هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6082 حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ ، وَابْنُ عَجْلاَنَ ، عَنِ المَقْبُرِيِّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6082 حدثني عبد السلام بن مطهر ، حدثنا عمر بن علي ، عن معن بن محمد الغفاري ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعذر الله إلى امرئ أخر أجله ، حتى بلغه ستين سنة تابعه أبو حازم ، وابن عجلان ، عن المقبري
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, Allah will not accept the excuse of any person whose instant of death is delayed till he is sixty years of age.

":"ہم سے عبد السلام بن مطہر نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے عمر بن علی بن عطاء نے بیان کیا ، ان سے معن بن محمد غفاری نے ، ان سے سعید بن ابی سعید مقبری نے اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ تعالیٰ نے اس آدمی کے عذر کے سلسلے میں حجت تمام کر دی جس کی موت کو مؤخر کیا یہا ں تک کہ وہ ساٹھ سال کی عمر کو پہنچ گیا ۔ اس روایت کی متابعت ابوحازم اور ابن عجلان نے مقبری سے کی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6419] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْهَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَشَيْخُهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ آخَرُ وَذَكَرْتُ أَنَّ عُمَرَ مُدَلِّسٌ وَأَنَّهُ أَوْرَدَهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَبَيَّنْتُ عُذْرَ الْبُخَارِيِّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُصَرَّحٍ فِيهِ بِالسَّمَاعِ.

.
وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ بِنَحْوِهِ وَهَذَا الرَّجُلُ الْمُبْهَمُ هُوَ مَعْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ فَهِيَ مُتَابَعَةٌ قَوِيَّةٌ لِعُمَرَ بْنِ عَليّأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ وَوَقَعَ لِشَيْخِهِ فِيهِ وَهَمٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَيَانِهِ .

     قَوْلُهُ  أَعْذَرَ اللَّهُ الْإِعْذَارُ إِزَالَةُ الْعُذْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ كَأَنْ يَقُولَ لَوْ مُدَّ لِي فِي الْأَجَلِ لَفَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ يُقَالُ أَعْذَرَ إِلَيْهِ إِذَا بَلَّغَهُ أَقْصَى الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ وَمَكَّنَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا بِالْعُمُرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالطَّاعَةُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَنِسْبَةُ الْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ مَجَازِيَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتْرُكْ لِلْعَبْدِ سَبَبًا فِي الِاعْتِذَارِ يَتَمَسَّكُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إِلَّا بَعْدَ حُجَّةٍ .

     قَوْلُهُ  أَخَّرَ أَجَلَهُ يَعْنِي أَطَالَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى عَبْدٍ أَحْيَاهُ حَتَّى يَبْلُغَ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ أَبُو حَازِم وبن عَجْلَانَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ أَمَّا مُتَابَعَةُ أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ فَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أبي عَن سعيدالمقبري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا أَخْرَجَهُ الْحُفَّاظُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَخَالَفَهُمْ هَارُونُ بن مَعْرُوف فَرَوَاهُ عَن بن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سعيدالمقبري عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَإِدْخَالُهُ بَيْنَ سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ رَجُلًا مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.

.
وَأَمَّا طَرِيقُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيدالمقبري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمر قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا كَانَتِ السِّتُّونَ حَدًّا لِهَذَا لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُعْتَرَكِ وَهِيَ سِنُّ الْإِنَابَةِ وَالْخُشُوعِ وَتَرَقُّبِ الْمَنِيَّةِ فَهَذَا إِعْذَارٌ بَعْدَ إِعْذَارٍ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ بِعِبَادِهِ حَتَّى نَقَلَهُمْ مِنْ حَالَةِ الْجَهْلِ إِلَى حَالَةِ الْعِلْمِ ثُمَّ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَجِ الْوَاضِحَةِ وَإِنْ كَانُوا فُطِرُوا عَلَى حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ لكِنهمْ امروا بمجاهدة النَّفس فِي ذَلِك ليمتثلوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اسْتِكْمَالَ السِّتِّينَ مَظِنَّةٌ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْأَسْنَانُ أَرْبَعَةٌ سِنُّ الطُّفُولِيَّةِ ثُمَّ الشَّبَابِ ثُمَّ الْكُهُولَةِ ثُمَّ الشَّيْخُوخَةِ وَهِيَ آخِرُ الْأَسْنَانِ وَغَالِبُ مَا يَكُونُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ ضَعْفُ الْقُوَّةِ بِالنَّقْصِ وَالِانْحِطَاطِ فَيَنْبَغِي لَهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى مِنَ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ وَقَدِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ سِتِّينَ فَلَمْ يَحُجَّ مَعَ الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقَصِّرًا وَيَأْثَمُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ بِخِلَافِ مَا دُونَ ذَلِك الحَدِيث الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ)
لِقولِهِ تَعَالَى أَو لم نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النذير كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَقَطَ .

     قَوْلُهُ  لِقولِهِ تَعَالَى وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ يَعْنِي الشَّيْبَ وَثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  يَعْنِي الشَّيْبَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِيهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّيْبُ لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي سِنِّ الْكُهُولَةِ فَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ عَلَامَةٌ لِمُفَارَقَةِ سِنِّ الصِّبَى الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ اللَّهْوِ.

     وَقَالَ  عَلِيٌّ الْمُرَادُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْمُرَادِ بِالتَّعْمِيرِ فِي الْآيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً نَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْله بلغ اشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة وَالثَّانِي سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة أخرجه بن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ وَتَلَا الْآيَةَ وَرُوَاتُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا بن خُثَيْمٍ فَهُوَ صَدُوقٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَالثَّالِثُ سَبْعُونَ سنة أخرجه بن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء عَن بن عَبَّاس قَالَ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُم النذير فَقَالَ نَزَلَتْ تَعْيِيرًا لِأَبْنَاءِ السَّبْعِينَ وَفِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ الرَّابِعُ سِتُّونَ وَتَمَسَّكَ قَائِلُهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَوَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِالْمُرَادِ فَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ لِابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِثْلَهُ الْخَامِس التَّرَدُّد بَين السِّتين وَالسبْعين أخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ عُمِّرَ سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ بَلَغَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ وَمُحَمّد الْغِفَارِيّ هُوَ بن مَعْنٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ كَمَا اخْتُلِفَ عَلَى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ فِي لَفْظِهِ وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبت فِي حَدِيث الْبَاب وَيدخل فِي هَذَا حَدِيثُ مُعْتَرَكِ الْمَنَايَا مَا بَيْنَ سِتِّينَ وَسَبْعِينَ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ

[ قــ :6082 ... غــ :6419] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْهَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَشَيْخُهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ آخَرُ وَذَكَرْتُ أَنَّ عُمَرَ مُدَلِّسٌ وَأَنَّهُ أَوْرَدَهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَبَيَّنْتُ عُذْرَ الْبُخَارِيِّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُصَرَّحٍ فِيهِ بِالسَّمَاعِ.

.
وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ بِنَحْوِهِ وَهَذَا الرَّجُلُ الْمُبْهَمُ هُوَ مَعْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ فَهِيَ مُتَابَعَةٌ قَوِيَّةٌ لِعُمَرَ بْنِ عَليّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ وَوَقَعَ لِشَيْخِهِ فِيهِ وَهَمٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَيَانِهِ .

     قَوْلُهُ  أَعْذَرَ اللَّهُ الْإِعْذَارُ إِزَالَةُ الْعُذْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ كَأَنْ يَقُولَ لَوْ مُدَّ لِي فِي الْأَجَلِ لَفَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ يُقَالُ أَعْذَرَ إِلَيْهِ إِذَا بَلَّغَهُ أَقْصَى الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ وَمَكَّنَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا بِالْعُمُرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالطَّاعَةُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَنِسْبَةُ الْإِعْذَارِ إِلَى اللَّهِ مَجَازِيَّةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتْرُكْ لِلْعَبْدِ سَبَبًا فِي الِاعْتِذَارِ يَتَمَسَّكُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إِلَّا بَعْدَ حُجَّةٍ .

     قَوْلُهُ  أَخَّرَ أَجَلَهُ يَعْنِي أَطَالَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى عَبْدٍ أَحْيَاهُ حَتَّى يَبْلُغَ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ أَبُو حَازِم وبن عَجْلَانَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ أَمَّا مُتَابَعَةُ أَبِي حَازِمٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ فَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أبي عَن سعيدالمقبري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا أَخْرَجَهُ الْحُفَّاظُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَخَالَفَهُمْ هَارُونُ بن مَعْرُوف فَرَوَاهُ عَن بن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سعيدالمقبري عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَإِدْخَالُهُ بَيْنَ سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ رَجُلًا مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.

