[الحديث 60 - طرفاه في: 96، 163] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو النعمان عارم بن الفضل) واسمه محمد وعارم لقبه السدوسي البصري المتوفى سنة ثلاث أو أربع وعشرين ومائتين، وسقط عند ابن عساكر والأصيلي وأبي ذر عارم بن الفضل ( قال: حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن إياس اليشكري عرف بابن وحشية الواسطي الثقة المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة، ( عن يوسف) بتثليث السين المهملة مع الهمز وتركه ( ابن ماهك) بفتح الهاء غير منصرف للعلمية والعجمة لأن ماهك بالفارسية تصغير ماه وهو القمر بالعربي، وقاعدتهم إذا صغّروا الاسم جعلوا في آخره الكاف، وفي رواية الأصيلي ماهك بالصرف لأنه لاحظ فيه معنى الصفة، لأن التصغير من الصفات، والصفة لا تجامع العلمية لأن بينهما تضادًّا، وحينئذ يصير الاسم بعلة واحدة وهي غير مانعة من الصرف، وروي بكسر الهاء مصروفًا اسم فاعل من مهكت الشيء مهكًا إذا بالغت في سحقه، وعلى قول الدارقطني: إن ماهك اسم أمه يتعين عدم صرفه للعلمية والتأنيث، لكن الأكثرون على خلافه وأن اسمها مسيكة ابنة بهز بضم الموحدة وسكون الهاء وبالزاي الفارسي المكي المتوفى سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل غير ذلك ( عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي رضي الله عنهما.

( قال تخلف) أي تأخر خلفنا ( النبي) ولأبي ذر تخلّف عنّا النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفرة سافرناها) من
مكة إلى المدينة كما في مسلم ( فأدركنا) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي لحق بنا وهو بفتح الكاف ( وقد أرهقتنا) بتأنيث الفعل أي غشيتنا ( الصلاة) بالرفع على الفاعلية أي وقت صلاة العصر كما في مسلم، وفي رواية أرهقنا بالتذكير وسكون القاف لأن تأنيث الصلاة غير حقيقي والصلاة بالنصب على المفعولية أي أخّرناها وحينئذ فنا ضمير رفع، وفي الرواية الأولى ضمير نصب ( ونحن نتوضأ) جملة اسمية وقعت حالاً ( فجعلنا) أي كدنا ( نمسح) أي نغسل غسلاً خفيفًا أي مبقعًا حتى يرى كأنه مسح ( على أرجلنا) جمع رجل لقابلة الجمع، وإلاّ فليس لكل إلا رجلان، ولا يقال يلزم أن يكون لكل واحد رجل واحدة لأنّا نقول: المراد جنس الرجل سواء كانت واحدة أو اثنتين، ( فنادى) عليه الصلاة والسلام ( بأعلى صوته: ويل) بالرفع على الابتداء وهي كلمة عذاب وهلاك ( للأعقاب) المقصرين في غسلها أو العقب هي المخصوصة بالعقوبة ( من النار مرتين أو ثلاثًا) شك من ابن عمرو، وأل في الأعقاب للعهد، والمراد الأعقاب التي رآها لم ينلها المطهر، ويحتمل أن لا يختصّ بتلك الأعقاب المرئية له، بل المراد كل عقب لم يعمها الماء فتكون عهدية جنسية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعلْمِ)

أَي: هَذَا بابُُ من رفع صَوته، فالبابُ: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف مُضَاف إِلَى: من، وَهِي مَوْصُولَة، وَرفع صَوته، جملَة صلتها.
فَإِن قلت: كَيفَ يتَصَوَّر رفع الصَّوْت بِالْعلمِ، وَالْعلم صفة معنوية؟ قلت: هَذَا من بابُُ إِطْلَاق اسْم الْمَدْلُول على الدَّال، وَالتَّقْدِير: من رفع صَوته بِكَلَام يدل على الْعلم.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ السَّابِق سُؤال السَّائِل عَن الْعلم، والعالم قد يحْتَاج إِلَى رفع الصَّوْت فِي الْجَواب لأجل غَفلَة السَّائِل وَنَحْوهَا، لَا سِيمَا إِذا كَانَ سُؤَاله وَقت اشْتِغَال الْعَالم لغيره، وَهَذَا الْبابُُ يُنَاسب ذَاك الْبابُُ من هَذِه الْحَيْثِيَّة.