.
وَأَمَّا طَرِيقُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيدالمقبري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمر قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا كَانَتِ السِّتُّونَ حَدًّا لِهَذَا لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُعْتَرَكِ وَهِيَ سِنُّ الْإِنَابَةِ وَالْخُشُوعِ وَتَرَقُّبِ الْمَنِيَّةِ فَهَذَا إِعْذَارٌ بَعْدَ إِعْذَارٍ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ بِعِبَادِهِ حَتَّى نَقَلَهُمْ مِنْ حَالَةِ الْجَهْلِ إِلَى حَالَةِ الْعِلْمِ ثُمَّ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَجِ الْوَاضِحَةِ وَإِنْ كَانُوا فُطِرُوا عَلَى حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ لكِنهمْ امروا بمجاهدة النَّفس فِي ذَلِك ليمتثلوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اسْتِكْمَالَ السِّتِّينَ مَظِنَّةٌ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْأَسْنَانُ أَرْبَعَةٌ سِنُّ الطُّفُولِيَّةِ ثُمَّ الشَّبَابِ ثُمَّ الْكُهُولَةِ ثُمَّ الشَّيْخُوخَةِ وَهِيَ آخِرُ الْأَسْنَانِ وَغَالِبُ مَا يَكُونُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ ضَعْفُ الْقُوَّةِ بِالنَّقْصِ وَالِانْحِطَاطِ فَيَنْبَغِي لَهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى مِنَ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ وَقَدِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ سِتِّينَ فَلَمْ يَحُجَّ مَعَ الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقَصِّرًا وَيَأْثَمُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ بِخِلَافِ مَا دُونَ ذَلِك الحَدِيث الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِى الْعُمُرِ
لِقَوْلِهِ: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] .

هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( من بلغ) من العمر ( ستين سنة فقد أعذر الله) عز وجل ( إليه في العمر) وأعذر بالعين المهملة والذال المعجمة والهمزة فيه للإِزالة أي أزال الله عذره فلم يبق له اعتذار كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به يقال أعذر إليه إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه، إذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية ونسبة الاعتذار إلى الله مجازية، والمعنى أن الله تعالى لم يترك للعبد سببًا في الاعتذار يتمسك به ( لقوله) عز وجل: ( { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} ) توبيخ من الله أي فيقول الله تعالى لهم توبيخًا.
قال الزجاج: أي أو لم نعمركم العمر الذي يتذكر فيه من تذكر.
وقال أبو البركات النسفيّ: يجوز أن تكون ما نكرة موصوفة أي تعميرًا يتذكر فيه من تذكر.
وقال ابن الحاجب: ما لا يستقيم أن تكون نافية من
حيث اللفظ ومن حيث المعنى، أما اللفظ فلأنها يجب قطعها عن نعمركم لأنه لا يجوز أن يكون النفي من معموله، وأيضًا فإن الضمير في فيه يرجع إلى غير مذكور، وأما المعنى فلأن قوله: { أو لم نعمركم} إنما سيق لإثبات التعمير وتوبيخهم على تركهم التذكير فيه، فإذا جعل نفيًا كان فيه إخبار عن نفي تذكر متذكر فيه فظاهره على ذلك نفي التعمير لأنه إذا كان زمانًا لا يتذكر فيه متذكر لزم أن لا يكون تعميرًا وهو خلاف قوله: { أو لم نعمركم} اهـ.

وقوله { أو لم نعمركم} متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر إلا أن التوبيخ في المتطاول أعظم، واختلف في مقدار العمر المراد هنا فعن علي بن الحسين زيد العابدين سبع عشرة سنة.
وعن وهب بن منبه أربعون سنة.
وقال مسروق: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله عز وجل، وعن ابن عباس ستون سنة وهو الصحيح كما سيأتي في حديث أبي هريرة أول أحاديث هذا الباب، وعن ابن عباس مما رواه ابن مردويه سبعون سنة، فالإِنسان لا يزال في ازدياد إلى كمال الستين ثم يشرع بعد ذلك في النقص والهرم.

إذا بلغ الفتى ستين عامًّا ... فقد ذهب المسرة والهناء
ولما كان هذا هو العمر الذي يعذر الله إلى عباده به ويزيح عنهم العلل كان هذا هو الغالب على أعمار هذه الأمة، فعند أبي يعلى من طريق إبراهيم بن الفضل عن سعيد عن أبي هريرة معترك المنايا ما بين ستين وسبعين، لكن إبراهيم بن الفضل ضعيف، وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك".
رواه الترمذي في كتاب الزهد.
( { وجاءكم النذير} ) [فاطر: 37] زاد أبو ذر يعني الشيب وهو مروي عن ابن عباس وغيره.
وقال السدي وعبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم: المراد به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو الصحيح عن قتادة فيكون احتج عليهم بالعمر والرسل.


[ قــ :6082 ... غــ : 6419 ]
- حَدَّثَنِى عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً».
تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُ عَجْلاَنَ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر بالجمع ( عبد السلام بن مطهر) بضم الميم وفتح الطاء المهملة والهاء المشددة المفتوحة ابن حسام أبو ظفر الأزدي البصري قال: ( حدّثنا عمر بن عليّ) بضم العين وفتح الميم ابن عطاء بن مقدّم المقدّمي البصري ( عن معن بن محمد) بفتح الميم وسكون العين المهملة ( الغفاري) بكسر الغين المعجمة نسبة إلى غفار، وعمر بن علي مدلس وقد رواه عن معن بالعنعنة، لكن أخرج الحديث أحمد بن عبد الرزاق عن معمر عن رجل من بني غفار عن سعيد فصرح فيه بالسماع والمبهم هو معن بن محمد الغفاري ( عن سعيد بن أبي سعيد) ذكوان ( المقبري) بضم الموحدة نسبة إلى مقبرة بالمدينة كان يسكن عندها وسقط المقبري لأبي ذر ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
كذا لأبي ذر ولغيره فقال: بفاء قبل القاف.

( أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله) أي أطال حياته ( حتى بلغه ستين سنة) أي لم يبق فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهله إلى طول هذه المدة ولم يعتذر يقال أعذر الرجل إذا بلغ أقصى الغاية في العذر.
وقال التوربشتي: ومنه قولهم أعذر من أنذر أي أن بالعذر وأظهره وهو مجاز عن القول فإن العذر لا يتوجه على الله، وإنما يتوجه له على العبيد وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك شيئًا في الاعتذار يتمسك به، قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدًّا لهذا لأنها قريبة من معترك المنايا وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفًا من الله تعالى بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليمتثلوا ما أمروا به من الطاعة وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية، قال بعض الحكماء: الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان، وغالب ما يكون بين الستين إلى السبعين فحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط فينبغي له الإِقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوّة.

قلت: ورأيت لأبي الفرج بن الجوزي الحافظ جزءًا لطيفًا سماه تنبيه الغمر بمواسم العمر ذكر فيه أنها خمسة: الأول من وقت الولادة إلى زمن البلوغ، والثاني إلى نهاية شبابه خمس وثلاثين، والثالث إلى تمام الخمسين وهو الكهولة قال: وقد يقال له كهل لما قبل ذلك، والرابع إلى تمام السبعين وذلك زمان الشيخوخة، والخاص إلى آخر العمر قال: وقد يتقدم ما ذكرنا من السنين ويتأخر.