[ قــ :60 ... غــ :60 ]
- حدّثنا أبُو النُّعْمانِ عَارِمُ بنُ الفَضْلِ قَالَ: حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بنِ ماهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمُرٍ.

     وَقَالَ : تَخَلَّفَ عَنَّا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاها فأَدْرَكَنا وقَدْ أرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ ونَحْنُ نَتَوضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمسَحُ عَلَى أرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأعْلى صَوْتِهِ: ( ويْلٌ لْلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ) مَرَّتَيْن أوْ ثَلاَثاً
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: ( فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته) ، وَهُوَ رفع الصَّوْت.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَقد تقدم.
الثَّانِي: أَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة، الوضاح الْيَشْكُرِي، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَبُو بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، جَعْفَر بن إِيَاس الْيَشْكُرِي الْمَعْرُوف بِابْن أبي وحشية، والواسطي.
وَقيل: الْبَصْرِيّ.
قَالَ أَحْمد وَيحيى وَأَبُو حَاتِم: ثِقَة،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: ثِقَة كثير الحَدِيث، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: يُوسُف بن مَاهك ابْن بهزاد، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل بضَمهَا أَيْضا، وَالْأول أصح، وبالزاي الْمُعْجَمَة، الْفَارِسِي الْمَكِّيّ، نزلها.
سمع ابْن عمر وَابْن عَمْرو وَعَائِشَة وَغَيرهَا، وَسمع أَبَاهُ مَاهك.
قَالَ يحيى: ثِقَة، توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة.
روى لَهُ الْجَمَاعَة.
ويوسف فِيهِ سِتَّة أوجه، وَقد ذَكرنَاهَا.
وماهك: بِفَتْح الْهَاء، غير منصرف لِأَنَّهُ اسْم اعجمي علم، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ منصرف،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فَكَأَنَّهُ لحظ فِيهِ الْوَصْف وَلم يبين مَاذَا الْوَصْف، وَقد أَخذ هَذَا من كَلَام الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِن قلت: العجمة والعلمية فِيهِ عقب قَول الْأصيلِيّ إِنَّه منصرف! ؟ قلت: شَرط العجمة مَفْقُود.
وَهُوَ العلمية فِي العجمية.
لِأَن مَاهك مَعْنَاهُ القمير، فَهُوَ إِلَى الْوَصْف أقرب.
قلت: كل مِنْهُمَا لم يُحَقّق كَلَامه، وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَن من يمنعهُ الصّرْف يُلَاحظ فِيهِ العلمية والعجمة، أما العلمية فَظَاهر، وَأما العجمة فَإِن مَاهك بِالْفَارِسِيَّةِ تَصْغِير ماه، وَهُوَ الْقَمَر بالعربي، وقاعدتهم أَنهم إِذا صغروا الِاسْم أدخلُوا فِي آخِره الْكَاف، وَأما من يصرفهُ فَإِنَّهُ يُلَاحظ فِيهِ معنى الصّفة، لِأَن التصغير من الصِّفَات، وَالصّفة لَا تجامع العلمية، لإن بَينهمَا تضاداً، فَحِينَئِذٍ يبْقى الِاسْم بعلة وَاحِدَة فَلَا يمْنَع من الصّرْف، وَلَو جوز الْكسر فِي الْهَاء يكون عَرَبيا صرفا، فَلَا يمْنَع من الصّرْف أصلا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون اسْم فَاعل، من مهكت الشَّيْء أمهكه مهكاً إِذا بالغت فِي سحقه، قَالَه ابْن دُرَيْد، وَفِي ( الْعبابُ) : مهكت الشَّيْء إِذا ملسته، أَو يكون من مهكة الشَّبابُُ، بِالضَّمِّ: وَهُوَ امتلاؤه وارتواؤه ونماؤه،، وَذكر الصغاني هَذِه الْمَادَّة، ثمَّ قَالَ عقيبها: ويوسف بن مَاهك من التَّابِعين الثِّقَات، وَيُمكن أَن يُقَال: إِنَّه عَرَبِيّ مَعَ كَون الْهَاء مَفْتُوحَة بِأَن يكون علما مَنْقُولًا من مَاهك، وَهُوَ فعل مَاض من المماهكة، وَهُوَ: الْجهد فِي الْجِمَاع من الزَّوْجَيْنِ، فعلى هَذَا لَا يجوز صرفه أصلا للعلمية، وَوزن الْفِعْل..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: مَاهك اسْم أمه، وَالْأَكْثَر على أَنه اسْم أَبِيه، وَاسم أمه مُسَيْكَة.
وَعَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ: أَن يُوسُف بن مَاهك، ويوسف بن ماهان وَاحِد.
قلت: فعلى قَول الدَّارَقُطْنِيّ يمْنَع من الصّرْف أصلا للعلمية والتأنيث.
فَافْهَم.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَمْرو ابْن الْعَاصِ، وَقد تقدم.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وواسطي ومكي.
وَمِنْهَا: أَن فِي رِوَايَة كَرِيمَة عَن الْمُسْتَمْلِي: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان عَارِم بن الْفضل، وَاقْتصر غَيره على أبي النُّعْمَان.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن اخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن أبي النُّعْمَان، وَفِي الْعلم أَيْضا عَن مُسَدّد، وَفِيه: ( وَقد ارهقتنا الصَّلَاة صَلَاة الْعَصْر) .
وَفِي الطَّهَارَة عَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل وَفِيه: ( فَأَدْرَكنَا وَقد ارهقتنا الْعَصْر) .
واخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن شَيبَان بن فروخ وَأبي كَامِل الجحدري عَن أبي عوَانَة.
واخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن ابي دَاوُد الْحَرَّانِي عَن أبي الْوَلِيد عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك عَن أَبى عوَانَة عَن أبي بشر عَنهُ، واخرجه الطَّحَاوِيّ عَن أَحْمد بن دَاوُد الْمَكِّيّ عَن سهل بن بكار عَن أبي عوَانَة بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( تخلف) ، أَي: تَأَخّر خلفنا.
قَوْله: ( فادركنا) أَي لحق بِنَا، قَوْله: ( وَقد ارهقتنا الصَّلَاة) أَي: غشيتنا الصَّلَاة، أَي حملتنا الصَّلَاة على أَدَائِهَا.
وَقيل: قد أعجلتنا، لضيق وَقتهَا؛.

     وَقَالَ  القَاضِي: وَمِنْه الْمُرَاهق، بِالْفَتْح فِي الْحَج وَيُقَال بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الَّذِي أعجله ضيق الْوَقْت أَن يطوف.
وَفِي ( الموعب) : قَالَ أَبُو زيد: رهقتنا الصَّلَاة، بِالْكَسْرِ، رهوقاً: حانت، وأرهقنا عَن الصَّلَاة إرهاقاً: أخرناها عَن وَقتهَا..
     وَقَالَ  صَاحب ( الْعين) : استأخرنا عَنْهَا حَتَّى يدنو وَقت الْأُخْرَى، ورهقت الشَّيْء رهقاً أَي: دَنَوْت مِنْهُ.
وَفِي ( الْمُحكم) : ارهقنا اللَّيْل دنا منا.
ورهقتنا الصَّلَاة رهقاً: حانت وَفِي رهقتنا الصَّلَاة: غشيتنا.
وَفِي ( الِاشْتِقَاق) ، للرماني: أصل الرهق الغشيان، وكذ قَالَه الزّجاج،.

     وَقَالَ  أَبُو النَّصْر: رهقني دنا مني..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: رهقته وأرهقته بِمَعْنى: دَنَوْت مِنْهُ..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: رهقه، بِالْكَسْرِ، ويرهقه رهقاً، أَي: غشيه؛ قَالَ الله تَعَالَى: { وَلَا يرهق وُجُوههم قتر وَلَا ذلة} ( يُونُس: 26) .

     وَقَالَ  أَبُو زيد: أرهقه عسراً: إِذا كلفه إِيَّاه.
يُقَال: لَا ترهقني لَا ارهقك، أَي: لَا تعسرني لَا أعسرك.
وَقيل: فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} ( الْكَهْف: 73) أَي: لَا تلْحق بِي، من قَوْلهم: رهقه الشَّيْء إِذا غشيه، وَقيل: لَا تعجلني، وَيَجِيء على قَوْله أبي زيد: لَا تكلفني.
قَوْله: ( ويل) ، يُقَابل وَيْح، وَيُقَال لمن وَقع فِيمَا لَا يسْتَحقّهُ ترحماً عَلَيْهِ.
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ: ويل: وَاد فِي جَهَنَّم لَو أرْسلت فِيهِ الْجبَال لماعت من حره، وَقيل: ويل: صديد أهل النَّار.
قلت: ويل من المصادر الَّتِي لَا أَفعَال لَهَا، وَهِي كلمة عَذَاب وهلاك.
قَوْله: ( للاعقاب) جمع عقب مِثَال كبد، وَهُوَ المستأخر الَّذِي يمسك مُؤخر شِرَاك النَّعْل،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: عقب وعقب مِثَال: كبد وصفر، وَهِي مُؤَنّثَة، وَلم يكسروا الْعين كَمَا فِي: كبد وكتف..
     وَقَالَ  النَّضر بن شُمَيْل: الْعقب يكون فِي الْمَتْن والساقين مختلط بِاللَّحْمِ، يمشق مِنْهُ مشقاً ويهذب وينقى من اللَّحْم ويسوى مِنْهُ الْوتر، وَأما العصب فالعلياء الغليظ، وَلَا خير فِيهِ..
     وَقَالَ  اللَّيْث: الْعقب مُؤخر الْقدَم فَهُوَ من العصب لَا من الْعقب..
     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: الْعقب مَا أصَاب الأَرْض مُؤخر الرجل، إِلَى مَوضِع الشرَاك.
وَفِي ( الْمُخَصّص) : عرش الْقدَم أصُول سلامياتها المنتشرة الْقَرِيبَة من الْأَصَابِع، وعقبها مؤخرها الَّذِي يفصل عَن مُؤخر الْقدَم، وَهُوَ موقع الشرَاك من خلفهَا.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( تخلف) فعل، وفاعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( فِي سفرة) فِي مَحل النصب على الْحَال.
قَوْله: ( سافرناها) ، جملَة فِي مَحل الْجَرّ على أَنَّهَا صفة: لسفرة، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ وَقع مَفْعُولا مُطلقًا، أَي سافرنا تِلْكَ السفرة، وَذَلِكَ نَحْو قَوْلهم: زيدا أَظُنهُ منطلق، أَي: زيد ينْطَلق أَظن الظَّن، أَو: ظنا.
قَوْله: ( فادركنا) ، بِفَتْح الْكَاف: جملَة من الْفِعْل، وَالْفَاعِل وَهُوَ الضَّمِير الْمَرْفُوع فِيهِ، وَالْمَفْعُول وَهُوَ قَوْله: نَا.
قَوْله: ( وَقد ارهقتنا الصَّلَاة) ، جملَة وَقعت حَالا.
قَالَ عِيَاض: رُوِيَ بِرَفْع الصَّلَاة على أَنَّهَا الْفَاعِل، وَرُوِيَ: ارهقنا الصَّلَاة، بِالنّصب، على أَنَّهَا مفعول.
أَي: أخرنا الصَّلَاة.
قلت: رُوِيَ فِي وَجه الرّفْع وَجْهَان أَيْضا، أَحدهمَا: أرهقتنا بتأنيث الْفِعْل بِالنّظرِ إِلَى لفظ الصَّلَاة، وَالْآخر: أَرْهقنَا، بِدُونِ التَّاء لِأَن تَأْنِيث الصَّلَاة غير حَقِيقِيّ.
قَوْله: ( وَنحن نَتَوَضَّأ) جملَة إسمية وَقعت حَالا.
قَوْله: ( فَجعلنَا) هُوَ من أَفعَال المقاربة، وَيسْتَعْمل اسْتِعْمَال كَاد، وَهُوَ أَنه يرفع الِاسْم، وَخَبره فعل مضارع بِغَيْر أَن، متأول باسم الْفَاعِل، نَحْو: كَاد زيد يخرج.
أَي: خَارِجا.
وَإِنَّمَا ترك: أَن، مَعَ كَاد، وَأثبت مَعَ عَسى لِأَن: كَاد، أبلغ فِي تقريب الشَّيْء من الْحَال.
أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: كَادَت الشَّمْس تغرب، كَانَ الْمَعْنى قرب غُرُوبهَا جدا.
وَعَسَى، أذهب فِي الدّلَالَة على الِاسْتِقْبَال، أَلا ترى تَقول: عَسى الله أَن يدخلني الْجنَّة، وَإِن لم يكن هَذَا شَدِيد الْقرب من الْحَال، فَلَمَّا كَانَ الْأَمر على ذَا، حذف علم الِاسْتِقْبَال مَعَ كَاد، وَأثبت مَعَ عَسى، وَقد شبهه بعسى من قَالَ:
( قد كَانَ من طول الْبلَاء أَن يمصحا)

ثمَّ قَوْله: نَا فِي: فَجعلنَا، اسْم جعل، وَقَوله: نمسح، خَبره.
قَوْله: ( ويل) مَرْفُوع على الِابْتِدَاء، والمخصص كَونه مصدرا فِي.
معنى الدُّعَاء كَمَا فِي سَلام عَلَيْكُم، وَخَبره قَوْله: للاعقاب، قَوْله: ( من النَّار) : كلمة من، للْبَيَان كَمَا فِي قَوْله: { فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} ( الْحَج: 30) وَيجوز أَن تكون بِمَعْنى: فِي، كَمَا فِي قَوْله: تَعَالَى: { إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} ( الْجُمُعَة: 9) أَي: فِي يَوْم الْجُمُعَة قَوْله: ( مرَّتَيْنِ) : تَثْنِيَة مرّة، وَتجمع على مَرَّات، وانتصاب: كلهَا، على الظَّرْفِيَّة.
قَوْله: ( أَو ثَلَاثًا) شكّ من عبد اللَّه بن عَمْرو.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( تخلف عَنَّا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي سفرة) هَذِه السفرة قد جَاءَت مبينَة فِي بعض طرق رِوَايَات مُسلم: ( رَجعْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كُنَّا فِي الطَّرِيق تعجل قوم عِنْد الْعَصْر، فتوضؤا وهم عِجَال، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم وَأَعْقَابهمْ تلوح لم يَمَسهَا المَاء.
فَقَالَ النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام: ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار، أَسْبغُوا الْوضُوء)
.
قَوْله: ( وَقد ارهقتنا الصَّلَاة) ، وَهِي: صَلَاة الْعَصْر، على مَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم مصرحة.
وَكَذَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من طَرِيق مُسَدّد، على مَا ذكرنَا.
قَوْله: ( وَنحن نَتَوَضَّأ، فَجعلنَا نمسح على أَرْجُلنَا) قَالَ القَاضِي عِيَاض: مَعْنَاهُ نغسل كَمَا هُوَ المُرَاد فِي الْآيَة، بِدَلِيل تبَاين الرِّوَايَات، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بَعضهم أَنه دَلِيل على أَنهم كَانُوا يمسحون، فنهاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، وَأمرهمْ بِالْغسْلِ.
وَقَالُوا أَيْضا: لَو كَانَ غسلا لأمرهم بِالْإِعَادَةِ لما صلوا، وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لقائله، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، قد أعلمهم بِأَنَّهُم مستوجبون النَّار على فعلهم، بقوله: ( ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .
وَهَذَا لَا يكون إلاَّ فِي الْوَاجِب.
وَقد أَمرهم بِالْغسْلِ، بقوله: ( اسبغوا الْوضُوء) .
وَلم يَأْتِ أَنهم صلوا بِهَذَا الْوضُوء، وَلَا أَنَّهَا كَانَت عَادَتهم قبلُ، فَيلْزم أَمرهم بِالْإِعَادَةِ..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ، مَا ملخصه: أَنهم كَانُوا يمسحون عَلَيْهَا مثل مسح الرَّأْس، ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنعهم عَن ذَلِك وَأمرهمْ بِالْغسْلِ، فَهَذَا يدل على انتساخ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ من الْمسْح، وَفِيه نظر، لِأَن قَوْله: نمسح على أَرْجُلنَا، يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ: نغسل غسلا خَفِيفا مبقعاً.
حَتَّى يرى كَأَنَّهُ مسح، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا فِي الرِّوَايَة الآخرى، ( رأى قوما توضؤا وَكَأَنَّهُم تركُوا من أَرجُلهم شَيْئا) .
فَهَذَا يدل على أَنهم كَانُوا يغسلون، وَلَكِن غسلا قَرِيبا من الْمسْح، فَلذَلِك قَالَ لَهُم: أَسْبغُوا الْوضُوء، وَأَيْضًا إِنَّمَا يكون الْوَعيد على ترك الْفَرْض، وَلَو لم يكن الْغسْل فِي الأول فرضا عِنْدهم لما توجه الْوَعيد، لِأَن الْمسْح لَو كَانَ هُوَ المشمول فِيمَا بَينهم كَانَ يَأْمُرهُم بِتَرْكِهِ وانتقالهم إِلَى الْغسْل بِدُونِ الْوَعيد، وَلأَجل ذَلِك قَالَ القَاضِي عِيَاض: مَعْنَاهُ: نغسل كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإسباغ الْوضُوء، ووعيده وإنكاره عَلَيْهِم فِي ذَلِك الْغسْل يدل على أَن وَظِيفَة الرجلَيْن هُوَ الْغسْل الوافي لَا الْغسْل المشابه بِالْمَسْحِ كَغسْل هَؤُلَاءِ.
وَقَول عِيَاض: وَقد أَمرهم بِالْغسْلِ بقوله: ( اسبغوا الْوضُوء) ، غير مُسلم لِأَن الْأَمر بالإسباغ أَمر بتكميل الْغسْل، وَالْأَمر بِالْغسْلِ فهم من الْوَعيد لِأَنَّهُ لَا يكون إلاَّ فِي ترك وَاجِب، فَلَمَّا فهم ذَلِك من الْوَعيد أكده بقوله: ( اسبغوا الْوضُوء) ، وَلِهَذَا ترك العاطف، فَوَقع هَذَا تَأْكِيدًا عَاما يَشْمَل الرجلَيْن وَغَيرهمَا من أَعْضَاء الْوضُوء، لِأَنَّهُ لم يقل: اسبغوا الرجلَيْن: بل قَالَ: ( اسبغوا الْوضُوء) ، وَالْوُضُوء هُوَ غسل الْأَعْضَاء الثَّلَاثَة، وَمسح الرَّأْس، ومطلوبية الإسباغ غير مُخْتَصَّة بِالرجلَيْنِ، فَكَمَا أَنه مَطْلُوب فيهمَا، فَكَذَلِك مَطْلُوب فِي غَيرهمَا.
فَإِن قلت: لم ذكر الإسباغ عَاما والوعيد خَاصّا.
قلت: لأَنهم مَا قصروا إلاَّ فِي وَظِيفَة الرجلَيْن، فَلذَلِك ذكر لفظ الأعقاب، فَيكون الْوَعيد فِي مُقَابلَة ذَلِك التَّقْصِير الْخَاص.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ دَلِيل على وجوب غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء، لِأَن الْمسْح لَو كَانَ كَافِيا لما أوعد من ترك غسل الْعقب بالنَّار، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ فِي بابُُه مُسْتَوفى.
الثَّانِي: فِيهِ وجوب تَعْمِيم الْأَعْضَاء بالمطهر، وَإِن ترك الْبَعْض مِنْهَا غير مجزىء.
الثَّالِث: تَعْلِيم الْجَاهِل وإرشاده.
الرَّابِع: أَن الْجَسَد يعذب، وَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة.
الْخَامِس: جَوَاز رفع الصَّوْت فِي المناظرة بِالْعلمِ.
السَّادِس: أَن الْعَالم يُنكر مَا يرى من التضييع للفرائض وَالسّنَن، ويغلظ القَوْل فِي ذَلِك، وَيرْفَع صَوته للإنكار.
السَّابِع: تكْرَار الْمَسْأَلَة تَأْكِيدًا لَهَا ومبالغة فِي وُجُوبهَا، وَسَيَأْتِي ذكره فِي بابُُ: من أعَاد الحَدِيث ثَلَاثًا ليفهم.

الأسئلة والاجوبة: مِنْهَا مَا قيل: إِن الرجل لَهُ رجلَانِ وَلَيْسَ لَهُ أرجل، فَالْقِيَاس أَن يُقَال على رجلينا.
أُجِيب: بِأَن الْجمع إِذا قوبل بِالْجمعِ يُفِيد التَّوْزِيع، فتوزع الأرجل على الرِّجَال.
وَمِنْهَا مَا قيل: فعلى هَذَا يكون لكل رجل رجل.
أُجِيب: بِأَن جنس الرجل يتَنَاوَل الْوَاحِد والإثنين، وَالْعقل يعين الْمَقْصُود، سِيمَا فِيمَا هُوَ محسوس.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن الْمسْح على ظهر الْقدَم لَا على الرجل كلهَا.
أُجِيب: بِأَنَّهُ أطلق الرجل، وَأُرِيد الْبَعْض أَي: ظهر الْقدَم، ولقرينة الْعرف الشَّرْعِيّ إِذْ الْمَعْهُود مسح ذَلِك، وَهَذَا فِيهِ نظر، لأَنهم مَا كَانُوا يمسحون مثل مسح الرَّأْس، وإنماا كَانُوا يغسلون، وَلَكِن غسلا خَفِيفا، فَلذَلِك أطْلقُوا عَلَيْهِ الْمسْح وَقد حققناه عَن قريب.
وَمِنْهَا مَا قيل: لم خص الأعقاب بِالْعَذَابِ؟ أُجِيب: لِأَنَّهَا الْعُضْو الَّتِي لم تغسل.
وَفِي ( الغريبين) : وَفِي الحَدِيث: ( ويل للعقب من النَّار) ، أَي: لصَاحب الْعقب المقصر عَن غسلهَا، كَمَا قَالَ: { واسأل الْقرْيَة} ( يُوسُف: 82) أَي: أهل الْقرْيَة، وَقيل: إِن الْعقب يخص بالمؤلم من الْعقَاب إِذا قصر فِي غسلهَا، وَفِي ( الْمُنْتَهى فِي اللُّغَة) : وَفِي الحَدِيث: ( ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .
أَرَادَ التَّغْلِيظ فِي إسباغ الْوضُوء، وَهُوَ التَّكْمِيل والإتمام والسبوغ: الشُّمُول.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا الْألف وَاللَّام فِي: الأعقاب؟ أُجِيب: بِأَنَّهَا للْعهد، أَي: لِلْأَعْقَابِ الَّتِي رَآهَا كَذَلِك لم تمسها المَاء، أَو يكون المُرَاد: الأعقاب الَّتِي صفتهَا هَذِه، لَا كل الأعقاب.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن اللَّام للاختصاص النافع إِذْ الْمَشْهُور أَن اللَّام تسْتَعْمل فِي الْخَيْر، وعَلى فِي الشَّرّ، نَحْو: { لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} ( الْبَقَرَة: 286) وَأجِيب: بِأَنَّهَا للاختصاص هَهُنَا نَحْو: { وَإِن اسأتم فلهَا} ( الْإِسْرَاء: 7) وَنَحْو: { وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} ( الْبَقَرَة: 10، 174، آل عمرَان: 77، 91، 177، 188، الْمَائِدَة: 36، التَّوْبَة: 61، 79، إِبْرَاهِيم، 22، النَّحْل: 63، 104، 117، الشورى: 21، 242، الْحَشْر: 15، التغابن: 5) قلت: وَقد تسْتَعْمل اللَّام فِي مَوضِع: على.
وَقَالُوا: إِن اللَّام فِي: { وَإِن اسأتم فلهَا} ( الْإِسْرَاء: 7) بِمَعْنى: عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا مَا قيل: كَيفَ أخرت الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، الصَّلَاة عَن الْوَقْت الْفَاضِل؟ أُجِيب: بِأَنَّهُم إِنَّمَا أخروها عَنهُ طَمَعا أَن يصلوها مَعَ النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، لفضل الصَّلَاة مَعَه، فَلَمَّا خَافُوا الْفَوات استعجلوا، فانكر عَلَيْهِم النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
وَمِنْهَا مَا قيل: روى مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، أَن النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، رأى رجلا لم يغسل عقبه، فَقَالَ: ( ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .
وَكَذَلِكَ حَدِيث مُسلم عَن عبد اللَّه بن عَمْرو الَّذِي مضى ذكره عَن قريب، وَفِيه: ( فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم وَأَعْقَابهمْ تلوح لم يَمَسهَا المَاء، فَقَالَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .
وَهَذَانِ الحديثان تَصْرِيح بِأَن الْوَعيد وَقع على عدم اسْتِيعَاب الرِجل بِالْمَاءِ، وَحَدِيث البُخَارِيّ يدل على أَن الْمسْح لَا يجزىء عَن الْغسْل فِي الرجل، وَأجِيب: بِأَنَّهُ ترد الْأَحَادِيث إِلَى معنى وَاحِد، وَيكون معنى قَوْله: ( لم يَمَسهَا المَاء) ، أَي: بِالْغسْلِ، وَإِن مَسهَا بِالْمَسْحِ فَيكون الْوَعيد وَقع على الِاقْتِصَار على الْمسْح دون الْغسْل.
قلت: هَذَا الْجَواب يُؤَيّد مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَهُوَ لَا يَخْلُو عَن نظر، وَالله أعلم.