( تابعه) أي تابع معن بن محمد ( أبو حازم) سلمة بن دينار مما رواه النسائي عن يعقوب بن عبد الرَّحمن عن أبي حازم ( و) تابع معنا أيضًا ( ابن عجلان) محمد فيما رواه الطبراني في الأوسط عن عبد الرزاق عن معمر عن منصور بن المعتمر عن محمد بن عجلان كلاهما ( عن المقبري) أبي سعيد ذكوان عن أبي هريرة بلفظ: من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أعْذَرَ الله إلَيْهِ فِي العُمُرِ لِقَوْلِهِ: { ( 35) أَو لم نُعَمِّركُمْ.
.
مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَجَاءَكُم النذير}
( فاطر: 73) يَعْنِي: الشَّيْبَ.
)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَال من بلغ سِتِّينَ سنة من الْعُمر قَوْله: ( فقد أعذر الله إِلَيْهِ) أَي أَزَال الله عذره فَلَا يَنْبَغِي لَهُ حينئذٍ إِلَّا الاسْتِغْفَار وَالطَّاعَة والإقبال على الْآخِرَة بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يكون لَهُ على الله عد ذَلِك حجَّة، فالهمزة فِي أعذر للسلب، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَقَامَ الله عذره فِي تَطْوِيل عمره وتمكينه من الطَّاعَة مُدَّة مديدة، وَاحْتج فِي ذَلِك بقوله عز وَجل: { أَو لم نُعَمِّركُمْ} ... الْآيَة.
قَوْله: ( يَعْنِي: الشيب) لم يثبت إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده.
قَوْله: { أَو لم نُعَمِّركُمْ} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هَذَا توبيخ من الله تَعَالَى يَعْنِي فَيَقُول لَهُم وَهُوَ متناول لكل عمر تمكن فِيهِ الْمُكَلف من إصْلَاح شَأْنه وَإِن قصر إلاَّ أَن التوبيخ فِي المتطاول أعظم.
انْتهى.
وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد بالتعمير فِي الْآيَة على أَقْوَال فَعَن مَسْرُوق: أَنه أَرْبَعُونَ سنة، وَعَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس: سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة، وَعَن ابْن عَبَّاس: سَبْعُونَ سنة، وَعَن سهل بن سعد: سِتُّونَ سنة، وَعَن أبي هُرَيْرَة: من عمر سِتِّينَ سنة أَو سبعين سنة، فقد أعذر الله إِلَيْهِ فِي الْعُمر.
قَوْله: { وَجَاءَكُم النذير} اخْتلفُوا فِيهِ، فَقيل: الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن زيد بن عَليّ: الْقُرْآن، وَعَن عِكْرِمَة وسُفْيَان بن عُيَيْنَة ووكيع: الشيب، وَهُوَ الْأَصَح.



[ قــ :6082 ... غــ :6419 ]
- حدّثنا عَبْدُ السَّلام بنُ مُطَهَّرٍ حَدثنَا عُمَرُ بن عَليّ عنْ مَعْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الغِفارِيِّ عنْ سَعِيدِ بنِ أبي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( أعْذَرَ الله إِلَى أمرْىءٍ أخَّرَ أجَلَهُ حتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد السَّلَام بن مطهر بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء وَتَشْديد الْهَاء الْمَفْتُوحَة ابْن حسام أَبُو ظفر الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ مَاتَ فِي رَجَب سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعمر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم الْمقدمِي أَبُو حَفْص الْبَصْرِيّ، ومعن بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالنون ابْن مُحَمَّد الْغِفَارِيّ بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء نِسْبَة إِلَى غفار بن مقبل قَبيلَة مِنْهُم أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ، وَسَعِيد بن أبي سعيد ذكْوَان المَقْبُري، نِسْبَة إِلَى مَقْبرَة بِالْمَدِينَةِ كَانَ يسكن عِنْدهَا.

والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه بِحَدِيث آخر مضى فِي كتاب الْإِيمَان.

قَوْله: ( أعذر الله) من الْإِعْذَار وَهُوَ إِزَالَة الْعذر.
قَوْله: ( أخر أَجله) أَي: أَطَالَ الله حَيَاته حَتَّى بلغه سِتِّينَ سنة.
قَالَ الْأَطِبَّاء: الْأَسْنَان أَرْبَعَة: سنّ الطفولة وَسن الشَّبابُُ وَسن الكهولة وَسن الشيخوخة فَإِذا بلغ السِّتين وَهُوَ آخر الْأَسْنَان.
فقد ظهر فِيهِ ضعف الْقُوَّة وَتبين فِيهِ النَّقْص والانحطاط وَجَاء نَذِير الْمَوْت فَهُوَ وَقت الْإِنَابَة إِلَى الله عز وَجل.

تابَعَهُ أبُو حازِمٍ وابنُ عَجْلانَ عنِ المَقْبُرِيِّ
أَي: تَابع معن بن مُحَمَّد فِي رِوَايَته عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري أَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار، وروى هَذِه الْمُتَابَعَة النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله: ( وَابْن عجلَان) .
أَي: وَتَابعه أَيْضا مُحَمَّد بن عجلَان فِي رِوَايَته عَن المَقْبُري، وروى هَذِه الْمُتَابَعَة الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة.